الأربعاء - 27 ذو الحجة 1445 هـ - 03 يوليو 2024 م

ما صحّ في الحبة السوداء وشكوك المنكرين!

A A

 

تمهيد:

مَن ينظر إلى أصحاب الفكر الليبرالي والحداثي.. يجدُ أنَّهم لا ينظرون إلى الأشياء إلا بمعيارٍ واحد، وهو: معيار المادَّة فحسب، فيبنون آراءهم وتحليلاتهم عليها، ولا يقف الأمر عند هذا الحد؛ بل يهزؤون بمن يأخذ بالأسباب ويؤمن بالغيب في آن واحد، فهو يؤمن بالله وبوعوده في القرآن والسنة، ويؤمن بالمادة والعقل والمصنع والآلة، فلا مناقضة بين الأمرين إلا في عقول الحداثيين؛ ولذلك ينكرون كثيرًا من الأحاديث لأنها -في نظرهم-؛ لا تتَّفق مع نظرتهم المادية، أو مع نظرتهم الإنكاريَّة للسُّنة، فهناك أحاديث من ينكرها هو أحد اثنين:

1/ إما أنه مادي بحت لا يؤمن بما خلف المادة.

2/ أو منكرٌ للسنة، ويبحث عن أيِّ حديثٍ يرى أنه مناقضٌ للعقل أو الواقع، فينثر سخائمه على الحديث وأهله، ويهزأ بعقولهم.

ومن الأحاديث التي تمسكوا بها في إنكار السنة، أو الاستهزاء بالعلماء الربانيين: قول النبي صلى الله عليه وسلم: “الحبة السوداء شفاء من كل داء”([1] فهم يرون أن هذا الحديث لا يمكن أن يصدر عن النَّبي صلى الله عليه وسلم؛ لكونه يخالف الواقع، فإنَّ الحبة السوداء لا تشفي من كل داء، يقول أحمد ماهر: “ها أنا أتكلَّم عمَّا قالوا إنَّه من عند الله، وأتحدَّاهم أن يكون ذلك من عند الله، أو حتى من عند رسول الله. سأتكلَّم عما يسمونه زوراً وبهتانًا بالطبِّ النبوي، نحنُ نعلم أن العالم يمرُّ حاليًّا بنكبة، اسمها: فيروس كورونا، يموت الضحايا بالمئات، ومن المنتظر: أن يموت الآلاف، وكل البلدان تتأهب للوقاية والعلاج.. أقول للمشايخ والفقهاء الذين نسبوا للنبي زوراً وبهتاناً، إنَّه قال: (إن الحبة السوداء فيها شفاء من كل داء إلا السام)، يعني: هذا أنها تستطيع شفاء كل الأمراض إلا الموت … هناك أحد أمرين، إما أنكم لا ترغبون في أن تقولوا للناس العلاج الذي لديكم والذي يشفي جميع الأمراض، ولا ترغبون في شفائهم، أو أنَّكم تكذبون، فإذا كنتم تعتبرون أنَّ هذا الكلام من عند الله، قولوا لمنظمة الصحة العالمية، فهِّموها”([2])  

وليس هذا بجديد، فقد سبقه حسن حنفي، مثلاً في ادعاء أنَّ الحبة السوداء والتعامل بها ما هو إلا شعوذة ودجل! يقول: “وهي أشبه بالوصفات البلدي في الطِّب الشعبي الذي يظلُّ البعض يمارسه حتى اليوم يصنعها الدجالون والمشعوذون؛ بدعوى أنها من الطب النبوي مذكورة في البخاري، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه” ([3]).

والحديث عن الحبَّة السوداء، يظهر في كل نازلةٍ أو وباءٍ عالميٍّ، بالرغم من أنَّ العلماء قد كتبوا في كل ما يثيرونه، وقولهم ينبئ عن معرفة بالعلوم العربية وسياقات النصوص، ويتبين ذلك في الآتي:

أولا: الحديث:

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: “الحبة السوداء شفاء من كل داء، إلا من السام”، وفي رواية: “ما من داء، إلا في الحبة السوداء منه شفاء، إلا السام”.

ثانيا: حكم الحديث:

هذا الحديث، في أعلى درجات الصِّحَّة، عند علماء المسلمين، فإنَّه حديث متفق عليه، فقد أخرجه البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها برقم (687، 5688)، وأخرجه مسلم في صحيحه برقم (2215)، فالحديث بمقياس المحدثين، الذين أمضوا عمرهم في علم الحديث= حديثٌ صحيحٌ اتفق عليه الشيخان.

ثالثًا: الحداثيون والقفز الحكمي:

كان واجبًا على الحداثيِّين، أن لا يمارسوا مغالطة القفز الحكمي، فيتركون كلَّ كلام العلماء الذي تكلموا به عن هذا الحديث، ثم يتمسَّكون بذات الشبهة، وكأنه لا أحد يجيب عنها، ومن المقبول.. أن يناقشوا كلام العلماء ويبينوا خطأه بأدلة علميَّة، لكنهم يمارسون قفزًا حكميًّا عليه فلا يذكرونه ولا يناقشونه.

ومن كلام العلماء، في هذا الحديثِ.. أنَّ منهم من جعلهُ عامًّا لكل مرض، لكن نبَّه على أنَّه ليس معنى، ذلك أنَّ مجرد أخذ الحبة السوداء يشفي من كلِّ مرض، بل بيَّن أنَّ الدواء الواحد له خصائص عديدة، وأنَّ الشيء الواحد تُستخلص منه عدَّة أشياء، فيكون العلاج في واحد من هذه الأشياء مركبًا مع غيره، والمقصد: أنَّ الحبة السوداء فيه خصائص علاجيَّة متى ما ركِّبت مع غيرها، صار في ذلك المرَّكبِ علاجًا، ولا يخفى أنَّ الحبة السوداء ومستخلصاتها وتركيباتها، تدخل في علاج كثير من الأمراض، وفي بيان هذا؛ يقول الكرماني (ت:786هـ): “يحتمل إرادة العموم منه؛ بأن يكون شفاء للكل، لكن بشرط تركيبه مع الغير”([4])، وهذا يقع في كل دواء، يقول ابن حجر رحمه الله (ت: 852هـ): “وممَّا يدخل في قوله (جهله من جهله) ما يقع لبعض المرضى، أنه يتداوى من داء بدواء فيبرأ، ثمَّ يعتريه ذلك الداء بعينه فيتداوى بذلك الدواء بعينه فلا ينجع، والسبب في ذلك: الجهل بصفة من صفات الدواء، فربَّ مرضين تشابها ويكون أحدهما مركبًا لا ينجع فيه ما ينجع في الذي ليس مركبًا؛ فيقع الخطأ من هنا”([5])

ولا يتعلق الأمر بتركيبات الدواء الواحد، بل حتَّى بكميته وطريقة أخذه، فالنبي صلى الله عليه وسلم، بيَّن أنه دواء، أمَّا طريقة أخذه ووقته، فيُتبع فيه ما يقوله العلم الطبِّي الحديث الصَّحيح، ومجرد أنَّ الحبة السواء لم يعالج داءً بعينه لا يعني أنَّ الحديث باطلٌ، يقول ابن بطال (ت: 449هـ): “هذا الحديث يدل عمومه على الانتفاع بالحبة السوداء في كلِّ داءٍ غير داء الموت، كما قال عليه السَّلام، إلا أنَّ أمر ابن أبي عتيق بتقطير الحبَّة السوداء بالزيت في أنف المريض لا يدلُّ أنَّ هكذا سبيل التداوي بها في كل مرض، فقد يكون من الأمراض ما يصلح للمريض شربها أيضًا، ويكون منها ما يصلح خلطها ببعض الأدوية، فيعم الانتفاع بها منفردة ومجموعة مع غيرها”([6]).

رابعًا: هل الحديث على عمومه؟

بينَّت أن من أهل العلم، من جعل الحديث عامًّ لكن قيده بالاستخدام الصحيح له، وكون الدواء في مستخلصاته وتركيبات الدواء وما إلى ذلك، ورأى آخرون: أن الحديث ليس على عمومه.

وقد فهم الحداثيون والليبراليون.. أنَّ الحبة السوداء دواء من كل داء مطلقًا؛ لورود كلمة “كل”، إلا أنَّ هذه اللفظة ليست دالَّة على العموم مطلقًا كما هو معلوم، وقد قال الله عن الرياح التي أرسلها الله، إلى قوم عاد بأنها: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا } [الأحقاف: 25]، لكن ذكر الله بعد ذلك مباشرة: {فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ } [الأحقاف: 25] فلم تدمر المساكن، ومثل قوله تعالى عن بلقيس، أنها: {أُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} [النمل: 23]، ومع ذلك فهي لم تؤت ملك سليمان عليه السلام.

        فالعلماء يرون.. أنَّ هذا الحديث مخصوص بكونه دواء لكل داء يقبل العلاج بها، أو لكل داء كان مشهورًا عند العرب آنذاك، فإنَّ الأمراض المشهورة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، كانت محدودة معروفة، فكانت الحبة السوداء تعالج تلك الأمراض في تلك البيئة، يقول ابن حجر رحمه الله (ت: 852هـ): “وقيل: إن قوله “كل داء” تقديره يقبل العلاج بها، فإنها تنفع من الأمراض الباردة، وأمَّا الحارة فلا؛ نعم قد تدخل في بعض الأمراض الحارة اليابسة بالعرض، فتوصل قوى الأدوية الرطبة الباردة إليها بسرعة تنفيذها، ويستعمل الحار في بعض الأمراض الحارة لخاصية فيه لا يستنكر.

وقال الخطابي: “قوله “من كل داء” هو من العام الذي يراد به الخاص؛ لأنَّه ليس في طبع شيء من النَّبات ما يجمع جميع الأمور التي تقابل الطبائع في معالجة الأدواء بمقابلها، وإنما المراد أنها شفاء من كل داء يحدث من الرطوبة”([7]).

ويقول ابن القيم رحمه الله (ت: 751هـ) حين جاء يشرح حديث الحبة السوداء: “الحبة السوداء: هي الشونيز في لغة الفرس، وهي الكمون الأسود، وتسمى الكمون الهندي، قال الحربي عن الحسن: إنها الخردل، وحكى الهروي: أنها الحبة الخضراء ثمرة البطم، وكلاهما وهم، والصواب: أنها الشونيز.

وهي كثيرة المنافع جدا، وقوله: “شفاء من كل داء” مثل قوله تعالى: {تدمر كل شيء بأمر ربها} [الأحقاف: 25] أي: كل شيء يقبل التدمير ونظائره، وهي نافعة من جميع الأمراض الباردة، وتدخل في الأمراض الحارة اليابسة بالعرض، فتوصل قوى الأدوية الباردة الرطبة إليها بسرعة تنفيذها إذا أخذ يسيرها”([8]).

خامسا: الحبة السوداء وفعلُ النَّبي صلى الله عليه وسلم:

 ممَّا يؤكد على أنَّ الحديث، ليس على عموم أنها تداوي كل الأمراض بمجرد الأخذ بها: فعلُ النبي صلى الله عليه وسلم؛ قائل هذا الحديث، فإن كان الحديث على عمومه، لَمَا داوى النبي صلى الله عليه وسلم نفسَه ولا غيرَه إلا بالحبَّة السَّوداء، ولأَحَال كلَّ مريضٍ وسقيم إليها، وهذا خلاف الواقع، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن أفضل ما تداويتم به الحجامة”([9])، وقال النبي صلى الله عليه وسلم، لرجل يشتكي أخوه بطنَه: “اسقه عسلا”([10]).

سادسًا: الحبة السوداء والمناعة:

من أوجه كون الحبة السواء، دواء لكل داء، أنها: نافعة للمناعة، والمناعة هي التي تمنع الأمراض والأوبئة والفيروسات من اقتحام الجسم، وكلما كانت مناعة الإنسان أقوى، كان أكثر صحةً وأبعد عن المرض، وقد ثبت أن الحبة السوداء، لها مفعول كبير في تقوية المناعة، كما أن الحبة السوداء وما يستخلص منها فعالة في عدد من الأمراض، ولست هنا بصدد، ذكر فوائد الحبة السوداء([11])؛ لكن أشير إلى أن منافعها ثابتة، وبناء على كونها تدخل في تقوية المناعة يمكن القول أن فيها علاجًا من كل داء.

سابعًا: الحبة السوداء سببٌ كأي دواء معاصر:

من يصحّح هذا الحديث -وهم جمهور المسلمين وسوادهم-.. يرون الحبَّة السوداء، سببًا من الأسباب، والأسباب عند العلماء، قد تتخلف آثارها ونتائجها، يقول ابن تيمية رحمه الله (ت: 728هـ): “ومجرد الأسباب لا يوجب حصول المسبب؛ فإنَّ المطر إذا نزل وبذر الحب لم يكن ذلك كافيًا في حصول النبات؛ بل لا بد من ريح مربية بإذن الله، ولا بد من صرف الانتفاء عنه؛ فلا بد من تمام الشروط وزوال الموانع، وكل ذلك بقضاء الله وقدره”([12])، ويقول ابن باز رحمه الله (ت: 1420هـ): “وكثير من الناس لا تنفعه الأسباب، ولا الرقية بالقرآن ولا غيره؛ لعدم توافر الشروط، وعدم انتفاء الموانع، ولو كان كل مريض يشفى بالرقية أو بالدواء، لم يمت أحد”([13]).

وبناء عليه؛ فإنَّه حتى من يقول: إنَّ الحبة السوداء دواء من كل داء، لا يلزم منه أن يترك الإنسان الطب المعاصر من أجلها، ولا يلزم منه أن تكون الحبة السوداء نفسها، صالحة لكل مرض، ولا أن تشفي الحبة السوداء كل الناس، بل حتى أدوية الطبِّ الحديث، أسباب تتخلف آثارها وتتفاوت نتائجها من شخص لآخر.

وأخيرا: كتب علماء الإسلام في معظم ما أثير حول السنة النبوية، ومن يتأمل شبهات اليوم، يجد أنها اجترارٌ لشبهات قديمة بألفاظها ونصوصها ولبوسها، وموقف أهل العلم من المسلمين، موقف منضبط سليم جامعٌ بين الإيمان بما قال الله ورسوله، وبما تمليه الحضارة المعاصرة من أمور لا تخالف الدين، فهم الفائزون بالجمع بين الاثنين.

والحمد لله رب العالمين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) سيأتي تخرجه.

([2]) انظر مقالا بعنوان: باحث إسلامي يتحدى مؤيدي الطب النبوي: قدموا علاجًا لكورونا. على الرابط: https://www.annahar.com/article/1133024-%D8%A8%D8%A7%D8%AD%D8%AB-%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A-%D9%8A%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D9%89-%D9%85%D8%A4%D9%8A%D8%AF%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A8%D9%88%D9%8A-%D9%82%D8%AF%D9%85%D9%88%D8%A7-%D8%B9%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%A7-%D9%84%D9%83%D9%88%D8%B1%D9%88%D9%86%D8%A7

([3]) من النقل إلى العقل (2/448).

([4]) عمدة القاري شرح صحيح البخاري (21/ 237).

([5]) فتح الباري لابن حجر (10/ 135- 136).

([6]) شرح صحيح البخارى لابن بطال (9/ 397).

([7]) فتح الباري لابن حجر (10/ 144- 145).

([8]) زاد المعاد في هدي خير العباد (4/ 273).

([9]) أخرجه مسلم برقم (1577).

([10]) أخرجه البخاري برقم (5684)، ومسلم برقم (2217).

([11]) هناك دراسات عديدة في الحبة السوداء وفوائدها والمجالات التي تدخل فيها كعلاج، وهذه بعض الدراسات في مجلات غربية، وهذه روابطها:

([12]) مجموع الفتاوى (8/ 70).

([13]) مجموع فتاوى ابن باز (8/ 61).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

جديد سلف

هل يُمكِن الاستغناءُ عن النُّبوات ببدائلَ أُخرى كالعقل والضمير؟

هذه شبهة من الشبهات المثارة على النبوّات، وهي مَبنيَّة على سوء فَهمٍ لطبيعة النُّبوة، ولوظيفتها الأساسية، وكشف هذه الشُّبهة يحتاج إلى تَجْلية أوجه الاحتياج إلى النُّبوة والوحي. وحاصل هذه الشبهة: أنَّ البَشَر ليسوا في حاجة إلى النُّبوة في إصلاح حالهم وعَلاقتهم مع الله، ويُمكِن تحقيقُ أعلى مراتب الصلاح والاستقامة من غير أنْ يَنزِل إليهم وحيٌ […]

هل يرى ابن تيمية أن مصر وموطن بني إسرائيل جنوب غرب الجزيرة العربية؟!

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة (تَنتقِل مصر من أفريقيا إلى غرب جزيرة العرب وسط أوديتها وجبالها، فهي إما قرية “المصرمة” في مرتفعات عسير بين أبها وخميس مشيط، أو قرية “مصر” في وادي بيشة في عسير، أو “آل مصري” في منطقة الطائف). هذا ما تقوله كثيرٌ من الكتابات المعاصرة التي ترى أنها تسلُك منهجًا حديثًا […]

هل يُمكن أن يغفرَ الله تعالى لأبي لهب؟

من المعلوم أن أهل السنة لا يشهَدون لمعيَّن بجنة ولا نار إلا مَن شهد له الوحي بذلك؛ لأن هذا من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله تعالى، ولكننا نقطع بأن من مات على التوحيد والإيمان فهو من أهل الجنة، ومن مات على الكفر والشرك فهو مخلَّد في النار لا يخرج منها أبدًا، وأدلة ذلك مشهورة […]

مآخذ الفقهاء في استحباب صيام يوم عرفة إذا وافق يوم السبت

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. فقد ثبت فضل صيام يوم عرفة في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (‌صِيَامُ ‌يَوْمِ ‌عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ)([1]). وهذا لغير الحاج. أما إذا وافق يومُ عرفة يومَ السبت: فاستحبابُ صيامه ثابتٌ أيضًا، وتقرير […]

لماذا يُمنَع من دُعاء الأولياء في قُبورهم ولو بغير اعتقاد الربوبية فيهم؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة هناك شبهة مشهورة تثار في الدفاع عن اعتقاد القبورية المستغيثين بغير الله تعالى وتبرير ما هم عليه، مضمونها: أنه ليس ثمة مانعٌ من دعاء الأولياء في قبورهم بغير قصد العبادة، وحقيقة ما يريدونه هو: أن الممنوع في مسألة الاستغاثة بالأنبياء والأولياء في قبورهم إنما يكون محصورًا بالإتيان بأقصى غاية […]

الحج بدون تصريح ..رؤية شرعية

لا يشكّ مسلم في مكانة الحج في نفوس المسلمين، وفي قداسة الأرض التي اختارها الله مكانا لمهبط الوحي، وأداء هذا الركن، وإعلان هذه الشعيرة، وما من قوم بقيت عندهم بقية من شريعة إلا وكان فيها تعظيم هذه الشعيرة، وتقديس ذياك المكان، فلم تزل دعوة أبينا إبراهيم تلحق بكل مولود، وتفتح كل باب: {رَّبَّنَآ إِنِّيٓ أَسۡكَنتُ […]

المعاهدة بين المسلمين وخصومهم وبعض آثارها

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة باب السياسة الشرعية باب واسع، كثير المغاليق، قليل المفاتيح، لا يدخل منه إلا من فقُهت نفسه وشرفت وتسامت عن الانفعال وضيق الأفق، قوامه لين في غير ضعف، وشدة في غير عنف، والإنسان قد لا يخير فيه بين الخير والشر المحض، بل بين خير فيه دخن وشر فيه خير، والخير […]

إمعانُ النظر في مَزاعم مَن أنكَر انشقاقَ القَمر

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الحمد لله رب العالمين، وأصلى وأسلم على المبعوث رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فإن آية انشقاق القمر من الآيات التي أيد الله بها نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم، فكانت من أعلام نبوّته، ودلائل صدقه، وقد دلّ عليها القرآن الكريم، والسنة النبوية دلالة قاطعة، وأجمعت عليها […]

هل يَعبُد المسلمون الكعبةَ والحجَرَ الأسودَ؟

الحمد لله الذي أكمل لنا الدين، وهدنا صراطه المستقيم. وبعد، تثار شبهة في المدارس التنصيريّة المعادية للإسلام، ويحاول المعلِّمون فيها إقناعَ أبناء المسلمين من طلابهم بها، وقد تلتبس بسبب إثارتها حقيقةُ الإسلام لدى من دخل فيه حديثًا([1]). يقول أصحاب هذه الشبهة: إن المسلمين باتجاههم للكعبة في الصلاة وطوافهم بها يعبُدُون الحجارة، وكذلك فإنهم يقبِّلون الحجرَ […]

التحقيق في نسبةِ ورقةٍ ملحقةٍ بمسألة الكنائس لابن تيمية متضمِّنة للتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وبآله

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: إنَّ تحقيقَ المخطوطات من أهمّ مقاصد البحث العلميّ في العصر الحاضر، كما أنه من أدقِّ أبوابه وأخطرها؛ لما فيه من مسؤولية تجاه الحقيقة العلمية التي تحملها المخطوطة ذاتها، ومن حيث صحّة نسبتها إلى العالم الذي عُزيت إليه من جهة أخرى، ولذلك كانت مَهمة المحقّق متجهةً في الأساس إلى […]

دعوى مخالفة علم الأركيولوجيا للدين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: عِلم الأركيولوجيا أو علم الآثار هو: العلم الذي يبحث عن بقايا النشاط الإنساني القديم، ويُعنى بدراستها، أو هو: دراسة تاريخ البشرية من خلال دراسة البقايا المادية والثقافية والفنية للإنسان القديم، والتي تكوِّن بمجموعها صورةً كاملةً من الحياة اليومية التي عاشها ذلك الإنسان في زمانٍ ومكانٍ معيَّنين([1]). ولقد أمرنا […]

جوابٌ على سؤال تَحَدٍّ في إثبات معاني الصفات

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة أثار المشرف العام على المدرسة الحنبلية العراقية -كما وصف بذلك نفسه- بعضَ التساؤلات في بيانٍ له تضمَّن مطالبته لشيوخ العلم وطلبته السلفيين ببيان معنى صفات الله تبارك وتعالى وفقَ شروطٍ معيَّنة قد وضعها، وهي كما يلي: 1- أن يكون معنى الصفة في اللغة العربية وفقَ اعتقاد السلفيين. 2- أن […]

معنى الاشتقاق في أسماء الله تعالى وصفاته

مما يشتبِه على بعض المشتغلين بالعلم الخلطُ بين قول بعض العلماء: إن أسماء الله تعالى مشتقّة، وقولهم: إن الأسماء لا تشتقّ من الصفات والأفعال. وهذا من باب الخلط بين الاشتقاق اللغوي الذي بحثه بتوسُّع علماء اللغة، وأفردوه في مصنفات كثيرة قديمًا وحديثًا([1]) والاشتقاق العقدي في باب الأسماء والصفات الذي تناوله العلماء ضمن مباحث الاعتقاد. ومن […]

محنة الإمام شهاب الدين ابن مري البعلبكي في مسألة الاستغاثة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فإن فصول نزاع شيخ الإسلام ابن تيمية مع خصومه طويلة، امتدت إلى سنوات كثيرة، وتنوَّعَت مجالاتها ما بين مسائل اعتقادية وفقهية وسلوكية، وتعددت أساليب خصومه في مواجهته، وسعى خصومه في حياته – سيما في آخرها […]

العناية ودلالتها على وحدانيّة الخالق

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: إنَّ وجودَ الله تبارك وتعالى أعظمُ وجود، وربوبيّته أظهر مدلول، ودلائل ربوبيته متنوِّعة كثيرة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (إن دلائل الربوبية وآياتها أعظم وأكثر من كلّ دليل على كل مدلول) ([1]). فلقد دلَّت الآيات على تفرد الله تعالى بالربوبية على خلقه أجمعين، وقد جعل الله لخلقه أمورًا […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017