لَمحات من حياة الشيخ صالح الفوزان
للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة
هذه ورقة مورقة من حياة فضيلة الشيخ العلامة صالح الفوزان -متَّع الله به- تتحدث عن لمحات من حياته الطويلة في درب العلم وطريق الدعوة.
نسبه:
هو فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان، من أهل الشماسية، من عشيرة آل شماس الوداعين، من قبيلة الدواسر، في جنوب القصيم، بالقرب من مدينة بريدة.
ولادته ونشأته ودراسته:
ولد عام ١٣٥٤، وتوفي والده وهو صغير، فتربى في أسرته، وتعلَّم القرآن الكريم ومبادئ القراءة والكتابة على يد إمام مسجد البلد -وكان قارئًا متقنًا- وهو فضيلة الشيخ حمود بن سليمان التلال الذي تولى القضاء أخيرًا في بلدة ضرية في منطقة القصيم.
توفِّيت والدته سنة سبع وثمانين وثلاثمائة وألف (1387)، وهي من البابطين. قال الشيخ: “وجدِّي من جهة والدتي هو الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين -مفتي البلاد النجدية في وقته-“.
ثم التحق بمدرسة الحكومة حين افتتاحها في الشماسية عام ١٣٦٩، وأكمل دراسته الابتدائية في المدرسة الفيصلية ببريدة عام ١٣٧١، وتعيَّن مدرسًا في الابتدائي، ثم التحق بالمعهد العلمي ببريدة عند افتتاحه عام ١٣٧٣، وتخرّج فيه عام ١٣٧٧، والتحق بكلية الشريعة بالرياض، وتخرّج فيها عام ١٣٨١، ثم نال درجة الماجستير في الفقه، ثم درجة الدكتوراه من هذه الكلية في تخصّص الفقه أيضًا.
ولم يقف الشيخ عند هذا الحدّ، ولم يكتفِ بما كسبه واكتسبه من العلوم، بل واصل ولا زال يواصل، فهو يقول: “التحصيل -والحمد لله- متواصل، فطالب العلم لا يقف عند حدّ، أو ينتهي إلى نهاية؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا}، ويقول جل وعلا: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ}، فالإنسان مهما بلغ من العلم، فإن علمه لا يزال يحتاج إلى مزيد، ويعلم شيئًا، ويجهل أشياء كثيرة، والحمد لله، من خلال مطالعاتي، ومن خلال مذاكراتي مع طلبة.. مع الإخوان، ومن خلال تدريسي في الجامعة -جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية- سنين طويلة، ولا أزال والحمد لله، من خلال ذلك كله، فإنه يتمّ التحصيل، لا زلت، فأنا بحاجة إلى زيادة مهما كان”.
أعماله الوظيفية:
بعد تخرجه في كلية الشريعة عيّن مدرسًا في المعهد العلمي في الرياض، ثم نُقل للتدريس في كلية الشريعة وبها كان أكثر تدريسه، ثم نُقل للتدريس في الدراسات العليا بكلية أصول الدين، ثم في المعهد العالي للقضاء، ثم عين مديرًا للمعهد العالي للقضاء، ثم عاد للتدريس فيه بعد انتهاء مدة الإدارة، ثم نُقل عضوًا في اللجنة الدائمة للإفتاء والبحوث العلمية، ولا يزال على رأس العمل.
أعماله الأخرى:
الشيخ عضو في هيئة كبار العلماء، وعضو في المجمع الفقهي بمكة المكرمة التابع للرابطة، وعضو في لجنة الإشراف على الدعاة في الحج، وعضو في اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، وإمام وخطيب ومدرس في جامع الأمير متعب بن عبد العزيز آل سعود في الملز، وكانت أول إمامته سنة 1398، ومشارك في الإجابة في برنامج (نور على الدرب) في الإذاعة.
وله مشاركات منتظمة في المجلات العلمية على هيئة بحوث ودراسات ورسائل وفتاوى، جمع وطبع بعضها، ويشرف على الكثير من الرسائل العلمية في درجتي الماجستير والدكتوراه.
رحلاته وأسفاره:
ذكر الشيخ أنه سافر إلى أمريكا، وسافر إلى لندن للعلاج عام 1395، وإلى نيجيريا لحضور مؤتمر عام 1397، وإلى الكويت في مهمَّة عمل لدار الإفتاء عام 1407.
قال الشيخ: “إني لم أعُد أرغب السفر”.
مشايخه:
أشياخه كثير، ومن أشهرهم:
– الشيخ عبد الرحمن السعدي([1]).
– سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، وهو أكثر شيخ لازمه من غير مشايخ الكلية.
– سماحة الشيخ عبد الله بن حميد، حيث كان يحضر دروسه في جامع بريدة في
الفرائض والنحو، بل هو أكثر شيخ لازمه من غير مشايخ الكلية، هو والشيخ ابن باز.
– الشيخ محمد الأمين الشنقيطي([2]).
– الشيخ عبد الرزاق عفيفي([3]).
– الشيخ صالح بن عبد الرحمن السكيتي.
– الشيخ محمد بن صالح المنصور.
– الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي.
– الشيخ محمد بن سبيل.
– الشيخ عبد الله بن صالح الخليفي.
– الشيخ إبراهيم بن عبيد العبد المحسن.
– الشيخ حمود بن عقلاء الشعيبي.
– الشيخ صالح العلي الناصر.
كما أنه قد تتلمذ على غيرهم من شيوخ الأزهر المنتدبين في الحديث والتفسير واللغة العربية.
أقرانه وزملاؤه:
منهم: سعد الفريان، وحمد الفريان، وابن عبيد، وابن معيذر، وإبراهيم الضبيعي، وعبد الله بن منيف.
طلابه:
تكاد حياة الشيخ كلها تكون تدريسًا وتعليمًا، وإرشادًا وتفهيمًا، فها هو يقول: “أنا درَّست -والحمد لله- وبسبب طول مدة التدريس التي زاولتها، درَّست غالب المواد المقررة؛ فقهًا، وتفسيرًا، وحديثًا، وحتى علم النحو درسته”؛ ولذلك يصعب حصر طلاب الشيخ، فهم كثيرون، بكثرة تنوع تدريسه، وتعدّد مواطنه، إلا أني أذكر من ذكرهم الشيخ، وهم: الشيخ عبد الرحمن السديس إمام الحرم المكي، والشيخ عبد المحسن القاسم إمام الحرم النبوي، والشيخ صالح بن إبراهيم آل الشيخ، والشيخ محمد النملة، والشيخ خالد الحصان.
تواضعه:
التواضع سمة ملازمة لأهل العلم، وصفة متلازمة لا تنفك عنهم، وما قد يحصل من بعضهم من شدة وقسوة فهي عائدة لطبيعتهم البشرية التي يغلبون عليها، أو أن تكون نادرة؛ نظرًا لجهدهم وتعبهم، والشيخ صالح واحد من أولئك العلماء الذين يهضمون أنفسهم، ولا يرون لها مزيد أفضال وإفضال.
ولما سأله المقدم: دكتور صالح، إذا قلت: إن تلكم الخطب كانت مرجعًا للعلماء أيضًا، ماذا تقولون؟ فأجاب: “أنا لا أقول ذلك، أنا أقول: إنها مرجع للمبتدئين، أو لمن ليس عندهم الوقت الكافي لإعداد الخطبة”.
ويقول: “أنا ما أحبّ أن أنوّه عن أعمالي، والله سبحانه وتعالى هو المطلع عليها”.
مؤلفاته:
للشيخ مؤلفات كثيرة، من أبرزها:
– التحقيقات المرضية في المباحث الفرضية، في مجلد، وهو رسالته الماجستير.
– أحكام الأطعمة في الشريعة الإسلامية، في مجلد، وهو رسالته الدكتوراه.
– الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد، مجلد صغير.
– شرح العقيدة الواسطية، مجلد صغير.
– البيان فيما أخطأ فيه بعض الكتاب، مجلد كبير.
– مجموع محاضرات في العقيدة والدعوة، مجلدان.
– الخطب المنبرية في المناسبات العصرية، أربع مجلدات.
– من أعلام المجددين في الإسلام.
– رسائل في مواضيع مختلفة.
– مجموع فتاوى في العقيدة والفقه مفرغة من برنامج (نور على الدرب)، وقد أنجز منه أربعة أجزاء.
– الإعلام بنقد كتاب الحلال والحرام في الإسلام، وهو أول كتاب طبع له، وقد قرأه على الشيخ ابن حميد.
– شرح كتاب التوحيد، وهو شرح مدرسي.
– التعقيب على ما ذكره الخطيب في حق الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
– الملخص الفقهي، مجلدان.
– إتحاف أهل الإيمان بدروس شهر رمضان.
– الضياء اللامع من الأحاديث القدسية الجوامع.
– بيان ما يفعله الحاج والمعتمر.
– كتاب التوحيد، جزءان مقرران في المرحلة الثانوية بوزارة المعارف.
– فتاوى ومقالات نشرت في مجلة الدعوة.
– البدع والمحدثات وما لا أصل له.
– مجالس شهر رمضان المبارك.
– عقيدة التوحيد.
– أضواء من فتاوى ابن تيمية.
– بحوث فقهية في قضايا عصرية.
– شرح كتاب كشف الشبهات.
– فقه وفتاوى البيوع.
– دروس من القرآن الكريم.
– شرح زاد المستقنع.
– الملخص في شرح كتاب التوحيد.
– إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد.
– شرح مسائل الجاهلية.
– حكم الاحتفال بذكرى المولد النبوي.
– المنتقى من الفتاوى.
– لمحة عن الفرق.
– الإيمان بالملائكة وأثره في حياة الأمة.
– مجمل عقيدة السلف الصالح.
– البيان بالدليل لما في نصيحة الرفاعي ومقدّمة البوطي من الكذب الواضح والتضليل.
– حقيقة التصوف.
– من مشكلات الشباب.
– وجوب التحاكم إلى ما أنزله الله.
– الفرق بين البيع والربا.
– مسائل في الإيمان.
– التعليقات المختصرة على متن العقيدة الطحاوية.
– تدبر القرآن.
– من مشاهير المجددين في الإسلام.
– وجوب التثبت في الأخبار واحترام العلماء.
– من أصول عقيدة أهل السنة والجماعة.
– دور المرأة في تربية الأسرة.
– معنى لا إله إلا الله.
علاوة على العديد من الكتب والبحوث والرسائل العلمية، منها ما هو مطبوع، ومنها ما هو في طريقه للطبع.
ومع هذا يقول الشيخ: “أنا لست من هواة التأليف، ولكن هناك أشياء أكتبها للضرورة فقط أو أكتبها لأشياء، فإذا تجمَّعت لديّ رأيت أن إهمالها مضيَعة، فأقوم بتهذيبها وطبعها، وإن شئت أن تُسمِّيها مؤلّفات، ولو كنت أنا لا أرى أنها مؤلفات، وإنما هي بالأصح ميسّرات أو أوراق”.
ويقول: “أنا لا أكتب ابتداء، وإنما أكتب لسبب أو إجابة، منها: قسم في المقررات الدراسية نُكلَّف بكتابتها فأكتب، قد كتبت -والحمد لله- مقررات العقيدة، وفي مقررات الفقه ما هو معلوم الآن وبأيدي الطلبة في المعاهد العلمية، وفي الثانويات، وفي الكليات في المعاهد العلمية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وفي الثانويات والمتوسطات في وزارة المعارف”.
صوتيات الشيخ:
ومع هذا الكمّ الوافر من المؤلفات، فإن للشيخ جمًّا زاخرًا من المواد الصوتية التي أثرى بها المكتبة الإسلامية في علوم مختلفة، منها:
– شرح لمعة الاعتقاد، في ١٢ شريطا.
– شرح نونية ابن القيم، في ٦٤ شريطا.
– شرح العقيدة السفارينية للسفاريني، في ١٥ شريطا.
– شرح منظومة الآداب، في ١٦ شريطا.
– شرح عمدة الأحكام، في ١١ شريطا.
– شرح الأصول الثلاثة، في ١٠ شرائط.
– شرح العقيدة الطحاوية، في ١٤ شريطا.
– اللقاء الأسبوعي المفتوح، في ١٢ شريطا.
– شرح رسائل من مجموعة التوحيد، في ٩ شرائط.
– شرح كشف الشبهات، في ٩ شرائط.
– شرح العقيدة الواسطية، في ٣١ شريطا.
– شرح مسائل الجاهلية، في ١٤ شريطا.
– شرح نواقض الإسلام، في ٥ شرائط.
– شرح بلوغ المرام، في ١٦٨ شريط.
– شرح زاد المستقنع، في ٦٩ شريطا.
– شرح قرة عيون الموحدين، في ٦٠ شريطا.
– شرح العدة، في ٤٠ شريطا.
– شرح العدة الثاني، في ٤٣ شريطا.
وبعد، فهذه مقتطفات من حياة الشيخ العلامة صالح الفوزان، وهي -كما ترى- ثمار يانعة في القول والعمل والحال([4]).
حفِظ الله شيخنا، وبارك في عِلمه وعَمله وعُمره.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)
([1]) ذكر الشيخ أنه زاره عدّة مرَّات، ومنها مرَّةً بعد العصر، وكان الشيخ ابن سعدي يصبُّ القهوة بنفسه، وبعد يومين صلّى بهم، ثم سقط بسبب جلطة، فحملوه، فمات بعد يومين.
([2]) ذكر الشيخ أنه كان إذا تكلّم انطلق في كلامه وتفجر العلم منه في فنون كثيرة: أصول، وشواهد شعر، وغير ذلك، لكنه لا يحبّ المقاطعة ويتأثّر من ذلك. وكان بعض الطلاب لا يحسنون السؤال فيغضب عليهم، وبخاصة أنّ بعضهم يسأل أسئلة عن أشياء واضحة.
([3]) درَّسهم دراسة نظامية في المعهد والكلية؛ في التفسير والأصول والعقيدة والحديث. قال الشيخ صالح: والشيخ عبد الرزاق مدرِّس ناجح مؤثّر، لا يُكثر الكلام، ولا يترك شيئا دون توضيح، وعنده أسلوب شيِّق يجعلك تفهم الدرس بسهولة، وله شخصية مهابة.
– موقع الشيخ صالح الفوزان.
– مقال للأستاذ عبد العزيز بن عبد الكريم العيسي.
– الرحلة الأربعائية، للشيخ عبد العزيز السدحان.