الثلاثاء - 14 ربيع الأول 1446 هـ - 17 سبتمبر 2024 م

مفهوم العبادة في النّصوص الشرعيّة.. والردّ على تشغيبات دعاة القبور

A A

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة

لا يَخفَى على مسلم أنَّ العبادة مقصَد عظيم من مقاصد الشريعة، ولأجلها أرسل الله الرسل وأنزل الكتب، وكانت فيصلًا بين الشّرك والتوحيد، وكل دلائل الدّين غايتها أن يَعبد الإنسان ربه طوعًا، وما عادت الرسل قومها على شيء مثل ما عادتهم على الإشراك بالله في عبادتِه، بل غالب كفر البشرية هو من هذا القبيل؛ أما الشكّ في وجود الخالق سبحانه فإنه مُكابرة للعقل وصِراع مع الفطرة، والإنسان فيه محجوج بجميع العلوم الضرورية، وقد استنفدَ أقوام طاقتهم في محاربة هذا الأخير رغم قلّة أهله، وقَصَّرُوا في الأول رغم انتشاره، حتى انتهى ببعضهم المطاف إلى أن يخرج بنتائج وخلاصات في العبادة تجعل الخلاف بينه وبين أبي لهب لفظيًّا؛ بل لو قلت له: ما سبب كفر أبي لهب؟ لقصره على جَحد النبوّة، أما ما يقوله أبو لهب في العبادة والمعبود فهو لا يختلف عما يقرّره المسلم القبوريّ؛ إلا أن المسلم يُذَكِّي شركه بأنه يعتقد أن النفع والضر الحقيقيين من الله، وهما مجاز من العبد، وهنا لزم على دعاة السنة القيام بأمر الله في هذا الباب العظيم، وبيانه للناس كما عرضَه القرآن، وفهِمه الصحابة، وتلقاه أجلاء الأمّة بعدهم بالقبول، وجعلوه قوام الدين وأساس العقيدة، وسنحاول في هذا المقال بيان مفهوم العبادة في النصوص الشرعية، والرد على ما يدّعيه دعاة القبور من مفاهيم ملتبسة يريدون بها تسويغ عبادة القبور للناس، وطمس دين الرسل صلوات الله وسلامه عليهم، ولا بد هنا من مقدمات:

مقدّمات لا بدّ منها:

أولًا: لا يمكن لأحدٍ أن يعرف حقيقة ما أراده الله عز وجل منه إلا إذا جاءه بذلك وحي أو أنزل عليه كتاب([1])، فلا مدخل للعقل في تشريع العبادة؛ لأنه لا منفعة ترجع إلى الله منها، ولا مضرّة تلحقه بتركها، فليس رضاه في فعلها إلا بإذنه على الوجه الذي شرع. وهذا الضابط متَّفق عليه نظريًّا، وهذا الاتفاق مهمّ في استثمار الضابط في الترجيح عند الاختلاف.

ثانيًا: لا بد من تحديد علةٍ لتحريم عبادة الأصنام، وهي إما أن تكون ذات الأصنام، وهذا بعيد؛ لأن الله لم يشرع عبادةَ غيره، أو لكونهم لا يملكون ولا يقدرون على شيء مما يُدْعوْنَ له، وهذه العلة متعدية متى ما وجدت في غيرهم ألحق بهم، أو أن التحريم راجع إلى اعتقاد المكلَّف؛ فإن اعتقد الضر والنفع في المخلوق أشرك، وإن لم يعتقده لم يشرك.

 وجعل اعتقاد المكلف مؤثرا في تقرير الحكم الشرعي دون رجوع لما تُحِلُّ النصوص وتحرم هو تشريع بمجرد العقل، وهو غير مقبول في الطرح العقدي لأكثر القبورية، مع أنه هو مآل قولهم وحقيقته، وهو كذلك باطل بنصوص الشرع.

ثالثًا: إذا لم يتعين شيء مما سبق بقي أن يرجع إلى قانون الجدل، فعند الخلاف تحكَّم الحدود، والحدود في هذا الباب حدود الشرع، فمتى ما ظهر من قول من الأقوال إبطال شريعة أو مضاهاة للشرع رد على صاحبه، وذلك سيرد في مورده ويبين في مكانه من هذه الورقة.

رابعًا: لكي يتضح الأمر ويبرز الخفاء وينجلي ظلام الخلاف لا بد من التحاكم إلى نصوص الشرع، والنظر في اللفظ المتنازع فيه، هل أبقته الشريعة على حقيقته اللغوية، أم تصرفت في حقيقته على سبيل النقل أو المجاز؟ وهل زادت فيه شروطا لا تفهم من مجرد اللفظ أم لا؟

خامسًا: في جواب المسائل المتقدمة حلٌّ للمعضلة، وعليه يلزم تعريف العبادة لغة واصطلاحا ثم تلمُّس المعنى المذكور في النصوص الشرعية، وإذا أردنا شرح مفهوم العبادة لا بد أن نؤكد على أمر وهو أن عربية الشريعة تجعلنا ملزمين بالتزام طرائق العرب في فهم الكلام، وأول ذلك أنه لم يكن من عوائدهم تجريد الكلام، والنظر إلى المفردات مجردة عن السياق؛ فإن ذلك إنما وقع بسبب العلوم الدخيلة على الشريعة من منطق وفلسفة، وقد أحسن ابن عاصم رحمه الله في التحرز من هذه العجمة حين قال:

فهو على نهج لسان العربِ         فاسلك به سبيل ذاك تُصبِ

ومن يرم فهم كلام اللهِ              بغيره اعتدَّ بأصل واهِ([2])

فتجريد اللفظ والنظر إليه دون رجوع إلى السياق خارج عن قانون اللسان العربي، وهو ما أوقع المعاصرين ومن قبلهم ممن سلكوا طريق المتكلمين في تحريف حدود الشريعة، وإلا فالطريق الصحيح أن ينظر في اللفظ إلى استعمال الشارع له في سياقه، ويفرق في ذلك بين ما استعمله في موضوعه وبين ما نقله عن حقيقته، وكل تلك المعاني تكون مرادة للشارع، ولا يفرق بينها إلا بنص من الشارع، وليس لأحد أن يحمل اصطلاح الشارع على اصطلاحٍ جاء بعده، وقد نبه ابن تيمية رحمه الله على خطر هذا التجريد وإفساده للتصور فقال: “‌فإن ‌أردت ‌كون ‌اللفظ ‌مطلقا ‌عن ‌القيود فهذا لا يوجد قط؛ فإن النظر إنما هو في الأسماء الموجودة في كلام كل متكلم: كلام الله، وملائكته، وأنبيائه، والجن، وسائر بني آدم، والأمم، لا يوجد إلا مقرونا بغيره، إما في ضمن جملة اسمية أو فعلية، ولا يوجد إلا من متكلّم، ولا يستدل به إلا إذا عرفت عادة ذلك المتكلّم في مثل ذلك اللفظ، فهنا لفظ مقيد مقرون بغيره من الألفاظ، ومتكلم قد عرفت عادته، ومستمع قد عَرَفَ عادة المتكلم بذلك اللفظ؛ فهذه القيود لا بد منها في كلام يفهم معناه، فلا يكون اللفظ مطلقا عنه. فإن أراد أنه مطلق عن قيد دون قيد لم يكن ما ذكره دالا على ذلك، فعلم أن قوله يرجع إلى ما يفهم من إطلاق اللفظ”([3]).

فإذا اتَّضحت هذه المقدمة بقي أن نبين معنى العبادة.

معنى العبادة:

 أصل هذه الكلمة يدور في اللغة على معنى التذلل، أو الطاعة مع الخضوع([4])، ويزاد فيها معنى القوة والصلابة، فمن الأول قول طرفة:

إِلَى أَنْ تَحَامَتْنِي الْعَشِيرَةُ كُلُّهَا        وَأُفْرِدْتُ إِفْرَادَ الْبَعِيرِ الْمُعَبَّدِ

والمعبد: الذلول، يوصف به البعير أيضا.

ومن الباب: الطريق المعبد، وهو المسلوك المذلَّل.

ومن الثاني الذي هو القوة والصلابة: يقال: هذا ثوب له عبدة، إذا كان صفيقا قويًّا. ومنه علقمة بن عبَدة، بفتح الباء.

ومن هذا القياس العبد مثل الأنَفَة والحمِيَّة. يقال: هو يعبد لهذا الأمر. وفُسِّر قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} [الزخرف: 81] أي: أول من غضب عن هذا وأنف من قوله. وذكر عن علي عليه السلام أنه قال: “عبدت فصمت” أي: أنفت فسكتّ. وَقَالَ:

وَيَعْبدُ الْجَاهِلُ الْجَافِي بِحَقِّهِمْ         بَعْدَ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ حِينَ لَا عَبَدُ

وَقَالَ آخَرُ:                 وَأَعْبَدُ أَنْ تُهْجَى كليبٌ بِدَارِمِ

أَيْ: آنَفُ مِنْ ذَلِكَ وَأَغْضَبُ مِنْهُ([5]).

وهي بهذين المعنيين مستخدمةٌ في الشرع؛ لكن يلاحظ في المعنى اللغوي نوعٌ من الحياد، فهي بالمعنى اللغوي لا يمدح بها ولا يذمّ، وقد زاد الشرع فيها كما ستلاحظه صوَرًا وشروطا؛ فأدخل فيها ما تمحَّض للعبودية في الشرع، كالصلاة والزكاة والدعاء والنذر والذبح وغير ذلك، كما أدخل فيها ما شرع على غير مثال سابق، ولم تكن له علة مطَّردة، وهو ما يعرف عند الفقهاء بالحكم التعبّدي الذي لا يُعقل معناه، ومن ثم قال بعضهم في تعريفها: “ما أمِر به شرعًا من غير اطِّراد عرفيّ ولا اقتضاء عقليّ”([6]).

فكون العبادة معناها كمال التذلّل مع كمال الخضوع، هذا المعنى جارٍ على ألسنة العلماء؛ لكنهم لم يقفوا عند هذا الحد؛ لأنه لا يفي بالمعنى الذي تقرِّره النصوص الشرعية من تسمية بعض الأفعال المجرّدة عبادة، كالصلاة والصوم والحج والدعاء والنذر وغيرها، وممن نص على المعنى الأول الطبري فقال: “‌معنى ‌العبادة: ‌الخضوعُ ‌لله ‌بالطاعة والتذلّل له بالاستكانة”([7]). وقد أشار الطبري إلى معنى جميل في قول ابن عباس، وهو أن العبادة على هذا الوجه لا بد أن يفرد بها الله: “والذي أراد ابن عباس -إن شاء الله- بقوله في تأويل قوله: {اعبُدُوا رَبَّكُمْ}: وحِّدوه، أي: أفردُوا الطاعة والعبادة لربكم دون سائر خلقه”([8]). وبمثل قول الطبري قال السمعاني([9]) والباجي([10]) والقاضي أبو بكر ابن العربي([11]) والقرطبي([12]) وغيرهم([13]).

فإذا تقرّر هذا يمكن ملاحظة أمر مهم وهو: أن تحديد ما هو غاية في الذلّ والخضوع مردّه إلى الشارع؛ لأن العبادة على هذا النحو لا تكون إلا بتوقيفٍ، كما أن اعتقاد الربوبية وإن كان شرطًا في العبادة الشرعية، لكنه لا يدخل في مفهومها كما هي عادة الشرط، ولذلك أغفل العلماء إدخال الربوبية فيها؛ لأن الشريعة إذا قررت أن الفعل عبادة محضَة لم يجز أن تصرف لغير الله، ولها أن تقرّر في فعل ليس متمحِّضا للعبادة أنه عبادة، فيتمحَّض بذلك كما هو الشأن في السجود والنذر وغيره، وذلك أن الشريعة خصَّصتهما بالله عز وجل، وعلى هذا الحرف جرت نصوص الشريعة، فسمت الفعل شركًا ولو خلا من اعتقاد الربوبية؛ لأن مدار العبادة في الشريعة على الاستحقاق، وليس على الاعتقاد، فكل فعل يصدر عن الإنسان مما يعدّ شرعًا عبادة فمدار الحكم عليه تابع للجهة التي قُصِدَ بها وفُعل لأجلها، فإن قُصِد به الرب كان عبادة صحيحة مشروعة، وإن قصد به غير الله كان عبادة باطلة وشركا؛ لأنه قصد به غير مستحقّ أصالة أو تبعا، وهذا هو معنى قول الله عز وجل: {أَلاَ لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّار} [الزمر: 3].

سبب العبادة:

من نظَر الشريعةَ نظرَ فحصٍ وتأمل وجد أن سبب العبادة هو الإنعام والتفضل، ومن ثم لم يكن لها مستحقًّا غير الله عز وجل، فلا تصرف لغيره، فتجد القرآن يتحدّث عن النعمة ثم يبين أنها سبب لاستحقاق العبودية، وقد لخص ابن كثير رحمه الله هذا المعنى فقال: “وَأَنْزَلَ لَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً -والمراد به السحاب هاهنا- في وقته عند احتياجهم إليه، فأخرج لهم به من أنواع الزروع والثمار ما هو مشاهد؛ رزقا لهم ولأنعامهم، كما قرر هذا في غير موضع من القرآن. ومن أشبه آية بهذه الآية قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [غَافِرٍ: 64]، وَمَضْمُونُهُ: ‌أَنَّهُ ‌الْخَالِقُ ‌الرَّازِقُ ‌مَالِكُ ‌الدَّارِ، ‌وَسَاكِنِيهَا وَرَازِقُهُمْ، فَبِهَذَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ وَحْدَهُ وَلَا يُشْرَك بِهِ غَيره؛ وَلِهَذَا قَالَ: {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}”([14]).

وقال السمين الحلبي: “والعبادة غاية التذلّل، ولا يستحقّها إلا من له غاية الإفضال وهو الباري تعالى، فهي أبلغ من العبودية؛ لأنَّ ‌العبوديةَ ‌إظهارُ ‌التذلل”([15]).

لا يُشترط شرك الربوبية في شرك العبادة:

وستجد في القرآن أناسًا وُصفوا بالشرك مع اعتقادهم للربوبية، بل لكمالها، وما وصفوا الوصف مع هذا الاعتقاد إلا لتسويتهم المخلوق بالله في العبادة، وصرفها له وهو لا يستحقها أو إشراكه مع الله فيها، قال سبحانه: {قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُون} [يونس: 31]، إلى أن يقول: {فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُون} [يونس: 32].

قال الطبري: “يقول -تعالى ذكره- لخلقه: أيها الناس، فهذا الذي يفعل هذه الأفعال، فيرزقكم من السماء والأرض، ويملك السمع والأبصار، ويخرج الحي من الميت والميت من الحي، ويدبر الأمر الله ربُّكم الحق، لا شك فيه، {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ} يقول: فأي شيء سوى الحق إلا الضلال، وهو الجور عن قصد السبيل؟! يقول: فإذا كان الحقُّ هو ذا، فادعاؤكم غيره إلهًا وربًّا هو الضلال والذهاب عن الحق لا شك فيه، {فَأَنَّى تُصْرَفُون} يقول: فأيّ وجه عن الهدى والحق تُصرفون وسواهما تسلكون وأنتم مقرُّون بأن الذي تُصْرَفون عنه هو الحق؟!”([16]).

بل هناك أمر في غاية الوضوح أنكره القرآن على المشركين، وسمّى من صُرِفَ لهم شركاء لله في اعتقاد أصحابهم مع استبعاد أن يفعلوا ذلك وهم يعتقدون ربوبيتهم؛ لأن التشريع كان بتصرّف محض من المشركين، قال تعالى: {وَجَعَلُواْ لِلّهِ مِمِّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُواْ هَـذَا لِلّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَـذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلاَ يَصِلُ إِلَى اللّهِ وَمَا كَانَ لِلّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاء مَا يَحْكُمُون} [الأنعام: 136].

وأنت ترى في القرآن الإنكار على قوم موسى حين قالوا لموسى: {اجْعَل لَّنَا إِلَـهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُون} [الأعراف: 138].

ويستحيل أن يطلبوا من موسى أن يجعل لهم خالقًا رازقًا؛ لأن ذلك ليس في مقدوره؛ وإنما الذي طلبوه منه أن يجعل لهم معظَّما يعبدونه، وهذا هو عين الشرك؛ ولذلك وصف القوم بالجهل، قال السمعاني: “‌وَلم ‌يكن ‌ذَلِك ‌من ‌بني ‌إِسْرَائِيل شكّا فِي وحدانية الله تَعَالَى، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ: اجْعَل لنا شَيْئا نعظِّمه ونتقرَّب بتعظيمه إِلَى الله تَعَالَى، وظنوا أَن ذَلِك لَا يضرّ الدّيانَة، وَكَانَ ذَلِك من شدَّة جهلهم. {قَالَ إِنَّكُم قوم تجهلون * إِن هَؤُلَاءِ متبر مَا هُم فِيهِ} أَي: مدمَّر مَا هم فِيهِ، {وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يعْملُونَ * قَالَ} يَعْنِي مُوسَى: {أَغَيرَ اللهِ أَبغِيكمْ إِلَهًا} أَي: أطلب لكم إِلَهًا تعظِّمونه غير الله؟! {وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ}”([17]).

فمن يظنّ بعاقل أنه يعتقد في صنم صنعه بيده أو صنعه غيره أو شجرة تميل بها الريح وقد تقتلعها أنه يعتقدها خالقًا أو رازقًا فقد أزرى بعقله؛ وإنما الذي يتأتّى من البشر في هذه المخلوقات هو تعظيمها، وجعلها وسائط إلى الله أو شفعاء عنده، وهذا هو المحكي في القرآن عن المشركين، وعليه نوظروا وَوُبِّخُوا، ففي التشريع قيل لهم: {قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللّهَ حَرَّمَ هَـذَا فَإِن شَهِدُواْ فَلاَ تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَهُم بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُون} [الأنعام: 150].

وفي الشفاعة قيل لهم: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاء ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاء لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُون} [الأنعام: 94].

قال البغوي: “وذلك أن المشركين زعموا أنهم يعبدون الأصنام لأنهم شركاء الله وشفعاؤهم عنده”([18]).

وقال القرطبي: “وكان المشركون يقولون: الأصنام شركاء الله وشفعاؤنا عنده”([19]).

وقال سبحانه عن صاحب يس: {وَمَا ليَ لَا أَعبُدُ الذي فَطَرَني وَإلَيه تُرجَعُونَ * أَأَتخذُ من دُونه آلهَةً إن يُردن الرحمَنُ بضُر لَا تُغن عَني شَفَاعَتُهُم شَيئًا وَلَا يُنقذُونِ * إني إذًا لَفي ضَلَالٍ مُبينٍ * إني آمَنتُ برَبكُم فَاسمَعُونِ}.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: “فهذه الشفاعة التي أثبتها المشركون للملائكة والأنبياء والصالحين حتى صوَّروا تماثيلهم وقالوا: استشفاعنا بتماثيلهم استشفاع بهم، وكذلك قصدوا قبورهم وقالوا: نحن نستشفع بهم بعد مماتهم ليشفعوا لنا إلى الله، وصوروا تماثيلهم فعبدوهم كذلك، وهذه الشفاعة أبطلها الله ورسوله، وذمّ المشركين عليها وكفرهم بها”([20]).

العبادة الشرعية:

يتحصَّل من مجموع ما سبق أن العبادة الشرعيةَ هي فعل المأمورات وترك المنهيات الشرعية لوجه الله عز وجل، ومن قصد بفعل المأمور وترك المحظور غير الله كان عابدًا له، إما بطاعته في التشريع، وإما بجعله شريكًا لله فيما أمر الله أن يخلص له، كالدعاء والنذر وغير ذلك، فكل من دعا غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله يكون بذلك قد أشرك به في هذا الفعل، وخالف الشرع، ورد على الرسل قولهم، ولا مخرج له من لحوق الإثم به ولزوم وصف الشرك له إلا جهل ظاهر أو تأوّل أو تقليد، وهي أعذار وموانع، وليست مرجِّحات للفعل، فمتى ما أزيلت الشبهة عنه وبُيِّن له الحقّ فقد تحقَّق الوعيد في حقه، ولم تعد له حجّة، فلا فرق في دين الإسلام بين الحجرة الصماء التي لا تعقِل، وبين الصالح الغائب والميت في تحريم الدعاء واللجوء؛ لأن اعتقاد المسلم أن مخلوقا ينفعه في كل مكان ويستجيب له في كل لحظة هو إشراك بالله عز وجل في صفة العلم، فهو الذي يعلم ما نحن عليه، وهو معنا أينما كنا، وهو عالم الغيب والشهادة، أما غيره فلا يقدر على شيء من ذلك، فهو قبل وجوده وبعد وجوده مفتقر إلى الله، لا فرق بينه وبيننا في ذلك، ولهذا نبّه القرآن إلى هذه الغفلة في المخلوقات وأنها موجبة لعدم دعائهم: {وَمَن أَضَلُّ ممن يَدعُو من دُونِ اللهِ مَن لَا يَستَجيبُ لَهُ إلَى يَومِ القيَامَة وَهُم عَن دُعَائِهِم غَافلُونَ} [الأحقاف: 5].

والرازي رحمه الله -وهو ممن ألهى القومَ به التكاثرُ- نبَّه على هذا المعنى فقال: “اعلم أنه تعالى بين فيما سبق أن القول بعبادة الأصنام قول باطل، من حيث إنها لا قدرة لها البتة على الخلق والفعل والإيجاد والإعدام والنفع والضر، فأردفه بدليل آخر يدلّ على بطلان ذلك المذهب، وهي أنها جمادات فلا تسمع دعاء الداعين، ولا تعلم حاجات المحتاجين، وبالجملة فالدليل الأول كان إشارة إلى نفي العلم من كلّ الوجوه، وإذا انتفى العلم والقدرة من كل الوجوه لم تبق عبادة معلومة ببديهة العقل”([21]).

ومعلوم أن الآية شاملة لمن عبد الأصنام والملائكة وعيسى كذلك كما هو قول بعض المفسرين، ودليله تسميتهم بالغافلين على أنها وصف لهم لا تشبيه، وهو معنى متقرر في الشرع لا يمكن دفعه، والتنبيه على غفلة المدعو عن الداعي كثير في القرآن، وهو متمسك قوي في رد جميع شبهات أهل الباطل، ومن ذلك قوله تعالى: {فَكَفَى بالله شَهيدًا بَينَنَا وَبَينَكُم إن كُنا عَن عبَادَتكُم لَغَافلين} [يونس: 29]، وقوله: {وَيَومَ يَحشُرُهُم جَميعًا ثُم يَقُولُ للمَلاَئكَة أَهَؤُلاَء إياكُم كَانُوا يَعبُدُون قَالُوا سُبحَانَكَ أَنتَ وَليُّنَا من دُونهم بَل كَانُوا يَعبُدُونَ الجن أَكثَرُهُم بهم مؤمنُون} [سبأ: 41]، وقوله عز وجل: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلاَ تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِين} [الأحقاف: 9].

وقد استدل الله بنفي الخالقية على نفي استحقاق العبادة، وهو أمر لا يخصّ الأصنام عن غيرهم من العقلاء، فقال سبحانه: {قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِين} [الأحقاف: 4].

فدعاء غير الله محرَّم بالإجماع، وهو عبادة، فكيف إذا انضاف إليه اعتقاد أن العبدَ المدعوَّ يقدر على الإجابة في كل وقت وحين، وأنه عالم بك متى ما دعوته أجابك عند قبره أو بأي مكان، فماذا أبقيت لأبي جهل من الجهل، أم أنك تظن أن الرجل لا يكون مشركا مع الله في العبادة أحدا حتى يعتقد فيه الخلق ويكفر بالنبي -عياذا بالله-؟! إن أنت اعتقدت ذلك فقد حكمت على الشرك بالاستحالة إذ يتعذر على العاقل أن يعتقد في مخلوق مثله أو دونه كمال القدرة والقيومية والإيجاد والإنعام، فما عليك إلا مراعاة الخلاف مع أعداء الرسل، فأقوالكم متقاربة عند التحقيق، وخلافكم لفظي، وإن كان من فرق فهو أن الجاهل العربي الذي نزل فيه القرآن كان أفهم لمدلولاته من أهل القبور في زماننا، فاستشكل إفراد الله بالعبودية والتعظيم، بينما هذا الأخير يرى أنه لا منافاة بين إفراد الله بالعبادة وبين إشراك غيره معه، ما دام الفاعل لم يعتقد شيئا من خصائص الربوبية التي لم يكن المشرك الأصلي ينازع فيها عند المحاججة أو يردها عند المساءلة.

والله ولي التوفيق.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) ينظر: النبوات لابن تيمية (1/ 23)، وجامع العلوم والحكم (ص: 481).

([2]) المرتقى لابن عاصم (ص: 130) تحقيق أحمد مزيد البوني دار المازري.

([3]) مجموع الفتاوى (20/ 450).

([4]) ينظر: تهذيب اللغة (2/ 132)، ومختار الصحاح (ص: 450).

([5]) نُقل باختصار وتصرف من مقاييس اللغة لابن فارس (4/ 207).

([6]) ينظر: الفروع لابن مفلح وتصحيح الفروع عليه للمرداوي (1/ 163).

([7]) تفسير الطبري (1/ 363).

([8]) المرجع السابق، نفس الجزء والصفحة.

([9]) تفسير القرآن (1/ 37).

([10]) الحدود (ص: 57).

([11]) عارضة الأحوذي (11/ 71).

([12]) الجامع لأحكام القرآن (1/ 145).

([13]) للاستزادة والإفادة ينظر كتاب: تحقيق الإفادة بتحرير مفهوم العبادة للدكتور سلطان العميري (ص: 35) وما بعدها.

([14]) تفسير ابن كثير (1/ 194).

([15]) الدر المصون (1/ 57). والقول منسوب في بعض الكتب للراغب الأصفهاني وللخرشي، فكأنه معنى توارد عليه العلماء.

([16]) تفسير الطبري (15/ 84).

([17]) تفسير السمعاني (2/ 210).

([18]) تفسير البغوي (3/ 170).

([19]) تفسير القرطبي (7/ 43).

([20]) مجموع الفتاوى (1/ 151).

([21]) تفسير الرازي (7/ 28).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

جديد سلف

مناقشة دعوى الإجماع على منع الخروج عن المذاهب الأربعة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من بعث رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فإن طريقة التعامل مع اختلاف أهل العلم بَيَّنَها الله تعالى بقوله: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ ‌أَطِيعُواْ ‌ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ […]

بدعية المولد .. بين الصوفية والوهابية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدّمة: من الأمور المقرَّرة في دين الإسلام أن العبادات مبناها على الشرع والاتباع، لا على الهوى والابتداع، فإنَّ الإسلام مبني على أصلين: أحدهما: أن نعبد الله وحده لا شريك له، والثاني أن نعبده بما شرعه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، فالأصل في العبادات المنع والتوقيف. عَنْ عَلِيٍّ […]

الخرافات وأبواب الابتداع 

[ليس معقولاً، لا نقلاً، ولا عقلاً، إطلاق لفظ «السُّنَّة» على كل شيء لم يذكر فيه نص صريح من القرآن أو السنة، أو سار عليه إجماع الأمة كلها، في مشارق الأرض ومغاربها]. ومصيبة كبرى أن تستمر التهم المعلبة،كوهابي ، وأحد النابتة ، وضال، ومنحرف، ومبتدع وما هو أشنع من ذلك، على كل من ينادي بالتزام سنة […]

ترجمة الشَّيخ د. علي ناصر فقيهي

‏‏للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة ترجمة الشَّيخ د. علي ناصر فقيهي([1]) اسمه ونسبه: هو الشَّيخ الأستاذ الدكتور علي بن محمد بن ناصر آل حامض الفقيهي. مولده: كان مسقط رأسه في جنوب المملكة العربية السعودية، وتحديدا بقرية المنجارة التابعة لمحافظة أحد المسارحة، إحدى محافظات منطقة جيزان، عام 1354هـ. نشأته العلمية: نشأ الشيخ في مدينة جيزان […]

مناقشة دعوَى أنّ مشركِي العرب جحدوا الربوبية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: اعتَمَد بعضُ الأشاعرةِ في العصور الحديثةِ على مخالفة البدهيات الشرعية، وتوصَّلوا إلى نتائج لم يقل بها سلفُهم من علماء الأشعرية؛ وذلك لأنهم لما نظروا في أدلة ابن تيمية ومنطلقاته الفكرية وعرفوا قوتها وصلابتها، وأن طرد هذه الأصول والتزامَها تهدم ما لديهم من بدعٍ، لم يكن هناك بُدّ من […]

حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية في الإسلام

  إنَّ حريةَ الاعتقاد في الإسلام تميَّزت بتفاصيل كثيرة واضحة، وهي تعني أن كلَّ شخص حرّ في اختيار ما يؤمن به وما يدين به، ولا يجب على أحدٍ أن يُكرهَه على اعتقاده، كما تعني الاحترامَ لحرية الآخرين في اختياراتهم الدينية والمعتقدات الشخصية. موقفُ الإسلام من الحرية الدينية: الأصلُ عدمُ الإجبار على الإسلام، ولا يُكره أحد […]

دفع إشكال في مذهب الحنابلة في مسألة حَلِّ السِّحر بالسحر

  في هذا العصر -عصر التقدم المادي- تزداد ظاهرة السحر نفوذًا وانتشارًا، فأكثر شعوب العالم تقدّمًا مادّيًّا -كأمريكا وفرنسا وألمانيا- تجري فيها طقوس السحر على نطاق واسع وبطرق متنوعة، بل إن السحر قد واكب هذا التطور المادي، فأقيمت الجمعيات والمعاهد لتعليم السحر سواء عن طريق الانتظام أو الانتساب، كما نظمت المؤتمرات والندوات في هذا المجال. […]

الفكر الغنوصي في “إحياء علوم الدين” لأبي حامد الغزالي وموقف فقهاء ومتصوفة الغرب الإسلامي منه

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة بسم الله الرحمن الرحيم لا تخفى المكانة التي حظي بها كتاب إحياء علوم الدين عند المتصوفة في المغرب والأندلس، فكتب التراجم والمناقب المتصوفة المغربية المشهورة، شاهدة على حضور معرفي مؤثر ظاهر لهذا الكتاب في تشكيل العقل المتصوف وتوجيه ممارسته، وأول ما يثير الانتباه فيه، هو التأكيد على الأثر المشرقي […]

لماذا أحرق أبو بكر وعمر الأحاديث؟

تمهيد: يلتفُّ بعض فرق المبتدعة حول الحداثيين والعلمانيين، ويلتفُّ العلمانيون ومن نحى نحوهم حول هذه الفرق، ويتقاطع معهم منكرو السنَّة ليجتمعوا كلّهم ضدَّ منهج أهل السنة والجماعة في تثبيت حجية السنة والأخذ بها والعمل بها والذبِّ عنها. وبالرغم من أنّ دوافع هذه الفرق والطوائف قد تختلف، إلا أنها تأخذ من بعضها البعض حتى يطعنوا في […]

هل كان ابن فيروز وغيره أعلم من ابن عبد الوهاب بمنهج ابن تيمية؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة يعتمد المخالفون على أن مناوئي الدعوة -من الحنابلة- كانوا معظِّمين لابن تيمية وابن القيم، بل وينتسبون إليهم أيضًا؛ كابن فيروز وابن داود وابن جرجيس، ويعتبرون ذلك دليلًا كافيًا على كونهم على مذهب ابن تيمية، وعلى كون الشيخ محمد بن عبد الوهاب بعيدًا عن منهج الشيخين ابن تيمية وابن القيم. […]

ترجمة الشَّيخ د. عمر حسن فلاته (محدث الحرمين الشريفين وأول من نال شهادة الماجستير في المملكة العربية السعودية)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة ترجمة الشَّيخ د. عمر حسن فلاته([1]) محدث الحرمين الشريفين وأول من نال شهادة الماجستير في المملكة العربية السعودية   اسمه ونسبه: هو محدث الحرمين الشريفين الشَّيخ الدكتور أبو ميْسُون عُمر بن حسن بن عثمان بن محمد الفُلَّاني المدني المالكي، المعروف بـ(عمر حسن فلاته)([2]). مولده: ولد الشَّيخ في المدينة المنورة […]

ترجمة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  المقدمة بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده والصلاة على من لا نبي بعده.  وبعد: فهذه ترجمة للشيخ محمد بن عبد الوهاب أخذتها من كتاب زعماء الإصلاح للكاتب والأديب المصري الراحل أحمد أمين، وقد ضمنتها بعض التعاليق التي تبين الوجهة الصحيحة من الشيخ وما في زمانه من أحداث، وتتميز […]

أسانيد الأمة عن الأشاعرة ووجود فجوة بين ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب (دعوى ونقاش)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدّمة: من الدعاوى التي يروّجها كثيرٌ من الأشاعرة المعاصرين القولُ بأن أسانيد علوم الإسلام نُقلت من خلالهم، مثل علوم القرآن وعلوم الحديث وعلوم التفسير والأصول، فنقَلَةُ الدين في العصور المتأخرة من الأشاعرة، أو على الأقل من المتأثرين بهم، وحتى فقهاء الحنابلة لم يسلَموا من تقريرات الأشاعرة في كتبهم. ثم […]

فتوى الشيخ عبد الرحمن بن عبدِ الله السُّويدِي (1134- 1200هـ) في فَعاليَّات الدَّرْوَشة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة الحمد لله. هذه فتوى لأحدِ علماءِ العراق في القرن الثاني عشر الهجري -وهو الشيخ عبد الرحمن السويدي الشافعي ت 1200هـ- في الأعمال التي يقوم بها المتصوّفة من أكل الحيات ودخول النيران، وضرب الصدور بالحراب وغير ذلك. وقد اشتهرت هذه الأعمالُ عن أتباع الطريقة الرفاعية منذ دخول التتار إلى بغداد […]

إيضاح ما أَشكَل في قصة موسى عليه السلام وملك الموت

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدّمة: إن حديثَ لطم موسى عليه السلام لملك الموت من الأحاديث التي طعَن فيها المبتدعةُ منذ وقتٍ مبكِّرٍ، وتصدَّى العلماءُ للردِّ عليهم في شُبهاتهم. وقد صرّح الإمامُ أحمد رحمه الله لما سئل عن هذا الحديث بأنه: (لا يدَعُهُ إلا ‌مُبتَدِع أو ضعيف الرأي)([1])؛ ولذلك ذكر الأئمة الإيمان بهذا الحديث […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017