الخميس - 01 محرّم 1447 هـ - 26 يونيو 2025 م

مصطلح أهل السنة والجماعة.. دلالته وتاريخه

A A

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة

 مقدمة:

مصطلح “أهل السنة والجماعة” من المصطلحات الكبرى التي حظِيت بعنايةِ العلماء عبر العصور؛ نظرًا لأهميته في تحديد منهج أهل الحق الذين ساروا على طريق النبي ﷺ وأصحابه، وابتعدوا عن الأهواء والبدع، ويُعدّ هذا المصطلح من أوسع المصطلحات التي استُخدمت في التاريخ الإسلامي، حيث لم يكن مجردَ توصيف عام، بل كان معيارًا للتفريق بين أهل السنة وأهل البدع، وبين منهج الاتباع ومنهج الابتداع.

وقد نشأ هذا المصطلح في بدايات الإسلام، لكنه اكتسب وضوحًا أكبر مع ظهور الفِرَق المخالفة لمنهج الصحابة والتابعين؛ ما استدعى تمييز أهل الحق بمصطلح جامع يحدِّد عقيدتهم ومنهجهم؛ ولذا فإنَّ البحث في دلالة هذا المصطلح وتاريخه ونشأته وأول من أُطلق عليهم والفرق بين إطلاقه العام والخاص ومعايير الانتماء إليه من الأبحاث المهمة التي تعين على ضبط المفاهيم العقدية وتصحيح التصورات الخاطئة.

ومن المعلوم أن دراسة المصطلحات العقدية ليست مجردَ بحث في المفاهيم المجردة، بل هي ضرورة شرعية لفهم العقيدة الصحيحة، وضبط أصول الدين، والتفريق بين الحق والباطل. ومصطلح “أهل السنة والجماعة” من المصطلحات التي تحمل دلالة عقدية ومنهجية، إذ يعبّر عن الطائفة التي ثبتت على الاعتقاد الصحيح في باب التوحيد، والأسماء والصفات، والإيمان، والقضاء والقدر، وغيرها من أبواب العقيدة، وهو ما يجعله مصطلحًا رئيسيًّا في التصنيف العقدي داخل الأمة الإسلامية.

كما أن معرفة أهل السنة والجماعة ضرورة للتمييز بين منهج أهل الحديث والمذاهب الكلامية والفرق المبتدعة، فالباحث في هذا المصطلح لا يبحث فقط عن تعريف لغويٍّ أو اصطلاحي، بل عن منهج متكامل في الاعتقاد والتعبد والاستدلال، ومع كثرة الفِرَق والجماعات في العصر الحديث أصبح الخلط في هذا المفهوم شائعًا؛ ما أدى إلى ادعاء بعض الفرق والاتجاهات أنهم أهل السنة والجماعة رغم مخالفتهم لمنهج السلف الصالح، ولذا جاءت هذه الورقة تبحث في نشأة المصطلح.

ومركز سلف للبحوث والدراسات له الكثير من الأوراق والمقالات والمنشورات حول أهل السنة والجماعة، بل المركز قائم على الحفاظ على عقيدة أهل السنة والجماعة ونشرها والذبِّ عنها، ومن أهمها: كتاب: (مَنِ السُّنِّيّ؟ أهل السنة والجماعة – شرط الانتماء) للدكتور لطف الله خوجة، وورقة علمية بعنوان: (أهل السنة والجماعة وضابط المفارق لهم)([1]).

مركز سلف للبحوث والدراسات

 

مفهوم المصطلح:

السُّنَّة لغةً:

السنة في اللغة: السيرة والطريقة سواء كانت حسنة أو قبيحة، يقول ابن فارس (ت: 395هـ): “السين والنون أصل واحد مطرد، وهو جريان الشيء وطراده في سهولة… ومما اشتق منه: السنة، وهي السيرة”([2]).

وقد وردت السنة بهذا المعنى اللغوي في النصوص الشرعية، قال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [النساء: 26]، يقول النسفي: “{وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الذين مِن قَبْلِكُمْ}: وأن يهديكم مناهج من كان قبلكم من الأنبياء والصالحين والطرق التي سلكوها في دينهم لتقتدوا بهم”([3]).

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من سنَّ في الإسلام سنَّة حسنة فعمل بها بعده كتب له مثل أجر من عمل بها، ولا ينقص من أجورهم شيء، ومن سنَّ في الإسلام سنَّة سيئة فعمل بها بعده كتب عليه مثل وزر من عمل بها، ولا ينقص من أوزارهم شيء»([4])، يقول ابن منظور (ت: 711هـ): “وقد تكرر في الحديث ذكر السنة وما تصرف منها، والأصل فيه الطريقة والسيرة”([5]).

السنة اصطلاحا:

السنة في الاصطلاح الشرعي تُطلق على المنهج الذي كان عليه النبي ﷺ وأصحابه، سواء في العقيدة أو العبادات أو السلوك، وقد كان هذا الفهم معهودًا في زمن النبي ﷺ والصحابة رضوان الله عليهم، كما وردت عدة أحاديث تضمنت لفظ “السنة”، وكان معناها يشير إلى طريقة النبي ﷺ وشريعته التي سنّها للأمة، سواء في الأقوال أو الأفعال أو التقريرات، ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: «أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنَّتي فليس مني»([6])، وقوله عليه الصلاة والسلام: «إن أول ما نبدأ من يومنا هذا أن نصلي، ثم نرجع فننحر، فمن فعل فقد أصاب سنتنا»([7]). والمقصود بالسنة هنا: طريقة النبي صلى الله عليه وسلم.

يقول الإمام أحمد بن حنبل (ت: 241هـ): “أصول السنة عندنا: التمسُّك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والاقتداء بهم، وترك البدع، وكل بدعة فهي ضلالة، وترك الخصومات والجلوس مع أصحاب الأهواء، وترك المراء والجدال والخصومات في الدين”([8]).

ويقول ابن رجب (ت: 795هـ) بعد أن ذكر كلام عدد من السلف: “ومراد هؤلاء الأئمة بالسنة: طريقة النبي صلى الله عليه وسلم التي كان عليها هو وأصحابه، السالمة من الشبهات والشهوات… ثم صار في عرف كثير من العلماء المتأخرين من أهل الحديث وغيرهم: السنة عبارة عما سَلِمَ من الشبهات في الاعتقادات خاصة في مسائل الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وكذلك في مسائل القدر وفضائل الصحابة، وصنَّفوا في هذا العلم باسم السنة؛ لأن خطره عظيم والمخالف فيه على شفا هلكة”([9]).

والسنة التي ذكرناها هنا هي في اصطلاح علماء العقيدة، أما السنة في اصطلاح المحدثين والفقهاء والأصوليين فتختلف كما هو معلوم، فالسنة عند الأصوليين: أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته([10])، وعند الفقهاء: تقابِل الواجب والفرضَ، وهي مرادفة للمستحب والمندوب، ويقال في تعريفها: ما أثيب فاعله ولا يعاقب تاركه([11])، وعند المحدثين: كل ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خِلقية أو خُلُقية([12]).

الجماعة لغة:

الجماعة في اللغة مأخوذة من مادة (ج م ع)، وهي تدل على تضامّ الشيء، يقول ابن فارس: “الجيم والميم والعين أصل واحد يدلّ على تضامّ الشيء. يقال: جمعت الشيء جمعا”([13]).

فالجمع: ضمُّ الشيء المتفرق بعضه إلى بعض ليكون شيئًا واحدًا، ومنه سمّي المسجد الجامع بالجامع لأنه يجمع الناس، وكذلك الأمر الجامع لأنه يجمع الناس([14]).

الجماعة اصطلاحا:

ذكر العلماء عددًا من المعاني للجماعة، وترجع إلى أمرين مهمين، وهما:

الأمر الأول: التمسك بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

ونجد أن السلف قد عبّروا عن هذا المعنى كثيرا، فتارة يعبرون عن الجماعة بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم([15])، وتارة يعبرون عن الجماعة بالإجماع([16])، وتارة يعبرون عنها بأنها الفرقة الناجية التي ورد وصفها في الأحاديث، وأنها التي على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه. وخلاصة هذه الأقوال كلها: أن الجماعة: موافقة سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه الصحابة الكرام من علم وفهم لهذا الدين.

الأمر الثاني: الاجتماع على إمام بالمعروف.

فمنهج أهل السنة والجماعة هو الاجتماع على ولي الأمر وطاعته بالمعروف وإنكار الخروج عليه، فيسمّون بالجماعة لأنهم حققوا الاجتماع على الإمام ولم يشذّوا عنه، وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم المجتمِعين على إمام بالجماعة فقال: «إِنَّهُ سَتَكُونُ هَنَاتٌ وَهَنَاتٌ، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهِيَ جَمِيعٌ فَاضْرِبُوهُ بِالسَّيْفِ، كَائِنًا مَنْ كان»([17])، وفي رواية: «سَتَكُونُ هَنَاتٌ وَهَنَاتٌ، فَمَنْ رَأَيْتُمُوهُ يَمْشِي إِلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ‌لِيُفَرِّقَ ‌جَمَاعَتَهُمْ فَاقْتُلُوهُ»([18])، ويصدق على هذا قول من قال من السلف بأن الجماعة هم السواد الأعظم من المسلمين([19])، فإنهم مجتمعون على إمام ولا يرون الخروج، وهم في الأصل على سنة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

ويظهر من هذا أن مدار الوصف بالجماعة قائم على اتباع السنة وموافقة ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام في السلوك والاعتقاد والأخلاق، وملازمة جماعة المسلمين على إمام وطاعته بالمعروف.

وقد ذكر الشاطبي خمسة معانٍ للجماعة، وهي:

  1. السواد الأعظم من أهل الإسلام.
  2. جماعة أئمة العلماء المجتهدين.
  3. جماعة الصحابة على الخصوص.
  4. جماعة أهل الإسلام، إذا أجمعوا على أمر فواجب على غيرهم من أهل الملل اتباعهم.
  5. جماعة المسلمين إذا اجتمعوا على أمير([20]).

وقال: “وحاصله أن الجماعة راجعة إلى الاجتماع على الإمام الموافق للكتاب والسنة، وذلك ظاهر في أن الاجتماع على غير سنة خارج عن معنى الجماعة المذكورة في الأحاديث المذكورة كالخوارج ومن جرى مجراهم”([21]).

لقب أهل السنة والجماعة:

يمكن أن يقال في تعريف أهل السنة والجماعة بأنهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم بإحسان في مصادر التلقي عندهم ومنهجهم في الدين عامة وفي أمور العقيدة خاصة.

فكل من التزم السنة المحضة التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم وتمسَّك بمنهج الصحابة الكرام وبمصادرهم في التلقي ولم يخالفهم فهو من أهل السنة والجماعة، وكل من خرج عن أصل من أصولهم وخالف منهجهم أو خالف مصادرهم في التلقي فقد خرج في ذلك الأصل عن أهل السنة والجماعة.

المعنى العام والمعنى الخاص لأهل السنة والجماعة:

لقب أهل السنة يطلق عند أئمة أهل السنة والجماعة إطلاقًا عامًّا وإطلاقًا خاصًّا، فالإطلاق الخاص لأهل السنة والجماعة هو ما تقدّم شرحه في تعريف اللقب، فالمراد منه: أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم بإحسان في مصادر التلقي عندهم ومنهجهم في الدين عامة وفي أمور العقيدة خاصة.

وعلى هذا المعنى الخاص يخرج كل طوائف المبتدعة كالخوارج والمعتزلة والجهمية والأشاعرة والمرجئة وغيرهم.

أما الإطلاق العام فيطلق أهل السنة والجماعة على كل من أقر بخلافة الخلفاء الأربعة: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين، فهو إطلاق مقابل الرافضة والشيعة بالخصوص، يقول أبو حنيفة (ت: 150هـ): ” الجماعة أن تفضّل أبا بكر وعمر وعليا وعثمان، ولا تنتقص أحدًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تكفر الناس بالذنوب، وتصلي على من يقول: لا إله إلا الله، وخلف من قال: لا إله إلا الله، وتمسح على الخفين وتفوّض الأمر إلى الله”([22]).

ويقول ابن تيمية (ت: 728هـ) وهو يبيّن الإطلاقين: “فلفظ أهل السنة يراد به من أثبت خلافة الخلفاء الثلاثة، فيدخل في ذلك جميع الطوائف إلا الرافضة، وقد يراد به أهل الحديث والسنة المحضة، فلا يدخل فيه إلا من يثبت الصفات لله تعالى، ويقول: إن القرآن غير مخلوق، وإن الله يُرى في الآخرة، ويثبت القدر، وغير ذلك من الأصول المعروفة عند أهل الحديث والسنة”([23]).

نشأة لقب أهل السنة والجماعة:

المراد ببيان النشأة هو نشأة اللقب أو المصطلح، وليس نشأة أهل السنة والجماعة إذ إنهم امتداد طبيعي لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، يقول ابن تيمية: “ومذهب أهل السنة والجماعة مذهب قديم معروف قبل أن يخلق الله أبا حنيفة ومالكا والشافعي وأحمد، فإنه مذهب الصحابة الذين تلقوه عن نبيهم، ومن خالف ذلك كان مبتدعًا عند أهل السنة والجماعة”([24])، ويقول: “وطريقتهم هي دين الإسلام الذي بعث الله به محمدا صلى الله عليه وسلم، لكن لما أخبر النبي أن أمته ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة -وهي الجماعة، وفي حديث عنه أنه قال: «هم من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي»– صار المتمسكون بالإسلام المحض الخالص عن الشوب هم أهل السنة والجماعة”([25]).

أما عن نشأة المصطلح فإن لفظ السنة والجماعة كان متداوَلا بعد منتصف القرن الأول من الهجرة، وكان مقابل المبتدعة، وقد ورد المصطلح بهذا المعنى عند عدد من السلف، يقول أبو شامة المقدسي: “وحيث جاء الأمر بلزوم الجماعة فالمراد به لزوم الحق واتباعه وإن كان المتمسك بالحق قليلا والمخالف كثيرا؛ لأن الحق الذي كانت عليه الجماعة الأولى من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، ولا نظر إلى كثرة أهل الباطل بعدهم. قال عمر بن ميمون الأودي: صحبت معاذا باليمن فما فارقته حتى واريته بالتراب بالشام، ثم صحبت بعده أفقه الناس عبد الله بن مسعود فسمعته يقول: عليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة. ثم سمعته يوما من الأيام وهو يقول: سيولّى عليكم ولاة يؤخّرون الصلاة عن مواقيتها، فصلوا الصلاة لميقاتها فهي الفريضة، وصل معهم فإنها لك نافلة، قال: قلت: يا أصحاب محمد، ما أدري ما تحدثون! قال: وما ذاك؟ قلت: تأمرني بالجماعة وتحضني عليها ثم تقول لي: صلِّ الصلاة وحدك وهي الفريضة، وصلِّ مع الجماعة وهي نافلة؟! قال: يا عمرو بن ميمون، قد كنت أظنك من أفقه أهل هذه القرية، تدري ما الجماعة؟ قلت: لا، قال: إن جمهور الناس فارقوا الجماعة، وإن الجماعة ما وافق الحق وإن كنت وحدك”([26]).

وقال عمر بن عبد العزيز (ت: 101هـ): “سنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر من بعده سننا، الأخذ بها تصديق لكتاب الله، واستكمال لطاعة الله، وقوة على دين الله، ومن عمل بها مهتد، ومن استنصر بها منصور، ومن خالفها اتبع غير سبيل المؤمنين، وولاه الله ما تولى”([27]).

وسئل الإمام مالك (ت: 179هـ) عن أهل السنة: من هم؟ قال: “أهل السنة الذين ليس لهم لقب يعرفون به؛ لا جهمي ولا قدري ولا رافضي”([28]).

وقال أحمد بن حنبل: “أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والاقتداء بهم، وترك البدع، وكل بدعة فهي ضلالة، وترك الخصومات في الدين، والسنة تفسر القرآن وهي دلائل القرآن، وليس في السنة قياس ولا تضرب لها الأمثال، ولا تدرك بالعقول ولا الأهواء؛ إنما هو الاتباع وترك الهوى، ومن السنة اللازمة التي من ترك منها خصلة لم يقبلها ويؤمن بها لم يكن من أهلها: الإيمان بالقدر خيره وشره والتصديق بالأحاديث فيه والإيمان بها، لا يقال: لم؟ ولا كيف؟ إنما هو التصديق والإيمان بها، ومن لم يعرف تفسير الحديث ويبلغه عقله فقد كفي ذلك وأحكم له، فعليه الإيمان به والتسليم مثل حديث الصادق المصدوق، ومثل ما كان مثله في القدر ومثل أحاديث الرؤية كلها وإن نبت عن الأسماع واستوحش منها المستمع، وإنما عليه الإيمان بها وأن لا يردّ منها حرفًا واحدًا، وغيرها من الأحاديث المأثورات عن الثقات، وأن لا يخاصم أحدا ولا يناظره، ولا يتعلم الجدال، فإن الكلام في القدر والرؤية والقرآن وغيرها من السنن مكروه ومنهي عنه، لا يكون صاحبه وإن أصاب بكلامه السنة من أهل السنة حتى يدع الجدال ويؤمن بالآثار”([29]).

وقال اللالكائي: “ثم كل من اعتقد مذهبا فإلى صاحب مقالته التي أحدثها ينسب، وإلى رأيه يستند، إلا أصحاب الحديث، فإن صاحب مقالتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهم إليه ينتسبون، وإلى علمه يستندون، وبه يستدلون، وإليه يفزعون، وبرأيه يقتدون، وبذلك يفتخرون، وعلى أعداء سنته بقربهم منه يصولون، فمن يوازيهم في شرف الذكر ويباهيهم في ساحة الفخر وعلو الاسم؟!”([30]).

    وقال السجزي (ت: 444هـ): “اعلموا -رحمكم الله- أنّ السنة في لسان العرب هي: الطريقة، فقولنا: سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني: طريقته وما دعا إلى التمسك به، ولا خلاف بين العقلاء في أن سنّة الرسول عليه السلام لا تعلم بالعقل وإنما تعلم بالنقل.

فأهل السنة: هم الثابتون على اعتقاد ما نقله إليهم السلف الصالح رحمهم الله عن الرسول صلى الله عليه وسلم أو عن أصحابه رضي الله عنهم فيما لم يثبت فيه نص في الكتاب ولا عن الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم رضي الله عنهم أئمة، وقد أمرنا باقتداء آثارهم واتباع سنّتهم، وهذا أظهر من أن يحتاج فيه إلى إقامة برهان”([31]).

وقال الإسفراييني (ت: 471هـ) وهو يذكر نجاة أهل السنة والجماعة: “اعلم أن الذي تحقق لهم هذه الصفة أمور:

منها قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [آل عمران: 31]، والمحبة من الله تعالى في متابعة الرسول سبب محبة الرب للعبد، فكل من كان متابعته للرسول صلى الله عليه وسلم أبلغَ وأتمّ كانت المحبة له من الله أكمل وأتم، وليس في فِرَقِ الأمة أكثر متابعة لأخبار الرسول صلى الله عليه وسلم وأكثر تبعًا لسنَّته من هؤلاء؛ ولهذا سموا: أصحاب الحديث، وسموا بأهل السنة والجماعة.

ومنها: أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم لما سُئل عن الفرقة الناجية قال: «ما أنا عليه وأصحابي»، وهذه الصفة تقررت لأهل السنة لأنهم ينقلون الأخبار والآثار عن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم، ولا يدخل في تلك الجملة من يطعن في الصحابة من الخوارج والروافض، ولا من قال من القدرية: إنَّ شهادة اثنين من أهل صفين غير مقبولة على باقة بقل، ومن ردهم وطعن فيهم لا يكون متابعًا لهم ولا ملابسًا بسيرتهم.

ومنها: ما جاء في رواية أخرى أنَّه صلى الله عليه وسلم سُئل عن الفرقة الناجية فقال: «الجماعة»، وهذه صفة مختصة بنا؛ لأنَّ جميع الخاص والعام من أهل الفرق المختلفة يسمونهم: أهل السنة والجماعة، وكيف يتناول هذا الاسم الخوارج وهم لا يرون الجماعة، والروافض وهم لا يرون الجماعة، والمعتزلة وهم لا يرون صحة الإجماع؟! وكيف تليق بهم هذه الصفة التي ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم؟!

ومنها: أنهم يستعملون في الأدلة الشرعية كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة والقياس، ويجمعون بين جميعها في فروع الشريعة، ويحتجون بجميعها، وما من فريق من فرق مخالفيهم إلا وهم يردون شيئًا من هذه الأدلة، فبان أنَّهم أهل النجاة باستعمالهم جميع أصول الشريعة دون تعطيل شيء منها.

ومنها: أنَّ أهل السنة مجتمعون فيما بينهم لا يكفر بعضهم بعضا، وليس بينهم خلاف يوجب التبرِّي والتفكير، فهم إذًا أهل الجماعة قائمون بالحق، والله تعالى يحفظ الحق وأهله كما قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9]، قال المفسرون: أراد به الحفظ عن التناقض، وما من فريق من فرق المخالفين إلا وفيما بينهم تكفيرٌ وتبرٍّ، يكفِّر بعضهم بعضا كما ذكرنا من الخوارج والروافض والقدرية حتى اجتمع سبعة منهم في مجلس واحد فافترقوا عن تكفير بعضهم بعضًا، وكانوا بمنزلة اليهود والنصارى حين كفّر بعضهم بعضا، حتى قالت اليهود: ليست النصارى على شيء، وقالت النصارى: ليست اليهود على شيء، وقال الله سبحانه وتعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: 82].

ومنها: أن فتاوى الأمة تدور على أهل السنة والجماعة فريقي الرأي والحديث، ومعظم الأئمة ينتحلون مذهبهم ويجتمعون على طريقهم، وهو الغالب على بلاد المسلمين، فهم إذا أهل الجماعة من سائر الوجوه، وكلهم متفقون على رد مذهب الروافض والخوارج والقدرية من أهل الأهواء والبدع.

ومنها: أن عبد الله بن عمر رضي الله عنه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير قوله سبحانه وتعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران: 106]: «إن الذين تبيض وجوههم هم الجماعة، والذين تسود وجوههم هم أهل الأهواء»، وأهل الأهواء هم الذين لا يتابعون الكتاب ولا السنة.

ومنه: قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} [الأنعام: 159]، فتبين أن الذين فارقوا دينهم أو فرّقوا دينهم هم ليسوا على طريق الحق، وجميع من ذكرناهم من فرق المخالفين يفرقون فيما بينهم كما وصفناه من اختلافهم، فبان به أنهم مفارقون للدين، وأهل السنة والجماعة متمسكون به بعروة الإسلام وحبل الدين، مجتمعون في أصولهم غير متفرقين، فكانوا هم أهل النجاة دون من خالفهم في هذه الصفة”([32]).

وأما ابن تيمية رحمه الله فهو من أكثر من تكلّم عن مفهوم أهل السنة والجماعة وحرر المصطلح، قال: “لما أخبر النبي أن أمته ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة -وهي الجماعة، وفي حديث عنه أنه قال: «هم من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي»- صار المتمسكون بالإسلام المحض الخالص عن الشوب: هم أهل السنة والجماعة؛ وفيهم الصديقون والشهداء والصالحون، ومنهم أعلام الهدى ومصابيح الدجى، أولو المناقب المأثورة والفضائل المذكورة”([33]).

ويقول: “ومذهب أهل السنة والجماعة مذهب قديم معروف قبل أن يخلق الله أبا حنيفة ومالكا والشافعي وأحمد، فإنه مذهب الصحابة الذين تلقوه عن نبيهم، ومن خالف ذلك كان مبتدعًا عند أهل السنة والجماعة، فإنهم متفقون على أن إجماع الصحابة حجة، ومتنازعون في إجماع من بعدهم”([34]).

ويقول: “ثم من طريقة أهل السنة والجماعة: اتباع آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم باطنا وظاهرا، واتباع سبيل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، واتباع وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة»([35])، ويعلمون أن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، ويؤثرون كلام الله على كلام غيره من كلام أصناف الناس، ويقدّمون هدي محمد صلى الله عليه وسلم على هدي كل أحد، وبهذا سُمُّوا: أهل الكتاب والسنة، وسُمّوا: أهل الجماعة؛ لأن الجماعة هي الاجتماع وضدها الفرقة، وإن كان لفظ الجماعة قد صار اسما لنفس القوم المجتمعين، والإجماع هو الأصل الثالث الذي يعتمد عليه في العلم والدين. وهم يزِنُون بهذه الأصول الثلاثة جميعَ ما عليه الناس من أقوال وأعمال باطنة أو ظاهرة مما له تعلق بالدين”([36]).

سبب التسمية بأهل السنة والجماعة:

حينما افترقت الفرق انتسبت كل فرقة إلى شخص كالأشاعرة والكلابية والماتريدية، أو وصف كالخوارج والمعتزلة، وقد سمي أهل السنة والجماعة بهذا الاسم لأنهم لم ينتسبوا إلى شخص بعينه، وإنما انتسبوا إلى السنة.

وسبب التسمية بأهل السنة أمور:

1- أنهم انتسبوا إلى سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم، وأخذوا بها، واتبعوها، وكذا التزموا بفهم السلف الصالح لهذه السنة، فسموا لذلك أهل سنة، وقد سئل الإمام مالك عن أهل السنة: من هم؟ قال: “أهل السنة الذين ليس لهم لقب يعرفون به، لا جهمي ولا قدري ولا رافضي”([37]).

وسئل أيضا عن أهل السنة، فقال: “هي ما لا اسم له غير السنة”، وتلا: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153]([38]).

ويقول ابن تيمية في وصفهم: “متمسّكون بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما اتفق عليه السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان”([39]).

ويقول الذهبي (ت: 748هـ): “وإنما سمّوا أهل السنة لاتباعهم سنته صلى الله عليه وسلم”([40]).

2- أنهم أحبّوا النبي صلى الله عليه وسلم، وكانوا أكثر الأمة متابعة لأخبار النبي صلى الله عليه وسلم، يقول أبو المظفر الإسفراييني (ت: 471هـ): “اعلم أن الذي تحقّق لهم هذه الصفة أمور، منها قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: 31]، والمحبة من الله تعالى في متابعة الرسول سبب محبة الرب للعبد، فكل من كان متابعته للرسول صلى الله عليه وسلم أبلغ وأتم كانت المحبة له من الله أكملَ وأتمَّ، وليس في فرق الأمة أكثر متابعة لأخبار الرسول صلى الله عليه وسلم وأكثر تبعا لسنته من هؤلاء؛ ولهذا سموا: أصحاب الحديث، وسموا بأهل السنة والجماعة”([41]).

أما سبب التسمية بالجماعة:

1- فلأنهم اجتمعوا على الحق والأخذ بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وجماعة المسلمين من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ممن اقتفى أثرهم واتبعوا نهجهم.

2- أنهم اجتمعوا على من وُلِّي عليهم ولم يشقّوا عصا الطاعة، فمن أصولهم: طاعة من ولاه الله بالمعروف، وفي هذا المعنى ما رواه الطبري: “قال عمرو بن حريث لسعيد بن زيد: أشهدت وفاه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، قال: فمتى بويع أبو بكر؟ قال: يوم مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، كرهوا أن يبقوا بعض يوم وليسوا في جماعة”([42]).

3- أنهم أهل السواد الأعظم، يقول أبو المظفر الإسفراييني وهو يبين سبب التسمية بأهل السنة والجماعة: “ومنها أن فتاوى الأمة تدور على أهل السنة والجماعة فريقي الرأي والحديث، ومعظم الأئمة ينتحلون مذهبهم ويجتمعون على طريقهم، وهو الغالب على بلاد المسلمين، فهم إذا أهل الجماعة من سائر الوجوه”([43]).

4- ورد هذا اللفظ في إحدى روايات حديث الافتراق، فعن عوف بن مالك الأشجعي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، واحدة في الجنة وسبعون في النار، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، فإحدى وسبعون في النار وواحدة في الجنة، والذي نفسي بيده لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، فواحدة في الجنة واثنتان وسبعون في النار»، قيل: يا رسول الله، من هم؟ قال: «هم الجماعة»([44]).

يقول أبو المظفر الإسفراييني وهو يعدد أسباب التسمية بأهل السنة والجماعة: “ومنها: ما جاء في رواية أخرى أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن الفرقة الناجية فقال: «الجماعة» وهذه صفة مختصة بنا؛ لأن جميع الخاص والعام من أهل الفرق المختلفة يسمونهم أهل السنة والجماعة، وكيف يتناول هذا الاسم الخوارج وهم لا يرون الجماعة، والروافض وهم لا يرون الجماعة، والمعتزلة وهم لا يرون صحة الإجماع؟!”([45]).

وبذلك يتضح أن مصطلح “أهل السنة والجماعة” ليس مجرد تسمية تاريخية، بل هو عنوان لمنهج عقدي متكامل يجسِّد الامتثال للكتاب والسنة وفق فهم السلف الصالح، وقد مرّ هذا المصطلح بتطوّر دلالي عبر العصور، حيث تبلور مع ظهور الفرق المخالفة لمنهج الصحابة والتابعين، مما استدعى تمييز أهل الحق بهذا اللقب الجامع.

وأخيرًا، فإن الحاجة إلى التأصيل لمفهوم أهل السنة والجماعة تبقى ضرورية في العصر الحاضر، خاصة مع تعدّد الفرق والمذاهب المعاصرة التي قد تلبّس على الناس الحق بالباطل، ويمكن ذلك من خلال تتبع المفهوم تاريخيا، ومعرفة الخصائص التي تتنزّل على أصحاب هذا المصطلح.

وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) الورقة من جزأين، ينظر الرابطين:

https://salafcenter.org/7624/

أهل السنة والجماعة وضابط الـمُفَارِق لهم قراءة في فقه الخلاف العقدي (الجزء الأول)

([2]) مقاييس اللغة (3/ 60-61).

([3]) تفسير النسفي (1/ 350).

([4]) أخرجه مسلم (1017).

([5]) لسان العرب (13/ 225).

([6]) أخرجه البخاري (5063)، ومسلم (1401)

([7]) أخرجه البخاري (951) واللفظ له، ومسلم (1961).

([8]) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (1/ 176).

([9]) كشف الكربة في وصف أهل الغربة (ص: 319-320).

([10]) ينظر: الإحكام في أصول الأحكام للآمدي (1/ 169).

([11]) ينظر: شرح مختصر الروضة (1/ 353).

([12]) ينظر: الديباج المذهب في مصطلح الحديث (ص: 28)، وشرح نخبة الفكر للقاري (ص: 156).

([13]) مقاييس اللغة (1/ 479). وينظر: لسان العرب (8/ 53)، وتاج العروس (20/ 451).

([14]) ينظر: المحكم والمحيط الأعظم (1/ 347).

([15]) قال به عمر بن عبدالعزيز والبربهاري. ينظر: الاعتصام للشاطبي (3/ 213)، وشرح السنة للبربهاري (ص: 35-36).

([16]) ينظر: الاعتصام للشاطبي (3/ 214).

([17]) أخرج مسلم (1852).

([18]) أخرج الطبراني في الأوسط (٣٧٤٩).

([19]) قال بهذا القول: أبو مسعود الأنصاري وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما. ينظر: الاعتصام للشاطبي (3/ 209-210).

([20]) الاعتصام للشاطبي (3/ 209-217).

([21]) الاعتصام للشاطبي (3/ 216).

([22]) ينظر: الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء (ص: 163-164).

([23]) منهاج السنة النبوية (2/ 221).

([24]) منهاج السنة النبوية (2/ 601).

([25]) مجموع الفتاوى (3/ 159).

([26]) الباعث على إنكار البدع والحوادث (ص: 22).

([27]) ينظر: السنة لأبي بكر بن الخلال (4/ 127).

([28]) ينظر: الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء (ص: 35).

([29]) أصول السنة (ص: 14-21).

([30]) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (1/ 24).

([31]) رسالة السجزي إلى أهل زبيد في الرد على من أنكر الحرف والصوت (ص: 143-144).

([32]) التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين (ص: 185-187).

([33]) مجموع الفتاوى (3/ 159).

([34]) منهاج السنة النبوية (2/ 601).

([35]) أخرجه أبو داود (4607)، والترمذي (2676)، وابن ماجه (42)، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (937).

([36]) مجموع الفتاوى (3/ 157).

([37]) ينظر: الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء لابن عبد البر (ص: 35).

([38]) ينظر: الاعتصام للشاطبي (1/ 84).

([39]) مجموع الفتاوى (3/ 375).

([40]) المنتقى من منهاج الاعتدال (ص: 189).

([41]) التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين (ص: 185).

([42]) تاريخ الطبري (3/ 207).

([43]) التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين (ص: 186).

([44]) أخرجه ابن أبي عاصم في السنة (63)، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (1492).

([45]) التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين (ص: 185-186).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد سلف

مصطلح أهل السنة والجماعة.. دلالته وتاريخه

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: مصطلح “أهل السنة والجماعة” من المصطلحات الكبرى التي حظِيت بعنايةِ العلماء عبر العصور؛ نظرًا لأهميته في تحديد منهج أهل الحق الذين ساروا على طريق النبي ﷺ وأصحابه، وابتعدوا عن الأهواء والبدع، ويُعدّ هذا المصطلح من أوسع المصطلحات التي استُخدمت في التاريخ الإسلامي، حيث لم يكن مجردَ توصيف عام، […]

نزعة الشّكّ في العقيدة .. بين النّقد والهدم

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقدمة: إنَّ العقيدة هي الركيزة الأساسية التي يقوم عليها الإيمان، وهي أصل العلوم وأشرفها، إذ تتعلق بالله سبحانه وتعالى وأسمائه وصفاته، وبالإيمان برسله وكتبه، وباليوم الآخر وما أعدَّ الله فيه من ثواب وعقاب. فهي من الثوابت الراسخة التي لا تقبل الجدل ولا المساومة، إذ بها تتحقق الغاية العظمى من […]

السلفية في المغرب.. أصول ومعالم (من خلال مجلة “دعوة الحق” المغربية)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مدخل: مجلة “دعوة الحق” مجلة شهرية مغربية، تعنى بالدراسات الإسلامية وبشؤون الثقافة والفكر، أسست سنة 1957م، من إصدار وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وهي مجلة رافقت بناء الدولة المغربية بعد الاستقلال، واجتمعت فيها أقلام مختلفة التخصصات، من المشرق والمغرب، وكانت “الحركة السلفية” و”العقيدة السلفية” و”المنهج السلفي” جزءا مهمًّا من مضامين […]

قطعية تحريم الخمر في الإسلام

شبهة حول تحريم الخمر: لم يزل سُكْرُ الفكرة بأحدهم حتى ادَّعى عدمَ وجود دليل قاطع على حرمة الخمر، وتلمَّس لقوله مستساغًا في ظلمة من الباطل بعد أن عميت عليه الأنباء، فقال: إن الخمر غير محرم بنص القرآن؛ لأن القرآن لم يذكره في المحرمات في قوله تعلاى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ […]

السَّلَف والحجاج العَقلِيّ .. الإمام الدارمي أنموذجًا

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقدمة: من الحقائق العلمية التي تجلَّت مع قيام النهضة العلمية لأئمة السلف في القرنين الثاني والثالث وما بعدها تكامل المنهج العلمي والمعرفي في الدين الإسلامي؛ فالإسلام دينٌ متكاملٌ في مبانيه ومعانيه ومعارفه ومصادره؛ وهو قائم على التكامل بين المصادر المعرفية وما تنتجه من علوم، سواء الغيبيات والماورائيات أو الحسيات […]

ذلك ومن يعظم شعائر الله .. إطلالة على تعظيم السلف لشعائر الحج

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقدمة: لا جرم أن الحج مدرسة من أعظم المدارس أثرا على المرء المسلم وعلى حياته كلها، سواء في الفكر أو السلوك أو العبادات، وسواء في أعمال القلوب أو أعمال الجوارح؛ فإن الحاج في هذه الأيام المعدودات لو حجَّ كما أراد الله وعرف مقاصد الحج من تعظيم الله وتعظيم شعائره […]

‏‏ترجمة الشيخ الداعية سعد بن عبد الله بن ناصر البريك رحمه الله

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة اسمه ونسبه: هو الشيخ سعد بن عبد الله بن ناصر البريك. مولده: ولد الشيخ رحمه الله في مدينة الرياض يوم الاثنين الرابع عشر من شهر رمضان عام واحد وثمانين وثلاثمائة وألف للهجرة النبوية 14/ 9/ 1381هـ الموافق 19 فبراير 1962م. نشأته العلمية: نشأ رحمه الله نشأته الأولى في مدينة […]

تسييس الحج

  منذ أن رفعَ إبراهيمُ عليه السلام القواعدَ من البيت وإسماعيلُ وأفئدة الناس تهوي إليه، وقد جعله الله مثابةً للناس وأمنا، أي: مصيرًا يرجعون إليه، ويأمنون فيه، فعظَّمه الناسُ، وعظَّموا من عظَّمه وأقام بجواره، وظل المشركون يعتبرون القائمين على الحرم من خيارهم، فيضعون عندهم سيوفهم، ولا يطلب أحد منهم ثأره فيهم ولا عندهم ولو كان […]

البدع العقدية والعملية حول الكعبة المشرفة ..تحليل عقائدي وتاريخي

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة تُعدُّ الكعبةُ المشرّفة أقدسَ بقاع الأرض، ومهوى أفئدة المسلمين، حيث ارتبطت ارتباطًا وثيقًا بعقيدة التوحيد منذ أن رفع قواعدها نبي الله إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام، تحقيقًا لأمر الله، وإقامةً للعبادة الخالصة. وقد حظيت بمكانةٍ عظيمة في الإسلام، حيث جعلها الله قبلةً للمسلمين، فتتوجه إليها وجوههم في الصلاة، […]

الصد عن أبواب الرؤوف الرحيم

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: من أهمّ خصائص الدين الإسلامي أنه يؤسّس أقوم علاقة بين الإنسان وبين إلهه وخالقه سبحانه وتعالى، وإبعاد كلّ ما يشوب هذه العلاقة من المنغّصات والمكدرات والخوادش؛ حيث تقوم هذه العلاقة على التوحيد والإيمان والتكامل بين المحبة والخوف والرجاء؛ ولا علاقة أرقى ولا أشرف ولا أسعد للإنسان منها ولا […]

إطلاقات أئمة الدعوة.. قراءة تأصيلية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدمة: يقتضي البحث العلمي الرصين -لا سيما في مسائل الدين والعقيدة- إعمالَ أدوات منهجية دقيقة، تمنع التسرع في إطلاق الأحكام، وتُجنّب الباحثَ الوقوعَ في الخلط بين المواقف والعبارات، خاصة حين تكون صادرة عن أئمة مجدِّدين لهم أثر في الواقع العلمي والدعوي. ومن أبرز تلك الأدوات المنهجية: فهم الإطلاق […]

التوحيد في موطأ الإمام مالك

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: يختزن موطأ الإمام مالك رضي الله عنه كنوزًا من المعارف والحكمة في العلم والعمل، ففيه تفسيرٌ لآيات من كتاب الله تعالى، وسرد للحديث وتأويله، وجمع بين مختلفه وظاهر متعارضه، وعرض لأسباب وروده، ورواية للآثار، وتحقيق للمفاهيم، وشرح للغريب، وتنبيه على الإجماع، واستعمال للقياس، وفنون من الجدل وآدابه، وتنبيهات […]

مناقشة دعوى مخالفة حديث: «لن يُفلِح قومٌ ولَّوا أمرهم امرأة» للواقع

مقدمة: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وآله وصحبه أجمعين، أمّا بعد: تُثار بين حين وآخر بعض الإشكالات على بعض الأحاديث النبوية، وقد كتبنا في مركز سلف ضمن سلسلة –دفع الشبهة الغويّة عن أحاديث خير البريّة– جملةً من البحوث والمقالات متعلقة بدفع الشبهات، ونبحث اليوم بعض الإشكالات المتعلقة بحديث: «لن يُفلِحَ قومٌ وَلَّوْا […]

ترجمة الشيخ أ. د. أحمد بن علي سير مباركي (1368-1446هـ/ 1949-2025م)(1)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة اسمه ونسبه: هو الشَّيخ الأستاذ الدكتور أحمد بن علي بن أحمد سير مباركي. مولده: كان مسقط رأسه في جنوب المملكة العربية السعودية، وتحديدًا بقرية المنصورة التابعة لمحافظة صامطة، وهي إحدى محافظات منطقة جازان، وذلك عام 1365هـ([2]). نشأته العلمية: نشأ الشيخ نشأتَه الأولى في مدينة جيزان في مسقط رأسه قرية […]

(الاستواء معلوم والكيف مجهول) نصٌ في المسألة، وعبث العابثين لا يلغي النصوص

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. فقد طُبِع مؤخرًا كتاب كُتِبَ على غلافه: (الاستواء معلوم والكيف مجهول: تقرير لتفويض المعنى لا لإثباته عند أكثر من تسعين إمامًا مخالفين لابن تيمية: فكيف تم تحريف دلالتها؟). وعند مطالعة هذا الكتاب تعجب من مؤلفه […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017