الاثنين - 28 جمادى الآخر 1446 هـ - 30 ديسمبر 2024 م

الشيخ أحمد السوركتي 1292- 1362هـ/ 1875 – 1943م

A A

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة

الشيخ أحمد السوركتي نموذج لوحدة أمة المسلمين على اختلاف بلادهم، فهو السوداني الذي رحل للحجاز لطلب العلم، ثم استقر في مكة للتدريس، ثم هاجر إلى إندونيسيا، وأقام بها -رحمه الله- دعوة إصلاحية سلفية مستمرة لليوم، ومع هذا لا يعرفه كثير من الخاصة فضلاً عن العامة.

لمحة عامة:

للأسف لا تسعفنا المصادر المتاحة بالكثير عن سيرته في مراحله الأولى قبل هجرته لإندونيسيا، وما دوّن عنه يفيد أنه أحمد بن محمد السوركتي، والسوركتي هو لقب لجده الرابع، ويعني صاحب الكتب الكثيرة، وذلك أنه درس في مصر ورجع بكتب كثيرة منها، وكذلك والده كان يلقب بذلك للسبب نفسه حيث تخرج من الأزهر ورجع بكتب كثيرة.

وعائلته تنتسب لأحد نقباء الخزرج، وهو الصحابي الجليل جابر بن عبد الله بن عمرو الأنصاري، ولذلك كان يلقب نفسه بالأنصاري.

ولد سنة 1292هـ / 1875م في جزيرة أرقو بالولاية الشمالية في السودان، وأسرته مشهود لها بالورع والصلاح والعلم، فنشأ نشأة صالحة، وحفظ القرآن بخلاوي منطقة دنقلة، ثم درس مبادئ الفقه على والده الذي كان يخصّه بمزيد من العناية في التعليم، حتى عن إخوته الكبار لِما يراه فيه من نجابة وتميز، فكان أبوه يصطحبه معه في زياراته للكتاتيب والمعاهد والمدارس ولقاءاته مع العلماء وغيرهم، مما وسّع مداركه وأنضج علمه وعقله مبكرًا ([1]).

كان يتصف بالتواضع منذ صغره، ويحرص على خدمة أساتذته وزملائه في الحلقات والدروس، ولم يكن يتفاخر بكونه ابن الشيخ الأزهري الذي يخطب ودّه المعلمون والشيوخ، وبقي خلق التواضع وسعة الصدر يلازمانه طيلة حياته، ومفتاح نجاح دعوته، واستطاع أن يترك أثرًا لا يمحى في قلوب كل من عاشره وقابله.

وكان يرغب بالسفر للدراسة في الأزهر كوالده، لكن أحوال السودان –آنذاك- لم تكن تسمح بذلك، فقد كان ممنوعًا من السفر من السودان إلى مصر من (الخليفة) عبد الله التعايشي، ثاني خلفاء الثورة المهدية في السودان ضد الحكم البريطاني والمصري، وذلك سنة 1885م، فعزم على السفر للحجاز لانزعاجه من ظلم دراويش المهدية وتسلط التعايشي([2]).

ولا نملك أي تفاصيل عن منهج السوركتي وفكره في هذه الحقبة، لكن يبدو أنه لم يكن صوفيًا، كما أنه لم يتقبل نهج دولة المهدي، والذي كان خليطًا من أفكار متناقضة[3]، ويبدو أن ذلك نابع من أن والده حين درس في الأزهر غالبًا تأثر بالشيخ محمد عبده (ت 1905م)، الذي كان يدعو إلى العلم والانفتاح على العلوم العصرية، ويرفض خرافات التصوف والشرك، واعتناء أسرة والده وجده الرابع بجمع الكتب والمطالعة فيها قد يعزز هذا التصور.

الانتقال للحجاز:

سافر إلى الحجاز عام 1896م –تقريبًا- وعمره آنذاك حوالي 21 سنة، من أجل أداء فريضة الحج، ومواصلة طلب العلم، وبعد الحج رحل للمدينة واستقر بها أربع سنوات ونصف، درس خلالها علوم القرآن والحديث والفقه واللغة العربية على عدد من العلماء، أمثال المحدث فالح بن محمد فالح الظاهري، والمحدث عمر بن حمدان المغربي، والفقيه المالكي أحمد بن الحاج علي المجذوب، وشيخ القراء الشيخ الخياري المغربي، والعالم اللغوي الشيخ أحمد البرزنجي.

وشيخُه فالح هو أبرز طلاب زوايا السنوسيين في الحجاز، وكان شيخ السنوسيين يدعو للاجتهاد والإصلاح وله تطلعات سياسية، وقد عاشره فالح مدة طويلة في مكة وليبيا زادت عن 45 سنة وزوّجه ابنته، ولابد أن فالح تأثر بشيخه، وأثر في تلميذه السوركتي في بعض مسائل الاجتهاد والإصلاح.

وكذلك شيخه عمر بن حمدان، فهو من تلاميذ الطاهر بن عاشور، المصلح التونسي المعروف، وهذا يؤشر لمنهج السوركتي الذي ينحو نحو الإصلاح بالتزام الكتاب والسنة وتجاوز التقليد والتعصب المذهبي.

ثم عاد السوركتي إلى مكة، ومكث فيها لمدة عشر سنوات، حيث أكمل دراسته على من فيها من العلماء كالعلامة أسعد الدهان وأخوه العلامة عبد الرحمن الدهان، والشيخ محمد بن يوسف الخياط، والشيخ شعيب بن موسى المغربي.

وتحصل بعد هذه السنوات الطويلة على الإجازة العالمية من علماء الحجاز التي تمنح بإذن الخلافة العثمانية سنة 1326هـ / 1906م([4])، وكان أول سوداني يقيّد اسمه في سجل علماء أم القرى، وسُمح له بالتدريس في الحرم المكي فدرّس به.

وهناك عمِل بالتدريس وأسس كُتّاب السوركتي، ويقول البعض إنه ضمّ –لاحقًا- كُتابه لمدرسة الفلاح([5])، والبعض يقول إنه كان مديرًا لإحدى المدارس الأهلية في مكة([6])، ويُعد شيخه محمد الخياط مؤسس مدرسة الخياط الخيرية بمكة سنة 1326هـ، والتي نفذ من خلالها منهجا تطبيقيا في الشرح والتدريس للطلبة يتجاوز الطرق التقليدية من قراءة المتون والشروح والحواشي ثم التعليق عليها بجنسها! بل سار على تلقين الطلبة الدروس بطريقةٍ تُصور لهم المطلوب معززة بالأمثلة والروايات([7])، ويبدو أن تفوق السوركتي في التعليم كان نابعًا من تأثره بشيخه الخياط وربما عمل معه في مدرسته.

وفي هذه المرحلة كان السوركتي من المتابعين للفكر السلفي الإصلاحي، من خلال مطالعته لمجلة المنار ومؤلفات رشيد رضا وشيخه محمد عبده، فضلًا عن مطالعته لكتب شيخ الإسلام ابن تيمية والإمام ابن القيم([8])، وهذا يرشدنا إلى أن روح الإصلاح بدأت تنتشر رويدًا رويدًا في حواضر الإسلام، وأن هناك روافد متعددة لهذه الحالة الإصلاحية، فبعضها نتيجة لأثر الدعوة السلفية التي قام بها الإمام محمد بن عبد الوهاب وحثها على مطالعة كتب شيخي الإسلام ابن تيمية وابن القيم، وبعضها من ثمار رشيد رضا ومجلته المنار التي يكتب فيها رموز العلم والإصلاح، وهناك روافد أخرى.

“وفي أثناء التدريس اشتغل بالأمور الاقتصادية وتوجهت فكرته إلى إحداث انقلاب اقتصادي في البلاد الحجازية فتأسست بإرشاداته شركة تجارية كبرى اسمها شركة الفلاح المكية، اختاره المساهمون رئيسًا لها نظرا لما له من الخبرة الفنية زيادة عما له من المكانة في القلوب لثقته وأمانته ونشاطه”([9])، وللأسف لا توجد لدينا معلومات عن طبيعة الشركة وعملها وهل حققت أمنيته بنهضة اقتصادية، ولكن هذا يدل على سعة أفق مبكرة وتطلعه لأبعاد إصلاحية لا تنحصر على الجانب الشرعي والتعليمي، ولاحقًا سيعود لممارسة التجارة لفترة في إندونيسيا وسنعرج عليها في مكانها.

وفي عام 1329هـ، 1911م جاء مندوب من جمعية الخير الإندونيسية إلى مكة وقابل الشيخ حسين بن محمد الحبشي والشيخ محمد يوسف الخياط بطلب توفير مدير خبير وأساتذة متميزين للتدريس في مدارس الجمعية في جاكرتا، وهي جمعية عربية أسسها سنة 1901م بعض الشباب الحضرمي المهاجر لجاكرتا ومن أغراضها تعليم الطلاب العرب، فتم اختيار الشيخ أحمد السوركتي الأنصاري والشيخ محمد الطيب المغربي والشيخ محمد عبد الحميد الأنصاري.

وهذا يؤشر إلى أن صيت السوركتي كان ظاهرًا في مكة، حيث له حلقة في الحرم، وهو يدرس الطلبة وربما يكون يدير مدرسة بكفاءة أيضا، وله عمل تجاري ونشاط وهمة وسمعة حسنة، وفعلا كان اختيار السوركتي لهذه المهمة في غاية التوفيق والنجاح على الرغم من أنه من بلاد بعيدة ولم يسبق له السفر لتلك الجهات.

الانطلاق إلى جاكرتا:  

سافر الوفد الثلاثي لجاكرتا ووصلوها في العام نفسه (1329هـ)، واستُقبلوا بحفاوة بالغة وإكرام كبير، بوصفهم أول هيئة علمية تصل من أرض الحرمين للتدريس في مدارس جمعية الخير.

وحين وصل السوركتي لإندونيسيا كانت تحت الحكم الهولندي الاستعماري منذ قرنين تقريبا -سبق ذلك احتلال برتغالي لأجزاء منها- وكانت هولندا مستبدة وظالمة وتعيق تطور وتقدم سكانها المسلمين، سواء كانوا إندونيسيين أو عربًا مهاجرين لها، وإن كان ظلم أهل البلد أكثر من العرب الوافدين والمهاجرين لها، وكانت الحالة الدينية تتميز بالجهل وانتشار الشركيات والبدع والخرافات بين المسلمين كتعظيم القبور واتخاذها قبلة ودعاء الأموات وطلب الحوائج منهم، ولكنهم كانوا يحرصون على أداء فريضة الحج، ربما كنوع من مقاومة الاحتلال الهولندي الذي كان يضيق عليهم في ذلك كثيرًا، وكان من الممنوع عليهم تأسيس مدارس دينية، ولذلك كان تأسيس جمعية الخير ومدارسها كأول جمعية عربية وبعد محاولات متعددة استغرقت سنوات كثيرة، ولم يحصل إلا سنة 1906م بعد تغير السياسة الاستعمارية الهولندية مطلع القرن العشرين!

كان الشيخ السوركتي قد بلغ السابعة والثلاثين من عمره حين سافر من أفضل البقاع إلى عالم مجهول وبعيد، ولكنه كان يحتسب الأجر والثواب ويطمع أن يكون ذلك خيرًا له عند ربه بالجهاد في نشر الدين والعلم لمن يحتاجه في تلك البلاد النائية، وكان قد عقد العزم على الموت هناك وكان يقول: “الموت في أرض جاوة مجاهدًا، خير وأعز من الموت بمكة من غير جهاد”([10]) وهذا أمر لا يفعله إلا أصحاب النفوس الكبيرة، والهمم العالية.

قسّم السوركتي وقته، ففي الصباح مع رفاقه الأساتذة يعلّمون ويربون الطلبة الصغار، ولأنه عُيّن مديرا لإحدى مدارس جمعية الخير ومفتشا للتعليم لجميع المدارس فقد قام بوضع برنامج تعليمي متكامل وموحد للمدارس حدّد فيه العلوم التي يجب أن تدرس وهي: اللغة العربية، مبادئ الفقه وبعض العلوم العقلية، كما أنه بيّن طرق التدريس الفعالة للطلاب.

وفي المساء طفق الشيخ السوركتي يعلم الكبار بعد صلاة المغرب مقاصد سور القرآن وأحكام الإسلام ويصحح لهم تلاوتهم.

وفعلاً جاءت النتائج ممتازة في امتحانات نهاية السنة الأولى، ففرح الأهالي وعمّ السرور بينهم وزادت تبرعاتهم للمدارس حتى بلغت 18 ألف روبية.

وفي السنة الثانية ارتفع عدد الطلاب مما حدا بالإدارة أن تطلب من السوركتي إنشاء مدرستين جديدتين واستقدام مدرسين إضافيين، وفعلا استقدم أربعة مدرسين، من بينهم شقيقه الأصغر، وهم: أحمد بن العاقب الأنصاري، وشقيقه أبو الفضل ساتي محمد الأنصاري، ومحمد نور بن محمد خير الأنصاري، والحسن بن حامد الأنصاري، وكلهم على نهج الإصلاح فبعضهم درس في الأزهر ومن متابعي مجلة المنار، ولما وصلوا إلى إندونيسيا تفرقوا على المدارس وقاموا بمهمّتهم خير قيام بإرشاد ومتابعة السوركتي.

وفي شهادة لرئيس جمعية الخير عن تلك الجهود مقارنة بجهود من سبقه من شيوخ الضلال والتصوف والخرافة يقول: “كنا لا نعتاد غير رؤية أصحاب الأردية الخضراء والسبح الرقضاء، ممن يخضبون لحاهم ويطوفون البلاد طولا وعرضا للاستجداء والتسول. أما الآن فقد أنعم الله علينا بالشيخ السوركتي الرجل العالم الصالح، وحصل على يده نفع كثير وخير جزيل”.

وصرحت مجلة الشفاء([11]) عن دور الشيخ السوركتي فقالت: “كلنا نعلم أنه لم يفد إلينا في هذا العصر، أو في الذي قبله، لا في حضرموت، ولا في المهجور، رجل جاهد في سبيل رقينا وتشريفنا جهاد هذا الرجل، الذي أصبحنا بفضل علمه وجِده أحرار الضمائر مخلصي الدين، مجتهدين في التمسك بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم”.

واستمر هذا الحال من النشاط والهمة والتعليم إلى نهاية العام الدراسي الثاني، وكانت ثمار دعوته واضحة بين الناس بانتشار العلم والأخلاق والحرص على إقامة شعائر الدين.

كان للشيخ السوركتي صلات بالمسلمين من أهل البلد في تلك المرحلة، وذلك أن الحضارم كانوا يتزوجون من أهل البلد مما ولّد حالة تمازج قوية بين الطرفين، فكان بعض الطلبة في مدارس الخير من أهل البلد ومنهم مثلاً محمد سراج ابن الحاج أحمد دحلان مؤسس الجمعية المحمدية لاحقًا([12])، حيث التقى به السوركتي في القطار دون ترتيب مسبق، وبدأت بينهما علاقة وصداقة، فقد سبق لدحلان الحج والبقاء في مكة ثلاث سنوات فتشرّب الأصول السلفية بتأثير مجلة المنار لرشيد رضا ومقابلته لرشيد رضا لاحقا في رحلة حج سنة 1890م ومطالعته لبعض كتب ابن تيمية وكتاب إظهار الحق لرحمة الله الهندي، وبعض كتب علماء الحديث من الحنابلة([13]).

ونتج عن هذه الصلة تعاون وثيق بين الرجلين، فقد شجع السوركتي دحلان على تأسيس جمعية دعوية تعمل بين أهله الجاويين، وفعلا أسس دحلان الجمعية المحمدية سنة 1912م والتي تعد اليوم من أكبر جمعيات إندونيسيا، وأصبح السوركتي أول مستشار لدحلان فيها، واتفقا على أن يكون القرآن الكريم هو قانونها ومرجعها([14])، والوجود السابق للسلفية في إندونيسيا ساهم في تقبل كثير من الناس لدعوة الشيخ السوركتي والتي لقبت لاحقًا بدعوة الإرشاد والإرشاديين.

وكتاب “الاتجاه السلفي الحديث في إندونيسيا” فصّل في تاريخ السلفية هناك بشكل مفيد جدًا.

في نشاط وهمة وعطاء باتجاهات متعددة وعلى مستويات مختلفة ولكافة المسلمين الموجودين، كانت حياة السوركتي تمضى في سلام وهناء ورضا وترحيب، ثم حدثت حادثة غير مقصودة كان لها أثر ضخم ومستمر في تاريخ التعليم والدعوة في إندونيسيا لعشرات السنين وتدخل فيها كثير من الوجهاء هناك والعلماء والمصلحون من الخارج دون فائدة!

قصة الخلاف مع العلويين:

في نهاية العام الدراسي الثاني كان الشيخ السوركتي في جولة في نواحي إندونيسيا، وفي إحدى اللقاءات سئل عن حكم زواج العلوية بغير العلوي، هل يجوز ويصح؟ فأجاب بما يعرفه وما هو مستقر عند العلماء بالجواز والصحة، ونُقل الخبر لإدارة المدرسة.

ولما عاد السوركتي لمدرسته لمس تغير موقف الإدارة منه، حيث قابلوه “بوجوه مكفهرة وأنوف مشمخرة وإعراض بعد إقبال، وتعبيس بعد بشاشة، وجفاء بعد حفاوة، وإهانة بعد إكرام، حار الشيخ السوركتي في أمره وبقي أيامًا وليالي مفكرًا في الذنب الذي أوجب له سوء المعاملة بعد المجاملة، فما لقي صاحبًا إلا واستخبره ولا صديقا إلا واستفهمه حتى أخبره بعض العلويين بقوله:

إن ذنبك الذي استوجبت لأجله هذا لهو ذنب عظيم وخطأ جسيم لا يغفره لك العلويون ما دامت الأرض أرضًا، والسماء سماء!

ما هو الذنب؟ الذنب هو فتواك التي أفتيت بها أهل مدينة (صولوكرتا) بصحة نكاح العلوية على غير العلوي!

فتعجب الشيخ السوركتي من هذا القول واستغربه، ونطق قائلا بعد أن وقف هنيهة: يا سبحان الله، هي مسألة دينية سئلت عنها وأفتيت بما أعلمه من الدين.

فأجابه العلوي: إن هذه من المسائل المكونة والأسرار المصونة التي نضن بها عن الحضرميين ونكتمها عن الجاويين ونفتيهم فيها بالحرمة كما نفتيهم بوجوب الشمة -تقبيل يد العلوي بعد السلام عليه من غير العلوي- فما من حضرمي إلا هو يعتقد التحريم في الأولى والوجوب في الأخرى، وما من علوي إلا وتأليفاته مصرحة بهذه الأحكام على هؤلاء الطغام.

وأنت كشفت الغطاء وأظهرت ما أظهرت فأعتقد أنك عدو العلويين إلى يوم الدين. وإن هاتين المسألتين ومسألتين أخريين هما المحور الذي يدور عليه مجد العلويين وعزهم وشرفهم وفضلهم وبواسطة تلك المسائل ذل لهم الحضرميون وأطاعهم الجاويون.

السوركتي: إني رجل غريب، ولا أعلم أن هناك أسرارا تكتمونها منهم وتكنونها عنهم، وإن يكن ثمة أسرار فلتكن غير دينية لأنني لا أعتقد أنكم -معاشر العلويين- تفتونهم بغير ما أنزل الله وتحرمون عليهم ما أحل الله وتوجبون عليهم أن يدينوا بما لم يوجبه الله وتشرعون لهم من الدين ما لم يأذن به الله، وإن صحّ فهو عيب لا يمحى ووصمة لا تنسى ولا تزول”([15]).

وهنا انفجر غضبٌ مكتومٌ عند الحضارم العلويين الذين يرون أنفسهم فوق الناس ولا يعتقدون بجواز زواج العلوية من غير العلوي، واعتبروا أن هذه الفتوى تهدف إلى تحقيرهم والإساءة إليهم!

ونشب عندها خلاف كبير بين الشيخ وبين العلويين الذين جاؤوا به لقيادة المدارس وبقية العلويين الذين كانوا رافضين لجهوده من خصوم إدارة جمعية الخير، وبقي هذا الخلاف مستعرا بين الحضارمة في إندونيسيا وما جاورها من سنة 1912م إلى ما بعد وفاة الشيخ السوركتي سنة 1943م!!

وهذا الخلاف أشعل صفحات عشرات المجلات والصحف في إندونيسيا وما جاورها، وتعرضت له مجلتا المنار والفتح، وكتب فيه الأمير شكيب أرسلان والعلامة رشيد رضا مقالات وقدموا مقترحات لحل الخلاف لم تُقبل كما لم ينجح من قبل التحاكم إليهم من قبل العلويين الذين لا يقبلون بغير تأييد باطلهم([16])!

وهنا تبين للشيخ أحمد السوركتي حقيقة التكوين العشائري للحضارم في إندونيسيا، الذي هو امتداد لطبيعتهم في حضرموت، وأنهم ينقسمون إلى قسمين:

 القسم الأول: الحضارم الأصليين، وهم ثلاث مراتب: أهل السلاح والشوكة، وأهل التجارة والصناعة، وأهل الزرع، وهؤلاء جميعًا أقل رتبةً من العلويين.

 والقسم الثاني: الحضارم الأشراف من نسل آل البيت، الذين يلقبون بالعلويين أو باعلوي، وهؤلاء جاؤوا إلى حضرموت سنة 317هـ، وهؤلاء أيضًا ينقسمون إلى مرتبتين: العلويين أصحاب المناصب، أي أصحاب النفوذ الروحي والسلطة والجاه! والعلويين من غير المناصب والذين يعدون أقل منهم رتبة([17]).

وتبين أن الخلاف والصراع بين ذوي المناصب والآخرين من العلويين كان هو السبب الخفي الذي دفع غير ذوي المناصب من العلويين لإنشاء جمعية الخير ومدارسها للتحرر من هيمنة ذوي المناصب، وفهم السوركتي عندها أن هناك صراعًا مكتومًا بين العلويين فيما بينهم، وكان غير ذوي المناصب يسعون من خلال التعليم إلى منافسة أصحاب المناصب على النفوذ والجاه في الحقيقة، كما أن الحضارم غير العلويين والعلويين بينهم خلاف أيضا([18]).

وعندئذ أدرك الشيخ السوركتي دوافع بعض التصرفات السابقة التي استنكرها ورفضها، ومنها طلب بعض العلويين أن يقوم الطلبة غير العلويين بتقبيل أيديهم في المدرسة كل يوم!

وأدرك تغامز بعض العلويين على أرجوزة نظمها ليحفظها ويكررها الطلاب قال فيها:

وبعد، فالتعليم للأولاد … مرقاةُ عرشِ المجدِ والإسعادِ

ومجدُه المجدُ الأثيلُ الأسما … وفقدُه الداءُ الذي لا يُحمَى

لا فخرَ بالزيِّ ولا بالنسب … ولا بجمع ورقٍ أو ذهبِ

لكنَّهُ بالعلم والآدابِ … والدين مصباح أولى الألبابِ

فمال قارون يريك الأمرا … وحالُ كنعان بن نوح أخرى

وإن أمَّ النوعِ حوَّا فاعلما … وآدمٌ أبو الجميع فافهمَا

ومرجعُ الكُلِّ إلى التراب … ومنهُ خلقُهم بلا ارتيابِ

وكان تمجيد العلم والدعوة للمساواة من ضمن المفاهيم التي عمل على ترسيخها في عقول طلبته، وزاد التركيز عليها بعد أن تفجر الخلاف مع العلويين، ومن ضمن المفاهيم المركزية التي رسخها في دعوته هناك.

والدعوة إلى المساواة كانت تغيظ العلويين، لكنهم كانوا يكتمون ذلك، فلما حصلت هذه الفتوى بمساواة العلويين بغير العلويين في الزواج، كما هو مقرر بالشريعة الإسلامية ظهر ما يخفونه من غيظ، وجعلت صف العلويين يتحد من ذوي المناصب وغيرهم ضد هذه الفتوى وصاحبها، ورفض الشيخ التراجع عن الفتوى -التي هي الحق-، لكنه وعدهم أنه سيسكت ولن يثير الموضوع مرة أخرى وسينشغل بمهمته التعليمية.

لكن عداء إدارة جمعية الخير له ولرفاقه السودانيين استمر، واستمروا بالتهجم عليه والطعن فيه، أدرك عندها السوركتي أنه لا مقام له بينهم وأنهم مصرّون على جهالتهم وباطلهم، وأنه لا فائدة من الجدال معهم، فقرر الاستقالة من مدرستهم وإدارتها في 1332هـ، 1914م، وتضمن خطاب الاستقالة طلب التزامهم ببنود العقد: “إن يبني وبينكم شرطاً وهو أن تؤدوا إلى حين إرادتي للسفر تذكرة المركب لي ولإخواني مع مصاريف السفر، فأرجو أن توفوا به لأرجع إلى مكة المكرمة التي جئت منها”. فكان رد الجمعية على هذا الطلب: “لم تر الجمعية شيئاً واجباً لك عليهم. والسلام”!

هذه القناعة بعقم محاولة التفاهم مع العلويين ترسخت حين تبيّن أن هذه المسألة أثيرت سنة 1905م حين تزوج غير علوي بعلوية في سنغافورة فاحتج كبار آل باعلوي وعارضوا الزواج بشدة، فأرسل أحد الحضارم سؤالاً للشيخ رشيد رضا في مجلة المنار حول صحة هذا الزواج، فأفتى بصحة الزواج في الجزء السادس من المجلد الثامن لسنة 1323هـ/ 1905م، ولكن آل باعلوي رفضوا فتوى رشيد رضا، علمًا بأن العلامة رشيد رضا هو من الأشراف أيضا، وتجسد هذا الرفض بإصدار السيد عمر بن سالم العطاس فتوى بتحريم هذا الزواج وعاد ليصبح المنع هو السائد([19])!

وأثبتت الأيام أن العلويين رفضوا الانصياع للحق مهما طَرح لهم العلماء من أدلة، وأن مشكلتهم هي مع الحق نفسه وليس مع السوركتي.

الانفصال عن جمعية الخير:

عقب استقالة السوركتي ورفاقه من التدريس بمدارس جمعية الخير وعزمهم على العودة إلى مكة دون الدخول في صراعات مع العلويين، لأنه مسالم بطبعه لا يحب المخاصمات ويؤثر التسامح واللين والعفو على الصدام، وبقي على هذه الخصلة الحميدة برغم كثرة ما تعرض له من كذب وافتراء من العلويين أو من بعض من انتسب لجمعية الإرشاد لاحقًا.

هنا تدخل العقلاء من الحضارم غير العلويين وطلبوا من الشيخ السوركتي ورفاقه البقاء وعدم العودة، وأن يؤسس مدرسة جديدة يواصل فيها مسيرة الإصلاح التي تحققت وبانت ثمارها الطيبة، ذلك أن الحضارم غير العلويين أدركوا القيمة الكبيرة التي تحصلت لهم من النهضة العلمية التي قام بها السوركتي بينهم وبين أبنائهم، وأن في بقائهم بينهم سندا وقوة كبيرة لهم في وجه العلويين المتفاخرين بأنسابهم لا بكفاءتهم!

تشخيص السوركتي للواقع:

كان الشيخ يتأمل ويدرس ويحلل الواقع، خاصة بعد الخلاف مع جمعية الخير وغالبية العلويين من ورائها، وسجل لنا خلاصة رؤيته لتلك المرحلة في مقدمة كتابه “إتحاف العباد بتفنيد مزاعم الحداد” حيث شرح الشيخ السوركتي حقيقة الوضع الديني هناك وخريطة القوى المتواجدة في جاوة عموما بقوله: “لما أقدمتني جمعية خير للمساعدة على نشر الدين، وما كان يتظاهر به رجالها من الحب للحرية والنهضة الفكرية، وجدت الحالة في جاوة في غاية (الحراجة) والصعوبة من حيث الموقف الديني مع التعاليم الحديثة ودعاة النصرانية وحالة علماء الدين من الأهالي العرب المجروفين بتيار الخرافات التي صارت حجة على الإسلام مع براءته منها، ورأيتني لا أستطيع أن أقوم بواجبي الديني وما عاهدت الله عليه إلا إذا وقفت موقفا غير الذي عليه جمهور علماء البلاد .. مع علمي بأن ذلك الموقف سيجعل جميع الناس أعداء لي، ولما فحصت الأمر ودرسته حق دراسة وجدت أن المسلمين الموجودين في هذه الديار وأشباههم على ثلاثة أقسام:

قسم متعلم متشبع بالتعاليم الغربية قد أكبرت أرواحهم وأبت أن تعيش في ظل دين يفضل بعض الناس على غيرهم بدون علم ولا عمل – ويقصد السادة العلويين الذين يتفاخرون بأنسابهم فحسب- وانقسم هؤلاء المتعلمون إلى قسمين:

  القسم الأول: قسم أعلنوا ببراءتهم من هذا الدين، وأصبحوا أعداء للدين ودعاة بعضهم للنصرانية وبعضهم للبوذية وما كان عليه آباؤهم الأولون.

  والقسم الثاني: هم الملاحدة الذين انسلخوا عن الإسلام باطنا ولم يعلنوا ببراءتهم منه مجاملة لأهاليهم، بل أصبحوا يسخرون من جميع الأديان ويعدونها مجموعات من الخرافات والأساطير.

وأما القسم الثالث فهم المقلدون التقليد الأعمى والعامة والغوغاء الثائرون تحت تأثير أولئك الدجالين”([20]). 

وبناءً على هذا التحليل للواقع وطبقات المجتمع من ناحية التدين، وتبين القوى المعادية للدين من علماء السوء والمنصّرين، والإدراك للعمل الإصلاحي المطلوب والذي سيواجه فيه بعراقيل كثيرة وخصومات شديدة من داخل الصف الإسلامي من الجهلة والغوغاء وأصحاب المصالح والمكاسب ومن خارج الصف الإسلامي من دعاة التبشير والفرق الضالة والاستعمار رأى الشيخ أحمد السوركتي أن المصلحة في البقاء ومواصلة نشر العلم والدعوة والتوجيه.

تأسيس مدرسة الإرشاد ثم جمعية الإصلاح والإرشاد:

قرر الشيخ أحمد افتتاح مدرسة سماها مدرسة الإرشاد الإسلامية في بيت نقيب العرب، وتولى التدريس فيها وجميع زملائه الذين جاؤوا معه من مكة أو أحضرهم من السودان.

ثم لدعم المدرسة وضمان استمرارها اقترح بعض أنصار الشيخ تأسيس جمعية تتكفل بمصاريف المدرسة وشؤونها، وهنا تأسست جمعية الإصلاح والإرشاد العربية في مدينة جاكرتا في السنة نفسها، أي 1322هـ – 1914م.

وقام السوركتي وأعوانه بتأسيس جمعية الإرشاد ووضع الأسس المناسبة لهذه التحديات، وهي([21]):

  • توحيد الله توحيدًا خالصاً بعيدًا عن مظان الشرك الظاهر والخفي في الاعتقاد والأفعال والأقوال.
  • المحافظة على الأخلاق الإسلامية التي جِماعها: أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك، وتحافظ على عزة النفس وشرف العمل وعدم الخنوع لغير الله.
  • المحافظة على العبادات من صلاة وصيام وزكاة وحج وغيرها وعدم التهاون فيها.
  • إحياء السنة الصحيحة وترك البدع وعدم المشايعة لها.
  • التعاون على البر والتقوى وعدم التعاون على الإثم والعدوان.
  • الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة.
  • نشر العلوم الدينية العصرية واللغة العربية.

ومن يتأمل هذه المبادئ يدرك شمولية الرؤية التي ينطلق منها السوركتي ومعالجتها لجميع المشاكل في المجتمع الإسلامي هناك، عربًا وجاويين، فهو يحارب الجهل بكافة أشكاله الديني والدنيوي، ويحارب الخرافات المنسوبة إلى الدين؛ كالشركيات والبدع، والخرافات في الطب والعلاج، ويحارب الاخلاق الرديئة، ويسعى للتغيير بالحكمة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويدعو للإيجابية والتعاون ولذلك كان يدعم تأسيس الجمعيات والمدارس وهكذا.

وفعلاً تحمس أعضاء الجمعية وأنصارها، وبذلوا لها الأموال منذ البداية، وانطلقت المسيرة وبدأ الشيخ في التدريس مرة أخرى مع رفاقه، وبدأت الثمار الطيبة تظهر على طلبتها، وسرعان ما تفوقت هذه المدرسة على مدارس جمعية الخير وفاقتها، وبدأت تصل إلى جمعية الإصلاح والإرشاد طلبات لفتح فروع لها في مدن أخرى وهي:

مدرسة في مدينة تقال ومدرسة في بكالوجان تتبع لجاوة الوسطى في عام 1917م.

مدرسة مدينة بومى أيو ومدرسة في مدينة شربيون بجاوة الغربية في عام 1918م.

وفتح فرع كبير في مدينة سورابايا في عام 1919، وكان هذا فتحًا عظيمًا لأن سورابايا تعد عاصمة جاوة الشرقية، ثم تتابعت المدارس والفروع.

وهكذا خلال خمس سنوات (1914 – 1919م) توسع نشاط الجمعية ومدارسها توسعا كبيرا، وكان الشيخ السوركتي يتابع هذه المدارس، ويمدها بالمدرسين، ويزورها لتفقد أحوالها واختبار طلابها([22]).

وكان يرافق هذه الجهود الضخمة في التدريس للطلبة جهود أخرى في توعية الناس عبر المحاضرات واللقاءات والزيارات مما كان له تأثير كبير على الحضارم بخاصة، والإندونيسيين بعامة، وسيتضح لنا ذلك بعد قليل، وأصبح طلاب الشيخ وأنصاره يُعرفون بلقب الإرشاديين.

حسد العلويين ومكائدهم:

لم يتقبل الباعلويون انفصال السوركتي عنهم واستمراره بالدعوة والتعليم، وأخذوا يشنون حربًا عليه بالمقالات والافتراءات لدى الناس والجهات الرسمية في إندونيسيا وخارجها، واستمروا على ذلك عشرات السنين.

فقد كتب أحد العلويين مقالاً حول موضوع الكفاءة في الزواج وهل غير العلوي كفؤ للعلوية وأساء فيه للسوركتي، مما اضطر الشيخ ليشرح فتواه في رسالة صغيرة سماها “صورة الجواب” وذلك سنة 1915م، فقام العلويون بالرد على رسالة السوركتي بما يفوق ثلاثة مجلدات لكن دون أن يستندوا إلى دليل أو برهان أو يذعنوا للحق الواضح([23]).

ولم يكتفِ السادة العلويون بالرد على السوركتي بالكتب والمجلات، بل أخذو يحرضون السلطات الهولندية ضده، والزعم بأنه ينوى القيام بثورة على غرار ثورة المهدي في السودان! ويحرضون السلطات البريطانية ضده، وهي التي تسيطر على حضرموت! ويحرّضون سلاطين حضرموت ضده وضد أتباعه الإرشاديين الذين كان يتردد بعضهم على موطنه ونشر فكره ومنهجه الإصلاحي بين أهله!

وكذلك أرسلوا العرائض للشريف حسين في مكة لمنع الإرشاديين من الحج، والتنكيل بهم لأنهم حركة هدامة تبغي تقويض الدين!

وقد تسببت هذه الافتراءات بالتضييق على كثير من الإرشاديين وأهاليهم في حضرموت، وتلقيهم تحذيرات من السلطات هناك بضرورة الانفصال عن مدارس الإرشاد، وإلا سيكونون تحت طائلة العقوبات، كما تعرض عدد من الإرشاديين للضرب والاعتداء.

وانشغل الشيخ ورفاقه بتوضيح كذب هذه الدعاوى والافتراءات عبر مراسلة السلطات والمقالات في الصحف والمجلات حيث شغلت الناس في إندونيسيا وحضرموت ومكة ووصلت أخبارها إلى كثير من البلاد([24]).

في هذه السنوات الخمس لم يتوقف العلويون الموتورون عن مهاجمة السوركتي في الصحف والمجلات، ويا ليته كان هجومًا بالحق أو خصومةً بشرف، بل كان هجوما دافعه الحقد والحسد وحماية الباطل والجاه ووسيلتهم فيه الكذب والافتراء، ولم يتركوا باباً من الخسة والنذالة إلا طرقوه بألسنتهم وأقلامهم!

وقد لخص أحد أنصار السوركتي افتراءاتهم عليه وعاتبه على سكوته الطويل فقال: “فإن آل باعلوي لم يتركوا باباً لسب فضيلته إلا طرقوه ولا سبيلاً إلى النيل من كرامته إلا سلكوه، فغمزوا نسبه وطعنوا في عرضه ورموه في دينه، فقالوا أولاً إنه زنجي، وثانيا أنه ولد زنى، وثالثاً – وهو الأدهى والأمر- أنه نصراني رباه القس زويمر وبعثه إلى الديار الجاوية لإخراج أهلها من حظيرة الإسلام إلى حظيرة النصرانية. وأعادوا كل هذا وكرروه والأستاذ ساكت كأن المعني بهذه التهم شخص غيره أو كأنه ضرب على قلبه فأصبح لا يرى لا يسمع”!

ثم أخذ الكاتب يعاتب السوركتي لأن الصبر له حدود وأن هذا الطعن في شيخ الإرشاديين هو طعن فيهم ولا بد له من تفنيد أكاذيب الخصوم.

وظن الناس أن الشيخ سيقوم بالرد المزلزل على خصومه بعد هذا الطلب الصريح من أحد أنصاره، وهو رئيس تحرير مجلة القصاص إحدى المجلات الإرشادية، لكن الشيخ قام بكتابة ثلاثة مقالات تجاهل فيها الرد والذب عن شخصه والاتهامات الموجهة له وركز فيها على دعوة خصومه من آل باعلوي للتعاون في خدمة الإسلام، ومما كتبه في المقال الثالث: “إننا لا نسكت عجزا عن الجواب، لا لضعف في الحجة، ولكننا نغضّ ونكتم غيظنا رجاء أن يتذكر إخواننا بعد هذه الغفلة ويعتدلوا بعد هذا التهور ويستغفروا ربهم وينيبوا إليه مما جنوه على أنفسهم وإخوانهم الذين لا يريدون بهم إلا الخير.

أيها الإخوان: أفيقوا من سكرتكم فلست بعدوكم ولا بالمريد بكم شرا، وتعالوا نضم أصواتنا وقوانا إلى بعضها ونعمل جمعيا فيما فيه الخير والسعادة الأبدية.

وعفا الله عما سلف وإني مسامح لكم ومتجاوز عن كل ما ألصقتموه بي ونسبتموه إلي مما أنا بريء منه، وأنتم أعلم ببراءتي منه، فلقد أطلتم الكلام وطرقتم كل باب يمكن منه الإيذاء في الذات والعرض والدين حتى خرج الأمر عن الحدود المعلومة، فإن كان ذلك كله لم يفدكم شيئا فالمزيد منه بعد اليوم لا يفديكم شيئا”([25])، هذا ما قاله السوركتي بعد خمس سنوات من شتم خصومه له شتما حقيرا، وقد كان يمكنه أن يكتب ما يشاء، لكن مَن كانت الآخرة غايته وخدمة الإسلام مقصوده لا ينشغل بالسفاسف.

وقد ساء الشيخ تورط بعض الإرشاديين في المخاصمات مع العلويين ثم تجاوزه للحق والخلق القويم وأعلن براءته من تنقص بعض كتاب المقالات من الإرشاديين التي فيها تجاوز وحاول الاتفاق والصلح مع العلويين ولكن دون جدوى([26]).

إن من سنة الله عز وجل في الناس ابتلاءهم بالخصوم، ولذلك لم يتوقف العلويون عن بث الدسائس بين الإرشاديين، ولمّا لم يكن بعض الإرشاديين أصحاب رسالة حقيقية في حب الدين والعلم بقدر ما كان يود الجمع بين الرئاسة والمصالح الخاصة والدين، فقد تقبل دسائس العلويين ضد السوركتي!

حيث قام بعض أعضاء إدارة الفرع الرئيسي للإرشاد بتعطيل بعض الأنشطة وأخذوا يتصرفون بطرق غير سوية وكأنهم يقولون ليس هناك حاجة لك يا سوركتي! لذلك آثر الشيخ أن يتنحى جانبا ويترك لهم المجال، فهو رجل لا يحب الخصام وهناك سعة في العمل والبذل للإسلام.

فقدم تقريرا لإصلاح وتطوير التعليم في مدارس الإرشاد بعد توسيعها في بداية عام 1919م، ولمّا لم يستلم جوابا من إدارة الجمعية بعد مدة استقال وتفرغ للتجارة التي يتقنها، وفعلا حقق بصدقه نجاحا كبيرا.

ابتعاد الشيخ عن مدارس الإرشاد ومواصلة نشاطه:

في هذه الأثناء واصل الشيخ جهوده في نشر الدعوة والتعليم، ولو عن طريق جهات أخرى غير جمعية الإرشاد ومن قبلها جمعية الخير، فالمصلح لا يعدم طريقة يواصل بها إصلاحه ونفعه للناس، حيث ساهم بتأسيس جمعية الاتحاد الإسلامي سنة 1920م، حيث ذكر في معرض بيان جهوده لخدمة الإسلام ومحاربة الجهل والإلحاد هناك: “فأنشأنا لمقاومتهم ثلاث جمعيات تفرعت أخيرا إلى جمعيات وفروع تعد بالمئات، أولها جمعية الإصلاح والإرشاد العربية التي تأسست على يدنا في جاكرتا، وثانيتها الجمعية المحمدية، وثالثتهما جمعية الاتحاد الإسلامي، وقد أسست هذه الجمعيات الثلاث مدارس ومجلات وجرائد وعقدت محاضرات”([27]).

وكتب الشيخ أحمد الحسن وهو أحد علماء وأعلام إندونيسيا عن دور السوركتي في تأسيس الجمعيات فقال: “ومن تلاميذه الذين تلقوا الدروس منه بغير انتظام غير كاتب هذه الكلمات أعد منهم المرحوم الحاج أحمد دحلان مؤسس الجمعية المحمدية، والحاج زمزم مؤسس جمعية فرساتوان إسلام والاتحاد الإسلامي، الذين وإن كانوا لم يتلقوا الدروس منه بانتظام ولكن الأستاذ أحمد -السوركتي- هو الذي فك عقولهم حتى تجرؤوا على نبذ المبادئ القديمة وأصبحوا رؤساء لأحزاب تمشي على أساس الكتاب والسنة”([28])، والأحزاب هنا يقصد بها الجمعيات التي أسسوها.

وفي هذه المرحلة حصل صدام بين “شركة الإسلام” والسلطات الهولندية، فسعى السوركتي إلى حماية بعض كبار التجار ممن يدعمون الشركة بإدخالهم في جمعية الإرشاد حتى مرت الأزمة، و”الشركة الإسلامية” تعد أول تنظيم أو حزب اقتصادي وسياسي إسلامي في البلاد تأسس سنة 1911م لمقاومة الاحتلال، وكان يقدم لهم النصائح والتوجيهات دوما وكان له احترام كبير منهم، وكان ينفق سرا من جيبه الخاص على أسر السجناء ممن يقاومون الاحتلال الهولندي([29])، وهذا مما يوضح لنا سعة نفوذ وتغلغل ونشاط السوركتي في كثير من مفاصل البلاد وأهلها وأنه لم يكن مدرسا أو مفتيا فحسب.

عودة السوركتي لجمعية الإرشاد والنهضة بالتعليم:

بعد استقالة السوركتي أرسلت الجمعية طلبا للشيخ رشيد رضا بالقاهرة ليرسل لها ثلاثة معلمين بدلا عن الشيخ أحمد، لأن بقية مدارس الفروع لم يكن فيها مشكلة، وفعلا أرسل لهم رشيد رضا المعلمين الذين سرعان ما أدركوا عجزهم عن سد فجوة غياب الشيخ أحمد وغادروا البلاد قبل أن يفتضح فشلهم([30])!

عاد الشيخ أحمد لتولي قيادة التعليم في مدارس الإرشاد سنة 1922م، بعد فشل إدارة الذين حسدوه وضعف الجمعية وإغلاق مدرستهم، حيث حزن على ما آل إليه وضع الجمعية، فشمّر عن ساعد الجد مرة أخرى، وأسس مدرسة جديدة وبدأ الإقبال عليها ضعيفا ثم قويت، وخلال سنتين عاد الوضع لما كان عليه من قبل تقريبا، وقد تمت الموافقة على تقريره السابق قبل الاستقالة لتطوير التعليم والعمل بالجمعية الذي كان يتضمن: تعيين منسق بين مدارس الجمعية المتعددة يتابع أمورها ومناهجها، توحيد مواد الدراسة بين كل المدارس ليتمكن الطلبة من التنقل بينها إذا لزم، تأليف كتب جديدة خاصة لطلبة جاوة تناسبهم، إنشاء مكتبة لتقوية وتمرين الطلبة الكبار على البحث، إعفاء ناظر المدرسة من التدريس والتفرغ لإدارة المدرسة ومتابعة المعلمين، إنشاء مجلة، وتكوين لجنة استشارية من الفروع للتطوير، وفي هذه المقترحات وعي تربوي عميق ومتقدم.

ولخص بعض الباحثين أهم ثمار السوركتي في التعليم بأنها ترسيخ تعليم العربية في البلاد، وتعميم الدراسة الدينية كل يوم ومن جميع المعلمين وعدم اقتصارها على حصة أو اثنتين، وتكثيف دراسة العلوم الشرعية لمواجهة جهود المبشرين والمستشرقين والملاحدة، وحرص على إشراك البنات بالتعليم في أماكن خاصة مما ساهم بتقدم كبير في رعاية الأطفال وسعادة الأسر والمجتمع، وحرص على مواءمة التعليم لمتطلبات التوظيف في الدوائر الرسمية، وسعى لإدخال دراسة التجارة والزراعة والصناعة بين مواد الطلبة للنهوض بالاقتصاد ، كما حرص على تعليم الطلبة اللغات([31]).

وبخصوص الابتعاث لأوروبا ودول الكفر كان الشيخ أحمد يدرك أهميته وخطورته في نفس الوقت، فهو مهم لتقدم المجتمعات ونقل العلوم والمعارف، وخطير لأنه –غالبا- أداة لاختراق المجتمعات كما حدث مع دول ومجتمعات عدة، ولذلك كان يشترط لإرسال الطلبة أن يكونوا محصّنين بالمعرفة الشرعية ويرافقهم موجه ومراقب مؤهل وإلا فليكن التعلم محليا([32]).

واصل الشيخ مسيرته في التعليم والدعوة وتأسيس الفروع والمدارس، وفي سنة 1929م افتتح مدرسة خاصة لتأهيل المعلمين ولها منهج مكثف، فقد كثرت المدارس وأصبح من اللازم الارتقاء بمستوى المعلمين، وكانت هذه الخطوة نقلة نوعية، واستمر الشيخ يدير هذه المدارس حتى وفاته ويفتح فروعا للجمعية ويلحق بها ما يلزم من مدارس، ويَعتبر البعض السوركتي -عبر جمعية الإرشاد- أول من اتخذ الأوقاف لإدامة إقامة المدارس والتعليم في إندونيسيا، ولذلك في إحصائية سنة 2006م بلغ عدد الفروع 24 فرعا تنتشر في 140 مدينة، ويتبع لها 159 مدرسة ومعهدا([33]).

تأسيس مجلة الذخيرة:

نشر الشيخ السوركتي المقالات في عدد من الصحف والمجلات، ولكن في سنة 1923م قرر أن يصدر مجلة شهرية خاصة به مع شقيقه، محمد نور الأنصاري، سماها “الذخيرة الإسلامية” ولكنه لكثرة أشغاله الدعوية لم يصدر سوى عشرة أعداد منها، وكان الغرض منها تكملة جهوده الأخرى حيث عنت المجلة بالرد على شبهات المنصرين والفرق الضالة وبيان محاسن الإسلام والدعوة للتوحيد والسنة والتحذير من الشرك والبدعة، كما كان يعيد فيها نشر بعض المقالات المتميزة من المجلات الكبيرة خارج إندونيسيا كالمنار والهداية([34]).

 

السفر للحج ومصر:

وفي سنة 1928 توجه الشيخ إلى مكة للحج بعد غياب طويل، وهناك التقى بالملك عبد العزيز، وتوثقت العلاقة بينهما بعد أن كانت هناك رسائل سابقة بينهما، وقد عرض الملك عبد العزيز على الشيخ أن يكون مندوبا رسميا عنه هناك، لكن الشيخ اعتذر بأنه ليس رجل سياسة ومجاملات رسمية([35])، وهذا يدل على مدى إخلاص السوركتي لدعوته وبُعده عن المناصب والمكاسب، ولو أخذها لما كان فيها شائبة عليه، ثم توجه إلى مصر حيث قابل فيها كبار علمائها ورموزها ومنهم أعضاء الرابطة الشرقية التي انتسب إليها، والتي سعت للتدخل في الخلاف القديم بين العلويين والإرشاديين ولكن للأسف لم يكن هناك استجابة من العلويين كالعادة([36]).

الأساليب والوسائل الدعوية عند السوركتي:

كان الشيخ السوركتي يشجع الأعمال الجماعية والتكافلية وينفتح على جميع أبواب الخير، فلما دعا بعض الناس سنة 1932م لتأسيس لجنة تعنى برعاية الحجاج الإندونيسيين الذين تقطعت بهم السبل في أرض الحرمين شجّعهم، بينما عارض العلويون اللجنة وحاولوا عرقلتها لكنهم فشلوا في ذلك، وتوسع عمل اللجنة حتى أصبح لها 58 فرعًا، كما أن جمعية الإرشاد أسست قسمًا خاصًّا لمساعدة الفقراء، وآخر لدعم قضية فلسطين([37]).

هذه الجهود الضخمة من التعليم والإغاثة والتوجيه والرعاية وتأسيس المؤسسات والمشاركة السياسية غير المباشرة كانت جهودًا مهمة ومركزية مضادة لجهود التنصير والفرق الضالة في إندونيسيا كالقاديانية ودعاة الإلحاد والشيوعية التي كانت تستغل الجهل والفقر والمرض، فجزاه الله خيرا.

واستعان السوركتي ببعض طلبته الأذكياء لترجمة دروسه ومناظراته لمن لا يحسن العربية من الجاويين، فلم يكن نشاطه مقتصرا على الوسط العربي، وحرص على ترجمة بعض كتبه لهم، ومن ذلك ترجمة كتاب السوركتي “الأخلاق القرآنية” للغة الهولندية سنة 1927هـ من قبل المستشرق فندرفلاس الذي كان بمثابة سفير وحاكم لبعض مناطق إندونيسيا! وكانت غاية السوركتي من تأليف الكتاب التقريب والتسهيل للشباب المسلم المتعلم تعليما غربيا أن يستنير بأنوار الوحي الرباني([38])، وهذا الجهد نابع من سعة رؤية السوركتي لكافة شرائح المجتمع والتعامل معها بما يناسبها.

وقد كان الرفق وقوة القلب مع الحكمة طبعه الدائم، وبسبب ذلك استطاع كسب القلوب والمواقف لمصلحة الإسلام، فحين علم بسجن أحد الوطنيين البعيدين عن التدين، قام بكفالة أسرته دون معرفة سابقة بينهما، ولما خرج من السجن بعد سنتين فوجئ بحالة أهله الجيدة، ولما بحث وعلم أن الشيخ كان يرسل لهم المساعدة، ذهب إليه وسأله عن سبب دعم أسرته وهو غير متدين بل يهاجم الإسلام؟ فبيّن له الشيخ أن الإسلام يكفل المحتاجين، وزوجتك وأبناؤك لا يحملون وزرك، وغرضي كان هو الحوار معك لأنك رجل عظيم لكنك تفهم الإسلام بطريقة خاطئة، ودار حوار طويل لعدة أيام، وفي النهاية أصبح هذا الرجل من دعاة الخير بعد أن تفهم أن البدع والخرافات والشركيات المنتشرة بين كثير من عمائم السوء لا علاقة لها بالإسلام([39]).

الثمار الطيبة لهذه المسيرة المباركة:

مدح العلامة رشيد رضا جهد السوركتي في جمعية الإصلاح والإرشاد فقال: “غرضها إنشاء المدارس ونشر التعليم الديني والمدني الذي تقتضيه حالة العصر من الاستقلال، وإحياء هدي الكتاب والسنة، ومقاومة الخرافات الفاشية من طرق الابتداع في الدين”.

وقد تعددت ثمار هذه المسيرة المباركة للسوركتي، فقد نشأ على يديه الكثير من الطلبة، بعضهم أصبح من علماء البلاد وبعضهم من قادتها ومنهم: الشيخ فريد معروف، الذي أصبح وزيرا للحج، والدكتور محمد رشيدي الذي أصبح وزيرا للشؤون الدينية، والسيد يونس أنيس رئيس الجمعية المحمدية ومرشد الجيش الإندونيسي برتبة كولونيل، والأستاذ سالم عمر هبيص عضو الهيئة التأسيسية والبرلمان، والأستاذ أحمد عاقب المكاسري عضو البرلمان.

قال أحد طلابه في وداعه لما سافر إلى الحج: “إنك تركت من ورائك عددا لا يستهان به ممن تغذت أرواحهم بتعاليمك الراقية ومبادئك السلفية، فاذهب مطمئن البال، فإن زرعك الذي استوى على سوقه يعجب الزراع لن يموت، ومآثرك لن تبلى وفضائلك لن تدرس”([40]).

ومن هذه الثمار الطيبة النهضة الدينية وانتشار اتباع القرآن والسنة والفهم الصحيح للإسلام ونبذ الكثير من البدع والخرافات، وكذلك تأسيس الجمعيات والمدارس والمعاهد والمستشفيات والأوقاف التي لا تزال تعمل –لليوم- بنشاطٍ في الدعوة إلى الله عز وجل.

وبسبب دعوة السوركتي ونشاطه وخلافه مع العلويين نشطت حركة الصحافة هناك حيث صدر قريب من خمسين مجلة وصحيفة في الفترة ما بين الحربين العالميتين (1914-1945م) في إندونيسيا بسبب هذا النشاط بين تلاميذه وخصومه وإن لم يستمر كثير منها طويلا([41]).

ولم تقتصر ثمار دعوته على إندونيسيا بل وصلت إلى بلاد أخرى كثيرة، فقد نَقل كثير من طلابه منهجه ودعوته لحضرموت وسنغافورة والهند([42]).

ومن ثمار السوركتي المهمة مساهمته الكبيرة في مقاومة الاحتلال الهولندي والياباني لإندونيسيا، وهو ما شهد به الرئيس الإندونيسي الأول سوكارنو في مؤتمر حزب شركة الإسلام سنة 1951 بقوله: “إن إندونيسيا لا ولن تنسى فضل الجمعيات التي ساعدت على إحياء النخوة والغيرة الدينية والوطنية التي عجّلت بالثورة الكبرى والحصول على حريتنا، كحزب شركة إسلام السياسي، وجمعية الإرشاد، والمحمدية الدينيتين”، كما أن بعض مسؤولي جمعية الإرشاد من طلبة السوركتي ساهموا في تأسيس حزب مجلس شورى مسلمي إندونيسيا (ماشومي)، الذي كان ممثل التيار الإسلامي في البرلمان الإندونيسي والمقاوم للمد الشيوعي([43]).

ولعل أصدق وصف لهذه الجهود الضخمة وثمارها برغم خلوها من إسناد قوة مالية ضخمة أو دعم دولي هو ما يصدق عليه اليوم مصطلح القوة الناعمة، فرغم أنه غريب ووحيد إلا أنه قدم الكثير الكثير.

كتبه:

لم يكثر السوركتي من تأليف الكتب إلاّ أنّ كتبه القليلة مهمة ونافعة، ومنها:

  • رسالة “صورة الجواب” التي عنيت بقضية زواج العلوية من غير العلوي.
  • رسالة “أخلاق القرآن”.
  • كتاب “إتحاف العباد بتفنيد مزاعم الحداد”.
  • رسالة “المسائل الثلاث” وتناولت موضوع السنة والبدعة، الاجتهاد والتقليد، زيارة القبور والتوسل، وهي المسائل التي نَصر فيها منهج السلف وردّ فيها على المخالفين لهم، وطبعت في إندونيسيا عدة مرات، وفي مصر أيضًا([44]).
  • “الوصية العامرية” وهي نصائح للزوم التوحيد، وكتاب “أمهات الأخلاق” و”توجيه الإخوان إلى آداب القرآن” ومنظومة “الخواطر الحسان” عن خواطره في إندونيسيا، وهي آخر ما أملاه على طلابه بعد أن فقد بصره سنة 1940([45]).

وقد شعر بضعفٍ في بصره فاستشار الأطباء، ودخل المستشفى لمدة أربعة شهور وأجريت له ثلاث عمليات جراحية، لكن الله قدر عليه سلب البصر، وأصبح عنده ألم كبير في الرأس، أخبره الأطباء أنه لن يزول إلا باقتلاع العين نفسها! وفعلا قلعت عينه، وسكنت الآلام وخرج من المستشفى، لكنه أصبح يشعر بارتخاء في الأعصاب، ونصحه بعض أصدقائه أن يذهب إلى منطقة ذات هواء بارد ونقي، فارتحل من بيته وكان يقضي وقته بتلاوة القرآن وإنشاد قصائد مدح النبي صلى الله عليه وسلم والجلوس مع بعض الأصدقاء، وترَك العمل العام بشكل مباشر.

وقرر تلاميذه ومحبوه تكريمه في حياته بتكوين لجنة تكتب سيرته وتاريخ جمعيته (الإصلاح والإرشاد)، وصدر عنها كتاب “تاريخ حركة الإصلاح والإرشاد وشيخ الإرشاديين أحمد محمد السوركتي في إندونيسيا”([46]).

وفاته

توفي الشيخ السوركتي رحمه الله وتقبله في صباح 6 سبتمبر/أيلول 1943م (1362هـ)، بعد 29 سنة من تأسيس جمعية الإرشاد، ولم يعقب الشيخ ذرية من صلبه، لكن طلابه وتلاميذه كثر، ولليوم لا تزال عائلة السوركتي موجودة هناك، وهم ذرية شقيقه أبي الفضل محمد ساتي السوركتي الأنصاري، الذي كان رفيق دربه.

وشارك في جنازته عدد من كبار المسؤولين الإندونيسيين، على رأسهم صديقه أحمد سوكارنو، الذي سيصبح –لاحقًا- رئيس إندونيسيا.

 

لمزيد من التوسع:

  • تاريخ حركة الإصلاح والإرشاد وشيخ الإرشاديين أحمد محمد السوركتي في إندونيسيا، تقديم وتحقيق د. أحمد إبراهيم أبو شوك، مطبوعات مركز البحوث بالجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا ودار الفجر بماليزيا، بدون سنة طبع.
  • الاتجاه السلفي في الفكر الإسلامي الحديث بإندونيسيا، أمل فتح الله زركشي، رسالة ماجستير من جامعة القاهرة سنة 1986م، نسخة مصورة.
  • جهود الشيخ أحمد محمد السوركتي الأنصاري في الدعوة إلى الله في إندونيسيا، شفيق رايز حسن، رسالة ماجستير، الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة سنة 1427هـ.
  • الشيخ عبدالعزيز الرشيد سيرة حياته للدكتور يعقوب الحجي، مركز البحوث والدراسات الكويتية، الكويت 1993.
  • تأثر شيخ الإرشاديين في إندونيسيا أحمد السوركتي بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، د. إبراهيم بن عبد الله حماد، مجلة العلوم الشرعية، العدد 20، رجب 1432هـ.
  • مقال منشور في شبكة الإنترنت بعنوان: الشيخ أحمد السوركتي أول سوداني في إندونيسيا.

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

[1]– تاريخ حركة الإصلاح والإرشاد وشيخ الإرشاديين أحمد محمد السوركتي في إندونيسيا، تقديم وتحقيق د. أحمد إبراهيم أبو شوك، مطبوعات مركز البحوث بالجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا ودار الفجر بماليزيا، بدون سنة طبع، ص 28.

[2]– المصدر السابق، ص 32.

[3] – راجع الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة، اعداد الندوة العالمية للشباب.

[4]– الاتجاه السلفي في الفكر الإسلامي الحديث بإندونيسيا، أمل فتح الله زركشي، رسالة ماجستير من جامعة القاهرة سنة 1986م، غير منشورة، ص 312. وتاريخ حركة الإصلاح والإرشاد، ص 35، 38.

[5]– جهود الشيخ أحمد محمد السوكرتي الأنصاري في الدعوة إلى في إندونيسيا، شفيق رايز حسن، رسالة ماجستير غير منشورة، الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، سنة 1427هــ، ص 87.

[6]– الشيخ عبدالعزيز الرشيد سيرة حياته للدكتور يعقوب الحجي، مركز البحوث والدراسات الكويتية، الكوي ت 1993، ص 246.

[7]– ترجمة الشيخ الخياط على موقع علماء مكة.

[8]– الاتجاه السلفي في الفكر الإسلامي الحديث بإندونيسيا، ص 313.

[9] – تاريخ حركة الإصلاح والإرشاد، حاشية ص 39.

[10] – جهود الشيخ أحمد محمد السوركتي، ص 105.

[11] – عدد 5، السنة الأولى.

[12] – تاريخ حركة الإصلاح، ص 281.

[13] – الاتجاه السلفي الحديث، ص 327 و329. وجهود الشيخ أحمد محمد السوركتي، ص 44.

[14] – تاريخ حركة الإصلاح، ص 281.

[15]– تاريخ حركة الإصلاح والإرشاد، ص 227، وهو بالأصل مقال نشرته جريدة الإرشاد.

[16]– يمكن الاطلاع على تفاصيل الخلاف ومجرياته في تاريخ حركة الإصلاح والإرشاد لأحمد أبو شوك، والشيخ عبد العزيز الرشيد سيرة حياته، ص 239.

[17]– جهود الشيخ أحمد بن محمد السوركتي، ص 56، الشيخ عبد العزيز الرشيد، ص 243.

[18]– يعتقد البعض أن ذوي المناصب هم من دس السائل على الشيخ السوركتي للوقيعة بينه وبين إدارة الجمعية من العلويين من غير ذوي المناصب! تاريخ الإرشاد ص 225.

[19]– الشيخ عبد العزيز الرشيد، ص 245.

[20]– جهود الشيخ أحمد محمد السوركتي، ص 52.

[21]– تاريخ حركة الإرشاد، ص 252.

[22] – جهود الشيخ أحمد محمد السوركتي، ص 106.

[23] – تاريخ حركة الإصلاح، ص 39.

[24] – راجع عبد العزيز الرشيد سيرة حياة، وتاريخ حركة الإصلاح والإرشاد. وجهود الشيخ السوركتي، ص 114، 127.

[25] – تاريخ حركة الإصلاح والإرشاد، ص 392.

[26] – تاريخ حركة الإصلاح والإرشاد، ص 329.

[27] – جهود الشيخ أحمد، ص 52. تاريخ حركة الإرشاد، ص 281.

[28] – تاريخ حركة الإرشاد، ص 53. الاتجاه السلفي، ص 357، 373.

[29] – جهود الشيخ أحمد، ص 341، 442، تاريخ حركة الإصلاح، ص 75.

[30] – تاريخ حركة الإصلاح والإرشاد، ص 260. جهود الشيخ أحمد، ص 107.

[31] – جهود الشيخ أحمد، ص 364، 389، 396، 401، تاريخ حركة الإصلاح، 67.

[32] – جهود الشيخ أحمد، ص 379.

[33] – المصدر السابق، ص 584، 600.

[34] – المصدر السابق، ص 81.

[35] – تاريخ الإرشاد، ص 41، تأثر شيخ الإرشاديين في إندونيسيا أحمد السوركتي بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، د. إبراهيم بن عبد الله حماد، مجلة العلوم الشرعية عدد 20، رجب 1432هـ، ص 41.

[36] – الشيخ عبد العزيز الرشيد، ص 283.

[37] – المصدر السابق، ص 437، جهود الشيخ أحمد، ص 443.

[38] – تاريخ حركة الإصلاح، ص 54.

[39] – جهود الشيخ أحمد، ص 568.

[40] – المصدر السابق، ص 78.

[41] – انظر قائمة بغالبية هذه المجلات والصحف في: عبد العزيز الرشيد، ص 638.

[42] – جهود الشيخ أحمد، ص 604.

[43] – مقال في شبكة الإنترنت بعنوان: الشيخ أحمد السوركتى … أول سوداني في إندونيسيا.

 

[44] – وقد نشر الرسالة مركز سلف للبحوث والدراسات مؤخرًا – بفضل الله -، بتحقيق الدكتور علي بن محمد العمران.

[45] – جهود الشيخ أحمد، ص 90.

[46] – تاريخ حركة الإصلاح، ص ج من مقدمة المحقق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد سلف

التحقيق في موقف ابن الزَّمْلَكَاني من ابن تيّمِيَّة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: يُعتَبَر ابن الزَّمْلَكَاني الذي ولد سنة 667هـ مُتقاربًا في السنِّ مع شيخ الإسلام الذي ولد سنة 661هـ، ويكبره شيخ الإسلام بنحو ست سنوات فقط، وكلاهما نشأ في مدينة دمشق في العصر المملوكي، فمعرفة كلٍّ منهما بالآخر قديمة جِدًّا من فترة شبابهما، وكلاهما من كبار علماء مذهبِه وعلماء المسلمين. […]

الشَّبَهُ بين شرك أهل الأوثان وشرك أهل القبور

مقدمة: نزل القرآنُ بلسان عربيٍّ مبين، وكان لبيان الشرك من هذا البيان حظٌّ عظيم، فقد بيَّن القرآن الشرك، وقطع حجّةَ أهله، وأنذر فاعلَه، وبين عقوبته وخطرَه عليه. وقد جرت سنة العلماء على اعتبار عموم الألفاظ، واتباع الاشتقاق للأوصاف في الأفعال، فمن فعل الشرك فقد استوجب هذا الاسمَ، لا يرفعه عنه شرعًا إلا فقدانُ شرط أو […]

هل مُجرد الإقرار بالربوبية يُنجِي صاحبه من النار؟

مقدمة: كثيرٌ ممن يحبّون العاجلة ويذرون الآخرة يكتفون بالإقرار بالربوبية إقرارًا نظريًّا؛ تفاديًا منهم لسؤال البدهيات العقلية، وتجنُّبا للصّدام مع الضروريات الفطرية، لكنهم لا يستنتجون من ذلك استحقاق الخالق للعبودية، وإذا رجعوا إلى الشرع لم يقبَلوا منه التفصيلَ؛ حتى لا ينتقض غزلهم مِن بعدِ قوة، وقد كان هذا حالَ كثير من الأمم قبل الإسلام، وحين […]

هل كان شيخ الإسلام أبو عثمان الصابوني أشعريًّا؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: مِن مسالك أهل الباطل في الترويج لباطلهم نِسبةُ أهل الفضل والعلم ومن لهم لسان صدق في الآخرين إلى مذاهبهم وطرقهم. وقديمًا ادَّعى اليهود والنصارى والمشركون انتساب خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام إلى دينهم وملَّتهم، فقال تعالى ردًّا عليهم في ذلك: ﴿‌مَا ‌كَانَ ‌إِبۡرَٰهِيمُ يَهُودِيّا وَلَا نَصۡرَانِيّا وَلَٰكِن كَانَ […]

هل علاقة الوهابية بالصوفية المُتسنِّنة علاقة تصادم؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: تعتبر الصوفيةُ أحدَ المظاهر الفكرية في تاريخ التراث والفكر الإسلامي، وقد بدأت بالزهد والعبادة وغير ذلك من المعاني الطيِّبة التي يشتمل عليها الإسلام، ثم أصبحت فيما بعد عِلمًا مُستقلًّا يصنّف فيه المصنفات وتكتب فيه الكتب، وارتبطت بجهود عدد من العلماء الذين أسهموا في نشر مبادئها السلوكية وتعدَّدت مذاهبهم […]

مناقشة دعوى بِدعية تقسيم التوحيد

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة    مقدّمة: إن معرفة التوحيد الذي جاء به الأنبياء من أهم المهمّات التي يجب على المسلم معرفتها، ولقد جاءت آيات الكتاب العزيز بتوحيد الله سبحانه في ربوبيته وأنه الخالق الرازق المدبر، قال تعالى: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 54]، كما أمر الله تبارك وتعالى عباده […]

اتفاق علماء المسلمين على عدم شرط الربوبية في مفهوم العبادة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدّمة: كنّا قد ردَدنا في (مركز سلف) على أطروحة أحد المخالفين الذي راح يتحدّى فيها السلفيين في تحديد ضابط مستقيم للعبادة، وقد رد ردًّا مختصرًا وزعم أنا نوافقه على رأيه في اشتراط اعتقاد الربوبية؛ لما ذكرناه من تلازم الظاهر والباطن، وتلازم الألوهية والربوبية، وقد زعم أيضًا أن بعض العلماء […]

هل اختار السلفيون آراءً تخالف الإجماع؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: كثير من المزاعم المعاصرة حول السلفية لا تنبني على علمٍ منهجيٍّ صحيح، وإنما تُبنى على اجتزاءٍ للحقيقة دونما عرضٍ للحقيقة بصورة كاملة، ومن تلك المزاعم: الزعمُ بأنَّ السلفية المعاصرة لهم اختيارات فقهية تخالف الإجماع وتوافق الظاهرية أو آراء ابن تيمية، ثم افترض المخالف أنهم خالفوا الإجماع لأجل ذلك. […]

الألوهية والمقاصد ..إفراد العبادة لله مقصد مقاصد العقيدة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: مما يكاد يغيب عن أذهان بعض المسلمين اليوم أن العبودية التي هي أهمّ مقاصد الدين ليست مجرد شعائر وقتيّة يؤدّيها الإنسان؛ فكثير من المسلمين لسان حالهم يقول: أنا أعبدُ الله سبحانه وتعالى وقتَ العبادة ووقتَ الشعائر التعبُّدية كالصلاة والصيام وغيرها، أعبد الله بها في حينها كما أمر الله […]

تحقيق القول في زواج النبي ﷺ بأُمِّ المؤمنين زينب ومعنى (وتخفي في نفسك ما الله مبديه)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة لهج المستشرقون والمنصّرون بالطعن في مقام النبي صلى الله عليه وسلم بسبب قصة زواج النبي صلى الله عليه وسلم بأم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها، حتى قال الشيخ رشيد رضا رحمه الله: (دُعاة النصرانية يذكرون هذه الفرية في كل كتابٍ يلفِّقونه في الطعن على الإسلام، والنيل من […]

جُهود الشيخ صالح بن أحمد الْمُصَوَّعي في نشر الدعوة السلفية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الشيخ صالح بن أحمد الْمُصَوَّعي من العلماء البارزين في القرن الرابع عشر الهجري، وقد برزت جهوده في خدمة الإسلام والمسلمين. وقد تأثر رحمه الله بالمنهج السلفي، وبذل جهودًا كبيرة في نشر هذا المنهج وتوعية الناس بأهميته، كما عمل على نبذ البدع وتصحيح المفاهيم الخاطئة التي قد تنشأ في […]

صيانة الشريعة لحق الحياة وحقوق القتلى، ودفع إشكال حول حديث قاتل المئة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقدمة: إنّ أهلَ الأهواء حين لا يجدون إشكالًا حقيقيًّا أو تناقضًا -كما قد يُتوهَّم- أقاموا سوق الأَشْكَلة، وافترضوا هم إشكالا هشًّا أو مُتخيَّلًا، ونحن نهتبل فرصة ورود هذا الإشكال لنقرر فيه ولنثبت ونبرز تلك الصفحة البيضاء لصون الدماء ورعاية حقّ الحياة وحقوق القتلى، سدًّا لأبواب الغواية والإضلال المشرَعَة، وإن […]

برهان الأخلاق ودلالته على وجود الله

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: إنَّ قضيةَ الاستدلال على وجود الله تعالى، وأنه الربّ الذي لا ربّ سواه، وأنه المعبود الذي استحقَّ جميع أنواع العبادة قضية ضرورية في حياة البشر؛ ولذا فطر الله سبحانه وتعالى الخلق كلَّهم على معرفتها، وجعل معرفته سبحانه وتعالى أمرًا ضروريًّا فطريًّا شديدَ العمق في وجدان الإنسان وفي عقله. […]

التوظيف العلماني للقرائن.. المنهجية العلمية في مواجهة العبث الفكري الهدّام

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة     مقدمة: حاول أصحاب الفكر الحداثي ومراكزُهم توظيفَ بعض القضايا الأصولية في الترويج لقضاياهم العلمانية الهادفة لتقويض الشريعة، وترويج الفكر التاريخي في تفسير النصّ، ونسبية الحقيقة، وفتح النص على كلّ المعاني، وتحميل النص الشرعي شططَهم الفكري وزيفَهم المروَّج له، ومن ذلك محاولتُهم اجترار القواعد الأصولية التي يظنون فيها […]

بين عُذوبة الأعمال القلبية وعَذاب القسوة والمادية.. إطلالة على أهمية أعمال القلوب

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدمة: تعاظمت وطغت المادية اليوم على حياة المسلمين حتى إن قلب الإنسان لا يكاد يحس بطعم الحياة وطعم العبادة إلا وتأتيه القسوة من كل مكان، فكثيرا ما تصطفُّ الجوارح بين يدي الله للصلاة ولا يحضر القلب في ذلك الصف إلا قليلا. والقلب وإن كان بحاجة ماسة إلى تعاهُدٍ […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017