الثلاثاء - 19 ربيع الآخر 1446 هـ - 22 أكتوبر 2024 م

حكم المبتَدِع الداعية عند شيخ الإسلام ابن تيمية.. وهل انفرد به عن سائر الحنابلة؟

A A

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة

مِن مقولاتِ شيخِ الإسلام ابن تيمية التي استُشكِلت مقولةٌ في مسائل الأسماء والأحكام في كتابه (الرد على البكري) بشأن مناظريه من مبتدعة زمانه الذين امتحنوه في قوله في الصفات، وأصابه منهم الأذى والضَّرر، وضيَّقوا عليه بالحبس والتهديد والوعيد، وهي مقولة: (أنتم لا تكفُرُون عندي لأنكم جُهَّال).

وقد استُشكِلَت هذه المقولةُ بمخالفتها لمشهور مذهب الإمام أحمد، وقد قِيل أيضًا -بناء على ذلك-: إنه انفرَد بها عن سائر الحنابلة.

ولا يخفى أنَّ ضبطَ تأصيلاتِ أهل العلم في مسائِلِ الأسماءِ والأحكَام خيرُ ما يُعتَصَم به في اجتنابِ مسالك الزيغ والانحراف، ومذاهبِ الغلوّ والتفريط، ولذا نتناول هنا تلك المقولةَ ببيان مأخذها في التفريق بين النوع والأعيان في الحكم، وبيان طريقة تفقّه شيخ الإسلام في نصوص الإمام أحمد، والجمع بين رواياته.

ثم نبين موافقة قول شيخ الإسلام: (أنتم لا تكفُرُون عندي لأنكم جُهَّال) لقول عدد من علماء الحنابلة القائلين بعدم تكفير الداعية المجتهد من أهل الأهواء، وهي الرواية الأخرى في المذهب، على طريقة من يجعل المسألة على روايتين.

ثم نختم الكلام ببحث مذهب شيخ الإسلام في مسألة تفسيق المبتدع الداعية.

 أولًا: هل خالف ابن تيمية بقوله: (أنتم لا تكفُرُون عندي لأنكم جهال) مشهورَ مذهب الحنابلة؟

المقولة المستشكلَةُ التي بين أيدينا هي قول شيخ الإسلام ابن تيمية في (الاستغاثة في الرد على البكري): (ولهذا كنتُ أقولُ للجهمية من الحُلُولية والنفاة الذين نفَوا أن يكُون الله تعالى فوق العرش لما وقَعت محنتهم: أن لو وافقتكم كنت كافِرًا؛ لأني أعلم أن قولكم كفر، وأنتُم عندي لا تكفُرون لأنَّكم جُهَّال، وكان هذا خطابًا لعُلمائهم وقُضَاتهم وشُيوخهم وأُمرائهم)([1]).

فقد قيل في كلام الشيخ هنا: إنه مخالف لمشهور مذهب الحنابلة، فإنَّ الصحيح من المذهب تكفيرُ المجتهد الداعي إلى القول بخلق القرآن أو نفي الرؤية أو الرفض ونحو ذلك، وتفسيقُ المقلد.

ولا ريب في أن القول بتكفير الداعية وتفسيق المقلد هو مشهور مذهب الحنابلة، كما قرره صاحب (المحرر) الشيخ الإمام المجد ابن تيمية استنادًا إلى نصوص الإمام أحمد، ثم أطبقت كتبهم المعتمدة على ذلك كـ(المنتهى) و(الإقناع) وشرحيهما و(الغاية) و(الروض) وغيرها([2])، قال المرداوي: (والأشهر عن أحمد وأصحابه: يكفر الداعية)([3]).

ونصُّ المجد ابن تيمية: (الصحيحُ أنَّ كل بدعة كفَّرنَا فيها الداعية فإنَّا نُفَسِّقُ المُقَلِّد فيها كَمَن يقول بخلق القرآن، أو أن علم الله مخلوق، أو أن أسماءه مخلوقة، أو أنه لا يُرى في الآخرة، أو يسب الصحابة تديُّنًا، أو يقول: إن الإيمان مُجرَّد الاعتقاد، وما أشبه ذلك. فمن كان في شيءٍ من هذه البِدَع يدعُو إليه، ويُناظِر عليه؛ فهو محكومٌ بكُفره، نصَّ أحمد على ذلك في مواضع)([4]).

قال المرداوي: (فلو قَلَّد في خلق القرآن، أو نفي الرُّؤية والرَّفض والتجهُّم ونحوه؛ فسق، ويكفر مجتهدُهم ‌الداعية نصًّا)([5]).

وقال ابن النجّار في تفسير التجهم المكفَّر به: (والجهمية: هم الذين يعتَقِدُون أن اللهَ ليس بمُستَوٍ على عرشِه، وأنَّ القرآن المكتوب في المصاحف ليسَ بكلامِ الله سبحانه وتعالى، بل هو عبارة عنه)([6]).

لكن ليس في نصوص الإمام أحمد ما ينفي أن يكون كلامُهُ في المجتهد أو الداعية الذي تحقَّقت فيه شروط التكفير وانتفت موانعه، فتكون الحجّة قد أقيمت عليه، أو بعبارةٍ أخرى: لا مانع أن يكون التفريق المذكور بين الداعية والمقلد إنما هو في النوع لا في الأعيان، إذ ليس في كلام الإمام أحمد وأصحابه مؤاخذة المخطئ والجاهل.

وإذا ثبت هذا فلا معارضة بين ما ذكره شيخ الإسلام في (الرد على البكري) بقوله: (أنتم لا تكفُرُون عندي لأنكم جهال) وبين نصوص الإمام أحمد التي استُنِدَ إليها في تكفيرِ الداعِيَة، مثل قوله في من يقول: القرآن مخلوق: (كنتُ لا أُكَفِّرُه حتى قرأتُ: {أنزَلَهُ بعلمِهِ} وغيرها، فمن زعم أنَّهُ لا يدري، علم الله مخلوق أو لا؟ كفَر)([7]).

وبيان ذلك: أن الذين لم يُكفِّرهم ابنُ تيمية بقوله: (أنتم لا تكفُرُون عندي لأنكم جهال) لم تتحقَّق فيهم الشروط وتنتف عنهم الموانع، ونصوص الإمام أحمد التي استُنِدَ إليها في تكفيرِ المُبتدع الداعية إنما هي نصوص عامة، وتكفير العام لا يستلزم تكفير المعين.

فإن قيل: إن الرواية المشهورة عن الإمام أحمد في تكفير الداعية تتناول النوع والعين، فما الدليل على تخصيصِها بالداعية الذي تحققت فيه شروط التكفير وانتفت موانعه؟

فجواب ذلك ما قاله شيخ الإسلام في الاستدلال على التفريق بين تكفير العام والمعيّن من تطبيقات الإمام أحمد وكلامه في التعامل مع الدعاة إلى بدعة القول بخلق القرآن، بل المُعاقِبين عليها: (الإمام أحمد وعامَّة الأئمة الذين أطلَقُوا هذه العُمُومات لم يُكفِّرُوا أكثرَ من تكلَّم بهذا الكلامِ بعينه. فإنَّ الإمامَ أحمدَ مثلًا قد باشر الجهمية الذين دَعَوْه إلى خلق القرآن ونفي الصفات، وامتحنُوه وسائرَ علماء وقتِه، وفتنُوا المؤمنين والمؤمنات الذين لم يوافِقُوهم على التجَهُّم بالضرب والحبس والقتل، والعزل عن الولايات، وقطع الأرزاق، وردِّ الشهادة، وترك تخليصهم من أيدي العدوِّ، بحيثُ كان كثير من أولي الأمر إذ ذاك من الجهمية من الولاة والقضاة وغيرهم يُكفِّرُون كلَّ من لم يكن جهميًّا موافِقًا لهم على نفي الصفات، مثل القول بخلق القرآن، ويحكمون فيه بحكمهم في الكافر، فلا يُولُّونه ولاية، ولا يفتكُّونَه من عدو، ولا يُعطُونه شيئًا من بيت المال، ولا يقبَلُون له شهادةً ولا فتيا ولا رواية، ويمتحِنُون الناس عند الولاية والشهادة والافتكاك من الأسر وغير ذلك. فمن أقرَّ بخلق القُرآن حكَمُوا له بالإيمان، ومن لم يُقِر به لم يحكموا له بحكم أهل الإيمان، ومن كان داعيًا إلى غير التجهُّم قتَلُوه أو ضربُوه وحبسوه.

ومعلومٌ أن هذا من أغلظِ التجهُّم، فإنَّ الدُّعاءَ إلى المقالة أعظمُ من قولِها، وإثابَةُ قائلها وعُقُوبة تاركها أعظمُ من مُجرَّد الدعاء إليها، والعقُوبَة بالقتل لقائِلِها أعظمُ من العقوبة بالضرب.

ثم إن الإمامَ أحمد دعَا للخليفة وغيرِه ممن ضربَه وحبَسه، واستغفَر لهم، وحَلَّلَهم مما فعلُوه به من الظلم والدعاء إلى القول الذي هو كفر، ولو كانُوا مُرتَدِّين عن الإسلام لم يجُز الاستغفارُ لهم، فإنَّ الاستغفار للكُفَّار لا يجُوز بالكتاب والسنة والإجماع.

وهذه الأقوالُ والأعمَال منه ومن غيره من الأئمة صريحةٌ في أنَّهم لم يُكفِّرُوا المعيَّنين من الجهمية الذين كانوا يقولُون: القُرآن مخلوقٌ، وإن الله لا يُرى في الآخرة.

وقد نُقِل عن أحمد ما يدُلُّ على أنَّهُ كفَّر به قومًا مُعيَّنِين، فإما أن يُذكَر عنهُ في المسألة روايتان؛ ففيه نظرٌ، أو يحمَل الأمرُ على التفصيل فيقال:

– من كفَّرَه بعينِه؛ فلقِيَام الدَّلِيل على أنَّه وجدت فيه شروط التكفيرِ، وانتَفَت موانِعه.

– ومن لم يُكفِّره بعينه؛ فلانتفاء ذلك في حقه.

هذا مع إطلاق قولِه بالتَّكفير على سبيلِ العموم)([8]).

ثانيًا: هل انفرد ابن تيمية بقوله: (أنتم لا تكفرون عندي لأنكم جهال) عن سائر الحنابلة؟

لو سلمنا أنَّ قولَ شيخ الإسلام: (أنتم لا تكفرون عندي لأنكم جهال) مُخالِف للرواية الأشهرِ في المذهب في تكفير المبتدع الداعية، ففي المذهبِ روايةٌ أخرى تقابلها بعدم التكفير، قال بها جمع من علماء الحنابلة.

قال المرداوي: (وعنه (أي: الإمام أحمد) فيه (أي: المبتدع المجتهد في خلق القرآن، ونفي الرؤية ونحوهما): لا يكفر، اختاره المصنف (ابن قدامة) فى رسالته إلى صاحب «التلخيص» (الفخر ابن تيمية)؛ لقول أحمد رحمه الله للمعتصم: يا أمير المؤمنين)([9]).

ونصُّ ابن قدامة الذي أشار إليه المرداوي: (ثم إن الإمامَ أحمدَ الذي هو من أشدُّ الناس على أهل البدع قد كان يقُول للمعتصم: يا أمير المؤمنين، ويرى طاعة الخلفاء الداعين إلى القول بخلق القرآن، وصلاة الجمع والأعياد خلفهم)([10]).

وحُجَّةُ ابن قدامة رحمه الله هي عين حجة ابن تيمية التي ذكرها في عدم تكفير جميع أعيان الجهميَّة، وكلام ابن تيمية المتقدّم إنما جاء في التعقيب على ما دار بين ابن قدامة والفخر ابن تيمية، حيث أشار لذلك بقوله: (تنازع المتأخرون من أصحابنا في تخليد المكفر من هؤلاء..)([11]).

وقد ذكر المرداوي غير ابن قدامة ممن ذهب إلى عدم التكفير فقال: (‌من ‌جَهِلَ ‌وجُود ‌الرب، أو علِم وجُودَه وفَعَلَ فعلًا أو قالَ قولًا لا يصدر إلا من كافر إجماعًا فكافر، ولا يكفر مبتدِعٌ غيرُه في روايةٍ([12]) اختارَها القاضي، وابنُ عقيل، وابنُ الجوزي، والموَفَّق، والأشعري وأصحابه)([13]).

وعليه فلا نسلِّم بانفرادِ ابن تيمية بقوله: (أنتم لا تكفُرُون عندي لأنكم جُهَّال) عن سائرِ عُلماء الحنابلة على تقدير صحة نسبة القول إليه بأنه لا يُكفِّرُ الجهمِيَّة وغيرهم من أهل البدع المغلَّظة، وقد تقدَّم أن مدار الأمر عنده على إقامة الحجة.

ولهذا فإنه قال: (فإن قال المتكلمون من الجهمية وغيرهم: فمن خالف ما علم بالضَّرُورة من الدِّين فهو كافر؟ قيل لهم: فلهذا كان السلف والأئمة مُطبِقين على تكفير الجهميَّة حين كان ظهورُ مخالفَتِهم للرسول صلى الله عليه وسلم مَشهورًا مَعلومًا بالاضطرار لعموم المسلمين، حتى قلَّ العلم بالإيمان فيما بعد، وصار يشتَبِهُ بعض ذلك على كثير ممن ليس بزنديق)([14]).

ومن ينسِبُ للسلف والأئمةِ الإطباقَ على تكفيرِ الجهمية لا يصحُّ أن يقال: إنه لا يكفر الجهمية بإطلاق، وإنما مدارُ الأمر عنده على تحقق الشروط وانتفاء الموانع.

فابن تيمية -كما تقدّم- يقرر أن من كفّره السلف والأئمة من الجهمية فإنما لتحقُّقِ الشروط وانتفاء الموانع في حقّه، والعكسُ بالعكس، ولهذا فإنه عندما لم يكفِّر أكابر مناظريه من أهل البدع، فلأنهم لم تقم عليهم الحجة الرسالية، ويبيِّن ذلك التعليلُ الذي ذكره بقوله: (وأنتُم عندي لا تكفُرون لأنَّكم جُهَّال).

وقد استدلَّ ابن تيمية لقوله بعدم تكفير أكابر مناظريه بتفريق السلف والأئمة بين الإطلاق والتعيين فقال: (كنتُ أقُول لأكابرهم: لو وافقتكم على ما تقولونه لكنتُ كافرًا مَريدًا؛ لعلمي بأن هذا كفر مُبين، وأنتم لا تكفُرُون لأنكم من أهل الجهل بحقائق الدين. ولهذا كان السلف والأئمة يُكفِّرُون الجهمية في الإطلاق والتعميم، وأما المعيَّن منهم فقد يدعُون له ويستغفرون له؛ لكونِهِ غيرَ عالمٍ بالصِّرَاط المُستقيم، وقد يكُون العلمُ والإيمان ظاهرًا لقومٍ دون آخرين، وفي بعض الأمكنة والأزمنة دون بعض بحسَبِ ظُهُور دِين المُرسلين)([15]).

وقال: (الإمام أحمد رحمه الله لم يُكفِّر أعيان الجهمية، ولا كل من قال: إنه جهمي كفَّره، ولا كل من وافق الجهمية في بعضِ بِدَعِهم، بل صلى خلف الجهمية الذين دَعَوا إلى قولهم، وامتحنوا الناس، وعاقبوا من لم يوافقهم بالعقوبات الغليظة؛ لم يكفرهم أحمد وأمثاله، بل كان يعتقد إيمانهم وإمامتهم، ويدعو لهم، ويرى الائتمام بهم في الصلوات خلفهم، والحج والغزو معهم، والمنع من الخروج عليهم ما يراه لأمثالهم من الأئمة، وينكر ما أحدثوا من القول الباطل الذي هو كفر عظيم، وإن لم يعلموا هم أنه كفر، وكان ينكره ويجاهدهم على رده بحسب الإمكان، فيجمع بين طاعة الله ورسوله في إظهار السنة والدين وإنكار بدع الجهمية الملحدين، وبين رعاية حقوق المؤمنين من الأئمة والأمة، وإن كانوا جُهَّالًا مُبتَدِعين، وظلمة فاسقين)([16]).

وقال ابن مفلح في كتاب الردة من (الفروع): (وقال شيخنا -يعني ابن تيمية-: نصوصُه -يعني الإمام أحمد- صريحةٌ على عدم كفر الخوارج والقدرية والمرجئة وغيرهم، وإنَّمَا كَفَّر الجهمية لا أعيانَهُم، قال: وطائفةٌ تحكي عنه روايتين في تكفير أهل البدع مُطلقًا، حتى المُرجئة والشيعة المُفضِّلة لعلي. قال: ومذاهب الأئمة أحمد وغيره مبنية على التفصيل بين النوع والعين)([17]).

قال ابن قندس في «حاشيته على الفروع»: (أي: أنه يكفر الجهمية من غير تعيين الأشخاص، فيقول مثلًا للجهمية: كفار، ولا يقول: فلان الجهمي كافر. وهذا معنى قول المصنف: (لا أعيانهم) أي: لا يُكفِّر الأشخاص المعينة)([18]). أي: قبل إقامة الحجة.

وهذا التفريق بين النوع والأعيان بناه شيخ الإسلام ابن تيمية على أدلة الكتاب والسنة والإجماع الدالة على إعذار الجاهل والمخطئ([19])، ولم يُرِد بالعندِيَّة في قوله: (وأنتُم عندي لا تكفُرون..) أن ما يقوله في المسألة اختيار خاصٌّ به شذَّ به عن الأئمة في ذلك من الحنابلة وغيرهم، فهذا تحميل لكلامه ما لا يحتمله، بل ما مقصوده على نقيضه وخلافه.

ثالثًا: هل يقول ابن تيمية بتفسيق المبتدع الداعية؟

يقول شيخ الإسلام: (وأما غير أهل الكلام فيقول: هذا قولُ السلف وأئمة الفتوى، كأبي حنيفة والشافعي والثوري وداود بن علي وغيرهم: لا يُؤَثِّمُون مُجتهدًا مخطئًا، لا في المسائل الأصولية ولا في الفروعية، كما ذكر ذلك عنهم ابن حزم وغيرُه. ولهذا كان أبو حنيفة والشافعي وغيرهما يقبلون شهادة أهل الأهواء، إلا الخطابية([20])، ويُصحِّحُون الصلاة خلفهم، والكافِرُ لا تُقبَل شهادَتُه على المسلمين، ولا يُصلَّى خلفَه.

وقالوا: هذا هو القول المعروف عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان وأئمة الدين: أنهم لا يكفرون ولا يُفسِّقُون ولا يُؤَثِّمُون أحدًا من المجتهدين المخطئين، لا في مسألة عملية ولا علمية)([21]).

وقال ابن مفلح: (وذكر جماعة في خبر غير الداعية روايات: الثالثة إن كانت مفسقة قُبِل، وإن كانت مُكفِّرَةً رُدَّ، وسبقت المسألة في البغاة، واختار شيخنا: لا ‌يفسق أحد، وقاله القاضي في «شرح الخرقي» في المقلد كالفروع؛ لأن التفرقة بينهما ليست من أئمة الإسلام، ولا تصح، وإن نهى الإمام أحمد عن الأخذ عنهم لعلة الهجر، وهي تختلف، ولهذا لم يرو الخلال عن قوم لنهي المروذي، ثم روى عنهم بعد موته)([22]).

فعلم مما تقدّم عدم صحة نسبة القول بتفسيق الداعية إلى البدع إلى شيخ الإسلام ابن تيمية، وخطأ من قال إن ابن تيمية عنى بقوله: (أنتم لا تكفُرُون عندي لأنكم جُهَّال) أي: ولكنكم تفسقون.

وقد نبّه شيخ الإسلام أن ردّ شهادة المبتدع الداعية وروايته الذي ذهب إليه أكثر أهل الحديث([23]) إنما هو من باب هجران المبتدع الذي تُعتَبَر فيه المصلحة والضرورة وغير ذلك، وهو من باب العقوبات الشرعية، وبَيَّن أنَّهُ ليس مُلازمًا للتَّفسِيق.

قال رحمه الله: (وتنازَعُوا في شهادة سائر أهل الأهواء هل تقبل مطلقًا، أو تُرَدُّ مُطلقًا، أو تُرَدُّ شهادة الداعية إلى البدع؟ وهذا القول الثالث هو الغالب على أهل الحديث، لا يرَون الرواية عن الداعية إلى البدع، ولا شهادَتَه.

ولهذا لم يكن في كُتُبِهم الأمهات -كالصحاح، والسنن، والمسانيد- الرواية عن المشهورين بالدعاء إلى البدع، وإن كان فيها الرواية عمن فيه نوع من بدعة كالخوارج والشيعة والمرجئة والقدرية.

وذلك لأنهم لم يدَعُوا الرواية عن هؤلاء للفِسق كما يظنُّه بعضُهم، ولكن من أظهر بدعَتَه وجَب الإنكارُ عليه بخلاف من أخفاها وكتَمَها، وإذا وجب الإنكار عليه كان من ذلك أن يهجر حتى ينتهي عن إظهار بدعته، ومِن هجرِه أن لا يُؤخذ عنه العلم، ولا يستشهد.

وكذلك تنازعَ الفُقَهاء في الصلاة خلفَ أهل الأهواء والفُجُور، منهم من أطلق الإذن، ومنهم من أطلق المنع. والتَّحقيقُ أن الصلاة خلفهم لا يُنهى عنها لبطلان صلاتهم في نفسها، لكن لأنهم إذا أظهروا المنكر استحقُّوا أن يهجَروا، وأن لا يقدَّموا في الصلاة على المسلمين، ومِن هذا الباب تركُ عيادتهم وتشييعِ جنائزهم، كل هذا من باب الهجر المشروع في إنكار المنكر للنهي عنه.

وإذا عُرِفَ أنَّ هذا هو من باب العقوبات الشرعية علِم أنه يختلف باختلاف الأحوال من قلة البدعة وكثرتها، وظهور السنة وخفائها، وأن المشروع قد يكون هو التأليف تارة، والهجران أخرى(([24]).

ونقل ابن مفلح عن شيخ الإسلام أيضًا قولَه: (والواجب أن روايته وشهادته واحدة، وفي روايته الخلاف المسطور في أصول الفقه، ومأخَذُ ردِّ شهادَتِه إنما هو استحقاقه الهجران، وعلى هذا فينبغي قَبول شهادته حيث لا يهجر، إما للغَلَبة وإما للتألُّف.

وتُقبَلُ عندَ الضَّرُورة كما قبلنا شهادة الكتابيّ على المسلم عند الضرورة وأولى، فإنّ من كان من أصله قبول شهادة الكافر على المسلم للحاجة فقبول شهادة المبتدع للحاجة أولى، وكذلك شهادة النساء، وكذلك شهادة بعض الفساق كما كتبته في موضع آخر.

 وهذا هو الاقتصاد في هذا الباب، فإنه إذا كثر أهل البدعة في مكان بحيث يلزم من رد شهادتهم فتنة وتعطيل الحقوق لم يُهجَرُوا، بل يُتأَلَّفُوا، وأما إذا كانوا مقهورين بحيث يُهجَرُون لم تقبل شهادَتُهم.

ولو قيل في الإمامة أيضًا مثل ذلك لتوجَّه كما في علم الحديث، والفرق بين الاضطرار والاختيار وبين القدرة والعجز أصلٌ عظيمٌ)([25]).

قال ابن مفلح: (قد عُرِف مما تقدَّم أنه هل تُقبل شهادة من كفر أو فسق ببدعة أم لا؟ تُقبل، أو تُقبل مع الفسق خاصة، أو تُقبل إذا لم يكن داعية، أو تُقبل مع الحاجة والمصلحة خاصَّة، فيه أقوال)([26]).

وأما نسبة القول بالتفسيق لابن القيم بناء على قوله: (‌و‌‌فسقُ ‌الاعتقاد: كفسق أهل البدع الذين يؤمنون بالله ورسوله واليوم الآخر، ويحرِّمون ما حرَّم الله، ويوجبون ما أوجب الله؛ ولكن ينفُون كثيرًا ممّا أثبت الله ورسوله جهلًا وتأويلًا وتقليدًا للشُّيوخ، ويُثبتون ما لم يثبته الله ورسوله كذلك. وهؤلاء كالخوارج المارقة، وكثيرٍ من الرَّوافض والقدريَّة والمعتزلة، وكثيرٍ من الجهميَّة الذين ليسوا غلاةً في التَّجهُّم. وأمّا غاليَةُ الجهميَّة فكغلاة الرَّافضة، ليس للطَّائفتين في الإسلام نصيبٌ. ولذلك أخرجهم جماعةٌ من السّلف من الثِّنتين وسبعين فرقةً، وقالوا: هم مباينون للملَّة)([27]).

فهذا كله إنما هو في المفرّطين من أهل البدع في التعلُّم ونحوهم، ويوضِّح ذلك قول الإمام ابن القيم: (فأمَّا أهلُ البدع الموافقون على أصل الإسلام، ولكنَّهم مختلفون في بعض الأصول -كالرَّافضة والقدرية والجهمية وغلاة المرجئة ونحوهم- فهؤلاء أقسام:

أحدُها: الجاهل المقلِّد الَّذي لا بصيرة له، فهذا لا يكفر ولا يفسق، ولا تردّ شهادته، إذا لم يكن قادرًا على تعلّم الهدى، وحكمه حكم المستضعفين من الرَّجال والنساء والولدان الَّذين لا يستطيعون حيلةً ولا يهتدون سبيلًا، فأولئك عسى الله أن يعفوَ عنهم، وكان الله عفوًّا غفورًا.

القسمُ الثاني: مُتمَكِّنٌ من السؤال وطلبِ الهدايَةِ ومعرفةِ الحقِّ، ولكن يَترُك ذلك اشتغالًا بدُنياه ورياسته ولذَّتِه ومعاشِه وغير ذلك، فهذا مُفرِّطٌ مستحق للوعيد، آثمٌ بترك ما وجبَ عليه من تقوى الله بحسب استطاعته، فهذا حكمُه حكم أمثاله من تاركي بعض الواجبات، فإن غلبَ ما فيه من البدعة والهوى على ما فيه من السنة والهدى ردت شهادته، وإن غلبَ ما فيه من السنَّة والهدى قبلت شهادته.

القسمُ الثالث: أن يَسأل ويَطلب، ويتبيَّنَ لهُ الهدى، ويتركُه تقليدًا وتعصبًا، أو بغضًا أو معاداة لأصحابه، فهذا أقل درجاته أن يكون فاسقًا، وتكفيرُه محلُّ اجتهاد وتفصيل.

فإن كان معلنًا داعية ردّت شهادته وفتاويه وأحكامه، مع القدرة على ذلك، ولم تقبل له شهادة ولا فتوى ولا حكم إلَّا عند الضرورة، كحال غلبة هؤلاء واستيلائهم وكون القضاة والمفتين والشهود منهم، ففي ردِّ شهادتهم وأحكامهم إذ ذاك فسادٌ كثير، ولا يمكن ذلك، فتقبل للضرورة..)([28]).

فتأَمَّل كيفَ قيَّدَ تفسيقَ الداعية إلى البدع أو تكفيرَه بقيد تبيُّن الهدى والتفريط، وهذا ينفي عنه مانع الجهل والعجز كما في القسمين الثاني والثالث، وأما مع الجهل والعجز فلا تفسيق ولا تكفير كما بينه في القسم الأول.

وعلى التسليم الجدلي بأن ابن القيم يفسّق الداعية ولو مع الجهل والخطأ، فإن البحث إنما هو في مذهب شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية، ولا يلزم أن يكون قولهما واحدًا في كل شيء([29])، ولا يصح أن يُنسَب إلى ابن تيمية القولُ بتفسيق المبتدع الداعية بقول تلميذه، لا سيما ونصّ ابن تيمية على عدم التفسيق للمجتهد المخطئ في الأصول والفروع، وهو ما حرره عنه أيضًا تلميذه ابن مفلح، رحمهم الله جميعًا.

وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

ــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) «الاستغاثة في الردّ على البكري» (ص: 253).

([2]) انظر: «الإقناع» (4/ 433)، وشرحه «كشاف القناع» (15/ 290)، و«منتهى الإرادات» (5/ 361)، و«شرحه» (11/ 436)، و«غاية المنتهى» (2/ 638)، و«حاشية ابن قاسم على الروض المربع» (7/ 598).

([3]) «التحرير» (ص: 331).

([4]) نقله في «الفروع» (11/ 340-341)، وفي «الإنصاف» (29/ 347).

([5]) «التنقيح المشبع» (ص: 497).

([6]) «شرح منتهى الإرادات» (11/ 436)، ونقله الخلوتي في «حاشيته على المنتهى» (7/ 249).

([7]) ذكر هذه الرواية المرداوي في «الإنصاف» (29/ 346)، وانظر: «طبقات الحنابلة» (1/ 114).

([8]) «مجموع الفتاوى» (12/ 448-449).

([9]) «الإنصاف» (29/ 345-346).

([10]) «ذيل طبقات الحنابلة» (3/ 329).

([11]) «مجموع الفتاوى» (12/ 487).

([12]) جعل منقّح المذهب الحنبلي الإمام المرداوي المسألة على روايتين، وقد تقدم أن ذلك محل نظر عند ابن تيمية، وأنه يحمل المنقول عن الإمام أحمد بالتكفير على من تحققت فيه شروط التكفير وانتفت عنه موانعه، والعكس بالعكس.

([13]) «التحرير في أصول الفقه» (ص: 331).

([14]) «بيان تلبيس الجهمية» (2/ 73-74).

([15]) «بيان تلبيس الجهمية» (1/ 10).

([16]) «مجموع الفتاوى» (7/ 507-508 ) .

([17]) «الفروع» (10/ 182).

([18]) انظر «الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية لدى تلاميذه» (الهامش) (2/ 884).

([19]) «مجموع الفتاوى» (12/ 449-451).

([20]) قال الشافعي كما في «مختصر المزني» (2/ 672): (ولا أرد شهادة الرجل من ‌أهل ‌الأهواء إذا كان لا يرى أن يشهد لموافقه بتصديقه وقبول يمينه، ولَشَهَادَةُ من يرى كذبه شركًا بالله ومعصية تجب بها النار أولى أن تطيب النفس بقبولها بشهادة من يخفف المأثم فيها). وانظر: «الكفاية في معرفة أصول علم الحديث» للخطيب البغدادي (1/ 312-313)، «المجموع شرح المهذب» للنووي (4/ 253-254)، و«كفاية النبيه في شرح التنبيه» لابن الرفعة (19/ 137-142).

([21]) «منهاج السنة النبوية» (5/ 87)، وانظر: «المسائل الماردينية» (ص: 151).

([22]) «الفروع» (10/ 182). وانظر: «غاية المنتهى» (2/ 638).

([23]) كذا نسبه ابن الصلاح للأكثر، وحكى ابن حبان عليه الاتفاق. انظر: «شرح التبصرة والتذكرة» للعراقي (1/ 358).

([24]) «منهاج السنة النبوية» (1/ 62-64).

([25]) «النكت والفوائد السنية» (2/ 304).

([26]) «النكت والفوائد السنية» (2/ 305).

([27]) «مدارج السالكين» (1/ 557).

([28]) «الطرق الحكمية في السياسة الشرعية» (ص: 464-465).

([29]) وكثيرًا ما عيَّر المبتدعة -كما في «صفعات البرهان» للكوثري- ابن القيم بمتابعته لشيخه، وهذا من عدم درايتهم بأصالة طرحه.

التعليقات مغلقة.

جديد سلف

إرث الجهم والجهميّة .. قراءة في الإعلاء المعاصر للفكر الجهمي ومحاولات توظيفه

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: إذا كان لكلِّ ساقطة لاقطة، ولكل سلعة كاسدة يومًا سوقٌ؛ فإن ريح (الجهم) ساقطة وجدت لها لاقطة، مستفيدة منها ومستمدّة، ورافعة لها ومُعليَة، وفي زماننا الحاضر نجد محاولاتِ بعثٍ لأفكارٍ منبوذة ضالّة تواترت جهود السلف على ذمّها وقدحها، والحط منها ومن معتنقها وناشرها([1]). وقد يتعجَّب البعض أَنَّى لهذا […]

شبهات العقلانيين حول حديث: (إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: لا يزال العقلانيون يحكِّمون كلامَ الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم إلى عقولهم القاصرة، فينكِرون بذلك السنةَ النبوية ويردُّونها، ومن جملة تشغيباتهم في ذلك شبهاتُهم المثارَة حول حديث: «الشيطان يجري في ابن آدم مجرى الدم» الذي يعتبرونه مجردَ مجاز أو رمزية للإشارة إلى سُرعة وقوع الإنسان في الهوى […]

شُبهة في فهم حديث الثقلين.. وهل ترك أهل السنة العترة واتَّبعوا الأئمة الأربعة؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة حديث الثقلين يعتبر من أهمّ سرديات الخطاب الديني عند الشيعة بكافّة طوائفهم، وهو حديث معروف عند أهل العلم، تمسَّك بها طوائف الشيعة وفق عادة تلك الطوائف من الاجتزاء في فهم الإسلام، وعدم قراءة الإسلام قراءة صحيحة وفق منظورٍ شمولي. ولقد ورد الحديث بعدد من الألفاظ، أصحها ما رواه مسلم […]

المهدي بين الحقيقة والخرافة والرد على دعاوى المشككين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدمة: صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا، لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ»([1]). ومن رحمته صلى الله عليه وسلم بالأمه أنه أخبر بأمور كثيرة واقعة بعده، وهي من الغيب الذي أطلعه الله عليه، وهو صلى الله عليه وسلم لا […]

قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لو كان الإيمان منوطًا بالثريا، لتناوله رجال من فارس) شبهة وجواب

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  يقول بعض المنتصرين لإيران: لا إشكالَ عند أحدٍ من أهل العلم أنّ العربَ وغيرَهم من المسلمين في عصرنا قد أعرَضوا وتولَّوا عن الإسلام، وبذلك يكون وقع فعلُ الشرط: {وَإِن تَتَوَلَّوْاْ}، ويبقى جوابه، وهو الوعد الإلهيُّ باستبدال الفرس بهم، كما لا إشكال عند المنصفين أن هذا الوعدَ الإلهيَّ بدأ يتحقَّق([1]). […]

دعوى العلمانيين أن علماء الإسلام يكفرون العباقرة والمفكرين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة عرفت الحضارة الإسلامية ازدهارًا كبيرًا في كافة الأصعدة العلمية والاجتماعية والثقافية والفكرية، ولقد كان للإسلام اللبنة الأولى لهذه الانطلاقة من خلال مبادئه التي تحثّ على العلم والمعرفة والتفكر في الكون، والعمل إلى آخر نفَسٍ للإنسان، حتى أوصى الإنسان أنَّه إذا قامت عليه الساعة وفي يده فسيلة فليغرسها. ولقد كان […]

حديث: «إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ» شبهة ونقاش

من أكثر الإشكالات التي يمكن أن تؤثِّرَ على الشباب وتفكيرهم: الشبهات المتعلِّقة بالغيب والقدر، فهما بابان مهمّان يحرص أعداء الدين على الدخول منهما إلى قلوب المسلمين وعقولهم لزرع الشبهات التي كثيرًا ما تصادف هوى في النفس، فيتبعها فئام من المسلمين. وفي هذا المقال عرضٌ ونقاشٌ لشبهة واردة على حديثٍ من أحاديث النبي صلى الله عليه […]

آثار الحداثة على العقيدة والأخلاق

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الفكر الحداثي مذهبٌ غربيّ معاصر دخيل على الإسلام، والحداثة تعني: (محاولة الإنسان المعاصر رفض النَّمطِ الحضاري القائم، والنظامِ المعرفي الموروث، واستبدال نمطٍ جديد مُعَلْمَن تصوغه حصيلةٌ من المذاهب والفلسفات الأوروبية المادية الحديثة به على كافة الأصعدة؛ الفنية والأدبية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والفكرية…)([1]). ومما جاء أيضا في تعريفه: (محاولة […]

الإيمان بالغيب عاصم من وحل المادية (أهمية الإيمان بالغيب في العصر المادي)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: يعيش إنسان اليوم بين أحد رجلين: رجل تغمره الطمأنينة واليقين، ورجل ترهقه الحيرة والقلق والشكّ؛ نعم هذا هو الحال، ولا يكاد يخرج عن هذا أحد؛ فالأول هو الذي آمن بالغيب وآمن بالله ربا؛ فعرف الحقائق الوجوديّة الكبرى، وأدرك من أين جاء؟ ومن أوجده؟ ولماذا؟ وإلى أين المنتهى؟ بينما […]

مناقشة دعوى الإجماع على منع الخروج عن المذاهب الأربعة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من بعث رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فإن طريقة التعامل مع اختلاف أهل العلم بَيَّنَها الله تعالى بقوله: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ ‌أَطِيعُواْ ‌ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ […]

بدعية المولد .. بين الصوفية والوهابية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدّمة: من الأمور المقرَّرة في دين الإسلام أن العبادات مبناها على الشرع والاتباع، لا على الهوى والابتداع، فإنَّ الإسلام مبني على أصلين: أحدهما: أن نعبد الله وحده لا شريك له، والثاني أن نعبده بما شرعه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، فالأصل في العبادات المنع والتوقيف. عَنْ عَلِيٍّ […]

الخرافات وأبواب الابتداع 

[ليس معقولاً، لا نقلاً، ولا عقلاً، إطلاق لفظ «السُّنَّة» على كل شيء لم يذكر فيه نص صريح من القرآن أو السنة، أو سار عليه إجماع الأمة كلها، في مشارق الأرض ومغاربها]. ومصيبة كبرى أن تستمر التهم المعلبة،كوهابي ، وأحد النابتة ، وضال، ومنحرف، ومبتدع وما هو أشنع من ذلك، على كل من ينادي بالتزام سنة […]

ترجمة الشَّيخ د. علي ناصر فقيهي

‏‏للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة ترجمة الشَّيخ د. علي ناصر فقيهي([1]) اسمه ونسبه: هو الشَّيخ الأستاذ الدكتور علي بن محمد بن ناصر آل حامض الفقيهي. مولده: كان مسقط رأسه في جنوب المملكة العربية السعودية، وتحديدا بقرية المنجارة التابعة لمحافظة أحد المسارحة، إحدى محافظات منطقة جيزان، عام 1354هـ. نشأته العلمية: نشأ الشيخ في مدينة جيزان […]

مناقشة دعوَى أنّ مشركِي العرب جحدوا الربوبية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: اعتَمَد بعضُ الأشاعرةِ في العصور الحديثةِ على مخالفة البدهيات الشرعية، وتوصَّلوا إلى نتائج لم يقل بها سلفُهم من علماء الأشعرية؛ وذلك لأنهم لما نظروا في أدلة ابن تيمية ومنطلقاته الفكرية وعرفوا قوتها وصلابتها، وأن طرد هذه الأصول والتزامَها تهدم ما لديهم من بدعٍ، لم يكن هناك بُدّ من […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017