الأحد - 10 ذو الحجة 1445 هـ - 16 يونيو 2024 م

جوابٌ على سؤال تَحَدٍّ في إثبات معاني الصفات

A A

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة

أثار المشرف العام على المدرسة الحنبلية العراقية -كما وصف بذلك نفسه- بعضَ التساؤلات في بيانٍ له تضمَّن مطالبته لشيوخ العلم وطلبته السلفيين ببيان معنى صفات الله تبارك وتعالى وفقَ شروطٍ معيَّنة قد وضعها، وهي كما يلي:

1- أن يكون معنى الصفة في اللغة العربية وفقَ اعتقاد السلفيين.

2- أن يكونَ بدليل من السنة الصحيحة.

3- أن يكونَ من قول الصحابة، مثلًا: قال الصحابي معنى الغضب كذا.

4- عدم ذكر الأدلة والأقوال التي لا تثبت المعنى اللغوي.

5- عدم ذكر تذييل الدليل بتعليقٍ أو فهمٍ.

وهذا السؤال وإن كان قد أُجيب عن مضمونه في أثناء أبحاث كثيرة، إلا أنه من باب التنزّل والبيان نجيب عنه في مركز سلف بالشروط التي ذكرها المطالب، ولكن مع توضيح لا بدّ أن يَقرأه صاحب هذا الطّلب بعينٍ فاحصة حتى يَفهم مذهبَ مخالفيه بدقَّة، ويُحرِّر محل النزاع، ثم بعد ذلك سيكون الجواب عن سؤاله إن شاء الله تعالى.

توضيح مهمّ:

إن من المفاهيم المغلوطة لدى المخالف ظنَّه أن المعنى المفهوم الذي يعنيه ابن تيمية وأئمة الحديث هو المعنى الْمُعجَمي -أي الموجود في معاجم اللغة- وهذا خطأ؛ بل المراد أصل المعنى، أي: المعنى الكلّيّ للصفة، وهو معنى عامّ تختلف أفراده باختلاف المنسوب إليه، وأما معاجم اللغة فهي تتضمّن أصل المعنى وحقيقة المعنى معًا في قالبٍ واحد.

وبيان ذلك أن المعنى معنيان:

النوع الأول: (أصل المعنى): وهو المعنى الذهني المطلق قبل التخصيص والإضافة.

وهو القدر المشترك الذي إذا أُطلق فُهِم منه معنًى عامٌّ كُلّي، به تتميز كل صفة عن نظيرتها، فإذا كلَّم اللهُ موسى، سبق إلى ذهنك معنًى مغايرٌ عمَّا إذا قلت: «ينزل» أو «يخلُق» أو «يأتي».

النوع الثاني: (حقيقة المعنى): وهو المعنى بعد الإضافة، أي: ما يؤول إليه المعنى في الخارج.

وهذا كقول القائل: هذا الرجل لم أرَ في معناه مثله، أي: في كنهه وكيفيته، لذلك نجد أن معنى «اليد» في المعاجم: “العضو من أَطْراف الأَصابع إِلى الكف”([1])؛ وذلك لأن هذه المعاني التي بالمعاجم إنما وُضعت على حقيقة المعنى لا مطلق المعنى.

والشيخ محمد خليل هراس يجعل (حقيقة المعنى) من معاني (الكيفية)، فيقول: «المراد بالتأويل المنفي حقيقة المعنى وكنهه وكيفيته»([2]).

فما ورد عن أهل الحديث من عدم العلم بالمعنى فإنما قصدوا به حقيقته وما يؤول إليه.

ويوضّح ذلك العلامة برهان الدين الكوراني الصوفي الأشعري -في مَعرِض دفاعه عن ابن تَيميَّة- مُبيّنًا أن المعنى اللغوي لليد لا يستلزم الجارحة.

يقول الكوراني: «فإذا كان إطلاقها -أي: الحياة والعلم والقدرة- على الله على وجه الحقيقة، مع أنها في المخلوقات أعراض وكيفيات دلّ على أن حقيقتها ليست محصورة في الأعراض، بل هو أمر كُلّي يصدق على أفراد مختلفة. فكذلك نقول في اليد وأمثالها أنَّ حقيقتها ليست منحصرةً في الجارحة، بل هي أعمُّ منها ومن غيرها، كأن يقال: هي ما به البطش، وهو أعمّ من أن يكون جارحة أو غيرها»([3]).

وعليه، فإن الادِّعاء أن ظاهر معنى (اليد) هي الجارحة غيرُ مُسلَّم به، بل الجارحة أُطلقت على سبيل المجاز، وليست هي حقيقة اليد، ويقرر هذا علماء اللغة.

يقول الزبيديّ: «ومن المجاز: الجوارح: أعضاء الإنسان التي تكتسب، وهي عوامله من يديه ورجليه، واحدتها جارحة؛ لأنهن يجرحن الخير والشر، أي: يكسبنه. قلت: وهو مأخوذ من: جرحت يداه واجترحت. والجوارح: ذوات الصيد من السباع والطير والكلاب؛ لأنها تجرح لأهلها، أي: تكسب لهم، الواحدة جارحة. فالبازي جارحة، والكلب الضاري جارحة. قال الأزهري: سميت بذلك لأنها كواسب أنفسها، من قولك: جرح واجترح. وفي التنزيل: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ﴾ [المائدة: 4]، أراد: وأحلّ لكم صيد ما علَّمتم من الجوارح، فحذف لأن في الكلام دليلًا عليه»([4]).

ويقول الطبري: «وأما الاجتراح عند العرب فهو عمل الرجل بيده أو رجله أو فمه، وهي الجوارح عندهم، جوارح البدن فيما ذكر عنهم. ثم يقال لكل مكتسب عملًا: جارح، لاستعمال العرب ذلك في هذه الجوارح، ثم كثر ذلك في الكلام، حتى قيل لكل مكتسب كسبًا بأيِّ أعضاء جسمه اكتسب: مُجترِح»([5]).

وعليه، فإن الادِّعاء التفويضيّ المعاصر القائل بأن المعنى الظاهر من اليد هي الجارحة يفتقد إلى الدقة العلمية، فالجارحة لغةً قيلت على سبيل المجاز، وليست هي حقيقة اليد التي هي أعم وأشمل من أن تكون جارحة، كأن يُقال: هي ما محلُّه البطش والقبض والبسط والرزق ونحو ذلك.

وبعد هذا البيان سنشرع في الإجابة عن التحدّي، وسينتظم الجواب في ذكر الأقوال دون تعقيب عليها كما اشترك الدكتور:

أولًا: تصريحهم بأن ثمة معنًى ظاهرًا معروفًا:

قال ابن جرير الطبري: «فإن قال لنا قائل: فما الصواب في معاني هذه الصفات التي ذكرت، وجاء ببعضها كتاب الله تعالى ووحيُه، وجاء ببعضها رسولُ الله؟ قيل: الصواب من هذا القول عندنا: أن نثبت حقائقها على ما نعرف من جهة الإثبات ونفي التشبيه، كما نفى عن نفسه -جل ثناؤه- فقال: ﴿لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وَهوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ [الشورى: 11]… فنثبت كل هذه المعاني التي ذكرنا أنها جاءت بها الأخبار والكتاب والتنزيل على ما يُعقل من حقيقة الإثبات، وننفي عنه التشبيه… -إلى أن قال:- فإن قال لنا منهم قائل: فما أنت قائل في معنى ذلك؟ قيل له: معنى ذلك ما دل عليه ظاهر الخبر، وليس عندنا للخبر إلا التسليم والإيمان به، فنقول: يجيء ربنا عز وجل يوم القيامة والملَك صفًّا صفًّا، ويهبط إلى السماء الدنيا وينزل إليها في كل ليلة»([6]).

وقال أيضا: «وأَوْلى المعاني بقول الله جل ثناؤه: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} [فصلت: 11]: علا عليهن وارتفع، فدبَّرهن بقدرته، وخلقهن سبع سماوات. والعجبُ ممن أنكر المعنى المفهوم من كلام العرب.. الذي هو بمعنى العل والارتفاع؛ هربًا عند نفسه من أن يلزمه بزعمه -إذا تأوله بمعناه المفهوم كذلك- أن يكون إنما علا وارتفع بعد أن كان تحتها، إلى أن تأولها بالمجهول مِن تأويله المستنكر»([7]).

وأخرج اللالكائي عن داود بن علي قال: كنا عند ابن الأعرابي فأتاه رجل فقال له: ما معنى قول الله عز وجل: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}؟ فقال: هو على عرشه كما أخبر عز وجل، فقال: يا أبا عبد الله ليس هذا معناه، إنما معناه: استولى، قال: اسكت، ما أنت وهذا؟! لا يقال: استولى على الشيء إلا أن يكون له مضادّ، فإذا غلب أحدهما قيل: استولى([8]).

وقال أبو القاسم الأصبهاني وقد سئل عن صفات الربِّ –السمعِ والبصرِ والوجه واليدين وسائر أوصافه-: «إنما هي على ظاهرها المعروف المشهور من غير كيف يتوهَّم فيها، ولا تشبيه ولا تأويل، قال ابن عيينة: كل شيء وصف الله به نفسه فقراءته تفسيره، أي: هو على ظاهره، لا يجوز صرفه إلى المجاز بنوع من التأويل»([9]).

وقال ابن قتيبة الدينوري: «فإن قال لنا -أي: الجهمي-: ما اليدان هاهنا؟ قلنا له: هما اليدان اللتان تعرف الناس كذلك... فنحن نقول كما قال الله تعالى، وكما قال رسوله، ولا نتجاهل، ولا يحملنا ما نحن فيه من نفي التشبيه على أن ننكر ما وصف به نفسه، ولكنا لا نقول: كيف اليدان»([10]).

ويقول الحافظ ابن عبد البر في كلامه عن الصفات: «ولو ساغ ادعاء المجاز لكل مدَّعٍ ما ثبت شيء من العبارات، وجل الله تعالى عن أن يخاطِب إلا بما تفهمه العرب في معهود مخاطباتها مما يصح معناه عند السامعين، والاستواء معلوم في اللغة ومفهوم، وهو العلو والارتفاع على الشيء والاستقرار والتمكن فيه»([11]).

وقال أبو النصر السِّجْزي: «الواجب أن يُعْلَمَ أنَّ الله تعالى إذا وصف نفسه بصفةٍ هي معقولةٌ عند العرب، والخطاب ورد بها عليهم بما يتعارفونه بينهم، ولم يبيِّن سبحانه أنها بخلاف ما يعقلونه، ولا فسَّرَها النَّبيُّ لمَّا أدَّاها بتفسيرٍ يخالفُ الظَّاهر، فهي على ما يعقلونه ويتعارفونه»([12]).

ثانيًا: تفسيرهم الصريح لبعض الصفات الخبرية:

قال عبد الرزاق الصنعاني: «سمعت ابنَ جريج -يقول- وغضب في شيء، فقيل له: أتغضب يا أبا خالد؟! فقال: قد غضب خالق الأحلام، إن الله تعالى يقول: {لَمَّا آسَفُونَا}: أغضبونا»([13]).

وقد بيّن ابن جريج المعنى بطريقين يؤكّد أحدهما الآخر:

1- أنه قد برر غضبه بغضب خالق الأحلام، وفي حالة عدم فهمه للمعنى لا يجوز هذا القياس.

2- أنه قد فسر ﴿آسَفُونَا﴾ بـ(أغضبونا).

قال البخاري: «قال أبو العالية: {اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ}: ارتفع، وقال مجاهد: {اسْتَوَى}: علا {عَلَى الْعَرْشِ} وارتفع»([14]).

وروي هذا التفسير عن جماعة كبيرة من السلف، منهم: ابن عباس([15])، والربيع بن أنس([16])، والكلبي ومقاتل([17])، وأحمد بن حنبل([18])، وحكاه ابن القيم عن إجماع السلف([19]).

وروي عن علماء اللغة وأئمتها الأوائل، منهم: الخليل بن أحمد الفراهيدي (170هـ)([20])، والفراء (207هـ)([21])، وأبو عبيدة معمر بن المُثنى (210هـ)([22])، والأخفش (215هـ)([23])، ونفطويه (244هـ)([24])، وثعلب (291هـ)([25])، وابن الأعرابي (340هـ)([26]).

قال البغوي: «﴿ثُمَّ استَوَى عَلَى العَرشِ﴾ [الأعراف: 54]: قال الكلبي ومقاتل: استقر. وقال أبو عبيدة: صعد. وأوَّلت المعتزلة الاستواء بالاستيلاء، وأما أهل السنة فيقولون: الاستواء على العرش صفة لله تعالى، بلا كيف»([27]).

ويقول ابن قتيبة: «وكيف يسوغ لأحد أن يقول: هو في كل مكان على الحلول مع قوله: ﴿الرَّحمَنُ عَلَى العَرشِ استَوَى﴾ [طه: 5] أي: استقر»([28]).

ويقول الإمام الكرجي القصاب رحمه الله: «قوله تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ استَوَى عَلَى العَرشِ﴾ [الأعراف: 54] حجة على الجهمية؛ لأن الاستواء في هذا الموضع هو الاستقرار، فقوله: ﴿ثُمَّ استَوَى عَلَى العَرشِ﴾ أي: استقر عليه، فهو بما استقل العرش منه عز وجل له حدّ عند نفسه، لا بحد يدركه خلقه، والمحيط بالأشياء علمه سبحانه»([29]).

ويقول الحافظ ابن عبد البر –وهو يتكلم عن صفة استواء الله على العرش-: «وجل الله تعالى عن أن يخاطِب إلا بما تفهمه العرب في معهود مخاطباتها مما يصح معناه عند السامعين، والاستواء معلوم في اللغة ومفهوم، وهو العلو والارتفاع على الشيء، والاستقرار والتمكن فيه…» ثم قال: «الاستواء: الاستقرار في العلو، وبهذا خاطبنا الله تعالى»([30]).

ومما سبق يتبيَّن جليًّا أن السلف فسَّروا صفة الاستواء تفسيرًا واضحًا، بينما المُفوِّض لا يُجيز التعبيرَ والبيان عن الصفات بكلماتٍ مرادفة، وإذا ثبت أنهم فهموا صفةً خبرية واحدة فليُعلم أنه لا فرق بين صفة واحدة وبقية الصفات، وإجراء الاستواء على اللغة ليس بأعجبَ من إجراء الباقي، ولا فرق.

بل وجمهور الصفاتية من الكُلَّابية والسالمية ومتقدمي الأشعرية -بصرف النظر عن درجات هؤلاء في الإثبات- كانوا يفسرونها بالعلو والارتفاع أيضًا، لكن ينفون الفعل الاختياري. والمقصود هو ثبوت التفسير والخروج من التفويض.

يقول ابن جرير الطبري: «قول الله عز وجل: ﴿فَلَمَّا آسَفُونَا﴾ [الزخرف: 55] يعني بقوله: ﴿آسَفُونَا﴾: أغضبونا، وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل»([31]).

وقال ابن قتيبة: «﴿فَلَمَّا آسَفُونَا﴾ أي: أغضبونا، والأسف: الغضب، يُقال: أسِفت آسَفُ أسفًا؛ أي: غضبت»([32]).

وقال ابن جرير الطبري: «وقوله: ﴿وَحَنَانًا مِن لَّدُنَّا﴾ [مريم: 13]، يقول -تعالى ذكره-: ورحمةً منا به، ومحبةً له آتيناه الحكم صبيًّا، وقد اختلف أهل التأويل في معنى الحنان، فقال بعضهم معناه: الرحمة، ووجهوا الكلام إلى نحو المعنى الذي وجهناه إليه»([33]). ثم ذكر الأقوال الأخرى وهي التعطّف والمحبة.

وقال أيضًا: «اختلفت القرَّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء الكوفة: (بلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُونَ) بضم التاء من (عَجِبْتُ)، بمعنى: بل عظُم عندي وكَبُر اتخاذهم لي شريكًا، وتكذيبهم تنزيلي وهم يسخرون. وقرأ ذلك عامة قراء المدينة والبصرة وبعض قراء الكوفة: {بَلْ عَجِبْتَ} بفتح التاء بمعنى: بل عجبتَ أنت يا محمد، ويسخرون من هذا القرآن. والصواب من القول في ذلك أن يقال: إنهما قراءتان مشهورتان في قراء الأمصار، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.

فإن قال قائل: وكيف يكون مصيبًا القارئ بهما مع اختلاف معنيَيْهما؟ قيل: إنهما وإن اختلف معنيَاهما فكل واحد من معنييه صحيح، قد عجب محمد مما أعطاه الله من الفضل، وسخر منه أهل الشرك بالله، وقد عجب ربنا من عظيم ما قاله المشركون في الله، وسَخِر المشركون بما قالوه»([34]).

قال الإمام أحمد: «من زعم أن ﴿يَدَاهُ﴾ نعمتاه، كيف يصنع بقوله: ﴿خَلَقتُ بِيَدَيَّ﴾ مُشدّدة؟!»([35]).

ثالثًا: تصريحهم بأنها على الحقيقة:

جاء في «العقيدة القادرية» -التي ارتضاها الحنابلة وأرسل بها أمير المؤمنين القادر بالله إلى البلدان- ما نصه: «وكل صفة وصف بها نفسه أو وصفه بها نبيه فهي صفة حقيقية لا صفة مجاز»([36])، وزاد القصّاب: «ولو كانت صفة مجاز لتحتّم تأويلها، ولقيل: معنى البصر كذا، ومعنى السمع كذا، ولفسِّرت بغير السابق إلى الأفهام، فلما كان مذهب السلف إقرارها بلا تأويل علم أنها غير محمولة على المجاز، وإنما هي حق بيِّن»([37]). وقد اتفق سائر الحنابلة والأثرية أن الصفات ليست على المجاز([38]).

وقال الحافظ ابن عبد البر: «أهل السنة مجمعون على الإقرار بصفات الله الواردة في الكتاب والسنة، وحملها على الحقيقة لا على المجاز، إلا أنهم لا يكيّفون شيئًا من ذلك، ولا يحدّون فيه صفة محصورة»([39]).

اعتراض والجواب عليه:

قد أجاب بعض المفوّضة المعاصرين أن (الحقيقة) لدى الأثرية لا تعني معرفة المعنى بالضرورة، وإنما تعني حقيقة لا يعلمها إلا الله.

والجواب: أن هذا تأويل بعيد وتكلّفٌ ظاهر؛ وذلك لعدة أسباب:

1- أن الأشاعرة يقولون بحقيقة لا يعلمها إلا الله أيضًا، فلو كان الأمر كما قالوا لما كان هناك فرق بين القولين.

2- قول الحنابلة والأثرية: إن الصفات تُحمل على الحقيقة دليل على وجود معنًى معروف ولا بد؛ إذ الحملُ يقتضي الفَهم أصالةً، وهذا واضح من قولهم: «حملها على…»، فإلى أي شيءٍ سوف يحملها ويصرفها؟! وما وجه هذا الحمل؟!

3- من المعلوم أن ضد المجاز اللغوي هو الحقيقة اللغوية، فإذا قال قائل: هذا الكلام على الحقيقة لا على المجاز، علمنا أنه يريد الحقيقة اللغوية، يعرف ذلك كل من سلمت قريحته، فالحقيقة المعروفة هي ضد المجاز، والزعم بخلاف ذلك سفسطة غير مقبولة.

4- ما يفصل في هذه السفسطة: أنه جاء في «عقيدة القصّاب» -التي نقلها الأثرية والحنابلة بلا نكير- إثبات الحقيقة، وجاء فيها أيضًا: «ولفُسِّرت بغير السابق إلى الأفهام».

فأثبتوا السابق إلى الأفهام من تلك الحقيقة، وهذا التصريح يرفع النزاع رأسًا.

رابعًا: تصريحهم بوجود الصفات دالة على حقائق ومعانٍ معلومة لدينا:

قال أبو عمر الطلمنكي المالكي: «من تمام المعرفة بأسماء الله تعالى وصفاته التي يستحق بها الداعي والحافظ ما قال رسول الله ﷺ المعذرة بالأسماء والصفات، وما تتضمن من الفوائد وتدل عليه من الحقائق، ومن لم يعلم ذلك لم يكن عالمًا لمعاني الأسماء، ولا مستفيدًا بذكرها ما تدل عليه من المعاني»([40]).

وقال الكرجي القصاب: «وسمْع الله وبصره كائنان أزليتان فيه بلا إحداث محدِث، ولا صنع صانع، حقيقيان غير مجازيين، معروفان عند نفسه، معروفٌ حقيقتيهما عنده، معروفٌ عندنا حقيقتهما بغير معنى الإدراك، بل بمعنى السمع والبصر، مسكوتٌ عن كيفيتهما، كهيئة ما هما عنده سبحانه»([41]).

وقال أيضًا في كلامه عن الكرسي والعرش: «إن الكلمة إذا كان لها ظاهر معروف وباطن محتمل لم يجز أن تزال عن ظاهرها المعروف إلى باطنها المحتمل إلا بإجماع الأمة أو بنص آية أو سُنة»([42]).

ويقول أبو إسماعيل الهروي: «ولم يثبتوا شيئًا ولم ينفوا موجودًا -أي: الأشاعرة- ولم يفرقوا بين التفسير والعبارة بالألسنة، فقالوا: لا نُفسرها، نجريها عربية كما وردت»([43]).

وقال الإمام الأصبهاني وقد سُئل عن صفات الرب سبحانه: «مذهب مالك والثوري والأوزاعي والشافعي وحماد بن سلمة وحماد بن زيد وأحمد ويحيى بن سعيد القطَّان وعبد الرحمن بن مهدي وإسحاق بن راهويه: أنَّ صفات الله التي وصَف بها نفسه ووصفه بها رسولُه من السمع والبصر والوجه واليدين وسائر أوصافه إنما هي على ظاهرها المعروف المشهور، من غير كيف يُتوهَّم فيها، ولا تشبيه ولا تأويل؛ قال ابن عيينة: كل شيء وصف الله به نفسه فقراءته تفسيره، ثم قال: أي: هو هو على ظاهره، لا يجوز صرفه إلى المجاز بنوع من التأويل»([44]).

وقال ابن الزاغوني مستهجنًا تفويضَ الأشاعرة: «وقد كانت طائفة من الأشعرية يثبتون لفظه، ويمتنعون من تأويله، ولا يثبتون مقتضاه، فأما اللفظ فلا سبيل إلى دفعه؛ لأنه ثابت في القرآن، وأما حمله على ظاهره فممكن»([45]).

وقال الحافظ الذهبي بعد أن ذكر أكثر من خمسين حديثًا وأثرًا في إثبات الصفة: «والأحاديث في إثبات اليد كثيرة، وهذه قطعة من أقوال الأئمة الأعلام وأركان الإسلام… -إلى أن قال:- ويقال أيضًا: نعلم بالاضطرار أن الصحابة والتابعين ومَن بعدهم قد كان فيهم الأعرابي والأمِّي والمرأة والصبي والعامة ونحوهم ممن لا يعرف التأويل، وكانوا مع هذا يسمعون هذه الآيات والأحاديث في الصفات، وحدَّث بها الأئمة من الصحابة والتابعين على رؤوس الأشهاد، ولم يؤوِّلوا منها صفة واحدة يومًا من الدهر، وإنما تركوا العوام على فطرهم وفهمهم»([46]).

وقال أيضًا في كلامه عن الصفات: «لا تأويل لها غير دلالة الخطاب، كما قال السلف: الاستواء معلوم، وكما قال سفيان وغيره: قراءتها تفسيرها، يعني: أنها بينة واضحة في اللغة، لا يُبتغى بها مضايق التأويل والتحريف، وهذا هو مذهب السلف، مع اتفاقهم أيضًا أنها لا تشبه صفات البشر بوجه؛ إذ الباري لا مثل له لا في ذاته ولا في صفاته»([47]).

وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي: «ولم يتأول الصحابة ولا التابعون شيئًا من ذلك، ولا أخرجوه عن مدلوله، بل روي عنهم ما يدل على تقريره والإيمان به وإمراره كما جاء»([48]).

خامسًا: تصريحهم بوجود قدر مشترك:

قال الإمام عثمان بن سعيد الدارمي: «إنما نصفه بالأسماء، لا بالتكييف ولا بالتشبيه، كما يقال: إنه ملك، كريم، عليم، حكيم، حليم، رحيم، لطيف، مؤمن، عزيز، جبار، متكبر. وقد يجوز أن يدعى البشر ببعض هذه الأسماء وإن كانت مخالفة لصفاتهم، فالأسماء فيها متفقة، والتشبيه والكيفية مفترقة، كما يقال: ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء، يعني في الشبه والطعم والذوق والمنظر واللون. فإذا كان كذلك فالله أبعد مِن الشَّبه وأبعد. فإن كنا مشبهة عندك أنْ وحَّدنا الله إلهًا واحدًا بصفات أخذناها عنه وعن كتابه، فوصفناه بما وصف به نفسه في كتابه، فالله في دعواكم أول المشبهين بنفسه، ثم رسول الله الذي أنبأنا ذلك عنه. فلا تظلموا أنفسكم ولا تكابروا العلم إذ جهلتموه، فإن التسمية من التشبيه بعيدة»([49]).

وقال أيضًا: «وكيف استجزتَ أن تُسمِّي أهل السنة وأهلَ المعرفة بصفات الله المقدسة مشبِّهة؛ إذ وصفوا الله بما وصف به نفسه في كتابه بالأشياء التي أسماؤها موجودة في صفات بني آدم بلا تكييف»([50]).

وقال إمام الأئمة ابن خزيمة: «نقول: لو شبَّه بعضُ الناس يدَ قوي الساعدين شديد البطش، عالِم بكثير من الصناعات، جيد الخط، سريع الكتابة، بيد ضعيف البطش من الآدميين، خلو من الصناعات والمكاسب، أخرق.. أو نقول له -أي: للمُعطل-: يدك شبيهة بيد قرد أو خنزير أو دب أو كلب أو غيرها من السباع، أما ما يقوله سامع هذه المقالة -إن كان من ذوي الحِجا والنُهى-: أخطأتَ يا جاهلُ التمثيلَ، ونكست التشبيه، ونطقت بالمحال من المقال، ليس كل ما وقع عليه اسم اليد جاز أن يشبه ويمثَّل إحدى اليدين بالأخرى، وكل عالم بلغة العرب فالعلم عنده محيط أن الاسم الواحد قد يقع على الشيئين مختلفي الصفة متبايني المعاني»([51]).

وقال أيضًا: «وهل ها هنا -أيها العقلاء- تشبيه وجه ربنا جل ثناؤه -الذي هو كما وصفنا وبيَّنا صفته من الكتاب والسنة- بتشبيه وجوه بني آدم التي ذكرناها ووصفناها غير اتفاق اسم الوجه، وإيقاع اسم الوجه على وجه بني آدم كما سمى الله وجهه وجهًا؟! ولو كان تشبيهًا من علمائنا لكان كل قائل: إن لبني آدم وجهًا وللخنازير والقردة والكلاب والسباع والحمير والحيات والعقارب وجوهًا قد شبه وجوه بني آدم بوجوه الخنازير والقردة والكلاب وغيرها مما ذكرت»([52]).

وقال: «وكل من فَهم عن الله خطابه يعلم أن هذه الأسامي التي هي لله تعالى أسَامٍ بيَّن الله ذلك في كتابه وعلى لسان نبيه مما قد أوقع تلك الأسامي على بعض المخلوقين ليس على معنى تشبيه المخلوق بالخالق؛ لأنَّ الأسامي قد تتفق وتختلف المعاني، فالنور وإن كان اسمًا لله فقد يقع اسم النور على بعض المخلوقين، فليس معنى النور الذي هو اسم لله في المعنى مثل النور الذي هو خلق الله»([53]).

وقال أيضًا: «إن الله سميع بصير كما أعلمنا خالقنا وبارئنا، ونقول من له سمع وبصر من بني آدم فهو سميع بصير، ولا نقول: إن هذا تشبيه المخلوق بالخالق، ونقول: إن لله عز وجل يدين يمينين لا شمال فيهما، قد أعلمنا الله تبارك وتعالى أن له يدين، وخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أنهما يمينان لا شمال فيهما، ونقول: إن من كان من بني آدم سليم الجوارح والأعضاء فله يدان يمين وشمال، لا نقول: إن يد المخلوقين كيد الخالق عز ربنا عن أن تكون يده كيد خلقه»([54]).

وقال الحافظ الكرجي القصاب: «إن الشيء يُسمى باسم غيره، وإن لم يُشبِهه بجميع صفاته؛ ألا ترى أن الله قد جمع بين جنة الدنيا -التي هي بستان- وبين جنة الآخرة بالاسم، وهما لا يجتمعان في جميع صفاتهما، وهذا رد على المعتزلة فيما يزعمون أن الله لا يجوز أن يوصف بشيء مما يقع اسمه موافقًا لاسم ما في المخلوق، وأغفلوا مثل هذا وأشباهه، وما هو أعظم من هذا وهو الجمع بين أسمائه سبحانه وأسماء خلقه مثل: المَلِك والجبار والعزيز والعظيم والكريم وما ضاهاها، فلم يوجب ذلك أن يساوي خلقَه في جميع صفاته، ولا على خلقه أن يساووه في جميع صفاتهم، وإذا كان هذا غير ضيِّق فيما وقع عليه الاسم، لولا الجهل المفرط والعناد الشديد»([55]).

سادسًا: استدلالهم بإحدى الصفتين على الأخرى من باب اللزوم والتضمّن:

روى الحافظ الصابوني عن أحمد بن سعيد بن إبراهيم أبي عبد الله الرباطي قال: حضرتُ مجلس الأمير عبد الله بن طاهر ذات يوم، وحضرَ إسحاق بن إبراهيم -يعني: ابن راهويه- فسُئِلَ عن حديث النزول: أصحيحٌ هو؟ قالَ: نعم. فقال له بعض قوَّاد عبد الله: يا أبا يعقوب، أتزعمُ أنَّ الله تعالى ينزلُ كل ليلة؟! قال: نعم، قال: كيف ينزلُ؟ فقال له إسحاق: أَثْبِتْهُ فوقَ حتى أَصِفَ لك النُّزول، فقالَ الرَّجل: أثبَتُّه فوق، فقال إسحاق: قال الله تعالى: ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾ [الفجر: 22]، فقال الأمير عبد الله: يا أبا يعقوب، هذا يوم القيامة، فقال إسحاق: أعزَّ الله الأمير، ومَن يجيءُ يومَ القيامة مَن يمنعْه اليوم؟!»([56]).

ويتضمن الأثر السابق أمرين:

أولهما (طريق اللازم): إثبات النزول عن طريق المُقابلة للفوقية، بقوله: (أَثْبِتْهُ فوقَ حتى أصف لك النزول)؛ وذلك لأن النزول يكون من أعلى، فاشترط على الأمير أن يُقر بالفوقية أولًا حتى يدخل في الحجة الثانية، فلو أثبت الخصم الفوقية ناقشناه في النزول.

ثانيهما (طريق التضمن): استدلاله بالمجيء على جواز النزول، بقوله: ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالملَكُ﴾؛ وذلك لاشتراك كلتا الصفتين في جنس الفعل الاختياري. والاستدلال بصفة على جواز الأخرى دليل على فَهم المعنى.

ومن ذلك: قول الحافظ ابن عبد البر في حديث النزول: «وفِيه دلِيلٌ على أنّ اللّه تعالى فِي السّماءِ على العرْشِ مِن فوْقِ سبْعِ سماواتٍ، كما قالتِ الجماعةُ»([57]). وفيه الاستدلال بالنزول على صفة الفوقية.

هذه كانت جملة من نصوص الأئمة والعلماء في أن معاني الصفات معلومة، وبهذا يتبين جواب سؤال الدكتور والذي أورده على سبيل التهكّم لا على سبيل المباحثة، ونوصي الباحثين أن يشغَلوا أنفسهم والمسلمين بما هو أنفع للأمة الإسلامية، بدلًا من إثارة الضغائن والجدالات وما ليس تحته عمل، وفي هذا القدر كفاية لمن ألقى السمع وهو شهيد.

وصلِّ اللهم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) لسان العرب، ابن منظور (15/ 489).

([2]) «شرح الواسطية» (ص: 20).

([3]) «إفاضة العلام بتحقيق مسألة الكلام» (ص: 267).

([4]) «تاج العروس» (6/ ٣٣٨).

([5]) «تفسير الطبري» (5/ 212).

([6]) «التبصير في معالم الدين» (ص: 146).

([7]) «جامع البيان عن تأويل آي القرآن» (1/ 228).

([8]) أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (٣/ ٤٤٢).

([9]) ينظر: «العلو للعلي الغفار» (ص: 263).

([10]) «الاختلاف في اللفظ والرد على الجهمية» (ص: 42).

([11]) «التمهيد» (7/ 131).

([12]) «رسالة السجزي إلى أهل زبيد» (ص: 96). وانظر: «الاختلاف في اللَّفظ» لابن قتيبة (ص: 44)، «عقيدة السَّلف وأصحاب الحديث» للصَّابوني (ص: 165)، «التَّمهيد» لابن عبد البَرِّ (6/ 125)، «الحُجَّة في بيان المحَجَّة» لقوام السنة الأصبهاني (2/ 277)، «العُلُوُّ» للذَّهبي (ص: 173).

([13]) «تفسير عبد الرزاق الصنعاني» (3/ 178).

([14]) ينظر: «فتح الباري شرح صحيح البخاري» (15/ 289).

([15]) ينظر: «الأسماء والصفات» للبيهقي (2/ 210).

([16]) ينظر: «تفسير الطبري» (1/ 429).

([17]) ينظر: «تفسير البغوي» (3/ 235).

([18]) ينظر: «اعتقاد الإمام أحمد» للتميمي (ص: 38).

([19]) «مختصر الصواعق المرسلة» (ص: 380).

([20]) ينظر: «التمهيد» لابن عبد البر (11/ 340)، «العلو» للذهبي (ص: 171).

([21]) ينظر: «الأسماء والصفات» للبيهقي (2/ 310).

([22]) «مجاز القرآن» (1/ 273).

([23]) ينظر: «تهذيب اللغة» للأزهري (13/ 125).

([24]) ينظر: «اجتماع الجيوش الإسلامية» (ص: 104).

([25]) ينظر: «شرح اعتقاد أهل السنة» للالكائي (3/ 399).

([26]) ينظر: «شرح اعتقاد أهل السنة» للالكائي (3/ 399)، و«تاريخ بغداد» للخطيب (5/ 283).

([27]) «تفسير البغوي» (3/ 235).

([28]) «تأويل مختلف الحديث» (ص: 394).

([29]) «نكت القرآن الدالة على البيان في أنواع العلوم والأحكام» (1/ 426-427).

([30]) «التمهيد» (7/ 131).

([31]) «تفسير الطبري» (11/ 198)، ويقصد بأهل التأويل أهل التفسير.

([32]) «تفسير غريب القرآن» (ص: 309).

([33]) «جامع البيان عن تأويل آي القرآن» (8/ 182).

([34]) «جامع البيان عن تأويل آي القرآن» (10/ 476).

([35]) ينظر: «المسائل» للميموني، ونقله القاضي في «إبطال التأويلات» (1/ 102)، وابن القيم في «اجتماع الجيوش الإسلامية» (ص: 83).

([36]) ينظر: «سير أعلام النبلاء» (16/ 213)، وانظر أيضًا: «المنتظم» لابن الجوزي في حوادث سنة (433هـ).

([37]) ينظر: «سير أعلام النبلاء» (16/ 214).

([38]) انظر مثلًا: «الإيضاح في أصول الدين» لابن الزاغوني (ص: 287).

([39]) «التمهيد» (3/ 351).

([40]) ينظر: «فتح الباري شرح صحيح البخاري» لابن حجر العسقلاني (11/ 229).

([41]) «نكت القرآن الدالة على البيان في أنواع العلوم والأحكام» (4/ 459).

([42]) «نكت القرآن الدالة على البيان في أنواع العلوم والأحكام» (1/ 180).

([43]) «ذم الكلام» (5/ 137-138)، العبارة: هي المعنى، ومنه التعبير: أي بيان المعنى.

([44]) ينظر: «العلو للعلي الغفار» (ص: 263).

([45]) «الإيضاح» (ص: 299).

([46]) «إثبات صفة اليد» (ص: 36).

([47]) «العلو للعلي الغفار» (ص: 251).

([48]) «فتح الباري» (7/ 228).

([49]) «النقض على المريسي» (1/ 303).

([50]) «النقض على المريسي» (1/ 301).

([51]) «كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب» (ص: 196).

([52]) المصدر السابق (ص: 55).

([53]) المصدر السابق (ص: 79-80).

([54]) المصدر السابق (1/ 43-44).

([55]) «نكت القرآن الدالة على البيان في أنواع العلوم والأحكام» (4/ 381).

([56]) «اعتقاد السلف أصحاب الحديث» (ص: 30). وينظر: «الحجة في بيان المحجة» للأصبهاني (ص: 125-126)، «تذكرة الحفاظ» للذهبي مختصرًا (440)، «مختصر العلو» (ص: 192).

([57]) «التمهيد» (3/ 338).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

جديد سلف

مآخذ الفقهاء في استحباب صيام يوم عرفة إذا وافق يوم السبت

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. فقد ثبت فضل صيام يوم عرفة في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (‌صِيَامُ ‌يَوْمِ ‌عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ)([1]). وهذا لغير الحاج. أما إذا وافق يومُ عرفة يومَ السبت: فاستحبابُ صيامه ثابتٌ أيضًا، وتقرير […]

لماذا يُمنَع من دُعاء الأولياء في قُبورهم ولو بغير اعتقاد الربوبية فيهم؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة هناك شبهة مشهورة تثار في الدفاع عن اعتقاد القبورية المستغيثين بغير الله تعالى وتبرير ما هم عليه، مضمونها: أنه ليس ثمة مانعٌ من دعاء الأولياء في قبورهم بغير قصد العبادة، وحقيقة ما يريدونه هو: أن الممنوع في مسألة الاستغاثة بالأنبياء والأولياء في قبورهم إنما يكون محصورًا بالإتيان بأقصى غاية […]

الحج بدون تصريح ..رؤية شرعية

لا يشكّ مسلم في مكانة الحج في نفوس المسلمين، وفي قداسة الأرض التي اختارها الله مكانا لمهبط الوحي، وأداء هذا الركن، وإعلان هذه الشعيرة، وما من قوم بقيت عندهم بقية من شريعة إلا وكان فيها تعظيم هذه الشعيرة، وتقديس ذياك المكان، فلم تزل دعوة أبينا إبراهيم تلحق بكل مولود، وتفتح كل باب: {رَّبَّنَآ إِنِّيٓ أَسۡكَنتُ […]

المعاهدة بين المسلمين وخصومهم وبعض آثارها

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة باب السياسة الشرعية باب واسع، كثير المغاليق، قليل المفاتيح، لا يدخل منه إلا من فقُهت نفسه وشرفت وتسامت عن الانفعال وضيق الأفق، قوامه لين في غير ضعف، وشدة في غير عنف، والإنسان قد لا يخير فيه بين الخير والشر المحض، بل بين خير فيه دخن وشر فيه خير، والخير […]

إمعانُ النظر في مَزاعم مَن أنكَر انشقاقَ القَمر

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الحمد لله رب العالمين، وأصلى وأسلم على المبعوث رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فإن آية انشقاق القمر من الآيات التي أيد الله بها نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم، فكانت من أعلام نبوّته، ودلائل صدقه، وقد دلّ عليها القرآن الكريم، والسنة النبوية دلالة قاطعة، وأجمعت عليها […]

هل يَعبُد المسلمون الكعبةَ والحجَرَ الأسودَ؟

الحمد لله الذي أكمل لنا الدين، وهدنا صراطه المستقيم. وبعد، تثار شبهة في المدارس التنصيريّة المعادية للإسلام، ويحاول المعلِّمون فيها إقناعَ أبناء المسلمين من طلابهم بها، وقد تلتبس بسبب إثارتها حقيقةُ الإسلام لدى من دخل فيه حديثًا([1]). يقول أصحاب هذه الشبهة: إن المسلمين باتجاههم للكعبة في الصلاة وطوافهم بها يعبُدُون الحجارة، وكذلك فإنهم يقبِّلون الحجرَ […]

التحقيق في نسبةِ ورقةٍ ملحقةٍ بمسألة الكنائس لابن تيمية متضمِّنة للتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وبآله

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: إنَّ تحقيقَ المخطوطات من أهمّ مقاصد البحث العلميّ في العصر الحاضر، كما أنه من أدقِّ أبوابه وأخطرها؛ لما فيه من مسؤولية تجاه الحقيقة العلمية التي تحملها المخطوطة ذاتها، ومن حيث صحّة نسبتها إلى العالم الذي عُزيت إليه من جهة أخرى، ولذلك كانت مَهمة المحقّق متجهةً في الأساس إلى […]

دعوى مخالفة علم الأركيولوجيا للدين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: عِلم الأركيولوجيا أو علم الآثار هو: العلم الذي يبحث عن بقايا النشاط الإنساني القديم، ويُعنى بدراستها، أو هو: دراسة تاريخ البشرية من خلال دراسة البقايا المادية والثقافية والفنية للإنسان القديم، والتي تكوِّن بمجموعها صورةً كاملةً من الحياة اليومية التي عاشها ذلك الإنسان في زمانٍ ومكانٍ معيَّنين([1]). ولقد أمرنا […]

جوابٌ على سؤال تَحَدٍّ في إثبات معاني الصفات

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة أثار المشرف العام على المدرسة الحنبلية العراقية -كما وصف بذلك نفسه- بعضَ التساؤلات في بيانٍ له تضمَّن مطالبته لشيوخ العلم وطلبته السلفيين ببيان معنى صفات الله تبارك وتعالى وفقَ شروطٍ معيَّنة قد وضعها، وهي كما يلي: 1- أن يكون معنى الصفة في اللغة العربية وفقَ اعتقاد السلفيين. 2- أن […]

معنى الاشتقاق في أسماء الله تعالى وصفاته

مما يشتبِه على بعض المشتغلين بالعلم الخلطُ بين قول بعض العلماء: إن أسماء الله تعالى مشتقّة، وقولهم: إن الأسماء لا تشتقّ من الصفات والأفعال. وهذا من باب الخلط بين الاشتقاق اللغوي الذي بحثه بتوسُّع علماء اللغة، وأفردوه في مصنفات كثيرة قديمًا وحديثًا([1]) والاشتقاق العقدي في باب الأسماء والصفات الذي تناوله العلماء ضمن مباحث الاعتقاد. ومن […]

محنة الإمام شهاب الدين ابن مري البعلبكي في مسألة الاستغاثة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فإن فصول نزاع شيخ الإسلام ابن تيمية مع خصومه طويلة، امتدت إلى سنوات كثيرة، وتنوَّعَت مجالاتها ما بين مسائل اعتقادية وفقهية وسلوكية، وتعددت أساليب خصومه في مواجهته، وسعى خصومه في حياته – سيما في آخرها […]

العناية ودلالتها على وحدانيّة الخالق

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: إنَّ وجودَ الله تبارك وتعالى أعظمُ وجود، وربوبيّته أظهر مدلول، ودلائل ربوبيته متنوِّعة كثيرة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (إن دلائل الربوبية وآياتها أعظم وأكثر من كلّ دليل على كل مدلول) ([1]). فلقد دلَّت الآيات على تفرد الله تعالى بالربوبية على خلقه أجمعين، وقد جعل الله لخلقه أمورًا […]

مخالفات من واقع الرقى المعاصرة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدمة: الرقية مشروعة بالكتاب والسنة الصحيحة من فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقوله وإقراره، وفعلها السلف من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان. وهي من الأمور المستحبّة التي شرعها الشارع الكريم؛ لدفع شرور جميع المخلوقات كالجن والإنس والسباع والهوام وغيرها. والرقية الشرعية تكون بالقرآن والأدعية والتعويذات الثابتة في […]

ألـَمْ يذكر القرآنُ عقوبةً لتارك الصلاة؟

  خرج بعضُ أهل الجدَل في مقطع مصوَّر يزعم فيه أن القرآنَ لم يذكر عقوبة -لا أخروية ولا دنيوية- لتارك الصلاة، وأن العقوبة الأخروية المذكورة في القرآن لتارك الصلاة هي في حقِّ الكفار لا المسلمين، وأنه لا توجد عقوبة دنيوية لتارك الصلاة، مدَّعيًا أنّ الله تعالى يريد من العباد أن يصلّوا بحبٍّ، والعقوبة ستجعلهم منافقين! […]

حديث: «جئتكم بالذبح» بين تشنيع الملاحدة واستغلال المتطرفين

الطعنُ في السنة النبوية بتحريفها عن معانيها الصحيحة وباتِّباع ما تشابه منها طعنٌ في النبي صلى الله عليه وسلم وفي سماحة الإسلام وعدله، وخروجٌ عن التسليم الكامل لنصوص الشريعة، وانحرافٌ عن الصراط المستقيم. والطعن في السنة لا يكون فقط بالتشكيك في بعض الأحاديث، أو نفي حجيتها، وإنما أيضا بتحريف معناها إما للطعن أو للاستغلال. ومن […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017