الأربعاء - 22 شوّال 1445 هـ - 01 مايو 2024 م

رفع الاشتباه عن موقف أئمة الدعوة النجدية من الحلف بغير الله

A A

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمةً للعالمين، وبعد:

فإن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب (ت:1206) السلفية، هي امتدادٌ لأولئك الأئمة المحققين الذين حفظوا مفهوم التوحيد وذبوا عنه وبلغوه للناس، وبذل أئمة هذه الدعوة جهودهم في إحياء تراث أئمة السلف، ومحققي العلماء الذين اعتنوا بتحرير مقالات السلف –أعني: شيخ الإسلام ابن تيمية (ت: 728) وتلميذه ابن القيم (ت751) رحمهما الله تعالى-.

وقد أثيرت الشبهات حول هذه الدعوة، وَقوبلت بالرفض والمعارضة، ونُسِجت حولها الأكاذيب، وأسيء فهم موقفها في كثير من القضايا.

ومن بين تلك القضايا: الحلف بغير الله تعالى.

وسنتناول في هذه الورقة شبهتين اثنتين تتعلقان بموقف الدعوة النجدية من الحلف بغير الله تعالى، ونبين من كلام أئمة الدعوة أنفسهم بطلانَهُما.

الشبهة الأولى:

حاصل هذه الشبهة: أن الوهابية يُكفِّرُون من حلف بغير الله تعالى، وهذه الشبهة أثيرت في حياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب (ت:1206) رحمه الله تعالى، وكان الذي أثارها: سليمان بن سحيم (ت:1181)، وتولّى الشيخ دفع تلك الشبهة عن نفسه بنفسه، فقال في إحدى رسائله: (ثم لا يخفى عليكم، أنه بلغني أن رسالة سليمان بن سحيم قد وصلت إليكم، وأنه قبلها وصدقها بعض المنتمين للعلم في جهتكم، والله يعلم أن الرجل افترى عليّ أمورًا لم أقلها، ولم يأت أكثرها على بالي) ([1]).

ثم ذكر مجموعة من الأمور، ومنها: أنه يكفر من حلف بغير الله تعالى، وقال في الجواب عنها: (جوابي عن هذه المسائل، أن أقول: سبحانك هذا بهتان عظيم، وقبلَه من بهت محمدًا صلى الله عليه وسلم، أنه يسب عيسى ابن مريم، ويسب الصالحين، فتشابهت قلوبهم بافتراء الكذب، وقول الزور، قال تعالى: {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ}، [سورة النحل آية: 105]، بهتوه صلى الله عليه وسلم؛ بأنه يقول: إن الملائكة، وعيسى، وعزيرًا في النار، فأنزل الله في ذلك: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ}، [سورة الأنبياء آية: 101]) ([2]).  

وقد قرر الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود (ت:1218) رحمه الله تعالى، في رسالته في التوحيد.. أن الحلف بغير الله تعالى، من الشرك الأصغر لا من الشرك الأكبر: (والشرك شركان: أكبر، وله أنواع، ومنه الذي تقدم بيانه آنفًا (من دعاء الأموات وغير ذلك).

وشركٌ أصغر؛ كالرياء والسمعة، كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: قال الله تعالى: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملًا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه).

ومنه: الحلف بغير الله، لما روى ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من حلف بغير الله، فقد أشرك). أخرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم وصححه ابن حبان.

وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت). أخرجه الشيخان.

وروى الإمام أحمد وأبو داود، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال له رجل: ما شاء الله وشئت، قال: “أجعلتني لله ندا؟ قل: ما شاء الله وحده” والشرك الأصغر لا يخرج عن الملة، وتجب التوبة منه ومن كل ذنب) ([3]).

فأنت ترى براءة الدعوة النجدية، من إطلاق القول بتكفير الحالف بغير الله تعالى، على ألسنة أئمتها، ورغم ذلك.. فقد أصرّ خصومها على إلصاق هذه التهمة بها، وكذبّوهم فيما يقولون، وهذا ما نجده جليًّا عند عبد الله بن داود الزبيري (ت1225) الذي قال في التعليق، على كلام الإمام عبد العزيز آنف الذكر: (هذا خلاف ما عليه ابن عبد الوهاب، وأتباعه الخوارج الكلاب، كما هو مشهور عند أهل نجد، موجود في بعض رسائله، وكما في رسالة عمر بن حامد السندي ثم النجدي الحنفي التي أرسلها لأهل الحرمين ليسألهم عما يدعيه ابن عبد الوهاب، وقال فيها: (ويقول: من نذر لغير الله فهو كافر.. إلخ) فأجابه محمد حياة، ومحمد ابن الطيب عن قوله: (فمن حلف بغير الله فهو كافر)، وعن جميع ما سأل عنه، وأجابه أيضًا العلامة عبد الوهاب بن أحمد بركات المصري الشافعي، وقال في جوابه: (وأما قوله: من حلف بغير الله، فقد كفر وأشرك؛ فهو منه دليل على أنه لا يعرف الحقيقة والمجاز، الذي هو من أساليب الفصحاء؛ لأن لفظه قد ورد في حديث رواه الترمذي، لكن حمله الأئمة المعتبرون العالمون بمعنى الحديث من حنفية وشافعية وحنابلة ومالكية على المجاز، وهو كفر النعمة، والشرك الخفي).

فعلم أن قول هؤلاء الأخابث، يتناقض) ([4]).

فتأمل سوء صنيعه، حيث نسبَ أولًا، إلى الشيخ محمد ما صرّح هو بالبراءة منه، ثم استشهد عليه بقول خصومه فيه، كعادة أهل البدع؛ حيث يجعلون نقل أسلافهم حجة على خصمهم في أنه يقول القول، مع أنه يتبرأ منه، وهو مثل ما يُقال: (شهد عليك ‌من ‌هو‌ أعدل ‌منك)! ([5]).  

وقد استمر خصوم الدعوة النجدية، ببثّ هذه الفرية، واستمر علماء الدعوة بالجواب عنها، فممن نشرها: داود بن سليمان بن جرجيس البغدادي (ت1229)، حيث يقول: (فإذا كان هذا الاختلاف العظيم للتابعين والمذاهب في هذه المسألة، في الحل والحرمة والكراهة، كيف يتجاسر على تكفير المسلمين بذلك؟ والله أعلم بنياتهم) ([6]).

ويقول: (إنكم تكَفِّرون بالحلف بغير الله، ويُكَفِّر به السابقون ‌من ‌أهل ‌بلدكم، وهو ليس بشرك ولا كفر، بل هو مكروه كراهة تنزيه).

يقول الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن (ت1293) في كتابه (تحفة الطالب والجليس في كشف شبه داود بن جرجيس) ([7]) عند هذا الموضع: (وأما قوله: (إنكم تكفرون به، وترون أنه كفر) ‌فهو ‌كذب ‌بحت، وفرية ظاهرة، ما قال أحد ممن يعتدُّ به عندنا، إنه كفر مخرج عن الملة.

وقد يُطلق العالم والمفتي ما أطلقه الرسول صلى الله عليه وسلم، في مثل هذا، ويقف حيث وقف، ومن أنكر هذا الإطلاق، فقد أنكر على الرسول صلى الله عليه وسلم.

على أن ابن قيم الجوزية، قال: قد يكون ذلك شركًا أكبر؛ بحسب ما قام بقلب قائله، وقاله القاضي عياض من المالكية: وهذا ظاهر لا يخفى، إذا قصد تعظيم من حُلف به كتعظيم الله).

ونصّ الإمام ابن القيم الذي عناه الشيخ عبد اللطيف، هو قوله: (وأمّا الشِّركُ الأصغَرُ، فكيسير الرِّياء، والتَّصنُّع للخلق، والحلِف بغير الله، كما ثبت عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، أنّه قال: “من حلَف بغير الله فقد أشرك”، وقولِ الرَّجل للرَّجل: ما شاء الله وشئت، وهذا من الله ومنك، وإنَّا بالله وبك، وما لي إلَّا الله وأنت، وأنا متَّكلٌ على الله وعليك، ولولا أنت لم يكن كذا وكذا.

وقد يكون هذا شركًا أكبر، بحسب حال قائله ومقصده) ([8]).  

وقد ذكر الإمام أبو الحسين العمراني الشافعي (ت558) رحمه الله تعالى، صورةً يكون الحلف فيها بغير الله تعالى شركًا، فقال: (إذا حلف بغير الله؛ بأن حلف بأبيه، أو بالنبي صلى الله عليه وسلم، أو بالكعبة، أو بأحد من الصحابة؛ فلا يخلو من ثلاثة أقسام:

أحدها: أن يقصد بذلك قصد اليمين، ولا يعتقد في المحلوف به من التعظيم ما يعتقده بالله تعالى، فهذا يكره له ذلك، ولا يكفر؛ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «لا تحلفوا بآبائكم، ولا بأمهاتكم، ولا بالأنداد، ولا تحلفوا إلا بالله، ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون».

وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم، أدرك عمر رضي الله عنه، وهو في ركب، وهو يحلف بأبيه، فقال له النبي عليه السلام: «إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفًا فليحلف بالله، أو ليسكت». قال عمر: فما حلفت بها بعد ذلك ذاكرًا ولا آثرا». فمعنى قوله: (ذاكرًا) أذكره عن غيري. ومعنى قوله: (آثرا) أي: حاكيًا عن غيري، يقال: آثر الحديث: إذا رواه.

ولأنه يوهم في الظاهر، التسوية بين المحلوف به وبين الله عز وجل، فكُرِه.

القسم الثاني: أن يحلف بذلك، ويقصد قصد اليمين، ويعتقد في المحلوف به من التعظيم ما يعتقده في الله، فهذا يحكم بكفره؛ لما روى ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «من حلف بغير الله.. فقد كفر». وروي: «فقد أشرك».

القسم الثالث: أن يجري ذلك على لسانه، من غير قصد إلى الحلف به؛ فلا يكره، بل يكون بمعنى لغو اليمين، وعلى هذا، يحمل «قول النبي صلى الله عليه وسلم للأعرابي الذي قال: والله لا أزيد عليها ولا أنقص، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ” أفلح وأبيه إن صدق»، وكذا «قوله عليه الصلاة والسلام، في خبر أبي العشراء الدارمي: «وأبيك، لو طعنت في فخذها.. لأجزأك) ([9]).

والشاهد من كلام العمراني: أنه جَعَلَ القسم الثاني، من الكفر المخرج من الملّة، كما قرره الشيخ عبد اللطيف.

قال المعلمي (ت1386)  مُعلقًا على هذا القِسْم: (لم يرد بقوله: (ما يعتقده في الله) أن يعتقد؛ أنَّ المحلوف به واجب الوجود أو أنه خالق رازق مدبِّر استقلالًا ونحو ذلك؛ لأنَّ الشرك يحصل بدون هذا الاعتقاد قطعًا، بل المراد ما يعتقده في الله من استحقاق العبادة. وقد علمت أنَّ القَسَم من الضرب الأول عبادة([10])، فإذا وقع بغير الله عزَّ وجلَّ، فإن كان مما أنزل الله تعالى به سلطانًا، فهو عبادة لله عزَّ وجلَّ وإلَّا فهو عبادة للمحلوف به، فكيف والمحلوف به لا يستحقُّ هذا التعظيم) ([11]).

ومن المؤسف؛ أن دعوى تكفير الوهابية بالحلف بغير الله تعالى، بقيت مشتهرةً إلى القرن الرابع عشر الهجري، رغم تَبرُّؤ علماء الدعوة منها، حتى راجت على بعض مشايخ الشام، ممن لا تُنكَرُ جُهُودهم الإصلاحية([12])، فهذا الشيخ محمد جميل الشطي الحنبلي (ت1379) يقول في رسالته، التي كتبها في الردّ على الوهابية: (ومن مسائلهم: تكفير من حلف بغير الله ..، مع أن حديث الحلف، الذي يستدلون به، محمول عند عامة العلماء على من يعبد ما يحلف به، أو على كفران النعمة والشرك الخفي..، وإنما نعترف لهم؛ بأن ذلك منهيٌّ عنه في الشرع، ولا مانع من القول بأنه حرام) ([13]).

فحاصل ردّ هذه الشبهة؛ أن يقال: لا يخلو حال من يرمي أئمة الدعوة النجدية، بتكفير الحالف بغير الله تعالى من أمرين:

الأول: أن يقصد بذلك؛ أنهم يُكَفِّرُون الحالف بغير الله تعالى مُطلَقًا، فهذا كذب وبهتان عليهم، تردّه نصوصهم.

الثاني: أن يقصد أنهم يُكَفِّرُون الحالف بغير الله تعالى في بعض الصور، فيحنئذٍ يُسلَّمُ لهُ مقصوده، ويطالب بأن يقيد ما نسبه إليهم بالقيد الذي ذكروه، وهو أن يعظِّم المحلوفَ بغير الله تعالى كتعظيمه، أو أشد منه، ويقال له: إن القيد الذي ذكروه لم ينفردوا به، بل سبقهم إليه من سبقهم من أهل العلم، ممن تقدّم ذكر ألفاظهم، فلا شناعة عليهم في ذلك.  

إيضاح موقف علماء الدعوة النجدية، من قول بعض العلماء، بكراهة الحلف بغير الله:

أما ما ورد في كلام ابن جرجيس.. من أن من العلماء، من ذهب إلى أن الحلف بغير الله تعالى، منهي عنه نهي كراهة لا تحريم، فلم ينف علماء الدعوة النجدية؛ أن يكون هناك من قال بالكراهة، وبينوا أن مطلوبهم هو ما يعضده الدليل، وفي ذلك، يقول الشيخ عبد اللطيف: (ومما ينبغي أن يُعلَم: أنَّ القائلين بالتحريم من الأئمة وأهل العلم، لا يَشُقُّ غُبارَهُم لا صاحب مغني ذوي الأفهام([14])، ولا من هو أجلُّ منه، ونحن لا ننكر.. أن بعض الناس قال بالكراهة، وإنما النزاع في تصويب أحد القولين، وأيهما تشهد له الأحاديث النبوية)([15]).

قال ابن تيمية: (الصواب الذي عليه عامة علماء المسلمين سلَفُهم وخلَفُهم أنَّه لا ‌يحلف ‌بمخلوق، لا نبي ولا غير نبي، ولا مَلَكٍ من الملائكة، ولا مَلِكٍ من الملوك، ولا شيخ من الشيوخ، والنهي عن ذلك نهيُ تحريمٍ عند أكثرِهِم)([16])

ويقول: (وقد ‌اتفق ‌العلماء -فيما نعلم- من الصحابة والتابعين والأئمة، على كراهة الحلف بغير الله، والنهي عنه، وأن اليمين لا تنعقد، ولا يجب فيه كفارة إذا حنث، إلا أنهم اختلفوا فيما إذا حلف برسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة.

ثم من أصحاب الأئمة من قال: يكره الحلف بغير الله تنزيهًا ولا يحرم، وقطع الباقون، بأنه حرام، وهذا هو الصواب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم، أخبر أن الله ينهانا عنه، وما نهانا الله عنه فهو حرام، إلا أن يقوم دليل على أنه تنزيه، وأخبر أن هذا شرك وكفر، وكل ما سمي كفرًا وشركًا، فأقل درجاته أن يكون حرامًا)([17]).

ومعتمد الحنابلة، هو القول بالتحريم، كما ذكره ابن مفلح (ت763) والمرداوي (ت885)([18])، وقدّمه ابن عبد القوي (ت669) في نظمه، حيث يقول:

وحَرِّمْ، وقِيلَ: اكْرَهْ يمينًا بِمَنْ سِوَى الـ = ـإِلَهِ لَهُ أَسْنَدْتَ أوْ لَمْ تُقَيِّدِ

ولا يَجِبُ التكفيرُ مِنْ حِنْثِ حالِفٍ=سِوَى حالِفٍ باللَّهِ رَبِّي ومُوجِدِي([19])

وما ذهب إليه ابن جرجيس، من القول بالكراهة، هو خلاف ما اختاره ابن داود وجميل الشطي من القول بالتحريم([20])، وكلاهما شاركه في نسبة القول بتكفير الحالف بغير الله تعالى للوهابية، والسبب في ذلك: أن ابن جرجيس شافعي، وهما حنبليان، والمشهور عند الشافعية القول بالكراهة التنزيهية([21])، والله أعلم.

قال القسطلاني (ت923) عند حديث النهي عن الحلف: (هل النهي للتحريم أو التنزيه؟ ‌المشهور ‌عند ‌المالكية الكراهة، وعند الحنابلة التحريم، وجمهور الشافعية: أنه للتنزيه. وقال إمام الحرمين: المذهب القطع بالكراهة. وقال غيره بالتفصيل)([22]). ثم ذكر التفصيل الذي تقدّم نقله عن العمراني.

وليس المقام هنا، في تفصيل استدلالات من قال بالكراهة التنزيهية، وتحقيق ما جاء عن بعض الأئمة في ذلك([23])، وإنما القصد: بيان أن علماء الدعوة النجدية، نفوا رجحان القول بالكراهة، ولم ينفوا ذهاب بعض العلماء إليه.

الشبهة الثانية:

مضمون هذه الشبهة: أن دعاء غير الله تعالى، وقول: (يا رسول الله) أخفّ من الحلف بغير الله تعالى، ومع ذلك، فأنتم تكفرون به معشر الوهابية، وهذا ما ادّعاه محمد بن عبد الرحمن بن ‌عفالق الحنبلي (ت1164) حيث قال: (ونَسأَلُكم عما في البخاري، ونَصُّه: (بَاب: ‌مَنْ ‌حَلَفَ بملَّة سِوَى مِلَّةِ الْإِسْلَامِ. وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (‌مَنْ ‌حَلَفَ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى فَلْيَقُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا الله) وَلَمْ يَنْسُبْهُ إِلَى الْكُفْرِ).

ففي هذه الأحاديث الصحيحة.. أنه لا يكفر من حلف بالأصنام، وتُكفِّرُون أنتم من قال: (يا رسول الله!)، والله ما أظن من قال قولَكم هذا، شمّ رائحة الإسلام، بل تعديتم وأفرطتم وجعلتم من قال: (يا رسول الله!) أشدَّ من عبدة الأصنام)([24]).

وما ذكره الإمام البخاري (ت:256ـ) في صحيحه، من عدم نسبة الحالف بالله تعالى إلى الكفر، يقول به علماء الدعوة النجدية، كما قدّمنا عنهم، وأمَّا تشبيه المستغيث بغير الله تعالى بالحالف بغيره، فقد حقق الجواب عنه الشيخ حمد ‌بن ‌ناصر بن عثمان بن معمر التميمي (ت:1181)، ونورد هنا جوابَه بشيءٍ من التَّرتيب والتَّصرُّف والتعليق([25]).

والجواب: أنَّ هذا كَلامٌ باطل، فليس يخفى ما بينهما من الفرق؛ فأي مشابهة بين من وحد الله وعبده، ولم يشرك معه أحدًا من خلقه، وأنزل حاجاته كلها بالله، واستغاث به في تفريج كرباته، وإغاثة لهفاته، لكنه حلف بغير الله يمينًا مُجرَّدَةً، لم يقصد بها تعظيمَه على ربِّه، ولم يسأَلْه ولم يستَغِث به، وبين من استغاث بغير الله، وسألَه جلبَ الفوائد، وكشفَ الشدائد؟!

أيٌّ مشابهة بين من جعل لله ندًّا من خلقه، يدعوه ويرجوه، ويستنصره ويستغيث به، وبين من لا يدعو إلا الله وحده لا شريك له، وأخلص له في عبادته؟ فالأول أشرك مع الله في قوله وفعله، واعتقاده بخلاف الحالف؛ بل لو اعتقد الحالف تعظيم المخلوق على الخالق، لكفر، كما قدّمناه في جواب الشبهة السابقة.

ثم نقول: أيُّ جامع بين الحلف والاستغاثة؟

فالمستغيث طالب سائل، والحالف لم يطلب ولم يسأل.

فإن كان الجامع بينهما عند القائل باتحادهما: أن كُلًا منهما قول باللسان، فيقال له: والإنكار والدعوات، وقول الزور، وقذف المحصنات، كل ذلك قول باللسان، ولو قال أحد: إنها ألفاظ متقاربة، لعُدّ من المجانين.

وإن أراد هذا القائل، اتحادهما في المعنى، فهذا باطلٌ من وجوه:

الوجه الأول: أن المستغيث، صرف مُخَّ العبادة الذي هو لُبُّها، وخالصها لغير الله، وأشرك مع الله غيره في أجل العبادات، وأفضل القربات التي أمرنا الله بها، في غير موضع من كتابه، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم، أنه هو العبادة، والحالف بغير الله تعالى دون تعظيم للمحلوف به كتعظيم الله تعالى أو أشد: لم يقع منه ذلك.

الوجه الثاني: أن الداعي راغب راهب، فالعبد يدعو ربَّه رغبًا ورهبًا، ويتوكل عليه في حصول مطلوبه، ودفع مرهوبه؛ فإذا طلب فوائده، وكشف شدائده من غير الله، فقد أشرك مع الله في الرغبة والرهبة، والرجاء والتوكل، فإن هذا من لوازم الدعاء، وهو من العبادة التي أمر الله بها، كقوله تعالى: {إِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} [سورة الشرح آية: 8] ، وقوله تعالى: {فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} [سورة النحل آية: 51] ، وقال: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [سورة المائدة آية: 23].

فمن استغاث بغير الله، فهو راغبٌ في حصول مطلوبه، راجٍ له مُتوَكِّلٌ عليه، وذلك هو حقيقة العبادة التي لا تصلح إلا لله، وهو معنى لا إله إلا الله؛ فإن الإله، هو الذي تألهه القلوب، محبةً ورجاءً وخوفًا وتوَكُّلًا.

وهذا كُلُّه لا يقال في من حلف بغير الله تعالى؛ من غير أن يعظمه كتعظيم الله تعالى أو أشد منه.

الوجه الثالث: الذي يدعو غير الله في مهماته، وكشف كرباته، قد رَدَّ على الله، وكَذَّبَ بآياته؛ فإن الله أخبر أنه لا يشفع عنده أحدٌ إلا بإذنه، وأنَّ الشفاعة كلها لله، وهذا زعم أنَّ الميِّتَ يشفع له.

وأخبر الله، أن الأولياء والصالحين لا يملكون كشف الضر ولا تحويله، وأنهم لا ينفعون ولا يضرون، ولا يسمعون الدعاء ولا يستجيبون، وهذا زعم: أنهم باب حوائجه إلى الله، وأنهم ينفعون ويشفعون، وللدعاء يسمعون، وله يستجيبون، فكَذَّبَ على الله، وَكذَّبَ بآياته.

فكيف يُقَال: إن هذا كالحلف بغير الله الذي قصاراه، أن يكون شركًا أصغر، يعاقب عليه كما يعاقب الزاني، وقاتل النفس وآكل الربا؛ لأنه ارتكب مُحرَّمًا غير مستحل له، نظيرَ ما يفعله الزاني وقاتل النفس، فأما إن فعله مستحلا له، أو يكون المخلوق في قلبه أعظم من الخالق، كان ذلك كفرًا؟

الوجه الرابع: لو كان الحلف بغير الله تعالى، كدعاء غيره؛ لجاء النهي عنه من أول مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، ومن المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام.. أن الله تعالى بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم، يدعو إلى التوحيد، وينهى عن الإشراك؛ فكان أول آية أرسله الله بها {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [سورة المدثر آية: 1-5] ؛ فأنذر عن الشرك، وهجر الأوثان وكبر الله، وعظمه بالتوحيد، فاستجاب له من استجاب من المسلمين، وصبروا على الأذى من قومهم، وقاسوا الشدائد العظيمة، فهاجروا وأخرجوا من ديارهم، وأوذوا في الله وتميز الكافر من المسلم، ومات من المسلمين من استوجب الجنة، ومات من الكفار من استوجب النار، هذا كُلُّهُ قبل النهي عن الحلف بغير الله.

فالاستغاثة بأهل القبور، واستنجادهم واستنصارهم، لم يُبَح في شرائع الرسل كلهم؛ بل بعث الله جميع رسله بالنهي عن ذلك، والأمر بعبادته وحده لا شريك له.

وأما الحلف: فكان الصحابة يحلفون بآبائهم، ويحلفون بالكعبة وغير ذلك، ولم ينهوا عن ذلك إلا بعد مدة طويلة، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم)([26])، وقال: (من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت)([27]).

ومن لا يميز بين دعاء الميت والحلف به، لا يعرف الشرك الذي بعث الله به محمدًا صلى الله عليه وسلم، ينهى عنه، ويقاتل أهله.

الوجه الخامس: أن الرسول صلى الله عليه وسلم، لما نهاهم عن الحلف بغير الله، وحلف بعض الصحابة حدثاء العهد، فقال في حلفه: واللات، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من حلف باللات والعزى، فليقل: لا إله إلا الله)([28]).

ولما قال له بعض الصحابة، حدثاء العهد بالكفر: اجعل لنا ذات أنواط، قال: الله أكبر إنها السنن، قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة، لتركبن سنن من كان قبلكم([29]).

فانظر كيف نهى الحالف، وأرشده إلى الكفارة، بأن يقول: لا إله إلا الله، من غير تغليظ؛ والذين قالوا: اجعل لنا ذات أنواط، غلظ عليهم التغليظ الشديد، وحلف لهم أن طلبتهم كطلبة بني إسرائيل، وأن قولهم: اجعل لنا ذات أنواط، كقول بني إسرائيل: اجعل لنا إلهًا، سواء؛ فهما متفقان معنى، وإن اختلفا لفظا، وهذا مما يبين لك شيئًا من معنى لا إله إلا الله.

فإذا كان اتخاذ الشجرة للعكوف حولها، وتعليق الأسلحة بها للتبرك، اتخاذ إله مع الله، مع أنهم لا يعبدونها ولا يسألونها، فما الظن بالعكوف حول القبر، ودعائه في إنزال الفوائد، والاستغاثة به في كشف الشدائد، وأخذ تربته تبركًّا، وإسراج القبر وتخليقه؟!

وأي شبهة للفتنة بشجرة إلى الفتنة بالقبر؟ لو كان أهل الشرك والبدع يعلمون.

فدلّ هذا، أن النهي عن الاستغاثة بغير الله تعالى وسؤال الأموات تفريج الكربات، وقضاء الحاجات، ليس كالنهي عن الحلف بغير الله تعالى.

‌‌الوجه السادس: أن العلماء قَسَّمُوا الشرك إلى أكبر وأصغر، جعلوا دعاء الأموات، والاستغاثة بهم فيما لا يقدر عليه إلا رب السماوات والأرض، هو عين شرك المشركين الذين كفرهم الله في كتابه، وجعلوا الحلف بغير الله شركا أصغر.

فيذكرون الأول في باب حكم المرتد، وأن من أشرك بالله فقد كفر، ويستدلون بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [سورة النساء آية: 48]، ويفسرون هذا الشرك بما ذكرناه([30]).

ويذكرون الثاني في كتاب الأيمان؛ كما تجده في كتب الحنابلة وغيرهم، من كتب المذاهب الفقهية، فيفرقون بين هذا وهذا([31]).

ولم نعلم أن أحدًا من العلماء الذين لهم لسان صدق في الأمة، قال إن طلب الحوائج من الموتى والاستغاثة بهم شرك أصغر، ولا قال إن ذلك كالحلف بغير الله!

اللهم إلا أن يكون بعض المنتسبين إلى العلم، من المتأخرين الضالين، الذين قرروا الشرك، وحسنوه للناس، نظمًا ونثرًا، وصار لهم نصيب من قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} [سورة النساء آية: 51].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (ولو جاء إنسان إلى سرير الميت يدعوه من دون الله، ويستغيث به، كان هذا شركًا محرمًا بإجماع المسلمين) ([32]).

فتأمل كيف جعل ابن عفالق ما أجمع عليه المسلمون، قولَ من لم يَشُمَّ رائحة الإسلام!

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) الدرر السنية في الأجوبة النجدية (1/33).

([2]) الدرر السنية في الأجوبة النجدية (1/34).

([3]) (الهدية السنية والتحفة الوهابية النجدية) لابن سحمان (ص19).  

([4]) (الصواعق والرعود في الرد على ابن سعود) (ص416-417).

([5]) انظر: (العلم الشامخ) ص163 للمقبلي.

([6]) (صلح الإخوان من أهل الإيمان) (ص113).

([7]) (ص145).

([8]) (مدارج السالكين) (1/530).

([9]) “البيان في مذهب الإمام الشافعي” للعمراني (10/493-494).

([10]) ذكر المعلمي، خمسة ضروب للحلف، والضرب الأول الذي يعنيه، هو: (ما يُفْهِمُ إجلالَ الحالف للمحلوف به، واعتقادَه؛ أن له سطوة غيبية؛ بحيث ينالُ الحالفَ النفعُ الغيبي إذا وفى وصدق، وأنه إن لم يف أو يَصْدُقْ نالته عقوبته ونال المحلوفَ له النفعُ الغيبِي بإيفائه حقه إن كان له حق). رفع الاشتباه (3/1018).

([11]) رفع الاشتباه (3/1035). وانظر حاشية ابن عابدين (3/714-715).

([12]) انظر (النقد والبيان في دفع أوهام خزيران) (ص200-201).

([13]) الوسيط بين الإفراط والتفريط (ص9).

([14]) هو يوسف بن حسن ابن عبد الهادي المتأخر المعروف بابن المبرد (ت909)، وقد أخطأ ابن جرجيس فجعله تلميذ ابن تيمية الإمام المحقق، صاحب المحرر وطبقات علماء الحديث وغيرها، وفي كتابه المذكور أشار إلى أن القول بالكراهة قول المذاهب الأربعة.

([15]) منهاج التأسيس والتقديس (ص305).

([16]) (الجواب الباهر في زوار المقابر) (ص210)، وهو في (مجموع الفتاوى) (27/349).

([17]) (جواب في الحلف بغير الله) (ص6).

([18]) انظر “الفروع” لابن مفلح (10/437)، “الإنصاف” للمرداوي (27/463).

([19]) (الألفية في الآداب الشرعية) (ص63-64).

([20]) انظر: (الصواعق والرعود في الرد على ابن سعود) (ص417)، و(الوسيط بين الإفراط والتفريط) (ص9).

([21]) انظر (روضة الطالبين) للنووي (7/123). ونص الإمام الشافعي في مختصر المزني (ص587) الذي اختلف بسببه الشافعية في حكم الحلف بغير الله تعالى هو قوله: (ومن حلف بغير الله فهي يمين مكروهة، وأخشى أن تكون معصية). قال المعلمي: (الشافعي رحمه الله تعالى، لا نعلمه بَلَغتْه الأحاديث المصرِّحة؛ بأنَّ الحلف بغير الله تعالى شرك، ولم يتجشَّم التفصيل، ولعلَّه لو سئل عن الضرب الأوَّل من القَسَم، لم يتوقَّفْ في أنَّه إن وقع بغير الله تعالى كان شركًا، فأمَّا ما عداه فيحتمل أن يتردّد فيه، ولاسيَّما إذا لم يقف على الأحاديث المصرِّحة، بأنَّ الحلف بغير الله تعالى شرك مطلقًا. والله أعلم). (رفع الاشتباه) (3/1034-1035). وقد تقدّم بيان المقصود بالضرب الأول في هامش سابق.

([22]) (إرشاد الساري) (9/375). وأصل كلامه للحافظ في الفتح.

([23]) فصل العلامة المعلمي البحث في مسألة الحلف بغير الله تعالى في كتابه (رفع الاشتباه) (3/989-1039) بما لا تجده عند غيره.  

([24]) رسالة لابن عفالق في الرد على مشايخ الدعوة النجدية، مخطوطة في مكتبة الدولة ببرلين (ص48).

([25]) استغرق ذلك عشر صفحات، من رسالة له نشرها ابن قاسم، في الدرر السنية في الأجوبة النجدية (11/33-40)، وهي جواب رسالة من محمد بن أحمد الحفظي اليمني؛ (يسأل فيها عن مسائل أوردها عليه بعض المجادلين).

([26]) أخرجه البخاري (6108، 6646، 6647) ومسلم (1646).

([27]) أخرجه البخاري (2679، 3836، 6108، 6646، 7401) ومسلم (1646).

([28]) أخرجه البخاري (4860، 6107، 6301، 6650) ومسلم (1647).

([29]) أخرجه الترمذي (2180) وأحمد (21897، 21900).

([30]) انظر: (الفروع) لابن مفلح (10/188)، و(الإنصاف) للمرداوي (27/108)، و(الإقناع) للحجاوي (4/297)، و(غاية المنتهى) لمرعي الكرمي (2/498).

([31]) انظر مثلًا: (التوضيح) لخليل بن إسحاق (3/287)، (مواهب الجليل) (3/264)، (البيان في مذهب الإمام الشافعي) للعمراني (10/493-494)، (روضة الطالبين) للنووي (7/123)، (الفروع) لابن مفلح (10/437)، (الإنصاف) للمرداوي (27/463).

([32]) مجموع الفتاوى (27/ 379)، ونقله عنه ابن عبد الهادي في (الصارم المنكي) (ص436).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

جديد سلف

تذكير المسلمين بخطورة القتال في جيوش الكافرين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدمة: من المعلومِ أنّ موالاة المؤمنين والبراءة من الكافرين من أعظم أصول الإيمان ولوازمه، كما قال تعالى: ﴿إِنَّمَا ‌وَلِيُّكُمُ ‌ٱللَّهُ ‌وَرَسُولُهُۥ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ﴾ [المائدة: 55]، وقال تعالى: ﴿‌لَّا ‌يَتَّخِذِ ‌ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلۡكَٰفِرِينَ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۖ وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ فَلَيۡسَ مِنَ ٱللَّهِ فِي شَيۡءٍ إِلَّآ أَن تَتَّقُواْ مِنۡهُمۡ تُقَىٰةۗ […]

ابن سعود والوهابيّون.. بقلم الأب هنري لامنس اليسوعي

 للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   بسم الله الرحمن الرحيم هنري لامنس اليَسوعيّ مستشرقٌ بلجيكيٌّ فرنسيُّ الجنسيّة، قدِم لبنان وعاش في الشرق إلى وقت هلاكه سنة ١٩٣٧م، وله كتبٌ عديدة يعمَل من خلالها على الطعن في الإسلام بنحوٍ مما يطعن به بعضُ المنتسبين إليه؛ كطعنه في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وله ترجمةٌ […]

الإباضــــية.. نشأتهم – صفاتهم – أبرز عقائدهم

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: من الأصول المقرَّرة في مذهب السلف التحذيرُ من أهل البدع، وذلك ببيان بدعتهم والرد عليهم بالحجة والبرهان. ومن هذه الفرق الخوارج؛ الذين خرجوا على الأمة بالسيف وكفَّروا عموم المسلمين؛ فالفتنة بهم أشدّ، لما عندهم من الزهد والعبادة، وزعمهم رفع راية الجهاد، وفوق ذلك هم ليسوا مجرد فرقة كلامية، […]

دعوى أن الخلاف بين الأشاعرة وأهل الحديث لفظي وقريب

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: يعتمِد بعض الأشاعرة المعاصرين بشكلٍ رئيس على التصريحات الدعائية التي يجذبون بها طلاب العلم إلى مذهبهم، كأن يقال: مذهب الأشاعرة هو مذهب جمهور العلماء من شراح كتب الحديث وأئمة المذاهب وعلماء اللغة والتفسير، ثم يبدؤون بعدِّ أسماء غير المتكلِّمين -كالنووي وابن حجر والقرطبي وابن دقيق العيد والسيوطي وغيرهم- […]

التداخل العقدي بين الفرق المنحرفة (الأثر النصراني على الصوفية)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: بدأ التصوُّف الإسلامي حركة زهدية، ولجأ إليه جماعة من المسلمين تاركين ملذات الدنيا؛ سعيًا للفوز بالجنة، واقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، ثم تطور وأصبح نظامًا له اتجاهاتٌ عقائدية وعقلية ونفسية وسلوكية. ومن مظاهر الزهد الإكثار من الصوم والتقشّف في المأكل والملبس، ونبذ ملذات الحياة، إلا أن الزهد […]

فقه النبوءات والتبشير عند الملِمّات

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: منَ الملاحَظ أنه عند نزول المصائب الكبرى بالمسلمين يفزع كثير من الناس للحديث عن أشراط الساعة، والتنبّؤ بأحداث المستقبَل، ومحاولة تنزيل ما جاء في النصوص عن أحداث نهاية العالم وملاحم آخر الزمان وظهور المسلمين على عدوّهم من اليهود والنصارى على وقائع بعينها معاصرة أو متوقَّعة في القريب، وربما […]

كيف أحبَّ المغاربةُ السلفيةَ؟ وشيء من أثرها في استقلال المغرب

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدّمة المعلِّق في كتابِ (الحركات الاستقلاليَّة في المغرب) الذي ألَّفه الشيخ علَّال الفاسي رحمه الله كان هذا المقال الذي يُطلِعنا فيه علَّالٌ على شيءٍ من الصراع الذي جرى في العمل على استقلال بلاد المغرب عنِ الاسِتعمارَين الفرنسيِّ والإسبانيِّ، ولا شكَّ أن القصةَ في هذا المقال غيرُ كاملة، ولكنها […]

التوازن بين الأسباب والتوكّل “سرّ تحقيق النجاح وتعزيز الإيمان”

توطئة: إن الحياةَ مليئة بالتحدِّيات والصعوبات التي تتطلَّب منا اتخاذَ القرارات والعمل بجدّ لتحقيق النجاح في مختلِف مجالات الحياة. وفي هذا السياق يأتي دورُ التوازن بين الأخذ بالأسباب والتوكل على الله كمفتاح رئيس لتحقيق النجاح وتعزيز الإيمان. إن الأخذ بالأسباب يعني اتخاذ الخطوات اللازمة والعمل بجدية واجتهاد لتحقيق الأهداف والأمنيات. فالشخص الناجح هو من يعمل […]

الانتقادات الموجَّهة للخطاب السلفي المناهض للقبورية (مناقشة نقدية)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: ينعمُ كثير من المسلمين في زماننا بفكرٍ دينيٍّ متحرِّر من أغلال القبورية والخرافة، وما ذاك إلا من ثمار دعوة الإصلاح السلفيّ التي تهتمُّ بالدرجة الأولى بالتأكيد على أهمية التوحيد وخطورة الشرك وبيان مداخِله إلى عقائد المسلمين. وبدلًا من تأييد الدعوة الإصلاحية في نضالها ضدّ الشرك والخرافة سلك بعض […]

كما كتب على الذين من قبلكم (الصوم قبل الإسلام)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقدمة: مما هو متَّفق عليه بين المسلمين أن التشريع حقٌّ خالص محض لله سبحانه وتعالى، فهو سبحانه {لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54]، فالتشريع والتحليل والتحريم بيد الله سبحانه وتعالى الذي إليه الأمر كله؛ فهو الذي شرَّع الصيام في هذا الشهر خاصَّة وفضَّله على غيره من الشهور، وهو الذي حرَّم […]

مفهوم العبادة في النّصوص الشرعيّة.. والردّ على تشغيبات دعاة القبور

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة لا يَخفَى على مسلم أنَّ العبادة مقصَد عظيم من مقاصد الشريعة، ولأجلها أرسل الله الرسل وأنزل الكتب، وكانت فيصلًا بين الشّرك والتوحيد، وكل دلائل الدّين غايتها أن يَعبد الإنسان ربه طوعًا، وما عادت الرسل قومها على شيء مثل ما عادتهم على الإشراك بالله في عبادتِه، بل غالب كفر البشرية […]

تحديد ضابط العبادة والشرك والجواب عن بعض الإشكالات المعاصرة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة لقد أمر اللهُ تبارك وتعالى عبادَه أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، ومدار العبادة في اللغة والشرع على التذلُّل والخضوع والانقياد. يقال: طريق معبَّد، وبعير معبَّد، أي: مذلَّل. يقول الراغب الأصفهاني مقررًا المعنى: “العبودية: إظهار التذلّل، والعبادة أبلغُ منها؛ […]

رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة.. بين أهل السنة والصوفية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الناظر المدقّق في الفكر الصوفي يجد أن من أخطر ما قامت عليه العقيدة الصوفية إهدار مصادر الاستدلال والتلقي، فقد أخذوا من كل ملة ونحلة، ولم يلتزموا الكتاب والسنة، حتى قال فيهم الشيخ عبد الرحمن الوكيل وهو الخبير بهم: “إن التصوف … قناع المجوسي يتراءى بأنه رباني، بل قناع […]

دعوى أن الحنابلة بعد القاضي أبي يعلى وقبل ابن تيمية كانوا مفوضة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة إن عهدَ القاضي أبي يعلى رحمه الله -ومن تبِع طريقته كابن الزاغوني وابن عقيل وغيرهما- كان بداية ولوج الحنابلة إلى الطريقة الكلامية، فقد تأثَّر القاضي أبو يعلى بأبي بكر الباقلاني الأشعريّ آخذًا آراءه من أبي محمد الأصبهاني المعروف بابن اللبان، وهو تلميذ الباقلاني، فحاول أبو يعلى التوفيق بين مذهب […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017