قاعدة: القول في بعض صفات الله تعالى كالقول في بعضها الآخر “شرح وتحليل”
للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد؛ فإن من محاسن منهج السلف الكرام – رضي الله عنهم – أنهم بنوا عقيدتهم على قواعد راسخة، وأسس ثابتة، لا تنخرم ولا تتخلف، بخلاف طرائق الخلف المبتدعة؛ ذلك أنهم تحصَّنوا بالكتاب العزيز والسنة المطهرة، وابتعدوا عن مسالك المتكلمين والفلاسفة، فكان مذهب السلف أعلم وأحكم وأسلم من مذهب الخلف، فسلموا في الدنيا وغنموا في الآخرة.
وقد اتفق الصحابة – رضي الله عنهم – جميعًا على هذا المنهج في باب صفات الله تعالى وأسمائه وأفعاله، ولم يُنقل عنهم خلاف في هذا الباب.
يقول الإمام ابن القيم (ت: 751 ه): “قد تنازع الصحابة في كثير من مسائل الأحكام، وهم سادات المؤمنين وأكمل الأمة إيمانًا، ولكن – بحمد الله – لم يتنازعوا في مسألة واحدة من مسائل الأسماء والصفات والأفعال، بل كلهم على إثبات ما نطق به الكتاب والسنة كلمة واحدة، من أولهم إلى آخرهم، لم يَسوموها تأويلًا، ولم يُحرفوها عن مواضعها تبديلًا، ولم يُبدوا لشيء منها إبطالًا، ولا ضربوا لها أمثالًا، ولم يدفعوا في صدورها وأعجازها، ولم يقل أحد منهم يجب صرفها عن حقائقها وحملها على مجازها، بل تلقَّوها بالقبول والتسليم، وقابلوها بالإيمان والتعظيم، وجعلوا الأمر فيها كلها أمرًا واحدًا، وأجروها على سَنن واحد، ولم يفعلوا كما فعل أهل الأهواء والبدع حيث جعلوها عِضين، وأقروا ببعضها وأنكروا بعضها من غير فرقان مبين، مع أن اللازم لهم فيما أنكروه كاللازم فيما أقروا به وأثبتوه”([1]).
وفي هذه الورقة العلمية نعرض لواحدة من قواعد أهل السنة والجماعة، وهي قاعدة جامعة مانعة في إثبات صفات الله تعالى، وهي: “القول في بعض صفات الله تعالى، كالقول في بعضها الآخر”.
أهمية القاعدة:
ترجع أهمية هذه القاعدة إلى أنها تنسج الكلام في صفات الله تعالى نسجًا واحدًا لا يختلف، وتجمعه منظومًا في مساق واحد لا يختل، وفي ذلك فائدتان هامتان:
الأولى: الهداية إلى الحق؛ إذ الأصل في توحيد الصفات: أن يوصف الله تعالى بما وصف به نفسه سبحانه، وبما وصفته به رسله صلوات الله وسلامه عليهم، نفيًا وإثباتًا.
وطريقة السلف هي أقوم الطرق في جانبي الإثبات والنفي:
ففي جانب الإثبات: يثبتون لله تعالى ما أثبته لنفسه من الصفات، من غير تكييف ولا تمثيل، ومن غير تحريف ولا تعطيل؛ امتثالًا لقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]، وقوله سبحانه: {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} [طه: 110].
وفي جانب النفي: ينفون عنه سبحانه ما نفاه عن نفسه، من غير إلحاد، لا في أسمائه ولا في آياته؛ امتثالًا لقوله تعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأعراف: 180]، وقوله سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَن يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [فصلت: 40].
الفائدة الثانية: العصمة من الزلل ومن الوقوع في الباطل، كما هو حال كثير ممن خاض في هذا الباب بغير هدى من الله تعالى؛ لذا كانت هذه القاعدة من أقوى ما يرد به على نفاة الصفات جميعها: كالمعتزلة والجهمية، ومن أحكم ما يرد به على نفاة بعض الصفات: كالأشاعرة والماتريدية، من أجل ذلك جعلها شيخ الإسلام ابن تيمية الأصل الأول الذي بنى عليه جوابه لمن سأله أن يجمع له مضمون القول في التوحيد والصفات، وفي الشرع والقدر؛ فيقول رحمه الله: “ويتبين هذا بأصلين شريفين، ومثلين مضروبين – ولله المثل الأعلى -، وبخاتمة جامعة؛ فأما الأصلان:
فأحدهما أن يقال: “القول في بعض الصفات كالقول في بعض”([2]).
ولعظم مكانة هذه القاعدة كانت محل اتفاق بين علماء أهل السنة والجماعة قاطبة، ولم يخالف في اعتبارها وتقريرها أحد منهم على تباعد أقطارهم، وتفرق أزمانهم.
أقوال العلماء في تقرير القاعدة:
قد اتفق أهل السنة والجماعة كافة على القول بهذه القاعدة والعمل بها، ولهم في ذلك صيغ وألفاظ مختلفة، والقول بأن شيخ الإسلام ابن تيمية هو المنشئ لهذه القاعدة، والمبتدئ لها، قول غير صحيح، وإن كان – رحمه الله – قد شرحها وبيَّنها أحسن بيان؛ وتأكيدًا لهذا أنتقي جملة صالحة من أقوال علماء أهل السنة والجماعة في تقرير تلك القاعدة، مرتبة على سني وفاة أصحابها:
- قول الإمام أبي حنيفة (ت: 150 ه):
“وله يد ووجه ونفس كما ذكره الله تعالى في القرآن، فما ذكره الله تعالى في القرآن من ذكر الوجه واليد والنفس، فهو له صفات بلا كيف، ولا يقال: إن يده قدرته أو نعمته؛ لأن فيه إبطال الصفة، وهو قول أهل القدر والاعتزال، ولكن يده صفته بلا كيف، وغضبه ورضاه صفتان من صفات الله تعالى بلا كيف“([3]).
ويقول أيضًا: “وصفاته كلها بخلاف صفات المخلوقين، يعلم لا كعلمنا، ويقدر لا كقدرتنا، ويرى لا كرؤيتنا…”([4]).
- قول إسحاق بن راهويه (ت: 238 ه):
“من وصف الله فشبه صفاته بصفات أحد من خلق الله فهو كافر بالله العظيم؛ لأنه وصف بصفاته إنما هو استسلام لأمر الله ولما سنَّ الرسول“([5]).
- قول أبي الحسن عبد العزيز الكناني المكي (ت: 240 ه):
“لا يكون الكلام إلا من متكلم، كما لا تكون الإرادة إلا من مريد، ولا العلم إلا من عالم، ولا القدرة إلا من قادر، ولا رئي ولا يرى كلام قط قائم بنفسه يتكلم بذاته، وهذا ما لا يعقل ولا يعرف، ولا يثبت في نظر ولا قياس، ولا غير ذلك، فلما استحال من هذه الجهات أن يكون مخلوقًا، ثبت أنه صفة لله عز وجل، وصفات الله عز وجل كلها غير مخلوقة“([6]).
- قول إمام أهل السنة والجماعة أحمد بن حنبل (ت: 241 ه):
“…فكذلك الله – وله المثل الأعلى – بجميع صفاته إله واحد“([7]).
- قول ابن قتيبة (ت: 276 ه):
“والذي عندي – والله تعالى أعلم – أن الصورة ليست بأعجب من اليدين، والأصابع، والعين، وإنما وقع الإلف لتلك، لمجيئها في القرآن، ووقعت الوحشة من هذه؛ لأنها لم تأت في القرآن، ونحن نؤمن بالجميع، ولا نقول في شيء منه بكيفية ولا حد“([8]).
- قول عثمان بن سعيد الدارمي (ت: 280 ه):
“فهذا الناطق من قول الله – عز وجل – وذاك المحفوظ من قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بأخبار ليس عليها غبار، فإن كنتم من عباد الله المؤمنين؛ لزمكم الإيمان بها كما آمن بها المؤمنون، وإلا فصرحوا بما تضمرون، ودعوا هذه الأغلوطات التي تلوون بها ألسنتكم، فلئن كان أهل الجهل في شك من أمركم، إن أهل العلم من أمركم لعلى يقين”([9]) .
- قول ابن جرير الطبري (ت: 310 ه):
“فنثبت كل هذه المعاني [يعني: الصفات لله تعالى] التي ذكرنا أنها جاءت بها الأخبار والكتاب والتنزيل على ما يعقل من حقيقة الإثبات، وننفي عنه التشبيه”([10]).
- قول أبي جعفر الطحاوي الحنفي (ت: 321 ه):
“إذ كان تأويل الرؤية وتأويل كل معنى يضاف إلى الربوبية بترك التأويل ولزوم التسليم، وعليه دين المسلمين، ومن لم يتوق النفي والتشبيه زل ولم يصب التنزيه، فإن ربنا جل وعلا موصوف بصفات الوحدانية، منعوت بنعوت الفردانية ليس في معناه أحد من البرية”([11]).
- قول أبي محمد الحسن بن علي البربهاري (ت: 329 ه):
“واعلم – رحمك الله – أن الكلام في الرب محدث، وهو بدعة وضلالة، ولا يتكلم في الرب إلا بما وصف به نفسه في القرآن، وما بيَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه“([12]).
- قول أبي بكر الإسماعيلي الجرجاني (ت: 371 ه):
“ويعتقدون – يعني: أهل السنة والجماعة – أن الله تعالى مدعو بأسمائه الحسنى، وموصوف بصفاته التي سمى ووصف بها نفسه، ووصفه بها نبيه صلى الله عليه وسلم“([13]).
- قول أبي حفص عمر بن شاهين (ت: 385 ه):
“وأشهد أن جميع الصفات التي وصف بها الله عز وجل في القرآن حق، سميع بصير بلا حد محدود، ولا مثال مضروب، جل عن أن يضرب له الأمثال”([14]).
- قول أبي عبد الله بن بَطَّة العُكْبَريُّ الحنبلي (ت: 387 ه):
“من علامات المؤمنين أن يصفوا الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، مما نقلته العلماء، ورواه الثقات من أهل النقل، الذين هم الحجة فيما رووه من الحلال والحرام والسنن والآثار، ولا يقال فيما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف؟ ولا لم؟ بل يتبعون ولا يبتدعون، ويسلمون، ولا يعارضون، ويتيقنون ولا يشكون ولا يرتابون”([15]).
- قول ابن أبي زَمَنِين المالكي (ت: 399 ه):
“فهذه صفات ربنا التي وصف بها نفسه في كتابه، ووصفه بها نبيه صلى الله عليه وسلم، وليس في شيء منها تحديد ولا تشبيه ولا تقدير، فسبحان من ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، لم تره العيون فتحده كيف هو كَينُونيته، لكن رأته القلوب في حقائق الإيمان به”([16]).
- قول أبي نصر السِّجزي الحنفي (ت: 444 ه):
“إن القول بما في الأحاديث الثابتة [يعني: أحاديث الصفات] مما أمر الله سبحانه بقبوله“([17]).
- قول أبي عثمان الصابوني (ت: 449 ه):
“وكذلك يقولون [أي: أصحاب الحديث] في جميع الصفات التي نزل بذكرها القرآن، ووردت بها الأخبار الصحاح، من السمع والبصر، والعين والوجه، والعلم والقوة والقدرة، والعزة والعظمة، والإرادة والمشيئة، والقول والكلام، والرضا والسخط، والحياة واليقظة، والفرح والضحك، وغيرها، من غير تشبيه لشيء من ذلك بصفات المربوبين المخلوقين، بل ينتهون فيها إلى ما قاله الله تعالى، وقاله رسوله – صلى الله عليه وسلم -، من غير زيادة عليه ولا إضافة إليه، ولا تكييف له ولا تشبيه، ولا تحريف ولا تبديل ولا تغيير، ولا إزالة للفظ الخبر عمَّا تعرفه العرب وتضعه عليه، بتأويل منكر يُستنكر، ويجرونه على الظاهر، ويكلون علمه إلى الله تعالى، ويقرون بأن تأويله لا يعلمه إلا الله”([18]).
- قول أبي محمد عبد الغني المقدسي الحنبلي (ت: 600 ه):
“فآمنوا بما قال الله سبحانه في كتابه، وصحَّ عن نبيه، وأمَرّوه كما ورد من غير تعرض لكيفية، أو اعتقاد شبهة أو مثلية، أو تأويل يؤدي إلى التعطيل، ووسعتهم السنة المحمدية، والطريقة المرضية، ولم يتعدوها إلى البدعة المردية الرَّدِيّة، فحازوا بذلك الرتبة السنية، والمنزلة العلية”([19]).
ولو ذهبنا نستقصي جميع ما كتبه علماء أهل السنة والجماعة تأييدًا لهذه القاعدة، لطال بنا المقام، ولخرجنا عن المقصود، وحسبنا من القلادة ما أحاط بالعنق.
إقرار أكابر الأشاعرة وغيرهم بالقاعدة:
نظرًا لشهرة هذه القاعدة وقوة دلالتها فقد أقرَّ بدلالتها بعض أكابر علماء الأشاعرة وغيرهم:
- يقول القاضي أبو بكر الباقلاني المالكي (ت: 403 ه) – الذي ليس في المتكلمين الأشعرية أفضل منه مطلقًا، كذا قال الذهبي([20]) – في كتاب “الذب عن أبي الحسن الأشعري”: “كذلك قولنا في جميع المروي عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في صفات الله، إذا صح من إثبات اليدين والوجه والعينين، ونقول: إنه يأتي يوم القيامة في ظلل من الغمام، وأنه ينزل إلى السماء الدنيا، كما في الحديث وأنه مستو على عرشه”([21]).
- ويقول أبو الفتح الشهرستاني (ت: 548 ه): “اعلم أن جماعة كثيرة([22]) من السلف كانوا يثبتون لله تعالى صفات أزلية من العلم، والقدرة، والحياة، والإرادة والسمع، والبصر، والكلام، والجلال، والإكرام، والجود، والإنعام، والعزة، والعظمة، ولا يفرقون بين صفات الذات وصفات الفعل، بل يسوقون الكلام سوقًا واحدًا، وكذلك يثبتون صفات خبرية مثل اليدين، والوجه ولا يؤولون ذلك، إلا أنهم يقولون: هذه الصفات قد وردت في الشرع، فنسميها صفات خبرية”([23]).
- ويقول أبو الحسن الآمدي (ت: 631 ه): “ثم إن العقل السليم يقضى بوهاء قول من فسَّر السمع والبصر بنفي الآفة، دون العلم والقدرة وغيرها من الصفات، مع أنه لو سئل عن الفرق لم يجد عنه مخلصًا، بل كل ما تخيل من منع تفسير العلم والقدرة بانتفاء الآفة، فهو بعينه في الإدراك حجة لنا”([24]).
شرح القاعدة والرد على المخالفين:
فيما يأتي عرضٌ لشرح هذه القاعدة شرحًا يبين مقصودها، ويبرز فوائدها، ثم يليه الرد على المخالفين من نفاة صفات الله تعالى جميعًا، أو نفاة بعضها.
أولًا: شرح القاعدة:
معنى صفات الله تعالى: هي نعوت الكمال القائمة بالذات: كالعلم والحكمة والسمع والبصر([25]).
أسماء الله تعالى تتضمن صفات له سبحانه: فأسماء الله تعالى هي كل ما دلَّ على ذات الله مع صفات الكمال القائمة به: مثل القادر، العليم، الحكيم، السميع، البصير، فإن هذه الأسماء دلت على ذات الله، وعلى ما قام بها من العلم والحكمة والسمع والبصر([26]).
أقسام صفات الله تعالى:
تنقسم صفات الله تعالى من حيث الإثبات والنفي إلى قسمين([27]):
أولهما: الصفات الثبوتية: وهي كل صفة أثبتها الله تعالى لنفسه في كتابه، أو على لسان رسوله – صلى الله عليه وسلم -، وكلها صفات كمال لا نقص فيها بوجه من الوجوه: كالحياة، والعلم، والقدرة، والاستواء على العرش، والنزول إلى السماء الدنيا، والوجه، واليدين، ونحو ذلك، فيجب إثباتها لله تعالى حقيقة على الوجه اللائق به سبحانه.
ثانيهما: الصفات السلبية: وهي ما نفاها الله سبحانه عن نفسه في كتابه، أو على لسان رسوله – صلى الله عليه وسلم -، وكلها صفات نقص في حقه: كالموت، والنوم، والجهل، والنسيان، والعجز، والتعب، فيجب نفيها عن الله تعالى، مع إثبات ضدها على الوجه الأكمل؛ وذلك لأن ما نفاه الله تعالى عن نفسه يُراد به بيان انتفائه لثبوت كمال ضده، لا لمجرد نفيه؛ لأن النفي ليس بكمال إلا أن يتضمن ما يدل على الكمال.
ثم إن الصفات الثبوتية تنقسم إلى قسمين([28]):
أولهما: الصفات الذاتية: وهي التي لم يزل سبحانه ولا يزال متصفًا بها: كالعلم والقدرة والسمع والبصر والعزة والحكمة والعلو والعظمة، ومنها الصفات الخبرية: كالوجه واليدين والعينين.
وثانيهما: الصفات الفعلية: وهي التي تتعلق بمشيئته سبحانه، إن شاء فعلها، وإن شاء لم يفعلها: كالاستواء على العرش، والنزول إلى السماء الدنيا.
وقد تكون الصفة ذاتية فعلية باعتبارين كالكلام، فإنه باعتبار أصله صفة ذاتية؛ لأن الله تعالى لم يزل ولا يزال متكلمًا، وباعتبار آحاد الكلام صفة فعلية؛ لأن الكلام يتعلق بمشيئته، يتكلم متى شاء بما شاء، كما في قوله تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: 82]، وكل صفة تعلقت بمشيئته تعالى فإنها تابعة لحكمته.
المعنى الإجمالي للقاعدة: أنه لا فرق في إثبات صفات الله تعالى؛ إذ الأصل في إثباتها هو الكتاب والسنة، فما أثبته الله تعالى في كتابه وصفًا له سبحانه أثبتناه، وكذا ما أثبته له رسوله – صلى الله عليه وسلم -.
وعليه فإن أهل السنة والجماعة يسوقون الكلام في صفات الله تعالى سوقًا واحدًا، فلا يفرقون بين إثبات صفة السمع والبصر لله تعالى؛ بقوله سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11].
وبين إثبات صفة النزول لله تعالى – نزولًا يليق بجلاله – إلى السماء الدنيا؛ بقوله صلى الله عليه وسلم: “يَنْزِلُ رَبُّنَا، تَبَارَكَ وَتَعَالَى، كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا. حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ، فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟”([29]).
وبين إثبات صفة الضحك لله تعالى مثلًا – على الوجه اللائق به سبحانه – بقوله صلى الله عليه وسلم: «يَضْحَكُ اللهُ إِلَى رَجُلَيْنِ، يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ كِلَاهُمَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ»، فَقَالُوا: كَيْفَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «يُقَاتِلُ هَذَا فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيُسْتَشْهَدُ، ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ عَلَى الْقَاتِلِ، فَيُسْلِمُ، فَيُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيُسْتَشْهَدُ»([30]).
إذ جميعها ثابته لله تعالى، إما بالكتاب، وإما بالسنة الصحيحة، ولا يصلح الاحتجاج بأن الصفات لا تثبت بخبر الآحاد([31]).
ضابط ما يصلح أن يكون صفة لله تعالى وما لا يصلح:
ليس كل ما يضاف إلى الله تعالى يصلح أن يكون صفة له سبحانه؛ فإن المضاف إلى الله تعالى: إما أن يكون صفة لم تقم بمخلوق، أو يكون عينًا قائمة بنفسها؛ ويبين شيخ الإسلام ابن تيمية هذا بقوله: “والمضاف إلى الله إن كان صفة لم تقم بمخلوق: كالعلم والقدرة والكلام والحياة، كان صفة له.
وإن كان عينًا قائمة بنفسها أو صفة لغيره: كالبيت والناقة والعبد والروح، كان مخلوقًا مملوكا مضافًا إلى خالقه ومالكه، ولكن الإضافة تقتضي اختصاص المضاف بصفات تميز بها عن غيره، حتى استحق الإضافة، كما اختصت الكعبة والناقة والعباد الصالحون، بأن يقال فيهم: (بيت الله)، و(ناقة الله)، و(عباد الله)، كذلك اختصت الروح المصطفاة بأن يقال لها روح الله”([32]).
ثانيًا: الرد على المخالفين:
تكاثرت الفرق المبتدعة المخالفة لهذه القاعدة، ويجمعها ثلاث فرق من حيث الجملة:
الفرقة الأولى: المعتزلة – نفاة الصفات لله تعالى دون الأسماء.
الفرقة الثانية: الجهمية الباطنية والفلاسفة – نفاة الصفات والأسماء جميعًا.
الفرقة الثالثة: الأشاعرة – نفاة بعض الصفات.
الرد على الفرقة الأولى: المعتزلة([33]):
شبهتهم: إن كان المخاطب ممن ينكر الصفات، ويقر بالأسماء: كالمعتزلي، الذي يقول: إن الله تعالى حيٌّ عليم قدير، وينكر أن يتصف بالحياة والعلم والقدرة.
يرد على المعتزلي: بأن يقال له: لا فرق بين إثبات الأسماء وبين إثبات الصفات، وبيان ذلك:
شبهة: إن قال المعتزلي: إثبات الحياة والعلم والقدرة يقتضي تشبيهًا وتجسيمًا؛ محتجًّا بأنّا لا نجد في الشاهد متصفًا بالصفات إلا ما هو جسم.
يرد عليها فيقال له: وكذلك لا تجد في الشاهد ما هو مسمى بأنه حي عليم قدير إلا ما هو جسم؛ فإن نفيت ما نفيت لكونك لم تجده في الشاهد إلا لجسم، فانفِ الأسماء، بل وكلَّ شيء؛ لأنك لا تجده في الشاهد إلا لجسم.
وضابط ذلك: أن كل ما يحتج به من نفى الصفات، يحتج به نافي الأسماء الحسنى، فما كان جوابًا لذلك كان جوابًا لمثبتي الصفات.
الرد على الفرقة الثانية: الجهمية الباطنية والفلاسفة([34]):
شبهتهم: وإن كان المخاطب من الغلاة، نفاة الأسماء والصفات، وقال: لا أقول هو موجود، ولا حي ولا عليم ولا قدير، بل هذه الأسماء لمخلوقاته، أو هي مجاز؛ لأن إثبات ذلك يستلزم التشبيه بالموجود الحي العليم القدير.
يرد عليها فيقال له: وكذلك إذا قلتَ: ليس بموجود ولا حي ولا عليم ولا قدير، كان ذلك تشبيهًا بالمعدومات، وذلك أقبح من التشبيه بالموجودات.
شبهة: فإن قال الجهمي: أنا أنفي النفي والإثبات.
يرد عليها فيقال له: فيلزمك التشبيه بما اجتمع فيه النقيضان من الممتنعات؛ فإنه يمتنع أن يكون الشيء موجودًا معدومًا، أو لا موجودًا ولا معدومًا.
ويمتنع أن يوصف باجتماع الوجود والعدم، والحياة والموت، والعلم والجهل، أو يوصف بنفي الوجود والعدم، ونفي الحياة والموت، ونفي العلم والجهل.
شبهة: فإن قال الجهمي: إنما يمتنع نفي النقيضين عمَّا يكون قابلًا لهما، وهذان يتقابلان تقابل العدم والمـَلَكَة، لا تقابل السلب والإيجاب، فإن الجدار لا يقال له: أعمى ولا بصير، ولا حي ولا ميت، إذ ليس بقابل لهما.
يرد على تلك الشبهة من وجوه:
أولًا: هذا لا يصح في الوجود والعدم، فإنهما متقابلان تقابل السلب والإيجاب، باتفاق العقلاء، فيلزم من رفع أحدهما ثبوت الآخر.
وأما ما ذكره الجهمي من امتناع أو يوصف باجتماع الحياة والموت، والعلم والجهل، فهذا اصطلاح اصطلحت عليه المتفلسفة المشاؤون، والاصطلاحات اللفظية ليست دليلًا على نفي الحقائق العقلية([35])؛ وقد قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (20) أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} [النحل: 20، 21]، فسمَّى الجماد ميتًا، وهذا مشهور في لغة العرب وغيرهم.
ثانيًا: ما لا يقبل الاتصاف بالحياة والموت والعمى والبصر، ونحو ذلك من المتقابلات، أنقص مما يقبل ذلك، فالأعمى الذي يقبل الاتصاف بالبصر أكمل من الجماد الذي لا يقبل واحدًا منهما.
فيقال للجهمي: أنت فررت من تشبيهه بالحيوانات القابلة لصفات الكمال، ووصفته بصفات الجمادات التي لا تقبل ذلك.
وأيضًا: فما لا يقبل الوجود والعدم أعظم امتناعًا من القابل للوجود والعدم، بل ومن اجتماع الوجود والعدم، ونفيهما جميعًا، فما نفاه الجهمي قبول الوجود والعدم كان أعظم امتناعًا مما نفى عنه الوجود والعدم، وإذا كان هذا ممتنعًا في صرائح العقول فذلك أعظم امتناعًا، فجعل الجهمي الوجود الواجب الذي لا يقبل العدم هو أعظم الممتنعات، وهذا غاية التناقض والفساد.
وهؤلاء الباطنية منهم من يصرح برفع النقيضين: الوجود والعدم، ورفعهما كجمعهما، ومنهم من يقول: لا أثبت واحدًا منهما، وامتناعه عن إثبات أحدهما في نفس الأمر لا يمنع تحقق واحد منهما في نفس الأمر، وإنما هو كجهل الجاهل، وسكوت الساكت، الذي لا يعبِّر عن الحقائق.
وإذا كان ما لا يقبل الوجود ولا العدم أعظم امتناعًا ممّا يُقدَّر قبوله لهما – مع نفيهما عنه – فما يُقدَّر لا يقبل الحياة ولا الموت، ولا العلم ولا الجهل، ولا القدرة ولا العجز، ولا الكلام ولا الخرس، ولا العمى ولا البصر، ولا السمع ولا الصمم، أقرب إلى المعدوم، والممتنع مما يُقدَّر قابلًا لهما مع نفيهما عنه.
وحينئذٍ فنفيهما مع كونه قابلًا لهما أقرب إلى الوجود والممكن، وما جاز لواجب الوجود قابلًا، وجب له؛ لعدم توقف صفاته على غيره، فإذا جاز القبول وجب، وإذا جاز وجود المقبول وجب.
ثالثًا: اتفاق المسمَّيَين في بعض الأسماء والصفات ليس هو التشبيه والتمثيل، الذي نفته الأدلة السمعيات والعقليات، وإنما نفت ما يستلزم اشتراكهما فيما يختص به الخالق، مما يختص بوجوبه أو جوازه أو امتناعه، فلا يجوز أن يَشركه فيه مخلوق، ولا يُشركه مخلوق في شيء من خصائصه سبحانه وتعالى.
وأما ما نفاه الجهمي فهو ثابت بالشرع والعقل، وتسمية الجهمي ذلك تشبيهًا وتجسيمًا تمويه على الجهال، الذين يظنون أن كل معنى سماه مسمٍّ بهذا الاسم يجب نفيه.
ولو ساغ هذا: لكان كل مبطل يسمِّي الحق بأسماء ينفر عنها بعض الناس؛ ليُكذِّب الناس بالحق المعلوم بالسمع والعقل.
وبهذه الطريقة أفسدت الملاحدة على طوائف من الناس عقولهم ودينهم، حتى أخرجوهم إلى أعظم الكفر والجهالة، وأبلغ الغي والضلالة.
شبهة التركيب: وإن قال نفاة الصفات: إثبات العلم والقدرة والإرادة يستلزم تعدد الصفات، وهذا تركيب ممتنع.
يرد عليها فيقال لهم: وإذا قلتم: هو موجود واجب، وعقل وعاقل ومعقول، وعاشق ومعشوق، ولذيذ وملتذ ولذة، أفليس المفهوم من هذا هو المفهوم من هذا؟!
فهذه معان متعددة متغايرة في العقل وهذا تركيب عندكم، وأنتم تثبتونه وتسمونه توحيدًا.
شبهة: فإن قالوا: هذا توحيد في الحقيقة، وليس هذا تركيبًا ممتنعًا.
يرد عليها فيقال لهم: واتصاف الذات بالصفات اللازمة لها توحيد في الحقيقة، وليس هو تركيبًا ممتنعًا.
وذلك أنه من المعلوم بصريح المعقول أنه ليس معنى كون الشيء عالمـًا هو معنى كونه قادرًا، ولا نفس ذاته هو نفس كونه عالـمًا قادرًا، فمن جوَّز أن تكون هذه الصفة هي الأخرى، وأن تكون الصفة هي الموصوف فهو من أعظم الناس سفسطة.
ثم إنه متناقض، فإنه إن جوّز ذلك جاز أن يكون وجود هذا هو وجود هذا، فيكون الوجود واحدًا بالعين لا بالنوع، وحينئذٍ فإذا كان وجود الممكن هو وجود الواجب، كان وجود كل مخلوق – يُعدم بعد وجوده، ويوجد بعد عدمه – هو نفس وجود الحق القديم الدائم الباقي، الذي لا يقبل العدم.
وإذا قدّر هذا، كان الوجود الواجب موصوفًا بكل تشبيه وتجسيم، وكل نقص وكل عيب، كما يصرح بذلك أهل وحدة الوجود، الذين طردوا هذا الأصل الفاسد، وحينئذٍ فتكون أقوال نفاة الصفات باطلة على كل تقدير.
ضابط مستخلص مما سلف: وهذا باب مطرد؛ فإن كل واحد من النفاة لِما أخبر به الرسول – صلى الله عليه وسلم – من الصفات، لا ينفي شيئًا – فرارًا مما هو محذور – إلا وقد أثبت ما يلزمه فيه نظير ما فرَّ منه([36]).
فلا بدّ له في آخر الأمر من أن يثبت موجودًا واجبًا قديمًا متصفًا بصفات تميزه عن غيره، ولا يكون فيها مماثلًا لخلقه، فيقال له: وهكذا القول في جميع الصفات، وكل ما نثبته من الأسماء والصفات فلا بدّ أن يدل على قدر مشترك تتواطأ فيه المسمّيات، ولولا ذلك لما فُهم الخطاب، ولكن نعلم أن ما اختص الله به، وامتاز عن خلقه أعظم مما يخطر بالبال أو يدور في الخيال.
الرد على الفرقة الثالثة: الأشاعرة([37]):
شبهتهم: فإن كان المخاطب – من الأشاعرة – ممن يقرّ بأن الله حي بحياة، عليم بعلم، قدير بقدرة، سميع بسمع، بصير ببصر، متكلم بكلام، مريد بإرادة، ويجعل ذلك كله حقيقة، وينازع في محبته ورضاه وغضبه وكراهيته، فيجعل ذلك مجازًا، ويفسره إما بالإرادة، وإما ببعض المخلوقات من النعم والعقوبات.
يرد عليها فيقال له: لا فرق بين ما نفيتَه وبين ما أثبتَّه، بل القول في أحدهما كالقول في الآخر.
فإن قال: إن إرادته سبحانه مثل إرادة المخلوقين، فكذلك محبته ورضاه وغضبه، وهذا هو التمثيل.
وإن قال: له إرادة تليق به، كما أن للمخلوق إرادة تليق به.
قيل لك: وكذلك له محبة تليق به، وللمخلوق محبة تليق به، وله رضا وغضب يليق به، وللمخلوق رضا وغضب يليق به.
وإن قال: الغضب غليان دم القلب لطلب الانتقام.
قيل له: والإرادة ميل النفس إلى جلب منفعة أو دفع مضرة.
فإن قال: هذه إرادة المخلوق.
قيل له: وهذا غضب المخلوق.
وكذلك يُلْزَم الأشعري بالقول في كلامه وسمعه وبصره وعلمه وقدرته؛ إن نفى عنه الغضب والمحبة والرضا ونحو ذلك ما هو من خصائص المخلوقين، فهذا منتف عن السمع والبصر والكلام وجميع الصفات.
وإن قال: إنه لا حقيقة لهذا إلا ما يختص بالمخلوقين فيجب نفيه عنه.
قيل له: وهكذا السمع والبصر والكلام والعلم والقدرة.
وبالجملة: فإن هذا المـُفرِّق بين بعض الصفات وبعض، يقال له فيما نفاه كما يقوله هو لمنازعه فيما أثبته، فإذا قال المعتزلي: ليس له إرادة ولا كلام قائم به؛ لأن هذه الصفات لا تقوم إلا بالمخلوقات، فإنه يُبَيِّن للمعتزلي أن هذه الصفات يتصف بها القديم، ولا تكون كصفات المحدثات، فهكذا يقول له المثبتون لسائر الصفات من المحبة والرضا ونحو ذلك.
جواب آخر([38]): هذا الكلام لازم لهم في العقليات، وفي تأويل السمعيات؛ فإن من أثبت شيئًا، ونفى شيئًا بالعقل، إذا ألزم فيما نفاه من الصفات التي جاء بها الكتاب والسنة نظير ما يلزمه فيما أثبته، وطولب بالفرق بين المحذور في هذا وهذا لم يجد بينهما فرقًا.
ولهذا لا يوجد لنفاة بعض الصفات دون بعض – الذين يوجبون فيما نفوه إما التفويض، وإما التأويل المخالف لمقتضى اللفظ – قانون مستقيم.
فإذا قيل لهم: لِمَ تأولتم هذا وأقررتم هذا، والسؤال فيهما واحد؟! لم يكن لهم جواب صحيح، فهذا تناقضهم في النفي.
وكذلك تناقضهم في الإثبات؛ فإن من تأوّل النصوص على معنى من المعاني التي يثبتها، فإنهم إذا صرفوا النص عن المعنى الذي هو مقتضاه إلى معنى آخر، لزمهم في المعنى المصروف إليه ما كان يلزمهم في المعنى المصروف عنه.
فإذا قال قائل: تأويل محبته ورضاه وغضبه وسخطه هو إرادته للثواب والعقاب، كان ما يلزمه في الإرادة نظير ما يلزمه في الحب والمقت والرضا والسخط.
ولو فسَّر ذلك بمفعولاته – وهو ما يخلقه من الثواب والعقاب – فإنّه يلزمه في ذلك نظير ما فرّ منه، فإن الفعل المعقول لا بدّ أن يقوم أولًا بالفاعل، والثواب والعقاب المفعول إنما يكون على فعل ما يحبه ويرضاه، ويسخطه ويبغضه، المثيب المعاقب.
فهم – أي: الأشاعرة – إن أثبتوا الفعل على مثل الوجه المعقول في الشاهد للعبد مثّلوا، وإن أثبتوه على خلاف ذلك فكذلك سائر الصفات.
شبهة الاحتجاج بإثبات العقل لهذه الصفات([39]):
فإن قال الأشعري: تلك الصفات أثبتها بالعقل؛ لأن الفعل الحادث دل على القدرة، والتخصيص دل على الإرادة، والإحكام دل على العلم، وهذه الصفات مستلزمة للحياة، والحي لا يخلو عن السمع والبصر والكلام أو ضد ذلك.
يجاب عن هذه الشبهة بجوابين:
أحدهما: أن يقال: عدم الدليل المعيَّن لا يستلزم عدم المدلول المعيَّن، فهب أن ما سلكته من الدليل العقلي لا يثبت ذلك، فإنه لا ينفيه، وليس لك أن تنفيه بغير دليل؛ لأن النافي عليه الدليل، كما على المثبت.
والسمع قد دل عليه – يعني: على إثبات الصفات التي نفاه الأشعري – ولم يعارِض ذلك معارضٌ عقلي ولا سمعي، فيجب إثبات ما أثبته الدليل السالمُ عن المعارِض المقاوم.
الثاني: أن يقال: يمكن إثبات هذه الصفات بنظير ما أثبتَّ به تلك من العقليات، فيقال: نفع العباد بالإحسان إليهم يدل على الرحمة، كدلالة التخصيص على المشيئة، وإكرام الطائعين يدل على محبتهم، وعقاب الكفار يدل على بغضهم، كما قد ثبت بالشاهد والخبر من إكرام أوليائه وعقاب أعدائه.
والغايات المحمودة في مفعولاته سبحانه ومأموراته – وهي ما تنتهي إليه مفعولاته ومأموراته من العواقب الحميدة – تدل على حكمته البالغة، كما يدل التخصيص على المشيئة وأَوْلَى؛ لقوة العلة الغائية، ولهذا كان ما في القرآن من بيان ما في مخلوقاته من النعم والحكم أعظم مما في القرآن من بيان ما فيها من الدلالة على محض المشيئة.
خلاصة ما سبق في نقاط([40]):
- مذهب سلف الأمة وأئمتها أسعد المذاهب؛ لأنهم يصفون الله سبحانه وتعالى بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، يثبتون له الأسماء والصفات، وينفون عنه مماثلة المخلوقات، إثبات بلا تمثيل، وتنزيه بلا تعطيل.
- نفاة الأسماء من هؤلاء الغالية من الجهمية الباطنية والفلاسفة، إنما استطالوا على المعتزلة بنفي الصفات، وأخذوا لفظ التشبيه بالاشتراك والإجمال.
- كما أن المعتزلة فعلت ذلك بأهل السنة والجماعة مثبتةً الصفات.
- جعل المعتزلة إثبات الصفات من التشبيه الباطل ألزمهم نفاة الأسماء بطرد قولهم، فألزموهم نفي الأسماء الحسنى.
- والأمر بالعكس: فإن إثبات الأسماء حق، وهو يستلزم إثبات الصفات؛ فإن إثبات حي بلا حياة، وعالم بلا علم، وقادر بلا قدرة، كإثبات متحرك بلا حركة، ومتكلم بلا كلام، ومريد بلا إرادة، ومصلٍّ بلا صلاة، ونحو ذلك مما فيه إثبات اسم الفاعل ونفي مسمى المصدر اللازم لاسم الفاعل، ومن أثبت الملزوم دون اللازم كان قوله باطلًا.
- نفاة الصفات – المعتزلة – أخذوا يقولون: إثبات الصفات يقتضي التركيب والتجسيم؛ إما لكون الصفة لا تقوم إلا بجسم في اصطلاحهم، والجسم مركب في اصطلاحهم، وإما لأن إثبات العلم والقدرة ونحوهما يقتضي إثبات أمور متعددة وذلك تركيب…
- هذه الأمور ليست تركيبًا في الحقيقة، وبتقدير أن تكون تركيبًا كما يدعونه فلا دليل لهم على نفيها، بل الدليل يقتضي إثبات المعاني التي يسمونها تركيبًا…”.
أدلة القاعدة:
تكاثرت الأدلة لهذه القاعدة من الكتاب والسنة والإجماع والمعقول، ونكتفي بما يناسب المقام:
أولًا: الأدلة من الكتاب:
- قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11].
وجه الدلالة:
قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} رد على أهل التمثيل، وقوله تعالى: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} رد على أهل التعطيل([41]).
- وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا بَعِيداً} [النساء: 136].
وجه الدلالة:
الإيمان بالله يتضمن: الإيمان بصفاته، والإيمان بالكتاب الذي نزل على رسوله – صلى الله عليه وسلم – يتضمن: الإيمان بكل ما جاء فيه من صفات الله، وكون محمد – صلى الله عليه وسلم – رسوله يتضمن: الإيمان بكل ما أخبر به عن مرسله، وهو الله عز وجل([42]).
- وقوله سبحانه: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الحشر: 7]([43]).
وجه الدلالة:
دلت الآية الكريمة على وجوب قبول ما صح عن النبي – صلى الله عليه وسلم -، لا فرق في ذلك بين العقائد والأحكام([44]).
ثانيًا: الأدلة من السنة:
- عن أنَسِ بْنِ مَالِكٍ – رضي الله عنه – في حديث دخول ضِمَامِ بْنِ ثَعْلَبَةَ على النبي – صلى الله عليه وسلم -، وسؤاله له: أَسْأَلُكَ بِرَبِّكَ وَرَبِّ مَنْ قَبْلَكَ آللهُ أَرْسَلَكَ إِلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ؟ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: “اللَّهُمَّ نَعَمْ”… فَقَالَ الرَّجُلُ: آمَنْتُ بِمَا جِئْتَ بِهِ، وَأَنَا رَسُولُ مَنْ وَرَائِي مِنْ قَوْمِي، وَأَنَا ضِمَامُ بْنُ ثَعْلَبَةَ([45]).
وجه الدلالة:
دل الحديث على قبول الأخبار عن النبي – صلى الله عليه وسلم – في الاعتقاد؛ فإن ضِمامًا سأل النبي – صلى الله عليه وسلم – عن الاعتقاد([46]).
ثالثًا: الإجماع:
حكى الإجماع على الإقرار بهذه القاعدة غير واحد من أهل العلم، وأنه لا فرق بين صفة لله تعالى وأخرى من الصفات الواردة في الكتاب والسنة؛ يقول حافظ المغرب ابن عبد البر (463 ه): “أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة، والإيمان بها، وحملها على الحقيقة لا على المجاز، إلا أنهم لا يكيفون شيئًا من ذلك، ولا يحدون فيه صفة محصورة، وأما أهل البدع والجهمية والمعتزلة كلها والخوارج، فكلهم ينكرها، ولا يحمل شيئًا منها على الحقيقة، ويزعمون أن من أقر بها مشبه، وهم عند من أثبتها نافون للمعبود، والحق فيما قاله القائلون بما نطق به كتاب الله وسنة رسوله وهم أئمة الجماعة”([47]).
رابعًا: الدليل من المعقول:
فإن الله تعالى أخبر بتلك الصفات عن نفسه العلية، وهو أعلم بها من غيره، وأصدق قيلًا، وأحسن حديثًا من غيره، فوجب إثباتها له كما أخبر بها من غير تردد، فإن التردد في الخبر إنما يتأتى حين يكون الخبر صادرًا ممن يجوز عليه الجهل أو الكذب أو العيّ، بحيث لا يفصح بما يريد، وكل هذه العيوب الثلاثة ممتنعة في حق الله عز وجل، فوجب قبول خبره على ما أخبر به.
وهكذا نقول فيما أخبر به النبي – صلى الله عليه وسلم – عن الله تعالى، فإن النبي – صلى الله عليه وسلم – أعلم الناس بربه، وأصدقهم خبرًا، وأنصحهم إرادة، وأفصحهم بيانًا، فوجب قبول ما أخبر به على ما هو عليه([48]).
تطبيقات القاعدة:
لا يخفى كلية هذه القاعدة لتشمل جميع صفات الله تعالى، وفيما يأتي بعضها:
- يقول القاضي أبو بكر الباقلاني المالكي (ت 403 ه): “فإن قيل فما الدليل على أن لله وجهًا؟ قيل: قوله: ﴿ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ﴾ [الرحمن: 27]، وقوله: ﴿ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ﴾ [ص: 75]، فأثبت لنفسه وجهًا ويدًا.
فإن قيل: فما أنكرتم أن يكون وجهه ويده جارحة إذ كنتم لا تعقلون وجهًا ويدًا إلا جارحة؟
قلنا: لا يجب هذا، كما لا يجب في كل شيء كان قديمًا بذاته أن يكون جوهرًا؛ لأنا وإياكم لم نجد قديمًا بنفسه في شاهدنا إلا كذلك.
وكذلك الجواب لهم إن قالوا: فيجب أن يكون علمه وحياته وكلامه وسمعه وبصره وسائر صفات ذاته عرضًا، واعتلوا بالوجود([49]).
- وقد سئل إسحاق بن راهويه عن حديث النزول أصحيح هو؟ قال: نعم. فقال له بعض قواد عبد الله بن طاهر: يا أبا يعقوب، أتزعم أن الله ينزل كل ليلة؟ قال: نعم. قال كيف ينزل؟ فقال له إسحاق: أَثْبِته فوق حتى أصف لك النزول. فقال الرجل: أَثْبَتّه فوق. فقال إسحاق: قال الله عز وجل: ﴿ وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ﴾ [الفجر: 22] فقال الأمير عبد الله: يا أبا يعقوب، هذا يوم القيامة. فقال إسحاق: أعز الله الأمير، ومن يجيء يوم القيامة من يمنعه اليوم”([50]).
- وقال الإمام يحيى ابن أبي الخير العِمراني شيخ الشافعيين باليمن (ت: 558 ه): “ويقال للأشعري: قد أقررتَ بأن لله سمعًا وبصرًا وعلمًا وقدرة وحياة وكلامًا، لتنفي عنه ضد هذه الصفات.
فلما كان السمع الذي أثبتّه لله هو السمع المعهود في لغة العرب، وهو إدراك المسموعات، وكذلك ضده المنفي عنه هو المعهود في كلام العرب وهو الصمم، وكذلك البصر الذي أثبتَّه لله هو المعهود في كلام العرب وهو إدراك المبصرات، والعلم هو إدراك المعلومات.
وجب أن يكون الكلام لله هو الكلام المعهود في كلام العرب، وهو ما كان بحرف وصوت، كما أن ضده المنفي عنه وهو الخرس المعهود عندهم.
فأما إثبات كلام لا يفهم ولا يعلم فمحال، ولا يلزم على ما قلنا إذا أثبتنا لله كلامًا بحرف وصوت أن يثبت له آلة الكلام؛ لأنه لا يتأتى الكلام بذلك إلا من له آلة الكلام؛ لأنا قد أثبتنا نحن والأشعري لله السمع والبصر والقدرة، وإن لم نصفه بأن له آلة ذلك، وعلى أن الله سبحانه قد أخبر أن السموات والأرض ﴿ قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ﴾ [فصلت: 11]، وأخبر أن جهنم تقول: ﴿ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ﴾ [ق: 30]، وأخبر أن الجوارح تنطق يوم القيامة بالشهادة، وأخبر النبي – صلى الله عليه وسلم – أن الذراع المشوية أخبرته أنها مسمومة، وشيء من هذا كله لا يوصف بأن له آلة الكلام، فبطل قوله بذلك”([51]).
- وقال أبو القاسم التيمي الملقب بقوام السنة (ت: 535 ه): “إن جاز أن يقال إنه [تعالى] لم يتكلم بحرف وصوت؛ لأنه يؤدي إلى إثبات الأدوات، وجب ألا يثبت له العلم، لأنه لا يوجد في الشاهد علم إلا علم ضرورة أو علم استدلال، وعلم الله يخرج عن هذين القسمين”([52]).
- ويقول القاضي أبو بكر الباقلاني المالكي: فإن قيل: فهل تقولون إنه في كل مكان؟ قيل معاذ الله، بل هو مستوٍ على عرشه كما أخبر في كتابه فقال: ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾ [طه: 5] وقال: ﴿ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ ﴾ [فاطر: 10] وقال: ﴿ أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ﴾ [الملك: 16].
قال: ولو كان في كل مكان لكان في بطن الإنسان وفمه، وفي الحشوش، ولوجب أن يزيد بزيادة الأمكنة إذا خلق منها ما لم يكن، ويصح أن يرغب إليه إلى نحو الأرض، وإلى خلفنا ويميننا وشمالنا، وهذا قد أجمع المسلمون على خلافه، وتخطئة قائله…
إلى أن قال: وصفات ذاته التي لم يزل ولا يزال موصوفًا بها: الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والكلام والإرادة والوجه واليدان والعينان والغضب والرضا([53]).
- يقول ابن شيخ الحزامين الشافعي الدمشقي (ت: 711 ه): “وإذا ثبتت صفة الوجه بهذا الحديث وبغيره من الآيات والنصوص، فكذلك صفة اليدين والضحك والتعجب، ولا يفهم من جميع ذلك إلا ما يليق بالله عز وجل بعظمته، لا ما يليق بالمخلوقات من الأعضاء والجوارح، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا”([54]).
- وقال أبو جعفر ابن جرير الطبري: “وقال بعضهم: الغضب منه [أي: من الله تعالى] معنى مفهوم، كالذي يعرف من معاني الغضب، غير أنه – وإن كان كذلك من جهة الإثبات – فمخالف معناه منه معنى ما يكون من غضب الآدميين الذين يزعجهم ويحركهم ويشق عليهم ويؤذيهم؛ لأنّ الله جل ثناؤه لا تحل ذاته الآفات، ولكنه له صفة، كما العلم له صفة، والقدرة له صفة، على ما يعقل من جهة الإثبات، وإن خالفت معاني ذلك معاني علوم العباد، التي هي معارف القلوب، وقواهم التي توجد مع وجود الأفعال وتعدم مع عدمها”([55]).
ولله در خطيب أهل السنة الإمام ابن قتيبة، حيث يقول – مرغبًا في التمسك بنهج السلف ومحذرًا من التأثر بدعوات الفرق المبتدعة الرديَّة -: “ولو أردنا – رحمك الله – أن ننتقل عن أصحاب الحديث ونرغب عنهم، إلى أصحاب الكلام ونرغب فيهم، لخرجنا من اجتماع إلى تشتت، وعن نظام إلى تفرق، وعن أنس إلى وحشة، وعن اتفاق إلى اختلاف؛ لأن أصحاب الحديث كلهم مجمعون على أن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لا يكون…”.
ثم يقول: “ولو أن رجلًا قام في مجامعهم وأسواقهم، بمذاهب أصحاب الحديث التي ذكرنا إجماعهم عليها، ما كان في جميعهم لذلك منكر، ولا عنه نافر، ولو قام بشيء مما يعتقده أصحاب الكلام، مما يخالفه، ما ارتد إليه طرفه إلا مع خروج نفسه”([56]).
جعلني الله تعالى وإياكم من السعداء باتباع منهج السلف، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)
([1]) إعلام الموقعين عن رب العالمين (1/ 39).
([2]) التدمرية: تحقيق الإثبات للأسماء والصفات وحقيقة الجمع بين القدر والشرع (ص: 31).
والأصل الثاني هو: “القول في الصفات كالقول في الذات”، وقد تناولناه في مركز سلف بالبحث والمناقشة، بعنوان: “قاعدة: القول في صفات الله تعالى كالقول في الذات: دراسة وتحليل”، وهذا رابطها: https://salafcenter.org/2356/
([3]) الفقه الأكبر (ص: 27)، وقد صحح بعض العلماء نسبة هذا الكتاب لأبي حنيفة رحمه الله، ومنهم: أبو المظفر الإسفراييني في كتابه: “التبصير في الدين” (ص: 184)، وابن تيمية في كتابه: “درء تعارض العقل والنقل” (6/ 263)، وابن القيم في كتابه: “اجتماع الجيوش الإسلامية” (1/ 197)، وابن أبي العز في كتابه: “شرح العقيدة الطحاوية” (ص: 117).
([5]) ينظر: شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة لأبي القاسم اللالكائي (3/ 588).
([6]) الحيدة والاعتذار في الرد على من قال بخلق القرآن (ص: 83).
([7]) الرد على الجهمية والزنادقة (ص: 140، 141، ).
([8]) تأويل مختلف الحديث (ص: 322).
([9]) الرد على الجهمية (ص: 91).
([10]) التبصير في معالم الدين للطبري (ص: 142).
([11]) العقيدة الطحاوية (ص: 44).
([12]) شرح السنة للبربهاري (ص: 40).
([13]) اعتقاد أئمة الحديث (ص: 49- 50).
([14]) شرح مذاهب أهل السنة لابن شاهين (ص: 319).
([15]) الإبانة الكبرى لابن بطة (7/ 91).
([17]) رسالة السجزي إلى أهل زبيد في الرد على من أنكر الحرف والصوت (ص: 281).
([18]) عقيدة السلف أصحاب الحديث (ص: 165).
([19]) الاقتصاد في الاعتقاد للمقدسي (ص: 80).
([20]) في العلو للعلي الغفار (ص: 237).
([21]) ينظر: العلو للعلي الغفار للذهبي (ص: 238).
([22]) كذا قال، والصواب: أن هذا محل اتفاق بين السلف، والشهرستاني لم يكن عارفًا بمذهب السلف، كذا قاله شيخ الإسلام ابن تيمية في درء تعارض النقل والعقل (2/ 307، 9/ 67).
([24]) غاية المرام في علم الكلام للآمدي (ص: 128- 129).
([25]) فتاوى اللجنة الدائمة (3/116- فتوى رقم 8942).
([27]) ينظر: القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى للشيخ ابن عثيمين (ص: 21 وما بعدها) ببعض التصرف.
([28]) ينظر: القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى (ص: 25).
([29]) أخرجه البخاري (30)، ومسلم (758)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
([30]) أخرجه البخاري (2826)، ومسلم (1890)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
([31]) وتفصيل ذلك في ورقة علمية نشرناها على موقعنا بمركز سلف، بعنوان: “حجية خبر الآحاد في العقائد”، وهذا رابطها: https://salafcenter.org/623/
([32]) الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح (3/ 249).
([33]) ينظر: التدمرية: تحقيق الإثبات للأسماء والصفات وحقيقة الجمع بين القدر والشرع (ص: 35).
([34]) المرجع السابق (ص: 36- 43).
([35]) هذه قاعدة هامة، يجاب بها على كثير من شبهات المبتدعة.
([36]) هذا ضابط هام يرد به على نفاة الصفات كلها، أو بعضها.
([37]) المرجع السابق (ص: 31- 33).
([38]) المرجع السابق (ص: 45- 46).
([39]) المرجع السابق (ص: 33- 35).
([40]) ينظر: الصفدية لشيخ الإسلام ابن تيمية (1/ 103- 105).
([41]) ينظر: الصفدية لشيخ الإسلام ابن تيمية (1/ 104- 105).
([42]) القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى للشيخ ابن عثيمين (ص: 22).
([43]) هناك أدلة كثيرة تدل على وجوب قبول ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أوردنا كثيرا منها في الورقة العلمية المنشورة في مركزنا بعنوان: “حجية خبر الآحاد في الاعتقاد”، وهذا رابطها: https://salafcenter.org/623/
([44]) مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة (ص: 545).
([45]) رواه البخاري في صحيحه (63).
([46]) قد ذكرنا أدلة أخرى من السنة في الورقة العلمية في مركزنا بعنوان: “حجية خبر الآحاد في الاعتقاد”، فلتنظر هناك.
([47]) التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (7/ 145).
([48]) القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى للشيخ ابن عثيمين (ص: 22).
([49]) ينظر: تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل للباقلاني (ص: 298)، والعلو للذهبي (ص: 237- 238).
([50]) ينظر: عقيدة السلف أصحاب الحديث لأبي عثمان الصابوني (ص: 197- 198).
([51]) الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار (2 / 568- 569).
([52]) الحجة في بيان المحجة (1/362).
([53]) ينظر: العلو للذهبي (ص: 237- 238).