السبت - 21 شوّال 1446 هـ - 19 ابريل 2025 م

هل رمي الجمرات بدعةٌ وثنية؟

A A

في كلِّ مناسبةٍ من مناسبات المسلمين يظهر من يشكِّك في شعائر الدين ويعبث بمحكماته، ففي رمضان يظهر من يشكِّك في فرضيته، وفي الحج يظهر من يجعله وثنيًّا، وفي كل مناسبة دينيَّة يتكرَّر الأمر من الحداثيين وأتباعهم؛ حتى لا تبقى شعيرةٌ من شعائر الإسلام ثابتةً.

وممَّا يورد في الحجِّ: أنَّ رمي الجمرات بدعة، وأنه فعل عبثيٌّ لا يمكن أن يكون مأمورًا به في الشريعة، بل يرى أحدهم أنها بدعة منذ 1400 سنة، أي: أنَّ المسلمين كلهم قد ضلّوا وأضلّوا منذ بعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا([1]). وكثيرًا ما يكرّر أنَّ رمي الجمار هو رجم إبليس ليقول هازئًا: وهل يسكن إبليس مكة؟!

الاستهزاء بشعائر الإسلام ومحكمات الدين ديدَن كثير من الحداثيين وأتباعهم ممن يرون أنهم تنويريون، وليسوا إلا معاول هدم للدين.

ولكن هل فعلا يرى المسلمون أنهم يرمون الجمرات لرجم إبليس؟ وهل رمي الجمار مجرد عمل عبثيٍّ لا حكمة فيه؟

بداية:

مما لا نطيل الكلام فيه هنا أنَّ رمي الجمار واجبٌ من واجبات الحج، بل هو واجبٌ بإجماع المسلمين، يقول الكاساني (ت: 587ه): “أما الإجماع فلأن الأمة أجمعت على وجوبه”([2]). ويقول بن رشد (ت: 595هـ): “وأجمعوا على أنه يعيد الرمي إذا لم تقع الحصاة في العقبة، وأنه يرمي في كل يوم من أيام التشريق ثلاث جمار بواحد وعشرين حصاة، كل جمرة منها بسبع”([3]). وقال النووي (ت: 676ه): “رمي جمرة العقبة واجب بلا خلاف”([4]). وقال ابن تيمية (ت: 728ه): “وعليه أيضا رمي الجمار أيام منى باتفاق المسلمين”([5]). وكلام العلماء في هذا كثير ليس الغرض بيانه، وإنما الغرض بيان أن القول بأنه بدعة وأنه موروث وثني ما هو إلا تلاعب بالواجبات المحكمات، وليس بمجرد مستحبات وسنن.

رمي الجمار وقصة إبراهيم عليه السلام:

بعد أن تبيّن أن رمي الجمار واجب من واجبات الحج يقال: لِمَ شرع الله رمي الجمار؟

إنَّ أكثر ما يستحضره المسلم وهو يؤدي عبادة رمي الجمرات قصة إبراهيم عليه السلام، فقد ورد في مسند الإمام أحمد عن ابن عباس أنه قيل له: يَزْعُمُ قَوْمُكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَأَنَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ! قَالَ: «صَدَقُوا، إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَمَّا أُمِرَ بِالْمَنَاسِكِ عَرَضَ لَهُ الشَّيْطَانُ عِنْدَ الْمَسْعَى فَسَابَقَهُ، فَسَبَقَهُ إِبْرَاهِيمُ، ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ جِبْرِيلُ إِلَى جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، فَعَرَضَ لَهُ شَيْطَانٌ فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ حَتَّى ذَهَبَ، ثُمَّ عَرَضَ لَهُ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْوُسْطَى فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، قَالَ: قَدْ تَلَّهُ لِلجَبِينِ وَعَلَى إِسْمَاعِيلَ قَمِيصٌ أَبْيَضُ»([6]).

فما يفعله المسلمون كل عام إنما يفعلونه أولًا تأسّيًا بالنبي صلى الله عليه وسلم حين قال: «لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ، فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ»([7])، ثم يفعلونه وهم يستحضرون هذه القصة العظيمة من قصص إبراهيم عليه السلام، فقد عرض له الشيطان ورجمه في المواطن التي فيها الجمرات، ويرجمها الحجاج كل عام، فرمي الجمرات تأسٍّ بإبراهيم عليه السلام واتباعٌ لهديه، ويمكن أن نقف مع قصة إبراهيم عليه السلام وقفات:

1- اختيار القدوة الصالحة، فقد أمر الشارع الحكيم بالاقتداء بإبراهيم عليه السلام، وقد ذكر الله في كتابه أنه جعل إبراهيم عليه السلام {أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [النحل: 120]، ثم ذكر الله بعد هذه الآية أنه أمر نبيه صلى الله عليه وسلم باتباع إبراهيم عليه السلام فقال: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [النحل: 123]، فيلتفت الإنسان وهو يرمي الجمرات إلى القدوات واختيار القدوات الصحيحة حتى لا يضل مع أهواء الزمن وفتنها.

2- أهمية التوحيد وشدة الحرض عليه، ففي استحضار قصة إبراهيم عليه السلام عند رمي الجمار استحضار لما كان عليه إبراهيم عليه السلام من الدين الصحيح الخالص لله، وأنه تبرأ من كل معبود سوى الله، وقد ذكر المفسرون أن المراد من أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم اتباعَ إبراهيم عليه السلام هو الاتباع في التوحيد، يقول الطبري (ت: 310ه): “يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} يا محمد وقلنا لك: {اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ} الحنيفية المسلمة، {حَنِيفًا} يقول: مسلمًا على الدين الذي كان عليه إبراهيم، بريئًا من الأوثان والأنداد التي يعبدها قومك كما كان إبراهيم تبرأ منها”([8]).

3- استحضار عظم الأمر الذي مرَّ به إبراهيم عليه السلام، فقد كانت هذه القصة عند إرادته ذبح ابنه إسماعيل عليه السلام.

4- كيد الشيطان للإنسان وإرادته السوء له، فالإنسان يستحضر دائما أن الشيطان متربّص به، وقد أقسم كما ذكر الله عنه في كتابه، فقال: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [ص: 82، 83]، وظهور الشيطان لإبراهيم عليه السلام ورمي إبراهيم له بالحجارة دليل على شدة العداوة بين الإنسان والشيطان، وهو ما يستحضره الإنسان عند رمي الجمار، فيعادي الشيطان ولا ينقاد له.

وفي هذا يقول الغزالي (ت: 505ه): “وأما رمي الجمار… اقصد به التشبه بإبراهيم عليه السلام حيث عرض له إبليس -لعنه الله تعالى- في ذلك الموضع ليدخل على حجه شبهة أو يفتنه بمعصية، فأمره الله عز وجل أن يرميه بالحجارة طردًا له وقطعًا لأمله. فإن خطر لك أن الشيطان عرض له وشاهده فلذلك رماه، وأما أنا فليس يعرض لي الشيطان، فاعلم أن هذا الخاطر من الشيطان، وأنه الذي ألقاه في قلبك ليفتر عزمك في الرمي، ويخيل إليك أنه فعل لا فائدة فيه، وأنه يضاهي اللعب، فلم تشتغل به، فاطرده عن نفسك بالجد والتشمير في الرمي فيه برغم أنف الشيطان”([9]).

إهانة الشيطان وإذلاله:

في رمي الجمرات إذلالٌ لشيطان وترغيم له، فإنه يغتاظ حينما يرى الناس يرجمون المكان الذي اعترض فيه خليل الله إبراهيم عليه السلام، كما أن فيه إغاظةَ الشيطان لقيامهم بأمر الله سبحانه الله واتباعهم لسنته، يقول الغزالي (ت: 505ه): “واعلم أنك في الظاهر ترمي الحصى إلى العقبة، وفي الحقيقة ترمي به وجه الشيطان وتقصم به ظهره؛ إذ لا يحصل إرغام أنفه إلا بامتثالك أمر الله سبحانه وتعالى تعظيمًا له بمجرد الأمر من غير حظٍّ للنَّفس والعقل فيه”([10]).

إقامة ذكر الله:

من أعظم الحِكَم في رمي الجمرات: إقامة ذكر الله سبحانه وتعالى، فقد أمر الله بالذكر في هذه الأيام فقال: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} [البقرة: 203]، ويدخل في ذلك بلا شك ذكر الله عند رمي الجمار كما قال البغوي (ت: 510ه) عند تفسير هذه الآية: “يعني التكبيرات أدبار الصلاة وعند الجمرات، يكبر مع كل حصاة، وغيرها من الأوقات”([11]).

فشرع الله رمي الجمار لإقامة ذكر الله سبحانه وتعالى، قال ابن تيمية رحمه الله (ت: 728ه): “وأما رمي الجمار والسعي بين الصفا والمروة فالفعل في نفسه مقصود؛ لما تضمنه من ذكر الله”([12]).

التعبُّد لله أكثر ما يؤذي الشيطان:

لا ريب أن أكثر ما يغيظ الشيطان هو أن يعبد الإنسان ربه ويخلص له العمل، فالحاجُّ يرمي الجمرات قاصدا وجه الله سبحانه وتعالى حتى لو لم يعرف الحكمة من العمل، وفي هذا عظيم الاستسلام لله سبحانه وتعالى مما يغيظ الشيطان ويبين عداوة الإنسان له.

فرامي الجمرات إذن إنما يتبع فيه أمرَ الله ورسوله، ويرمي الجمرات وهو يدرك أنه إنما يتعبَّد لله حتى لو لم يعرف الحكمة، بالرغم من وجود الحكم التي سبق ذكر بعضها. ومع هذا: هل فعلا يرجم الإنسان الشيطان أو إبليس كما يحلو لهم أن يقولوه؟

والجواب: أن رمي الجمار ليس هو رمي للشيطان بعينه، فهذا اعتقاد باطل؛ وإنما فيه إرغام للشيطان باتباع أمر الله ورسوله، وفي هذا يقول ابن عثيمين رحمه الله: “إنَّ كثيرًا من العامة يعتقدون أن رمي الجمرات رميٌ للشياطين، ويقولون: إننا نرمي الشيطان. ويأتي منهم بعنفٍ شديد وحنق وغيظ وصياح وشتم وسبٍّ لهذه الجمرة والعياذ بالله… وهذا من الجهل العظيم، فإن رمي هذه الجمرات عبادةٌ عظيمة… ولهذا يكبّر الإنسان عند كل حصاة، لا يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بل يكبر، يقول: الله أكبر؛ تعظيمًا لله الذي شرع رمي هذه الحصى، وهو في الحقيقة -أعني رمي الجمرات- غاية التعبد والتذلّل لله سبحانه وتعالى؛ لأن الإنسان لا يعرف حكمةً من رمي هذه الجمرات في هذه الأمكنة إلا لأنها مجرد تعبّدٍ لله سبحانه وتعالى. وانقياد الإنسان لطاعة الله وهو لا يعرف الحكمة أبلغُ في التذلّل والتعبد؛ لأن العبادات منها ما حكمته معلومة لنا وظاهرة، فالإنسان ينقاد لها تعبدًا لله تعالى وطاعةً له، ثم اتباعًا لما يعلم فيها من هذه المصالح، ومنها ما لا يعرف حكمته ولكن كون الله يأمر بها ويتعبّد بها عباده، فيمتثلون، فهذا غاية التذلل والخضوع لله”([13]).

أي: أن الهدف من رمي الجمرات هو ترديد عبارة: (الله أكبر) أثناء رمي كل حصوة، وكذلك ذكره ودعاؤه تعالى بعد الرمي.

وأخيرا:

(الله أكبر) هو ما يتلفظ به من يرمي الجمرات ليذكّر نفسه وغيره بأن الله أكبر من كل شيء، وأنه هو من أمره بهذا الفعل، وهو برميه للجمرات يقيم أمر الله ويخضع له.

كما أن رامي الجمرات يتذكّر في هذه الأماكن قدوته إبراهيم عليه السلام، وما لاقاه من الشيطان من أذى، وما فعله إبراهيم عليه السلام له، فيكون أكثر حرصًا على إبعاد الشيطان منه في كل حياته.

وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) قاله أحمد ماهر في مقطع له، ينظر:

https://www.youtube.com/watch?v=9LOU1R37kMg&t=21s

([2]) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (2/ 136).

([3]) بداية المجتهد ونهاية المقتصد (1/ 353).

([4]) المجموع شرح المهذب (8/ 162).

([5]) مجموع الفتاوى (17/ 460).

([6]) المسند (2707). وقال محققو المسند: “رجاله ثقات رجال الصحيح غير أبي عاصم الغنوي… ولمعظم هذا الحديث طرق وشواهد يتقوى بها”.

([7]) أخرجه مسلم (1297).

([8]) تفسير الطبري (17/ 319).

([9]) إحياء علوم الدين (1/ 270).

([10]) إحياء علوم الدين (1/ 270).

([11]) تفسير البغوي (1/ 233).

([12]) مجموع الفتاوى (14/ 145).

([13]) فتاوى نور على الدرب (12/ 2).

التعليقات مغلقة.

جديد سلف

موقف الليبرالية من أصول الأخلاق

مقدمة: تتميَّز الرؤية الإسلامية للأخلاق بارتكازها على قاعدة مهمة تتمثل في ثبات المبادئ الأخلاقية وتغير المظاهر السلوكية، فالأخلاق محكومة بمعيار رباني ثابت يحدد مسارها، ويمنع تغيرها وتبدلها تبعًا لتغير المزاج البشري، فحسنها ثابت الحسن أبدًا، وقبيحها ثابت القبح أبدًا، إذ هي تحمل صفات ثابتة في ذاتها تتميز من خلالها مدحًا أو ذمًّا خيرًا أو شرًّا([1]). […]

حجاب الله تعالى -دراسة عقدية-

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدمة: معرفة الله سبحانه وتعالى هي قوت القلوب، ومحفِّزها نحو الترقِّي في مقامات العبودية، وكلما عرف الإنسان ربَّه اقترب إليه وأحبَّه، والقلبُ إذا لم تحرِّكه معرفةُ الله حقَّ المعرفة فإنه يعطب في الطريق، ويستحوذ عليه الكسل والانحراف ولو بعد حين، وكلما كان الإنسان بربه أعرف كان له أخشى […]

ترجمة الشَّيخ د. عبد الله بن محمد الطريقي “‏‏أستاذ الفقه الطبي والتاريخ الحنبلي” (1366-1446هـ/ 1947-2024م)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   اسمه ونسبه([1]): هو الشيخ الأستاذ الدكتور عبد الله بن محمد بن أحمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمود بن محمد الطريقي، الودعاني الدوسري نسبًا. مولده: كان مسقط رأسه في الديار النجدية بالمملكة العربية السعودية، وتحديدا في ناحية الروضة الواقعة جنوبي البلدة (العَقْدَة) -ويمكن القول بأنه حي من […]

ضبط السنة التشريعية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: السنة النبوية لها مكانة رفيعة في التشريع الإسلامي، فهي المصدر الثاني بعد القرآن الكريم، وهي التطبيق العملي لما جاء فيه، كما أنها تبيّن معانيه وتوضّح مقاصده. وقد وردت آيات وأحاديث كثيرة تأمر بطاعة النبي صلى الله عليه وسلم والعمل بسنته، وتحذّر من مخالفته أو تغيير سنته، وتؤكد أن […]

القواعد الأصولية لفهم إطلاقات السلف والتوفيق بينها وبين تطبيقاتهم العملية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: تُعدّ مسألة التعامل مع أقوال السلَف الصالح من أهمّ القضايا التي أُثيرت في سياق دراسة الفكر الإسلامي، خاصةً في موضوع التكفير والتبديع والأحكام الشرعية المتعلقة بهما؛ وذلك لارتباطها الوثيق بالحكم على الأفراد والمجتمعات بالانحراف عن الدين، مما يترتب عليه آثار جسيمة على المستوى الفردي والجماعي. وقد تعامل العلماء […]

التدرج في تطبيق الشريعة.. ضوابط وتطبيقات

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: إن الله تعالى أرسل الرسل وأنزل الكتب ليقوم الناس الناس بالقسط، قال تعالى: ﴿‌لَقَدۡ ‌أَرۡسَلۡنَا ‌رُسُلَنَا بِٱلۡبَيِّنَٰتِ وَأَنزَلۡنَا مَعَهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡمِيزَانَ لِيَقُومَ ٱلنَّاسُ بِٱلۡقِسۡطِ﴾ [الحديد: 25] أي: “ليعمل الناس بينهم بالعدل”[1]. والكتاب هو النقل المُصَدَّق، والميزان هو: “العدل. قاله مجاهد وقتادة وغيرهما”[2]، أو “ما يعرف به العدل”[3]. وهذا […]

تأطير المسائل العقدية وبيان مراتبها وتعدّد أحكامها

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: إنَّ علمَ العقيدة يُعدُّ من أهم العلوم الإسلامية التي ينبغي أن تُعنى بالبحث والتحرير، وقد شهدت الساحة العلمية في العقود الأخيرة تزايدًا في الاهتمام بمسائل العقيدة، إلا أن هذا الاهتمام لم يكن دائمًا مصحوبًا بالتحقيق العلمي المنهجي، مما أدى إلى تداخل المفاهيم وغموض الأحكام؛ فاختلطت القضايا الجوهرية مع […]

توظيف التاريخ في تعزيز مسائل العقيدة والحاضر العقدي

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: إنَّ دراسةَ التاريخ الإسلاميِّ ليست مجرَّدَ استعراضٍ للأحداث ومراحل التطور؛ بل هي رحلة فكرية وروحية تستكشف أعماقَ العقيدة وتجلّياتها في حياة الأمة، فإنَّ التاريخ الإسلاميَّ يحمل بين طياته دروسًا وعبرًا نادرة، تمثل نورًا يُضيء الدروب ويعزز الإيمان في قلوب المؤمنين. وقد اهتم القرآن الكريم بمسألة التاريخ اهتمامًا بالغًا […]

تصفيد الشياطين في رمضان (كشف المعنى، وبحثٌ في المعارضات)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  تمهيد يشكِّل النصُّ الشرعي في المنظومة الفكرية الإسلامية مرتكزًا أساسيًّا للتشريع وبناء التصورات العقدية، إلا أن بعض الاتجاهات الفكرية الحديثة -ولا سيما تلك المتبنِّية للنزعة العقلانية- سعت إلى إخضاع النصوص الشرعية لمنطق النقد العقلي المجرد، محاولةً بذلك التوفيق بين النصوص الدينية وما تصفه بالواقع المادي أو مقتضيات المنطق الحديث، […]

رمضان مدرسة الأخلاق والسلوك

المقدمة: من أهم ما يختصّ به الدين الإسلامي عن غيره من الأديان والملل والنحل أنه دين كامل بعقيدته وشريعته وما فرضه من أخلاق وأحكام، وإلى جانب هذا الكمال نجد أنه يمتاز أيضا بالشمول والتكامل والتضافر بين كلياته وجزئياته؛ فهو يشمل العقائد والشرائع والأخلاق؛ ويشمل حاجات الروح والنفس وحاجات الجسد والجوارح، وينظم علاقات الإنسان كلها، وهو […]

مَن هُم أهلُ السُّنَّةِ والجَماعَة؟

الحمدُ للهِ وكفَى، والصَّلاةُ والسَّلامُ على النبيِّ المصطفَى، وعلى آلِه وأصحابِه ومَن لهَدْيِهم اقْتفَى. أمَّا بَعدُ، فإنَّ مِن المعلومِ أنَّ النَّجاةَ والسَّعادةَ في الدُّنيا والآخِرَةِ مَنوطةٌ باتِّباعِ الحَقِّ وسُلوكِ طَريقةِ أهلِ السُّنَّةِ والجَماعَة؛ ولَمَّا أصْبحَ كلٌّ يَدَّعي أنَّه مِن أهلِ السُّنَّةِ والجَماعَة، وقام أناسٌ يُطالِبون باستِردادِ هذا اللَّقبِ الشَّريفِ، زاعِمين أنَّه اختُطِفَ منهم منذُ قرون؛ […]

أثر ابن تيمية في مخالفيه

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: شيخ الإسلام ابن تيمية هو البحرُ من أيِّ النواحِي جِئتَه والبدرُ من أيّ الضَّواحِي أتيتَه جَرَتْ آباؤُه لشأْو ما قَنِعَ به، ولا وقفَ عنده طليحًا مريحًا من تَعَبِه، طلبًا لا يَرضَى بِغاية، ولا يُقضَى له بِنهايَة. رَضَعَ ثَدْيَ العلمِ مُنذُ فُطِم، وطَلعَ وجهُ الصباحِ ليُحاكِيَهُ فَلُطِم، وقَطَعَ الليلَ […]

عرض وتعريف بكتاب (نقض كتاب: مفهوم شرك العبادة لحاتم بن عارف العوني)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدّمة: إنَّ أعظمَ قضية جاءت بها الرسل جميعًا هي توحيد الله سبحانه وتعالى في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، حيث أُرسلت الرسل برسالة الإخلاص والتوحيد، وقد أكَّد الله عز وجل ذلك في قوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 25]. […]

عبادة السلف في رمضان وأين نحن منها؟!

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: لا يخفى أن السلف الصالح -رضوان الله عليهم- كانوا يحرصون كل الحرص على كثرة التعبد لله سبحانه وتعالى بما ورد من فضائل الأعمال، وبما ثبت من الصالحات الباقيات التي تعبَّد بها النبي صلى الله عليه وسلم، بل إنهم كانوا يتهيؤون للمواسم – ومنها شهر رمضان – بالدعاء والتضرع […]

النصيرية.. نشأتهم – عقائدهم – خطرهم على الأمة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: لقد كانت الباطِنيَّةُ -وما زالت- مصدرَ خطَرٍ على الإسلامِ والمسلمين مذ وُجِدت، وقد أيقَن أعداءُ الإسلامِ أنَّ حَسْمَ المواجهة مع المسلمين وجهًا لوجهٍ لن يُجدِيَ شيئًا في تحقيق أهدافِهم والوصولِ لمآربهم؛ ولذلك كانت الحركاتُ الباطِنيَّةُ بعقائِدِها وفِتَنِها نتيجةً لاتجاهٍ جديدٍ للكيد للمسلمين عن طريق التدثُّرِ باسمِه والتستُّرِ بحبِّ […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017