كتاب تثبيت حجية السنة ونقض أصول المنكرين (2)
“تثبيت حجية السنة ونقض أصول المنكرين”
تأليف أحمد بن يوسف السيد
الكتاب من منشورات مركز تكوين لعام 1438 في 143 صفحة.
للتحميل كملف اضغط هــنــا
أفصح المؤلف عن غرضه من تأليفه هذا الكتاب، وهو خدمة مجال حجية السنة، وإحكام باب الاستدلال المثبت لحجيتها الملزم للمخالف، فهو موجّه إلى شريحة طلاب العلم والمعتنين بالفكر، والمهتمين بالسنة، ثم إلى منكري السنة الطاعنين فيها.
بين المؤلف أهمية موضوع كتابه، وأن الحاجة ملحّة للحديث عن حجية السنة، وذلك لانتشار الإلحاد الصريح الذي هو نتيجة لتراكمات من الشبهات والشكوك والمواقف التي لم يكن عند المتأثر بها من اليقين ما يدفع به أثرها المضاد للإيمان. كما بين أن لهذا الإلحاد مقدماتٍ محيطةً به، تأثر بها عدد كبير جدًّا من المنتسبين إلى الإسلام، هذه المقدمات يقصد بها المؤلف أربعة أمور:
الأمر الأول: إنكار الثوابت الشرعية أو التشكيك فيها دون إنكار أصل الإسلام، ومثَّل لذلك بأنكار حجية السنة، وإنكار بعض الحدود الشرعية المتفق عليها: كحد الرجم على الزاني المحصن، والتشكيك في منزلة الصحابة.
الأمر الثاني: التأثر بالمفاهيم الفكرية الغربية المصادمة لثوابت الإسلام: كمفهوم الحرية الغربي بكل تفاصيله وتبعاته، وليس ببعض صوره الصحيحة التي لا تعارض الإسلام.
الأمر الثالث: الاضطراب في الموقف من مصادر التلقي الشرعية، ومن منهجية الاستدلال المنضبطة بأصول الشرع، ومثَّل لذلك بهدم سور الإجماع.
الأمر الرابع: الموقف السلبي من العلوم الشرعية ومن علماء المسلمين، وعلى رأسهم علماء الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة، وكبار محققي مذاهبهم، والتقليل من شأنهم، ومن قيمة إجماعهم، ومن منهجية تعاملهم مع النصوص، ونسف نتاجهم العلمي في حال تعارضه مع أي فكرة يريد مخالفهم تقريرها.
ثم رأى أن القضايا التي لم تتناول بالبحث والدراسة على الوجه المطلوب، وأنها تحتاج إلى زيادة عناية، أربع مسائل:
الأولى: الإجابة عن الاعتراضات المثارة ضد أدلة حجية السنة، أو عرض أدلة حجية السنة بطريقة تجيب عن الاعتراضات المثارة ضد هذه الأدلة، وهذه الاعتراضات تختلف عما يثار ضد أصل حجية السنة على وجه العموم.
الثانية: إثبات حجية السنة عن طريق التواتر من وجوه متعددة ملزمة للمخالف.
الثالثة: إثبات صحة علم الحديث، وكفاية قوانينه لتوثيق السنة .
الرابعة: إبراز الخلل المنهجي في خطاب المنكرين، وتأسيس القواعد الكلية في محاجة منكري السنة.
وقد قسم المؤلف كتابه إلى قسمين:
- القسم الأول: خصصه لذكر ثلاث ركائز لحجية السنة:
- الركيزة الأولى: دلائل القرآن الكريم على حجية السنة، وأن هذه الدلائل تُثبت معنيين شريفين وهما: الدلالة على أصل حجية السنة، والثاني: الدلالة على دوام هذه الحجية.
وأوضح المؤلف أن المعنيين يمكن إثباتهما بخمسة طرق:
– الطريق الأول: دلالة الأمر القرآني العام لجميع الأمة بطاعة الرسول ﷺ، مع إطلاق الطاعة دون تقييد.
– الطريق الثاني: دلالة القرآن على أن السنة وحي، وذلك من وجوه ثلاثة:
- الوجه الأول: الإخبار بإنزال الحكمة المعطوفة على الكتاب.
- الوجه الثاني: تكفل الله ببيان القرآن، وإخباره عن رسوله بأنه يبين للناس ما نُزل إليهم.
- الوجه الثالث: الآيات الدالة على نزول الوحي على النبي ﷺ في مقامات معينة بأحكام وأخبار ليست مذكورة في نص القرآن.
– الطريق الثالث: دلالته على أن الرسول ﷺ مبين له.
– الطريق الرابع: دلالة القرآن على حفظ السنة.
– الطريق الخامس: لزوم حفظ بيان القرآن.
- الركيزة الثانية من ركائز حجية السنة: التواتر. وقسم فيه الأخبار المتواترة إلى ثلاثة أنواع:
النوع الأول: تواتر أخبار الغيب عن النبي ﷺ
النوع الثاني: تواتر الأحاديث القدسية التي ينسب النبي ﷺ فيها كلامًا لله سبحانه ليس مذكورًا في القرآن.
النوع الثالث: تواتر بيان النبي ﷺ للقرآن.
- الركيزة الثالثة: الإجماع. وساق تحته سبع نقول تثبت الإجماع على حجية السنة.
ثم انتقل المؤلف إلى القسم الثاني وهو: نقض أصول منكري السنة، واستهله بقضايا منهجية في تثبيت حجية السنة ومناقشة منكريها.
ثم تطرق إلى ذكر ستة أصول يعتمد عليها مُنكرو السنة النبوية والمشككون فيها:
الأصل الأول: إسقاط الحاجة إلى السنة استغناءً بالقرآن الكريم.
الأصل الثاني: حصر السنة المعتبرة في المتواتر منها وإسقاط حجية الآحاد.
الأصل الثالث: الطعن في نقلتها واتهامهم، مع ذكر أمثلة من الطعون.
الأصل الرابع: دعوى ضياع السنة وعدم حفظها، استنادًا إلى النهي عن كتابتها وتأخر تدوينها.
وذكر عقب هذا الأصل فصلًا لإثبات العناية بالسنة عبر خمسِ مراحلَ زمنيةٍ: (زمن النبوة، وعناية الصحابة بسنة النبي ﷺ في حياته وبعد موته، وعناية التابعين بسنة النبي ﷺ، والعناية بالسنة في وقت أتباع التابعين، وفي العصر الذهبي للسنة تصنيفًا ونقدًا)
الأصل الخامس: إسقاط مكانة علم الحديث، والتشكيك في منهجية المحدثين وطرقهم في تصحيح الأخبار وتضعيفها. ولهدم هذا الأصل بيَّن المؤلف أربعة جوانب كاشفة عن تميز المحدثين في منهجهم النقدي إجمالًا:
الجانب الأول: اشتراط المحدثين سلامة أسانيد الروايات في الظاهر.
الجانب الثاني: عناية المحدثين باستخراج العلل الخفية، وعدم الاكتفاء بشروط الصحة الظاهرة.
الجانب الثالث: تحديث المعلومات عن الرواة برصد الإشكالات الطارئة، وعدم الاكتفاء بالحكم المسبق.
الجانب الرابع: نقدهم للمتون ولو صحت أسانيدها في الظاهر.
الأصل السادس من أصول المنكرين: توهم معارضة الأحاديث الصحيحة لما هو أرجح منها.
أردفه بذكر ثلاثة أخطاء منهجية يقع فيها منكرو الأحاديث الصحيحة بدعوى التعارض:
الخطأ الأول: إقامة دعوى التعارض على أحاديث غير ثابتة
الثاني: الخطأ في فهم النص أو دلالته، ثم ادعاء التعارض على ذلك الفهم الخاطئ.
الثالث: معارضة الأحاديث بما هو دونها من حيثُ الثبوتُ أو الدلالةُ.
وفي الخاتمة ذكر المؤلف أن ظهور هؤلاء المنكرين للسنة والمشككين فيها يزيدنا يقينًا بمكانتها؛ لأن السنة أخبرتنا بظهور هؤلاء وكشفت عن حالهم، كما في حديث المقدام t عن النبي ﷺ أنه قال: «أَلاَ إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلاَ إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلاَ يُوشِكُ رَجُلٌ يَنْثَنِي شَبْعَانًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ: عَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ، فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلاَلٍ فَأَحِلُّوهُ، وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ».
وختامًا: فإن الكتاب جدير بالاهتمام والقراءة من طلبة العلم والمثقفين ونحوهم لتثبيت حجية السنة، وللتمكن من مناقشة المنكرين بحجج علمية، وقد ساق المؤلف نقولًا عن أهل العلم من السلف والخلف، ليستفيد منها مناظرو القوم، ويسترشد به من أراد السير على ما كان عليه الرعيل الأول الذين كانوا يقدرون مكانة السنة حق قدرها.