
التوحيد في موطأ الإمام مالك
للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة
مقدمة:
يختزن موطأ الإمام مالك رضي الله عنه كنوزًا من المعارف والحكمة في العلم والعمل، ففيه تفسيرٌ لآيات من كتاب الله تعالى، وسرد للحديث وتأويله، وجمع بين مختلفه وظاهر متعارضه، وعرض لأسباب وروده، ورواية للآثار، وتحقيق للمفاهيم، وشرح للغريب، وتنبيه على الإجماع، واستعمال للقياس، وفنون من الجدل وآدابه، وتنبيهات على مقاصد الشريعة في رعاية مصالح الدارين، إضافة إلى كثير من التطبيق الأصولي الدقيق، بل تجد في الموطأ أشياء من السيرة والسير، والتاريخ عامِّه وخاصِّه، وفيه إشارات توحيدية، بل لا أبالغ إن قلت: إن فيه مظانا لعلم الاجتماع والسياسة وما إليهما، من بيان أنواع الناس ومهنهم وعاداتهم، وإشارات لمؤسسات الدولة وطبيعتها ونظمها الحيوية، وفيه من اللقطات الدفينة([1]) شيء كثير، تنتظر الغائص المستخرج والباحث المستنبط. وإن مما ميَّز به الإمام مالك رضي الله عنه موطأه اعتمادَه على الآثار في بناء خطابه الفقهي والجدلي تأصيلا وتفريعا، وهي من أصوله القوية، وقد أبدع في توظيفها بطرق مختلفة، كما أبدع في ترتيبها والتبويب لها، مما يدل على سعة اطلاع على الأدلة، ووفرة رواية، ودقة دراية، وقدرة استقراء بديعة، و”طول ذراع في النظر”. وقد كان مالك رضي الله عنه مع كل ذلك يخاطب القارئ لكتابه في مستويات مختلفة، بالتصريح والتنبيه والإشارة، جاعلا غرضه التعليم و“حياطة الدين، ملتفتا إلى مصالح الخلق” في الدارين، فـ(لقد أحسن الإمام مالك في الموطأ الإحسان كلَّه، فأبدع ترتيبَه، وسهَّل تبويبَه، وأودع فيه ضنائن العلم الغاليات التي رزقه الله إياها)([2]).
وحق لأحمد بن حنبل رضي الله عنه أن يقول فيه حين سئل عنه: (ما أحسَنَه لمن تديَّن به!)([3])، والإيمان والتوحيد أصل الدين، كما في حديث جبريل، ومن لطيف الشهادات في هذا قول عبد الرحمن بن مهدي: (ما كتاب بعد كتاب الله أنفع للناس من الموطأ)([4])، ولا يقال مثل هذا إلا في كتاب جمع أصول الدين مع فروعه، فإن أصل النفع في التوحيد والإيمان، ولذلك اتخذ العلماء مصدرا أصيلا في أبحاثهم، (لاشتهاره في الآفاق، واتفاق الفرق على صحته من غير اختلاف بينهم على ذلك)([5])، بل قال فيه الدهلوي: (الموطأ عدة مذهب مالك وأساسه، وعمدة مذهب الشافعي وأحمد ورأسه، ومصباح مذهب أبي حنيفة وصاحبيه ونبراسه)([6]). والإحاطة بفضائل الموطأ أمر صعب، فإنما تستخرج منه، ولذلك قال الحجوي: (ومناقب الموطأ كثيرة، ودليلها في نفسها، فليقرأها من أراد اليقين)([7])، ولكنني لا أخلي هذا الموضع من لطيفة تاريخية تدلّ على قوة تعلّق المغاربة خاصة بالموطأ.
قال عمر الجيدي: (ليس كتاب الموطأ كتابَ فقه فحسب، كما زعمه بروكلمان، وإنما هو كتاب حديث وفقهٍ معًا، وما ذهب إليه أحمد أمين من أن الموطأ كتاب فقه وإن مُلئ حديثا بعيد عن الصواب)([8])، وعلى هذا الاستدراك استدراكٌ آخر أعظم منه، وهو أن الموطأ لم يكن كتاب حديث وفقه فقط، بل كان كتاب توحيد أيضًا، إلا أن يجعل التوحيد داخلا تحت مسمّى الفقه في الدين بإطلاق، فإنه أعظمُ الفقه، حتى سمي الكتاب المنسوب إلى أبي حنيفة (الفقه الأكبر)، ولذلك حينما أراد المغراوي أن يرتب التمهيد ترتيبا فقهيا -فسماه “فتح البر في الترتيب الفقهي لتمهيد ابن عبد البر”– بدأ بجزء خاص في العقيدة، وفيه أبواب للتوحيد، ومن جيد كلام المغراوي في مقدمته على هذا الكتاب قوله: (فيا أيها المالكيون، إن موطأ مالك وشرحه التمهيد والاستذكار ومثلهما هي أصولكم، وأصول أئمتكم إن كنتم تعقلون)([9])، فالموطأ أصل في العقيدة والحديث والفقه، وكل ذلك من مشكاة واحدة، يصدر بعضه من بعض.
ونحن في مركز سلف نذكر طرفًا صالحًا من مباحث العقيدة الواردة في الموطأ.
مركز سلف للبحوث والدراسات
التوحيد والشرك:
روى مالك عن عبيد الله بن كريز أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له»([10]).
—————————————-
الظاهر من صنيع مالك أنه ممن يرون أن هذا هو أفضل الذكر، وكما قال ابن عبد البر: (وقد اختلف العلماء في الذكر، فقال منها قائلون: أفضل الكلام لا إله إلا الله، واحتجوا بهذا الحديث وما كان مثله، فإنها كلمة التقوى)([11]).
وروى مالك عن أميمة بنت رقيقة أنها قالت: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسوة بايعنه على الإسلام، فقلن: يا رسول الله، نبايعك على أن لا نشرك بالله شيئا، ولا نسرق ولا نزني، ولا نقتل أولادنا، ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا، ولا نعصيك في معروف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فيما استطعتن وأطقتن»، قالت: فقلن: الله ورسوله أرحم بنا من أنفسنا، هلم نبايعك يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني لا أصافح النساء، إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة» أو: «مثل قولي لامرأة واحدة»([12]).
قال عبد الله العرفج: (إيراد مالك رحمه الله لهذا الحديث الذي فيه البيعة على التوحيد وعدم الشرك يدلُّنا على عنايته رحمه الله بالتوحيد)([13])، ومما يدل على هذا أنه سئل عن الكلام والتوحيد فقال: (محال أن نظن بالنبي صلى الله عليه وسلم أنه علّم أمته الاستنجاء، ولم يعلمهم التوحيد، والتوحيد ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله»، فما عصم به الدم والمال حقيقة التوحيد)([14])، وقال: (وإنما يقاتل الناس ليدخلوا في الإسلام من الشرك)([15]).
وسئل مالك عمن أسلم من المشركين بعد إساره: أيمنعه ذلك من القتل؟ قال: (نعم في رأيي)، قال محمد بن رشد: (هذا ما لا اختلاف فيه، قال صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله»، أي: والله يحاسبهم عما في نفوسهم إن كانوا أظهروا للإسلام وهم لا يعتقدونه بقلوبهم)([16]).
وعند الشاطبي: (قال مالك رحمة الله عليه: إن العبد لو ارتكب جميع الكبائر بعد أن لا يشرك بالله شيئا وجبت له أرفع المنازل، لأن كل ذنب بين العبد وربه هو منه على رجاء)([17]).
النهي عن اتخاذ القبر النبوي عيدا:
روى مالك عن عطاء بن أبي يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، اشتدّ غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»([18]).
—————————————-
استنبط منه ابن عبد البر التحذير من الصلاة إلى القبر أو اتخاده مسجدا، وقال: (وفي ذلك أمر بأن لا يعبد إلا الله وحده، وإذا صنع من ذلك في قبره فسائر آثاره أحرى بذلك، وقد كره مالك وغيره من أهل العلم طلب موضع الشجرة التي بويع تحتها بيعة الرضوان، وذلك -والله أعلم- مخالفة لما سلكه اليهود والنصارى في مثل ذلك)([19]).
وفي كلام ابن عبد البر فائدتان: الأولى: النهي عن اتخاذ الآثار النبوية المكانية أوثانا تعبد من دون الله، من باب قياس الأولى على قبره عليه الصلاة والسلام، والثانية: أن في ذلك مخالفة لمسالك اليهود والنصارى في اتخاذهم قبور صالحيهم مساجد، وهذا تنبيه لطيف من ابن عبد البر جريا على قاعدة علماء المسلمين في “اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم“، بمقتضى استقراء النصوص الواردة في الأمر بمخالفتهم والنهي عن تتبع سننهم المميزة لدينهم.
وقال في التمهيد: (كل ما يعبد من دون الله فهو وثن، صنما كان أو غير صنم، وكانت العرب تصلي إلى الأصنام وتعبدها، فخشي رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمته أن تصنع كما صنع بعض من مضى من الأمم، كانوا إذا مات لهم نبي عكفوا حول قبره كما يصنع بالصنم، فقال صلى الله عليه وسلم: «اللهم لا تجعل قبري وثنا يصلى إليه، ويسجد نحوه ويعبد، فقد اشتد غضب الله على من فعل ذلك»، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحذّر أصحابه وسائر أمته من سوء صنيع الأمم قبله الذين صلوا إلى قبور أنبيائهم، واتخذوها قبلة ومسجدا كما صنعت الوثنية بالأوثان التي كانوا يسجدون إليها ويعظمونها، وذلك الشرك الأكبر، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يخبرهم بما في ذلك من سخط الله وغضبه، وأنه مما لا يرضاه؛ خشية عليهم امتثال طرقهم، وكان صلى الله عليه وسلم يحب مخالفة أهل الكتاب وسائر الكفار، وكان يخاف على أمته اتباعهم)([20]).
وهذا نص فخم لابن عبد البر، يصلح أن يكون نصًّا مؤسِّسا لموقف المالكية الشديد والمتين من اتخاذ القبور مساجد، بل اتخاذها أوثانا تعبد من دون الله، بخلاف كثير من المتأخرين من المالكية الذين شوَّش عليهم علم الكلام الرؤية التوحيدية، فقد كان المالكية الأوائل أولي نظر سديد، ولِقُوّة حضور هذا الأصل عندهم لم يخل كلام بعض أوائل متكلّميهم منه، مثل الباجي الذي علّق على الحديث بقوله: (دعاؤه صلى الله عليه وسلم أن لا يجعل قبره وثنا يعبد تواضعا والتزاما للعبودية لله تعالى، وإقرارا بالعبادة، وكراهية أن يشركه أحد في عبادته، وقد روى أشهب عن مالك أنه لذلك كره أن يدفن في المسجد، وهذا وجه يحتمل أنه إذا دفن في المسجد كان ذريعة إلى أن يتّخذ مسجدًا، فربما صار مما يعبَد)([21]). وهو نص شبه مطابق لنص ابن عبد البر في عناصره الأساس، والمثير فيه استعماله لعبارة “الذريعة“، والتي تعد عند المالكية من الأصول، ومثله ابن رشد صاحب في “البيان والتحصيل”([22])، فيكون حديث النبي صلى الله عليه وسلم دليلا ومثالا في آن على قاعدة “سد الذرائع” التي اشتهر المالكية بتوظيفها في نقض الشركيات والبدع الحالية والقولية والفعلية.
ويشهد لهذا ما نقله ابن رشد عن مالك أنه قال: (انهدم حائط بيت رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي فيه قبره، فخرج عمر بن عبد العزيز، واجتمع رجالات قريش، فأمر عمر بن عبد العزيز فستر بثوب، فلما رأى ذلك عمر بن عبد العزيز من اجتماعهم أمر مزاحمًا أن يدخل يُخرج ما كان فيه، فدخل فَقَمَّ ما كان فيه من لبِنٍ أو طحين، وأصلح في القبر شيئًا كان أصابه حين انهدم الحائط، ثم خرج وستر القبر، ثم بنى). فعلق ابن رشد على هذا بقوله: (وإنما ستر القبر على الناس وبنى عليه بيتًا صيانة له؛ مخافة أن ينتقل تُرابه ليستشفى به، أو ليتخذ مسجدًا يصلى فيه، فقد قال رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ لَا تَجّعَلْ قَبْرِي وَثنًا يُعْبَدُ، اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْم اتَّخَذُوا قُبورَ أنْبِيَائِهم مَسَاجِد». وباللَّه التوفيق)([23]).
لا تشدّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد:
روى الإمام مالك عن أبي هريرة أنه كان عائدا من الطور، فلقي بصرة بن أبي بصرة الغفاري فقال له: من أين أقبلت؟ قال أبو هريرة: من الطور، فقال: لو أدركتك قبل أن تخرج إليه ما خرجت؛ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تعمل المطيّ إلا إلى ثلاثة مساجد: إلى المسجد الحرام، وإلى مسجدي هذا، وإلى مسجد إيلياء» أو: «بيت المقدس» يشكُّ([24]).
—————————————-
قال أبو بكر ابن العربي: (قوله: «لا تعمل المطي» يقتضي أن من نذر صلاة في مسجد البصرة أو الكوفة، فإنه يصلي بموضعه ولا يأتيه؛ لحديث بصرة المنصوص، وذلك أن النذر إنما يكون فيما فيه القربة، ولا فضيلة لمساجد البلاد بعضها على بعض، وأما من نذر الصلاة أو الصيام في شيء من مساجد الثغور، فإنه يلزمه إتيانها والوفاء بنذره؛ لأن نذره لم يكن بمعنى الصلاة، بل قد اقترن بذلك الرباط، فوجب الوفاء به، ولا خلاف في المنع من ذلك في غير المساجد الثلاثة، إلا ما قاله ابن مسلمة في “المبسوط”، فإنه أضاف إلى ذلك مسجدًا رابعا، وهو مسجد قباء)([25]).
وقال الخرشي: (وتوقف بعض الناس في زيارة القبر وآثار الصالحين، ولا توقف في ذلك؛ لأنه من العبادات. انتهى من مختصر البرزلي لحلول)([26]).
وقال ابن العربي: (تفطن مالك رضي الله عنه لسعة باعه في العلم وعظم اطلاعه بالنظر إلى مسألة فاتت من سواه، وذلك أنه قال: “من نذر أن يصوم في مسجد الرباط لزمه أن يأتيه، ومن نذر أن يصلي فيه لم يكن عليه شيء”، وذلك لأن حماية الثغر تجتمع مع الصوم ولا تجتمع مع الصلاة)([27])، وقال ابن تيمية: (وقد ذكر أصحاب الشافعي وأحمد في السفر لزيارة القبور قولين: التحريم والإباحة، وقدماؤهم وأئمتهم قالوا: إنه محرم، وكذلك أصحاب مالك وغيرهم)([28]). وقد توسع ابن تيمية في عرض مذهب مالك والمالكية في شد الرحال إلى المقابر -على رأسها القبر النبوي- في الرد على الإخنائي([29]).
الاستمطار بالنجوم
روى مالك عن زيد بن خالد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أتدرون ماذا قال ربكم؟» قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: «قال: أصبح من عبادي مؤمن بي كافر بالكوكب، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك المؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي، مؤمن بالكوكب»([30]).
———————————–
هذا الحديث رواه مالك تحت باب مطابق، مجردا إياه من الحكم، واستنبط ابن العربي غرضه من ذلك بقوله: (بوب مالك رحمه الله: “الاستمطار بالنجوم”، وأدخل هذا الحديث في باب الاستسقاء لوجهين: أحدهما: كانت العرب تنتظر السقيا في الأنواء، فقطع النبي صلى الله عليه وسلم هذه العلاقة بين القلوب وبين الكوكب. والوجه الثاني الذي أدخل له مالك هذا الحديث وترجم هذه الترجمة: وذلك أن الناس أصابهم القحط في زمان عمر، فقال عمر للعباس: كم بقي لنوء الثريا؟ فقال له العباس: زعموا -يا أمير المؤمنين- أنها تعترض في الأفق سبعا، فما مرت حتى نزل المطر، فأراد مالك أن يقطع أمر النجوم ولا يكون لها ذكر إلا للخالق الواحد)([31]).
الظاهر أن الوجهين راجعان عند التحقيق إلى وجه واحد، فيكون قصد مالك من عقد الباب ورواية الحديث تحته إذن قصدًا واحدًا، وعبارة ابن العربي: (أراد مالك أن يقطع أمر النجوم ولا يكون لها ذكر إلا للخالق الواحد) أي: التنبيه على كراهة ذلك عنده، وخلافا لما كان من عقيدة بعض العرب الموافقة لعقائد كثير من الأمم الوثنية، وقد بين شراح الموطأ هذا الغرض بالتفصيل، فقال ابن عبد البر: (إن كان يعتقد أن النوء هو المنزل للمطر والخالق له والمنشئ للسحاب من دون الله، فهذا كافر كفرا صريحا ينقل عن الملة، وإن كان من أهلها استتيب، فإن رجع إلى ذلك إلى الإيمان بالله وحده وإلا قتل إلى النار. وإن كان أراد أن الله عز وجل جعل النوء علامة للمطر ووقتا له وسببا من أسبابه، كما تحيى بالأرض الماء بعد موتها، وينبت به الزرع، ويفعل به ما يشاء من خليقته، فهذا مؤمن لا كافر، ويلزمه مع هذا أن يعلم أن نزول الماء لحكمة الله تعالى ورحمته وقدرته، لا بغير ذلك؛ لأنه مرة ينزله بالنوء، ومرة بغير نوء، كيف يشاء لا إله إلا هو)([32])، وتابعه على ذلك ابن العربي وقال: (ومن انتظرها وتوكّف المطر منها على أنها عادة أجراها الله فلا شيء عليه، فإن الله قد أجرى العوائد في السحاب والرياح والأمطار بمعاني ترتبت في الخلقة، وجاءت على نسق في العادة، ولهذا أدخل مالك هذا الحديث مبيّنا لهذه الحقيقة)([33]). والظاهر أن ابن العربي ينسب إلى مالك بهذا القول بالعادة كما هي عند الأشاعرة، وليس الأمر كذلك، فلم يكن مالك يقول بذلك، فإنها من مبتدعات بعض الأشاعرة.
الحلف بغير الله:
روى مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أدرك عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يسير في ركب وهو يحلف بأبيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت»([34])، وقال مالك: (المسلم لا يقسم إلا بالله)([35])، وقال: (يحلف بالله الذي لا إله إلا الله)([36]).
—————————–
علق محمد بن الحسن الشيباني على هذا الحديث في روايته للموطأ بقوله: (وبهذا نأخذ، لا ينبغي لأحد أن يحلف بأبيه، فمن كان حالفا فليحلف بالله، ثم ليبرر أو ليصمت)([37]).
وعلة النهي اختصاص الله بعبادة التعظيم المطلق، أي: أنه لا يجوز تعظيم غير الله بما يختص الله به من ذلك، ولذلك قال القرطبي: (إنما نهى عن ذلك لأن فيه تعظيم غير الله بمثل ما يعظم به الله، وذلك ممنوع). وهو تنبيه دقيق، وكشف لعلة النهي لطيف، وإلحاق المخلوقات بالآباء في النهي عن الحلف هو الذي نبه عليه ابن عبد البر أيضا فقال: (وفي هذا الحديث من الفقه أنه لا ينبغي اليمين بغير الله عز وجل، وأن الحلف بالمخلوقات كلها في حكم الحلف بالآباء)([38]). هذا في المنهي عنه، وحمل المالكية النهي على التحريم، منهم القرطبي، وعمّمه، مع أن سبب وروده الحلفُ بالآباء، ويؤيد ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: «من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت»، فعم النهي غير ذلك، قال القرطبي: (فيتحقّق فيما إذا حلف بملة غير الإسلام أو بشيء من المعبودات دون الله، أو ما كانت الجاهلية تحلف به كالدماء والأنصاب، فهذا لا يشك في تحريمه، وأما الحلف بالآباء والأشراف ورؤوس السلاطين، وحياتهم ونعمتهم وما شاكل ذلك، فظاهر هذا الحديث تناولهم بحكم عمومه، ولا ينبغي أن يختلف في تحريمه، وأما ما كان معظَّما في الشرع مثل النبي والكعبة والعرش والكرسي وحرمة الصالحين فأصحابنا يطلقون على الحلف بها الكراهة، وظاهر الحديث وما قدمناه من النظر في المعنى يقتضي التحريم)([39])، وهذا هو الحق.
أما المباح فالحلف بالله وأسمائه وصفاته، ومن حلف لزمه مقتضاه، ولذلك قال القاضي عياض: (وفي قوله: «فليحلف بالله» تنبيه على أن الحلف بأسمائه وصفاته تعالى لازم جائز؛ لأنه حلف به تعالى، ولا خلاف في ذلك بين علماء الأمصار مع الآثار في ذلك)([40]). فالإجماع على جواز ذلك وفي أثره والمنع عام في كل الأحوال، جريا على قاعدة استلزام عموم الأعيان لعموم الأحوال والأزمنة والأمكنة، وهذا في قول ابن عبد البر: (في هذا الحديث من الفقه أنه لا يجوز الحلف بغير الله عز وجل في شيء من الأشياء، ولا على حال من الأحوال، وهذا أمر مجتمع عليه)([41])، وبهذا يتبين أن المالكية استطاعوا تحليل الخطاب النبوي وتثوير مضامينه، فكشفوا عن مقاصد النهي عن الحلف بغير الله، وبينوا متعلقاته من كل وجه، وأظهروا علته، وأداروا عليها الحكم المستنبط الموضوع على العبارة، ووفوا مراد مالك من رواية الحديث.
السحر:
روى مالك عن القعقاع بن حكيم أن كعب الأحبار قال: (لولا كلمات أقولهن لجعلتني يهود حمارا)، فقيل له: وما هن؟ فقال: (أعوذ بوجه الله العظيم، الذي ليس شيء أعظم منه، وبكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، وبأسماء الله الحسنى كلها، ما علمت منها وما لم أعلم، من شر ما خلق وبرأ وذرأ)([42]).
—————————–
جعل الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله الباب الرابع والعشرين من “كتاب التوحيد” في السحر، وسبب ذلك -والله أعلم- أن فيه تعلقًا واستعانة بغير الله، فالساحر يستعين بالشياطين، ويتعلق بها تعلق عبادة وتقرب، بالذبح لها، ومطالبة الناس بالنذر لها، وهذا مناف لحقيقة التوحيد، والله تعالى قال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5]، فالسحر بهذا شرك من هذه الوجوه وغيرها، كما قال الشيخ العثيمين عند تقسيمه إياه إلى قسمين: (أ-شرك -وهو الأول- الذي يكون بواسطة الشياطين، يعبدهم ويتقرب إليهم ليسلطهم على المسحور)([43]).
وإنما قال كعب هذا لمعرفته بتعاطي اليهود للسحر، وأما قوله: (إن ذلك قد يصل إلى تحويل الإنسان إلى حمار)، فإن كان يقصد تحويلا حقيقيًّا فهذا لا يقدِر عليه إلا الله تعالى، كما هو الأمر في عصا موسى التي تحولت من عصا خشبية إلى حية، وفي كلام ابن عبد البر ما يوحي بتجويزه هذا والله أعلم، فإنه قال: (هذا يدلّ على أن من السحر ما يقلب الأعيان أحيانا والله أعلم، وهذا معنى قول كعب: لجعلتني يهود حمارا)([44])، وإن كان يقصد كعب تحويلا معنويا بأن يصير الإنسان كحمار مقاد، فهذا له شواهد كثيرة من أحوال المسحورين، نسأل الله السلامة والعافية، قال الطيبي: (قوله: “حمارًا” لعله أراد أن اليهود سحرته، ولولا استعاذتي بهذه الكلمات لتمكّنوا من أن يقلبوا حقيقتي لبغضهم إياي، حيث إني أسلمت، أو لتمكّنوا من إذلالي وتوهيني كالحمار، فإنه مثل في الذلة)([45]).
وأما الاستعاذة التي ذكرها فهي وغيرها مما يدفع أذى السحرة وشياطينهم والحمد الله، قال ابن عبد البر: (وفي ما تقدم من الأحاديث في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يشهد لقول كعب في تعوّذه، وأن من الدعاء والاستعاذة والرقى ما يصرف السوء والبلاء، والحمد لله كثيرا)([46]).
وروى مالك بلاغا أن عمر بن الخطاب أراد الخروج إلى العراق، فقال له كعب الأحبار: (لا تخرج إليها يا أمير المؤمنين؛ فإن بها تسعة أعشار السحر، وبها فسقة الجن، وبها الداء العضال)([47]).
وقال مالك: (الساحر الذي يعمل السحر، ولم يعمل ذلك له غيره، هو مثل الذي قال الله تبارك وتعالى في كتابه: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} [البقرة: 102]، فأرى أن يُقتل ذلك إذا عمل ذلك هو نفسه)([48])، فمذهب مالك أن الساحر يقتل، وهذا من مسائل الأقضية في الفقه الإسلامي.
قال الباجي: (يحتمل -والله أعلم- أن يريد به أن السحر كان معظمه ببابل، وهي من أرض العراق، فأخبر أن معظمه هناك، وقوله: “وبها فسقة الجن” يحتمل أنه وجد ذلك في بعض الكتب التي قرأها، فإن مثل هذا لا يعلم إلا بتوقيف)([49])، وقال ابن عبد البر: (سئل مالك عن الداء العضال فقال: الهلاك في الدين، وأما السحر فمنسوب إلى أرض بابل وهي من العراق، وتنسب أيضا إلى مصر، وأما فسقة الجن فهذا لا يعرف إلا بتوقيف ممن يجب التسليم له، وذلك معدوم في هذه القصة)([50]).
فائدة: روى مالك حديث: «الفتنة حيث يطلع قرن الشيطان»([51]) وإشارة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المشرق تحت “باب ما جاء في المشرق”، ثم روى بعده بلاغه عن عمر، وهذا بيِّن في أن مالكا فسّر المشرق هنا بالعراق.
أين الله؟
روى مالك عن عطاء بن يسار عن عمر بن الحكم أنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، إن جارية لي كانت ترعى غنمًا لي، فجئتها وقد فقدت شاة من الغنم، فسألتها عنها فقالت: أكلها الذئب، فأسِفتُ عليها، وكنت من بني آدم، فلطمت وجهها، وعلي رقبة، أفأعتقها؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أين الله؟» فقالت: في السماء، فقال: «من أنا؟» فقالت: أنت رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعتقها»([52]).
وروى عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود: أن رجلا من الأنصار جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بجارية له سوداء، فقال: يا رسول الله، إن علي رقبة مؤمنة، فإن كنت تراها مؤمنة أعتقها، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتشهدين أن لا إله إلا الله؟» قالت: نعم، قال: «أتشهدين أن محمدا رسول الله؟» قالت: نعم، قال: «أتوقنين بالبعث بعد الموت؟» قالت: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعتقها»([53]).
——————————-
رواهما مالك معا في “باب ما يجوز من العتق في الرقاب الواجبة“، وفرق ابن العربي بين القصتين ومايز بين الحديثين، فسمى الأول: حديث الجارية، والثاني: حديث السوداء، وقال: (فلم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بعتقها حتى اعتبر حالها بالإيمان، ولو أجزأ الكافر لأمره بعتقها، وكذلك قال في حديث السوداء)([54]). فاعتبر ابن العربي إشارتها إلى السماء دليلا على إيمانها مع شهادتها للنبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة، ولذلك قال ابن بطال: (فأشارت بيدها إلى السماء، فقال: «أعتقها فإنها مؤمنة»، فأجاز الإسلام بالإشارة الذي هو أصل الديانة، الذى يحقن به الدماء، ويمنع المال والحرمة، وتستحق به الجنة، وينجى به من النار، وحكم بإيمانها كما يحكم بنطق من يقول ذلك، فيجب أن تكون الإشارة عاملة في سائر الديانة، وهو قول عامة الفقهاء)([55]).
واعتقاد كون الله في السماء بمعنى علوه واستوائه على عرشه هو مذهب الصحابة والتابعين، والذي صح عن مالك أنه قال: (الله في السماء، وعلمه في كل مكان)([56])، قال ابن عبد البر: (وأما قوله في هذا الحديث للجارية: «أين الله؟»، فعلى ذلك جماعة أهل السنة، وهم أهل الحديث ورواته المتفقهون فيه، وسائر نقلته، كلهم يقول ما قال الله تعالى في كتابه: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5]، وأن الله عز وجل في السماء، وعلمه في كل مكان، وهو ظاهر القرآن في قوله عز وجل: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ} [الملك: 16]، وقوله عز وجل: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10]، وقوله: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج: 4]. وليس في هذا الحديث معنى يشكل غير ما وصفنا، ولم يزل المسلمون إذا دهمهم أمر يقلقهم فزعوا إلى ربهم، فرفعوا أيديهم وأوجههم نحو السماء يدعونه، ومخالفونا ينسبونا في ذلك إلى التشبيه، والله المستعان، ومن قال بما نطق به القرآن فلا عيب عليه عند ذوي الألباب)([57]).
وقد كان اتهام من يثبت صفات الله بالتشبيه قديما، ولم ينج أمثال حافظ المغرب من ذلك، لكنه ثبت على عقده، بل صرح بأن (من قال بما نطق به القرآن فلا عيب عليه عند ذوي الألباب).
نزول الله تعالى:
روى مالك عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟»([58]).
——————————–
قال ابن عبد البر: (حديثٌ ثابت عند أهل العلم بالحديث، وطرقه كثيرةٌ صحاح بألفاظ متقاربة ومعنى واحد)([59])، وقال: (وفي هذا الحديث دليل على أن الله عز وجل في السماء على العرش من فوق سبع سماوات، وعلمه في كل مكان كما قالت الجماعة أهل السنة، أهل الفقه والأثر، وحجتهم ظواهر القرآن في قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5])([60])… -وذكر آيات في إثبات علو الله تعالى، وقال:- ومحال أن يكون من قال عن الله ما هو في كتابه منصوص مشبِّها إذا لم يكيّف شيئا، وأقرّ أنه ليس كمثله شيء)([61]).
فجعل ابن عبد البر هذا الحديث من أدلة الاستواء أيضا، ومثله الإمام أبو القاسم عبد الله بن خلف المقري الأندلسي رحمه الله في الجزء الأول من كتاب “الاهتداء لأهل الحق والاقتداء” من تصنيفه من شرح المخلص للشيخ أبي الحسن القابسي([62])، وأبو عمر الطلمنكي([63])، واستشهد ابن القيم بكلام ابن عبد البر واصفا إياه بحافظ المغرب([64]).
هذا هو التوحيد في كتاب مالك، بل هو بعض التوحيد فيه، ولا تتحمل الورقة العلمية أكثرَ من هذا، وإلا فإن مالكا كان سيدًا من سادات التوحيد، إمامًا فيه، ولو تُتُبّع كلامه في كتب الرواية والمسائل لكان من ذلك شيء كثير، بل لو أضيف إليه ما حققه المالكية قديما وحديثا في ذلك لكان مجلدا حافلا، تشعّ منه أنوار توحيد الله تعالى، تبدّد ظلام الانحراف الذي أساء للمذهب، وأظهره بغير ما ينبغي له، والله المستعان على ما يصفون.
والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)
([1]) سمى العلامة محمد المنوني مقالا له منشورا بعنوان: “لقطات دفينة من كتابين في المناقب” ضمن”التاريخ وأدب المناقب“، منشورات الجمعية المغربية للبحث التاريخي، 1989م.
([2]) الموطأ برواياته الثمانية لسليم الهلالي (1/ 60).
([3]) رواه ابن عساكر في كشف المغطا في فضل الموطا (ص: 60) -مطبوع مع كتاب أحاديث الموطأ لأبي الحسن الدارقطني-، تقديم وتعليق محمد زاهد الكوثري، المكتبة الأزهرية للتراث، 1416هـ-1999م.
([4]) رواه ابن عبد البر في التمهيد (1/ 78).
([5]) مقدمة إملاء الاستذكار لأيي طاهر السلفي (ص: 29).
([6]) المسوى شرح الموطا (1/ 63).
([7]) الفكر السامي (ص: 283)، المكتبة العصرية.
([8]) مباحث في المذهب المالكي (ص: 53).
([13]) جهود المالكية في تقرير توحيد العبادة (ص: 24).
([14]) السير (10/ 26). وينظر: البيان والتحصيل (17/ 230).
([16]) البيان والتحصيل (2/ 573).
([17]) الشاطبي في الاعتصام (2/ 754) بتحقيق الهلالي.
([22]) البيان والتحصيل (12/ 234-235).
([23]) البيان والتحصيل (17/ 101).
([25]) المسالك في شرح موطأ الإمام مالك (2/ 465).
([26]) شرح الخرشي على مختصر خليل (9/ 350).
([27]) القبس في شرح موطأ مالك بن أنس (1/ 361).
([28]) الجواب الباهر في زيارة المقابر (ص: 10).
([29]) الرد على الإخنائي (ص: 35).
([34]) الموطأ (1749) في (جامع الأيمان).
([36]) البيان والتحصيل (6/ 94).
([37]) موطأ مالك برواية محمد بن الحسن (3/ 175).
([39]) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (4/ 621).
([43]) القول المفيد على كتاب التوحيد (1/ 489).
([45]) الكاشف عن حقائق السنن (6/ 1922).
([47]) الموطأ (3577)، ووصله عبد الرزاق (20461).
([49]) المنتقى شرح الموطأ (7/ 462(.
([55]) شرح صحيح البخاري (7/ 455).
([56]) انظر: الانتقاء في فضائل الأئمة الثلاثة الفقهاء (ص: 71)، مكتب المطبوعات الإسلامية بحلب.
([62]) انظر: اجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم (ص: 88).