جناية الجهم بن صفوان “ومناقشة مختصرة لدعوى قتلِه بدافع سياسيّ لا ديني”
للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة
كان للجهم والجهمية أثر كبيرٌ في التحوّلات البدعية الكبرى؛ فالجهم بن صفوان إمام البدع ومخترعها، ومستفتِح بابِ الضلالات في مجتمعات السنة وناشرُها، فبصمات جناياته في جيله لائحة، وآثاره في الفرق المنتسبة إلى الإسلام بعده واضحة؛ لهذا وغيرِه أجمعت الجموع على هجرانه، لم تتَّفق كلمة السلف والخلف وأصحاب المقالات على ذمّ رجل وتضليله كاتفاقهم على هذا الرجل.
وإنك لترى دون أدنى كُلفة ونظر أن أكثرَ الضلالات الكبرى الناشئة في زمانه أو بعده له بها اتصال، إن لم يكن من مؤسِّسيها أو مطوِّريها.
وقد ثارت دعاوى مفادُها: أن قتل الجهم كان لمآرب سياسية لا دينية، ولخروجه على بني أمية وليس لمخالفته السلف ومناوأتهم.
فدعتِ الحاجة وافتقر الأمر إلى تذكار بما كان من الرجل؛ فقد رُدِّدت الدعاوى على نحو مما سبق، وأوهموا أن الجهم بن صفوان ضحية فكرٍ وشهيد كلمة. فما محلُّ هذه الدعاوى من الصحة؟ وما حقيقة جناياته؟
المبحث الأول: من الجهم بن صفوان؟
هو أبو محرز الجهم بن صفوان الترمذيّ، من أهل بلخ، مولى لبني راسب، ظهر في المئة الثانية من الهجرة، فهو حامل لواء الجهميّة ورأسُها، وإليه تنتسب، وقد ظهرت بدعته بترمذ([1]).
وكان قد خرج مع الحارِث بن سُريَج الذي تمرَّد على الدولة الأُمويَّة، وقتله سَلم بن الأحْوَز المازني بمَرْو نحو سنة 128هـ([2]).
كان الجهم أولَ من أشهر بدعةَ القول بخلق القرآن وتعطيل الله عن صفاته، فكان ينكر الصفات، وينزه الباري عنها بزعمه، ويقول: الإيمان عقد بالقلب وإن تلفَّظ بالكفر، ويزعم أن الله ليس على العرش بل في كلِّ مكان، وقد قيل: إنه كان يبطن الزندقة، والله أعلم بذلك([3]). وأخذ مقالات شيخه الجعد بن درهم فأظهرها، واحتج لها بالشبهات العقلية([4]).
وكان كثيرَ الجدال والخصومات والمناظرات، ولم يكن له بَصر بعلم الحديث، ولم يكن منَ المهتمين به، ولم يُعدَّ من أهل العلم قط؛ إذ شغله علم الكلام عن ذلك، وقد نبذ علماء السلف أفكاره، وشنَّعوا عليه، ومقتوه أشدَّ المقت([5]).
قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: (الجهم وشيعتُه دعوُا الناس إلى المتشابه من القرآن والحديث، فضلوا وأضلوا بكلامهم بَشَرًا كثيرًا، فكان مما بلغنا من أمر الجهم -عدوّ الله- أنه كان من أهل خراسان من أهل ترمذ، وكان صاحب خصومات وكلام، وكان أكثر كلامه في الله تعالى، فلقي أناسًا من المشركين يقال لهم: السُّمَنِيَّة، فعرفوا الجهم، فقالوا له: نكلمك، فإن ظَهَرَت حجتنا عليك دخلتَ في ديننا، وإن ظهرت حجتُك علينا دخلنا في دينك، فكان مما كلموا به الجهم أن قالوا له: ألست تزعم أن لك إلَهًا؟ قال الجهم: نعم، فقالوا له: فهل رأيت إلهك؟ قال: لا، قالوا: فهل سمعت كلامه؟ قال: لا، قالوا: فشممت له رائحة؟ قال: لا، قالوا: فوجدت له حسًّا؟ قال: لا، قالوا: فوجدت له مجسًّا؟ قال: لا، قالوا: فما يدريك أنه إله؟ قال: فتحيَّر الجهم، فلم يدرِ مَن يعبد أربعين يومًا)([6]).
فبقي الجهم أربعين يومًا لا يَعبُد شيئًا! ثم لما خلا قلبه من معبود يألهه نقش الشيطان اعتقادًا نَحَتَهُ فكره، فقال: إنه الوجود المطلق! ونفى جميع الصفات، واتَّصل بالجعد بن درهم([7]).
قال أبو معاذ البلخي: (كان جهم على معبر ترمذ، وكان رجلًا كوفي الأصل، فصيحَ اللسان، لم يكن له علم، ولا مجالسة لأهل العلم، كان تكلم كلام المتكلمين، وكلّمه السُّمَنِية فقالوا له: صف لنا ربك الذي تعبده، فدخل البيت لا يخرج كذا وكذا، قال: ثم خرج عليهم بعد أيام، فقال: هو هذا الهواء مع كل شيء، وفي كل شيء، ولا يخلو منه شيء، قال أبو معاذ: كذب عدوُّ الله، إن الله في السماء على عرشه وكما وصف نفسه)([8]).
المبحث الثاني: ما الذي جناه الجهم بن صفوان؟
قام الجهم بجنايات بدعيّة تأسيسيّة كبرى، منها:
1- تقنين دعاوى النزعة العقلية في مواجهة نصوص الكتاب والسنة:
فهو أوّل من عارض النصوص بما يزعمه من العقل -أو من أولهم؛ إذا اعتبرنا أن شيخه الجعد بن درهم كان سابقًا له في ذلك-، وقد طوّر المعتزلة ذلك بعدها إلى المعارض العقلي في مواجهة نصوص الكتاب والسنة، وشهّروها بين الفِرَق، فكفى بهذا فسادًا أن تُقنَّن الجرأةُ وتجعَلَ نظريةً لها دعائمهما عند القائلين بها.
وذكر ابن القيم رحمه الله أنه «لما كثرت الجهمية في أواخر عصر التَّابعين كانوا هم أول من عارض الوحي بالرَّأي، ومع هذا كانوا قليلين أذلاء مقموعين مذمومين عند الأُمة»([9]).
وقال أيضًا: «ثم انقضى ذلك العصر وأهله، وقام بعدهم ذريتهم يدعون إلى كتاب الله وسُنة رسوله r على بصيرة، إلى أن جاء ما لا قِبل لأحدٍ به، وهم جنود إبليس حقًّا، المعارضون لما جاءت به الرسل بعقولهم وآرائهم من القرامطة والباطنية والملاحدة، ودعوتهم إلى العقل المجرد، وأن أمور الرُّسل تُعارض المعقول، فهم القائمون بهذه الطريقة حقَّ القيام بالقول والفعل.
فجرى على الإسلام وأهله منهم ما جرى، وكسروا عسكر الخليفة مرارًا عديدة، وقتلوا الحاجَّ قتلًا ذريعًا، وانتهوا إلى مكة، فقتلوا بها من وصل من الحاجِّ إليها، وقلعوا الحجر الأسود من مكانه، وقويت شوكتهم، واستفحل أمرهم، وعظمت بهم الرزية، واشتدت بهم البلية.
وأصل طريقهم: أن الذي أخبرت به الرُّسل قد عارضه العقل، وإذا تعارض العقل والنقل قدَّمنا العقل، قالوا: فنحن أنصار العقل الدَّاعين إليه المخاصمين به المحاكمين إليه»([10]).
ويدل على منهجه هذا: مقالاته الكثيرة التي ليس عليها دليل لا من الكتاب ولا السنة، بل كلّها مبنية على ما يزعمه أصولًا عقلية، وهي في الحقيقة أصول يونانية جاهلية.
فمثلًا قوله في الإيمان وأنه مجرد المعرفة، وأخذه بدليل الأعراض وحدوث الأجسام، وإنكاره ما ورد من الكتاب والسنة من الأسماء والصفات، وإنكاره الشفاعة وعذاب القبر والصراط، وإنكاره للملائكة، وغير ذلك من عقائده، يدل دلالة واضحة على أنه لم يكن يهتم بنصوص الكتاب والسنة، ولا يعطي لهما وزنًا، بل جميع هذه الأقوال مبنية على أصول فاسدة وأقوال مستوردة([11]).
وكما قال ابن تيمية رحمه الله: «وعمدتهم في أصول الدين على ما يظنونه عقليات، وهي جهليات»([12]).
2- الدعوة إلى أشد أنواع الإرجاء:
فقد أسس مقولة إرجائية خطيرة ودعا إليها، مفادها: أنَّ الإيمان مجرد معرفة، والناس متساوون في هذه المعرفة كأسنان المشط، لا يزيد أحد فيها عن الآخر؛ لأن المعرفة والعلم لا يزولان بالجحد، والإيمان لا يتبعض إلى عقد وقول وعمل، ولا يتفاضل فيه أهله، والكفر بالله هو الجهل بالله([13]).
قال أبو عبيد القاسم بن سلام رحمه الله (ت: 224): «ثم حدثت فرقة ثالثة شذَّت عن الطائفتين جميعًا، ليست من أهل العلم ولا الدين، فقالوا: الإيمان معرفة بالقلوب بالله وحده وإن لم يكن هناك قول ولا عمل! وهذا منسلخ عندنا من قول أهل الملل الحنفية؛ لمعارضته لكلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بالرد والتكذيب»([14]).
وهذا القول مع فساده ومخالفته الكتابَ والسنة، فإنه يلزم عنه لوازم خطيرة، كما قال ابن أبي العز الحنفي: «فإن لازمه أنَّ فرعون وقومه كانوا مؤمنين، فإنهم عرفوا صِدق موسى وهارون عليهما الصلاة والسلام، ولم يؤمِنوا بهما، ولهذا قال موسى لفرعون: {قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ} [الإسراء: 102]، وقال تعالى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} [النمل: 14]. وأهل الكتاب كانوا يعرفون النبيَّ r كما يعرفون أبناءهم ولم يكونوا مؤمنين به، بل كافرين به معادين له، وكذلك أبو طالب عنده يكون مؤمنا، فإنه قال:
ولقد علمتُ بأن دين محمد … من خير أديان البرية دينا
لولا الملامة أو حذار مسبة … لوجدتني سمحًا بذاك مبينا
بل إبليس يكون -عند الجهم- مؤمنًا كامل الإيمان! فإنه لم يجهل ربه، بل هو عارف به، {قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [الحجر: 36]، {قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي} [الحجر: 39]، {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: 82].
والكفر عند الجهم هو الجهل بالرب تعالى، ولا أحد أجهل منه بربه؛ فإنه جعله الوجود المطلق، وسلب عنه جميع صفاته، ولا جهل أكبر من هذا، فيكون كافرًا بشهادته على نفسه!»([15]).
وقال ابن تيمية رحمه الله: «لا بدّ أن يكون مع التصديق شيء من حب الله وخشية الله، وإلا فالتصديق الذي لا يكون معه شيء من ذلك ليس إيمانًا البتة، بل هو كتصديق فرعون واليهود وإبليس، وهذا هو الذي أنكره السلف على الجهمية»([16]).
3- الاستدلال على وجود الله ببيان حدوث الأجسام:
فالأصل الذي بناه الجهم وحزبه أنهم أثبتوا حدوث العالم بحدوث الأجسام، وأثبتوا حدوث الأجسام بحدوث ما يستلزمها من الأعراض([17]).
قال ابن تيمية رحمه الله: «ولم يكن في الصحابة والتابعين أحدٌ يستدلّ على حدوث العالم بحدوث الأجسام، ويثبت حدوث الأجسام بدليل الأعراض والحركة والسكون، والأجسام مستلزمة لذلك لا تنفكّ عنه، وما لا يسبق الحوادث فهو حادث، ويبنى ذلك على حوادث لا أول لها. بل أول ما ظهر هذا الكلام في الإسلام بعد المائة الأولى، من جهة الجعد بن درهم والجهم بن صفوان، ثم صار إلى أصحاب عمرو بن عبيد، كأبي الهذيل العلاف وأمثاله»([18]).
فهو دليل مبتدَع متلقّى من مبادئ الفلسفة اليونانية الوثنية؛ فإن الكلام في الجسم والعرض والجوهر وغيرها لم يظهر إلا بعد ترجمة هذه الفلسفة إلى العربية في عهد المأمون ومن بعده من خلفاء العباسيين، وكان أول من أحدثه هو الجهم وحزبه من المبتدِعة الضلال. ولهذا لما اطّلع أئمة الحق على حقيقة هذا الدليل وما فيه من تناقض واضطراب أنكروا على أهله غايةَ الإنكار، وحذروا منه غاية التحذير؛ لعلمهم بما يفضي إليه من لوازم فاسدة([19]).
فهذا الدليل المبتدَع استفتح أبوابًا من التشغيب، واستلزم المخالفة للطرق الشرعية الكثيرة لإثبات وجود الله تعالى.
فالشرع لم يهمل بيان كلِّ ما يتعلّق به، ومن ذلك: الأدلة على وجود الله الخالق جل وعلا، ومسلك القرآن والسنة في إثبات هذه الحقيقة واضح بيِّن، لا غموض فيه ولا تعقيد، ولا يستلزم لوازم باطلة. ومن هذه الأدلة القرآنية النبوية:
– دليل الفطرة، إذ كل مولود يولد على الفطرة، والإقرار بالحق سبحانه مستقرّ في قلوب الإنس والجن، وهو من لوازم خلقهم([20]).
– دليل الخلق والإيجاد كما قال تعالى: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ} [الطور: 35، 36].
– آياتُ الرسل ومعجزاتهم التي أيد الله بها رسله عليهم السلام.
ويضاف إلى ذلك: اللوازم الباطلة في طريقة المتكلمين، فمن أجل دليل الحدوث أنكر المتكلمون بعض الصفات أو جميعها، وقالوا: إنها أعراض وحوادث، ويستحيل أن يكون الله محلًّا للحوادث والأعراض لأنه بذلك يكون مخلوقًا([21]).
4- القول بالجبر:
كان الجهم يقول: إنه لا فعلَ لأحد في الحقيقة إلا الله وحده، وأن الناس إنما تنسب إليهم أفعالهم على المجاز، كما يقال: تحركت الشجرة ودار الفلك وزالت الشمس، وإنما فَعَل ذلك بالشجرة والفلك والشمس اللهُ سبحانه، إلا أنه خلق للإنسان قوة كان بها الفعل، وخلق له إرادة للفعل واختيارًا له([22]) .
4- القول بالتعطيل، وإنكار كل اسم يجوز تسميته في حقّ مخلوق وإثبات الأسماء التي لا يجوز للخلق التسمي بها:
فقد أثبت لله تعالى بعض الأسماء الدالة على قدرته، وأثبت القادر والخالق والمحيي والمميت والإله والرازق والموجِد والمحدِث والفاعل. والجهمية بعده نفَوا جميع أسماء الله وصفاته خلافًا للجهم، فلأنه كان جبريًّا فقد أثبت لله تعالى اسم القادر والخالق، وأنكر كل اسم يجوز للخلق التسمّي أو الاتصاف به، كالحي والسميع والشيء، وأنكر جميع الصفات، بمعنى أنه أنكر قيام الصفات بالذات، بما في ذلك الصفات المعنوية والصفات الذاتية([23]).
قال شيخ الإسلام: «فأنكرت الجهمية أن يكون الله يتكلم أو يقول أو يحب أو يبغض، وأنكروا سائر صفاته التي جاءت بها الرسل، فأنكروا بعض حقيقة الرسالة التي هي كلام الله، وأنكروا بعض ما في الرسالة من صفات الله. وأول من أظهر ذلك في الإسلام -وإن كان ذلك موجودًا قبل الإسلام في أمم أخرى- الجعد بن درهم شيخ الجهم بن صفوان، وكان على ما قيل من أهل حران، وكان فيهم أئمة الفلاسفة، ومنهم تعلَّم أبو نصر الفارابي كثيرا مما تعلم من الفلسفة على ما ذكره عبد اللطيف بن يوسف البغدادي، فضحّى بالجعد خالد بن عبد الله القسري بواسِط على عهد علماء التابعين وغيرهم من علماء المسلمين، وهم بقايا التابعين في وقته، مثل الحسن البصري وغيره الذين حمدوه على ما فعل وشكروا ذلك، فقال: أيها الناس، ضحّوا تقبّل الله ضحاياكم؛ فإني مضحٍّ بالجعد بن درهم؛ إنه زعم أن الله لم يتَّخذ إبراهيم خليلا ولم يكلِّم موسى تكليما، تعالى الله عما يقول الجعد علوًّا كبيرا. ثم نزل فذبحه. وبنوا ذلك على قاعدة مبتدعة الصابئين المكذبين ببعض ما جاءت به الرسل الذين لا يصفون الرب إلا بالصفات السلبية أو الإضافية أو المركبة منهما، وهم في هذا التعطيل موافقون في الحقيقة لفرعون رئيس الكفار الذي جحد الصانع بالكلية؛ فإن جحود صفاته مستلزم لجحود ذاته؛ ولهذا وافقوا فرعون في تكذيبه لموسى بأن ربه فوق السموات حيث قال: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا} [غافر: 36، 37]»([24]).
قال الإمام أحمد بن حنبل في أثناء رده على الجهم: (ووجد ثلاث آيات من المتشابه: قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11]، {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ وَفِي الأَرْضِ} [الأنعام: 3]، {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ} [الأنعام: 103]. فبنى أصل كلامه على هذه الآيات، وتأوَّل القرآن على غير تأويله، وكذَّب بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزعم أن من وصف الله بشيء مما وصف به نفسه في كتابه أو حدَّث عنه رسوله كان كافرًا، وكان من المشبهة، فأضلّ بكلامه بشرًا كثيرًا، وتبعه على قوله رجال من أصحاب أبي حنيفة، وأصحاب عمرو بن عبيد بالبصرة، ووضع دين الجهمية، فإذا سألهم الناس عن قول الله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} يقولون: ليس كمثله شيء من الأشياء، وهو تحت الأرضين السبع، كما هو على العرش، ولا يخلو منه مكان، ولا يكون في مكان دون مكان، ولم يتكلم ولا يتكلم، ولا ينظر إليه أحد في الدنيا ولا في الآخرة، ولا يوصف ولا يعرف بصفة، ولا يفعل ولا له غاية، ولا له منتهى، ولا يدرك بعقل، وهو وجه كله، وهو علم كله، وهو سمع كله، وهو بصر كله، وهو نور كله، وهو قدرة كله، ولا يكون فيه شيئان، ولا يوصف بوصفين مختلفين، وليس له أعلى ولا أسفل، ولا نواحي ولا جوانب، ولا يمين ولا شمال، ولا هو خفيف ولا ثقيل، ولا له لون، ولا له جسم، وليس هو بمعلوم ولا معقول، وكل ما خطر على قلبك أنه شيءٌ تعرفه فهو على خلافه)([25]).
فقوله هذا الذي حكاه الإمام كان نتيجةَ جداله مع السُّمَنية، وأنكر علوَّ الله على خلقه، وقال بالحلول، وأنكر كلامه ورؤيته وغير ذلك، وقد أخذ مقالة التعطيل لما ناظر السُّمنية بعض فلاسفة الهند([26]). ويحكى عنه أنه كان يقول: لا أقول: إن الله سبحانه شيء؛ لأن ذلك تشبيه له بالأشياء([27]).
وقال ابن تيمية: (وجهم لم يثبت شيئًا من الصفات، لا الإرادة ولا غيرها؛ فهو إذا قال: إن الله يحب الطاعات ويبغض المعاصي، فمعنى ذلك عنده: الثواب والعقاب)([28]).
5- القول بحدوث علم الله تعالى:
فقد نقل عنه أنه كان يقول: إن علم الله سبحانه محدث([29]).
6- القول بخلق القرآن الكريم([30]):
روي عن أبي نعيم الفضل بن دكين وذُكر عنده من يقول بخلق القرآن فقال: «والله والله، ما سمعت شيئًا من هذا حتى خرج ذاك الخبيث جهم»([31]).
قال الدارمي: «وكان أول من أظهر شيئًا منه -أي: القول في القرآن- بعد كفار قريش الجعد بن درهم في البصرة وجهم بخراسان اقتداء بكفار قريش، فقتل الله جهمًا شرَّ قتلة، وأما الجعد فأخذه خالد بن عبد الله القسري فذبحه ذبحًا بواسط في يوم الأضحى على رؤوس من شهد العيد معه من المسلمين»([32]).
7- القول بتحريف القرآن الكريم:
قال ابن صالح: لقيت جهمًا فقلت: نطق الله؟ قال: لا، قلت: فهو ينطق؟ قال: لا، قلت: فمن يقول يوم القيامة: لمن الملك اليوم؟ ومن يرد عليه: لله الواحد القهار؟ قال: إنهم زادوا في القرآن ونقصوا منه([33]).
8- القول بفناء الجنة والنار:
فهو يقول: إن الجنة والنار تَبِيدان وتفنَيان. وكان يقول: إن لمقدورات الله تعالى ومعلوماته غاية ونهاية، ولأفعاله آخر، وإن الجنة والنار تفنَيان، ويفنى أهلهما حتى يكون الله سبحانه آخرًا لا شيء معه، كما كان أولًا لا شيء معه([34]).
9- إنكار رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة:
ذكر شيخ الإسلام ضمن المقالات التي تفرّد الجهم بكونه أول من دعا إليها إنكار رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة، فقال: «وأول من قال بخلق كلام الله وإنكار رؤيته في الآخرة»([35]).
فهو -كما ترى- قد أسَّس القول لبدع كبرى، وابتدأ بعضَها وطوَّر بعضها، فكان مفتاح ضلالة وشؤم على الأمة بهذه الجنايات.
المبحث الثالث: دعوى قتل الجهم بدافع سياسي لا ديني:
ذكر جمال الدين القاسمي أنَّ قتل الجهم كان سياسيًّا، وانتصر لذلك ووصف مخالفه بأنه مقلّد، يقول: «ومن تأمّل ما قصّ يعلم أن قتل الجهم إنما كان لأمر سياسي لا ديني، وقد صرح بذلك سلم -رئيس شرطة نصر- قاتِلُه بقوله: والله، لا يقومن علينا من اليمانية أكثر مما قمت. فتفطّن ولا تكن أسير التقليد»([36]).
وقال: «من وهم في عام قتل جهم وسببه وتصحيح ذلك: قدَّمنا أن مقتل جهم كان عام 128 كما حكاه الطبري وغيره. وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: أسند أبو القاسم اللالكائي في كتاب السنة له أن قتلَ جهم كان في سنة 132، قال: والمعتمد ما ذكره الطبري أنه كان في سنة 128، وذكر ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن رحمة صاحب أبي إسحاق الفزاري أن قصة جهم كانت سنة 130، قال: وهذا يمكن حمله على جبر الكسر، أو على أن قتل جهم تراخى عن قتل الحارث بن سريج، ثم قال: وأما القول بأن قتل جهم كان في خلافة هشام بن عبد الملك فوهم؛ لأن خروج الحارث بن سريج الذي كان جهم كاتبه كان بعد ذلك. ولعل مستند القول به ما أخرجه ابن أبي حاتم من طريق صالح بن أحمد بن حنبل قال: قرأت في دواوين هشام بن عبد الملك إلى نصر بن سيار عامل خراسان: أما بعد، فقد نجم قِبَلك رجل يقال له: جهم من الدهرية، فإن ظفرت به فاقتله. قال ابن حجر: ولا يلزم من ذلك أن يكون قتلُه وقع في زمن هشام، وإن كان ظهور مقالته وقع قبل ذلك حتى كاتب فيه هشام والله أعلم. ولا يخفى أن نبز هشام لجهم بأنه من الدهرية في كتابه هذا -إن صح- إنما أراد به زيادة الإغراء بقتله؛ ليكون حجة له، وتمويهًا على العامة، ومن لا يدري حقيقة الأمر في هدر دمه. وقد علمت أن الباعث على قتله أمر سياسيّ محض؛ لأن جهمًا كان خطيب الحارث، وقارئ كتبه في المجامع، والداعي إلى رأيه وإلى الخروج معه على بني أمية وعمالهم، لسوء سيرتهم وقبح أعمالهم وشدة بغيهم كما أثرناه قبل. ولا يخفى على من له أدنى مسكة من عقل أن الدهرية لا يقرّون بألوهية ولا نبوة. وجهم كان داعية للكتاب والسنة، ناقمًا على من انحرف عنهما، مجتهدًا في أبواب مسائل الصفات، فكيف يستحل نبزه بالدهرية وهي أكفر الكفر؟! ومن هنا يعلم أن لا عبرة بنبز الأمراء والملوك من ينقم عليهم سيرتهم بالألقاب السوءى، والتاريخ شاهد عدل؛ وليس القصد التحزب لجهم والدفاع عن مذهبه وآرائه، كلا، فأنا أبعد الناس عن التحزب والتعصب والتقليد، ولكن الإنصاف يدعو أن يذكر المرء بما له وما عليه إذا أريد درس حياته ومعرفة سيرته، وذلك ما توخيناه هنا»([37]).
والسؤال الآن: هل مِن المنتسبين إلى أهل السنة ومحققي مذهبهم من سبق القاسمي إلى هذه الدعوى؟!
وأمر آخر: هذا الموقف من القاسمي عجيبٌ جدًّا، خاصّة من هذا الرجل، مع ما عرف عنه من الانتصار لعقيدة السلف وردّ مقالات الجهمية والمعتزلة. ومن تأمل كتبه ورسائله -خاصة رسائله المتبادلة بينه وبين الألوسي- وجد شغله الشاغل كتب ابن تيمية وابن القيم وكتب السنة وعقيدة السلف.
وهذا الكتاب الذي صرح فيه بهذا الرأي قد نُشر أوَّل مرة كمقالات بـ«مجلة المنار» التي يحررها ويشرف عليها الشيخ محمد رشيد رضا، كما ذُكر في مجلة المقتبس: «نشر في مجلة المنار أولا، وطبع بمطبعتها بمصر سنة 1331هـ»([38]). وقد نشر بـ«مجلة المنار» في جمادى الآخر سنة 1331هـ الموافق يونيه 1913م([39]).
ولعل هذا الرأي له علاقة بالمجلة وتوجُّهها وتوجّه الشيخ محمد رشيد رضًا، ولعل نصًّا ما فيما بعد قد يحقِّق لنا ما وراءه، وعلى كلٍّ فهي زلة منه، ولعله تأثر في كتابة هذا الكتاب بمحمد رشيد رضا وبمحمد عبده ومدرسته العقلانية، خاصة أنه قد سافر إلى مصر في أواخر حياته، واجتمع بالشيخ محمد عبده، وقد سأله عدّة أسئلة وأجابه عنها([40]).
– وأيضًا لا نستبعد أمرًا آخر مهمًّا، وهو أنه قد تعرّض للحبس والاضطهاد، فقد يكون ما نشره تأثّرا بالحادثة، فقد قيل: إنه «اتهمه حسدته بتأسيس مذهب جديد في الدين، سموه: (المذهب الجمالي)، فقبضت عليه الحكومة سنة 1313هـ وسألته، فرد التهمة فأُخلِي سبيله، واعتذر إليه والي دمشق. انقطع القاسمي في منزله بعد المحنة للتصنيف وإلقاء الدروس الخاصة والعامة، في التفسير وسائر علوم الشريعة الإسلامية»([41]).
وخروجًا عن ربط الدعوى بالشيخ جمال الدين القاسمي رحمه الله نقول: الناظر في قضية الجهم بن صفوان وما كُتب حولها يجد صراحة أن الدافع الديني هو المؤثر في القضية، وليس السياسي؛ لأثره السيئ في الأمة، ولفساده وإفساده في الأرض، ويدعم ذلك:
أولًا: إجماع جماهير العلماء على ذمه وتكفيره ومباركة قتله:
فمنذ أن قام الجهم ببث سمومه في الأمة الإسلامية وردود السلف ونقودهم لهذا الفكر الضال تتوالى وتترى؛ حصانة لدين الناس، وردًّا لهذا المنكر، وإطفاءً لهذا الشر المستطير الذي أشعله في الأمة.
فلقَّبه السلف بأنه «إمام المعطلة، وليس له سلف قطّ، لا من الصحابة ولا من التابعين لهم بإحسان، ولا من أئمة المسلمين، ولا من أهل السنة. وأنكره عليه عامة أهل السنة، وكفروه به، وصاحوا به وبأتباعه من أقطار الأرض»([42]).
وباركوا قتله، ومن ذلك قول ابن كثير: «قتل الجهم بأصبهان، وقيل: بمرو. قتله نائبها سلم بن أحوز رحمه الله، وجزاه عن المسلمين خيرا»([43]).
وما إن يمرّ ذكر الجهم إلا وتصحبه اللعنات وتلاحقه التحذيرات؛ فقد ذكر اسمه عند الإمام عبد الله بن المبارك، فقال: «عجبت لشيطانٍ أتى إلى الناس داعيًا إلى النار، واشتقّ اسمه عن جهنم»([44]).
وقال يزيد بن هارون رحمه الله: «لعن الله الجهم ومن قال بقوله، كان كافرًا جاحدًا، ترك الصلاة أربعين يومًا؛ يزعم أنه يرتاد دينًا، وذلك أنه شك في الإسلام»، وقال: «قتله سلم بن أحوز على هذا القول»([45]).
قال ابن تيمية رحمه الله: «قال الإمام أحمد: وكان يقال: إنه من أهل حران، وعنه أخذ الجهم بن صفوان مذهب نفاة الصفات، وكان بحرَّان أئمة هؤلاء الصابئة الفلاسفة، بقايا أهل هذا الدين أهل الشرك ونفي الصفات والأفعال، ولهم مصنفات في دعوة الكواكب»([46]).
وقال أيضًا: «أول من عرف في الإسلام أنه أنكر أن الله يحِب أو يحَب الجهم بن صفوان وشيخه الجعد بن درهم، وكذلك هو أول من عرف أنه أنكر حقيقة تكليم الله لموسى وغيره، وكان جهم ينفي الصفات والأسماء، ثم انتقل بعض ذلك إلى المعتزلة وغيرهم، فنفوا الصفات دون الأسماء. وليس هذا قول أحد من سلف الأمة وأئمتها»([47]).
وقال ابن أبي العز الحنفي: «قال بفناء الجنة والنار الجهم بن صفوان إمام المعطلة، وليس له سلف قط، لا من الصحابة ولا من التابعين لهم بإحسان، ولا من أئمة المسلمين، ولا من أهل السنة. وأنكره عليه عامة أهل السنة، وكفروه به، وصاحوا به وبأتباعه من أقطار الأرض. وهذا قاله لأصله الفاسد الذي اعتقده، وهو امتناع وجود ما لا يتناهى من الحوادث. وهو عمدة أهل الكلام المذموم، التي استدلوا بها على حدوث الأجسام، وحدوث ما لم يخل من الحوادث، وجعلوا ذلك عمدتهم في حدوث العالم»([48]).
والمعتزلة أيضًا تبرؤوا من الجهم: يقول الخياط المعتزلي: «وما إضافة صاحب الكتاب لجهم إلى المعتزلة إلا كإضافة العامة لجهم إلى المعتزلة لقوله بخلق القرآن، ولَجهمٌ عند المعتزلة في سوء الحال والخروج من الإسلام كهشام بن الحكم»([49]).
ثالثًا: أن يقال على سبيل التنزل:
هل اجتماع الدافع السياسي مع الدافع الديني يكون تبرئة للرجل من جنايته الدينية على دين المسلمين بزعم الأغراض السياسية والموازنات؟!
والمقصد: أن الرجل كانت له بوائق وبدع وضلالات كبرى نشرها في الأمة، وما زالت الأمة تجني تلك الثمار البئيسة، فهل وجود الشبهة السياسية أو العامل السياسي الذي يستوجب أخذه وعقابه مبرئٌ له من جنايته الدينية؟! ونرتب على ذلك أن العلماء تدافعوا على اتهامه والحطّ عليه بسيف السياسة لا حفظًا للدين؟!
ثم ينظر هنا نظرة أخرى: هذا السبب السياسي الذي يدندنون حوله إنما هو الخروج على أئمة المسلمين، ألا يستحق الخارج على أمير المؤمنين وعلى جماعة المسلمين بالسيف القتل؟!
فقد اجتمع فيه السببان: خروجه على أئمة المسلمين، وإفساده الديني.
رابعًا: تصريح سلم بن أحوز بأن العامل الديني هو المؤثر في القضية:
فقد روي أن سلمًا قال للجهم بن صفوان: يا جهم، إني لست أقاتلك لأنك قاتلتني، أنت عندي أحقرُ من ذلك، ولكني سمعتك تتكلم بكلام أعطيتُ الله عهدًا ألا أملكك إلا قتلتك. فقتله([50]).
وقد تقدّم كلام يزيد بن هارون: «لعن الله الجهم ومن قال بقوله، كان كافرًا جاحدًا، ترك الصلاة أربعين يومًا يزعم أنه يرتاد دينًا، وذلك أنه شك في الإسلام»، وقال: «قتله سلم بن أحوز على هذا القول»([51]). فهذا نصٌّ صريح من الإمام يزيد بن هارون يدلّ على أن الدافع للقتل كان لمذهبه الفاسد.
وذكر ابن حجر «عن خلاد الطفاوي: بلغ سلم بن أحوز -وكان على شرطة خراسان- أن جهم بن صفوان ينكر أن الله كلم موسى تكليما فقتله»([52]).
وقال الحافظ الذهبي: «قيل: إن سلم بن أحوز قتل الجهم لإنكاره أن الله كلم موسى»([53]).
وقال شيخ الإسلام: «والداعي إلى البدعة مستحقّ العقوبة باتفاق المسلمين، وعقوبته تكون تارة بالقتل، وتارة بما دونه، كما قتل السلف جهم بن صفوان والجعد بن درهم وغيلان القدري وغيرهم، ولو قدر أنه لا يستحق العقوبة أو لا يمكن عقوبته فلا بد من بيان بدعته والتحذير منها، فإن هذا من جملة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي أمر الله به ورسوله r»([54]).
وقال أيضًا: «فقد قتل الجهم بن صفوان والجعد بن درهم وغيلان القدري ومحمد بن سعيد المصلوب وبشار بن برد الأعمى والسهروردي وأمثال هؤلاء كثير، ولم يقل أهل العلم والدين في هؤلاء: إنهم قتلوا ظلمًا وإنهم كانوا من أولياء الله»([55]).
ختامًا:
فقد كانت هذه الورقات المختصرة مفتاحًا لبيان الحقّ في هذا الرجل الضالّ، وتحذيرًا من شروره ونزعاته التي بثّها في أتباعه وذاعت في الفِرَق من بعده.
وإنه لمن البؤس حقًّا أن يُظنّ بهذا الرجل أنه كان من السلف، أو ضحية لنصرة حقّ سعى إليه، وأبأس من ذلك أن يُظنّ فيه أنه من تلاميذ السلف، أو أنه تربّى على أيديهم ونهل من علومهم، وأنه دائر في فلكهم.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)
([1]) ينظر: «الأنساب» للسمعاني (3/ 437)، «تاريخ الإسلام» (8/ 66).
([2]) ينظر: «الملل والنحل» للشهرستاني (1/ 86)، «الوافي بالوفيات» (4/ 57).
([3]) ينظر: «سير أعلام النبلاء» (6/ 27)، «تاريخ الإسلام» (8/ 66).
([4]) ينظر: «العرش» للذهبي (2/ 220).
([5]) ينظر: «سير أعلام النبلاء» (6/ 26)، «ديوان الضعفاء» (ص: 67). ويُنظر أيضًا: «خلق أفعال العباد» للبخاري (ص: 32).
([6]) «الرد على الجهمية والزنادقة» (ص: 92- 95).
([7]) ينظر: «شرح الطحاوية» لابن أبي العز (2/ 795).
([8]) ينظر: «شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة» للالكائي (3/ 423). وينظر: موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام، بموقع الدرر السنية، للمزيد.
([9]) «الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة» (2/ 692).
([10]) «الصواعق المرسلة» (2/ 695).
([11]) ينظر: «مقالات الجهم بن صفوان وأثرها في الفرق الإسلامية» لياسر قاضي (1/ 141).
([12]) «درء تعارض العقل والنقل» (7/ 29).
([13]) ينظر: «مقالات الإسلاميين» للأشعري (1/ 114)، «الملل والنحل» للشهرستاني (1/ 88)، «مجموع الفتاوى» (7/ 510)، «أصول المخالفين لأهل السنة في الإيمان» للقرني (ص: 11).
([15]) «شرح العقيدة الطحاوية» (2/ 460).
([16]) «مجموع الفتاوى» (7/ 307).
([17]) ينظر: «منهاج السنة» (1/ 310).
([18]) «منهاج السنة النبوية» (8/ 5).
([19]) ينظر: «شرح النونية» للهراس (1/ 185)، و«قدم العالم» للكواري (ص: 268)، و«مقالات جهم» للقاضي (1/ 313).
([20]) ينظر: «درء التعارض» (8/ 482).
([21]) ينظر: «درء التعارض» (6/ 183).
([22]) ينظر: «مقالات الإسلاميين» (1/ 219)، و«بيان تلبيس الجهمية» (2/ 585).
([23]) ينظر بتوسع: «مقالات الجهم» لياسر قاضي (1/ 391-395).
([24]) «مجموع الفتاوى» (12/ 350-351).
([25]) «الرد على الجهمية والزنادقة» (ص: 95-99).
([26]) ينظر: «الحموية» (ص: 250).
([27]) ينظر: «مقالات الإسلاميين» للأشعري (1/ 220)، «بيان تلبيس الجهمية» لابن تيمية (2/ 585).
([28]) «مجموع الفتاوى» (14/ 353).
([29]) ينظر: «إيضاح الدليل في قطع حجج أهل التعطيل» لابن جماعة (ص: 34).
([30]) ينظر: «مقالات الإسلاميين» للأشعري (1/ 219)، «شرح الطحاوية» لابن أبي العز (2/ 796).
([31]) رواه عبد الله بن أحمد بن حنبل في السنة (1/ 172).
([32]) «الرد على الجهمية» (ص: 21).
([33]) ينظر: «التسعينية» لابن تيمية (1/ 241).
([34]) ينظر: «مقالات الإسلاميين» للأشعري (1/ 135).
([35]) «مجموع الفتاوى» (12/ 192). وينظر: «التنبيه والرد» للملطي (ص: 528)، و«الفصل» لابن حزم (3/ 7).
([36]) «تاريخ الجهمية والمعتزلة» (ص: 16).
([37]) «تاريخ الجهمية والمعتزلة» (ص: 17-18).
([38]) «مجلة المقتبس» -نسخة إلكترونية برنامج الشاملة- (86/ 77). وهو في المنار في المجلد 16 في ثمانية أعداد.
([39]) ينظر: «الآراء الاعتقادية لجمال الدين القاسمي» (ص: 30).
([40]) ينظر: «تاريخ علماء دمشق للحافظ وأباظة» (1/ 299) و«الآراء الاعتقادية لجمال الدين القاسمي» (ص: 23).
([41]) مقدمة العيدان واليتامى على حاشية القاسمي على «قواعد الأصول ومعاقد الفصول» (ص: 25).
([42]) «شرح العقيدة الطحاوية» (2/ 621).
([43]) «البداية والنهاية» (13/ 148).
([44]) ينظر: «شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة» للالكائي (3/ 425).
([45]) ينظر: «السنة» لعبد الله بن أحمد (1/ 167).
([46]) «درء تعارض العقل والنقل» (1/ 313).
([47]) «منهاج السنة النبوية» (5/ 392).
([48]) «شرح العقيدة الطحاوية» (2/ 621).
([49]) «الانتصار والرد على ابن الراوندي الملحد» (ص: 126).
([50]) ينظر: «فتح الباري» (١٣/ ٣٤٦).
([51]) ينظر: «السنة» لعبد الله بن أحمد (1/ 167).
([52]) «فتح الباري» (13/ 346).