الأربعاء - 22 شوّال 1445 هـ - 01 مايو 2024 م

حكم المبتَدِع الداعية عند شيخ الإسلام ابن تيمية.. وهل انفرد به عن سائر الحنابلة؟

A A

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة

مِن مقولاتِ شيخِ الإسلام ابن تيمية التي استُشكِلت مقولةٌ في مسائل الأسماء والأحكام في كتابه (الرد على البكري) بشأن مناظريه من مبتدعة زمانه الذين امتحنوه في قوله في الصفات، وأصابه منهم الأذى والضَّرر، وضيَّقوا عليه بالحبس والتهديد والوعيد، وهي مقولة: (أنتم لا تكفُرُون عندي لأنكم جُهَّال).

وقد استُشكِلَت هذه المقولةُ بمخالفتها لمشهور مذهب الإمام أحمد، وقد قِيل أيضًا -بناء على ذلك-: إنه انفرَد بها عن سائر الحنابلة.

ولا يخفى أنَّ ضبطَ تأصيلاتِ أهل العلم في مسائِلِ الأسماءِ والأحكَام خيرُ ما يُعتَصَم به في اجتنابِ مسالك الزيغ والانحراف، ومذاهبِ الغلوّ والتفريط، ولذا نتناول هنا تلك المقولةَ ببيان مأخذها في التفريق بين النوع والأعيان في الحكم، وبيان طريقة تفقّه شيخ الإسلام في نصوص الإمام أحمد، والجمع بين رواياته.

ثم نبين موافقة قول شيخ الإسلام: (أنتم لا تكفُرُون عندي لأنكم جُهَّال) لقول عدد من علماء الحنابلة القائلين بعدم تكفير الداعية المجتهد من أهل الأهواء، وهي الرواية الأخرى في المذهب، على طريقة من يجعل المسألة على روايتين.

ثم نختم الكلام ببحث مذهب شيخ الإسلام في مسألة تفسيق المبتدع الداعية.

 أولًا: هل خالف ابن تيمية بقوله: (أنتم لا تكفُرُون عندي لأنكم جهال) مشهورَ مذهب الحنابلة؟

المقولة المستشكلَةُ التي بين أيدينا هي قول شيخ الإسلام ابن تيمية في (الاستغاثة في الرد على البكري): (ولهذا كنتُ أقولُ للجهمية من الحُلُولية والنفاة الذين نفَوا أن يكُون الله تعالى فوق العرش لما وقَعت محنتهم: أن لو وافقتكم كنت كافِرًا؛ لأني أعلم أن قولكم كفر، وأنتُم عندي لا تكفُرون لأنَّكم جُهَّال، وكان هذا خطابًا لعُلمائهم وقُضَاتهم وشُيوخهم وأُمرائهم)([1]).

فقد قيل في كلام الشيخ هنا: إنه مخالف لمشهور مذهب الحنابلة، فإنَّ الصحيح من المذهب تكفيرُ المجتهد الداعي إلى القول بخلق القرآن أو نفي الرؤية أو الرفض ونحو ذلك، وتفسيقُ المقلد.

ولا ريب في أن القول بتكفير الداعية وتفسيق المقلد هو مشهور مذهب الحنابلة، كما قرره صاحب (المحرر) الشيخ الإمام المجد ابن تيمية استنادًا إلى نصوص الإمام أحمد، ثم أطبقت كتبهم المعتمدة على ذلك كـ(المنتهى) و(الإقناع) وشرحيهما و(الغاية) و(الروض) وغيرها([2])، قال المرداوي: (والأشهر عن أحمد وأصحابه: يكفر الداعية)([3]).

ونصُّ المجد ابن تيمية: (الصحيحُ أنَّ كل بدعة كفَّرنَا فيها الداعية فإنَّا نُفَسِّقُ المُقَلِّد فيها كَمَن يقول بخلق القرآن، أو أن علم الله مخلوق، أو أن أسماءه مخلوقة، أو أنه لا يُرى في الآخرة، أو يسب الصحابة تديُّنًا، أو يقول: إن الإيمان مُجرَّد الاعتقاد، وما أشبه ذلك. فمن كان في شيءٍ من هذه البِدَع يدعُو إليه، ويُناظِر عليه؛ فهو محكومٌ بكُفره، نصَّ أحمد على ذلك في مواضع)([4]).

قال المرداوي: (فلو قَلَّد في خلق القرآن، أو نفي الرُّؤية والرَّفض والتجهُّم ونحوه؛ فسق، ويكفر مجتهدُهم ‌الداعية نصًّا)([5]).

وقال ابن النجّار في تفسير التجهم المكفَّر به: (والجهمية: هم الذين يعتَقِدُون أن اللهَ ليس بمُستَوٍ على عرشِه، وأنَّ القرآن المكتوب في المصاحف ليسَ بكلامِ الله سبحانه وتعالى، بل هو عبارة عنه)([6]).

لكن ليس في نصوص الإمام أحمد ما ينفي أن يكون كلامُهُ في المجتهد أو الداعية الذي تحقَّقت فيه شروط التكفير وانتفت موانعه، فتكون الحجّة قد أقيمت عليه، أو بعبارةٍ أخرى: لا مانع أن يكون التفريق المذكور بين الداعية والمقلد إنما هو في النوع لا في الأعيان، إذ ليس في كلام الإمام أحمد وأصحابه مؤاخذة المخطئ والجاهل.

وإذا ثبت هذا فلا معارضة بين ما ذكره شيخ الإسلام في (الرد على البكري) بقوله: (أنتم لا تكفُرُون عندي لأنكم جهال) وبين نصوص الإمام أحمد التي استُنِدَ إليها في تكفيرِ الداعِيَة، مثل قوله في من يقول: القرآن مخلوق: (كنتُ لا أُكَفِّرُه حتى قرأتُ: {أنزَلَهُ بعلمِهِ} وغيرها، فمن زعم أنَّهُ لا يدري، علم الله مخلوق أو لا؟ كفَر)([7]).

وبيان ذلك: أن الذين لم يُكفِّرهم ابنُ تيمية بقوله: (أنتم لا تكفُرُون عندي لأنكم جهال) لم تتحقَّق فيهم الشروط وتنتف عنهم الموانع، ونصوص الإمام أحمد التي استُنِدَ إليها في تكفيرِ المُبتدع الداعية إنما هي نصوص عامة، وتكفير العام لا يستلزم تكفير المعين.

فإن قيل: إن الرواية المشهورة عن الإمام أحمد في تكفير الداعية تتناول النوع والعين، فما الدليل على تخصيصِها بالداعية الذي تحققت فيه شروط التكفير وانتفت موانعه؟

فجواب ذلك ما قاله شيخ الإسلام في الاستدلال على التفريق بين تكفير العام والمعيّن من تطبيقات الإمام أحمد وكلامه في التعامل مع الدعاة إلى بدعة القول بخلق القرآن، بل المُعاقِبين عليها: (الإمام أحمد وعامَّة الأئمة الذين أطلَقُوا هذه العُمُومات لم يُكفِّرُوا أكثرَ من تكلَّم بهذا الكلامِ بعينه. فإنَّ الإمامَ أحمدَ مثلًا قد باشر الجهمية الذين دَعَوْه إلى خلق القرآن ونفي الصفات، وامتحنُوه وسائرَ علماء وقتِه، وفتنُوا المؤمنين والمؤمنات الذين لم يوافِقُوهم على التجَهُّم بالضرب والحبس والقتل، والعزل عن الولايات، وقطع الأرزاق، وردِّ الشهادة، وترك تخليصهم من أيدي العدوِّ، بحيثُ كان كثير من أولي الأمر إذ ذاك من الجهمية من الولاة والقضاة وغيرهم يُكفِّرُون كلَّ من لم يكن جهميًّا موافِقًا لهم على نفي الصفات، مثل القول بخلق القرآن، ويحكمون فيه بحكمهم في الكافر، فلا يُولُّونه ولاية، ولا يفتكُّونَه من عدو، ولا يُعطُونه شيئًا من بيت المال، ولا يقبَلُون له شهادةً ولا فتيا ولا رواية، ويمتحِنُون الناس عند الولاية والشهادة والافتكاك من الأسر وغير ذلك. فمن أقرَّ بخلق القُرآن حكَمُوا له بالإيمان، ومن لم يُقِر به لم يحكموا له بحكم أهل الإيمان، ومن كان داعيًا إلى غير التجهُّم قتَلُوه أو ضربُوه وحبسوه.

ومعلومٌ أن هذا من أغلظِ التجهُّم، فإنَّ الدُّعاءَ إلى المقالة أعظمُ من قولِها، وإثابَةُ قائلها وعُقُوبة تاركها أعظمُ من مُجرَّد الدعاء إليها، والعقُوبَة بالقتل لقائِلِها أعظمُ من العقوبة بالضرب.

ثم إن الإمامَ أحمد دعَا للخليفة وغيرِه ممن ضربَه وحبَسه، واستغفَر لهم، وحَلَّلَهم مما فعلُوه به من الظلم والدعاء إلى القول الذي هو كفر، ولو كانُوا مُرتَدِّين عن الإسلام لم يجُز الاستغفارُ لهم، فإنَّ الاستغفار للكُفَّار لا يجُوز بالكتاب والسنة والإجماع.

وهذه الأقوالُ والأعمَال منه ومن غيره من الأئمة صريحةٌ في أنَّهم لم يُكفِّرُوا المعيَّنين من الجهمية الذين كانوا يقولُون: القُرآن مخلوقٌ، وإن الله لا يُرى في الآخرة.

وقد نُقِل عن أحمد ما يدُلُّ على أنَّهُ كفَّر به قومًا مُعيَّنِين، فإما أن يُذكَر عنهُ في المسألة روايتان؛ ففيه نظرٌ، أو يحمَل الأمرُ على التفصيل فيقال:

– من كفَّرَه بعينِه؛ فلقِيَام الدَّلِيل على أنَّه وجدت فيه شروط التكفيرِ، وانتَفَت موانِعه.

– ومن لم يُكفِّره بعينه؛ فلانتفاء ذلك في حقه.

هذا مع إطلاق قولِه بالتَّكفير على سبيلِ العموم)([8]).

ثانيًا: هل انفرد ابن تيمية بقوله: (أنتم لا تكفرون عندي لأنكم جهال) عن سائر الحنابلة؟

لو سلمنا أنَّ قولَ شيخ الإسلام: (أنتم لا تكفرون عندي لأنكم جهال) مُخالِف للرواية الأشهرِ في المذهب في تكفير المبتدع الداعية، ففي المذهبِ روايةٌ أخرى تقابلها بعدم التكفير، قال بها جمع من علماء الحنابلة.

قال المرداوي: (وعنه (أي: الإمام أحمد) فيه (أي: المبتدع المجتهد في خلق القرآن، ونفي الرؤية ونحوهما): لا يكفر، اختاره المصنف (ابن قدامة) فى رسالته إلى صاحب «التلخيص» (الفخر ابن تيمية)؛ لقول أحمد رحمه الله للمعتصم: يا أمير المؤمنين)([9]).

ونصُّ ابن قدامة الذي أشار إليه المرداوي: (ثم إن الإمامَ أحمدَ الذي هو من أشدُّ الناس على أهل البدع قد كان يقُول للمعتصم: يا أمير المؤمنين، ويرى طاعة الخلفاء الداعين إلى القول بخلق القرآن، وصلاة الجمع والأعياد خلفهم)([10]).

وحُجَّةُ ابن قدامة رحمه الله هي عين حجة ابن تيمية التي ذكرها في عدم تكفير جميع أعيان الجهميَّة، وكلام ابن تيمية المتقدّم إنما جاء في التعقيب على ما دار بين ابن قدامة والفخر ابن تيمية، حيث أشار لذلك بقوله: (تنازع المتأخرون من أصحابنا في تخليد المكفر من هؤلاء..)([11]).

وقد ذكر المرداوي غير ابن قدامة ممن ذهب إلى عدم التكفير فقال: (‌من ‌جَهِلَ ‌وجُود ‌الرب، أو علِم وجُودَه وفَعَلَ فعلًا أو قالَ قولًا لا يصدر إلا من كافر إجماعًا فكافر، ولا يكفر مبتدِعٌ غيرُه في روايةٍ([12]) اختارَها القاضي، وابنُ عقيل، وابنُ الجوزي، والموَفَّق، والأشعري وأصحابه)([13]).

وعليه فلا نسلِّم بانفرادِ ابن تيمية بقوله: (أنتم لا تكفُرُون عندي لأنكم جُهَّال) عن سائرِ عُلماء الحنابلة على تقدير صحة نسبة القول إليه بأنه لا يُكفِّرُ الجهمِيَّة وغيرهم من أهل البدع المغلَّظة، وقد تقدَّم أن مدار الأمر عنده على إقامة الحجة.

ولهذا فإنه قال: (فإن قال المتكلمون من الجهمية وغيرهم: فمن خالف ما علم بالضَّرُورة من الدِّين فهو كافر؟ قيل لهم: فلهذا كان السلف والأئمة مُطبِقين على تكفير الجهميَّة حين كان ظهورُ مخالفَتِهم للرسول صلى الله عليه وسلم مَشهورًا مَعلومًا بالاضطرار لعموم المسلمين، حتى قلَّ العلم بالإيمان فيما بعد، وصار يشتَبِهُ بعض ذلك على كثير ممن ليس بزنديق)([14]).

ومن ينسِبُ للسلف والأئمةِ الإطباقَ على تكفيرِ الجهمية لا يصحُّ أن يقال: إنه لا يكفر الجهمية بإطلاق، وإنما مدارُ الأمر عنده على تحقق الشروط وانتفاء الموانع.

فابن تيمية -كما تقدّم- يقرر أن من كفّره السلف والأئمة من الجهمية فإنما لتحقُّقِ الشروط وانتفاء الموانع في حقّه، والعكسُ بالعكس، ولهذا فإنه عندما لم يكفِّر أكابر مناظريه من أهل البدع، فلأنهم لم تقم عليهم الحجة الرسالية، ويبيِّن ذلك التعليلُ الذي ذكره بقوله: (وأنتُم عندي لا تكفُرون لأنَّكم جُهَّال).

وقد استدلَّ ابن تيمية لقوله بعدم تكفير أكابر مناظريه بتفريق السلف والأئمة بين الإطلاق والتعيين فقال: (كنتُ أقُول لأكابرهم: لو وافقتكم على ما تقولونه لكنتُ كافرًا مَريدًا؛ لعلمي بأن هذا كفر مُبين، وأنتم لا تكفُرُون لأنكم من أهل الجهل بحقائق الدين. ولهذا كان السلف والأئمة يُكفِّرُون الجهمية في الإطلاق والتعميم، وأما المعيَّن منهم فقد يدعُون له ويستغفرون له؛ لكونِهِ غيرَ عالمٍ بالصِّرَاط المُستقيم، وقد يكُون العلمُ والإيمان ظاهرًا لقومٍ دون آخرين، وفي بعض الأمكنة والأزمنة دون بعض بحسَبِ ظُهُور دِين المُرسلين)([15]).

وقال: (الإمام أحمد رحمه الله لم يُكفِّر أعيان الجهمية، ولا كل من قال: إنه جهمي كفَّره، ولا كل من وافق الجهمية في بعضِ بِدَعِهم، بل صلى خلف الجهمية الذين دَعَوا إلى قولهم، وامتحنوا الناس، وعاقبوا من لم يوافقهم بالعقوبات الغليظة؛ لم يكفرهم أحمد وأمثاله، بل كان يعتقد إيمانهم وإمامتهم، ويدعو لهم، ويرى الائتمام بهم في الصلوات خلفهم، والحج والغزو معهم، والمنع من الخروج عليهم ما يراه لأمثالهم من الأئمة، وينكر ما أحدثوا من القول الباطل الذي هو كفر عظيم، وإن لم يعلموا هم أنه كفر، وكان ينكره ويجاهدهم على رده بحسب الإمكان، فيجمع بين طاعة الله ورسوله في إظهار السنة والدين وإنكار بدع الجهمية الملحدين، وبين رعاية حقوق المؤمنين من الأئمة والأمة، وإن كانوا جُهَّالًا مُبتَدِعين، وظلمة فاسقين)([16]).

وقال ابن مفلح في كتاب الردة من (الفروع): (وقال شيخنا -يعني ابن تيمية-: نصوصُه -يعني الإمام أحمد- صريحةٌ على عدم كفر الخوارج والقدرية والمرجئة وغيرهم، وإنَّمَا كَفَّر الجهمية لا أعيانَهُم، قال: وطائفةٌ تحكي عنه روايتين في تكفير أهل البدع مُطلقًا، حتى المُرجئة والشيعة المُفضِّلة لعلي. قال: ومذاهب الأئمة أحمد وغيره مبنية على التفصيل بين النوع والعين)([17]).

قال ابن قندس في «حاشيته على الفروع»: (أي: أنه يكفر الجهمية من غير تعيين الأشخاص، فيقول مثلًا للجهمية: كفار، ولا يقول: فلان الجهمي كافر. وهذا معنى قول المصنف: (لا أعيانهم) أي: لا يُكفِّر الأشخاص المعينة)([18]). أي: قبل إقامة الحجة.

وهذا التفريق بين النوع والأعيان بناه شيخ الإسلام ابن تيمية على أدلة الكتاب والسنة والإجماع الدالة على إعذار الجاهل والمخطئ([19])، ولم يُرِد بالعندِيَّة في قوله: (وأنتُم عندي لا تكفُرون..) أن ما يقوله في المسألة اختيار خاصٌّ به شذَّ به عن الأئمة في ذلك من الحنابلة وغيرهم، فهذا تحميل لكلامه ما لا يحتمله، بل ما مقصوده على نقيضه وخلافه.

ثالثًا: هل يقول ابن تيمية بتفسيق المبتدع الداعية؟

يقول شيخ الإسلام: (وأما غير أهل الكلام فيقول: هذا قولُ السلف وأئمة الفتوى، كأبي حنيفة والشافعي والثوري وداود بن علي وغيرهم: لا يُؤَثِّمُون مُجتهدًا مخطئًا، لا في المسائل الأصولية ولا في الفروعية، كما ذكر ذلك عنهم ابن حزم وغيرُه. ولهذا كان أبو حنيفة والشافعي وغيرهما يقبلون شهادة أهل الأهواء، إلا الخطابية([20])، ويُصحِّحُون الصلاة خلفهم، والكافِرُ لا تُقبَل شهادَتُه على المسلمين، ولا يُصلَّى خلفَه.

وقالوا: هذا هو القول المعروف عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان وأئمة الدين: أنهم لا يكفرون ولا يُفسِّقُون ولا يُؤَثِّمُون أحدًا من المجتهدين المخطئين، لا في مسألة عملية ولا علمية)([21]).

وقال ابن مفلح: (وذكر جماعة في خبر غير الداعية روايات: الثالثة إن كانت مفسقة قُبِل، وإن كانت مُكفِّرَةً رُدَّ، وسبقت المسألة في البغاة، واختار شيخنا: لا ‌يفسق أحد، وقاله القاضي في «شرح الخرقي» في المقلد كالفروع؛ لأن التفرقة بينهما ليست من أئمة الإسلام، ولا تصح، وإن نهى الإمام أحمد عن الأخذ عنهم لعلة الهجر، وهي تختلف، ولهذا لم يرو الخلال عن قوم لنهي المروذي، ثم روى عنهم بعد موته)([22]).

فعلم مما تقدّم عدم صحة نسبة القول بتفسيق الداعية إلى البدع إلى شيخ الإسلام ابن تيمية، وخطأ من قال إن ابن تيمية عنى بقوله: (أنتم لا تكفُرُون عندي لأنكم جُهَّال) أي: ولكنكم تفسقون.

وقد نبّه شيخ الإسلام أن ردّ شهادة المبتدع الداعية وروايته الذي ذهب إليه أكثر أهل الحديث([23]) إنما هو من باب هجران المبتدع الذي تُعتَبَر فيه المصلحة والضرورة وغير ذلك، وهو من باب العقوبات الشرعية، وبَيَّن أنَّهُ ليس مُلازمًا للتَّفسِيق.

قال رحمه الله: (وتنازَعُوا في شهادة سائر أهل الأهواء هل تقبل مطلقًا، أو تُرَدُّ مُطلقًا، أو تُرَدُّ شهادة الداعية إلى البدع؟ وهذا القول الثالث هو الغالب على أهل الحديث، لا يرَون الرواية عن الداعية إلى البدع، ولا شهادَتَه.

ولهذا لم يكن في كُتُبِهم الأمهات -كالصحاح، والسنن، والمسانيد- الرواية عن المشهورين بالدعاء إلى البدع، وإن كان فيها الرواية عمن فيه نوع من بدعة كالخوارج والشيعة والمرجئة والقدرية.

وذلك لأنهم لم يدَعُوا الرواية عن هؤلاء للفِسق كما يظنُّه بعضُهم، ولكن من أظهر بدعَتَه وجَب الإنكارُ عليه بخلاف من أخفاها وكتَمَها، وإذا وجب الإنكار عليه كان من ذلك أن يهجر حتى ينتهي عن إظهار بدعته، ومِن هجرِه أن لا يُؤخذ عنه العلم، ولا يستشهد.

وكذلك تنازعَ الفُقَهاء في الصلاة خلفَ أهل الأهواء والفُجُور، منهم من أطلق الإذن، ومنهم من أطلق المنع. والتَّحقيقُ أن الصلاة خلفهم لا يُنهى عنها لبطلان صلاتهم في نفسها، لكن لأنهم إذا أظهروا المنكر استحقُّوا أن يهجَروا، وأن لا يقدَّموا في الصلاة على المسلمين، ومِن هذا الباب تركُ عيادتهم وتشييعِ جنائزهم، كل هذا من باب الهجر المشروع في إنكار المنكر للنهي عنه.

وإذا عُرِفَ أنَّ هذا هو من باب العقوبات الشرعية علِم أنه يختلف باختلاف الأحوال من قلة البدعة وكثرتها، وظهور السنة وخفائها، وأن المشروع قد يكون هو التأليف تارة، والهجران أخرى(([24]).

ونقل ابن مفلح عن شيخ الإسلام أيضًا قولَه: (والواجب أن روايته وشهادته واحدة، وفي روايته الخلاف المسطور في أصول الفقه، ومأخَذُ ردِّ شهادَتِه إنما هو استحقاقه الهجران، وعلى هذا فينبغي قَبول شهادته حيث لا يهجر، إما للغَلَبة وإما للتألُّف.

وتُقبَلُ عندَ الضَّرُورة كما قبلنا شهادة الكتابيّ على المسلم عند الضرورة وأولى، فإنّ من كان من أصله قبول شهادة الكافر على المسلم للحاجة فقبول شهادة المبتدع للحاجة أولى، وكذلك شهادة النساء، وكذلك شهادة بعض الفساق كما كتبته في موضع آخر.

 وهذا هو الاقتصاد في هذا الباب، فإنه إذا كثر أهل البدعة في مكان بحيث يلزم من رد شهادتهم فتنة وتعطيل الحقوق لم يُهجَرُوا، بل يُتأَلَّفُوا، وأما إذا كانوا مقهورين بحيث يُهجَرُون لم تقبل شهادَتُهم.

ولو قيل في الإمامة أيضًا مثل ذلك لتوجَّه كما في علم الحديث، والفرق بين الاضطرار والاختيار وبين القدرة والعجز أصلٌ عظيمٌ)([25]).

قال ابن مفلح: (قد عُرِف مما تقدَّم أنه هل تُقبل شهادة من كفر أو فسق ببدعة أم لا؟ تُقبل، أو تُقبل مع الفسق خاصة، أو تُقبل إذا لم يكن داعية، أو تُقبل مع الحاجة والمصلحة خاصَّة، فيه أقوال)([26]).

وأما نسبة القول بالتفسيق لابن القيم بناء على قوله: (‌و‌‌فسقُ ‌الاعتقاد: كفسق أهل البدع الذين يؤمنون بالله ورسوله واليوم الآخر، ويحرِّمون ما حرَّم الله، ويوجبون ما أوجب الله؛ ولكن ينفُون كثيرًا ممّا أثبت الله ورسوله جهلًا وتأويلًا وتقليدًا للشُّيوخ، ويُثبتون ما لم يثبته الله ورسوله كذلك. وهؤلاء كالخوارج المارقة، وكثيرٍ من الرَّوافض والقدريَّة والمعتزلة، وكثيرٍ من الجهميَّة الذين ليسوا غلاةً في التَّجهُّم. وأمّا غاليَةُ الجهميَّة فكغلاة الرَّافضة، ليس للطَّائفتين في الإسلام نصيبٌ. ولذلك أخرجهم جماعةٌ من السّلف من الثِّنتين وسبعين فرقةً، وقالوا: هم مباينون للملَّة)([27]).

فهذا كله إنما هو في المفرّطين من أهل البدع في التعلُّم ونحوهم، ويوضِّح ذلك قول الإمام ابن القيم: (فأمَّا أهلُ البدع الموافقون على أصل الإسلام، ولكنَّهم مختلفون في بعض الأصول -كالرَّافضة والقدرية والجهمية وغلاة المرجئة ونحوهم- فهؤلاء أقسام:

أحدُها: الجاهل المقلِّد الَّذي لا بصيرة له، فهذا لا يكفر ولا يفسق، ولا تردّ شهادته، إذا لم يكن قادرًا على تعلّم الهدى، وحكمه حكم المستضعفين من الرَّجال والنساء والولدان الَّذين لا يستطيعون حيلةً ولا يهتدون سبيلًا، فأولئك عسى الله أن يعفوَ عنهم، وكان الله عفوًّا غفورًا.

القسمُ الثاني: مُتمَكِّنٌ من السؤال وطلبِ الهدايَةِ ومعرفةِ الحقِّ، ولكن يَترُك ذلك اشتغالًا بدُنياه ورياسته ولذَّتِه ومعاشِه وغير ذلك، فهذا مُفرِّطٌ مستحق للوعيد، آثمٌ بترك ما وجبَ عليه من تقوى الله بحسب استطاعته، فهذا حكمُه حكم أمثاله من تاركي بعض الواجبات، فإن غلبَ ما فيه من البدعة والهوى على ما فيه من السنة والهدى ردت شهادته، وإن غلبَ ما فيه من السنَّة والهدى قبلت شهادته.

القسمُ الثالث: أن يَسأل ويَطلب، ويتبيَّنَ لهُ الهدى، ويتركُه تقليدًا وتعصبًا، أو بغضًا أو معاداة لأصحابه، فهذا أقل درجاته أن يكون فاسقًا، وتكفيرُه محلُّ اجتهاد وتفصيل.

فإن كان معلنًا داعية ردّت شهادته وفتاويه وأحكامه، مع القدرة على ذلك، ولم تقبل له شهادة ولا فتوى ولا حكم إلَّا عند الضرورة، كحال غلبة هؤلاء واستيلائهم وكون القضاة والمفتين والشهود منهم، ففي ردِّ شهادتهم وأحكامهم إذ ذاك فسادٌ كثير، ولا يمكن ذلك، فتقبل للضرورة..)([28]).

فتأَمَّل كيفَ قيَّدَ تفسيقَ الداعية إلى البدع أو تكفيرَه بقيد تبيُّن الهدى والتفريط، وهذا ينفي عنه مانع الجهل والعجز كما في القسمين الثاني والثالث، وأما مع الجهل والعجز فلا تفسيق ولا تكفير كما بينه في القسم الأول.

وعلى التسليم الجدلي بأن ابن القيم يفسّق الداعية ولو مع الجهل والخطأ، فإن البحث إنما هو في مذهب شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية، ولا يلزم أن يكون قولهما واحدًا في كل شيء([29])، ولا يصح أن يُنسَب إلى ابن تيمية القولُ بتفسيق المبتدع الداعية بقول تلميذه، لا سيما ونصّ ابن تيمية على عدم التفسيق للمجتهد المخطئ في الأصول والفروع، وهو ما حرره عنه أيضًا تلميذه ابن مفلح، رحمهم الله جميعًا.

وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

ــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) «الاستغاثة في الردّ على البكري» (ص: 253).

([2]) انظر: «الإقناع» (4/ 433)، وشرحه «كشاف القناع» (15/ 290)، و«منتهى الإرادات» (5/ 361)، و«شرحه» (11/ 436)، و«غاية المنتهى» (2/ 638)، و«حاشية ابن قاسم على الروض المربع» (7/ 598).

([3]) «التحرير» (ص: 331).

([4]) نقله في «الفروع» (11/ 340-341)، وفي «الإنصاف» (29/ 347).

([5]) «التنقيح المشبع» (ص: 497).

([6]) «شرح منتهى الإرادات» (11/ 436)، ونقله الخلوتي في «حاشيته على المنتهى» (7/ 249).

([7]) ذكر هذه الرواية المرداوي في «الإنصاف» (29/ 346)، وانظر: «طبقات الحنابلة» (1/ 114).

([8]) «مجموع الفتاوى» (12/ 448-449).

([9]) «الإنصاف» (29/ 345-346).

([10]) «ذيل طبقات الحنابلة» (3/ 329).

([11]) «مجموع الفتاوى» (12/ 487).

([12]) جعل منقّح المذهب الحنبلي الإمام المرداوي المسألة على روايتين، وقد تقدم أن ذلك محل نظر عند ابن تيمية، وأنه يحمل المنقول عن الإمام أحمد بالتكفير على من تحققت فيه شروط التكفير وانتفت عنه موانعه، والعكس بالعكس.

([13]) «التحرير في أصول الفقه» (ص: 331).

([14]) «بيان تلبيس الجهمية» (2/ 73-74).

([15]) «بيان تلبيس الجهمية» (1/ 10).

([16]) «مجموع الفتاوى» (7/ 507-508 ) .

([17]) «الفروع» (10/ 182).

([18]) انظر «الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية لدى تلاميذه» (الهامش) (2/ 884).

([19]) «مجموع الفتاوى» (12/ 449-451).

([20]) قال الشافعي كما في «مختصر المزني» (2/ 672): (ولا أرد شهادة الرجل من ‌أهل ‌الأهواء إذا كان لا يرى أن يشهد لموافقه بتصديقه وقبول يمينه، ولَشَهَادَةُ من يرى كذبه شركًا بالله ومعصية تجب بها النار أولى أن تطيب النفس بقبولها بشهادة من يخفف المأثم فيها). وانظر: «الكفاية في معرفة أصول علم الحديث» للخطيب البغدادي (1/ 312-313)، «المجموع شرح المهذب» للنووي (4/ 253-254)، و«كفاية النبيه في شرح التنبيه» لابن الرفعة (19/ 137-142).

([21]) «منهاج السنة النبوية» (5/ 87)، وانظر: «المسائل الماردينية» (ص: 151).

([22]) «الفروع» (10/ 182). وانظر: «غاية المنتهى» (2/ 638).

([23]) كذا نسبه ابن الصلاح للأكثر، وحكى ابن حبان عليه الاتفاق. انظر: «شرح التبصرة والتذكرة» للعراقي (1/ 358).

([24]) «منهاج السنة النبوية» (1/ 62-64).

([25]) «النكت والفوائد السنية» (2/ 304).

([26]) «النكت والفوائد السنية» (2/ 305).

([27]) «مدارج السالكين» (1/ 557).

([28]) «الطرق الحكمية في السياسة الشرعية» (ص: 464-465).

([29]) وكثيرًا ما عيَّر المبتدعة -كما في «صفعات البرهان» للكوثري- ابن القيم بمتابعته لشيخه، وهذا من عدم درايتهم بأصالة طرحه.

التعليقات مغلقة.

جديد سلف

تذكير المسلمين بخطورة القتال في جيوش الكافرين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدمة: من المعلومِ أنّ موالاة المؤمنين والبراءة من الكافرين من أعظم أصول الإيمان ولوازمه، كما قال تعالى: ﴿إِنَّمَا ‌وَلِيُّكُمُ ‌ٱللَّهُ ‌وَرَسُولُهُۥ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ﴾ [المائدة: 55]، وقال تعالى: ﴿‌لَّا ‌يَتَّخِذِ ‌ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلۡكَٰفِرِينَ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۖ وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ فَلَيۡسَ مِنَ ٱللَّهِ فِي شَيۡءٍ إِلَّآ أَن تَتَّقُواْ مِنۡهُمۡ تُقَىٰةۗ […]

ابن سعود والوهابيّون.. بقلم الأب هنري لامنس اليسوعي

 للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   بسم الله الرحمن الرحيم هنري لامنس اليَسوعيّ مستشرقٌ بلجيكيٌّ فرنسيُّ الجنسيّة، قدِم لبنان وعاش في الشرق إلى وقت هلاكه سنة ١٩٣٧م، وله كتبٌ عديدة يعمَل من خلالها على الطعن في الإسلام بنحوٍ مما يطعن به بعضُ المنتسبين إليه؛ كطعنه في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وله ترجمةٌ […]

الإباضــــية.. نشأتهم – صفاتهم – أبرز عقائدهم

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: من الأصول المقرَّرة في مذهب السلف التحذيرُ من أهل البدع، وذلك ببيان بدعتهم والرد عليهم بالحجة والبرهان. ومن هذه الفرق الخوارج؛ الذين خرجوا على الأمة بالسيف وكفَّروا عموم المسلمين؛ فالفتنة بهم أشدّ، لما عندهم من الزهد والعبادة، وزعمهم رفع راية الجهاد، وفوق ذلك هم ليسوا مجرد فرقة كلامية، […]

دعوى أن الخلاف بين الأشاعرة وأهل الحديث لفظي وقريب

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: يعتمِد بعض الأشاعرة المعاصرين بشكلٍ رئيس على التصريحات الدعائية التي يجذبون بها طلاب العلم إلى مذهبهم، كأن يقال: مذهب الأشاعرة هو مذهب جمهور العلماء من شراح كتب الحديث وأئمة المذاهب وعلماء اللغة والتفسير، ثم يبدؤون بعدِّ أسماء غير المتكلِّمين -كالنووي وابن حجر والقرطبي وابن دقيق العيد والسيوطي وغيرهم- […]

التداخل العقدي بين الفرق المنحرفة (الأثر النصراني على الصوفية)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: بدأ التصوُّف الإسلامي حركة زهدية، ولجأ إليه جماعة من المسلمين تاركين ملذات الدنيا؛ سعيًا للفوز بالجنة، واقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، ثم تطور وأصبح نظامًا له اتجاهاتٌ عقائدية وعقلية ونفسية وسلوكية. ومن مظاهر الزهد الإكثار من الصوم والتقشّف في المأكل والملبس، ونبذ ملذات الحياة، إلا أن الزهد […]

فقه النبوءات والتبشير عند الملِمّات

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: منَ الملاحَظ أنه عند نزول المصائب الكبرى بالمسلمين يفزع كثير من الناس للحديث عن أشراط الساعة، والتنبّؤ بأحداث المستقبَل، ومحاولة تنزيل ما جاء في النصوص عن أحداث نهاية العالم وملاحم آخر الزمان وظهور المسلمين على عدوّهم من اليهود والنصارى على وقائع بعينها معاصرة أو متوقَّعة في القريب، وربما […]

كيف أحبَّ المغاربةُ السلفيةَ؟ وشيء من أثرها في استقلال المغرب

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدّمة المعلِّق في كتابِ (الحركات الاستقلاليَّة في المغرب) الذي ألَّفه الشيخ علَّال الفاسي رحمه الله كان هذا المقال الذي يُطلِعنا فيه علَّالٌ على شيءٍ من الصراع الذي جرى في العمل على استقلال بلاد المغرب عنِ الاسِتعمارَين الفرنسيِّ والإسبانيِّ، ولا شكَّ أن القصةَ في هذا المقال غيرُ كاملة، ولكنها […]

التوازن بين الأسباب والتوكّل “سرّ تحقيق النجاح وتعزيز الإيمان”

توطئة: إن الحياةَ مليئة بالتحدِّيات والصعوبات التي تتطلَّب منا اتخاذَ القرارات والعمل بجدّ لتحقيق النجاح في مختلِف مجالات الحياة. وفي هذا السياق يأتي دورُ التوازن بين الأخذ بالأسباب والتوكل على الله كمفتاح رئيس لتحقيق النجاح وتعزيز الإيمان. إن الأخذ بالأسباب يعني اتخاذ الخطوات اللازمة والعمل بجدية واجتهاد لتحقيق الأهداف والأمنيات. فالشخص الناجح هو من يعمل […]

الانتقادات الموجَّهة للخطاب السلفي المناهض للقبورية (مناقشة نقدية)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: ينعمُ كثير من المسلمين في زماننا بفكرٍ دينيٍّ متحرِّر من أغلال القبورية والخرافة، وما ذاك إلا من ثمار دعوة الإصلاح السلفيّ التي تهتمُّ بالدرجة الأولى بالتأكيد على أهمية التوحيد وخطورة الشرك وبيان مداخِله إلى عقائد المسلمين. وبدلًا من تأييد الدعوة الإصلاحية في نضالها ضدّ الشرك والخرافة سلك بعض […]

كما كتب على الذين من قبلكم (الصوم قبل الإسلام)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقدمة: مما هو متَّفق عليه بين المسلمين أن التشريع حقٌّ خالص محض لله سبحانه وتعالى، فهو سبحانه {لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54]، فالتشريع والتحليل والتحريم بيد الله سبحانه وتعالى الذي إليه الأمر كله؛ فهو الذي شرَّع الصيام في هذا الشهر خاصَّة وفضَّله على غيره من الشهور، وهو الذي حرَّم […]

مفهوم العبادة في النّصوص الشرعيّة.. والردّ على تشغيبات دعاة القبور

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة لا يَخفَى على مسلم أنَّ العبادة مقصَد عظيم من مقاصد الشريعة، ولأجلها أرسل الله الرسل وأنزل الكتب، وكانت فيصلًا بين الشّرك والتوحيد، وكل دلائل الدّين غايتها أن يَعبد الإنسان ربه طوعًا، وما عادت الرسل قومها على شيء مثل ما عادتهم على الإشراك بالله في عبادتِه، بل غالب كفر البشرية […]

تحديد ضابط العبادة والشرك والجواب عن بعض الإشكالات المعاصرة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة لقد أمر اللهُ تبارك وتعالى عبادَه أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، ومدار العبادة في اللغة والشرع على التذلُّل والخضوع والانقياد. يقال: طريق معبَّد، وبعير معبَّد، أي: مذلَّل. يقول الراغب الأصفهاني مقررًا المعنى: “العبودية: إظهار التذلّل، والعبادة أبلغُ منها؛ […]

رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة.. بين أهل السنة والصوفية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الناظر المدقّق في الفكر الصوفي يجد أن من أخطر ما قامت عليه العقيدة الصوفية إهدار مصادر الاستدلال والتلقي، فقد أخذوا من كل ملة ونحلة، ولم يلتزموا الكتاب والسنة، حتى قال فيهم الشيخ عبد الرحمن الوكيل وهو الخبير بهم: “إن التصوف … قناع المجوسي يتراءى بأنه رباني، بل قناع […]

دعوى أن الحنابلة بعد القاضي أبي يعلى وقبل ابن تيمية كانوا مفوضة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة إن عهدَ القاضي أبي يعلى رحمه الله -ومن تبِع طريقته كابن الزاغوني وابن عقيل وغيرهما- كان بداية ولوج الحنابلة إلى الطريقة الكلامية، فقد تأثَّر القاضي أبو يعلى بأبي بكر الباقلاني الأشعريّ آخذًا آراءه من أبي محمد الأصبهاني المعروف بابن اللبان، وهو تلميذ الباقلاني، فحاول أبو يعلى التوفيق بين مذهب […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017