الخميس - 30 رجب 1446 هـ - 30 يناير 2025 م

الصمت في التصوف: عبادة مبتدعة أم سلوك مشروع؟

A A

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة 

مقدمة:

الصوفية: جماعةٌ دينية لهم طريقةٌ مُعيَّنة تُعرف بالتصوّف، وقد مَرَّ التصوّف بمراحل، فأوَّل ما نشأ كان زُهدًا في الدنيا وانقطاعًا للعبادة، ثم تطوَّر شيئًا فشيئًا حتى صار إلحادًا وضلالًا، وقال أصحابه بالحلول ووحدة الوجود وإباحة المحرمات([1])، وبين هذا وذاك بدعٌ كثيرة في الاعتقاد والعمل والسلوك.

وفي إطار تصدِّي مركز سلف للبحوث والدراسات لبيان البدع وتحذير المسلمين منها جاءت ورقتنا العلمية هذه؛ لتغوص في أعماق هذه الطائفة التي تفرقت في أنحاء العالم إلى طرق مختلفة تنشر ممارساتها التي تدَّعي أنها تلقَّتها عن الله تعالى، وستَبحث في جذور ممارسة شائعة فيها ألا وهي “الصمت”، فهل هذه الممارسة عبادة مبتدعة أم هي سلوك مشروع؟ وسنستهل الورقة بثلاث مقدمات تسبق الإجابة على هذا السّؤال.

 

مركز سلف للبحوث والدراسات

 

 

 

أولًا: الفروقات بين المعنى اللغوي والشرعي واصطلاح الصوفية للصمت:

  • الصَّمت لغة:

يُستعمَلُ فيما لا قُوَّةَ فيه للنُّطقِ، وفيما له قُوَّةُ النُّطقِ؛ ولهذا قيل لِما لا نُطْقَ له: الصَّامِتُ والمُصمَتُ، ويقال لغير الناطق: صامت، ولا يقال ساكت، والسُّكوتُ: يُقالُ لِما له نُطقٌ فتَرَك استعمالَه([2])، وذهاب الكلام عِيًّا أَو خِلْقَةً يسمَّى: خَرَس([3]).

والصمت: طُولُ‌ السُّكُوْتِ‌([4]).

  • الصّمت شرعًا:

هو إمساكٌ عن قولِ الباطِلِ دونَ الحَقِّ، أو الكلامِ الذي لا خيرَ فيه، أو السُّكوتُ عمَّا لا ثوابَ له فيه، أو عما لا ينبغي([5]).

  • الصمت في اصطلاح الصوفية:

ذكروا للصمت عدة تعاريف في كتبهم فقالوا:

“الصمت: فقد الخاطر بوجود الحاضر.

وقيل: سقوط النطق بظهور الحق.

وقيل: انقطاع اللسان عند ظهور العيان”([6]).

ومعنى التعريف الأول: أن ما يخطر في بال المرء من أفكار فإنها تُفقد عندما يجد المرء الواجد الحاضر وهو محبه الله تعالى التي تجعله يفقد هذه الخواطر فيصمت.

ومقصود التعريف الثاني عدم وقوع الخطأ القولي إذا انكشف وبرز الصواب.

ومقصود التعريف الثالث عدم استمرار اللسان بالكلام عند معاينه القول الحق ومشاهدته([7]).

ويظهر لنا جليًّا الفرق في حقيقة الصمت عند الصوفية، وأنها تخالف المعنى الشرعي؛ فالمعنى الشرعي مبني على مبدأ الثواب والعقاب، وأن الصمت وسيلة لنيل الثواب والنجاة من العقاب.

وأما معنى الصمت عند الصوفية فهو مبني على أنه نتيجة وأثر لتجليات ربانية مزعومة، ومنازل يبلغها أتباع الطريقة عند الله تعالى لتُحدِث لهم مكاشفات ومعاينات غيبيّة، كما قال سامي يوسف في تقديمه لكتاب النفري (المواقف والمخاطبات) قال: “كلما زادت الرؤيا سعة ازدادت اللغة ضـيقًا بالفعـل؛ لأنها أعجز من أن تحمل ثقل المعاني القادمة من وراء الغيب”([8]).

مبنى العبادات على التوقيف:

عبادة الله وحده لا شريك له هي الغاية التي خُلق الثقلان من أجلها، كما قال سبحانه: }وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56].

ولكن الله تعالى لم يترك عبادَه ليختار كلٌّ منهم طريقةً خاصة ليعبدوا الله بها، بل أرسل رسولًا وأنزل كتابًا ليشرِّع لهم بماذا وكيف يعبدون ربهم، ولم يأذن لبشر كائنًا من كان أن يشرِّع عبادة أو كيفية من عنده.

ولذا كان من القواعد الشرعية التي دلت عليها أدلة الكتاب والسنة أن “مبنى العبادات على التوقيف”، يعني: أنه لا يجوز أن نعبد الله بعمل أو بكيفية إلا إذا ثبت بالنصوص الشرعية من الكتاب والسنة أنها عبادة شرعها الله تعالى وعلى هذا النحو من الكيفية، قال الله عز وجل: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ ۗ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الشورى: 21]، وقال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة:3]، وعن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما بَقِيَ شَيْءٌ يُقَرِّبُ مِنَ الجنةِ ويباعِدُ منَ النارِ إلّا وقَدْ بُيِّنَ لَكم»([9]). وبيَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن كل عبادة محدثة فهي مردودة فقال: «مَن عَمِلَ عَمَلًا ليسَ عليه أمْرُنا فَهو رَدٌّ»([10]).

والابتداع في الدين حذَّر منه الصحابة والتابعون والأئمة المهديون:

قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: (اتقوا الله يا معشر القراء، وخذوا طريق من كان قبلكم، فوالله لئن استقمتم لقد سبقتم سبقًا بعيدًا، ولئن تركتموه يمينًا وشمالًا لقد ضللتم ضلالًا بعيدًا)([11]).

وعن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رضي الله عنه قال: (اتَّبعوا ولا تبتدعوا؛ فقد كُفِيتم)([12]).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “فَباسْتِقْرَاءُ أُصُولِ الشَّرِيعَةِ نعلَم أَنَّ الْعِبَادَاتِ الَّتِي أَوْجَبَهَا اللَّهُ أَوْ أَحَبهَا لَا يَثْبُتُ الْأَمْرُ بِهَا إلَّا بِالشَّرْعِ، وَأَمَّا الْعَادَاتُ فَهِيَ مَا اعْتَادَهُ النَّاسُ فِي دُنْيَاهُمْ مِمَّا يَحْتَاجُونَ إلَيْه، وَالْأَصْلُ فِيهِ عَدَمُ الْحَظْرِ، فَلَا يَحْظُرُ مِنْهُ إلَّا مَا حَظَرَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ هُما شَرع اللَّه تَعَالَى، وَالْعِبَادَةُ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مَأْمُورًا بِهَا، فَمَا لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ مَأْمُورٌ كَيْفَ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ عِبَادَةٌ؟! وَمَا لَمْ يَثْبُتْ مِنْ الْعَادَاتِ أَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ كَيْفَ يُحْكَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَحْظُورٌ؟! وَلِهَذَا كَانَ أَحْمَد وَغَيْره مِنْ فُقَهَاءِ الْحَدِيثِ يقُولُون: إنَّ الْأَصْلَ فِي الْعِبَادَاتِ التَّوْقِيفُ، فَلَا يُشْرَعُ مِنْهَا إلَّا مَا شَرَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَإِلَّا دَخَلْنَا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ}. وَالْعَادَاتُ الْأَصْلُ فِيهَا الْعَفْوُ، فَلَا يُحْظَرُ مِنْهَا إلَّا مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ، وَإِلَّا دَخَلْنَا فِي مَعْنَى قَوْلِه: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا}. وَلِهَذَا ذَمَّ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ شَرَّعُوا مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ، وَحَرَّمُوا مَا لَمْ يُحَرِّمْهُ”([13]).

من استحسن فقد شرَّع:

الاستحسان من الأدلة الشرعية التي اختلف العلماء في اعتمادها في إثبات الأحكام التكليفية، ويعتمد بعض أهل الأهواء على أن الاستحسان قال به بعض أهل العلم وأنه من الأدلة الشرعية المعتبرة؛ فبذلك يمكن لمريد الخير أن يأتي بأفعال وكيفيات مستحسنة ولو لم ترد في الكتاب والسنة، وهذا الكلام لا يأتي إلا من جاهل بحقيقة قول من اعتمد الاستحسان من الأدلة الشرعية، ولتوضيح هذا اللبس نقول:

اعلم أنه إذا حُرِّر المراد بالاستحسان لم يكن لأهل الأهواء والبدع معتمَدٌ على استحسانهم البدع، ولتبيَّن أن من قال بالاستحسان في جملة الأدلة الشرعية بريء مما يذهب إليه أهل البدع.

وقد نقل الشوكاني رحمه الله مرادَ القائلين بالاستحسان فقال: “قال الباجي: ذكر محمد بن خويز منداد المالكي معنى الاستحسان الذي ذهب إليه أصحاب مالك: هو القول بأقوى الدليلين… وهذا الذي ذهب إليه هو الدليل، فإن سماه استحسانًا فلا مشاحة في التسمية. وقال بعض محققي المالكية: بحثت عن موارد الاستحسان في مذهبنا فإذا هو يرجع إلى ترك الدليل بمعارضة ما يعارضه بعض مقتضى الدليل. وقال ابن السمعاني: إن كان الاستحسان هو القول بما يستحسنه الإنسان ويشتهيه من غير دليل فهو باطل، ولا أحد يقول به، ثم ذكر أن الخلاف لفظي، ثم قال: فإن تفسير الاستحسان بما يشنع به عليهم لا يقولون به، والذي يقولون به أنه العدول في الحكم من دليل إلى دليل أقوى منه، فهذا مما لم ينكره أحد عليه. قال السنجي: الاستحسان كلمة يطلقها أهل العلم على ضربين:

أحدهما: واجب الإجماع، وهو أن يقدم الدليل الشرعي أو العقلي لحسنه، فهذا يجب العمل به؛ لأن الحسن ما حسّنه الشرع، والقبيح ما قبّحه الشرع.

والضرب الثاني: أن يكون على مخالفة الدليل، مثل أن يكون الشيء محظورًا بدليل شرعي، وفي عادات الناس إباحته، أو يكون في الشرع دليل يغلظه، وفي عادات الناس التخفيف؛ فهذا عندنا يحرم القول به، ويجب اتباع الدليل وترك العادة والرأي، سواء كان ذلك الدليل نصًّا أو إجماعًا أو قياسًا.

فعرفت بمجموع ما ذكرنا أن ذكر الاستحسان في بحث مستقلّ لا فائدة فيه أصلًا، لأنه إن كان راجعًا إلى الأدلة المتقدمة فهو تكرار، وإن كان خارجًا عنها فليس من الشرع في شيء، بل هو من التقول على هذه الشريعة بما لم يكن فيها تارة، وبما يضادها أخرى”([14]).

ولهذا فإن من استحسن شيئًا من قبل هواه وبدون أصل يرجع إليه من الأدلة الشرعية فقد شرَّع ما لم يأذن به الله تعالى ووقع في البدعة، وفيهم قال الشافعي رحمه الله: “من استحسن فقد شرَّع”. قال الروياني: “ومعناه أن يُنَصِّب من جهة نفسه شرعًا غير شرع المصطفى صلى الله عليه وسلم”([15]). وقال السنجي في شرح التلخيص: “مراده: لو جاز الاستحسان بالرأي على خلاف الدليل لكان هذا بعثَ شريعةٍ أخرى على خلاف ما أمر الله”([16]).

ثانيًا: حكم الصمت:

الصمت يختلف حكمه باختلاف الحال والمقصد، وهو على النحو الآتي:

1- الصمت الواجب: وله عدّة صور، ومنها([17]):

  • أن تصمت عن كلّ ما حرم الله ونهى عنه، مثل الغيبة والنميمة والبذاءة وغيرها.
  • الصمت عن الكلام المباح الذي يؤدّي إلى الكلام الباطل.

2- الصمت المستحبّ، ومن صوره:

  • السكوت عن الكلام المكروه والمباح، بشرط ألا يؤدّي ذلك إلى السكوت إلى أمر لا ينبغي السكوت عنه.
  • صَمتُ العَيِيِّ وهو الذي يصيبه عجز عند تولي الكلام، وقد روي عن أكثم بن صيفي، قال: (الصمت خير من عي المنطق)([18]).

3- الصمت المكروه: وهو الصمت عن ذكر الله تعالى، وموطن يستحبّ فيه الكلام.

4- الصمت المحرم: وله عدة صور، ومنها:

  • الصمت عند رؤية المنكر لمن قدر على الإنكار، قال الرسول صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: «مَن رَأَى مِنكُم مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بيَدِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسانِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وذلكَ أضْعَفُ الإيمانِ»([19]).
  • الصمت بلا عذر في المواطن التي يجب فيها الكلام، كرد السلام وتشميت العاطس.
  • الصمت عن نشر الخير وكتم العلم، قال عليه الصلاة والسلام: «مَن كتَم عِلْمَا ألجَمه اللهُ يومَ القيامةِ بلِجامٍ مِن نارٍ»([20]).
  • الصمت البدعي وهو الذي يكون بقصد التقرب إلى الله تعالى؛ فعن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال: بَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ، فسأل عنه، فقالوا: أبو إِسرائيل، نذَر أَنْ يَقُومَ وَلَا يَقْعُدَ، وَلَا يَسْتَظِلَّ، ولا يَتَكَلَّم، ويصوم، فقال النَّبِيُّ صلَّى اللَّه عليه وسلم: «مُرْهُ فَلْيَتَكَلَّمْ، وَلْيَسْتَظِلَّ، وَلْيَقْعُدْ، وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ»([21]).
  • الصمت كعادة جاهلية أو تقليدًا لطقوس وثنية ونحوها، فعن عَلِيِّ رضي الله عنه قال: حفِظتُ عن رسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ: «لا يُتْمَ بعدَ احتِلامٍ، ولا صُماتَ يَومٍ إلى اللَّيل»([22]). كان أهل الجاهلية من نسكهم الصمات، وكان الواحد منهم يعتكف اليوم والليلة فيصمت ولا ينطق؛ فنهوا عن ذلك، وأمروا بالذكر والنطق بالخير([23]).

ويدل على أنها عادة جاهلية ما رواه قيس بن أبي حازم قَالَ: دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ أَحْمَسَ يُقَالُ لَهَا: زَيْنَبُ، فَرَآهَا لَا تَكَلَّمُ، فَقَالَ: مَا لَهَا لَا تَكَلَّمُ؟ قَالُوا: حَجَّتْ مُصْمِتَةً، قَالَ لَهَا: تَكَلَّمِي، فَإِنَّ هَذَا لَا يَحِلُّ، هَذَا مِنْ عَمَلِ الْجَاهِلِيَّةِ([24]).

ثالثًا: الصمت عند الصوفية:

يمكننا الإجابة على هذا التساؤل بعد هذه المقدمات الثلاث، وبيان أن الصمت الذي عند الصوفية عبادة مبتدعة، وسنأتي الآن على ذكر المحاذير الشرعية التي وقعت فيها الصوفية في الممارسة البدعية للصمت:

1- الصمت عند الصوفية بلغ مرحلة التشريع وهو أحد أركان التصوف:

تقدّم أن مبنى العبادات على التوقيف، وأنه لا يجوز لأي مخلوق -كائنًا من كان- أن يشرِّع من عنده عبادات أو كيفيات لعبادات لم يدل الدليل عليها، والصمت قربة يتقرب به الصوفي إلى الله تعالى، وقد جاء النهي صريحًا عن اعتقاد الصمت قربة وعبادة، فعن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال: بَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ، فسأل عنه، فقالوا: أبو إِسرائيل، نذَر أَنْ يَقُومَ وَلَا يَقْعُدَ، وَلَا يَسْتَظِلَّ، ولا يَتَكَلَّم، ويصوم، فقال النَّبِيُّ صلَّى اللَّه عليه وسلم: «مُرْهُ فَلْيَتَكَلَّمْ، وَلْيَسْتَظِلَّ، وَلْيَقْعُدْ، وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ»([25]).

وهم ينصون في كتبهم على أن الصمت ركن من أركان التصوف، ومن أقوالهم: “يحتاج المريد([26]) غلى سبع خصال: أربعة قواعد وثلاثة أعلام، فالقواعد الأربعة الجوع والسهر والصمت والخلوة، والأعلام الثلاثة: المعرفة بالطريق، والخشية، وطاعة الدليل”([27]).

وقال ابن تيمية رحمه الله: “الخلوة المعينة قد يشترطون فيها شروط مبتدعة خارجة عن المشروع، بل منهيًّا عنها، مثل: اشتراط الصمت الدائم، والجوع الدائم، أو السهر الدائم، أو طعامًا معينَ القدر والوصف، واشتراط شيخ يُدخله الخلوة، وتسمية ذلك خلوة، ومثل ترك الصلاة في الجماعة، وبعضهم قد يترك الجمعة”([28]).

2- الصمت عند الصوفية أعلى من التكلم بالخير:

تختلف مقامات المتصوفة حسب الجارحة التي يصمت بها، وفي هذا يقول ابن عربي: “فمن صمت لسانه فقط خف وزره، ومن صمت لسانه وقلبه ظهر له بشره وتجلى له ربه، ومن صمت قلبه فقط فناطق بلسان الحكمة، ومن لم يصمت بلسانه ولا بقلبه كان مملكة الشيطان ومسخرة له… فمن التزم الصمت في الأحوال كلها لم يبق له حديث إلا مع ربه”([29]).

ويزعمون أن المعرفة تتدرج للمتصوف حسب مقامه، وفي ذلك يقول النفري الصوفي: “حكومة الواقف صمتُه، وحكومـة العـارف نطقـُه، وحكومة العالم علمه”([30]).

وهم يخالفون بهذا نصّ حديث النبي صلى الله عليه وسلم في تقديم مكانة التكلّم بالخير، قال عليه الصلاة والسلام: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت»([31]).

وسئل سفيان بن عيينة رحمه الله عن الوَرَع فقال: “الوَرَع طلب العلم الذي يعرف به الورع، وهو عند قوم طول الصمت وقلة الكلام، وما هو كذلك، إن المتكلم العالم أفضل عندنا وأورع من الجاهل الصامت”([32]).

قال ابن تيمية رحمه الله: “وأما الصمت عن الكلام مطلقًا في الصوم أو الاعتكاف أو غيرهما فبدعةٌ مكروهةٌ باتفاق أهل العلم”([33]).

وقال أيضا: “وجماع الأمر في الكلام قوله صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت»، فقول الخير -وهو الواجب أو المستحب- خيرٌ من السكوت عنه، وما ليس بواجبٍ ولا مستحبٍ فالسكوت عنه خيرٌ من قوله”([34]).

3- وقوعهم في الاستحسان البدعي:

تقدم في المقدمات أن علماء السلف والخلف متفقون على اعتبار الاستحسان الذي يندرج تحت أصل شرعي من أصول الاستدلال في الأحكام التكليفية، واتفاقهم على إنكار الاستحسان العقلي في مقابلة النص، وقد تجاوز الصوفية هذا المحذور إلى ما هو أشنع؛ إذ ذهبوا إلى إلغاء العقل في الاستحسان، وابتداع استحسان جديد وهو الاستحسان القلبي، فقالوا: إن القلب يرتبط بتقلّب أحوال المتصوّفة من حيث تهيُّؤه لها، حيث تجتمع فيه الأضـداد والمتناقضـات علـى خلاف العقل الذي لا يقبل بمبدأ التناقض، وبذلك فإن التصوف يقوم على التوحيد بين المتمايزات([35]).

وفي نظرهم سيظلّ العقل قاصرًا لا يدل إلا على ما هو محدود من المحسوس المادي العياني. ولهذا رفـض المتصـوفة العقل والمعقول، واستبدلوه بالقلب باعتباره محل التجليات، فصار “لفظ القلب هو الدال على أداة المعرفـة الصـوفية كاسم جامع إلى جانب الروح، ومن الناحية المعرفية لا يمكن التمييز بين القلب والروح”([36]).

عن عمرو بن سلمة الهمداني قال: كنا نجلس على باب عبد الله بن مسعود قبل صلاة الغداة، فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد، فجاءنا أبو موسى الأشعري فقال: أخرج إليكم أبو عبد الرحمن بعد؟ قلنا: لا، فجلس معنا حتى خرج، فلما خرج قمنا إليه جميعًا، فقال له أبو موسى: يا أبا عبد الرحمن، إني رأيت في المسجد آنفًا أمرًا أنكرتُه، ولم أر والحمد لله إلا خيرًا، قال: فما هو؟ فقال: إن عشت فستراه. قال: رأيت في المسجد قومًا حلقًا جلوسًا ينتظرون الصلاة، في كل حلقة رجل، وفي أيديهم حصى، فيقول: كبروا مئة، فيكبرون مئة، فيقول: هللوا مئة، فيهللون مئة، ويقول: سبحوا مئة، فيسبحون مئة، قال: فماذا قلت لهم؟ قال: ما قلت لهم شيئًا انتظار رأيك، قال: أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم، وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم شيء؟! ثم مضى ومضَينا معه حتى أتى حلقة من تلك الحِلق فوقف عليهم، فقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا: يا أبا عبد الرحمن، حصى نعدّ به التكبير والتهليل والتسبيح، قال: فعدّوا سيئاتكم فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء، ويحكم يا أمة محمد! ما أسرع هلكتكم! هؤلاء صحابة نبيكم صلى الله عليه وسلم متوافرون، وهذه ثيابه لم تبل، وآنيته لم تكسر، والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملّة هي أهدى من ملة محمّد أو مفتتحو باب ضلالة، قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير، قال: وكم من مريد للخير لن يصيبه! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدّثنا أن قومًا يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، وايْم الله ما أدري لعل أكثرهم منكم. ثم تولى عنهم. فقال عمرو بن سلمة: فرأينا عامة أولئك الحلق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج([37]).

وقد أبطل ابن مسعود رضي الله عنه -كما في الأثر السابق- احتجاج المبتدع بحسن مقصده وإرادته الخير، وكم من بدعة جاءت من استحسان أهل الهوى والجهل، فالعبادة يجب أن تكون مشروعة في أصلها وفي هيئتها وكيفيتها.

ولهذا قال الإمام مالك رحمه الله: “من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدًا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة؛ لأن الله يقول: }اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}، فما لم يكن يومئذ دينًا فلن يكون اليوم دينًا”([38]).

4- الصمت عادة جاهلية كما أنها موروث من الديانات السابقة وليس من الزهد:

كان أهل الجاهلية من نسكهم الصُّماتُ، وكان الواحد منهم يعتكف اليوم والليلة فيصمت ولا ينطق؛ فنهوا عن ذلك، وأمروا بالذكر والنطق بالخير([39]).

فعن عَلِيِّ رضي الله عنه قال: حفِظتُ عن رسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ: «لا يُتْمَ بعدَ احتِلامٍ، ولا صُماتَ يَومٍ إلى اللَّيل»([40]).

وعن قيس بن أبي حازم قَالَ: دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ أَحْمَسَ يُقَالُ لَهَا: زَيْنَبُ، فَرَآهَا لَا تَكَلَّمُ، فَقَالَ: مَا لَهَا لَا تَكَلَّمُ؟ قَالُوا: حَجَّتْ مُصْمِتَةً، قَالَ لَهَا: تَكَلَّمِي، فَإِنَّ هَذَا لَا يَحِلُّ، هَذَا مِنْ عَمَلِ الْجَاهِلِيَّةِ([41]).

كما أن الصوفية قد تغلغل في علومها وممارساتها علوم شيطانية مستوردة من الهندوس والبوذيين، فعكف عليها تلاميذهم وجعلوها من التصوف والطريق، وما ذاك إلا حرص منهم على تحصيل المكاشفات الروحانية لمريديهم وإشغالهم بها، زاعمين أنها كرامات وخوارق للأولياء، وملازمة الصمت من العادات البوذية([42]).

قال الشيخ إحسان إلاهي ظهير رحمه الله: “ويجب ألا ننسى في هذا المقام أثر المسيحية في الزهد الإسلامي في العصر المبكر، فإن الأمر لم يقتصر على اللباس وعهود الصمت وكثير من آداب طريق الزهد التي يمكن ردها إلى أصل مسيحي، بل إننا نجد في أقدم كتب تراجم الصوفية أدله قاطعة على أن مذاهب هؤلاء الزهاد كانت إلى حد كبير مستندة إلى تعاليم والتقاليد اليهودية والمسيحية”([43]).

والزهد الذي جاء به الإسلام وحث عليه النبي صلى الله عليه وسلم هو تحقيق التوازن بين الروح والجسد، وبين الدنيا والآخرة، بحيث لا يطغى جانب على جانب، وهذا خلاصة الزهد، قال عليه الصلاة والسلام: «أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَخْشَاكُمْ للهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي»([44]).

وقد أنكر أَبُو بَكْرٍ الصديق رضي الله عنه عَلَى امرأة من أحمس يقال لها: زينب، رآها لا تكلّم، فقال: ما لها لا تَكلّم؟ قالوا: حَجَّت مُصْمتَةً، قال لها: تَكَلَّمِي، فإنّ هذا لا يَحِلُّ، هذا مِنْ عمل الجاهليَّة([45]).

5- صمت المتصوفة تعطيل لشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتعرضٌ للعنة الله:

إنه لمن أوضحِ الدلائل على فساد ما يذهب إليه الصوفية من الترغيب في الصمت البدعي ما يترتب عليه من تعطيلٍ لشرائع الدين وللحقوق، ومن أهمها: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والذي استحق تاركه اللعن والطرد من رحمة الله تعالى، قال سبحانه: }لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المائدة: 78، 79]، وقال الرسول صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: «مَن رَأَى مِنكُم مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بيَدِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسانِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وذلكَ أضْعَفُ الإيمانِ»([46]).

سؤال قبل الختام:

السؤال الذي ينبغي أن يوجَّه لمن ابتدع هذه الممارسات البدعية ويقولون: إنها وسيلة لزيادة التقرب إلى الله هو: إذا كان ما أحدثتم له علاقة بالدين ويقصَد به زيادة التقرب إلى الله؛ فهذه بدعة ضلالة قولًا واحدًا، وإذا كان لا يقصد به زيادة التقرب إلى الله، وإنما يستعمل كوسيلة لتحقيق حكمة أو علة شرعها الله على لسان نبيه عليه الصلاة والسلام، فحينئذٍ ننظر: إن كان السبب المقتضي للأخذ بهذا الأمر الذي حدث كان قائمًا في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، فالأخذ بهذا الأمر الذي حدث لا يجوز؛ لأنه لو كان جائزًا لأخذ به الرسول عليه الصلاة والسلام([47]).

فنسأل المتصوفة: هل فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الصمتَ المطلق وبالكيفية التي تفعله الصوفية؟ وهل فعل هذا أصحابه رضوان الله عليهم؟

فلا ينبغي لعاقل أن يغترّ بكلام هؤلاء، فإن الشيطان قد زيّن لهم أعمالهم، وكرهوا أن يخالفوا شيوخهم وأرباب طريقتهم.

الخاتمة:

الحمد لله على إتمام نعمته، وتيسير إيراد إيضاحات مهمة في موضوع الصمت عند الصوفية، وقد توصلنا إلى أن صمت الصوفية عبادة بدعية، وفيما يلي بيان لأهم النتائج:

– الصوفية جماعة دينية نشأت في إطار نشر الزهد والعبادة، لكن مع مرور الزمن انحرفت عن مسارها وأدت إلى الإلحاد والضلال، حيث اعتنقت أفكار الحلول ووحدة الوجود وأباحوا المحرمات.

– تعاريف الصمت عند الصوفية تتعارض مع المفهوم اللغوي والمفهوم الشرعي، إذ تعتمد منهجًا فلسفيًّا باطنيًّا يتوق لمكاشفة الغيب الذي اختصّ الله به.

– يُعتبر الصمت الصوفي أحد أركان التصوف، وهو تعبد لله بما لم يُشرع، مع اشتراطات مبتدعة لا تستند إلى دليل.

– العبادات في الإسلام توقيفية، ومن اجتهد فيها فقد حاول محاكاة الله في التشريع، بينما يدعي المتصوفة أنهم يتلقون العلم مباشرة عن الله، مما يتعارض مع القواعد الشرعية.

– علماء السنة يتفقون على أن الاستحسان ينقسم إلى مشروع له أصل شرعي وممنوع، بينما الصوفية تلغي العقل وتستبدله باستحسان قلبي وجداني، مما يؤدي إلى تناقضات تتكرر عبر الطرق الصوفية المختلفة.

– الصمت ليس له حال واحدة بل تتغير أحكامه وفق الأحوال والمقاصد، بينما الصمت الصوفي يخالف أحكام الصمت الشرعي، مما يؤدي إلى تعطيل الشرائع وضياع الحقوق.

– الصمت الطويل الدائم يعد عادة جاهلية أبطلها الإسلام، ولا يُعتدّ بنذر الصمت إذا كان الشخص منهيًّا عنه.

– تقدِّم الصوفية الصمت على ذكر الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مما يتناقض مع حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يحث على الكلام بالخير.

– لم يُشرع الصمت في أي عبادة، حتى في الاعتكاف، ويُعتبر التورع بالصمت الطويل بعيدًا عن مفهوم الورع الصحيح.

– الصمت المطلق يعدّ عادة جاهلية ومن الموروثات الدينية السابقة، بينما تجمع الصوفية العديد من الفلسفات الوثنية والخرافات متأثرة بتعاليم يهودية ومسيحية.

– الزهد الذي جاء به الإسلام هو توازن بين الروح والجسد وبين الدنيا والآخرة، في حين إن صمت المتصوفة يعرضهم لعقاب الله، إذ يتطلب ترك الواجبات من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) انظر: اعتقادات فرق المسلمين والمشركين لفخر الدين الرازي (ص: 72)؛ البرهان لأبي الفضل السكسكي (ص: 101).

([2]) انظر: الذريعة للراغب الأصفهاني (ص: 192)، المعجم الوسيط لمجمع اللغة العربية (1/ 522).

([3]) انظر: لسان اللسان لابن منظور (6/ 62).

([4]) انظر: المحيط في اللغة لابن عباد (8/ 123)، ولسان العرب لابن منظور (2/ 54).

([5]) انظر: الكليات للكفوي (ص: 509)، والتنوير شرح الجامع الصغير للصنعاني (4/ 358)، وجامع العلوم لابن رجب (1/ 340)، السراج المنير شرح الجامع الصغير للعزيزي (4/ 301، 2/ 204).

([6]) التوقيف على مهمات التعاريف للمناوي (ص: 219).

([7]) الصمت عند الصوفية دراسة نقدية عقدية، للدكتور عارف بن مزيد السحيمي (ص: 11).

([8]) مقدمة كتاب المواقف والمخاطبات لمحمد بن عبد الجبار النفري (ص: 57).

([9]) أخرجه الطبراني في الكبير (1647)، وصححه الألباني في الصحيحة (1803).

([10]) أخرجه مسلم (1718).

([11]) أخرجه البخاري (6853)، وأبو نعيم في الحلية (9/ 218) واللفظ له.

([12]) أخرجه ابن أبي خيثمة في العلم (54)، وقال الألباني: إسناده صحيح.

([13]) مجموع الفتاوى (29/ 16-17).

([14]) انظر: إرشاد الفحول للشوكاني (2/ 689-691).

([15]) انظر: البحر المحيط في أصول الفقه لبدر الدين الزركشي (6/ 87).

([16]) انظر: البحر المحيط في أصول الفقه لبدر الدين الزركشي (6/ 87).

([17]) انظر: التمهيد لابن عبد البر (22/ 20)، عمدة القاري للعيني (16/ 291).

([18]) انظر: المنتظم لابن الجوزي (2/ 372).

([19]) أخرجه مسلم (49).

([20]) أخرجه ابن حبان (96).

([21]) أخرجه البخاري (6704).

([22]) أخرجه أبو داود (2873)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود.

([23]) معالم السنن للخطابي (4/ 87).

([24]) أخرجه البخاري (3834).

([25]) أخرجه البخاري (6704).

([26]) المريد بالضم هو: المتعلِّم على شيخ طريقة. وهو رتبة من رتب الصّوفيَّة. انظر: التوقيف على مهمات التعاريف (ص: 303).

([27]) قوت القلوب لأبي طالب المكي (1/ 273).

([28]) جامع المسائل (ص: 135).

([29]) انظر: بلاغة الصمت في الخطاب الصوفي، د. بوزيان، مقالة في مجلة الأثر العدد الثامن عشر – جوان 2013م، وبريقة محمودية لمحمد بن محمد الخادمي (٣/ ١٦٥).

([30]) المواقف والمخاطبات للنفري (ص: 15).

([31]) أخرجه البخاري (6138).

([32]) انظر: تهذيب الكمال (11/ 194).

([33]) مجموع الفتاوى (٢٥/ ٢٩٢).

([34]) مجموع الفتاوى (٢٥/ ٢٩٣).

([35]) انظر: تراث وتجديد لحسن حنفي (ص: 161).

([36]) انظر: المعرفة الصوفية لحسين جودة (ص: 150-151).

([37]) أخرجه الدارمي (1 / 68-69)، وصحح إسناده الألباني في السلسلة الصحيحة (5/ 11).

([38]) ينظر: الاعتصام للشاطبي (١/ ٥٤).

([39]) معالم السنن للخطابي (4/ 87).

([40]) أخرجه أبو داود (2873)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود.

([41]) أخرجه البخاري (3834).

([42]) انظر: قصة الحضارة ويليام جيمس (3/ 261)، التصوف المنشأ والمصادر إحسان إلاهي (ص: 109).

([43]) انظر: التصوف المنشأ والمصادر إحسان إلهي (ص: 109).

([44]) أخرجه البخاري (5118).

([45]) أخرجه البخاري (3834).

([46]) أخرجه مسلم (49).

([47]) دروس للشيخ الألباني (8/ 28) بترقيم الشاملة آليا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد سلف

الصمت في التصوف: عبادة مبتدعة أم سلوك مشروع؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: الصوفية: جماعةٌ دينية لهم طريقةٌ مُعيَّنة تُعرف بالتصوّف، وقد مَرَّ التصوّف بمراحل، فأوَّل ما نشأ كان زُهدًا في الدنيا وانقطاعًا للعبادة، ثم تطوَّر شيئًا فشيئًا حتى صار إلحادًا وضلالًا، وقال أصحابه بالحلول ووحدة الوجود وإباحة المحرمات([1])، وبين هذا وذاك بدعٌ كثيرة في الاعتقاد والعمل والسلوك. وفي إطار تصدِّي […]

دفع مزاعم القبورية حول حديث: «اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»

مقدمة: من الفِرى ردُّ الأحاديث الصحيحة المتلقّاة بالقبول انتصارًا للأهواء والضلالات البدعية، وما من نصّ صحيح يسُدُّ ضلالًا إلا رُمِي بسهام النكارة أو الشذوذ ودعوى البطلان والوضع، فإن سلم منها سلّطت عليه سهام التأويل أو التحريف، لتسلم المزاعم وتنتفي معارضة الآراء المزعومة والمعتقدات. وليس هذا ببعيد عن حديث «‌اتخذوا ‌قبور ‌أنبيائهم»، فقد أثار أحدهم إشكالًا […]

استباحة المحرَّمات.. معناها وروافدها

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: من أعظم البدع التي تهدم الإسلام بدعة استباحةُ الشريعة، واعتقاد جواز الخروج عنها، وقد ظهرت هذه البدعة قديمًا وحديثًا في أثواب شتى وعبر روافد ومصادر متعدِّدة، وكلها تؤدّي في نهايتها للتحلّل من الشريعة وعدم الخضوع لها. وانطلاقًا من واجب الدفاع عن أصول الإسلام وتقرير قواعده العظام الذي أخذه […]

الحالة السلفية في فكر الإمام أبي المعالي الجويني إمام الحرمين -أصول ومعالم-

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: من الأمور المحقَّقة عند الباحثين صحةُ حصول مراجعات فكرية حقيقية عند كبار المتكلمين المنسوبين إلى الأشعرية وغيرها، وقد وثِّقت تلك المراجعات في كتب التراجم والتاريخ، ونُقِلت عنهم في ذلك عبارات صريحة، بل قامت شواهد الواقع على ذلك عند ملاحظة ما ألَّفوه من مصنفات ومقارنتها، وتحقيق المتأخر منها والمتقدم، […]

أحوال السلف في شهر رجب

 مقدمة: إن الله تعالى خَلَقَ الخلق، واصطفى من خلقه ما يشاء، ففضّله على غيره، قال تعالى: ﴿وَرَبُّكَ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُ ‌وَيَخۡتَارُ﴾ [القصص: 68]. والمقصود بالاختيار: الاصطفاء بعد الخلق، فالخلق عامّ، والاصطفاء خاصّ[1]. ومن هذا تفضيله تعالى بعض الأزمان على بعض، كالأشهر الحرم، ورمضان، ويوم الجمعة، والعشر الأواخر من رمضان، وعشر ذي الحجة، وغير ذلك مما […]

هل يُمكِن الاستغناءُ عن النُّبوات ببدائلَ أُخرى كالعقل والضمير؟

مقدمة: هذه شبهة من الشبهات المثارة على النبوّات، وهي مَبنيَّة على سوء فَهمٍ لطبيعة النُّبوة، ولوظيفتها الأساسية، وكشف هذه الشُّبهة يحتاج إلى تَجْلية أوجه الاحتياج إلى النُّبوة والوحي. وحاصل هذه الشبهة: أنَّ البَشَر ليسوا في حاجة إلى النُّبوة في إصلاح حالهم وعَلاقتهم مع الله، ويُمكِن تحقيقُ أعلى مراتب الصلاح والاستقامة من غير أنْ يَنزِل إليهم […]

الصوفية وعجز الإفصاح ..الغموض والكتمان نموذجا

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  توطئة: تتجلى ظاهرة الغموض والكتمان في الفكر الصوفي من خلال مفهوم الظاهر والباطن، ويرى الصوفية أن علم الباطن هو أرقى مراتب المعرفة، إذ يستند إلى تأويلات عميقة -فيما يزعمون- للنصوص الدينية، مما يتيح لهم تفسير القرآن والحديث بطرق تتناغم مع معتقداتهم الفاسدة، حيث يدّعون أن الأئمة والأولياء هم الوحيدون […]

القيادة والتنمية عند أتباع السلف الصالح الأمير عبد الله بن طاهر أمير خراسان وما وراء النهر أنموذجا (182-230ه/ 798-845م)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  المقدمة: كنتُ أقرأ قصةَ الإمام إسحاق بن راهويه -رحمه الله- عندما عرض كتاب (التاريخ الكبير) للإمام البخاري -رحمه الله- على الأمير عبد الله بن طاهر، وقال له: (ألا أريك سحرًا؟!)، وكنت أتساءل: لماذا يعرض كتابًا متخصِّصًا في علم الرجال على الأمير؟ وهل عند الأمير من الوقت للاطّلاع على الكتب، […]

دعوى غلو النجديين وخروجهم عن سنن العلماء

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: تكثر الدعاوى حول الدعوة النجدية، وتكثر الأوهام حول طريقتهم سواء من المخالفين أو حتى من بعض الموافقين الذين دخلت عليهم بعض شُبه الخصوم، وزاد الطين بلة انتسابُ كثير من الجهال والغلاة إلى طريقة الدعوة النجدية، ووظفوا بعض عباراتهم -والتي لا يحفظون غيرها- فشطوا في التكفير بغير حق، وأساؤوا […]

التحقيق في موقف ابن الزَّمْلَكَاني من ابن تيّمِيَّة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: يُعتَبَر ابن الزَّمْلَكَاني الذي ولد سنة 667هـ مُتقاربًا في السنِّ مع شيخ الإسلام الذي ولد سنة 661هـ، ويكبره شيخ الإسلام بنحو ست سنوات فقط، وكلاهما نشأ في مدينة دمشق في العصر المملوكي، فمعرفة كلٍّ منهما بالآخر قديمة جِدًّا من فترة شبابهما، وكلاهما من كبار علماء مذهبِه وعلماء المسلمين. […]

الشَّبَهُ بين شرك أهل الأوثان وشرك أهل القبور

مقدمة: نزل القرآنُ بلسان عربيٍّ مبين، وكان لبيان الشرك من هذا البيان حظٌّ عظيم، فقد بيَّن القرآن الشرك، وقطع حجّةَ أهله، وأنذر فاعلَه، وبين عقوبته وخطرَه عليه. وقد جرت سنة العلماء على اعتبار عموم الألفاظ، واتباع الاشتقاق للأوصاف في الأفعال، فمن فعل الشرك فقد استوجب هذا الاسمَ، لا يرفعه عنه شرعًا إلا فقدانُ شرط أو […]

هل مُجرد الإقرار بالربوبية يُنجِي صاحبه من النار؟

مقدمة: كثيرٌ ممن يحبّون العاجلة ويذرون الآخرة يكتفون بالإقرار بالربوبية إقرارًا نظريًّا؛ تفاديًا منهم لسؤال البدهيات العقلية، وتجنُّبا للصّدام مع الضروريات الفطرية، لكنهم لا يستنتجون من ذلك استحقاق الخالق للعبودية، وإذا رجعوا إلى الشرع لم يقبَلوا منه التفصيلَ؛ حتى لا ينتقض غزلهم مِن بعدِ قوة، وقد كان هذا حالَ كثير من الأمم قبل الإسلام، وحين […]

هل كان شيخ الإسلام أبو عثمان الصابوني أشعريًّا؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: مِن مسالك أهل الباطل في الترويج لباطلهم نِسبةُ أهل الفضل والعلم ومن لهم لسان صدق في الآخرين إلى مذاهبهم وطرقهم. وقديمًا ادَّعى اليهود والنصارى والمشركون انتساب خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام إلى دينهم وملَّتهم، فقال تعالى ردًّا عليهم في ذلك: ﴿‌مَا ‌كَانَ ‌إِبۡرَٰهِيمُ يَهُودِيّا وَلَا نَصۡرَانِيّا وَلَٰكِن كَانَ […]

هل علاقة الوهابية بالصوفية المُتسنِّنة علاقة تصادم؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: تعتبر الصوفيةُ أحدَ المظاهر الفكرية في تاريخ التراث والفكر الإسلامي، وقد بدأت بالزهد والعبادة وغير ذلك من المعاني الطيِّبة التي يشتمل عليها الإسلام، ثم أصبحت فيما بعد عِلمًا مُستقلًّا يصنّف فيه المصنفات وتكتب فيه الكتب، وارتبطت بجهود عدد من العلماء الذين أسهموا في نشر مبادئها السلوكية وتعدَّدت مذاهبهم […]

مناقشة دعوى بِدعية تقسيم التوحيد

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة    مقدّمة: إن معرفة التوحيد الذي جاء به الأنبياء من أهم المهمّات التي يجب على المسلم معرفتها، ولقد جاءت آيات الكتاب العزيز بتوحيد الله سبحانه في ربوبيته وأنه الخالق الرازق المدبر، قال تعالى: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 54]، كما أمر الله تبارك وتعالى عباده […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017