الأربعاء - 02 جمادى الآخر 1446 هـ - 04 ديسمبر 2024 م

هل اختار السلفيون آراءً تخالف الإجماع؟

A A

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة 

مقدمة:

كثير من المزاعم المعاصرة حول السلفية لا تنبني على علمٍ منهجيٍّ صحيح، وإنما تُبنى على اجتزاءٍ للحقيقة دونما عرضٍ للحقيقة بصورة كاملة، ومن تلك المزاعم: الزعمُ بأنَّ السلفية المعاصرة لهم اختيارات فقهية تخالف الإجماع وتوافق الظاهرية أو آراء ابن تيمية، ثم افترض المخالف أنهم خالفوا الإجماع لأجل ذلك. ودائمًا ما يقع المخالف في مغالطة المصادرة على المطلوب؛ إذ يدَّعي الإجماع في مسائل لا إجماع فيها لمجرد مخالفة اتفاق الأئمة الأربعة، أو بناءً على بعض الإجماعات المتوهَّمة، كما سيأتي بيانه.

بادئ ذي بدءٍ نقول: إنه لا يُمكن حصر المنهج السلفي في مجرد اختياراتٍ فقهيّة لبعض العلماء المعاصرين، فهذه نظرة سطحية؛ وذلك لأن المنهج السلفي هو منهج في التلقي والبناء العقدي في المقام الأول، أما الفتوى الفقهية فأمرها يسير؛ فهي تتغير بتغيُّر الزمان والمكان، كما تختلف باختلاف المفتين.

والسلفيون ليسوا على مسلكٍ واحد من حيث الممارسة الفقهية؛ فلقد ظهرت مدارس سلفية متعددة في العصور الحديثة: فالمدرسة النجدية حنبلية المذهب، ومدرسة الشناقطة مالكية المذهب، ومدرسة الشوكاني أقرب إلى مذهب الظاهرية، وهكذا، وليس للسلفية خصوصية في هذا التعدد، بل في الأشعرية أيضًا من اختار مذهبًا في الاجتهاد -كما سيأتي-.

وهذه المسائل التي ادُّعي أن السلفيين يخالفون فيها المذاهب الأربعة -على ندرة وجود ذلك عند السلفيين- هم مسبوقون فيها بغيرهم من السلف والخلف، فجاءت هذه الورقة العلمية في مركز سلف للبحوث والدراسات ضمن سلسلة الدفاع عن المنهج السلفي وعن أعلامه.

 

مركز سلف للبحوث والدراسات

 

 

ومناقشة الموضوع وفق محورين أساسيين:

أولًا: هل خرج السلفيون عن الإجماع؟

ثانيًا: الآراء الفقهية التي أخذها المخالف على بعض العلماء.

وهذا أوانُ الشـــروع في المقصود:

المحور الأوّل: دعوى خروج السلفيون عن الإجماع:

ومناقشة هذه الدعوى من وجوه:

الوجه الأول:

من أهمّ الأسس التي بنى عليها المخالف شبهته: ظنُّه أن من خالف الأئمة الأربعة فقد خالف الإجماع؛ ولذلك أهدروا خلاف الظاهرية وبعض مذاهب السلف المندثرة، وهو قول لبعض المتأخرين، إلا أنه منقوضٌ بما يلي:

1- استدراك متأخري الحنابلة كالرحيباني ومرعي الكرمي على هذا الإجماع المزعوم.

يقول الشيخ مرعي الكرمي: “وفي الإفصاح: الإجماع انعقد على تقليد كل من المذاهب الأربعة وأن الحق لا يخرج عنهم. وفيه نظر. ويتجه: حيث لا تحتمل المسألة قيدًا كمقلد داود في حل شحم الخنزير، وابن حزم في اللبث بمسجد للجنب، وابن تيمية وغيره في أن الطلاق الثلاث دفعة لا يقع غير واحدة، وفي (عَليَّ الطلاق) لا يقع، فإن احتمل التقيّد امتنع التقليد كمُقَلِّد سعيد بن المسيب في حل المطلقة ثلاثًا بمُجرَّد العقد مع الحيلة، ومُقلِّد نافع وابن عمر في الوطء في الدبر حالة الحيض لاحتمال أنهما لا يريان ذلك حينئذ”([1]).

وقال الرحيباني: “فمن وقف على هذه الأقوال -يعني قول داود في حل شحم الخنزير، وقول ابن حزم في اللبث بمسجد للجنب، وقول ابن تيمية في طلاق الثلاث- وثبت عنده صحة نسبتها لهؤلاء الرجال يجوز له العمل بمقتضاها عند الاحتياج إليه، خصوصًا إذا دعته الضرورة إليه، وهو متجه”([2]).

2- كثير من العلماء يرون جواز الخروج عن المذاهب الأربعة للفقيه المُقيد حتى وإن لم يبلغ الاجتهاد المطلق.

يقول الذهبي: “الفقيه المُنتهي اليقظ الفهم المحدث الذي قد حفظ مختصرًا في الفروع وكتابا في قواعد الأصول، وقرأ النحو وشارك في الفضائل، مع حفظه لكتاب الله وتشاغله بتفسيره وقوة مناظرته، فهذه رتبة من بلغ درجة الاجتهاد المُقيد، وتأهل للنظر في دلائل الأئمة، فمتى وضح له الحق في مسألة وثبت فيها النص وعمل به أحد الأئمة الأعلام كأبي حنيفة مثلا أو مالك أو الثوري أو الأوزاعي أو الشافعي وأبي عبيد وأحمد وإسحاق، فليتبع فيها الحق، ولا يسلك الرخص، وليتورع، ولا يسعه فيها بعد قيام الحجة عليه تقليد”([3]).

ويقول أيضًا: “ولا بأس بمذهب داود، وفيه أقوال حسنة ومتابعة للنصوص، مع أن جماعة من العلماء لا يعتدّون بخلافه، وله شذوذ في مسائل شانت مذهبه وأما القاضي -يعني: عياضًا- فذكر ما يدل على جواز تقليدهم إجماعًا، فإنه سمي المذاهب الأربعة والسفيانية والأوزاعية والداوودية، ثم إنه قال: فهؤلاء الذين وقع إجماع الناس على تقليدهم مع الاختلاف في أعيانهم واتفاق العلماء على اتباعهم والاقتداء بمذاهبهم ودرس كتبهم والتفقه على مآخذهم والتفريع على أصولهم، دون غيرهم ممن تقدمهم أو عاصرهم للعلل التي ذكرناها، وصار الناس اليوم في الدنيا إلى خمسة مذاهب، فالخامس هو مذهب الداوودية، فحق على طالب العلم أن يعرف أولاهم بالتقليد ليحصل على مذهبه، وها نحن نبين أن مالكا رحمه الله هو ذلك لجمعه أدوات الإمامة وكونه أعلم القوم. ثم وجه القاضي دعواه وحسّنها ونمّقها، ولكن ما يعجز كل واحد من حنفي وشافعي وحنبلي وداوودي عن ادعاء مثل ذلك لمتبوعه، بل ذلك لسان حاله وإن لم يفُه به. ثم قال القاضي عياض: وعندنا -ولله الحمد- لكل إمام من المذكورين مناقب تقضي له بالإمامة. قلت: ولكن هذا الإمام الذي هو النجم الهادي قد أنصف وقال قولا فصلا، حيث يقول: كلُّ أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا صاحب هذا القبر ﷺ. ولا ريب أن كلَّ من أنِس من نفسه فقهًا وسَعة علم وحُسن قصد فلا يسعه الالتزام بمذهب واحدٍ في كل أقواله”([4]).

وقال أيضًا: “وقال شيخ: إن الإمام لمن التزم بتقليده كالنبي مع أمته، لا تحل مخالفته، قلت [الذهبي]: قوله: (لا تحل مخالفته) مجرد دعوى واجتهاد بلا معرفة، بل له مخالفة إمامه إلى إمام آخر، حجته في تلك المسألة أقوى، لا بل عليه اتباع الدليل فيما تبرهن له”([5]).

ومن الجدير بالذكر أن هذا رأي ابن حمدان (695هـ) -أحد كبار الحنابلة- حيث يقول: “ومن زمن طويل عدم المجتهد المطلق، مع أنه الآن أيسر منه في الزمن الأول؛ لأن الحديث والفقه قد دونا، وكذا ما يتعلق بالاجتهاد من الآيات والآثار وأصول الفقه والعربية وغير ذلك، لكن الهمم قاصرة، والرغبات فاترة، ونار الجد والحذر خامدة، وعين الخشية والخوف جامدة، اكتفاء بالتقليد، واستعفاء من التعب الوكيد، وهربًا من الأثقال، وأربا في تمشية الحال وبلوغ الآمال، ولو بأقل الأعمال، وهو فرض كفاية، قد أهملوه وملُّوه، ولم يعقلوه ليفعلوه”([6]).

وليس الترجيح عند هؤلاء خاصًّا بمن بلغ الاجتهاد المطلق -كما يدَّعي بعض المعاصرين- بل للمتوسط في العلم الممُيِّز فيه.

يقول ابن تيمية: “وأكثر من يميز في العلم من المتوسطين إذا نظر وتأمل أدلة الفريقين بقصد حسن ونظر تام، ترجح عنده أحدهما، لكن قد لا يثق بنظره، بل يحتمل أن عنده ما لا يعرف جوابه، والواجب على مثل هذا موافقته القول الذي ترجح عند، بلا دعوى منه للاجتهاد”([7]).

ولو قال قائل: ولكن ابن رجب ألف رسالة (الرد على من اتبع غير المذاهب الأربعة)، فالجواب: أن هذا اجتهاد من ابن رجب رحمه الله، وليس قوله بأولى من قول القاضي عياض وابن تيمية والذهبي وغيرهم، وإن كان لرسالة ابن رجب وجهٌ حسن، وهو عدم تمذهب طالب العلم بغير الأربعة؛ لعدم ضبط مذاهب السلف؛ وهو وجهٌ صحيح، بل هو الصواب، أما إطلاق القول للفقيه المميز بأنه لا يجوز له الخروج عنها مطلقًا ففيه نظر.

وابن رجب نفسه لم يلتزم ذلك، فقد اختار بعض الأقوال المخالفة للمذاهب الأربعة في كتابه (فتح الباري)، مثل عدم قضاء الصلوات لتارك الصلاة عمدًا([8]).

الوجه الثاني:

النجديون منذ الشيخ محمد بن عبد الوهاب حتى عصر الشيخ محمد بن إبراهيم متمذهبون بالمذهب الحنبلي، ويرفضون الخروج عن المذهب إلا في مسائل معدودة لم يخرجوا فيها عن المذاهب الأربعة، قد ذكرها الشيخ عبد الله في رسالته إلى علماء مكة، بل إنَّ النجدية آنذاك رفضوا تقليد ابن تيمية فيما خالف فيه المذاهب الأربعة كالطلاق ثلاث بلفظ الواحد.

يقول الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب: “وعندنا أن الإمام ابن القيم وشيخه إماما حق من أهل السنة، وكتبهم عندنا من أعز الكتب، إلا أنَّا غير مقلدين لهم في كل مسألة. ومعلوم مخالفتنا لهما في عدة مسائل منها: طلاق الثلاث بلفظ الواحد في مجلسٍ واحد؛ فإنا نقول به تبعًا للأئمة الأربعة”([9]).

وقد أثرى السلفيون المكتبة الإسلامية بخدمة المذهب بالحواشي المذهبية، وتحقيقات رفيعة المستوى. فكانت حاشية ابن مانع على (دليل الطالب)، وحاشية العنقري على (الروض)، وحاشية أبا بطين على (منتهي الإرادات) التي تقع في عشرة مجلدات كبار.

ولا أدلَّ على ذلك من أنَّ ابن حميد -أحد كبار مناوئي الدعوة- قال في ترجمة العلامة أبا بطين النجدي: “عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين فقيه الديار النجدية في القرن الثالث عشر بلا منازع… وبموته فُقد التحقيق في مذهب الإمام أحمد، فقد كان فيه آية وإلى التحقيق النهاية، فقد وصل فيه إلى الغاية”([10]).

وهذه شهادة من فقيه حنبلي مخالف للدعوة، فكيف يُقال: إنَّ السلفية خرجوا عن المذاهب الأربعة؟!

والقصد مما سبق: أنَّه لا يُمكن أن يقال بأنَّ السلفيين هم سبب الفوضى الفقهية؛ وذلك لأنهم منذ نشأتهم كانوا متمذهبين تمذهبًا كاملًا، ثم بعد وفاة الشيخ محمد بن إبراهيم وتولي الشيخ ابن باز الإفتاء أصبح الإفتاء ينحى منحى الاجتهاد والاختيار من بين المذاهب، وإن كان التدريس ظل مذهبيًّا في الدرس، مع وجود الترجيح والتعريج إلى الخلاف.

ومسلكهم بعد الشيخ محمد بن إبراهيم كان له أسبابه ودوافعه التي تتعلق بالانفتاح والتطورات الحديثة، وصعوبة الإفتاء على مذهب واحد، ودخول الاقتصاد الإسلامي الذي لم ينضبط على مذهب واحد، وأسباب أخرى ليس هذا موضع البسط فيها.

الوجه الثالث:

هذه الدعوة الداعية إلى الاجتهاد والخروج عن المذاهب الأربعة لم تصدر أصالةً من الوسط السلفي، بل كان أبرز الداعين إليها الإمام ولي الله شاه الدهلوي الصوفي (116هـ) رحمه الله وهو صاحب كتاب (حجة الله البالغة) و(عقد الجيد في أحكام الاجتهاد والتقليد)، ثم اشتد عودها مع ظهور الأمير الصنعاني وبعده الشوكاني وصديق حسن خان القنوجي وغيرهم.

وقد تأثرت بدعوتهم كثير من المدارس العلمية على اختلاف مراتبهم، من السلفيين والأشاعرة والماتريدية على حدٍ سواء، ودونك أمثلة على ذلك:

1- قد سلك الأزهر الشريف مسلك الاجتهاد ونفض غبار التقليد تأثرًا بهذه الدعوات التجديدية، وقد كتب العلامة عبد الفتاح الحسيني الشيخ رحمه الله -رئيس جامعة الأزهر، وعضو كبار العلماء سابقًا- منهجية الأزهر الشريف في التفقه، ووضَّح أن الأزهر الشريف قد نفض غبار التعصب المذهبي منذ زمن بعيد، وردَّ على من زعم انسداد باب الاجتهاد، وانتقد أصحاب الحواشي المذهبية أيضا([11]).

وقد أصدر مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر رسالة بعنوان: (نقض دعوى بطلان اتباع غير المذاهب الأربعة) إعداد لجنة الدراسات الفقهية بهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف([12]).

وفي هذا الكتاب ناقشوا دعوى التقيد بالمذاهب الأربعة فقط، وأثبتوا بطلان تلك الدعوى، وهذا الكتاب صادرٌ عن كبار مشيخة الأزهر.

والسؤال الحري بالإجابة: لماذا الإشارة بأصابع الاتهام إلى فصيلٍ مُعيَّن مع أن الأمر مما لا خصوصية لهم به؟!

وليس الأمر خاصًّا بمدرسة الشيخ محمد عبده فقط، بل هو توجهٌ عام في الأزهر، والعديد من الأزهريين الذين سلكوا مسلك الاجتهاد لا يُمكن تصنيفهم وفق مدرسة محمد عبده؛ مثل العلامة محمد بكر إسماعيل صاحب (الفقه الواضح)، والشيخ السيد سابق صاحب (فقه السنة)، والشيخ عطية صقر في (فتاواه)، وغيرهم، ومع ذلك لم يلتزموا في كتابهم وفتاواهم بمذهبٍ واحد.

2- قد أصَّل الشيخ أحمد الصديق الغماري للخروج عن المذاهب الأربعة وذم المتمذهبة، وذلك في كتابه (الإقليد في تنزيل كتاب الله على أهل التقليد)، حتى إنه عمد إلى الآيات الواردة في الكفار والمشركين وأنزلها على المقلدة والمتمذهبة.

وسار على دربه الشيخ عبد الله بن الصديق الغماري في جواز الخروج عن المذاهب الأربعة وانتقد المتأخرين. وقرَّظ كتاب شقيقه أحمد الغماري (الإقناع بصحة صلاة الجمعة في المنزل خلف المذياع)، وهو الكتاب الذي شذَّ فيه عن جموع العلماء.

يقول عبد الله الغماري منتقدًا الجمود على المذاهب الأربعة: “أكثر الشروط التي اشترطتها الأئمة لإقامة الجمعة أو صحتها -كالمصر أو عدد معين أو المسجد أو عدم تعدده إلى غير ذلك- لا دليل عليه من الكتاب والسنة، فإن من تتبع كتب السُنة والسير وكتب التفسير بالمأثور يجد فيها إقامة الجمعة وصحتها في غير المصر وبغير اشتراط عدد معين كأربعين أو ثلاثين أو اثنى عشر… فهذه الشروط التي أشرنا إليها وغيرها مما هو مسطور في كتب الفقه على المذاهب الأربعة ليس لها من الكتاب ولا من السنة ما يُسندها ويعضدها، اللهم بعض آثار من الصحابة”([13]).

وللغماريين كلام عجيب في نقد المذاهب الأربعة لم يسبقهم إليهم أحد، من جنس ما ينتقده المخالفون على بعض الشيوخ السلفيين الذين خالفوا في مسائل معدودة على أصابع اليد الواحدة، فلماذا يُشار بأصابع الاتهام إلى السلفيين بما يوهم أنهم سبب الفوضى الفقهية ثم يتم تعظيم من سواهم بما يوهم أنهم متمذهبون؟!

ثم إنَّ الذي يدلّك أن المسألة ليست غيرةً على العلم أو صيانةً للدين -كما زعموا- هو أنَّ أكثر المخالفين يأخذون بأقوال مخالفة للمذاهب الأربعة، فكثيرٌ من الأشاعرة المعاصرين -إن لم يكن أكثرهم- يأخذون بحِلّ المعازف، بذريعة وجود خلاف ابن حزم والشوكاني، وهو الرأي المعتمد في دار الإفتاء المصرية وغيرها. فيُقال للمخالف: لماذا أخذت بمذهب ابن حزم في هذه المسألة وأنكرت على السلفيين الأخذ بمذهبه في مسائل أخرى والمبدأ واحد؟!

فالذين يُعيِّرون السلفيين باختيار هذه الآراء -والتي هم مسبوقون إليها- يقعون في جنس ما أنكروه عليهم، ومن ذلك مثلًا: القول بتولِّي المرأة الرئاسة والقضاء، وتحريم ختان الإناث بجميع صوره، وإباحة فوائد البنوك التي اتفقت المجامع الفقهية على تحريمها، وإباحة الصداقة بين الجنسين والنظر إلى المتبرجة، وغيرها من الفتاوى الشاذة التي لم يقل بها الأئمة الأربعة ولا غير الأربعة.

وحتى يخرج بعضهم من هذا الإلزام قالوا: نحن لا نقبل هذه الآراء التي ذهب إليها مشايخنا، وهذا لا يعفيهم من هذا الإلزام أيضًا؛ وذلك لأنهم لم ينكروا على أصحابهم بمثل ما أنكروه على السلفيين، ولم يجعلوا هذه الفتاوى سببًا في فرقة الأمة كما اتهموا السلفيين بذلك. ولكنَّ الأمر كما قال الشاعر:

ورصاص من أحببته ذهبٌ ** وذهبُ من لم ترض عنه رصاصُ

 

 

المحور الثاني: المسائل الفقهية التي أخذها المخالف على بعض علماء السلفية:

سنقتصرُ على بعض المسائل التي ذكرها أحد المخالفين وزعم أنَّ السلفية المعاصرة خالفوا الأئمة الأربعة والإجماع.

1- مسألة عدم لزوم قضاء الصلوات على تارك الصلاة عمدًا:

اختار كثير من علماء السلفية أن تارك الصلاة عمدًا إذا تاب لا يجب عليه قضاء الصلوات الفائتة، بل يُكثر من النوافل، وهو خلاف قول الجمهور الذي يُلزمه بالقضاء.

وقد ادَّعى المعارض أن هذا القول مخالف للإجماع، وهذه الدعوى غلط منه، وتدل على قصر باعه في معرفة الأقوال؛ بل هو مذهب الحسن البصري والحميدي وبعض قدماء الشافعية والحنابلة كابن بطة والبربهاري، واختاره ابن حزم وابن تيمية، ومال إليه الحافظ ابن رجب، كما سيأتي.

قال المرداوي: “ومن فاتته صلوات لزمه قضاؤها على الفور، هذا المذهب نُصَّ عليه، وعليه جماهير الأصحاب، وقطع به كثير منهم. واختار الشيخ تقي الدين أن تارك الصلاة عمدًا إذا تاب لا يشرع له قضاؤها ولا تصح منه، بل يكثر من التطوع، وكذا الصوم، قال ابن رجب في “شرح البخاري”: ووقع في كلام طائفة من أصحابنا المتقدمين أنه لا يجزئ فعلها إذا تركها عمدًا([14]).

قال الحافظ ابن رجب: “ومذهب الظاهرية أو أكثرهم: أنه لا قضاء على المتعمد. وحكي عن عبد الرحمن صاحب الشافعي بالعراق، وعن ابن بنت الشافعي، وهو قول أبي بكر الحميدي في الصوم والصلاة إذا تركهما عمدا أنه لا يجزئه قضاؤهما. ذكره في عقيدته في آخر (مسنده)، ووقع مثله في كلام طائفة من أصحابنا المتقدمين، منهم: الجوزجاني وأبو محمد البربهاري وابن بطة.

قال ابن بطة: اعلم أن للصلاة أوقاتا، فمن قدمها على وقتها فلا فرض له من عذر وغيره، ومن أخرها عن وقتها مختارا لذلك من غير عذر فلا فرض له.

فجعل الصلاة بعد الوقت لغير عذر كالصلاة قبل الوقت، وقال في كل منهما: (إنه ليس بفرض) يريد: أنها تقع نفلا في الحالين.

وقال البربهاري: الصلوات لا يقبل الله منها شيئا إلا أن تكون لوقتها، إلا أن يكون نسيانا؛ فإنه معذور…

وكيف ينعقد الإجماع مع مخالفة الحسن، مع عظمته وجلالته، وفضله وسعة علمه، وزهده وورعه؟! ولا يعرف عن أحد من الصحابة في وجوب القضاء على العامد شيء، بل ولم أجد صريحًا عن التابعين أيضا فيه شيئا إلا عن النخعي. وقد وردت آثار كثيرة عن السلف في تارك الصلاة عمدا أنه لا تقبل منه صلاة، كما روي عن الصديق رضي الله عنه أنه قال لعمر في وصيته له: إن لله حقا بالليل لا يقبله بالنهار، وحقا بالنهار لا يقبله بالليل. يشير إلى صلوات الليل والنهار”([15]).

ويُستفاد من كلام ابن رجب:

أن القول بعدم قضاء تارك الصلاة هو قول الحسن البصري، وبعض أصحاب الشافعي، وبعض الحنابلة المتقدمين كالبربهاري وابن بطة والجوزجاني، فأين الإجماع المزعوم؟!

ولذلك رفض ابن رجب هذا الإجماع (المتوهَّم) قائلًا: (وكيف ينعقد الإجماع مع مخالفة الحسن مع عظمته وجلالته وفضله وسعة علمه؟!).

والحاصل: أنَّا لا ننازع في أنَّ المذاهب الأربعة على وجوب قضاء الصلوات على التارك عمدًا، وإنما ننازع في كونه إجماعًا، وقد ثبت بطلانه من كلام ابن رجب -كما مرَّ بك-.

2- مسألة تحريم إسبال الثياب:

جمهور العلماء على أن إسبال الثياب بغير خُيلاء ليس بمحرم، واختلفوا بين الكراهة والإباحة. وذهب بعض المالكية -كالقاضي عياض وابن العربي والقرافي- إلى التحريم.

قال ابن العربي: “لا يجوز لرجل أن يجاوز بثوبه كعبه ويقول: لا أتكبر فيه؛ لأن النهي تناوله لفظًا، وتناول علته، ولا يجوز أن يتناول اللفظ حكمًا فيقال: إني لست ممن يمتثله لأن العلة ليست فيَّ، فإنه مخالفة للشريعة، ودعوى لا تسلم له، بل مِن تكبره يطيل ثوبه وإزاره، فكذبه معلوم في ذلك قطعًا”([16]).

ونقل خلاف المالكية العلامة العدوي في حاشيته بقوله: “الحاصل أن النصوص متعارضة فيما إذا نزل عن الكعبين بدون قصد الكبر، فمفاد الحطاب: أنه لا حرمة بل يكره، ومفاد الذخيرة: الحرمة. والظاهر: أن الذي يتعين المصير إليه الكراهة الشديدة”([17]).

واختار بعض الشافعية -كالذهبي والحافظ ابن حجر- القول بالتحريم.

قال الذهبي ردًّا على من يسبل إزاره ويقول: لا أفعل ذلك خيلاء: “فتراه يكابر ويبرِّئ نفسه الحمقاء، ويعمد إلى نص مستقل عام، فيخصه بحديث آخر مستقل بمعنى الخيلاء، ويترخّص بقول الصديق: إنه -يا رسول الله- يسترخي إزاري، فقال: «لست يا أبا بكر ممن يفعله خيلاء».

فقلنا: أبو بكر رضي الله عنه لم يكن يشدّ إزاره مسدولا على كعبيه أولا، بل كان يشده فوق الكعب، ثم فيما بعد يسترخي. وقد قال عليه السلام: «إزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه، لا جناح عليه فيما بين ذلك وبين الكعبين»، فمثل هذا في النهي من فصّل سراويل مغطيا لكعابه، ومنه طول الأكمام زائدا، وكل هذا من خيلاء كامن في النفوس”([18]).

قال ابن حجر رحمه الله: “وحاصله أن الإسبال يستلزم جر الثوب، وجر الثوب يستلزم الخيلاء ولو لم يقصد اللابس الخيلاء. ويؤيده ما أخرجه أحمد بن منيع من وجه آخر عن ابن عمر في أثناء حديث رفعه: «وإياك وجر الإزار؛ فإن جر الإزار من المخيلة»([19]).

والإنصاف يقتضي أن يُقال: إن خلاف الحافظين الذهبي وابن حجر ليس معتمَدًا في المذهب الشافعي؛ إذ المعوَّل في تحرير المذهب على فقهاء المذهب، وليس على محدثيه.

وقد اختار الصنعاني رحمه الله التحريم، وكتب في ذلك كتابًا سماه: (استيفاء الأقوال في تحريم الإسبال على الرجال)، ووافقه على قوله جمهور المشايخ السلفيين.

أما ما استدلوا به من كلام ابن تيمية في (شرح العمدة) من أنه قال بالكراهة دون التحريم، فليُعلم أن شرح العمدة قد صنفه ابن تيمية في أوائل حياته، وقد التزم فيه المذهب الحنبلي كما رجحه محقق الكتاب([20])، وليس هو مما يُمثل ما استقر عليه رأي ابن تيمية.

فقد سئل شيخ الإسلام عن طول السراويل إذا تعدى عن الكعب: هل يجوز؟

فأجاب: “طول القميص والسراويل وسائر اللباس إذا تعدى ليس له أن يجعل ذلك أسفل من الكعبين كما جاءت بذلك الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: «الإسبال في السراويل والإزار والقميص»، يعني نهى عن الإسبال”([21]).

وقال رحمه الله: “وأما ما ذكره أبو الحسن الآمدي وابن عقيل من أن السدل هو إسبال الثوب بحيث ينـزل عن قدميه ويجره، فيكون هو إسبال الثوب وجره المنهي عنه؛ فَغَلَطٌ مخالف لعامة العلماء. وإن كان الإسبال والجر منهيًّا عنه بالاتفاق، والأحاديث فيه أكثر، وهو محرم على الصحيح، لكن ليس هو السدل”([22]).

فتأمل قوله: (وهو محرمٌ على الصحيح)، ولو كان يقصد الخيلاء لما استعمل لفظة (على الصحيح)؛ لأن الخيلاء متفق على تحريمه.

وما سبق كان توضيحًا لما استقر عليه قول ابن تيمية، وإن كان هذا لا يؤثر في سواغ المسألة، فهي مما يسوغ فيها الخلاف قطعًا.

والخلاصة: أن علماء السلفية مسبوقون في قولهم بتحريم الإسبال بجماعة من فقهاء المالكية والشافعية، بل وبعضهم أنكر على المسبل في ادعائه عدم الخيلاء كابن العربي والذهبي -كما سبق بيانه-، فقول فقهاء السلفية في ذلك سائغ ومعتبر، ولا وجه للتندر عليه.

3- طهارة دم الآدمي:

زعم المعترض أنَّ علماء السلفية يرون طهارة دم الآدمي متابعةً للشوكاني، مخالفين للإجماع المنعقد على نجاسته. والجواب عن هذا من وجوه:

أولًا: هذا الإطلاق غير صحيح؛ بل جمهور فقهاء السلفية المعاصرين يرون نجاسة دم الآدمي.

يقول الشيخ ابن باز رحمه الله: “والدم كله نجس، دم الحيوانات، وبني آدم كله نجس، إذا كان مسفوحًا، أما إذا كان شيئًا يسيرًا، نقط يسيرة أصابت الإنسان من ذبيحة، أو من إنسان؛ يعفى عنها على الصحيح عند أهل العلم”([23]).

ويقول الشيخ ابن جبرين رحمه الله: “وأما آثار الصحابة فلا تفيد طهارة الدم، وإنما تدل على العفو عن يسيره، وعدم نقض الوضوء به، وأما صلاة عمر وغيره مع جريان دمه، فإنما هو للضرورة، وعدم القدرة على إمساكه، فهو كمن به سلس بول ونحوه ممن حدثه دائم”([24]).

وأما من ذهب إلى طهارة دم الآدمي فهو الشيخ الألباني والشيخ ابن عثميمين -رحمهما الله تعالى-. وقد رد على هذا القول كثير من السلفيين([25]).

فمما جاء في فتوى (الشبكة الإسلامية): “فالقول بطهارة دم الآدمي قد صار إليه بعض أهل العلم من المتأخرين، وإليه يميل العلامة ابن عثيمين. لكن الذي نفتي به هو نجاسة الدم، وهو قول عامة العلماء، ونقل غير واحد الإجماع عليه. وبمراجعتها يتبين لك أن الإمام أحمد وابن حزم والنووي وغيرهم نقلوا الاتفاق على نجاسة الدم، ونحن لا يسعنا مخالفة هذه الإجماعات المنقولة مهما كانت جلالة المخالف ومنزلته من العلم([26]).

فالحاصل أنه لا يُمكن نسبة اجتهاد عالم إلى عموم فقهاء السلفية كذا بالمطلق.

4- مسألة طلاق الثلاث بلفظ واحد:

ذهب جمهور أهل العلم -ومنهم الأئمة الأربعة- وجمهور الصحابة والتابعين إلى وقوع الطلاق الثلاث بكلمة واحدة، وحكاه بعض العلماء إجماعًا.

لكن نازع هذا الإجماع شيخ الإسلام ابن تيمية، وذهب إلى أن الطلاق الثلاث بلفظٍ واحد يقع تطليقة واحدة. وحكاه عن كثير من أئمة السلف، وهو مذهب إسحاق بن راهويه وغيره.

قال محمد بن نصر المروزي: “وكان إسحاق يقول: طلاق الثلاث للبكر واحدة، وتأول حديث طاووس عن ابن عباس: (كان الطلاق الثلاث على عهد رسول الله ﷺ وأبي بكر وعمر يُجعل واحدة) على هذا”([27]).

واستدل ابن تيمية بعدة أدلة، منها ما رواه مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر: إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم)([28]).

قال ابن مفلح: “لم يوقع شيخنا طلاق حائض وفي طهر وطئ فيه، وأوقع من ثلاث مجموعة أو مفرقة قبل رجعة واحدة، وقال: إنه لا يعلم أحدا فرق بين الصورتين، وحكاه فيها عن جده”([29]).

وجوَّز تقليده من أئمة المذهب: مرعي الكرمي([30]) والرحيباني([31]) من المتأخرين.

واعتمد قوله المجامع الفقهية المعاصرة ودور الفتوى في العالم الإسلامي -كالأزهر الشريف- لتيسيره على المسلمين.

يقول البدر العيني الحنفي: “ولم يكن بحثه -أي: ابن تيمية- فيما صدر عنه في مسألة الزيارة والطلاق إلا عن اجتهاد سائغ بالاتفاق، والمجتهد في الحالتين مأجور ومثاب، وليس فيه شيء مما يلام ويعاب، لكن حملهم على ذلك حسدهم الظاهر وكيدهم الباهر، وكفى للحاسد ذما آخر سورة الفلق في احتراقه بالقلق”([32]).

وليس الغرض استيعاب المسألة، ولكن الإشارة إلى أن ابن تيمية مسبوقٌ في قوله.

والحاصل مما سبق:

  • أنَّ الاستدلال على فساد منهج السلفية ببعض الاختيارات الفقهية المعاصرة مغالطة لا يقع فيها باحث مُنصف.
  • أن الاجتهاد دعا إلى الإمام الدهلوي والصنعاني والشوكاني وغيرهم، وتأثرت بها كافة المدارس العلمية من الأزهر الشريف وعلماء الهند والمغرب وغيرهم، كما مرَّ بيانه.
  • أنَّ النجديين نصُّوا على التمذهب، ونبَّهوا على عدم الخروج عن المذاهب الأربعة، والاجتهاد كان عندهم بقيودٍ وشروط.
  • أن ما اختاره بعض فقهاء السلفية وكان مخالفًا للمذاهب الأربعة قليل، ومع ذلك لا إجماع فيه، وما ثبت شذوذه من آحاد العلماء فقد ردَّ عليه علماء السلفية قبل غيرهم.
  • أن معظم ما نقمه المخالفون على السلفية في قضية الفتوى موجودٌ ما هو أبلغ منه عند شيوخهم.
  • أن كلّ واحد يؤخذ من قوله ويُترك، فلا بأس أن يخطئ بعض العلماء في القضايا الاجتهادية كما يخطئ غيرهم، وهذا لا يطعن في عدالته وعلمه وفضله، مع التنبيه على خطئه في ذلك.

وصلِّ اللهم على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه وسلم.

ـــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

[1] غاية المنتهى (2/ 565).

[2] مطالب أولي النهى (6/ 447).

[3] سير أعلام النبلاء (18/ 191).

[4] سير أعلام النبلاء (8/ 92).

[5] زغل العلم (ص: 36).

[6] صفة المفتي والمستفتي (ص: 156).

[7] الفتاوى الكبرى (5/ 556).

[8] انظر: فتح الباري (3/ 360-350).

[9] رسالة في المباحثة مع علماء مكة (ص: 85- 86).

[10] السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة (2/ 257).

[11] انظر: كتاب فقه العبادات، د. عبد الفتاح الحسيني (ص: 145-165).

[12] هدية مجلة الأزهر عدد المُحرم 1441هــ.

[13] تقريظ عبد الله الغماري لكتاب (الإقناع بصحة صلاة الجمعة في المنزل خلف المذياع) (ص: 2).

[14] الإنصاف (1/ 443).

[15] فتح الباري (3/ 360-350).

[16] عارضة الأحوذي (7/ 238).

[17] حاشية العدوي (2/ 453).

[18] سير أعلام النبلاء (3/ 234).

[19] فتح الباري (10/ 322).

[20] انظر مقدمة تحقيق شرح العمدة (ص: 17) -طبعة عالم الفوائد وعطاءات العلم-.

[21] مجموع الفتاوى (22/ 144).

[22] اقتضاء الصراط المستقيم (1/ 383).

[23] انظر الفتوى كاملة من موقع الشيخ رحمه الله:

https://binbaz.org.sa/fatwas/15229/%D8%AD%D9%83%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D9%84%D9%8A-%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D8%AA%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D9%84%D9%87-%D9%86%D8%AC%D8%A7%D8%B3%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%AB%D9%8A%D8%A7%D8%A8%D9%87-%D9%88%D8%AD%D9%83%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%85

[24] تعليق ابن جبرين على شرح الزركشي على مختصر الخرقي (2/ 41).

[25] انظر مثلًا مقال بعنوان: (القول بطهارة دم الآدمي والتشكيك في الإجماع على نجاسته).

https://anasalafy.com/ar/51777-%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%88%D9%84-%D8%A8%D8%B7%D9%87%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%AF%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A2%D8%AF%D9%85%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B4%D9%83%D9%8A%D9%83-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AC%D9%85%D8%A7%D8%B9

[26] انظر الفتوى:

https://www.islamweb.net/ar/fatwa/364270/%D8%AF%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A2%D8%AF%D9%85%D9%8A-%D9%86%D8%AC%D8%B3-%D8%A3%D9%85-%D8%B7%D8%A7%D9%87%D8%B1

[27] اختلاف العلماء (ص: 133).

[28] صحيح مسلم (1473).

[29] الفروع (9/ 19). وانظر: الإنصاف للمرداوي (8/ 334).

[30] انظر: غاية المنتهى لمرعي الكرمي (2/ 565).

[31] انظر: مطالب أولي النهى (6/ 447).

[32] انظر: الشهادة الزكية للشيخ مرعي الكرمي (ص: 67).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد سلف

هل اختار السلفيون آراءً تخالف الإجماع؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: كثير من المزاعم المعاصرة حول السلفية لا تنبني على علمٍ منهجيٍّ صحيح، وإنما تُبنى على اجتزاءٍ للحقيقة دونما عرضٍ للحقيقة بصورة كاملة، ومن تلك المزاعم: الزعمُ بأنَّ السلفية المعاصرة لهم اختيارات فقهية تخالف الإجماع وتوافق الظاهرية أو آراء ابن تيمية، ثم افترض المخالف أنهم خالفوا الإجماع لأجل ذلك. […]

الألوهية والمقاصد ..إفراد العبادة لله مقصد مقاصد العقيدة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: مما يكاد يغيب عن أذهان بعض المسلمين اليوم أن العبودية التي هي أهمّ مقاصد الدين ليست مجرد شعائر وقتيّة يؤدّيها الإنسان؛ فكثير من المسلمين لسان حالهم يقول: أنا أعبدُ الله سبحانه وتعالى وقتَ العبادة ووقتَ الشعائر التعبُّدية كالصلاة والصيام وغيرها، أعبد الله بها في حينها كما أمر الله […]

تحقيق القول في زواج النبي ﷺ بأُمِّ المؤمنين زينب ومعنى (وتخفي في نفسك ما الله مبديه)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة لهج المستشرقون والمنصّرون بالطعن في مقام النبي صلى الله عليه وسلم بسبب قصة زواج النبي صلى الله عليه وسلم بأم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها، حتى قال الشيخ رشيد رضا رحمه الله: (دُعاة النصرانية يذكرون هذه الفرية في كل كتابٍ يلفِّقونه في الطعن على الإسلام، والنيل من […]

جُهود الشيخ صالح بن أحمد الْمُصَوَّعي في نشر الدعوة السلفية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الشيخ صالح بن أحمد الْمُصَوَّعي من العلماء البارزين في القرن الرابع عشر الهجري، وقد برزت جهوده في خدمة الإسلام والمسلمين. وقد تأثر رحمه الله بالمنهج السلفي، وبذل جهودًا كبيرة في نشر هذا المنهج وتوعية الناس بأهميته، كما عمل على نبذ البدع وتصحيح المفاهيم الخاطئة التي قد تنشأ في […]

صيانة الشريعة لحق الحياة وحقوق القتلى، ودفع إشكال حول حديث قاتل المئة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقدمة: إنّ أهلَ الأهواء حين لا يجدون إشكالًا حقيقيًّا أو تناقضًا -كما قد يُتوهَّم- أقاموا سوق الأَشْكَلة، وافترضوا هم إشكالا هشًّا أو مُتخيَّلًا، ونحن نهتبل فرصة ورود هذا الإشكال لنقرر فيه ولنثبت ونبرز تلك الصفحة البيضاء لصون الدماء ورعاية حقّ الحياة وحقوق القتلى، سدًّا لأبواب الغواية والإضلال المشرَعَة، وإن […]

برهان الأخلاق ودلالته على وجود الله

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: إنَّ قضيةَ الاستدلال على وجود الله تعالى، وأنه الربّ الذي لا ربّ سواه، وأنه المعبود الذي استحقَّ جميع أنواع العبادة قضية ضرورية في حياة البشر؛ ولذا فطر الله سبحانه وتعالى الخلق كلَّهم على معرفتها، وجعل معرفته سبحانه وتعالى أمرًا ضروريًّا فطريًّا شديدَ العمق في وجدان الإنسان وفي عقله. […]

التوظيف العلماني للقرائن.. المنهجية العلمية في مواجهة العبث الفكري الهدّام

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة     مقدمة: حاول أصحاب الفكر الحداثي ومراكزُهم توظيفَ بعض القضايا الأصولية في الترويج لقضاياهم العلمانية الهادفة لتقويض الشريعة، وترويج الفكر التاريخي في تفسير النصّ، ونسبية الحقيقة، وفتح النص على كلّ المعاني، وتحميل النص الشرعي شططَهم الفكري وزيفَهم المروَّج له، ومن ذلك محاولتُهم اجترار القواعد الأصولية التي يظنون فيها […]

بين عُذوبة الأعمال القلبية وعَذاب القسوة والمادية.. إطلالة على أهمية أعمال القلوب

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدمة: تعاظمت وطغت المادية اليوم على حياة المسلمين حتى إن قلب الإنسان لا يكاد يحس بطعم الحياة وطعم العبادة إلا وتأتيه القسوة من كل مكان، فكثيرا ما تصطفُّ الجوارح بين يدي الله للصلاة ولا يحضر القلب في ذلك الصف إلا قليلا. والقلب وإن كان بحاجة ماسة إلى تعاهُدٍ […]

الإسهامات العلمية لعلماء نجد في علم الحديث.. واقع يتجاوز الشائعات

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: لا يخلو زمن من الأزمان من الاهتمام بالعلوم وطلبها وتعليمها، فتنشط الحركة التعليمية وتزدهر، وربما نشط علم معين على بقية العلوم نتيجة لاحتياج الناس إليه، أو خوفًا من اندثاره. وقد اهتم علماء منطقة نجد في حقبهم التاريخية المختلفة بعلوم الشريعة، يتعلمونها ويعلِّمونها ويرحلون لطلبها وينسخون كتبها، فكان أول […]

عرض وتعريف بكتاب: المسائل العقدية التي خالف فيها بعضُ الحنابلة اعتقاد السّلف.. أسبابُها، ومظاهرُها، والموقف منها

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة تمهيد: من رحمة الله عز وجل بهذه الأمة أن جعلها أمةً معصومة؛ لا تجتمع على ضلالة، فهي معصومة بكلِّيّتها من الانحراف والوقوع في الزّلل والخطأ، أمّا أفراد العلماء فلم يضمن لهم العِصمة، وهذا من حكمته سبحانه ومن رحمته بالأُمّة وبالعالـِم كذلك، وزلّة العالـِم لا تنقص من قدره، فإنه ما […]

قياس الغائب على الشاهد.. هل هي قاعِدةٌ تَيْمِيَّة؟!

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   القياس بمفهومه العام يُقصد به: إعطاء حُكم شيء لشيء آخر لاشتراكهما في عِلته([1])، وهو بهذا المعنى مفهوم أصولي فقهي جرى عليه العمل لدى كافة الأئمة المجتهدين -عدا أهل الظاهر- طريقا لاستنباط الأحكام الشرعية العملية من مصادرها المعتبرة([2])، وقد استعار الأشاعرة معنى هذا الأصل لإثبات الأحكام العقدية المتعلقة بالله […]

فَقْدُ زيدِ بنِ ثابتٍ لآيات من القرآن عند جمع المصحف (إشكال وبيان)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: القرآن الكريم وحي الله تعالى لنبيّه محمد صلى الله عليه وسلم، المعجزة الخالدة، تتأمله العقول والأفهام، وتَتَعرَّفُه المدارك البشرية في كل الأزمان، وحجته قائمة، وتقف عندها القدرة البشرية، فتعجز عن الإتيان بمثلها، وتحمل من أنار الله بصيرته على الإذعان والتسليم والإيمان والاطمئنان. فهو دستور الخالق لإصلاح الخلق، وقانون […]

إرث الجهم والجهميّة .. قراءة في الإعلاء المعاصر للفكر الجهمي ومحاولات توظيفه

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: إذا كان لكلِّ ساقطة لاقطة، ولكل سلعة كاسدة يومًا سوقٌ؛ فإن ريح (الجهم) ساقطة وجدت لها لاقطة، مستفيدة منها ومستمدّة، ورافعة لها ومُعليَة، وفي زماننا الحاضر نجد محاولاتِ بعثٍ لأفكارٍ منبوذة ضالّة تواترت جهود السلف على ذمّها وقدحها، والحط منها ومن معتنقها وناشرها([1]). وقد يتعجَّب البعض أَنَّى لهذا […]

شبهات العقلانيين حول حديث: (إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: لا يزال العقلانيون يحكِّمون كلامَ الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم إلى عقولهم القاصرة، فينكِرون بذلك السنةَ النبوية ويردُّونها، ومن جملة تشغيباتهم في ذلك شبهاتُهم المثارَة حول حديث: «الشيطان يجري في ابن آدم مجرى الدم» الذي يعتبرونه مجردَ مجاز أو رمزية للإشارة إلى سُرعة وقوع الإنسان في الهوى […]

شُبهة في فهم حديث الثقلين.. وهل ترك أهل السنة العترة واتَّبعوا الأئمة الأربعة؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة حديث الثقلين يعتبر من أهمّ سرديات الخطاب الديني عند الشيعة بكافّة طوائفهم، وهو حديث معروف عند أهل العلم، تمسَّك بها طوائف الشيعة وفق عادة تلك الطوائف من الاجتزاء في فهم الإسلام، وعدم قراءة الإسلام قراءة صحيحة وفق منظورٍ شمولي. ولقد ورد الحديث بعدد من الألفاظ، أصحها ما رواه مسلم […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017