الأحد - 09 رمضان 1446 هـ - 09 مارس 2025 م

مفارقة الأشاعرة لمنهج أهل السنة والجماعة (1)

A A

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. أما بعد:

فقد بيّنت في مقال سابق، أن مذهب الأشاعرة ليس ثابتا، بل مرَّ بمراحل وانقسم إلى طبقات.

  • فالطبقة الأولى: وهي طبقة الشيخ أبي الحسن الأشعري، والقاضي أبي بكر الباقلاني، ونحوهما، كانوا على الإثبات، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العقيدة الأصبهانية (39):” فأئمة الصفاتية المتقدمون؛ كابن كلاب، والحارث المحاسبي، والأشعري، وأبي العباس القلانسي، وأبي عبد الله بن مجاهد، وأبي الحسن الطبري، والقاضي أبي بكر ابن الباقلاني، وأبي إسحاق الأسفرائيني، وأبي بكر ابن فورك، وغيرهم يثبتون الصفات الخبرية التي ثبت أن رسول الله أخبر بها وكذلك سائر طوائف الإثبات كالسالمية والكرامية وغيرهم وهذا مذهب السلف والأئمة.” وهؤلاء يُقرون بالصفات الواردة في الأخبار في الجملة، وفي ذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى (6/372):” ومنهم من يقر بالصفات الواردة في الأخبار أيضا في الجملة، لكن مع نفي وتعطيل لبعض ما ثبت بالنصوص وبالمعقول، وذلك كأبي محمد بن كلاب ومن اتبعه. وفي هذا القسم يدخل أبو الحسن الأشعري وطوائف من أهل الفقه والكلام والحديث والتصوف، وهؤلاء إلى أهل السنة المحضة أقرب منهم إلى الجهمية والرافضة والخوارج والقدرية.”. فهؤلاء يُثبتون الصفات الخبرية كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة النبوية (2/328):” وكثير من متأخري أصحاب الأشعري أنكروا أن يكون الله فوق العرش أو في السماء. وهؤلاء الذين ينفون الصفات الخبرية كأبي المعالي وأتباعه، فإن الأشعري وأئمة أصحابه يثبتون الصفات الخبرية.”.
  • والطبقة الثانية: المتوسطون، كأمثال إمام الحرمين أبي المعالي الجويني، الذي مال إلى الإعتزال، وأصّل لمذهب التأويل. وهؤلاء قد رجع كثير منهم عن قوله. وهذا المذهب التأويلي غير موجود عند أبي الحسن الأشعري وغيره من أصحاب الطبقة الأولى.
  • والطبقة الثالثة: الذين مالوا إلى الفلسفة، كالأصبهاني، والإيجي، ونحوهم. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العقيدة الأصبهانية (127):”فإن كثيرا من متأخري أصحاب الأشعري خرجوا عن قوله إلى قول المعتزلة أو الجهمية أو الفلاسفة…”.

فمتكلمو الأشاعرة الذين اشتغلوا بعلم الكلام المذموم، وجعلوه أساسا بنوا عليه عقائدهم، وردوا بقوانينهم وعقولهم دلائل الكتاب والسنة، هؤلاء لا يمتون لأهل السنة والجماعة بصلة؛ لأنهم باينوا طريقتهم، وخالفوا مناهجهم. وسيتبين في هذا المقال، مدى مخالفة الأشاعرة لمنهج أهل السنة والجماعة والمفارقة لطريقتهم.

فعلى مستوى المنهج، فقد خالف الأشاعرة طريقة أهل السنة والجماعة في جملة من القضايا العقدية، وقد ذكرنا صورة من صور المخالفة في المقال السابق، وهو تقديم دلالة العقل على دلالة النقل عند التعارض، ويُقسمون العقائد حسب الدلالة السائدة فيها إلى أقسام، منها: ما لا تُقبل فيه إلا دلالة العقل، وهو كل ما يسبق إثبات النبوة، وما يسبق إثبات النبوة، هو إثبات وجود الله تعالى. فأول مناهجهم العقدية تقوم على أن إثبات وجود الله تعالى لا يثبت إلا بدلالة العقل، ولا تُقبل فيه الدلائل السمعية، ويُثبتون وجود الله تعالى بدليل الحدوث بمقدمات صعبة الفهم بعيدة المنال لطلبة العلم فضلا عن عامة الناس.

ومن المفارقات المنهجية عند الأشاعرة لطريقة أهل السنة والجماعة:

إيجابهم النظر، وقولهم: إن أول واجب على المكلف هو النظر. ويقصدون بالنظر: الاستدلال على وجود الله تعالى. فالمكلف إذا بلغ الحلم، وجب عليه أن يُقيم الأدلة على وجود الله تعالى وصفاته، ولا يعدون إيمانه السابق إيمانا صحيحا؛ لأنه إيمان عن تقليد، وليس عن نظر واستدلال وبرهان، هكذا زعموا.

فيجب عندهم أن يكون إيمان المكلف بوجود الله تعالى قائما على دليل يقيني، ولا عبرة بما كان عليه من الإيمان قبل تكليفه؛ لأنه إيمان تقليدي للآباء والأجداد، لم يقم على نظر واستدلال، ولذلك أوجبوا النظر على المكلفين؛ ليكون إيمانهم يقينيا مُؤسسا على براهين صحيحة كما يزعمون.

ونصوص المتكلمين من الأشاعرة وغيرهم طافحة بهذه الأقوال، ومن ذلك:

  • قال الإيجي في كتابه المواقف في علم الكلام (28):” النظر في معرفة الله تعالى واجب إجماعا، واختلف في طريق ثبوته، فهو عند أصحابنا السمع، وعند المعتزلة العقل”. وقال كذلك في (32):” قد اختلف في أول واجب على المكلف، فالأكثر على أنه معرفة الله تعالى؛ إذ هو أصل المعارف الدينية، وعليه يتفرع وجوب كل واجب”.
  • وقال التفتازاني في شرح المقاصد (113):” لا خلاف بين أهل الإسلام في وجوب النظر في معرفة الله تعالى؛ لكونه مقدمة مقدورة للمعرفة الواجبة مطلقا.”. وقال كذلك (1/121):” والحق أنه إن اٌريد أول الواجبات المقصودة بالذات فهو المعرفة، وإن أُريد الأعم فهو القصد إلى النظر.”.
  • وقال الجويني في الإرشاد (11):” أول ما يجب على العاقل البالغ، باستكمال سن البلوغ أو الحلم شرعاً، القصد إلى النظر الصحيح المفضي إلى العلم بحدث العالم.” وقال كذلك (15):” النظر الموصل إلى المعارف واجب، ومدرك وجوبه الشرع، وجملة أحكام التكليف متلقاة من الأدلة السمعية والقضايا الشرعية.” وقال (18):” فإن قيل: ما الدليل على وجوب النظر والاستدلال من جهة الشرع؟ قلنا: أجمعت الأمة على وجوب معرفة الباري تعالى، واستبان بالعقل أنه لا يتأتى الوصول إلى اكتساب المعارف إلا بالنظر، وما لا يتوصل إلى الواجب إلا به فهو واجب.”. وقال في كتابه الشامل (122):” ولو انقضى من أول حال التكليف زمن يسع النظر المؤدي إلى المعارف، ولم ينظر مع ارتفاع الموانع، واخترم بعد زمان الإمكان، فهو ملحق بالكفرة”.
  • وقال السنوسي في عقيدته أم البراهين (84):” يجب شرعا على كل مكلف، وهو البالغ العاقل، أن يعرف ما ذكر؛ لأنه بمعرفة ذلك يكون مؤمنا محققا لإيمانه على بصيرة في دينه… وإلى وجوب المعرفة وعدم الاكتفاء بالتقليد ذهب جمهور أهل العلم، كالشيخ أبي الحسن الأشعري، والقاضي أبي بكر الباقلاني، وإمام الحرمين، وحكاه ابن القصار عن مالك أيضا. ثم اختلف الجمهور القائلون بوجوب المعرفة، فقال بعضهم: المقلد مؤمن إلا أنه عاص بترك المعرفة التي ينتجها النظر الصحيح. وقال بعضهم: إنه مؤمن ولا يعصي إلا إذا كان فيه أهلية لفهم النظر الصحيح. وقال بعضهم: المقلد ليس بمؤمن أصلا، وقد أنكره بعضهم.”.

والخطأ هنا: أنهم لا يعدون ما كان عليه الإنسان من الإيمان بالله تعالى من حين أن يُميّز إيمانا معتبرا؛ ظنا منهم أن هذا ليس عن استدلال وبرهان ونظر، بل ناشئ عن تقليد، وهذا خطأ؛ لأن الإنسان حين ينظر في آيات الله تعالى الكونية، فيرى هذا الكون بهذه الضخامة الهائلة، وهذه الدقة المعجزة، وما يحويه من آيات وبراهين في الآفاق والأنفس، يجد الدلائل واضحة على وجود خالق مدبر لهذا الكون.

فدلائل الكون الكثيرة، من الشمس والقمر، والنجوم والكواكب، والليل والنهار، والنوم والكلام، وغيرها، كلها دلائل تدل على وجود إله خالق مدبر لهذا الكون وما فيه.

وهذه الحالة يعيشها الإنسان من حين أن يُميز، فتجده يتساءل عن هذا الكون العظيم: كيف جاء؟ ومن أوجده؟ ولا بد أن يصل إلى نتيجة حتمية، وهي أن هناك خالقا مدبرا لهذا الكون.

لكن مشكلة المتكلمين، أنهم لا يعدون هذا دليلا موصلا إلى معرفة الله تعالى، مع أن الأعرابي عبّر عن هذه الدلالة الضرورية الفطرية بقوله:(البعرة تدل على البعير، والأثر بدل على المسير، فأرض ذات فجاج، وسماء ذات أبراج، ألا تدل على الحكيم الخبير)! فمثل هذا يُعد استدلالا معتبرا للوصول إلى المعرفة الإلهية.

فإن قال قائل: أوجب المتكلمون النظر؛ لأن الله تعالى قد أمر بالنظر والتفكر في آياته ومخلوقاته. فيقال: أمر الله تعالى بمطلق النظر والتفكر في كل وقت وحين، لكن المتكلمين أوجبوا النظر في حال معين، عندما يبلغ الإنسان سن التكليف، وحددوه بالبلوغ، وما قبل ذلك لا يُعد نظره معتبرا. فهم لا يرون مطلق النظر، وهو النظر في آيات الله تعالى ومخلوقاته مما يوجد في الكون والآفاق والأنفس، بل يريدون نظرا محددا ساقوه، وظنوا أنه هو الموصل إلى معرفة الله تعالى، وهذا غلط منهم.

فالمقصود: أن من مخالفاتهم لمنهج السلف ومفارقتهم إياه، قولهم: أول واجب على المكلف النظر، وهذا يحمل في طياته دلالة عدم قبول إيمان الشخص قبل التكليف، وهو إيمانه الذي حصل عليه من حين التمييز، ولا يعدون إيمانه صحيحا مؤسسا على أدلة وبراهين، وهذا خطأ جسيم وقع فيه المتكلمون.

ثم هم يبحثون في الشخص الذي اخترمته المنية قبل أن يكمل النظر، هل يكون مسلما أم لا؟ فكأنهم بهذا يرون أن هذه الاستدلالات على وجود الله تعالى بحاجة إلى وقت طويل وتأمل كثير، مع أنها تحصل بأدنى تأمل ونظر وتفكر، دلّ عليه قول الأعرابي السابق:( البعرة تدل على البعير، والأثر بدل على المسير، فأرض ذات فجاج، وسماء ذات أبراج، ألا تدل على الحكيم الخبير)! فالشخص لا يحتاج لتعمق للوصول إلى دلالة البعرة على البعير، بل بمجرد النظر إليها تدله على وجود البعير، وهذه دلالة ضرورية فطرية لا تحتاج إلى كثير تأمل. فالكون كذلك يدل دلال ضرورية فطرية على وجود الله تعالى، دون الحاجة إلى كثير تأمل ونظر وتفكر، فبمجرد النظر لهذا الكون الشاسع يستدل به على وجود الله تعالى.

والمتكلمون الذين لا يقبلون هذا النظر مخالفون لما عليه دلائل القرآن، فالله تعالى هو الذي وجّه عباده في النظر إلى آياته ومخلوقاته، فقال تعالى:( أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ) الأعراف:185، وقال تعالى:( قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ) يونس:101، وقال تعالى:( أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (6) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7) تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (8) وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (9) وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ) ق:6-10، وقال تعالى:( أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (20)) الغاشية:17-20، فأمر الله تعالى عباده بالنظر ليتعمق الإيمان في قلوبهم.

وهذا النظر يُسميه أهل العلم دليل العناية والخلق، فإذا تأملت في هذا الكون وعظمته، توصلت إلى معرفة عناية الله تعالى بخلقه وتدبيره لهم، ودلّك على وجوده مع الدلالة على صفاته من علمه وقدرته وحكمته ورحمته، وما إلى ذلك من دلائل.

فأخطأ المتكلمون حين قالوا: أول واجب على المكلف النظر، ورتبوا عليه أحكاما، بحيث لو اخترمت الناظر المنية قبل إتمام النظر، هل يكون مسلما أم لا؟ وهذا جرى نتيجة اعتقادهم أن مطلق النظر والتفكر لا يُوصل إلى معرفة وجود الله تعالى، وهذا مع مخالفته لنصوص القرآن، هو مخالف أيضا لما عليه عمل الناس؛ فالناس عموما على خلاف ما هم عليه من إيجاب النظر على المكلف حين البلوغ، فلا تجد أحدا منهم يتقيد بهذا الإيجاب.

فمن حيث الواقع العملي، لا يوجد شخص يقول لابنه إذا بلغ سن التكليف: يا بني أقم الأدلة على وجود الله تعالى! فهو كلام نظري مبثوث في بطون الكتب، لا علاقة له بواقع الناس، وغير قابل للتطبيق، وتعامل الناس مع أبنائهم على خلاف هذا التنظير الكلامي؛ فإن الناس عموما يعدون أمر الصبي بالصلاة لسبع سنين وضربه عليها لعشر دليلا على إيمانه. فالناس متبعون للسنة مطبقون للهدي النبوي في تأديب أبنائهم وتعليمهم.

فهذا الإيمان الذي عليه الناس، من الإقرار بوجود الله تعالى، من خلال النظر في آيات الله في الكون والآفاق والأنفس، لا يُعد تقليدا، بل هو نتيجة حتمية يُستدل بها، كما إذا نظر الإنسان إلى البناء دله على وجود بان، ودل نظره على الكتاب على وجود كاتب، فكذلك هذا الكون يدل على وجود خالق مدبر ليس من جنس هذه المخلوقات، سبحانه مُتنزه عن صفات البشر والمخلوقات.

إذن: فهذا النظر الشرعي لا يُعد تقليدا، فلا يُعد من يحصل له الإيمان بهذا النظر الشرعي مقلدا كما يزعمه المتكلمون.

فالتقليد المذموم غير المعتبر الذي ذمه الشارع له عدة صور، منها:

  • تقليد النصارى رهبانهم في قولهم: إن الله ثالث ثلاثة، فهذا تقليد مذموم، لم يقم عليه برهان ولا دليل، فهو غير مقبول لا شرعا ولا عقلا.
  • تقليد ما عليه الآباء، ومنه: ما عليه عباد الأصنام، حين يُقدسون آلهة ما أنزل الله بها من سلطان؛ تقليدا لآبائهم، كما قال تعالى عنهم:( وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ) البقرة:170، وقال تعالى:( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ) المائدة:10، وقال تعالى:( وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) الأعراف:28، وقال تعالى:( قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ) يونس:78، وقال تعالى:( إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (52) قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ (53) قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) الأنبياء:52-54، وقال تعالى:( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ (69) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ (70) قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ (71) قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (72) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (73) قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (74) قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (77)) الشعراء:69-77، وقال تعالى:( وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ) لقمان:21، وقال تعالى:( وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (20) أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ (21) بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ (22) وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ) الزخرف: 20-23.

فهذا هو التقليد الذي نهت عنه الشريعة وذمت أهله، وأما ما عليه المسلمون من الإيمان بوجود الله تعالى، فهو نظر قائم على دلائل وبراهين عقلية ضرورية. فأخطأ المتكلمون حين أوجبوا نظرا معينا، وهو دليل الحدوث عندهم، ولم يقبلوا سواه، مما كان له من أثر سيء في نفي الصفات عن الله تعالى.

والخلاصة: أن المتكلمين عموما يوجبون النظر، ومعنى ذلك أنهم لا يرون أن الإيمان بالله تعالى يحصل ضرورة وفطرة، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:( ما من مولود يولد إلا على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه) أخرجه البخاري في صحيحه (1358)، ولم يقل: أو يسلمانه؛ لأن الإيمان بالله تعالى والإقرار به فطرة، فطر الله الناس عليها، ولهذا جاء في بعض الروايات لفظ: (على هذه الملة، ملة الإسلام) وفي لفظ آخر عند البخاري وغيره: (على هذه الملة)، وفي لفظ آخر: (على ملة الإسلام) ،وفي حديث رواه مسلم في الصحيح (2865) يقول الله:(إني خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانًا).

إذن: فالإقرار بالله تعالى ضرورة وفطرة وليست تقليدا، بخلاف ما عليه اليهود والنصارى والمشركين من عقائد، فهي تقليد مخالف للفطرة، نشأت بتأثير البيئة من الوالدين ونحوهما. أما الإيمان بالله تعالى فيقع ضرورة بأدنى نظر في آيات الله الكونية، فيحصل به عند الإنسان إيمان بوجود خالق مدبر لهذا الكون.

وهذا الإيمان الذي يحصل في النفس ضرورة وفطرة إيمان مقبول، ولهذا نرى أن الأنبياء عليهم السلام إنما دعوا الناس إلى عبادة الله وحده لا شريك له، كما قال تعالى:( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) النحل:36، وقال تعالى:( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) الأنبياء:25، فالأنبياء عليهم السلام دعوا أقوامهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وقبلوا من الناس ما هم عليه من الإقرار بوجود الله تعالى، ولذلك ذكر القرآن إقرار المشركين بربوبية الله تعالى ، قال تعالى:( قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (85) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (89)) المؤمنون:84-89 ، وقال تعالى:( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) العنكبوت:61، وقال تعالى:( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ) العنكبوت:63، وقال تعالى:( ) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) لقمان:25، وقال تعالى:( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ) الزمر:38، وقال تعالى:( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ) الزخرف:9، وقال تعالى:( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) الزخرف:87. فكل هذه الآيات تدل على إقراراهم بالصانع، وأنه هو الخالق المدبر المتصرف في هذا الكون، فإذا أقروا بأن الله تعالى هو الخالق، أُلزموا بعبادة الله وحده لا شريك له، وهذا هو التوحيد الذي جاءت به الرسل، وهو المنجي عند الله تعالى يوم القيامة.

فالمقصود: أن هناك فرقا بين ما يُقرره المتكلمون وما يراه علماء السلف في مسألة الإيمان بالله تعالى. ثم إن إيجابهم النظر، وإيجابهم دليلا معينا لهذا النظر، وهو دليل الحدوث القائم على نظرية الجواهر والأعراض، كان له أثره السيء في نفي الصفات ورد نصوص الوحي.

فالمتكلمون لا يعدون إيمان الناس بوجود الله تعالى إيمانا صحيحا، ويزعمون أنه جاء عن تقليد. وقلنا: إن الأنبياء عليهم السلام قبلوا من الناس إيمانهم بالله تعالى، ولذلك لم يُقيموا عليهم الأدلة على وجوده تعالى لإقرارهم به. ومن أظهر إنكار الخالق كفرعون ونحوه، فهم وإن كانوا منكرين له في الظاهر، إلا أنهم مقرين به في الباطن، كما قال تعالى عنهم:( وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا) النمل:14، وموسى عليه السلام قال لفرعون:( قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا) الإسراء:102، فهو في حقيقة نفسه مقر بوجود الله تعالى، لكنه جحد ذلك لمصالح أخرى. وقد ذكر المفسرون أن فرعون مع قوله:( مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي) القصص: 38، أن له معبودات يعبدها، فقد ذكر الإمام ابن جرير الطبري في تفسيره عن بعض السلف، أن فرعون كان له بقرة يعبدها، وقال بعضهم: إنه كان لفرعون جمانة معلقة في نحره يعبدها ويسجد لها، وقال بعضهم: كان يعبد إلها في السر، والحقيقة كما قال تعالى:( فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ) الزخرف:54، قال الحافظ ابن كثير:” أي: استخف عقولهم، فدعاهم إلى الضلالة فاستجابوا له”.

فظاهرة إنكار وجود الله تعالى ليست صحيحة، ولذلك يتعجب الرسل عليهم السلام:( قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) إبراهيم:10، وهذا استفهام إنكاري، معناه: ليس في الله شك.

فلا يُقبل قول من يجحد الخالق؛ لأن قولهم تظاهر بالإلحاد، إما للتخلص من المسؤولية والانغماس في الشهوات ليعبد هواه، وإما لحفظ ما له من المكانة والمنزلة، كما كان من حال فرعون، إنما أراد بإنكار الصانع استبقاء ما هم عليه من الخضوع له، ولذلك قال لقومه كما حكى القرآن عنه:( إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ) غافر:26، فعد تبديل دينهم وواقعهم من الفساد!

فالمقصود: أن الأنبياء عليهم السلام قبلوا من الناس إيمانهم بالله تعالى، ورتبوا على ذلك الدعوة إلى توحيد الله في العبادة.

ولا بد من استحضار مسألة مهمة: وهي أن أصل البشرية آدم عليه السلام نبي مُكلّم، والناس توارثوا منه معرفة الله تعالى، ومع طول الزمان تحصل انحرافات وضلالات في توحيد العبادة، لكن العقيدة الأصل وهو أن لهذا الكون خالقا لا تتلاشى، نعم حصلت انحرافات من جهة تأليه غير الله تعالى، كما وقع من قوم نوح عليه السلام، بسبب الجهل والغلو وتعظيم الصالحين، وبفعل الشيطان وإغوائه، لكن لم يقع منهم إنكار للخالق سبحانه وتعالى.

التعليقات مغلقة.

جديد سلف

أثر ابن تيمية في مخالفيه

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: شيخ الإسلام ابن تيمية هو البحرُ من أيِّ النواحِي جِئتَه والبدرُ من أيّ الضَّواحِي أتيتَه جَرَتْ آباؤُه لشأْو ما قَنِعَ به، ولا وقفَ عنده طليحًا مريحًا من تَعَبِه، طلبًا لا يَرضَى بِغاية، ولا يُقضَى له بِنهايَة. رَضَعَ ثَدْيَ العلمِ مُنذُ فُطِم، وطَلعَ وجهُ الصباحِ ليُحاكِيَهُ فَلُطِم، وقَطَعَ الليلَ […]

عرض وتعريف بكتاب (نقض كتاب: مفهوم شرك العبادة لحاتم بن عارف العوني)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدّمة: إنَّ أعظمَ قضية جاءت بها الرسل جميعًا هي توحيد الله سبحانه وتعالى في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، حيث أُرسلت الرسل برسالة الإخلاص والتوحيد، وقد أكَّد الله عز وجل ذلك في قوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 25]. […]

عبادة السلف في رمضان وأين نحن منها؟!

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: لا يخفى أن السلف الصالح -رضوان الله عليهم- كانوا يحرصون كل الحرص على كثرة التعبد لله سبحانه وتعالى بما ورد من فضائل الأعمال، وبما ثبت من الصالحات الباقيات التي تعبَّد بها النبي صلى الله عليه وسلم، بل إنهم كانوا يتهيؤون للمواسم – ومنها شهر رمضان – بالدعاء والتضرع […]

النصيرية.. نشأتهم – عقائدهم – خطرهم على الأمة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: لقد كانت الباطِنيَّةُ -وما زالت- مصدرَ خطَرٍ على الإسلامِ والمسلمين مذ وُجِدت، وقد أيقَن أعداءُ الإسلامِ أنَّ حَسْمَ المواجهة مع المسلمين وجهًا لوجهٍ لن يُجدِيَ شيئًا في تحقيق أهدافِهم والوصولِ لمآربهم؛ ولذلك كانت الحركاتُ الباطِنيَّةُ بعقائِدِها وفِتَنِها نتيجةً لاتجاهٍ جديدٍ للكيد للمسلمين عن طريق التدثُّرِ باسمِه والتستُّرِ بحبِّ […]

موقف الإمامية الاثني عشرية من خالد بن الوليد -قراءة نقدية-

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: إن الله أعزّ الأمة، ووجّهها نحو الطريق المستقيم، وفتح لها أبواب الخير بدين الإسلام، هذا الدين العظيم اصطفى الله له محمدَ بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، واصطفى له من بين أهل الأرض رجالًا عظماء صحبوه فأحسنوا الصحبة، وسخروا كل طاقاتهم في نشر دين الله مع نبي […]

التلازم بين العقيدة والشريعة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: من تأمل وتتبَّع أسفار العهدين القديم والحديث يدرك أنهما لا يتَّسمان بالشمول والكمال الذي يتَّسم به الوحي الإسلامي؛ ذلك أن الدين الإسلامي جاء كاملا شاملا للفكر والسلوك، وشاملا للعقيدة والشريعة والأخلاق، وإن شئت فقل: لأعمال القلوب وأعمال الجوارح واللسان، كما جاء شاملا لقول القلب واللسان، وهذا بخلاف غيره […]

إنكار ابن مسعود للمعوذتين لا طعن فيه في القرآن ولا في الصحابة

يعمد كثير من الملاحدة إلى إثارة التشكيك في الإسلام ومصادره، ليس تقويةً لإلحاده، ولكن محاولة لتضعيف الإسلام نفسه، ولا شك أن مثل هذا التشكيك فيه الكثير من النقاش حول قبوله من الملاحدة، أعني: أن الملحد لا يؤمن أساسًا بالنص القرآني ولا بالسنة النبوية، ومع ذلك فإنه في سبيل زرع التشكيك بالإسلام يستخدم هذه النصوص ضد […]

دعاوى المناوئين لفتاوى ابن باز وابن عثيمين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: تُثار بين الحين والآخر نقاشات حول فتاوى علماء العصر الحديث، ومن أبرز هؤلاء العلماء الشيخ عبد العزيز بن عبد الله ابن باز والشيخ محمد بن صالح العثيمين. ويطغى على هذه النقاشات اتهام المخالف لهما بالتشدد والتطرف بل والتكفير، لا سيما فيما يتعلق بمواقفهما من المخالفين لهما في العقيدة […]

شبهات العقلانيين حول حديث “الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم” ومناقشتها

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة    مقدمة: لا يزال العقلانيون يحكِّمون كلامَ الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم إلى عقولهم القاصرة، فينكِرون بذلك السنةَ النبوية ويردُّونها، ومن جملة تشغيباتهم في ذلك شبهاتُهم المثارَة حول حديث: «الشيطان يجري في ابن آدم مجرى الدم» الذي يعتبرونه مجردَ مجاز أو رمزية للإشارة إلى سُرعة وقوع الإنسان في […]

البهائية.. عرض ونقد

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد مات بعد أن أتم الله تعالى عليه النعمة وأكمل له الملة، وأنزل عليه وهو قائم بعرفة يوم عرفة: {اليومَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وأَتْمَمْتُ علَيْكُم نِعْمَتي ورَضِيتُ لَكُمُ الإسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]، وهي الآية التي حسدتنا عليها اليهود كما في الصحيحين أنَّ […]

الصمت في التصوف: عبادة مبتدعة أم سلوك مشروع؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: الصوفية: جماعةٌ دينية لهم طريقةٌ مُعيَّنة تُعرف بالتصوّف، وقد مَرَّ التصوّف بمراحل، فأوَّل ما نشأ كان زُهدًا في الدنيا وانقطاعًا للعبادة، ثم تطوَّر شيئًا فشيئًا حتى صار إلحادًا وضلالًا، وقال أصحابه بالحلول ووحدة الوجود وإباحة المحرمات([1])، وبين هذا وذاك بدعٌ كثيرة في الاعتقاد والعمل والسلوك. وفي إطار تصدِّي […]

دفع مزاعم القبورية حول حديث: «اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»

مقدمة: من الفِرى ردُّ الأحاديث الصحيحة المتلقّاة بالقبول انتصارًا للأهواء والضلالات البدعية، وما من نصّ صحيح يسُدُّ ضلالًا إلا رُمِي بسهام النكارة أو الشذوذ ودعوى البطلان والوضع، فإن سلم منها سلّطت عليه سهام التأويل أو التحريف، لتسلم المزاعم وتنتفي معارضة الآراء المزعومة والمعتقدات. وليس هذا ببعيد عن حديث «‌اتخذوا ‌قبور ‌أنبيائهم»، فقد أثار أحدهم إشكالًا […]

استباحة المحرَّمات.. معناها وروافدها

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: من أعظم البدع التي تهدم الإسلام بدعة استباحةُ الشريعة، واعتقاد جواز الخروج عنها، وقد ظهرت هذه البدعة قديمًا وحديثًا في أثواب شتى وعبر روافد ومصادر متعدِّدة، وكلها تؤدّي في نهايتها للتحلّل من الشريعة وعدم الخضوع لها. وانطلاقًا من واجب الدفاع عن أصول الإسلام وتقرير قواعده العظام الذي أخذه […]

الحالة السلفية في فكر الإمام أبي المعالي الجويني إمام الحرمين -أصول ومعالم-

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: من الأمور المحقَّقة عند الباحثين صحةُ حصول مراجعات فكرية حقيقية عند كبار المتكلمين المنسوبين إلى الأشعرية وغيرها، وقد وثِّقت تلك المراجعات في كتب التراجم والتاريخ، ونُقِلت عنهم في ذلك عبارات صريحة، بل قامت شواهد الواقع على ذلك عند ملاحظة ما ألَّفوه من مصنفات ومقارنتها، وتحقيق المتأخر منها والمتقدم، […]

أحوال السلف في شهر رجب

 مقدمة: إن الله تعالى خَلَقَ الخلق، واصطفى من خلقه ما يشاء، ففضّله على غيره، قال تعالى: ﴿وَرَبُّكَ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُ ‌وَيَخۡتَارُ﴾ [القصص: 68]. والمقصود بالاختيار: الاصطفاء بعد الخلق، فالخلق عامّ، والاصطفاء خاصّ[1]. ومن هذا تفضيله تعالى بعض الأزمان على بعض، كالأشهر الحرم، ورمضان، ويوم الجمعة، والعشر الأواخر من رمضان، وعشر ذي الحجة، وغير ذلك مما […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017