فضائل عمرو بن العاص رضي الله عنه .. والرد على الشبهات المثارة حوله
للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة
مقدمة:
تطاول أقوام على الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه، القائد العظيم المحنك، الذي حمل أعباء الجهاد في سبيل الله بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتي توِّجت فتوحاته العظيمة بالنصر على أعداء الإسلام، فنالوا من صدقه وأمانته، ووصفوه بالغدر والخبث زورًا وبهتانًا، ولكن هيهات أن ينالوا شيئًا من طود شامخ، عالي القامة، راسخ القدم في تبليغ دين الله والجهاد في سبيله؛ لذا دعت الحاجة إلى كتابة هذه الورقة العلمية للتعريف بفضائل الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه ومناقبه وجهاده ونصرته للإسلام والمسلمين.
وقد كُتِبت فيه وفي فضائله رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مؤلفات كثيرة، ومنها: “عمرو بن العاص” تأليف: بسام العسيلي، و”عمرو بن العاص” تأليف: عباس محمود العقاد، و”درء الانتقاص عن عمرو بن العاص” تأليف: محمد بن كمال السيوطي، و”بذل الإخلاص في سيرة عمرو بن العاص” تأليف: وليد عبد الحق.
اسمه ونسبه:
هو الصحابي الجليل عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم السهمي القرشي رضي الله عنه([1]). يكنى: بأبي عبد الله، وقيل: أبو محمد([2]).
يلتقي نسبه مع الرسول صلى الله عليه وسلم في الجد السابع، وهو كعب بن لؤي بن غالب القرشي([3]).
فضائله:
اختص عمرو بن العاص بمجموعة من الفضائل، ويكفي في فضله صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهي أكبر منقبة له؛ إذ فضل الصحبة لا يعادله فضل، إلا أن عمرًا رضي الله عنه ورد في فضله أحاديث خاصة به، منها:
1- أن النبي صلى الله عليه وسلم شهد له بالإيمان:
فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أسلم الناس، وآمن عمرو بن العاص»([4]). وفي رواية شهد له ولأخيه بالإيمان فقال صلى الله عليه وسلم: «ابنا العاص مؤمنان» يعني هشامًا وعمرًا([5]).
2- ثقة الرسول صلى الله عليه وسلم بمقدرة عمرو بن العاص القتالية، ولذلك ما عدل عنه صلى الله عليه وسلم في الحرب منذ أسلم، وذلك لعلمه وبصيرته بالحرب وبفنون القتال:
قال عمرو بن العاص: (ما عدَل بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبخالد بن الوليد في حربه منذ أسلمنا أحدًا من الصحابة)([6]).
3- أن النبي صلى الله عليه وسلم شهد لعمرو بن العاص بالصلاح:
قال طلحة رضي الله عنه: ألا أحدثكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء؟ إني سمعته يقول: «إن عمرو بن العاص من صالحي قريش»([7]).
4– ثناء الرسول صلى الله عليه وسلم عليه بقوله: «نِعِمَّا بالمال الصالح للمرء الصالح»:
فعن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا عمرو، إني أريد أن أبعثك وجها فيُسلمك الله ويُغْنِمك أرغب لك من المال رغبة صالحة»، قلت: يا رسول الله، إني لم أسلم رغبة في المال، وإنما أسلمت رغبة في الجهاد، والكينونة معك، قال: «يا عمرو، نِعِمَّا بالمال الصالح للمرء الصالح»([8]).
5- أن النبي صلى الله عليه وسلم طلب من الصحابة رضي الله عنهم الاقتداء بعمرو بن العاص رضي الله عنه، وذلك لمّا وقع الفزع بالمدينة:
قال عمرو بن العاص: (كَانَ فَزَعٌ بِالْمَدِينَةِ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَذْهَبُونَ هَكَذَا وَهَكَذَا، فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ مُحْتَبٍ بِحَمَائِلِ سَيْفِهِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ مِنْبَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَقَعَدْتُ مَعَ سَالِمٍ، وَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا كَانَ مَفْزَعُكُمْ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ؟! أَلَا فَعَلْتُمْ مَا فَعَلَ هَذَانِ الرَّجُلانِ الْمُؤْمِنَانِ؟!»([9]).
6- حياء عمرو بن العاص رضي الله عنه من رسول الله صلى الله عليه وسلم:
قال عمرو بن العاص رضي الله عنه: (ما كان أحد أحب إليّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أجل في عيني منه، وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالا له، ولو سئلت أن أصفه ما أطقت؛ لأني لم أكن أملأ عيني منه)([10]).
7- أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أقرأَهُ خمس عشرة سجدة في القرآن:
قال عمرو بن العاص: (أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم في القرآن خمس عشرة سجدة، منها في المفصل ثلاث، وفي سورة الحج سجدتان)([11]).
8- أن النبي صلى الله عليه وسلم أمَّره على سرية فيها أبو بكر وعمر:
فقد أمَّره رسول الله صلى الله عليه وسلم على سرية نحو الشام، فسار حتى إذا كان على ماء بأرض جذام يقال له: السلاسل -وبذلك سميت تلك الغزوة ذات السلاسل- خاف فكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من تلك الغزوة يستمدُّه، فأمده بجيش من مائتي فارس من المهاجرين والأنصار أهل الشرف، فيهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما([12]).
وفي هذه الغزوة كان لعمرو بن العاص رضي الله عنه مواقف تدلُّ على قوة ذكائه وبصره بالحرب، استنكرها كثير من الصحابة في البداية لخفاء مقصده، فلما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم شكوا ذلك إليه؛ فأبان مقصده في منعهم من إيقاد النار مع ما هم فيه من برد شديد، ومنعهم من تتبع العدو فقال: يا نبي الله، أن كان في أصحابي قلة فخشيت أن يرى العدوّ قلتهم، ونهيتهم أن يتَّبعوا العدو مخافةَ أن يكون لهم كمين، قال: فأعجب ذلك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم([13]).
9- بعثه صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة إلى سواع (صنم هذيل) ليهدمه:
قال عمرو: فانتهيت إليه وعنده السادن، فقال: ما تريد؟ قلت: أمرني رسول الله أن أهدمه، قال: لا تقدر على ذلك، قلت: لم؟ قال: تمنع، قلت: حتى الآن أنت في الباطل؟! ويحك! وهل يسمع أو يبصر؟! قال: فدنوت منه فكسرته، وأمرت أصحابي فهدموا بيت خزانته، فلم يجدوا فيه شيئا، ثم قلت للسادن: كيف رأيت؟ قال: أسلمت لله([14]).
10- بعثه صلى الله عليه وسلم في السنة نفسها إلى جَيْفَر وعمرو ابني الجُلَنْدَى بِعُمان -وكان الملك منهما جيفرًا وكانا من الأزد- مصدِّقًا، فخليا بينه وبين الصدقة، فأخذ الصدقة من أغنيائهم وردها على فقرائهم، وأخذ الجزية من المجوس الذين بها، ولم يزل له بِعُمان حتى مات النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج منها فقدم المدينة([15]).
11- بَعَثَه أبو بكر الصديق رضي الله عنه أميرًا إلى الشام، فتولى ما تولى من فتحها، وشهد اليرموك([16]). قال عمرو: شهدت أنا وأخي هشام اليرموك، فبات وبت ندعو الله أن يرزقنا الشهادة، فلما أصبحنا رُزِقها وحُرِمتُها([17]). فهذه منقبة عظيمة لعمرو رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سأل الشهادة بصدق بلَّغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه»([18]).
12- كان عمرو بن العاص من أمراء الأجناد في الجهاد بالشام في زمن عمر، وهو الذي فتح قنسرين، وصالح أهل حلب ومنبج وأنطاكية، وولاه بعد موت يزيد بن أبي سفيان فلسطين والأردن([19]).
13- وبعد جمع الشام كلها لمعاوية كتب عمر إلى عمرو بن العاص، فسار إلى مصر فافتتحها، فلم يزل عليها واليا حتى مات عمر، فأقره عثمان عليها أربع سنين أو نحوها، ثم عزله عنها، فقدم عمرو المدينة فأقام بها، فلما نشب الناس في أمر عثمان خرج إلى الشام فنزل بها في أرض له بالسبع من أرض فلسطين، حتى قتل عثمان فصار إلى معاوية، فلم يزل معه يظهر الطلب بدم عثمان، وشهد معه صفين، ثم ولاه معاوية مصر، فخرج إليها فلم يزل بها واليًا، وابتنى بها دارًا ونزلها إلى أن مات بها([20]).
فتولية عمرو بن العاص رضي الله عنه هذه المناصب والأعمال من قبل النبي والخلفاء له من بعده تدل دلالة ظاهرة على فضله ودهائه وكفاءته وخبرته بالسياسة، وهذا ما شهد له به الصحابة رضي الله عنهم.
14- كان سببًا في هداية الكثير من الذين دخلوا في دين الله أفواجًا، ومن ذراريهم إلى قيام الساعة، فكم له من الأجر والثواب العظيم عند الله U، فهذا الفضل أجراه الله U على عمرو بن العاص وعلى أصحابه الذين جاهدوا معه في فتوح الشام ومصر وغيرها، فلا يسجد رجل لربه في الأقصى، ولا يركع شيخ ركعة متقبلة في قرية أو مدينة من مدن عُمان، ولا يصلي فلّاح في أرضه في دلتا النيل بمصر، ولا يُذكر اسم الله في برقة أو طرابلس رجل إلا وكتب لعمرو بن العاص وأصحابه مثل أجرهم جميعًا، لا ينقص من أجرهم شيء، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا يُنقص ذلك أجورهم شيئًا»([21]).
وكم قطع عمرو بن العاص رضي الله عنه من الأودية والشعاب والصعاب التي تكبدها في فتوح مصر والشام، أليس ذلك في ميزان حسناته؟! وقد أخبرنا الله U: ﴿بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطْئُونَ موطنا يغيظ الكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُو نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُم عمل صالح﴾ [التوبة: ١٢٠]، وأخبرنا أيضًا: ﴿وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ هُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [التوبة: ۱۲۱]([22]).
فضل الصحبة في الكتاب والسنة:
ورد في فضل الصحابة رضي الله عنهم آيات وأحاديث كثيرة، بينها الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته؛ ليعرفوا لهم قدرهم وليتأسوا بهم، وقد أثنى الله سبحانه عليهم بما لم يثن على أمة من الأمم سواهم، وعمرو بن العاص رضي الله عنه يدخل ضمن هذه النصوص:
أولا: الآيات:
قوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أُوْلَٰٓئِكَ يَرجُونَ رَحمَتَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ غَفُور رَّحِيم﴾ [البقرة: 218].
وقوله تعالى: ﴿كُنتُم خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَت لِلنَّاسِ تَأمُرُونَ بِالمَعرُوفِ وَتَنهَونَ عَنِ ٱلمُنكَرِ وَتُؤمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلَو ءَامَنَ أَهلُ ٱلكِتَٰبِ لَكَانَ خَيرا لَّهُم مِّنهُمُ ٱلمُؤمِنُونَ وَأَكثَرُهُمُ ٱلفَٰسِقُونَ﴾ [آل عمران:110].
وقوله تعالى: ﴿وَٱلسَّٰبِقُونَ ٱلأَوَّلُونَ مِنَ ٱلمُهَٰجِرِينَ وَٱلأَنصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحسَٰن رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنهُم وَرَضُواْ عَنهُ وَأَعَدَّ لَهُم جَنَّٰت تَجرِي تَحتَهَا ٱلأَنهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدا ذَٰلِكَ ٱلفَوزُ ٱلعَظِيمُ﴾ [التوبة: 11].
ثانيا: الأحاديث:
1- بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن القرن الذي وجد فيه الصحابة هو خير القرون: فقال صلى الله عليه وسلم: «خير أمتي القرن الذي بعثت فيهم، ثم الذي يلونهم»([23]).
2- نهى صلى الله عليه وسلم عن سب أصحابه فقال: «لا تسبوا أصحابي، لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده، لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه»([24]).
3- بين صلى الله عليه وسلم أن الصحابة أمنة لأمته، فقال صلى الله عليه وسلم: «النجوم أمنة للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون»([25]).
4- أوصى صلى الله عليه وسلم بأصحابه فقال: «استوصوا بأصحابي خيرًا، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم…»([26]).
5- الأمر بالإمساك عند ذكر الصحابة بسوء، قال صلى الله عليه وسلم: «إذا ذكر أصحابي فأمسكوا…»([27]).
فعمرو بن العاص رضي الله عنه لا شك أنه ممن حازوا قصب السبق في الدين، ونالوا شرف الصحبة الذي لا يعادله شرفٌ، وشملهم فضل هذه الآيات والأحاديث؛ وذلك لأنه هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبايعه وصحبه ونصر دينه وجاهد في سبيله.
الآثار عن الصحابة والسلف الصالح في فضائل عمرو بن العاص رضي الله عنه:
1- شهادة أبي بكر الصديق رضي الله عنه لعمرو بن العاص بأنه أيقظ عينًا وأبصر بالحرب: عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل وفيهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، فلما انتهوا إلى مكان الحرب أمرهم عمرو أن لا ينوروا نارا، فغضب عمر وهمّ أن ينال منه، فنهاه أبو بكر، وأخبره أنه لم يستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم عليك إلا لعلمه بالحرب، فهدأ عمر رضي الله عنه([28]).
2- روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان شديد الإعجاب بعمرو بن العاص رضي الله عنه؛ فقد روي عنه أنه نظر إلى عمرو بن العاص يمشي فقال: ما ينبغي لأبي عبد الله أن يمشي على الأرض إلا أميرا([29]).
3- أعاد عثمان رضي الله عنه الولاية لعمرو بن العاص رضي الله عنه لرغبة أهل مصر فيه: قال عثمان رضي الله عنه: فليقم أهل كل مصر، فليسألوني صاحبهم الذي يحبون فأستعمله عليهم، وأعزل عنهم الذي يكرهونه… وقال أهل مصر: اعزل عنا ابن أبي سرح، واستعمل علينا عمرو بن العاص، ففعل، فانصرفوا راضين([30]).
4- عن قبيصة قال: صحبت عمرو بن العاص، فما رأيت رجلا أبين قرآنا ولا أكرم خلقا ولا أشبه سريرة بعلانية منه([31]).
5- الانتقاص من أحد من الصحابة دليل على الخبيئة السيئة في النفس: فقد سئل الإمام أحمد بن حنبل عن رجل انتقص معاوية وعمرو بن العاص أيقال له: رافضي؟ فقال: إنه لم يجترئ عليهما إلا وله خبيئةُ سوء، ما انتقص أحدٌ أحدًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا له داخلة سوء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير الناس قرني»([32]).
الشبهات المثارة حول الصحابي الجليل عمرو بن العاص والرد عليها:
الشبهة الأولى: وصفه بالغدر:
شاع هذا الوصف وانتشر على ألسنة أهل البدع، وفي كتب الطاعنين فيه:
قال صاحب المعيار: (وإنما تراجع الناس إليه بعد الحكمين حين انكشف للناس غدر عمرو بن العاص)([33]).
وقصة تحكيم أبي موسى وعمرو بن العاص في الخلاف الذي كان بين علي ومعاوية مشهورة ومبثوثة في كتب التاريخ([34])، ومفادها ما يلي:
أن عمرًا وأبا موسى اتفقا على خلع علي ومعاوية، وأن يجعل الأمر شورى بين المسلمين يختارون لأنفسهم من شاؤوا ومن أحبوا. فأقبلا إلى الناس وهم مجتمعون، فتكلم أبو موسى فحمد الله وأثنى عليه فقال: إن رأيي ورأي عمرو قد اتفق على أمر نرجو أن يصلح الله به أمر هذه الأمة. قال عمرو: صدق. فتقدم أبو موسى وقال: قد أجمع رأيي ورأي صاحبي عمرو على خلع علي ومعاوية، وأن نستقبل هذا الأمر فيكون شورى بين المسلمين، فيولون أمورهم من أحبوا. وإني قد خلعت عليًّا ومعاوية، فاستقبلوا أمركم وولوا من رأيتم لها أهلًا. ثم تنحى فقعد. وقام عمرو بن العاص مقامه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن هذا قال ما قد سمعتم وخلع صاحبه، وأنا أخلع صاحبه كما خلعه، وأثبت صاحبي معاوية في الخلافة؛ فإنه ولي عثمان والطالب بدمه، وأحق الناس بمقامه. فقال له أبو موسى: ما لك؟! لا وفقك الله، قد غدرت وفجرت([35]).
وهذه القصة عند الدراسة والتحليل يتبين بطلانها من عدة أوجه:
الوجه الأول: أن قصة التحكيم من جهة الإسناد ضعيف جدًّا([36])؛ ولها عدة طرق وهي كالتالي:
الطريق الأول: نصر بن مزاحم، عن عمر بن سعد، عن أبي جناب الكلبي.
أما نصر بن مزاحم وشيخه عمر بن سعد فكلاهما متروكان([37])، وأما أبو جناب فضعيف لكثرة تدليسه([38]).
والأمر الآخر: أن فيه انقطاعا، وذلك أن أبا جناب راوي القصة قد توفي سنة خمسين ومائة، فبينه وبين التحكيم بون شاسع([39]).
الطريق الثاني: رواه الطبري معلقا من طريق أبي مخنف، عن أبي جناب.
وهذا الإسناد أيضا ضعيف جدًّا، فيه علتان: لوط بن يحيى أبو مخنف، قال الذهبي: إخباريّ تالف، لا يوثق به([40]).
وأبو جناب تقدم الكلام عليه.
الطريق الثالث: محمد بن عمر، عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي سبرة، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، عن عمرو بن الحكم. أخرجه ابن سعد([41])، ومن طريقه ابن عساكر([42]).
وهذا السند ضعيف جدًّا؛ فيه ثلاث علل: محمد بن عمر الواقدي متروك مع سعة علمه([43])، وشيخه أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة ليس بشيء كان يضع الحديث([44])، وإسحاق بن عبد الله بن أبي فروة يروي أحاديث منكرة([45]).
الوجه الثاني([46]): من جهة المتن:
أولًا: أن سرد هذه القصة بهذه الكيفية لا يتناسب مع صفات الصحابة وأخلاقهم الرفيعة، قال القاضي أبو بكر ابن العربي: (قد تحكَّم الناس في التحكيم فقالوا فيه ما لا يرضاه الله، وإذا لحظتموه بعين المروءة دون الديانة رأيتم أنها سخافة حمَل على تسطيرها في الكتب في الأكثر عدمُ الدين، وفي الأقل جهلٌ متين… هذا كله كذب صراح، ما جرى منه حرف قطّ، وإنما هو شيء أخبر عنه المبتدعة ووضعته التاريخية للملوك، فتوارثه أهل المجانة والجهارة بمعاصي الله والبدع)([47]).
ثانيا: أن الخلاف بين علي ومعاوية رضي الله عنهما ليس حول الخلافة ومن هو الأحق بها كما تزعم الرواية الشائعة.
وإنما الخلاف الحقيقي بينهما المتفق عليه بين جميع المؤرخين كان سببه أخذ القصاص من قتلة عثمان رضي الله عنه؛ إذ رأى معاوية أخذ القصاص من قتلة عثمان قبل البيعة لعلي رضي الله عنه لأنه ولي الدم لقرابته من عثمان.
ولم ينكر معاوية رضي الله عنه قط فضل علي رضي الله عنه واستحقاقه للخلافة؛ لكن اجتهاده أدّاه إلى أن رأى تقديم أخذ القَوَد من قتلة عثمان على البيعة.
فلما امتنع عن البيعة انتِظارًا للقصاص من قتلة عثمان أصبح هو ومن تبعه من أهل الشام في نظر علي رضي الله عنه في موقف الخارجين على الخلافة، وبغاةً خارجين عليه؛ فقرر أن يخضعهم ويردَّهم إلى الجماعة ولو بالقوة([48]).
فيتضح مما سبق أن الخلاف الحقيقي بين علي ومعاوية رَضِيَ اللهُ عَنْهُما كان سببه أخذ القصاص من قتلة عثمان رضي الله عنه؛ وليس حول الخلافة كما هي الرواية الشائعة.
وفهم الخلاف على هذه الصورة -وهي صورته الحقيقية- يبين المهمة التي أوكلت للحكمين في الخلاف بين علي ومعاوية رَضِيَ اللهُ عَنْهُما؛ إذ لم يكن الخلاف بينهما حول الخلافة ومن هو أحق بها، وإنما كان حول توقيع القصاص على قتلة عثمان رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وليس هذا من أمر الخلافة في شيء، فإذا ترك الحكمان هذه القضية الأساسية، وهي ما طلب إليهما الحكم فيه، واتخذا قرارًا في شأن الخلافة كما تزعم الرواية الشائعة، فمعنى ذلك أنهما لم يفقها موضوع النزاع، ولم يُحيطا بموضوع الدعوى، وهو أمر مستبعد جدا([49]).
وفي هذا الشأن يقول ابن حزم : (وأما أمر معاوية رضي الله عنه فبخلاف ذلك، ولم يقاتله علي رضي الله عنه لامتناعه من بيعته؛ لأنه كان يسعه في ذلك ما وسع ابن عمر وغيره، لكن قاتله لامتناعه من إنفاذ أوامره في جميع أرض الشام، وهو الإمام الواجبة طاعته، فعلي المصيب في هذا، ولم ينكر معاوية قط فضل علي واستحقاقه الخلافة، لكن اجتهاده أداه إلى أن رأى تقديم أخذ القَوَد من قتلة عثمان رضي الله عنه على البيعة، ورأى نفسه أحق بطلب دم عثمان والكلام فيه عن ولد عثمان وولد الحكم بن أبي العاص؛ لسِنِّه ولقوَّته على الطلب… وأصاب في ذلك، وإنما أخطأ في تقديمه ذلك على البيعة فقط، فله أجر الاجتهاد في ذلك)([50]).
ثالثا: القول بأن أبا موسى الأشعري كان في قضية التحكيم ضحيةَ خديعةِ عمرو بن العاص ينافي الحقائق التاريخية الثابتة عن فضله وفطنته وفقهه ودينه، والتي تثبت له بتولية بعض أعمال الحكم والقضاء في الدولة الإسلامية منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك أبو موسى الأشعري قد شهد له الصحابة وكثير من علماء التابعين بالرسوخ في العلم، والكفاءة في الحكم، والفطنة والكياسة في القضاء. فكيف يمكن تصوُّر غفلته إلى هذا الحد؟!([51]).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (ومعاوية وعمرو بن العاص وأمثالهم من المؤمنين لم يتهمهم أحد من السلف بنفاق؛ بل قد ثبت في الصحيح أن عمرو بن العاص لما بايع النبي صلى الله عليه وسلم قال: على أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي. فقال: «يَا عَمْرُو، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الإِسْلامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ؟!»، ومعلوم أنَّ الإسلام الهادم هو إسلام المؤمنين؛ لا إسلام المنافقين. وأيضًا فعمرو بن العاص وأمثاله ممن قدِم مهاجرًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد الحديبية هاجروا إليه من بلادهم طوعًا لا كرهًا، والمهاجرون لم يكن فيهم منافق؛ وإنما كان النفاق في بعض من دخل من الأنصار؛ وذلك أن الأنصار هم أهل المدينة؛ فلما أسلم أشرافهم وجمهورهم احتاج الباقون أن يظهروا الإسلام نفاقًا؛ لعز الإسلام وظهوره في قومهم. وأما أهل مكة فكان أشرافهم وجمهورهم كفارًا فلم يكن يُظهرُ الإيمان إلا من هو مؤمن ظاهرًا وباطنًا؛ فإنه كان مَن أَظهرَ الإسلام يُؤذى ويُهجر)([52]).
الوجه الثالث: وردت روايات أخرى صحيحة([53]) وفيها: أنهم تواعدوا للصلح في السنة المقبلة، فجاء معاوية وأهل الشام، وشُغل علي رضي الله عنه بالخوارج، فأرسل ابن عباس رضي الله عنه، وكان الحَكَم من قبله أبا موسى، ومن الطرف الآخر عمرو بن العاص رضي الله عنه، فاختلفا ولم يصطلحا، وتفرقوا ولم يحصل خَلع لأحد الطرفين كما في الروايات السابقة، وهذه هي الصورة الحقيقية التي تتناسب مع أخلاق الصحابة وصفاتهم الحميدة([54]).
الوجه الرابع: قضية خلع أمير المؤمنين علي رضي الله عنه وتثبيت معاوية رضي الله عنه في قصة التحكيم ثبوتُها مستحيلٌ، فسندها مظلِم غير قويم، ومتنها منكَر غير مستَقيم، لكن لو سلَّمنا تنزُّلا فماذا نَبني عليها؟ هل تطيب النفس بالوقوع في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أم لا بد لنا أن نعرف للصحابة مكانتهم وفضلهم، وأن نحبهم ونترضى عنهم؛ لنصرتهم هذا الدينَ بأنفسهم وأموالهم؟! ومع ذلك لا نعتقد عصمتهم عن كبائر الإثم، فضلا عن الصغائر، ولكن نحفَظ ألسنتنا من النيل منهم والتعرض لهم، ونقول: إن لهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة هذه الذنوب([55]).
الشبهة الثانية: تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من اجتماع عمرو بمعاوية رضي الله عنهما، وأن اجتماعهما لا يأتي بخير:
وذلك لما رُوي عن زيد بن أرقم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا رأيتم معاوية وعمرو بن العاص مجتمعَين ففرِّقوا بينهما؛ فإنهما لن يجتمعا على خير»([56])، وفي رواية([57]):«إذا رأيتموهما جميعا ففرقوا بينهما؛ فوالله ما اجتمعا إلا على غدرة».
ويجاب عن هذه الشبهة من ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: من جهة السند، فهو حديث ضعيف جدًّا؛ فالرواية الأولى فيها نصر بن مزاحم متروك([58])، والرواية الثانية فيها سعيد بن عبد الرحمن مجهول([59])، وأبوه مجهول أيضا([60]).
الوجه الثاني: أن قوله: «ما اجتمعا إلا على غدرة» كلام يستلزم أن يكون كل واحد منهما منفردًا موصوفًا بهذا الوصف، فيكون عمرو بن العاص رجلًا غادرًا، وكذلك معاوية بن أبي سفيان غادرًا، وحاشاهما رضي الله عنهما.
وهذا كلام باطل ولا يرد في عقل عاقل ولا يستقيم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل عمرو بن العاص في حروبه وأثنى عليه واستمر في الولاية حتى موته صلى الله عليه وسلم، فكيف يفعل هذا وهو يعلم منه الغدر والخيانة؟!([61]).
الوجه الثالث: قوله: «ما اجتمعا إلا على غدرة» كلام باطل، فإن عمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما قد اجتمعا على خير كثير؛ فاجتمعا في الجهاد في غزوة حنين بعد فتح مكة، وفي تبوك، فلم يذكر أنهما تخلفا عن الغزوة، واجتمعا في حجة الوداع، وكذلك في فتوح الشام([62]).
قال ياقوت الحموي: “وفتحت عكة في حدود سنة ١٥ على يد عمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان”([63]).
الشبهة الثالثة: ركونه إلى حزب معاوية رضي الله عنه طمعا في الدنيا:
ويجاب عن هذه الشبهة بما يلي:
أولا: أن هذا الوصف لا يتناسب مع مجتمع الصحابة، المجتمع الذي تربى أفراده على يد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وتعلموا منه حقارة الدنيا ودناءتها قولًا وفعلًا، وعمرو -وما أدراك ما عمرو!- من أفاضل الصحابة الكرام، صاحب الفتوحات، شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالإيمان والصلاح، وعندما أراد إرساله وتأميره على جيش ذات السلاسل قال له: «يَا عَمْرُو، اشْدُدْ عَلَيْكَ سِلاحَكَ وَثِيَابَكَ وَأتِنِي»، ففَعَلْتُ فَجِئتُهُ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ، فَصَعَّدَ فِيَّ الْبَصَرَ وَصَوَّبَهُ وَقَالَ: «يَا عَمْرُو، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَبْعَثَكَ وَجْهًا، فَيُسَلّمكَ اللَّهُ وَيُغْنِمكَ، وَأَزْعَبُ لَكَ مِنَ الْمَالِ زَعبَةً صَالِحَةً»، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَمْ أُسْلِمْ رَغْبَةٌ فِي الْمَالِ، إِنَّمَا أَسْلَمْتُ رَغْبَةً فِي الْجِهَادِ، وَالْكَيْنُونَةِ مَعَكَ، قَالَ: «يَا عَمْرُو، نَعِمَّا بِالْمَالِ الصَّالِحِ لِلرَّجُلِ الصَّالِحِ»([64]). ولو كان باطن عمرو مخالفًا لظاهره لأعلم الله رسولَه صلى الله عليه وسلم بما يبطنه عمرو.
أضف إلى ذلك أن عمرًا كان عمره آنذاك يناهز الثمانين، وهو سن يناسبه الوقار والزهد عن الدنيا وجمع الأموال بالطرق المباحة، فضلًا عن أن يتوصل للدنيا بسفك الدماء والطرق المحرمة، وتاريخه شاهد بذلك([65]).
ثانيا: أن عمرو بن العاص رضي الله عنه انضمّ لمعاوية رضي الله عنه اجتهادًا لا طمعًا في الدنيا، ومما يدل على ذلك: أنه لما علم بقتل عمار بن ياسر فزع فزعًا شديدًا، ودخل على معاوية يخبره بالأمر، ففي مسند أحمد: لما قُتل عمار بن ياسر دخل عمرو بن حزم على عمرو بن العاص فقال: قُتل عمار، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تقتله الفئة الباغية»، فقام عمرو بن العاص فزعًا يُرجِّع حتى دخل على معاوية، فقال له معاوية: ما شأنك؟ قال: قُتل عمار، فقال معاوية: قد قُتل عمار فماذا؟ قال عمرو: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «تقتله الفئة الباغية»، فقال له معاوية: دحضت([66]) في بولك، أوَنحن قتلناه؟! إنما قتله علي وأصحابه، جاؤوا به حتى أَلقَوه بين رماحنا -أو قال: بين سيوفنا-([67]).
ثالثا: ثبت في السنة النبوية ثناءُ النبي صلى الله عليه وسلم على الطائفتين المتقاتلتين، ووصفهما بأنهما عظيمتان، ففي صحيح البخاري من حديث أبي بكرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول في شأن ابنه الحسن بن علي رضي الله عنهما: «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عظيمتين من المُسْلِمِينَ»([68]). ومن المعلوم أن معاوية رضي الله عنه كان قائد الطائفة الأخرى، وعمرو رضي الله عنه كان وزيره.
وفي صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تمرق مارقة في فرقَةٍ مِنَ النَّاسِ، فيلِي قَتلَهُمْ أَوْلَى الطائفتين بالحق»([69]).
فوصف الرسول صلى الله عليه وسلم -الذي لا ينطق على الهوى- الطائفتين بأنهما عظيمتان، وأنهما من المسلمين، وأن أوْلاهما بالحق وأقربهما الطائفة التي تقتل الخوارج، وهي طائفة أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، وهو -أي: الإخبار بالقتال بين الطائفتين- إخبار عن أمر مغيّب أعلمه الله بالوحي، فهو من دلائل نبوته، فكيف يقال بأن عمرو قاتَل لأجل المال أو أن معاوية قاتَل من أجل الملك وقد وصف رسول الله طائفته بأنها عظيمة، وأنها على الحق، وهو زعيمهم، وعمرو يعتبر الرجل الثاني بعده؟!([70]).
رابعا: كيف يسوغ لنا وصف صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه وقف في صف معاوية لأجل حطام الدنيا لا اجتهادًا منه والقصة أصلًا لا تثبت؟!
وليس من العدل أن ننسب لغير الصحابة أمرًا ما بدون بينة صحيحة، فكيف بالصحابة الكرام رضي الله عنهم؟!([71]).
هذا والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)
([1]) انظر: تهذيب الكمال للمزي (22/ 78)، والسير للذهبي (3/ 54)، والإصابة لابن حجر (4/ 650).
([2]) انظر: طبقات خليفة (61)، وطبقات ابن سعد (7/ 493)، ومعرفة الصحابة لأبي نعيم (1/ 1987).
([3]) انظر: السير للذهبي (3/ 54).
([4]) أخرجه الترمذي (٣٨٤٤)، وأحمد (١٧٤١٣)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (٩٧١).
([5]) أخرجه أحمد (8042)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (45).
([6]) أخرجه أبو يعلى (7347)، قال محققه حسين سليم أسد: رجاله ثقات.
([7]) أخرجه الترمذي (٣٨٤٥)، وأحمد (1382)، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (٩/ ٣٥٧): رجاله ثقات. وصححه الألباني بشواهده في السلسلة الصحيحة (2/ 152).
([8]) أخرجه أحمد (17802) وصححه الحاكم (2130) وقال: على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.
([9]) أخرجه النسائي في الكبرى (8301)، وأحمد (17810)، قال الهيثمي في المجمع (9/ 494): رجاله رجال الصحيح.
([11]) أخرجه حاكم (1/ 223). قال ابن حجر في التلخيص الحبير (2/ 10): هذا الحديث حسنه المنذري والنووي.
([12]) انظر: تاريخ دمشق لابن عساكر (46/ 144).
([13]) انظر: تاريخ دمشق لابن عساكر (46/ 144).
([14]) انظر: الطبقات لابن سعد (9/ 499)، وتاريخ الطبري (3/ 66).
([15]) انظر: تاريخ دمشق لابن عساكر (46/ 151).
([16]) انظر: الطبقات لابن سعد (9/ 499).
([17]) انظر: الطبقات لابن سعد (4/ 146).
([20]) انظر: الطبقات لابن سعد (9/ 499).
([22]) مقدمة: جامع الآثار القولية والفعلية الصحيحة لعمرو بن العاص (ص: 7).
([24]) أخرجه البخاري (3673)، ومسلم (2540).
([26]) أخرجه الترمذي (2165)، وأحمد (144)، قال شعيب الأرنؤوط في تخريج المسند (144): إسناده صحيح.
([27]) أخرجه الطبراني في الكبير (2/ 78)، وحسنه ابن حجر في الفتح (11/ 477)، والألباني في السلسلة الصحيحة (34).
([28]) أخرجه الحاكم (3/ 42) وصححه، ولم يتعقبه الذهبي.
([29]) أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (46/ 155).
([30]) أخرجه ابن عساكر في تاريخه (39/ 398).
([31]) رواه ابن حجر في الإصابة في ترجمة عمرو بن العاص (6742).
([32]) أخرجه الخلال في السنة (1/ 350-690).
([33]) المعيار والموازنة (ص: 196-197).
([34]) انظر: تاريخ الطبري (5/ 71)، وتاريخ دمشق (46/ 172).
([35]) انظر: وقعة صفين (1/ 544-545)، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (1/ 255-256).
([36]) انظر: بذل الإخلاص في سيرة عمرو بن العاص (ص: 200-204).
([37]) انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (6/ 112)، والضعفاء والمتروكون لابن الجوزي (3/ 160).
([38]) انظر: الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (3/ 160)، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم (6/ 112)، والتقريب لابن حجر (7537).
([39]) انظر: بذل الإخلاص في سيرة عمرو بن العاص (ص: 200-201).
([40]) ميزان الاعتدال (3/ 420).
([41]) الطبقات الكبرى (4/ 256).
([43]) انظر: التقريب لابن حجر (6175).
([44]) انظر: تهذيب الكمال للمزي (33/ 106).
([45]) انظر: المصدر السابق (2/ 446).
([46]) انظر: بذل الإخلاص في سيرة عمرو بن العاص (ص: 205).
([47]) العواصم من القواصم (ص: 179).
([48]) انظر: الفصل في الملل والنحل لابن حزم (4/ 160)، وتحقيق مواقف الصحابة، د. محمد أمحزون (2/ 224).
([49]) انظر: تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة، د. محمد أمخزون (2/ 224).
([50]) الفصل في الملل والأهواء والنحل (4/ 124).
([51]) انظر: بذل الإخلاص في سيرة عمرو بن العاص (ص: 208).
([52]) مجموع الفتاوى (35/ 62).
([53]) انظر: صحيح البخاري (3882)، وتاريخ الطبري (5/ 57)، وتاريخ دمشق (46/ 175).
([54]) انظر: بذل الإخلاص في سيرة عمرو بن العاص (ص: 213).
([55]) انظر: المصدر السابق (ص: 223).
([56]) ينظر: وقعة صفين (ص: 218-219)، والغدير للأميني (2/ 128).
([57]) أخرجها الطبراني في الكبير (7/ 289)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (46/ 169).
([58]) انظر: الضعفاء والمتروكون لابن الجوزي (3/ 160).
([59]) انظر: لسان الميزان (3/ 36).
([60]) انظر: مجمع الزوائد للهيثمي (7/ 496).
([61]) انظر: بذل الإخلاص في سيرة عمرو بن العاص (ص: 269).
([62]) انظر: المصدر السابق (ص: 272).
([64]) أخرجه أحمد (17802) وصححه الحاكم (2130) على شرط مسلم، ولم يتعقبه الذهبي.
([65]) انظر: بذل الإخلاص في سيرة عمرو بن العاص (ص: 290).
([66]) أصل الدحض الزلق، يقال: دحض يدحض دحضًا إذا زلق. غريب الحديث لابن قتيبة (1/ 321).
([67]) أخرجه أحمد (17778). قال الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 244): رجال أحمد رجال الصحيح، غير محمد بن عمرو وهو ثقة. وقال شعيب الأرنؤوط في تخريج المسند (17778): إسناده صحيح.