لوثيروس وابن تيمية
للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه، ومن نهج نهجه إلى يوم الدين.
أما بعد: كتب هذا الشابّ قبل مائة عام مقالتين في مجلة المقتطف المصرية باسم مستعار هو «باحث دمشقي»؛ ليُعْطينا في هذا العصر أحد الشواهد على ما كان يُعانيه المنهج السلفيّ ورموزه من الإرهاب والاضطهاد الفكريّ، وقد نشرنا سابقًا مقالَه الذي نشره في مارس 1909م الموافق للمحرم 1327هـ([1]) بعنوان: «الحشوية والوهابية»، وننشر هنا مقاله الأسبق في التاريخ وهو «لوثيروس وابن تيمية» نشره في أكتوبر 1903م الموافق لشعبان 1321هـ، أي: أنه حينما نشر مقالنا هذا كان عمره ستة عشر عامًا تقريبًا، حيث كانت ولادته رحمه الله عام 1305هـ يوافقه 1888م، وهذا ما يؤكّد لنا أنه كان أحدَ نابهي عصره الذين اخترمتهم المنون قبل أن يتمكّنوا من إثراء الفكر العربي والإسلاميّ بما هم له أهل، حيث توفي سنة 1334هـ-1916م ولم يتجاوز الثلاثين عامًا، نسأل الله تعالى أن يغفر له ويرحمه ويوسع مدخله.
ومن مظاهر نبوغه مخالفته مألوفَ عصره في الحمِيَّة للدعوة السلفية وذبِّه عنها وهو في سن اليفاعة، وبهذا الأسلوب الرصين والثقافة المميزة، والتي تدل على اطلاعه القوي على العلوم الإسلامية والثقافة الغربية في آن واحد، وأن هذا الاطلاع على ثقافة الغرب لم يُصبه بالشعور بالنقص أو ازدراء ثقافته العربية الإسلامية أمام الثقافة الغالبة ثقافةِ الغرب التي كانت لها السيادة في العالم العربي والإسلامي آنذاك.
وكان المتخلِّصون من رِبقتها من الشباب المثقّف قليلين، ومن المؤكد أنه قد ساعد الكاتبَ على ذلك تربيتُه في بيت أخيه العلامة السلفي جمال الدين القاسمي رحمه الله تعالى رحمة الأبرار؛ والشيخ جمال الدين نفسه كان ظاهرة غريبة بين شيوخ عصره الذين كان معظمهم على غير وفاق مع السلفية، إن لم نقل: على عداء معها.
موضوع المقالة:
مقارنة جزئية بين دعوة شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية المولود سنة 661هـ وتوفي سنة 728هـ وبين دعوة الراهب النصراني مارتن لوثر المولود سنة 1483م والمتوفى سنة 1546م؛ فيكون بين وفاة الرجلين أكثر بقليل من المائتي عام إذ يوافق تاريخ وفاة لوثر عام 952هـ.
والزمن الذي عاشه الكاتب رحمه الله كان زمن انبهار بكل شيء أوروبي رغم ازدهار الحركات الوطنية والقومية؛ وكان الإسلام في حالة غياب كبير عن التأثير في الساحة العلمية والثقافية، حتى إن دعوة السلطان عبد الحميد للجامعة الإسلامية التي استقطب لأجلها جمال الدين الأفغاني لم يكن لها أثر كبير بين النخب الثقافية والعلمية الذين كانوا يرون أحوال المسلمين من سطوة الخرافة والخرافيين عليهم وغلبة الجهل على أوساطهم ومدنهم وقراهم.
فكان من الأسئلة التي يطرحها الكثيرون من المثقفين: لماذا لا يوجد بين المسلمين مثل مارتن لوثر في الغرب؛ فينفي عن الإسلام الجهالة والخرافة كي يتقدَّمَ المسلمون كما تقدَّم الغرب بعد دعوة مارتن لوثر؟!
وكأن الكاتب أراد بهذا المقال أن يقول بأن هناك من قام في الإسلام بحركة تجديدية منطلقة من الكتاب والسنة قبل مارتن لوثر بمائتي عام، والإشكال ليس في كون المسلمين ليس لهم دعوات للتجديد، بل في كونهم ينسون هذه الدعوات ولا يُحافظون على آثارها، والمشكلة الأخرى: أن النُّخب المثقفة من العلمانيين واللبراليين ومن قاربهم من المنهزمين حضاريًّا يعرفون من تاريخ الغرب وحضارته أكثر مما يعرفون من تاريخ الإسلام والمسلمين.
وها هو الكاتب قد توفي منذ قرن، ولا زال كثير من المثقفين العرب يطرحون هذا السؤال: لماذا لا يوجد في المسلمين من أمثال مارتن لوثر؟!
وسوف تجد بيسرٍ مقالات عديدة في الصحافة العربية والإلكترونية ليس لها سبب إلا الجهل بالتاريخ الإسلامي أو النقمة على الإسلام الذي قام به ابن تيمية لأمر مهمّ جدًّا، وهو أن الإصلاح التيمي لا يدعو إلى الزهد في النصوص الشرعية؛ بل يدعو إلى التمسك بها والعض عليها بالنواجذ، وهذا ما لا يتلاءم مع العلمانيين العرب الذين لا زالوا يتمنّون مارتن لوثر في الإسلام.
فهذا المقال على قِدَمِ عهده لا تزال رسالته قائمةً، رحم الله كاتبه.
ولم يكن مارتن لوثر أفضل المعلمين في الديانة النصرانية ولا أقربهم إلى الحقّ، ولكن هو الأكثر حظًّا في نجاح دعوته وانتشارها، وإلا فقد جاء بعده دعاة أنكروا التثليث، لكن لم تكتب لهم الهداية إلى الإسلام رغم قربهم منه، “فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ ۖ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ۚ كَذَٰلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ” (125).
د. محمد بن إبراهيم السعدي
لوثيروس وابن تيمية
ما الحكومات وقوانينها المسطورة، ولا الملوك والقياصرة وقواهم المأثورة، ولا الفاتحون وأيامهم المشهورة، ولا المدارس والمجامع وآثارها المشكورة، ما كل هذا هو الذي كان العامل على ارتقاء الغرب والبالغ بهِ من ذُرى الحضارة إلى هذا الحدّ؛ وإنما هو نور من العلم وفيض من الذكاء أنتجا تلك السعادةَ، وولدا هذه الخوارقَ، التي ظهرت إلى اليوم، وما هي إلا جرثومة لما سيظهر في المستقبل.
فلقد عُدَّ المصلحون للعالم في القرن الماضي مثلًا بعض رجال تعبوا لراحة البشر؛ مثل ستفنسن الإنكليزي مخترع الآلات البخارية([2])، وأمبير الفرنساوي مكتشف السلك الكهربائي([3])، وفارادي([4])، وباستور([5])، ودافي([6])، وأديسون([7])، وبرتلو([8])، وأضرابهم ممن بدلوا الأرض غير الأرض([9])، وخدموا العمران بما لم يخطر في بال إنسان.
وأنى لنابليون([10]) وغاراتِه ومولتكه([11]) وكرّاتهِ وولنتون([12]) ونصراتهِ ونلسون([13]) وهجماتهِ ووشنطون([14]) وهمتهِ وغاريبالدي([15]) وقيادتهِ وبسمرك([16]) وسياستهِ وروشفور وحماستهِ أن يبلغوا في التفضّل على العالم مبلغ عالم طبيعيّ أو رياضيّ أو اجتماعي ممن استنبطوا من عالم الحيوان والنبات والجماد فائدةً تُذكر لهم بالمحمدة على المدى، ولكنَّ من ربَّى الأرواح وهيأ الملكات والكفاءات ليس في فضلهِ دون من أفاد الماديات؛ لما عُلم من أنه قلّما يعمل عملًا نافعًا في كبَرهِ من لم ينشأ على أدب النفس من صِغرهِ([17]).
إليك حال من ذكرت وعملهم بالنسبة لذاك المصلح «لوثيروس»([18]) الألماني الذي حرَّر العقول من رقِّها وخلَّص النفوس من شوائب الأوهام في صدر القرن السادس عشر، فأعدَّها للعمل بالنافع، وقد كانت معتقداتها تحول بينها وبينه. ألا ترى أنهُ أُوذي قبلهُ كثير من علماءِ الطبيعة والاجتماع، فاتُّهموا بأمانتهم، وضُربوا على أيديهم وأفواههم. وللاعتقاد تأثير كبير في النفوس لا يصلح المرءُ بعدهُ شيئًا إذا لم يُبادَر بالإصلاح، فهو بمثابة المؤثِّر وعمل الإنسان أثرهُ بل هو العين، وكل عمل الإنسان من بعض آثاره «وإذا صَلحت العين صلحت سواقيها».
دعا لوثيروس إلى حذف الزيادات من النصرانية([19])، ولم يكن أول من قام بمثل هذه الدعوة، فقد سبقهُ أُناس من أحبار الكنيسة؛ كولدوس([20]) في القرن الثاني عشر، ووكليف([21]) في القرن الرابع عشر، ويوحناهوس([22]) في القرن الخامس عشر، فباؤُوا بالخسران، ولكنّ نفسًا كبيرة بين جنبي لوثيروس حملتهُ على النهوض بما لم يتيسر لغيره من قبلهِ. والحوادث العظيمة لا تظهر في العادة إلَّا بعد إنضاجها وتهيئة أسبابها.
فاستعمل بادئ بدءٍ أسلوبًا حكيمًا في مؤلفاته، وجرى فيها على هيئة استفهامٍ وتحكيمٍ وتشكيكٍ يستميل إليه قلوب العلماءِ، فاستجاش لهُ منهم أنصارًا أكفاءً، ساعدوهُ على نشر التآليف، وإلقاءِ الخطب والمواعظ؛ مثل روشلين وهوتان، وهما الرجلان اللذان أحيَيا الآداب في ألمانيا، فنالت تآليفهما منزلة سامية من النفوس. وكان لوثيروس دونهما في طلاوة الإنشاء، مع أنه عُنِيَ بدراسة آداب لغتهِ، وأحكم اللغات العبرية واليونانية واللاتينية.
أما خصومهُ فظنوا أن هذه الجذوة منبعثة من تعلُّم الأدب؛ لأن أهل ألمانيا إذ ذاك شُغفوا بمطالعة كتب اليونان والرومان، وتوفّروا على دراسة العلوم والفنون والآداب، فسلمت أذواقهم، وحسنت أخلاقهم، وطفقوا يعملون ويفكّرون؛ ولذا تصدّوا لصد الناس عن هذا السبيل، فذهبوا إلى أن الأولى لحفظ سيادتهم: أن يحظروا تعلّم الأدب. فكان شأنهم في عملهم هذا شأن بعض الفقهاء المتأخرين في منعهم الأخذ من كل علم يجهلونهُ؛ لأنه غير موصل إلى علم الدين، ومن جهل شيئًا عاداهُ.
وساعد لوثيروس على الإسراع في بث الدعوة اختراعُ صناعةِ الطباعةِ قبل قيامهِ بخمسين سنة، فأخذت تنشر مؤلفاتهِ ومؤلفاتِ أصحابهِ بين طبقات القوم جمعاءَ. وصادف أن كانت بلاد ألمانيا آمنة من الحروب، على حين كانت تتلظّى نارُها في سائر الممالك المجاورة خصوصًا بين شارلكان ملك أسبانيا([23]) وفرنسيس الأول ملك فرنسا([24]). وقد أرعب الأولُ ممالكَ أوربا على عهده كما أذعرها نابليون بونابرت([25]) في أوائل القرن التاسع عشر.
ولم تكن بيعة([26]) رومية لتهتمّ بقيام لوثيروس لأول وهلة؛ لما لها من السطوة على أفكار الخاصة والعامة، فسرت دعوتهُ على غِرَّة منها سريان النار في الهشيم.
ولم يتظاهر بالخروج على الكنيسة الرومانية إلا بعد أن أخذت دعوتهُ مأخذًا من النفوس، وما فتئ يُسرُّ حَسوًا في ارتفاءٍ([27]) حتى اشتدّ ساعده، فحرق جهارًا في وتمبورغ([28]) مرسوم البابا ليون العاشر([29]). فعندها همَّ بقتلهِ ديوان رومية يمالئه هنري الثامن ملك إنكلترا([30]) وبعض ملوك أوربا، ولم ينالوه بأذى لأن منتخب سكسونيا كان يحبه ويعينه. ولما رأى هذا تربّصهم الدوائر بخصيصه أبقاه في قصر بقلعة ورتمبرغ نحو تسعة أشهر ضيفًا كريمَ الوفادة، توفر فيها المترجم على التأليف، وتفرغ لبث الدعوة في القاصية والدانية.
انفرجت مسافة الخُلْف بين المؤرخين بشأن لوثيروس، فأفرط فريق في القدح فيه، وفرط آخر في مدحه، والحقيقة وسط بين القولين، إلا أنه كان على جانب من التربية الصحيحة، تقشّف لأول أمره وزهد في زخارف الدنيا، واعتزل في أحد الأديرة، فدرس في غضون ذلك الفلسفة التي كانت معروفة في أوربا، وتبحر في علم اللاهوت، فنال منهما حظًّا وافرًا، ثم عدل عنهما ودأب يدرس متن الإنجيل. ولما عرف الأمير فريدريك منتخب سكسونيا([31]) ما كان عليه من العلم أقامه مدرسًا للفلسفة واللاهوت في مدرسته بمدينة ويتنبرغ سنة 1520م، فقنع بما كانت تدرُّه عليهِ المدرسة من المشاهرات اليسيرة، وتجافت نفسه عن تناول ما لا تبيحه لأنفسها كبار الرجال من الأموال.
قال جول سيمون في كتابه “حرية الضمير”: لم يبتدع لوثيروس بدعة، بل أنشأ ديانة، وخرق حدود السلطة الزمنية كما خرق السلطة الروحية، واستمال إلى حزبه الأمراء، وبذل البذول لتأليف قلوبهم إلى دعوته. فما كان غير قليل حتى رأى نماءَ محازبيه ومشايعيه بما جاوز ما كان يأْمله، بحيث ساغ له أن يناجي نفسه وهو يموت أنه غلب باباوات ثلاثة، أعني بهم: ليون العاشر، والإمبراطور شارلكان، وملك فرنسا فرنسيس الأول.
ولقد عيب عليه إعجابه بما كان يتمّ على يديه حينًا بعد آخر، من تكثير سواد المهتدين إلى مذهبه، ولكنه لم يخرج في هذا عن مألوف عادة البشر. وقليل من لا يفاخرون بملء أشداقهم إذا عملوا أبسط الأعمال. وكذلك أُخذ عليه تحامله على خصومه ووصفهم في مصنفاته بما لا تبيحهُ آداب هذا العصر، فكان في مناظراته يزري عليهم خطّتهم، ويقابلهم بمثل شتائمهم، ويُوقع الغميزة فيهم. ويُعتذر عنه بأن ذلك كان جاريًا مجرى العادة في تلك الأعصر، ولم تكن الآداب والأخلاق قد تحسّنت؛ وكان يخلط الهزل بالجد في حجِاج من يريد ضمّهم إلى حزبه. وهكذا ظل بين بثّ دعوة وكتابة تأليف وردّ على مخالف، حتى اخترمته المنية في الثالث والستين من عمرهِ؛ وقد خلَّف ألوفًا ممن أُشربت قلوبُهم دعوته، وترك أولادًا من زوجة تأهّل بها في الكهولة.
هذا لوثيروس، وهذه حياته وأعماله، ولكم جاء مثله من قبل ومن بعد فلم تلاحظهم عيون العناية، فقضوا وما قضوا من لُباناتهم، إما لضعف نفوسهم ونقص استعدادهم، أو خيفة من المناصبين الجاهلين، وفاقةً إلى الناصرين العالمين، كما قضى في هذا الشرق رجال كانوا يقدرون على القيام بمثل ما قام به لوثيروس، فاختاروا السلامة ولم تبح صدورهم بما خالجها من ضرورة الإصلاح، أو أقدموا فعذّبوا لتصريحهم بما يخالف الأهواء، وتصديهم إلى العمل بما تدفعهم إليه سلامة وجدان وعقول نيرة لا تصبر إلا على إضاءة من حولها.
يرى الناظر في تاريخ العرب عددًا كبيرًا من هذه العصابة، وأناسًا لم يُتَعَرَّضْ لهم لعدم اشتهارهم، وما رأْسُهُم -إن حقَّقتَ- الذي قام بالدعوة قولًا وفعلًا إلا شيخ الإسلام «ابن تيمية»، فهو كلوثيروس في أفكاره ودعوته، دعا هذا إلى حذف ما في النصرانية من الفضول([32])، وجاهر ذاك بتعرية([33]) الإسلام مما ألصق بهِ من البدع، فكانا متشابهين في علمهما ودعوتهما ومحنهما، إلا أن ابن تيمية أعلم، والمحن التي لقيها أشد. وكأن تقدُّم ميلاد ابن تيمية كان إشارة إلى أنهُ السابق لداعية النصرانية، إلا في سريان الدعوة وكثرة الخصوم. ومن عادة الغرب أن يُقبل أهله على ما ينفع بدلالتهم عليهِ، ومن طبع الشرق أن ينبذ سكّانه كل ما يفيدهم من التجديد مما هو -ولا مراء- من علل تقدّم الأول على الثاني([34]).
ولد ابن تيمية([35]) في حران سنة 661هـ، وقدم به والده عند استيلاء التتار على البلاد إلى دمشق، وهو في السادسة من عمره، فأخذ الفقه والأصول والعربية عن مشايخ عصره، وعني بالكلام والحديث، وسمع الكتب الستة مرات حتى قيل: إن كل حديث لا يحفظه ابن تيمية ليس بحديث، وأقبل على تفسير القرآن، فكان فيهِ الحجة الثبت، وأحكم أصول الفقه والفرائض والحساب، والجبر والمقابلة وغيرها من العلوم، ودرس تاريخ الإسلام حتى صار يسلسل ما توالى عليه وعلى أهله ساعة ساعة، ثم نظر في الفلسفة الإلهية ورد على رؤسائها.
كان خارقة في الجمع بين توقّد الخاطر وشدّة العارضة؛ فما حفظ شيئًا ونسيه، وقد ألف في التفسير والفقه والأصول والحديث والكلام والردود على الفرق الضالة والمبتدعة؛ وكتب فتاوي عديدة بلغت على روايةٍ أربعة آلاف كراس، أما مؤلفاته فثلثمائة([36])، وبالغ أحد مترجميه فقال: وما أبعد أن تصانيفه إلى الآن تبلغ خمسمائة مجلد، وكلها مما لم يسبقه إليه أحد.
وكان لجودة قريحته وسرعة براعته يكتب الرسالة في ليلة، ويمليها مسوَّدةً مبيضة كأنها كانت مسطورة أمام ناظريه لا تحتاج إلا إلى النقل، وكان درسه مجمع أشعّة العلم النافع، يُقرَأُ الإخلاصُ في سطور أقواله؛ ولهذا حسده معاصروه ممن تسمَّوا بالعلماء؛ لأن علمهم كان تمويهيًّا يشبه الخرز، وعمله كان يقينيًّا يشبه الدر.
قال ابن الزملكاني([37]): كان الإمام إذا سئل عن فنّ من الفنون ظنّ الرائي والسامع أنه لا يعرف غير ذلك الفن، وحكم أن أحدًا لا يعرف مثله، وكان الفقهاء من سائر الطوائف إذا جلسوا معه استفادوا في سائر مذاهبهم ما لم يكونوا عرفوه قبل ذلك، ولا يُعرف أنه ناظر أحدًا فانقطع معه، ولا تكلم في علم من العلوم سواءٌ كان من علوم الشرع أو غيرها إلا فاق فيه أقرانه؛ ولذا شُغِفَ به العقلاء في عصره، فهدى كثيرين من أهل الملل والنحل، ولما قام يدعو الناس إلى ترك التوسّل بالأموات والاستشفاع بالصالحين والشهداء والأولياء وعدم الإسراج على قبورهم، وأنكر الواسطة بين الخالق والخلائق؛ لأن الله يجيب دعوة الداعي إذا دعاه، دُونَ وسيلة وليّ أو نبيّ، وأنكر على الفلاسفة بعض آرائهم، وتكلم في الصوفية ومذهبهم، وأراد إرجاع الدين الإسلامي إلى ما كان عليه زمن الرسول والصحابة، عادّوه وآذّوه، ولم يتوجه لهم عليه ما يشين فلفّقوا دسيسة، وزعموا أنه ربما يدّعي الإمارة، فوجد أعداؤه السبيل إليه، مع أن أولاد الكتاتيب لا تصدّق أن ابن تيمية يتطالُّ إلى الإمارة ولا عصبية له([38]).
فأخذ يلقى من الأهوال ما تشيب له نواصي الأطفال، ولا يصبر عليه أبطال الرجال؛ وقد قام بنفسه في نوبة غازان التتري سنة 699هـ، واجتمع بنائبه حللوشاه وبتولاي([39]). وجرأ على المغول ونصحهم وبكتهم، واستصرخ أركان الدولة لحرب التتار لما انقضوا على الشام انقضاض الصواعق. ووقف الموقف الحسن سنة 702هـ في وقعة شقحب المشهورة، واجتمع بالخليفة والسلطان وحرّضهما على الجهاد([40]). وذهب سنة أربع لقتال الكسروانيين في جبل لبنان([41]).
وناظر المخالفين في المجالس التي عقدت بحضرة نائب السلطنة الأفرم، فظهر عليهم بالحجة، فرجعوا إلى قوله طائعين. ثم ذهب إلى مصر وعُقِد له المجلس بحضور القضاة وأكابر الدولة، فحبس في جبّ يوسف بقلعة الجبل ومعه أخواه سنة ونصفًا، ثم خرج بعد ذلك فعقد له مجلس سنة سبع لكلامه في الاتحادية، ثم أُمر بتسفيره إلى الشام على البريد، وأُمر برده من مرحلة، وسجن بحبس القضاة سنة ونصفًا أيضًا، وبعد ذلك توجه إلى الإسكندرية وجُعل في برج أقام فيه ثمانية أشهر، ثم توجه إلى دمشق.
ولما تكلم في مسألة الحلف بالطلاق وأنه لا يتثلّث بالقول، وردَّ كتاب السلطان بالمنع من الفتوى بها، فعاد هو إلى الإفتاء بها بعد أن كتم أفكاره، وقال: لا يسعني كتمان العلم، وبقي كذلك إلى أن حبس بقلعة دمشق خمسة أشهر وثمانية عشر يومًا، ثم ظفر له أعداؤه بجواب يتعلّق بمسألة شدّ الرحال إلى قبور الأنبياء والصالحين، كان قد أجاب به من نحو عشرين سنة، فشنَّعوا عليه، فورد مرسوم السلطان سنة 726هـ([42]) بجعله في القلعة.
هذا وهو لم يفتر عن العبادة والتلاوة والتصنيف والردّ على المبتدعة، وكتب على التفسير جملة صالحة تشتمل على نفائس، أوضح فيها مواضيع كثيرة التبست على خلق من المفسرين، وكتب في المسألة التي حبس بسببها مجلدات عديدة. ولما انتشر ما كتبه في البلاد مُنع من الكتابة والمطالعة، وأخرجوا ما كان عنده من كتب ودواة وقلم وورق، فأخذ يكتب على الحيطان بالفحم، وقد شقَّ عليه ذلك، فقال: إنَّ نزعَ كتبه منه كان عليه من أعظم النقم. وبقي على ذلك أشهرًا حتى وافاه اليقين سنة 728هـ، فقامت دمشق لموته وقعدت، وهرع الناس يمشون في جنازته، فقدِّر من شيعوه من الرجال والنساء بمائتي ألف نسمة، يبكون منار الإسلام في زهده وسخائه وشجاعته وعمله وعقله وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر وإخلاصه في السر والعلن. ولم يخل مشهده من بعض بدع وثنيّة كان ابن تيمية يئنّ منها وينفّر النفوس عنها؛ كضرب الصدور وشقّ الجيوب وإلقاء الناس أنفسهم أو عمائمهم على نعشه للتبرك به، وشرب بعضهم ما فضل من ماء غسله. قيل: إن الطاقية التي كانت على رأسه دفع فيها نحو خمسمائة درهم، وقيل: إن الخيط الذي كان فيه الزئبق ويعلقه في عنقه طردًا للقمل سيمَ بمائة وخمسين درهمًا([43]).
مات الإمام ولم يتزوّج، وقبره باق إلى اليوم وحيدًا في مقابر الصوفية غربي دمشق، على كثرة من دفن فيها من العلماء والأمراء، ممن دثرت قبورهم على شدة حرصهم على تخليد أسمائهم، فكأن لسان حاله ينادي بأفصح مقال: إليكم يا من تمشون على قدمي في الدعوة إلى الإصلاح، فتلاقون الشدائد وتُسامون العسف والخسف، فالحقّ يعلو ولا يعلَى عليه، والجواهر تبقى ولو صبغَت بالسواد حينًا من الدهر، والأعراض تزول ولو مُوّهت قرونًا وأجيالًا.
هذا هو الرجل الآسياوي([44]) العظيم الذي تقدّم المصلح الأوربي بقرن واحد. وربما يتبادر إلى ذهن المطالع أن لوثيروس أحسن السياسة مع قومه، فلم يصلوا إليه بمكروه، وانتشرت دعوته، وذاك لم يحسنها فاضطهد وأوذي([45]).
ومن يترَوَّ في الأمر يجد أن ابن تيمية فعل الواجب أن يفعل، فحال دون الوصول إلى الغرض تلك العوارض المارة آنفًا، ولو سكت عمّا لا يحسن الاضطلاع به غيره([46])، من كان يقوم مقامه؟! وما كل عشرة قرون تنتج الأمة عقلًا كعقله وعلمًا كعلمه وشجاعة كشجاعته وصفات كصفاته، ولكن الأقدار ما برحت تناصب أهل الأقدار([47]).
واعلم أن لوثيروس لم يوفَّق -بأن ظهرت على يده أعظم حوادث القرون الأخيرة (إذ قسم بإصلاحه أوربا إلى شطرين متباينين: كاثوليكي وبرتستانتي، حمي بينهما وطيس الفتن منذ أوائل القرن السادس عشر إلى منتصف القرن السابع عشر)- بقوة خارقة للعادة فيه، أو ذكاء وعلم ما أوتيهما بشر مثله؛ ولكنه كان على التحقيق نسخة صحيحة من عصره، وجد مجالًا فسيحًا فجال، وآذانًا واعية فخطب، ونفوسًا متشوّفة فكتب، وأحسنُ منشطٍ وجده على نيل بغيته ذاك الملك العظيم الذي حماه من وصول الأذى إليه.
أما ابن تيمية فكان الشعب عارفًا قدره، فاستاء من ذلك معاصروه، فسعوا فيه وشنّعوا عليه. ومما يُعجب له أن قلوب الملوك والأمراء في أيامه جبلت على حبّه، ولكنهم لم ينفعوه بسلطانهم لما وشى به أعداؤه، ولو خَدَمت الظروف ابن تيمية كما خدَمت لوثيروس لما انفضّ القوم من حوله وتركوه يتقاذفه تيار الأهوال من كل مكان.
ومن العجيب في المشرق أن أهله تبع لكبرائهم مع قربهم من الخير وسلاسة قيادهم. وأمراء الغرب وكبراؤهم تبع لأهله لا ينطقون إلا بصوت شعوبهم([48])؛ ولذا رأيت لما انبثق نور التمدن في أوربا بعد لوثيروس استفادت أوربا بهذا الانقسام لما عقبه من المنافسة، فلم تعمل مملكة عملًا نافعًا إلا وقلدتها جارتها إن لم يكن برضا سادتها فبرغمهم، حتى تشاكلت هاتيك الممالك بهيئة حكوماتها وإداراتها ومعارفها وعمرانها إلا قليلًا، ولا غرو فإن السبب الخفي في نجاح لوثيروس أكثر من ابن تيمية إنما كان بفضل الشدة والأعنات. ذلك أن رؤساء الدين كان لهم في أوربا سلطة روحية عظيمة، فلما اشتدت وطأتها عافتها النفوس وسعت إلى الخلاص منها.
أما المسلمون فليس لرؤساء الدين فيهم حكم نافذ بلغ ذاك الحد عند المسيحيين، وما حكمهم إن تبصرتَ إلا أدبي، وإن استسلم بعض الشعب للعلماء فلا يكون إلا من باب المجاملة لا الفرض([49]) الواجب، ولذلك قلما فكرت النفوس في الإصلاح، على أن المذهب الإصلاحي الذي قام به ابن تيمية لم يعدم أنصارًا وأشياعًا، وما فتئ من أشربوا دعوته ينقلونها من صرد إلى صدر على توالي الأيام إلى زمن محمد بن عبد الوهاب الذي جاهر بالدعوة في غربي جزيرة العرب، فأثمرت مساعيه، ثم انتقلت إلى الهند الغربية، ولم تزل آخذة في النمو وإن كان دون نمو الدعوة البروتستانتية والله أعلم([50]).
باحث دمشقي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)
([1]) اعتمدت وقدمت التواريخ الميلادية فيما كان تاريخه الأساس ميلاديًّا.
([2]) جورج ستيفينسون، مهندس إنجليزي قام بإنشاء أول خط سكك حديدية، توفي سنة 1848م، الموسوعة العربية الميسرة.
([3]) أندريه ماري أمبير، عالم ورياضي وفيزيائي فرنسي، توفي سنة 1836م، من أهم اكتشافاته: العلاقة بين المغناطيسية والكهرباء والذي نتج عنه اكتشاف إمكانية انتقال الكهرباء عبر أسلاك معينة، الموسوعة العربية الميسرة، وسميت باسمه وحدة القياس أمبير.
([4]) مايكل فارادي كيميائي ورياضي إنجليزي، له نظريات وتحديثات في الرياضيات والكيمياء، توفي سنة 1867م، الموسوعة العربية الميسرة.
([5]) لويس باستور، كيميائي فرنسي، يُعد من أعظم من اكتشف وسائل وقائية للأمراض، عُرِفت باسمه عملية البسترة، توفي سنة 1895م، الموسوعة العربية الميسرة، ص311.
([6]) هنري ديفي، كيميائي إنجليزي، مكتشف الصوديوم والبوتاسيوم، توفي سنة 1829م.
([7]) توماس ألفا أديسون، مخترع أمريكي، من أشهر مخترعاته المصباح الكهربائي، وآلة التصوير السينمائي، توفي سنة 1931م.
([8]) مرسلان برتلو، كيميائي فرنسي، يُعد من أعظم الكيميائيين في العالم، توفي سنة 1907م.
([9]) نفعوا كثيرًا في عُمْران الأرض، أو أثروا كثيرًا في تغيير معالم الحياة، أو نحو ذلك؛ هذا هو التعبير الأليق؛ أما تبديل الأرض غير الأرض فهو لله تعالى الذي قال: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ ۖ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [إبراهيم: 48].
([10]) نابليون بونابرت، قائد عسكري ثم إمبراطور فرنسي، غزا كثيرًا من مناطق أوربا ومصر والشام، توفي منفيًا سنة 1821م.
([11]) هيلموت مولتكه، قائد عسكري من مملكة بروسيا -ألمانيا فيما بعد-، يُعد مجدّدًا في الحروب العسكرية، توفي سنة 1891م، ويحمل هذا اللقب ابن أخيه هيلموت فون مولتكه، وهو أحد قادة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى، يُعْزَى إليه هزيمتها في عدد من الميادين في الحرب العالمية الأولى، توفي سنة 1916م.
([12]) لعله يعني: آرثر ويلزلي، الشهير بلقب «دوق ولنغتون» قائد وسياسي بريطاني، توفي سنة 1852م.
([13]) هوراشيو نيلسون، قائد بحري إنجليزي مبدع في القيادة العسكرية البحرية، حقق كثيرًا من الانتصارات، وأهمها ضد نابليون بونابارت في معركة أبي قير في السواحل المصرية، قُتِل في معركة الطرف الأغر أو طرف الغار عام 1805م.
([14]) جورج واشنطن، قائد حرب الاستقلال الأمريكية، وأول رئيس للولايات المتحدة، توفي سنة 1799م.
([15]) جوزيبي غاريبالدي، ثائر إيطالي، دعم الثورات الإيطالية في القرن التاسع عشر، ثم هرب إلى أمريكا الجنوبية، ودعم ثورات شعوبها، ثم عاد إلى إيطاليا وشارك في الحروب الأهلية والوطنية حتى وفاته عام 1882م.
([16]) أوتو فون بسمارك، رئيس وزراء إمبراطورية بروسيا، ثم إمبراطورية ألمانيا التي خلفتها في الوجود، وكان له أثر كبير في الأحداث الدولية في أواسط القرن التاسع عشر، توفي بعد استقالته من المنصب سنة 1898م.
([17]) يُريد الكاتب أن يقول: إن المصلحين في أهميتهم للبشر على درجتين: الأولى: هم من يُصلحون للناس أديانهم وأخلاقهم وتربيتهم، الدرجة التي تليها: الذين يُصلحون للناس أمر دنياهم بالعلم واكتشاف الآلات التي تُعين الخلق على عُمران الأرض وتحصيل الرزق، لكن هناك فريق ربما تعلقت القلوب بهم أكثر من مصلحي الأخلاق والأديان، أو أكثر من مصلحي العلم، وهم أصحاب السيف الذين تشغل حياتهم الحروب والفتوح التوسعية تحت مختلف الشعارات؛ فهذا النوع رغم عُلو شهرتهم ليسوا أنفع من العلماء المبدعين في الكيمياء والفيزياء والصناعة، وهؤلاء رغم شهرتهم وانتشار صيتهم ليسوا أكثر أهمية ممن يصلحون الأديان والأخلاق والآداب، مع أن الناس يجعلون الأخيرين هم آخر من يُلتفت لهم.
([18]) يعني مارتن لوثر، عاش بين عام 1483-1546م وهو كاهن ألماني، ثار على كثير من الخرافات البابوية، ودعا إلى عدم إطاعة الكنيسة البابوية فيها، وحكمت عليه الكنيسة في روما بالحرمان، لكن شعبيته حالت بين الملوك وبين تنفيذ ما دعت إليه الكنيسة، وأصبح هو مؤسس المذهب البروتستانتي في النصرانية، ومن أبرز العقائد الكنسية التي ثار عليها: صكوك الغفران، وعقيدة الاعتراف، ووساطة الكهان بين العباد وبين الله. انظر: دراسات معاصرة في العهد الجديد، د. محمد علي البار، ص462، دار القلم، الطبعة الأولى 1427هـ؛ تاريخ الفكر الأوربي الحديث، رونالد سترومبرج، ص34، دار القارئ العربي، ط: الثالثة، 1415هـ.
([19]) المؤسف أن مارتن لوثر كان لديه العلم والقدرة ليرجع بالنصرانية عن أعظم خرافة فيها وهي الشرك بالله تعالى بدعوى التثليث؛ ومؤمنًا بصحة الأناجيل المحرفة ونسبتها إلى الله عز وجل، وكذلك دعا النصارى إلى تقديس التوراة والرجوع إليها، ومن عجائبه أنه في بداية قوته سعى لتغيير نظرة النصارى لليهود، ورأى أنهم أبناء الله، وأنهم شعبه المختار، وأن الناس من اليهود بمثابة الكلاب التي يجب عليها أن ترضى بما يُلقيه عليها اليهود من المائدة، وضَمَّن أفكاره تلك في كتابه «يسوع وُلِدَ يهوديًّا» نشره سنة 1523م؛ وبعد أكثر من عشرين عامًا رجع عن أفكاره في تعظيم اليهود، وألف كتابًا نشره سنة 1544م -أي: قبل وفاته بعامين- يُحقِّر فيه اليهود، ويرى أنهم عصوا الله تعالى فمقتهم؛ لكن العقيدة البروتستانتية اليوم لا تعتبر هذا الكتاب، وإنما تعتبر بالأول، وقد صدر في حق الكتاب الثاني قرارات من المجامع الكنسية البروتستانتية ترفض كل ما جاء فيه. انظر: دراسات معاصرة في العهد الجديد، د. محمد علي البار، ص465.
([20]) لعله يعني: بيتر والدو المتوفي سنة 1217م، مؤسس فرقة الوالدانيين نسبة إليه.
([21]) لعله يعني: ألكسندر كليرفوي، فرنسي ينتمي إلى فرقة السيسركان، توفي سنة 1153م.
([22]) جون هس، مصلح تشيكي انتهت حياته بالحكم عليه بالحرق سنة 1414م، التراجم الثلاث الأخيرة، عن كتاب: طوائف الكنيسة البروتستانتية وعقائدها، د. إنعام محمد عقيل، ط الأولى 1435هـ، ص60.
([23]) شارلكان، أو شارل الخامس، أو كارلوس الخامس، توفي سنة 1558م، ملك إسبانيا ودانت له العديد من أقطار أوربا.
([24]) الأشهر في اسمه: فرانسوا الأول، ملك فرنسا، توفي سنة 1547م، وكانت بينه وبين شارل الخامس حروب ونزاعات طويلة.
([25]) نابليون بونابرت إمبراطور فرنسا بعد الثورة، توفي سنة 1821م.
([26]) يقصد الكنيسة، وهذا هو الاسم الذي ورد به القرآن لأماكن العبادة عند أهل الكتاب: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ } [الحج: 40].
([27]) يَسير حسوًا في ارتفاء، قال الميداني: «أصله: الرجل يُؤتى باللبن، فيظهر أنه يُريد الرغوة خاصة، ولا يُريد غيرها، فيشربها، وهو في ذلك ينال من اللبن؛ يُضْرَب لمن يُريك أنه يُعينك، وإنما يجرُّ النفع إلى نفسه». مجمع الأمثال 2/ 417؛ تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، دار المعرفة، بيروت.
([28]) وتمبورغ: مدينة في ولاية سكسونيا الألمانية، أقام مارتن لوثر في قلعتها بأمر الأمير فريدريك الثالث.
([29]) ليون أوليو العاشر، بابا الفاتيكان الثامن عشر بعد المائتين، تولى الكرسي سنة 1513م حتى وفاته سنة 1521م. الموسوعة العربية الميسرة، ص1602.
([30]) هنري الثامن، ملك إنجلترا من 1509م حتى وفاته 1547م. الموسوعة العربية الميسرة، ص1908.
([31]) فريدريك الثالث، أمير مقاطعة سكسونيا، ويتشابه اسمه مع عدد من ملوك ألمانيا، يختص هذا بنصرته لمارتن لوثر، توفي سنة 1525م.
([32]) الحق أن مارتن لوثر لم يَدْعُ إلا لإبطال شيء يسير من أوضار النصرانية المحرفة، وبقي فيها كما قدمنا في تعليق سابق مما تأباه الفطرة ولا يقبله العقل الشيء الكثير، وأعظمُه التثليث؛ وظهر من النصارى قبل مارتن لوثر وبعده من كانت دعواتهم أقوى في تنقية النصرانية، لكن لم يُكتب لها الانتشار والقبول لأسباب كثيرة، وقد تحدثنا عن هذه المذاهب في تقدمتنا لهذا المقال، فلتراجع.
([33]) لعل عبارة تنقية الإسلام أو نحوها أفضل من عبارة الكاتب رحمه الله.
([34]) مُكنَة الهداية إلى الحق لا يتمايز بها الناس على حسب بلدانهم وألوانهم وأجناسهم، فعدل الله تعالى يقتضي غير هذا؛ فقد خلق الله عز وجل البشر ولديهم المقدرة على الاهتداء والضلال، لا يتفاوتون إلا في توفيق الله عز وجل بما جعل من أسباب للتوفيق، علَّمنا سبحانه بعضها، وادَّخر علم ما يشاء منها سبحانه وتعالى، فهو القائل: “وهديناه النجدين” [البلد:10] أي: الطريقين: طريق الخير، وطريق الشر، وقال تعالى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۙ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النحل: 78] فالناس في هذا سواء، ولا يتفاضلون إلا في التوفيق للهدى الذي يعلم وحده سبحانه أسراره وأسبابه، {فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ ۗ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة: 213] ولسرعة تأثير دعوة لوثر أسباب أخر أكثر وجاهة مما ذكره الكاتب من تميّز الأوربيين على المشرقيين، ذكرتُها في المقدمة لهذا المقال.
([35]) هو: أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني أبو العباس شيخ الإسلام، انظر في ترجمته كتاب الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية خلال سبعة قرون، جمعها: عزير شمس وعلي العمران، دار عالم الفوائد، الطبعة الثانية، 1422هـ.
([36]) ذكر الذهبي أنها زادت على الثلاثمائة مجلد. انظر ترجمة الذهبي له في الجامع لسيرة شيخ الإسلام ص269. ولمحمد بن رُشيق المغربي (ت: 749هـ) رسالة في مؤلفات شيخ الإسلام ذكر فيها أكثر من 400 مؤلَّف؛ الجامع لسيرة شيخ الإسلام، ص282.
([37]) محمد بن علي بن عبد الواحد، كمال الدين ابن الزملكاني، توفي سنة 727هـ. فوات الوفيات 7/ 4.
([38]) هذه إحدى المكائد التي نُصبت له، نصبها له نصر المنبجي، وادَّعى أنه مبتدع خطر على الدولة، وألَّب عليه الأمراء والقضاة، واستدعي إلى مصر لهذا الأمر سنة 705هـ، وسُجن بالإسكندرية مدة ثم عاد إلى مصر. من الجامع لسيرة شيخ الإسلام، ص322، عن مسالك الأمصار لابن فضل الله العمري.
([39]) اجتمع شيخ الإسلام بمحمود قازان سلطان التتار، وأخذ الأمان منه لأهل دمشق، وعاد التتار إلى دمشق، فأمر ابن تيمية قائد القلعة بعدم تسليمها ولو لم يبق فيها إلى حجر واحد، فأطاعه القائد، وكان في ذلك الخير لأهل دمشق، وسلب التتار ونهبوا وأسروا من القرى المحيطة بدمشق، وأراد الشيخ الاجتماع بقازان مرة أخرى، فحجبه عنه الوزراء، ثم عاد لدمشق وتسنى له الاجتماع بنوابه، فحصل من ذلك خير كثير وفكاك للأسرى. من الجامع لسيرة شيخ الإسلام ص409، عن البداية والنهاية لابن كثير.
([40]) كان ابن تيمية رحمه الله هو الذي سافر للسلطان وحثه على القدوم من مصر لنصرة الشام، وتم ذلك وانتصروا على التتار. الجامع ص415، عن البداية والنهاية.
([41]) خرج ابن تيمية إلى كسروان حيث الطائفة النصيرية، فحاصرهم وألزمهم شرائع الإسلام، ثم رجع عنهم. الجامع ص418، عن البداية والنهاية.
([42]) في المجلة 326 وهو خطأ طباعي بلا شك، وكذلك تاريخ وفاة الشيخ، كُتب 328 ولا ريب أنه من الطابع.
([43]) ذكر ذلك ابن كثير في البداية والنهاية، ولا شك أن كثيرًا مما عُمِل مما لم يكن ابن تيمية يرضاه، ولم يعمله الصحابة رضي الله عنهم في جنازة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ وكثير مما ذُكر إنما هي عواطف غير منضبطة بضوابط الشرع.
([44]) أي: المنتسب إلى قارة آسيا؛ وأظن الكاتب تأثر بالثنائية التي كانت سائدة آن ذاك «آسيا وأوربا» فاستغلّ المقام للانتصار للنزعة الآسيوية؛ وابن تيمية لم تكن دعوته بأي دافع سوى وجه الله تعالى وإنقاذ الإسلام مما شابه من تُرَّهات وخرافات كادت أن تذهب به لولا ما قيضه الله تعالى من دعوة شيخ الإسلام رحمه الله.
([45]) شِدَّة ابن تيمية وكونُها أحد أسباب عدم الانصياع له معنى كرَّرَه بعض من ترجم له كالذهبي وابن فضل الله العمري؛ لكنه يتعارض مع الوقائع التاريخية التي رووها، فقد كانت مجالس المناظرة التي عُقِدت له طويلة بالساعات والأيام، ولم يُنقل عن الشيخ أنه أساء فيها إلى أحد؛ وكذلك مجالس الحُكم التي أُقعِدَ فيها للقضاء ليُحكم عليه لم يُعْرَف عنه فيها غير الحلم، ومن قرأ رسائله التي وجهها إلى من خالفهم وجدها متضمنة غاية الأدب وحفظ المقامات، ولنجعل لذلك مثالًا رسالته إلى نصر المنبجي الذي عادى ابن تيمية عداء شديدًا، وكان وراء عدد من سجناته، وآخرها سجنته التي مات فيها بالقلعة رحمه الله؛ فاستمع -رعاك الله- ماذا يقول في رسالته لخصمه هذا: «بسم الله الرحمن الرحيم: من أحمد ابن تيمية إلى الشيخ العارف القدوة السالك الناسك أبي الفتح نصر، فتح الله على باطنه وظاهره ما فتح به على قلوب أوليائه، ونصره على شياطين الإنس والجن في جهره وإخفائه، ونهج به الطريقة المحمدية الموافقة لشرعته… -إلى أن يقول:- أما بعد: فإن الله تعالى قد أنعم على الشيخ وأنعم به نعمة باطنة وظاهرة في الدين والدنيا، وجعل له عند خاصة المسلمين الذين لا يريدون علوًّا في الأرض ولا فسادًا منزلة عليه، ومودة إليه لما منحه الله تعالى به من حسن المعرفة والقصد…» هذا كلامه رحمه الله في خطاب خصمه الذي كاد له كيدًا عظيمًا حتى مات مسجونًا بسبب كيده؛ فكيف يُقال” إنه رحمه الله لم يُحسن السياسة؟!
بل أحسن رحمه الله السياسة مع الناس حتى أحبوه وخرجوا معه للجهاد ما لم يخرجوا مع السلاطين، وخرجوا لوداعه من دمشق ومن الإسكندرية ومن القاهرة، كلما سافر من إحدى هذه المدن، ولما مات خرج لجنازته كلُّ أهل دمشق، ولم يبق من لم يخرج إلا ذو عذر؛ بل خرج لجنازته جميع العلماء الموافق منهم والمخالف، ولم يتخلف عن الخروج في جنازته من العلماء إلا ثلاثة ذكرهم ابن كثير في البداية والنهاية، ولا أريد أن أذكرهم هنا، كانوا شديدي العداوة له والتحريض عليه؛ وكان سبب عدم خروجهم إلى جنازته أنهم خافوا أن تقتلهم العامة إذا رأوهم؛ لشدة محبة الناس له ونقمتهم على أعدائه ومن كان سببًا بسجنه مظلومًا رحمه الله.
وأحبه السلاطين حتى إن نائب السلطنة في دمشق جمال الدين آقوش الأفرم تحرك معه لقتال الباطنية، وأطلق له الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو ما لم يكن لعالمٍ غيره، حتى إنه أخرج الشيخ جمال الدين المزي من السجن لما سجنه القاضي ابن صصرى، لا لشيء إلا لأنه قرئ عليه كتاب “أفعال العباد” للبخاري، وأحبه السلطان الملك الناصر ابن قلاوون حتى إنه أبقاه في مصر ليعلّم الناس وليشتغل عليه الطُّلَّاب؛ كل ذلك كان، ويجده المتتبع فيما كتبه ابن كثير في البداية والنهاية وجمع مؤلِّفَا كتاب الجامع لسيرة شيخ الإسلام ص404، وفيما كتبه ابن عبد الهادي في العقود الدرية في ذكر بعض مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية؛ لكنه رحمه الله كان قوالًا بالحق لا يداري فيه متى حان وقت بيانه عند العامة أم عند الخاصة من العلماء والملوك؛ وهذا ما أحفظ من تحفَّظ عليه، وأغاظ حسادَه، وفتح أبواب كيد أعدائه عليه.
وأما القول بأن دعوته لم تنتشر كما انتشرت دعوة مارتن لوثر فغير صحيح، فقد أثَّرت دعوته في حياته في الشام ومصر والعراق وما وراءه وفي المغرب، إلا أن الملوك بعد الملك الناصر ابن قلاوون لم يكونوا عليها ، فلم يُعزّزوها، بل ضايقوا من أعلنها بعد ابن تيمية، ولم يكن عند العلماء ما كان عند الشيخ من قوة وجلد وشجاعة وهمة، فلم يلبث الناس بعد وفاته إلا يسيرًا حتى عاد الجهل والخرافة وتضليل الناس كما كان قبل دعوته، مع فارق مهم، وهو أن هذه الدعوة بقيت في الكتب تحمل كل الحجج التي تدفع المخالفين، وظل أهل البر والديانة والعقيدة الصحيحة يتناقلونها في غالب الأوقات سرًّا، إلى أن قيض الله للإسلام والمسلمين دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وقام بنصرها أئمة الدولة السعودية، فجدَّد الله الدين، وأزال ما علق به في غابر الأيام، وتجلت الشمس للأنام، وتحقّق على الأيدي السعودية ما كان يأمل فيه ابن تيمية، وكم ترك الأوائل للأواخر، والحمد لله الأول والآخر.
([46]) في المجلة: (غير)، والصواب ما أثبتنا.
([47]) كان الأحسن من هذه العبارة لو ذكر الكاتب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سُئِل: أيُّ الناسِ أشدُّ بلاءً؟ قال: «الأنبياءُ، ثم الصالحون، ثم الأمثلُ فالأمثلُ» رواه الترمذي (3289).
([48]) هذا الرأي مما لا نتفّق مع الكاتب رحمة الله عليه، فالناس جميعًا شرقيهم وغربيهم جُبلوا على أن يكونوا على دين ملوكهم؛ لذلك عاشت أوربا قبل انتشار النصرانية المحرفة فيها وبعد أن انتشرت هذه الديانة فيها، وشعوبها مقهورة قهرًا عظيمًا؛ وقد زاد مع ظهور النصرانية، فقد كان الشعوب عبيدًا للنبلاء والأباطرة يعملون في إقطاعياتهم، حتى سُمِّي ما قبل العصور الوسطى، وكذلك العصور الوسطى بعصور الإقطاع وعصور العبيد؛ فكانت الشعوب مستعبدة قرونًا طويلة، ولم يستمع إليها الحكام فضلًا عن أن يتغيروا لأجلها.
فليست متابعة الحكام للشعوب خاصية أوربية كما توهّم الكاتب رحمه الله؛ بل متابعة الشعوب لكبرائهم هي الصفة الأغلب في سائر أهل الأرض جميعًا وفي كل العصور.
وليس انتشار اللوثرية خارجًا عن هذه القاعدة، وإنما هو جاء وفقها؛ فإن الملوك وأمراء غرب أوربا كانوا قد سئموا من سطوة آباء كنيسة روما عليهم، وحصدها الأموال من شعوبهم وأثريائهم نتيجة بيع الغفران وقصور الجنة عليهم، فجاءت دعوة مارتن لوثر فرصة للانفكاك عن كنيسة روما وآبائها؛ وحيث كانت سطوة الكنيسة بسلاح الروح الدينية وكلمة الرب، فقد جاءت دعوة لوثر ليتخلصوا من هذه السطوة أيضًا بسلاح الدين وكلمة الرب؛ نعم أحب الألمانيون دعوة مارتن لوثر لأنها أقرب إلى القلب والعقل من خرافات الكنيسة، ولكن لو لم يقف الأمراء والملوك في ألمانيا وفرنسا معها لكونها تحقق أهدافهم الاستقلالية والاقتصادية، لكان مصير اللوثرية عين مصير الدعوات الإصلاحية التي جاءت قبلها والتي جاءت بعدها، وكانت أكثر نقاء من دعوة لوثر، لكنها لم تحظ بالنصير السياسي.
ثم لماذا لم تنجح اللوثرية في الانتشار في إيطاليا وفرنسا وإسبانيا مع أن تشوّف الشعوب للإصلاح في تلك البقاع لا يقل عن تشوف الألمان والإنجليز إليه؟ والجواب: أن الأمراء والملوك في فرنسا وإيطاليا وإسبانيا بقيت مصالحهم مع الكنيسة، ولهذا لم يكن لهم أرب في دعم اللوثريين ضد نفوذ الكنيسة.
انظر: موسوعة تاريخ أوربا العام، 2/ 273، تأليف: جان بيرنجيه وآخرين؛ ترجمة: وجيه البعيني، منشورات عويدات، بيروت، ط: الأولى 1995م. وانظر في عدد من تفسيرات علماء الاجتماع لانتشار البروتستانتية: تشكيل العقل الحديث، ص78؛ تأليف: كرين برينتون؛ ترجمة شوقي جلال؛ سلسلة عالم المعرفة، الكويت 1405هـ.
وأما ما ذكره الكاتب رحمه الله من سير حكام أوربا في عصره على مُراد شعوبهم فقد قاله لأنه كتب المقال عام 1903م، فلم تقع الحرب الكونية الأولى بعد، والتي قتل فيها حكام أوربا شعوبهم وشعوب العالم في حرب لا ناقة لأحد فيها ولا جمل.
([49]) في المجلة: (الغرض)، والأنسب ما أثبتناه.
([50]) مضى على وفاة الكاتب النابه النابغ ما يقارب العشرة أعوام بعد المائة حيث توفي عام 1334هـ واليوم ولله الحمد بلغت دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب جميع المسلمين في كل بلاد الدنيا، ومن لم يتأثر بها كليًّا فقد تأثر بها جزئيًّا، {وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِۦ ولو كره الكافرون } [الصف: 8].