ترجمة الشيخ المسند إعزاز الحق ابن الشيخ مظهر الحق(1)
للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة
اسمه ونسبه:
هو الشيخ إعزاز الحق ابن الشيخ مظهر الحق بن سفر علي بن أكبر علي المكي.
ويعُرف بمولوي إعزاز الحق.
مولده ونشأته:
ولد رحمه الله في عام 1365هـ في قرية (ميرانغلوا)، من إقليم أراكان غرب بورما.
وقد نشأ يتيمًا، فقد توفي والده وهو في الخامسة من عمره، فنشأ في كنف عمه الشيخ نور الحق سفر رحمه الله، وهو من تولى تربيته وتعليمه.
نشأ في أراكان، وفيها تعلم مبادئ العلوم، فجميع المراحل الدراسية الأولى كانت في أراكان، وتحديدًا في الجامعة العالية بـ(منغدو)، ويذكر الشيخ رحمه الله أنه درس بها النحو والمنطق والفقه الحنفي؛ ككتاب نور الإيضاح، ومشكاة الترجمة، ومختصر القدوري في الفقه، و(إيساغوجي)، وسلم العلوم في المنطق، وغيرها.
ثم ارتحل إلى باكستان الغربية (باكستان حاليا) والتحق بجامعة (دار العلوم الإسلامية) بأشرف آباد (تندولا يار) في باكستان عام 1386هـ.
وقد استمرت دراسته فيها ثلاث سنوات تقريبًا حتى انتهى من دورة الحديث، وبطبيعة الحال تعلم اللغات، خاصة اللغتين الأردية والفارسية التي عليها غالب المناهج في الهند، بالإضافة إلى اللغة العربية واللغة الروهانجية، وانتهى من الدراسة بها رحمه الله عام 1389هـ.
هجرته إلى مكة المكرمة:
يذكر الشيخ أنه بعد أن ازداد الأذى عليه وذويه في قريته، خاصة بعدما بلغ من العلم ما بلغ، ولم يعد الشيخ يطيق الظلم والاضطهاد البوذي الذي أحاط بهم من كل جانب، سواء في الأعراض أو الأموال وحتى الأنفس؛ كان خيار الفرار من البلاد هو ما يلوح بخاطره، واختار من بين البلدان أرض الحرمين؛ لأنها أحب البقاع إلى الله تعالى، ولِمَا سمعه عن علمائها ومحدثيها وحلقاتها، ورغبة في جوار بيت الله العتيق، ووصل رحمه الله إلى البقاع الطاهرة في عام 1390هـ تقريبًا.
وما كان من الشيخ إلا أن استغلّ وجوده بين علماء الحرمين، فطفق ينهل من مواردهم ويثني الركب في حلقاتهم، ومن الجدير بالذكر أن الشيخ التحق بدروس معهد الحرم المكي الشريف وهو من طلابها، ودرس على كثير من شيوخها مع أنه كان قد درس وانتهى من دورة الحديث في باكستان([2])، وقد حضر كثيرًا من مجالس العلم والدورات العلمية في كل من الحرمين الشريفين ومساجد مكة المكرمة والمدينة المنورة والطائف وجدة وغيرها من مناطق السعودية.
وكان من نتاج ذلك قراءة الشيخ لمؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، وترجمة بعضها كما سيأتي.
أبرز شيوخه:
أخذ الشيخ رحمه الله عن علماء قد تنوعت مشاربهم، فبعضهم من أهل قريته في أراكان، وبعضهم من أهل باكستان، وبعضهم من أهل السعودية.
ومن أبرز العلماء الذين أخذ عنهم في أراكان:
- الشيخ عبد الوهاب الأراكاني، ودرس عليه في المدرسة العالية بـ(منغدو)، وأخذ عنه النحو والصرف.
- الشيخ المحدث عبد السبحان أبو طالب غراكهالي، ودرس عليه في المدرسة العالية بـ(منغدو) (الكافية الشافية).
- الشيخ عبد السلام يار محمد، ودرس عليه في المدرسة العالية بـ(منغدو) (هداية النحو) وشيئًا من الفرائض.
ومن أبرز العلماء الذين أخذ عنهم في باكستان:
- الشيخ المحدث ظفر أحمد العثماني (1394هـ)، ودرس عليه صحيح البخاري كاملا وغيره من كتب الحديث.
- الشيخ المحدث عبد المالك محمد إدريس الكاندهلوي، ودرس عليه موطأ الإمام مالك.
- الشيخ المحدث عابد الرحمن بن إشفاق الرحمن الكاندهلوي، ودرس عليه صحيح مسلم.
- الشيخ المحدث وجيه الهندي، ودرس عليه كتاب (الهداية) في الفقه الحنفي، وغيرهم من العلماء.
ومن أبرز العلماء الذين أخذ عنهم في السعودية:
- الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العقيل حفظه الله.
- الشيخ صالح بن عبد الله الفوزان، وقد درس عليه بعض كتب التوحيد والعقيدة.
- الشيخ وصي الله بن محمد عباس الهندي حفظه الله.
- الشيخ يحيى بن عثمان المدرس عظيم آبادي (المدرس بالمسجد الحرام) رحمه الله، ودرس عليه التدمرية والواسطية، وكان يثني عليه كثيرًا.
- د. عبد الرحمن بن شميلة الأهدل، ودرس عليه شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك.
- الشيخ سيد صادق الأنصاري الفرضي، ودرس عليه علم الفرائض.
- الشيخ عبد الله الحاج التمبكتي، ودرس عليه علم النحو.
- الشيخ عبد الشكور العروسي، ودرس عليه العقيدة وأصول الفقه، وغيرهم.
جهوده:
ابتدأ الشيخ رحمه الله حياة البذل والعطاء حين كان بأرض باكستان الغربية (باكستان حاليا)، فقد درس بها في المدرسة الفاروقية بكراتشي أورنغي تاون، كما تولى الإمامة والخطابة بجامع الفاروقي في ذات الحي، وحين وصل إلى أرض الحرمين كان يدرس رحمه الله في المدرسة الرحمانية، ثم انتقل إلى المدرسة السلفية بكدي قرابة ثلاث سنوات، ثم انتقل إلى مدرسة دار الإخاء الخيرية بالنكاسة والتي درس فيها نحوًا من خمس سنوات.
وإلى جانب تدريسه في المدارس النظامية كان أيضًا يعتني بالتدريس في المساجد، فكان رحمه الله يُدرِّس صحيح البخاري بمكة في مسجد الرحمانية بالنكاسة، وأيضًا كان له درس في (تفسير ابن كثير) ودرس آخر في كتاب (فتح المجيد) في جامع النور بالنكاسة، واستمر على هذه الدروس دهرًا، وكان شغله الشاغل نشر التوحيد والسنة بين بني قومه، ونبذ البدع والخرافات والشركيات.
ويعتبر الشيخ من المتمكنين في اللغة العربية، وهو ما نجد أثره واضحا على أبنائه وتلاميذه، فقد غرس الشيخ رحمه الله فتائل علمه في أبنائه قبل غيرهم، وكان يقول دائمًا: “لا طالب علم بلا نحو”.
كما فتح الشيخ رحمه الله أبوابه لمن يريد الاستجازة منه، وقد استجازه مئات الناس، وكانوا يأتونه من مكة ومن خارجها، ناهيك عمَّن أتاه من أقاصي الأرض من مشرقها ومغربها؛ وقد هيَّأ لذلك بيته وداره، وكان يستقبل من يطلب منه الإجازة بكل سرور وحبور رحمه الله.
وكانت له مشاركة فاعلة في توجيه الحجّاج باللغة الأردية والفارسية والبنغالية مع هيئة الأمر بالمعروف أكثر من عشر سنوات.
وأما عن مجال التأليف والتصنيف فهو من فرسانه ورُبّانه، فله العديد من المخطوطات التي كتبها رحمه الله بيده، ما بين تأليف جديد ورد على أهل البدع وغيرهم، سواء باللغة العربية أو باللغة الأردية حيث يتقنهما قراءة وكتابةً ونطقًا. وهنا يحسن التنبيه إلى أن الشيخ رحمه الله كان جميل الخطّ حاذقًا به، وكذلك هو ماهر في الرسم والزخرفة، فقد كان يزخرف أغلفة الكتب التي يكتبها.
مؤلفاته:
أيقن الشيخ رحمه الله بما في تدوين المؤلفات من مكانة ومزية، وما فيها من خير وأجر، فرمى في هذا الخير بسهمه، وخطّ بيده كثيرًا من الكتب.
ومن أهم كتبه باللغة العربية:
- سلسلة دعوة الحق، وهي أيضا مترجمة إلى اللغة الأردية.
- الدعوة على منهاج السنة النبوية في بيان توحيد الربوبية والألوهية والأسماء والصفات.
- تلخيص كتاب قرة عيون الموحدين للشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ.
ومن كتبه باللغة الأردية:
- حجية السنة، (سنت مباركه كي حجيت).
- عقيدة الفرقة الناجية، (عقائد فرقة ناجية).
- التعريف بالرافضة، (رافضيت كي بهجان).
- الرد على التصوف والصوفية، (تصوف كي حقيقت، رد تصوف اور صوفية).
- دعوة الحق.
- التوجيهات الإسلامية للديوبندية وجماعة التبليغ، (برائى ديوبندي حضرات اور تبليغي جماعت).
- الدعوة على منهج السلف.
ومن كتبه باللغة الروهنجية بالحروف العربية:
- مقدمة شرح كشف الشبهات، وهو في أربع ملازم.
- معرفة الإسلام الخالص.
- أهمية التوحيد.
- آيات وأحاديث الصفات، وأثر الفلسفة اليونانية في تحريفها.
- ما هي الفرقة الديوبندية؟
- تحفة الإخوان في توجيه مسلمي أراكان.
- النصيحة.
ترجمة بعض الكتب العربية:
شارك الشيخ رحمه الله بما وهبه الله من تنوُّع اللغات وتعدُّدها بترجمة بعض كتب التوحيد والعقيدة إلى غير اللغة العربية مثل:
- كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب، ترجمه إلى اللغة الروهنجية.
- كتاب كشف الشبهات للشيخ محمد بن عبد الوهاب، ترجمه إلى اللغة الروهنجية.
- التوجيهات الإسلامية للشيخ محمد جميل زينو، ترجمه إلى اللغة الأردية.
- مكانة السنة في الإسلام للشيخ صالح الفوزان، ترجمه إلى اللغة الأردية.
- كتاب زاد المفيد للطالب المستفيد، ترجمه إلى اللغة الأردية.
- كتاب بستان الواعظين لابن الجوزي، ترجمه إلى اللغة الأردية.
- العقيدة الطحاوية، ترجمها إلى اللغة الأردية.
- كشف الستار عما تحمله بعض الدعوات من الأخطار للشيخ محمد بن ناصر العريني، ترجمه إلى اللغة الأردية.
وفاته:
عانى الشيخ في حياته من المرض سنوات عمره الأخيرة، وكان صابرًا حامدًا لله تعالى، ولكن المرض اشتدّ عليه في آخر عمره حتى توفي في عصر يوم الجمعة الحادي والعشرين من شهر رجب عام خمس وأربعين وأربعمائة وألف للهجرة، رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)
([1]) أفدت هذه الترجمة من الشيخ نفسه رحمه الله (عمار أعظم – باحث بمركز سلف للبحوث والدراسات)، في لقاءات عدّة كان أولها يوم الأربعاء 11/ 3/ 1439هـ يوافقه 29/ 11/ 2017م.
([2]) أفادني بذلك الشيخ نفسه، وذكر لي أن ممن شجعه على ذلك الشيخ قاسم عبد الستار.