ترجمة الشيخ محمد بن ناصر العبودي رحمه الله (١٣٤٥ هـ – 1443هـ)
للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة
هذه ترجمة موجزة لعميد الرحالة، الذي فاق ابن بطوطة في رحلاته، بل وفي نتاجه العلمي، فهو الأديب والعالم الموسوعي المعجمي، كان لمؤلفاته انتشار واسع، يتنقل في موضوعاتها بين البلدان والأسر والأنساب واللغة والأدب؛ حدائق ذات بهجة، وثمار غرس قرابة قرن من الزمان، جاب البلدان، ورأى حضارات الأمم من ثقافات متنوعة، خط طريقه للدعوة، في كل بقعة بما يتوافق مع مقاصد الشريعة، ومحكماتها، فهو سهل لين في دعوته، يراعي الأقلية المسلمة، ويتلمس حاجاتهم، لا ينسى قضايا أمته، ولا يتنازل عن مقدساتها، إنه معالي الشيخ محمد بن ناصر العبودي.
اسمه ونسبه: هو محمد بن ناصر بن عبد الرحمن بن عبد الكريم بن عبد الله بن عبود بن سالم آل سالم.
أديب ومؤلف ورحالة، ولد في مدينة بريدة في اليوم الأخير من شهر ربيع الآخر عام 1345هـ.
نشأته: حفظ القرآن الكريم حفظًا متقنًا على يد عدد من مشايخه، تلقى تعليمه الشرعي على يد عدد من العلماء، منهم:
الشيخ صالح بن إبراهيم الكريديس.
والشيخ عمر بن محمد بن سليم.
والشيخ صالح بن أحمد الخريصي.
والشيخ صالح بن عبد الرحمن السكيتي.
والشيخ عبد الله بن محمد بن حميد.
والشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف([1]).
أبرز صـــفاته:
(1) الحرص على استغلال الوقت:
لقد كان الحرص على الوقت واستغلال ساعاته، أجلى صفات الشيخ العبودي الذي تنقل في محطات العظماء من: تعليم، ومطالعة كتب، وإدارة، ودعوة، وما تبعها من مسؤوليات.
إن شيوع مثل هذه النماذج في الأمَّة يُعدُّ- بلا شك- أمارة بُرْء وصحَّة، وأنها ما زالت في قدرةٍ على إنجاب الرواد النوابغ، وترأمهم بأفيائها في أكناف حياة مواتية مجدًا وعزةً، وأخذًا بأسباب التكوُّن والنشأة، لتمتد من بعد إلى مواطن الإبداع والتأصيل.
(2) الهمَّة:
إن علو الهمَّة من أعلى مقامات الريادة، وسُلَّم الوصول إلى كل الأصول، وعندما أدرك الشيخ العبودي هذا الأصل المهم، انبرى نحو الحياة يخوض الزمان ممارسة ويعرك الزمان تجاريب، فتنقل في عدة مواطن فما ضنَّ ولا ونى، بل جَدَّ واجتهد، وما لانت له قناة.
إن همَّتَه التي جرت معه مجرى الدم، هي ذاتها التي قادته إلى الالتحاق بشيخه الشيخ عبد الله بن حُمَيْد -رحمه الله- مبكرًا، وهو شاب لم يبلغ العشرين بعدُ، فيقترن معه في حِلِّه وترحاله، حضرًا وسفرًا؛ ليشرب من معين العلم، ويرتوي من مناهل العظماء الكبار.
والهمَّة التي أَهَّلَتْهُ لتولي مهام إدارة المدرسة الفيصلية، وهو في العشرينات ليعلن في هذا العمر المبكر بدء المسؤولية وتحمل الأمانة.
والهمَّة التي دفعته إلى أن يتم ترشيحه لإدارة ثاني معهد علمي في المملكة العربية السعودية في (بُرَيْدَة)، حتى تم اصطفاؤه من بين نخبة متميزة حافلة آنذاك من طلبة العلم، بل حتى مِمَّن لهم سَبْقٌ عليه في سن التعليم.
والهمَّة هي التي ساقته إلى الجامعة الإسلامية، حتى تم تعيينه أول موظف فيها، وتُوكل إليه أصعب المهام وأكلفها، وهي المهام الإدارية والمالية.
فنجاحه في محطاته السابقة ومكانته العالية، كانت أسبابًا مقنعة لتنصيبه في هذا الموقع الهام الناشئ.
والهمَّة التي قادت الشيخ العبودي إلى مصاف العالمية، وقائمة العلماء العظماء تأليفًا في الرحلات، ليناهز المطبوع لـه كل هذا العدد([2]).
أعماله ومناصبه:
عمل مدرساً ومن ثم تسلم إدارة المعهد العلمي في بريدة، وأصبح أمينًا عامًّا للجامعة الإسلامية في المدينة المنورة لمدة ثلاثة عشر عامًا، تقلد مناصب أخرى في الجامعة نفسها، وأخيرًا الأمين المساعد لرابطة العالم الإسلامي، إضافة إلى مشاركاته في عدة هيئات علمية، وحضوره عددا من المؤتمرات العلمية والأدبية داخل المملكة وخارجها.
أتاح له عمله في الرابطة وقبلها في الجامعة الإسلامية بالمدينة أمينًا عامًّا لها زيارة معظم دول العالم مما زاد من ذخيرته الثقافية، فكان لمشاهداته العديدة واطلاعاته أن تثمر رقمًا قياسيًا (أكثر من مائة وستين كتاباً) في أدب الرحلات. منح ميدالية الاستحقاق في الأدب عام ١٣٩٤ هـ، ١٩٧٤م.
جهوده الدعوية:
ينبغي الوقوف عند محطة مهمة من رحلات الشيخ العبودي؛ إذ لم تكن رحلاته –رغم كثرتها- مجرد سياحة في أرض الله الواسعة، ووصف معالمها الجغرافية؛ الجبال والهضاب والبحار، بل كانت تحمل أهدافًا دعوية سامية، في خدمة الإسلام والمسلمين، فقد جال العالم ببصيرة نافذة وعقل راجح، وعمق ديني راشد، فكان همه التطلع إلى الرقي بالمسلمين، من خلال دعمهم، وتلمس حاجاتهم، خاصة في الدول التي تكون في أقاصي الشرق والغرب، والمسلمون فيها أقلية، وكان الشيخ مبادرًا في كل ذلك باذلًا شفاعته لدى المسؤولين وولاة الأمر، لكل ما من شأنه إصلاح أحوالهم؛ من بناء المساجد، والمدارس، والمكاتب الدعوية، والمشاريع الخيرية الإغاثية، ..إلخ.
فقد كان الشيخ موفدًا من رابطة العالم الإسلامي، وسفيرًا حسنًا للدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، نجح في بناء الجسور بين المسلمين، ومثَّل المملكة بأحسن صورة، فكان محل ثقة ولاة الأمور، ولله الحمد.
من ثناءات أهل العلم عليه:
1- ثناء الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله:
قال رحمه الله: إنّ فضيلة الشيخ محمد بن ناصر العبودي من المشايخ الذين أمضوا قدرًا من حياتهم في دراسة العلوم الإسلاميَّة وهو إلى جانب ذلك أديب فاضل حصل علی ميدالية للاستحقاق في الأدب.
وإنَّ کتابه (نفحات من السَّكينة القرآنية)، واضحٌ لمن يقرؤه، وخاصّة من لم يكن لهم سابق ممارسة بقراءةكتب التفسير، ولا معرفة باصطلاحات المفسِّرين.
نسأل الله تعالى أن يثيب المؤلِّف الشيخ محمد العبودي وأن ينفع بكتابه([3]).
2- ثناء عميد الوزراء د. عبد العزيز الخويطر رحمه الله:
قال رحمه الله: للأخ محمد العبودي علمٌ مضيءٌ عند المثقّفين، لما ساهم به من جهد ثقافي، ولما وضعه على السَّاحة الفكريّة من موائد ملأى بغذاء مفيد وشهي، وبما شارك من جهد لنقش اسم المملكة العربيّة السعوديّة على خارطة للإنجاز في الثّقافة والتّراث والجغرافيا، وجوانب من اللّغة العربيّة في مكتبتنا العربيَّة يصعب حصر الحديث عن هذا الأديب المجد الجاد في أسطر محدودة، أو صفحات معدودة، فكلّ جانب من جوانب إنجازه الفكريّ المتشعِّب يحتاج إلى وقفة طويلة متأنيّة، تكون حصيلتها كتابًا كاملًا([4]).
3- ثناء د. محمد الشويعر رحمه الله.
قال رحمه الله: كلمة مأثورة قالها أحد الشُّعراء:
لا بأجدادي شرفت بل شرفوا بي
تنطبق على الشيخ محمد العبودي: الأديب الرحّالة؛ ذلك أنّ كثيرًا من الناس، وخاصّة في الخارج يعرفون الشيخ العبودي بأنّه الرجل الداعية، الذي يجوب البلاد في رحلات علميّة متتابعة يعيد معها ذکری رحلات ابن بطوطة المغربي إلا أنَّه أوسع منه انتشارًا وأكثر عطاءً([5]).
مؤلفاته: أكثرها في أدب الرحلات ومنها في الدعوة والأدب واللغة.
(في أدب الرحلات)
- إلى جنوب الشمال: بلاد السويد.
- فطاني أو جنوب تايلند.
- راجستان: بلاد الملوك (من سلسلة الرحلات الهندية).
- سطور من المنظور والمأثور عن بلاد التكرور رحلة في مالي وحديث عن ماضيها المجيد وحاضرها الجديد.
- حديث قيرغيزستان دراسة في ماضيها ومشاهدات ميدانية.
- زيارة رسمية تايوان.
- في غرب الهند (من سلسلة الرحلات الهندية).
- أيام في فيتنام.
- غيانا وسورينام.
- في جنوب الهند (من سلسلة الرحلات الهندية).
- المسلمون في لاوس وكمبوديا: رحلة ومشاهدات ميدانية.
- سياحة في كشمير.
- من أنغولا إلى الرأس الأخضر.
- الرحلة الروسية.
- بين الأرغواي والباراغواي.
- كنت في ألبانيا.
- في جنوب الصين.
- أيام النيجر.
- كنت في بلغاريا.
- ذكريات من يوغسلافيا.
- مقال في بلاد البنغال.
- في بلاد المسلمين المنسيين: بخارى وما وراء النهر.
- جمهورية أذربيجان.
- بلاد الداغستان.
- مع المسلمين البولنديين.
- جولة في جزائر البحر الزنجى أو حديث عن الإسلام والمسلمين في جزر المحيط الهندي رحلات إلى موريشيوس ورينيون وجزر القمر وزنجبار وسيشل.
- بورما الخبر والعيان.
- مدغشقر بلاد المسلمين الضائعين.
- جولة في جزائر البحر الزنجي.
- في نيبال بلاد الجبال.
- رحلة إلى جزر مالديف.
- رحلة إلى سيلان.
- صلة الحديث عن أفريقية.
- مشاهدات في بلاد العنصريين.
- زيارة لسلطنة بروناي الإسلامية.
- رحلات في أمريكا الوسطى.
- إطلالة على نهاية العالم الجنوبي.
- إلى أقصى الجنوب الأمريكي.
- ذكريات في أفريقيا.
- جولة في جزائر البحر الكاريبي.
- على قمم جبال الأنديز.
- جولة في جزائر جنوب المحيط الهادئ.
- على ضفاف الأمازون.
- إطلالة على أستراليا.
- إلى بلاد الشرق الأوسط.
- في أعماق الصين الشعبية.
- إلى أرتيريا بعد ست وثلاثين سنة.
(في الأنساب)
- معجم أسر القصيم وهو سفر كبير يضم مجموعة من الكتب منها:
– معجم أسر بريدة في ثلاثة وعشرين مجلداً.
– معجم أسر عنيزة.
– معجم أسر شمال القصيم.
– معجم أسر جنوب القصيم.
– معجم أسر شرق القصيم.
– معجم أسر غرب القصيم.
(في اللغة العربية)
- كتاب كلمات قضت.
- كتاب الكلمات الدخيلة في لغتنا الدارجة.
- معجم الأصول الفصيحة للكلمات الدارجة (وهو في ١٣ مجلدا).
- معجم الديانة والتدين في لغة العامة.
- معجم الصيد والقنص عن العامة.
(في السيرة)
- صاحب المعالي الشيخ محمد بن علي الحركان كما عرفته.
- معالي الشيخ عبد العزيز بن صالح آل صالح إمام المسجد النبوي كما عرفته.
- الرحالة العظيم ابن بطوطة: شواهد حية على صدقه.
- أخبار حمد الصقعبي.
- سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز كما عرفته.
- يوميات نجدي (3 مجلدات).
- الشيخ عبد الله بن حميد كما عرفته (مجلدين).
- أخبار قني: عبد الكريم بن عثمان العبيد 1271-1359.
- أخبار الملا بن سيف.
(في المجالات الأخرى)
- أخبار أبي العيناء اليمامي.
- الأمثال العامية في نجد، ٥ مجلدات.
- كتاب الثقلاء.
- نفحات من السكينة القرآنية.
- مأثورات شعبية.
- سوانح أدبية.
- صور ثقيلة.
- العالم الإسلامي والرابطة.
- مشاهد من بريدة.
- هذا ما استوحيته من الناس.
- جهود الملك فهد رحمه الله لخدمة الإسلام والمسلمين.
- المارتينك وباربادوس.
- العلاقات بين المملكة العربية السعودية وتركيا.
- بورتريكو وجمهورية الدومينيكان.
- مطوع في باريس.
- المستدين.
- موضي وبناتها.
- المقامات الصحراوية.
ما استخرج من مؤلفاته من الفوائد:
– كتاب (لطائف من رحلات الشيخ الرحالة محمد بن ناصر العبودي)، عبد العزيز العويد.
-(سائح في المعجم، قراءة في كتاب معجم أسر بريدة) درع بن عبد الله الدرع.
تكريم وجوائز:
تم تكريم العبودي من جهات عدة تقديرًا لجهوده العلمية والأدبية، فمنح عدد من الشهادات، ومن الجهات التي كرمته:
* وزارة المعارف عام 1394هـ كرمته بميدالية الاستحقاق في الأدب.
* اثنينية عبد المقصود خوجة عام 1406هـ.
* نادي أدبي القصيم عام 1421هـ.
* ثلوثية المشوح.
* فاز بجائزة الأمير سلمان بن عبدالعزيز لدراسات تاريخ الجزيرة العربية في دورتها الثالثة 1429-1430هـ (2008 -2009م).
* فاز كتابه (معجم الأصول الفصيحة للألفاظ الدارجة) بجائزة كتاب العام التي يقدمها نادي الرياض الأدبي الثقافي في دورتها الثالثة 1431هـ (2010م).
* فاز كتابه (معجم الملابس في المأثور الشعبي) بجائزة وزارة الثقافة والإعلام للكتاب لهذا العام 1435 هـ (2014م).
* فاز كتابه (معجم وجه الأرض وما يتعلق به من الجبال والآبار والجواء ونحوها في المأثورات الشعبية) بجائزة الملك عبد العزيز للكتاب في دورتها الثانية 1436هـ (2015م) في فرع جائزة الكتب المتعلقة بجغرافية المملكة العربية السعودية.
* كُرّم في عام 7 رمضان 1442هـ الموافق 19 أبريل 2021م بجائزة شخصية العام الثقافية في مبادرة الجوائز الثقافية الوطنية من وزارة الثقافة في المملكة العربية السعودية.
ما كُتب في ترجمته:
ترجم له كثيرون من محبيه في حياته، حتى قال عن نفسه: (مع العلم بأنه كُتبت عني عشرات من المقالات والبحوث لبعض المحبين الذين يحسنون الظن بي، ويرون أن الحديث عني فيه فائدة، ولو جمعت لبلغت مجلدات.
وأصدر طائفة من الأدباء كتبًا في ترجمتي منها كتاب الدكتور محمد بن عبد الله المشوح بعنوان (محمد بن ناصر العبودي: عميد الرحالين) طبع في نحو 500 صفحة، وكتاب آخر في مجلدين للشيخ محمد بن أحمد سيد، المدرس في دار الحديث المكية في مكة المكرمة)([6]).
ومن لطائف ما كتب في ترجمته: كتاب (الشيخ محمد العبودي من خلال عيون بناته)، وهو من تأليف ثلاث من بناته.
وفاته:
توفي الشيخ رحمه الله يوم الجمعة الموافق 2 / 12 / 1443هـ، بعد حياة حافلة مليئة بالكفاح والعطاء، وترك إرثًا معرفيًّا ضخمًا، تزخر بها المكتبات الإسلامية، فرحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته([7]).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)
([1]) محمد بن ناصر العبودي، محمد أحمد سيد، ص (50-62).
([2]) انظر: عميد الرحالين محمد بن ناصر العبودي، للمشوح ص (75-77).
([3]) عبدالله بن محمد بن حميد، رئيس مجلس القضاء الأعلى، كتب هذا الثناء على الشيخ محمد ناصر العبودي في الرياض في 4/ 6/ 1397هـ.
([4]) د. عبدالعزيز الخويطر، وزير المعارف سابقًا ووزير الدَّولة – عضو مجلس الوزراء بالمملكة العربيَّة السُّعوديَّة.
([5]) د. محمد الشويعر، مستشار سماحة المفتي العام، ورئيس تحرير مجلّة البحوث الإسلاميّة.
([6]) معجم أسر بريدة (14/ 275).
– محمد بن ناصر العبودي، محمد بن أحمد سيد. مكتبة الثقافة العصرية.
-عميد الرحالين محمد بن ناصر العبودي (حياته – إسهاماته- جهوده)، محمد المشوح.