التوظيف البدعي لحديث الولي “تتمة صور التوظيف البدعي والقواعد السُّنية التي شملها حديث الولي” (الجزء الثاني)
للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة
لقد حاول أهل البدع قديمًا وحديثًا توظيف الوحي وألفاظه الشريفة في المعاني الباطلة، وقد سبقت خلاصة في الجزء الأول من “التوظيف البدعي لحديث الولي”، وهنا نسلِّط الضوء على متمِّمةٍ لبعض صوَر التوظيف البدعي التي راجت بصنعة تزييف وأدوات التحريف التي تُكرِه النصَّ على ما لا يحتمل، وتستنطق منه ما لا ينطِق به، حتى طفحت بها كتب القوم، ونُتبع ذلك ببعض القواعد السُّنية التي شملها حديث الولي: «من عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب…».
(4) توظيف حديث الولي في معنى التصرف في الكون:
وظّف بعض الصوفية حديث الولي وقوله صلى الله عليه وسلم: «من عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب… ولئن سألني لأعطينه.. لأعيذنه» في معنى التصرف في الكون، فقد نزَّلوا هذا الحديث على واقع خرافاتهم وبدعهم التي يقررون فيها أن الله يخرم السنن الكونية في حرب من عادى أولياءهم ودراويشهم، أو أنكر عليهم مخالفاتهم وضلالهم، أو هجرهم، بل إن الله يمنح أولياءهم التصرف في الكون.
قال ابن جرجيس أحد أئمة القبورية العراقية (1299هـ): (إن الحديث القدسي الوارد في أولياء الله تعالى كما في البخاري: «لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها…» مما يدلّ على أن الطلب من أولياء الله طلب من الله تعالى)([1]). وقال بعضهم: (إن العبد في القرب الأول([2]) يصير جارحة لله جلَّ مجده، والله سبحانه نفسه يكون جارحة لعبده في القرب الثاني([3]))([4]).
وقال عبد الكريم الجيلي في “القصيدة العينية”:
وها هو سمعٌ بل لسانٌ أَجَل يدٌ ** لنا هكذا بالنقل أخبر شارعُ
فعم قوانا والجوارحَ كونُهُ … لسانًا وسمعًا ثم رِجلًا تسارعُ([5])
وقال الحلاج:
يا عينَ عينِ وُجودِي يا مدى هِممي ** يا منطقي وعباراتي وإيمائي
يا كلَّ كُلِّي يا سمعي ويا بصري ** يا جملتي وتباعيضي وأجزائي([6])
قال الكمشخانوي المجددي: «ومعنى الولي على وجهين:
الأول: من ثبت له تصرف ولاية على مصلحة دينية.
والثاني: من ليس له ولاية التصرف بالفعل، بل ثبت له ولاية التصرف بالقوة.
فإن قيل: كيف يكون وليًّا وليس له ولاية التصرف؟
الجواب: يجوز أن يكون وليًّا على معنى أن الله تعالى قد تولى وتصرف بجميع أموره، وهذا الولي ولي بالقوة، إن سمع فبالحق يسمع، وإن أبصر فبالحق يبصر، وإن نطق فبالحق ينطق، فهو في عالم المحبوبية، وإلى هذا أشار بقوله تعالى: «كنت له سمعًا وبصرًا»، وهذا الولي لا يصلح أن يكون مربيًا للخلق؛ لأنه في قبضته تعالى، مسلوب الاختيار عن نفسه، وإذا كان مسلوب الاختيار عن نفسه فلا يصلح أن يكون مربيًا للغير؛ لأن التصرف في غيره يستدعي ولاية التصرف في نفسه، وهذا الولي مجذوب في نفسه، مسلوب التصرف في نفسه، فكان مسلوب التصرف في غيره، ألا ترى في عرف الشرع أنّ من ثبت له الولاية على نفسه ثبت له الولاية على غيره، ومن لا فلا، فالعاقل البالغ لما ثبت له الولاية على نفسه ثبت له الولاية على غيره، والطفل والصبي والمجنون لما لم يثبت له الولاية على نفسه لم يثبت له الولاية على غيره، والمجذوب في قبضته تعالى بمنزلة الصبي الرضيع، تتصرف فيه يد القدرة كتصرف الوالدة في ولدها، فهو في حجر تربية المحبوبية، يرضع بلبن كرم الربوبية وهم أطفال، ويقول فيهم: قد يربون في حجر تربية إرادتنا يرضعون بلبن كرمنا، فأما الولي السالك فيصلح أن يكون مربيًا، فهو تام التصرف والتدبير على نفسه وغيره»([7]).
وتطبيقات هذا الكلام وانعكاساته تجدها مبثوثة في كتبهم واضحة، فقد ذكروا من جملة كرامات أبي الحسن الشاذلي أنه أثناء سفره إلى الإسكندرية مكث بتونس مدة، واشتهر أمره وذاع صيته، والتفَّ حوله خلق كثير، فحسده فقيه تونس وقاضي قضاتها ابن البراء، فوشاه إلى السلطان، ودسّ له عنده، وتكلّم في نسبه، ولكن السلطان لم يمسَّه بسوء، ووقره في قلبه واحترمه، ولكن منعه من الخروج، وما أن منعه إلا وماتت جاريته في ذاك الحين، التي أحبها فملكت عليه جميع أقطاره، ثم التهبت النار في البيت فلم يشعروا حتى احترق كل ما في البيت من الفرش والثياب وغير ذلك من الذخائر، فعلم السلطان أنه أصيب من قبل هذا الوليّ([8]). ولكن من الغرائب أنه لم يصِب ابن البراء شيئًا مع تصريح شيخ الأزهر الراحل عبد الحليم محمود وغيره أنه بقي على عدائه للشاذلي ومخالفته له، إلا أن الشاذلي كان يسلّم عليه، فلم يكن ابن البراء يردّ عليه السلام، وكان يطعن في نسبه([9]).
وجاء في كتاب “الفيوضات الربانية في المآثر والأوراد القادرية”: «قال الشيخ في الوسيلة: وأمري أمر الله، إن قلت: كن؛ يكن، وكل بأمر الله، أحكم بقدرتي، وأعلم نبات الأرض كم هو نابت، وأعلم رمل الأرض كم هو رملة، وأعلم علم الله أحصي حروفه، وأعلم موج البحر كم هو موجه»([10]).
ومن العقائد التي تضمنتها «الغوثية» التي زعم القادرية في كتابهم “الفيوضات الربّانية” أن الله أوحاها إلى شيخهم عبد القادر الجيلاني ويتفق عليها جميع الصوفية قوله: «ثمّ قال لي -أي: الله-: يا غوث الأعظم، الفقير -أي: الصوفي- له أمر في كل شيء، إذا قال لشيءٍ: كن؛ فيكون»([11]).
وهذا إشراك لله تعالى في صفة خاصة به وحده، قال تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: 82]. ولا يخفى أنّ مشاركة أحد له سبحانه في هذه الخصوصية لا تبقي للآية فائدة، ولا شكّ أنّ من اعتقد هذا فقد كفر. وقد كرر القادري هذا المعنى فقال: «وأمري أمر الله، إن قلت: كن؛ يكن»([12]). ثمّ لماذا تُجعل لهم هذه التصرفات المطلقة في الكون؟! ولحساب من؟!
ويكفي أن يتأمّل العبد قول الرسل الكرام: {إِنْ نَحْنُ إلَاّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} [إبراهيم: 11]، وقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إلَاّ مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إلَاّ نَذِيرٌ مُبِينٌ} [الأحقاف: 9] وقوله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128]، وأمره تعالى أن يقول: {قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ} [الأنعام: 50].
قال شيخ الإسلام: «من الناس من يُدَّعى له من الكرامات ما لا يجوز أن يكون للأنبياء، كقول بعضهم: إنَّ لله عبادًا لو شاءوا من الله أن لا يقيم القيامة لما أقامها، وقول بعضهم: إنَّه يعطى كن، أيُّ شيء أراده قال له: كن؛ فيكون، وقول بعضهم: لا يعزب عن قدرته ممكن كما لا يعزب عن قدرة ربه محال، فإنَّه لما كثر في الغلاة من يقول بالحلول والاتحاد وإلهية بعض البشر -كما قاله النصارى في المسيح- صاروا يجعلون ما هو من خصائص الربوبية لبعض البشر، وهذا كفر»([13]).
والولي المتمكِّن عند الصوفية يسمى «متصرّفا في الأكوان»، والتصرف ليس له حدٌّ ينتهي إليه، لا سيما أن الصوفي المتمكن يستطيع أن يحوز على كلمة «كن» التي يخلق الله بها الأشياء. فقد ذكروا أن أحمد الرفاعي قال: «جاء في بعض الكتب الإلهية: إن الله تعالى قال: يا بني آدم، أطيعوني أطعكم، وراقبوني أراقبكم، وأجعلكم تقولون للشيء: كن، فيكون»([14]).
وقد نقل عن أحد الصوفية قوله: «تركت قولي للشيء: كن -فيكون- تأدُّبا مع الله»([15]). ونُقل عن الرفاعي قوله: «وإذا صرف الله تعالى الولي في الكون المطلق صار أمره بأمر الله تعالى، إذا قال للشيء: كن؛ فيكون»([16]).
نعم، الكرامات حقٌّ يجب على كل مسلم الإيمان به، ودلَّ عليها الكتاب والسنّة، لكنها لا تبلغ حدّا تصل فيه إلى ما لا يجوز في حقّ غير الله تعالى مثل كلمة «كن» التي يدّعون أنها بحوزتهم وفي أيدي مشايخهم.
– بل بلغ تخيّل هذه المعاني وتسلسلها إلى درجة أن يدوّنوا أن الكعبة قد تترك مكانها للذهاب لزيارة أحد الأولياء، إذ ذكروا أن الكعبة قد تذهب للطواف حول أولياء الأمة وتتبرك بهم.
قال أبو حامد الغزالي: «ومنهم من تأتي الكعبة إليه وتطوف هي به وتزوره»([17]). وذكر النبهاني أن الكعبة أتت إلى ابن عربي هي والحجر الأسود، وطافت حوله، ثم تتلمذت له وطلبت منه ترقيتها إلى المقامات العليا فرقَّاها، وناشدها أشعارا وناشدته([18]).
وقال ابن عابدين الحنفي: «وفي البحر عن عدة الفتاوى: الكعبة إذا خرجت من أرضها لزيارة أصحاب الكرامة ففي تلك الحال جازت الصلاة إلى أرضها»([19]).
فهذه نصوص الصوفية على أن الكعبة تقتلع من الأرض وتذهب شرقًا وغربًا حيث مقامات الأولياء وأضرحتهم لتتبرك هي بهم.
– وكذلك إحياء الموتى عند الصوفية من علامات التمكّن في الولاية، فإنه مما ذكروه عن الرفاعي أنه قال: «الولي المتمكن يحيي الموتى بإذن الله»([20]).
والتصرف في الكون عند المتصوفة أشبه ما يكون بالتفويض الإلهي للولي لفعل ما يريد في الكون، ويصير متَّصفا بصفات الحقّ، ومتميزا بميزات عديدة منها:
ما نقل عن الرفاعي أنه قال: «والولي إذا أصلح سره مع الله تعالى كلفه ما بين السماء والأرض، ثم لا يزال يرتقي من سماء إلى سماء حتى يصل إلى محل الغوث، ثم ترتفع صفته إلى أن يصير صفة من صفات الحق تعالى، فيطلعه على غيبه حتى لا تنبت شجرة ولا تخضر ورقة إلا بنظره»([21]).
وزيادة على ذلك فإنه يكون له حماية خمسين فرسخا، ومائة فرسخ، وألف فرسخ.. ومنهم من يكون له حماية كذا وكذا سنة([22]). ثم لا تزال ترتفع همته وترتقي رتبته عند الله حتى تصير همته خارقة للسموات السبع، وتصير الأرضون السبع كالخلخال برجله، ويصير صفة من صفات الحق جل وعلا، لا يعجزه شيء([23]). وقد جعل الرفاعيون هذه المرتبة للشيخ الرفاعي، فذكروا أنه كان قطب الأقطاب في الأرض، ثم انتقل إلى قطبية السماوات، ثم صارت السموات السبع في رجله كالخلخال([24]).
ويحكون أنه وقف مرة على شاطئ النهر وقال لأتباعه: «أعطاني الله التصرف في الأشياء كلها، ثم قال: سيري يا سفن وقف يا ماء، فأوقف حركة الماء حتى صار جمادًا، ومع ذلك أمر السفن بمتابعة المسير فسارت. ثم بدل الطبيعة الكونية مرة أخرى، فأمر الماء أن يسير وأن تتوقف السفن، فقال: سر يا ماء وقفي يا سفن. فسار الماء وجمدت السفن([25]).
ومثل ذلك فعل أبو علي الروزباري حين أزعجه صوت الريح واهتزاز أغصان الشجر، فنظر إلى الشجر فجمدت، وبقيت الريح على سرعتها وقوتها([26]).
وأصدر الرفاعي أمرًا إلى شجرة بالمجيء إليه بينها وبينه نهر الفرات، وأقسم عليها بذلك قائلا: «أقسم عليك بالعزيز سبحانه إلا ما أجبت دعوتي وأتيتيني طائعة، فانشقت الأرض، وانفلق البحر، وأتت الشجرة طائعة ناطقة بلسان عربي فصيح تقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، وأشهد أنك شيخ الشيوخ على الإطلاق، وشيخ أهل الأرض والسماء»([27]).
– ومن التصرفات في الطبيعة الكونية ما يروى عنه من أنه كان يصلي الصبح في مكة، والظهر في المدينة، والعصر في بيت المقدس، والمغرب في بعلبك، والعشاء في جبل «قاف»([28]).
وذكروا أن الشيخ إبراهيم الأعزب كان له خمسون ألف تلميذ، فقال أحد تلاميذه في نفسه: كيف يقدر هذا على تربية هؤلاء ومعرفتهم؟! فاطلع الشيخ على ما أسره في نفسه وقال له: إن الله تعالى جعل قلوب الكل بيدي. ثم جمع أصابعه في الهواء وإذا بتلاميذه يهرولون من كل مكان حتى امتلأ المكان، ثم بسط أصابعه فرجع كل واحد منهم من حيث جاء. قال الصيادي: «فانظر -يا أخي- إلى هذا التصريف العظيم»([29]).
وهذا ضلال وإفك مبين، وادعاء لما لا تجترئ الملائكة ولا النبيون على ادعاء بعضه، فالقلوب بيد الله سبحانه، وهو المطلع عليها، وهي بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يقلبه كيف يشاء سبحانه وتعالى.
وذكروا أيضا أن منصور البطائحي – خال الرفاعي- أنه حضر معركة بين جيش العراق وجيش العجم لم تقع بعد. فصفق بيده فتصادم الجيشان، ثم قبض اليد اليسرى وقال: هذه لجيش العجم. فظهر جيش العجم على جيش العراق. فلما بسطها ظهر الجيش العراقي وهزم الجيش العجمي هزيمة ساحقة([30]).
ويحكون عن الشيخ منصور أنه كان على قدر عظيم من التصريف، فقد وصفوه بأن الله «أظهره للوجود، ووهبه المراتب المنيعة، وصرفه في الأكوان، وحكمه في الذرات، وألان له الصعاب، وأذل له الأسود، وجمع عليه القلوب، ونصبه قبلة للعارفين وكعبة للسالكين»([31]).
ومن الجدير بالذكر أن نجد في كتب الرفاعية ما يفيد إدانة الرفاعي نفسه لهذا التصريف الذي يدَّعيه الرفاعيون لمشايخهم، فقد جاء في كتاب «الكليات الأحمدية» أن الشيخ أحمد الرفاعي رحمه الله قال: “قال بعض صوفية خراسان: إن روحانية ابن شهريار تتصرف في ترتيب جموع الصوفية. ذلك لم يكن إلا لله الوهاب الفعال، إن تصرف الروح لا يصح لمخلوق”([32]).
– كما يكثر كلام الصوفية عن عروج مشايخهم إلى السماء وحضور ديوان الربوبية ومخاطبة الرحمن والاطلاع على ما في اللوح المحفوظ، بل بلغ الأمر بالرفاعية أن زعموا أن من مشايخهم من يعرج إلى السماء ويمحو من اللوح المحفوظ ما يشاء! ومثل هذا عن كتب الطريقة النقشبندية مثل قول الشيخ أحمد الفاروقي: «كثيرًا ما كان يعرج بي فوق العرش المجيد، ولقد عرج بي مرة، فلما ارتفعت فوق العرش بقدر ما بين مركز الأرض وبينه رأيت مقام الإمام شاه نقشبند…» إلى أن قال: «واعلم أني كلما أريد العروج تيسر لي»([33]).
على أننا نجد مثل ذلك بين كتب الرفاعية أيضًا، فقد ذُكر أن الرفاعي قال: «أيها الفقراء، الشيخ عثمان السالم أبادي -قدس الله سره- يصعد كل يوم عند غروب الشمس إلى ديوان الربوبية، وينظر ديوان ذريته: فما يجد من سيئة يمحوها ويكتب (عوضها) بلا معارضة. ثم التفت إلى ابن أخته -إبراهيم الأعزب- وقال له: يا إبراهيم، لا يكون الرجل ممكنا في سائر أحواله حتى يعرض عليه عند غروب الشمس جميع أعمال أصحابه وأتباعه وتلامذته، فيمحو منها ما يشاء، ويثبت فيها ما يشاء»([34]).
قال: «وأما سيدي حمزة -قدس الله سره- فرجل عظيم المنقبة، علي المرتبة، من كان له حاجة فليقصده يوم الأربعاء، فإنه يحضر ديوان الربوبية ويقضي الحوائج. وأما سيدي الشيخ منصور -قدس الله سره- فإنه لم يزل في السماء مثل الدلو في حوض البئر، له صعود ونزول، يقضي حوائج الناس وحوائج ذريته وأصحابه إلى يوم القيامة. سيدي منصور صاحب طريق عجيب وسر غريب؛ لأنه كان يقول في أكثر أوقاته: قال لي العزيز سبحانه كذا، وقلت للعزيز سبحانه كذا، وقال لي ربي، وقلت لربي»([35]).
– وزيادة على ما يعتقده الرفاعية في مشايخهم من الإحياء والإماتة والمنع والإعطاء -كما تجد مثل ذلك في شخص السيد عبد الرحيم الرفاعي شقيق علي بن عثمان خليفة الرفاعي([36])– فإنهم يعتقدون فيهم أن بإمكانهم محوَ ما يشاؤون من السيئات وإثبات ما يشاؤون في اللوح المحفوظ، بل وتغيير الشقي إلى سعيد وبالعكس.
ولقد رووا عن الشيخ أحمد الرفاعي أنه كان يقول: «كل شيخ لا يغير صفات تلميذه ويكتب الشقي سعيدا فما هو عندنا برجل»([37]). ورووا أنه دخل على الشيخ الرفاعي رجل مكتوب على جبهته سطر الشقاوة فمحاه([38]).
وقالوا: ثبت بين السادة الرفاعية أن وقفت الشمس في قرصها للسيد قطب الدين أحمد كي لا تفوته صلاته. فلما وصل إلى قرية «أم عبيدة» توضأ وصلى لوقته، فسقطت الشمس غائبة لوقتها([39]).
ولا تتوقف الشمس أيضًا عن الحركة من أجل أحد مشايخ الرفاعية فحسب، بل إنها تنكسف لموت أحدهم أيضا كما صرح بذلك الصيادي والنبهاني وغيرهما، حيث ذكروا بأن الشمس كسفت لموت إبراهيم الأعزب([40]).
وهذه مخالفة صريحة لا يغفل عنها عالم ولا جاهل، فمن منا يجهل قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته»([41]).
– وكذلك تتزحزح الجبال بمجرد إشارةٍ من أحدهم، كما زعموا في الشيخ عقيل المنبجي الملقب بـ «الطيار» لكثرة ما كان يطير في الهواء([42]) وتتفجر الصخرة عيونا من الماء بوكزة منه.
ويُسأَل عقيل هذا عن علامة الرجل المتمكن، فيقول بأن علامته أنه لو قال لهذا الجبل: تحرك؛ لتحرك. قال: فتحرك الجبل([43]).
وهذه مواصفات وقدرات خارقة عديدة تجتمع في أحد مشايخ الطريقة وهو الشيخ عبد الله نجم الدين مبارك الصيادي الرفاعي الذي كان يثني على نفسه قائلا: «منذ عامين وأنا أتلو سطور القربى، وأتقلب على بساط الصديقية الكاملة، وتحف حضرتي أقطاب الشرق والغرب، ويجيئني الخضر، وأرى النبي صلى الله عليه وسلم عيانا، وأتلقى عنه عليه الصلاة والسلام الأوامر الخاصة، وتخدمني الهوام، وأفهم لغات الطيور والوحوش، وأسمع تسبيح الجمادات، وتمر بي حوادث الأكوان، ويرهب مكانتي الزمان، وتساعدني الأقدار بكل ما أروم، ويبشرني الوارد المحمدي بالترقيات والقبول، وتسلم عليّ الأبدال، وتتضرع بي الأنجاب، وتنكشف لي عوالم البراري والبحار»([44]).
فهذا الرجل لم يؤت ما أوتيه سليمان عليه السلام فحسب، وإنما أوتي ما أوتيه الأنبياء جملة واحدة، بل وما لم يؤتوه أيضًا.
وذكروا أن أبا الفضل الواسطي كان يعرف أيضا لغة الحيوانات والطيور، ويذكر جميع أحوالهم وما هم عليه في البر([45]).
ومما يحكى من الكرامات أن أبا بكر الدينوري سمع الصوفية يروون عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث: «من أكل مع مغفور له غفر الله له»([46])، فلم يصدّق به، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم في المنام عن درجة هذا الحديث، فقال له: أنا قلت هذا الحديث، وغدا تأكل مع مغفور له ويغفر الله لك. وفي اليوم التالي أخذ نجم الدين لقمة وقال له: «كل يا أخي أبا بكر، صدق سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أكل مع مغفور له غفر الله له، وأنت مغفور لك»([47]).
فالرجل لم يتحقّق من الحديث بالرجوع إلى رجاله ورواته، وإنما بالتثبُّتِ من النبي صلى الله عليه وسلم شخصيًّا، وهذا مشهور عند الصوفية أنهم ربما سألوه في الرؤيا عن الحديث الموضوع فيقول لهم: أنا قلته، وربما سألوه عن الحديث الصحيح المتواتر فيقول: لم أقله، فيعتبرونه حينئذ موضوعا وإن رواه البخاري ومسلم. بمعنى آخر: أن لهم منهجًا خاصًّا في الحكم الأحاديث، ليس هو منهج أئمة الحديث كالبخاري ومسلم وغيرهما.
(5) توظيف معنى محبة الله في العشق الصوفي:
جعل محمد أمين الكردي العشق مرتبة لخواصّ الخواصّ: «ومحبتهم لله عبارة عن التعشق الذي ينمحي به العاشق عند تجلي نور معشوقه»([48]).
مع أن الله لم يذكر مرتبة أفضل من مرتبة: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54]، وكذلك: «لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه». ولم يقل: «يفنى فيهم ويفنون فيه»، أو: «يعشقهم ويعشقونه». ولا يتصور مؤمن أن يحب الله أحدا أكثر من رسوله صلى الله عليه وسلم وأصحاب رسوله رضي الله عنهم، ولم يقل أحد منهم: إنه يعشق الله، أو إن الله يعشقه.
والعشق لفظ أفتى ابن عبد السلام بمنع استخدامه فيما يتعلَّق بمحبة الله([49]).
وقال ابن الجوزي: “العشق عند أهل اللغة لا يكون إلا لما يُنكَح. ونقل عن أبي الحسن النوري أنه سمع رجلا يقول: أنا أعشق الله عز وجل وهو يعشقني. فقال له: سمعت الله يقول {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54]، وليس العشق بأكثر من المحبة”([50]).
وإنما يكثر التكلم عن الفناء والعشق عند الهندوس البراهمة كما اعترف به النقشبنديون بأن ما يحصل لهم من المكاشفات والتجليات والفناء في الله شبيه بما يحصل للهندوس البراهمية، فقالوا: «وبراهمية الهند وجوكية وفلاسفة اليونان لهم كثير من قسم التجليات الصورية والمكاشفات المثالية والعلوم التوحيدية، وليس لهم من نتائجها سوى الفساد والفضاحة، ولا نصيب لهم من الرحمن»([51]).
ولكن كيف سلموا للهندوس ذلك واعتبروا ذلك منهم كشفا وتوحيدا وهم يعلمون أنهم أكثر الناس شركا؟! مما يؤكّد أنهم إذا أطلقوا لفظ التوحيد فإنهم يعنون به وحدة الوجود!
(6) توظيف الحديث في معنى التحدّي والعلوّ عند أولياء الصوفية وسحق من يخالفهم الرأي:
فمن الأفكار السيارة لدى الطرق الصوفية تخويف العامة من الاعتراض على أوليائهم، وتخويف الناس أولياءهم.
يحكون أن أحد أولياء النقشبنديين اعترض عليه رجل فعاقبه هذا الولي بمرض الإسهال، فصار يقعد بين النجاسات والقاذورات، ويضعها في أنفه ويقول: نعم الشيء المسهل، ويعمَل من نجاسته دُمى يلعَب بها، ثم تقطعت أمعاؤه، ومات بسبب شدّة مرض الإسهال الذي أصابه به الولي([52]).
وقد زعموا أن الشيخ إبراهيم هذا كانت إرادته تعارض إرادة الله في ملكه، وزعموا أن الله ناداه: «سيدي إبراهيم»! فقد حكى محمد أبو الهدى الصيادي أن الشيخ أحمد الرفاعي قال لإبراهيم: «ناداني العزيز سبحانه وقال: إني أريد أن أخسف الأرض وأرمي السماء على الأرض، فقلت: إلهي من ذا الذي يعارضك في ملكك وإرادتك؟! قال: سيدي إبراهيم. فأخذته الرعدة ووقع على الأرض»([53]).
وقد رووا عن إبراهيم هذا أنه كان يقول: «أعطاني ربي عز وجل التصريف في كل من حضرني، فلا يقوم أحد ولا يقعد ولا يضحك في حضرتي إلا وأنا متصرّف فيه، فقال رجل من الحاضرين في نفسه: فها أنا أقوم وأقعد إذا شئتُ. فقطع الشيخ إبراهيم كلامه والتفت إليه وقال: انهض. فلم أستطع. ثم قال: يا بني، ألم تعلم أن قلوب الخلق بين أيدينا كالمصابيح من وراء الستارة نشهدها رأي العين؟!»([54]).
وكان -على حد قولهم- ظاهر التصريف في البواطن والظواهر، وكان إذا قال لأشد الناس خوفا من النار: اذهب إلى النار؛ لم يشعر بنفسه إلا في النار، ويمكث فيها ما شاء الله، ويخرج منها وما احترقت ثيابه، وكان إذا أحب رجلا لا يقدر ذلك الرجل على مفارقته ويجد باعثًا من نفسه يقوده إليه طوعا أوكرها([55]).
ويزعم الميرغني محمد عثمان شيخ الطريقة الختمية «أن الله كلَّمَه وقال له: أنت تذكرة لعبادي، ومن أراد الوصول إليَّ فليتخذك سبيلا، وأن من أحبك وتعلق بك هو الذي خلد في رحمتي، ومن أبغضك وتباعد عنك فهو الظالم المعدود له العذاب الأليم». وهذا في كتاب «الطريقة الختمية» بعنوان: «الهبات المقتبسة»([56]).
وهذا يدفعنا إلى القول بأنه لا اعتبار بالخوارق إذا خالفت الكتاب والسنة.
قال الشوكاني: «فحق على الولي -وإن بلغ في الولاية إلى أعلى مقام وأرفع مكان- أن يكون مقتديا بالكتاب والسنة، وازنا لأفعاله وأقواله بميزان هذه الشريعة المطهرة، واقفا على الحد الذي رسم فيها، غير زائغ عنها في شيء من أموره، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيح أنه قال: «كل أمر ليس على أمرنا فهو رد». وإذا ورد عليه وارد يخالف الشريعة رده، واعتقد أنه من الشيطان، ويدافع ذلك بحسب استطاعته، وبما تبلغ إليه قدرته… ومن خالف هذا ممن يطلق عليه اسم الولي فليس من أولياء الله عز وجل. وما أحسن ما قاله أبو سليمان الداراني: (إنها لتقع في قلبي النكتة من نكت القوم، فلا أقبلها إلا بشاهدين عدلين: الكتاب والسنة)، وقال الجنيد رحمه الله: (عِلمُنا هذا مقيّد بالكتاب والسنة، فمن لم يقرأ القرآن ويكتب الحديث لا يصح له أن يتكلم في علمنا)، وقال أبو عثمان النيسابوري: (من أمّر على نفسه الشريعة قولا وفعلا نطق بالحكمة، ومن أمّر على نفسه الهوى قولا وفعلا نطق بالبدعة؛ لأن الله تعالى يقول: {وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا}. وقال أبو عمرو بن نجيد: (كل وجد لا يشهد له الكتاب والسنة فهو باطل)»([57]).
بل ولا يجوز للولي أن يعتقد في كل ما يقع له من الواقعات والمكاشفات أن ذلك كرامة من الله سبحانه، فقد يكون من تلبيس الشيطان ومَكرِه، بل الواجب عليه أن يعرض أقواله وأفعاله على الكتاب والسنة، فإن كانت موافقة لها فهي حقّ وصدق وكرامة من الله سبحانه، وإن كانت مخالفة لشيء من ذلك فليعلم أنه مخدوع ممكور به، قد طمع منه الشيطان فلبس عليه([58]).
وأيضًا فإن أولياء الله أهل تواضع، خلافًا لأصحاب الولاية الصوفية الذين يسعَون بكل سبيل لسحق مخالفيهم ومن يتجاهلهم، وقد جعل شغلهم ليل نهار في التحدي والتصرف في الكون والتحدّث عن فضائل أنفسهم ومقدار تصرفهم!
فقد روى البخاري هذا الحديث في باب التواضع من كتاب الرقاق([59])، ولعل هذا فيه إشارة إلى أن أولياء الله ليسوا كأولئك الذين يسعون حثيثًا بأنفسهم أو عبر أتباعهم ومريديهم لنشر فضائلهم، والتذكير بها، والتواصي بتلقينها للناس.
– ثم إن لفظ الولي يحمل في معناه القربى والتقرب إلى الله تعالى بطاعة بعد طاعة، قال ابن رجب: «وأصل الولاية: القرب، وأصل العداوة: البعد، فأولياء الله هم الذين يتقربون إليه بما يقربهم منه، وأعداؤه الذين أبعدهم عنه بأعمالهم المقتضية لطردهم وإبعادهم منه»([60]).
وإذا تأملنا حال أولياء الصوفية فهم يزعمون أن قدَم الجيلاني على رقبةِ كل أولياء الله، وبعد هذا نسأل: من الطاعنون في الأولياء؟! فالصوفية هم الذين زعموا أن عبد القادر الجيلاني قال: «قدمي هذه على رقبة كل ولي لله تعالى». صرح السرهندي بأن السهروردي سمعها من عبد القادر نفسه إذ كان مصاحبا له([61]).
وهذا طعن بالنبي صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعظم أولياء الله، يليه الصحابة رضي الله عنهم. وعبد القادر -بزعم هذا الناقل- لم يخصّص جماعة من الأولياء دون آخرين بأنهم تحت قدمه، بل أطلق وعمّم أن كل ولي لله فهو تحت قدمه. فمن الطاعن في أولياء الله؟!
وأيضًا فإن الصوفية قد كذبوا على لسان نبيهم، فكل واحد منهم يزعم أنه يراه يقظة بين الآونة والأخرى، فكذبهم على سواه من باب أولى. وقد كذَّب الحافظ ابن رجب هذه الرواية عن الجيلاني، واتهم راويها الشطنوفي بالوضع والكذب([62]).
الفصل الثاني: القواعد السُّنية التي شملها حديث الولي:
المتأمِّل في لفظ حديث الولي يجد أنه يحمل قواعد راسخة ومعاني محصّنة تأبى على التوظيف البدعي فيما يناقض الشريعة، خاصة إذا تعاضدت بمعاني الكتاب والسنة، وضمت إليها النصوص الصريحة، مهما ادعى أهل البدع خلاف ذلك. ومن هذه القواعد:
(1) وصف «الولي» و«الولاية» يستحقّه العالم بالأمر والنهي العامل بهما ابتغاء وجه الله:
ودونك هذا التحرير البديع لمناط ولاية الله جل جلاله، وقد ذكره ابن تيمية رحمه الله: «فمن كان جاهلا بما أمره الله به وما نهاه عنه لم يكن من أولياء الله، وإن كان فيه زهادة وعبادة لم يأمر الله بهما ورسوله، كالزهد والعبادة التي كانت في الخوارج والرهبان ونحوهم.
كما أن من كان عالما بأمر الله ونهيه ولم يكن عاملا بذلك لم يكن من أولياء الله؛ بل قد يكون فاسقًا فاجرًا، كما قال صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كالأترجة: طعمها طيب وريحها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة: طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الحنظلة: طعمها مر ولا ريح لها»([63]).
ويقال: ما اتخذ الله وليا جاهلا، أي: جاهلا بما أمره به، ونهاه عنه؛ فأما من عرف ما أمر الله وما نهى عنه، وعمل بذلك فهو الولي لله وإن لم يقرأ القرآن كله، وإن لم يحسن أن يفتي الناس ويقضي بينهم.
فأما الذي يرائي بعمله الذي ليس بمشروع فهذا بمنزلة الفاسق الذي ينتسب إلى العلم، ويكون علمه من الكلام المخالف لكتاب الله وسنة رسوله؛ فكل من هذين الصنفين بعيد عن ولاية الله تعالى.
بخلاف العالم الفاجر الذي يقول ما يوافق الكتاب والسنة، والعابد الجاهل الذي يقصد بعبادته الخير، فإن كلا من هذين مخالف لأولياء الله من وجه دون وجه؛ فقد يكون في الرجل بعض خصال أولياء الله دون بعض، وقد يكون فيما ذُكر معذورا بخطأ أو نسيان، وقد لا يكون معذورا»([64]).
(2) الخوارق تكون كرامة إذا كان صاحبها من أهل الإيمان ومقيمًا على الطاعة:
فمن كان من المؤمنين بالله وملائكته وكتبه ورسله والقدر خيره وشره، مقيما لما أوجب الله عليه، تاركا لما نهاه الله عنه، مستكثرا من طاعاته، فهو من أولياء الله سبحانه، وما ظهر عليه من الكرامات التي لم تخالف الشرع فهي موهبة من الله عز وجل لا يحل لمسلم أن ينكرها. ومن كان بعكس هذه الصفات فليس من أولياء الله سبحانه، وليست ولايته رحمانية بل شيطانية، وكراماته من تلبيس الشيطان عليه وعلى الناس.
وليس هذا بغريب ولا مستنكر، فكثير من الناس من يكون مخدوما بخادم من الجن أو بأكثر، فيخدمونه في تحصيل ما يشتهيه، وربما كان محرما من المحرمات، وقد قدمنا أن المعيار الذي لا يزيغ والميزان الذي لا يجور هو ميزان الكتاب والسنة، فمن كان متبعا لهما معتمدا عليهما فكراماته وجميع أحواله رحمانية، ومن لم يتمسك بهما ويقف عند حدودهما فأحواله شيطانية([65]).
(3) أولياء الله يعملون في الدنيا خلافًا لأهل الولاية البدعية، فقد لا يهتمون لأمر المعاش ولا يبيعون ولا يشترون:
أولياء الله يكونون في السوق والأعمال؛ لذا قد تكون بينهم وبين الناس خصومات للدنيا لا للدين.
خلافًا لأهل الخلوات والمزارات المنزوين عن مخالطة الخلق وطلب المعاش وطلب القوت الحلال بلا مِنّة من أحد، وشواهد ذلك كثيرة عند الصوفية، خاصة متأخريهم، وحسبك أن تبحث عن أدب الخلوة والمريد، وستجد تشريعات للتسول والحصول على الطعام لم ينزل الله بها سلطانًا.
واقرأ هذا النص الواضح: “وقيل: لا خير فيمن لم يذق طعم إهانة الرد. وكان بعض المشايخ لا يأكل إلا من السؤال، فسئل عن ذلك، فقال: اخترته لكراهية نفسي له… وقيل: الأكل بالسؤال أجمل من الأكل بالتقوى”([66]).
(4) أولياء الله لا يسقطون التكاليف الشرعية ولا يتركون العمل أبدًا، خلافًا لأصحاب الولاية البدعية:
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل..»، فلا طريق يوصل إلى التقرب إلى الله تعالى وولايته ومحبته سوى طاعته المشروعة في الكتاب والسنة؛ فمن ادعى ولاية الله والتقرب إليه ومحبته بغير سلوك مسالكها الشرعية فهو كاذب مفتر على الله.
قال الشوكاني: «لا بد للولي من أن يكون مقتديا في أقواله وأفعاله بالكتاب والسنة، وأن ذلك هو المعيار الذي يعرف به الحق من الباطل»([67]).
لكن وليّ الله عند الصوفية من اختاره الله وجذبه إليه، وليس من شرط ذلك أن يكون عند هذا المختار والمجذوب أيّة مواصفات للصلاح والتقوى؛ إذ الولاية عندهم نوع من الوهب الإلهي دون سبب، وبغير حكمة، ويجعلون الولاية الكسبية هي ولاية العوام والمتنسِّكين، والولاية الحقيقية عندهم هي الولاية الوهبية، ويستدلون لذلك بمثل قوله تعالى: {يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ} [البقرة: 105]، فيقولون: الولاية اختصاص.
وهذا تلبيس منهم؛ لأن اختصاص الله من يشاء برحمته لا يكون إلا لحكمة وأسباب اقتضت ذلك، كما قال سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 35]، فجعل سبحانه وتعالى تقواه واتخاذ الوسيلة منه هي الطريق الموصل لرحمته، فيستحيل أن تكون رحمة الله التي يختص بها من يشاء كائنة دون حكمة؛ لأن الله سبحانه وتعالى يعلم أين يجعل رسالته، وأين يضع هدايته، كما قال تعالى: {اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: 124]، وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لِّيَقُولواْ أَهَؤُلاء مَنَّ اللّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} [الأنعام: 53].
فأخبر سبحانه ردًّا على الكفار الذين احتقروا المؤمنين لفقرهم وقالوا: كيف يرزقهم الله التقوى ونحن أكرم على الله منهم لأنه رزقنا الأموال والأولاد؟! فقال تعالى: {أَلَيْسَ اللّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} [الأنعام: 53] سبحانه وتعالى، فإنه أعلم بمن يوفّق لهدايته وهم الذين يحكمون بواجب شكره سبحانه وتعالى؛ ولذلك عبد الرسول صلى الله عليه وسلم ربَّه حتى أتاه اليقين وهو الموت، وقام من الليل حتى تفطرت قدماه، وقيل له: يا رسول الله، تفعل هذا وقد غفر الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! فقال: «أفلا أكون عبدًا شكورًا؟!»([68]).
فالعباد الذين يعلم الله منهم الطاعة والإخلاص والقيام بشكر نعمته هم الذين يوفقهم الله لطاعته ومحبته وولايته.
ولما اعتقد الصوفية أن الولاية قضية وهبية بلا حكمة ولا معقولية جعلوا المجاذيب والمجانين والفسقة والظلمة والملاحدة المشركين من أهل وحدة الوجود أولياء لله بمجرد أن ظهر على أيديهم بعض خوارق العادات التي ظهر مثلها على الدجال وابن صياد، وأصناف من المشركين وأهل الإلحاد، فجعلوا الكرامة الشيطانية الإبليسية، كالإخبار ببعض المغيبات واحتراف بعض الحيل والشعوذات وإتقانها، كزعم الدخول في النيران وضرب الجسم بالسكاكين والسهام واللعب بالعقارب والحيات، وأمثال ذلك من المخاريق والترهات، جعلوا أولياء الله هم هؤلاء الذين يدجِّلون على الناس بمثل هذه الخرافات، مع ما هم عليه من مخالفة الإسلام في الظاهر والباطن، فظاهرهم مخالف للشريعة حيث عبدوا الله بالبدع والمظاهر الكاذبة والرياء والسمعة، كلبس الخرق الملونة والمرقعات، وإظهار الفقر والزهد، وذكر الله بالصياح والهوس والجنون، وإقامة مشاعر الشرك عند القبور والمزارات والاستعانة بالأموات، وعبادة المشايخ والذوات، جعلوا من هذه أحوالهم في ظاهرهم أولياء لله، ومن أحوالهم في بواطنهم أشرّ من ذلك وأمرّ، فهم مِن أهل وحدة الوجود الكافرين والزنادقة الملحدين الذين لا يفرقون بين خالق ومخلوق، وبين رب وعبد، ومن يجعلون النبي محمدًا صلى الله عليه وسلم هو علّة الأكوان، والمستوي على عرش الرحمن، ومبدع الأرض والسماوات إلى آخر هذا الكفر والهذيان مما يأباه من عنده أدنى إسلام وإيمان… هذه هي الولاية الصوفية في زعمهم، جعلوها لهؤلاء كما جعلوها أيضًا للمجانين والصبيان ولأهل التخاريف والهذيان، حتى عدوا في أوليائهم من يأتي الحمارة في وضح النهار، وأمام الأسماع والأبصار، وسلكوا في سلك الولاية الشيطانية هذه من يشرب الخمر جهارًا نهارًا، ويزني ويلوط عيانًا بيانًا، ويزعمون في كل ذلك أن هذا مظاهر غير مراد، وأنه نوع من التخييل للعباد، وأن الولي الصادق لا تضره معصية أبدًا، أو أن الأعيان تنقلب له، فالخمر التي يشاهدها الناس خمرًا تنقلب في بطن الولي لبنًا خالصًا، والزانية الفاجرة التي يرى الناس الولي بصحبتها تكون زوجته.
هذه هي الولاية الصوفية، وهي لا تمت من قريب أو بعيد للولاية الإسلامية القرآنية قط. فالولي في الإسلام عبد هداه الله ووفقه وسار في مرضاة ربه حسب شريعته، وهو يخشى على نفسه دائمًا من الكفر والنفاق وسوء العاقبة، ولا يعلم هل يقبل الله عمله أو لا.
(5) أولياء الله يتعبدون الله تعالى بدعائه وسؤاله، وهذا ينقض فكرة أن أولياء الله لا يسألون الله شيئًا:
قال صلى الله عليه وسلم: «ولئن سألني لأعطينه». فهذا حال ولي الله تعالى أنه يدعو الله ويسأله حاجته، ويفتقر إليه ويستجيب الله دعاءه.
وقد أصّل الصوفية تأصيلًا فاسدًا، مفاده أن الولي ليس له إلى الله من حاجة. ويرون الصوفي الحقيقي هو الذي لا حاجة له إلى الله، عياذا بالله.
قالوا: «وسئل -أي: بهاء الدين نقشبند- عن قولهم -أي: الصوفية-: الفقير هو الذي لا يحتاج إلى الله. فقال: المراد منه كما قال إبراهيم: (حسبي من سؤالي علمه بحالي)»([69]). وأما إلى غيره من المخلوقات فالحاجة الماسة.
ولقد صرح كبار الصوفية بعدم حاجتهم إلى الله تعالى، فإنه لما سألهم سائل عن علامة الصوفي «الفقير» قالوا: “أن لا يكون له إلى الله حاجة”. ذكره القشيري([70]) والسهروردي([71]).
(6) أفضل الأعمال التقرب إلى الله تعالى بالعمل الصالح وبالفرائض والنوافل، خلافًا لما زعمه بعض أولياء الصوفية من ترويج فكرة تقديس الشيخ والتقرب إليه، وجعل ذلك أفضل من النوافل والعمل الصالح:
فحديث الوليّ دل على أن ثمرة التقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض الظفر بمحبته سبحانه: فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه»، فأولياء الله يتقربون إلى الله ويرجون بها محبته والقربى منه.
أما أولياء الصوفية فقد فضّلوا خدمة الشيخ على التقرب إلى الله بالنوافل، بل على أي عمل صالح آخر، كما قال محمد أمين الكردي: «قال بعضهم: الخدمة عند القوم من أفضل العمل الصالح»([72]).
وقال عبيد الله أحرار: «وظن بعض الناس أن الاشتغال بالنوافل أولى من خدمة الشيخ، وليس كذلك، فإن نتيجة الخدمة المحبة وميل القلوب؛ لأنها جبلت على حب من أحسن إليها، وفرق بين ثمرة النوافل وثمرة الخدمة»([73]).
وقد تجاهلوا ثمرة التقرب إلى الله بالنوافل وهي محبة الله كما قال: «ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه»، زاعمين أنه لا يزال المريد يتقرب إلى الشيخ بالخدمة حتى يحبه!
(7) الحديث ينقض فكرة تقسيم الدين إلى شريعة وحقيقة:
فإن حديث الولي تناول السبيل وأوضح الطريق لولاية الله تعالى وعبوديته، فذكر أن الطريق إلى ذلك يُوصَل إليه بأعمال ظاهرة وباطنة، وهي الواجبات، وهي مما افترضها الله عليهم في شرعه، فقد أفصح النصّ إفصاحًا عنها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «مما افترضته عليه».
قال الطوفي: «الحديث أصل في السلوك إلى الله عزَّ وجلَّ والوصولِ إلى معرفته ومحبته، وطريقُهُ أداءُ المفروضات، وهي إما باطن وهو الإيمان، أو ظاهر وهو الإسلام، أو مركب منهما وهو الإحسان… والإحسان هو المتضمن لمقامات السالكين التي ذكرها شيخ الإسلام الأنصاري، وغيره من التوكل والزهد والإخلاص والمراقبة والتوبة واليقظة ونحوها، وهي كثيرة، فإذًا حديث جبريل جمع الشريعة والحقيقة»([74]).
وتقسيم الدين إلى حقيقة وشريعة تقسيم فاسد؛ لأن الحقيقة عند أهلها: هو السلوك الذي لا يتقيد صاحبه بأمر الشارع ونهيه، ولكن بما يراه ويذوقه ويجده، ونحو ذلك([75]).
(8) حديث الولي ينقض فكرة ختم الولاية:
فحديث الولي يفتح باب الولاية أمام كل مؤمن تقي طائع لله متقرب إليه بالنوافل بعد الفرائض إلى قيام الساعة، فالحديث يشمل أيَّ وليٍّ كان في عموم الزمان والمكان؛ خلافًا للمعتَقَد الصوفي بختم الولاية، إذ يروِّج أتباع كل ولي أنّ وليَّهم خُتمت به الولاية، وهي دعوى أطلقها الحكيم الترمذي وابن عربي وغيرهما من غلاة الصوفية، وأخذها المتصوفة عنهم ونسبها كل منهم لشيخه.
وحقيقة الأمر أن خاتم الأولياء هو آخر مؤمن يبقى على هذه الأرض، وليست ولاية الله تنقطع بموت أحد هؤلاء المشايخ قبل مئات السنين من الآن، فإن كل مسلم يؤمن بالله ويتقيه فهو ولي لله تبارك وتعالى. ولهذا فإن المفهوم الصوفي للولاية بعيد جدًّا عن مفهوم الإسلام لها([76]).
ختامًا..
لقد كان حديث الولي من أعظم أحاديث السنة النبوية، وشمل الكثير من المعاني، وبه حصانة وقوة في معانيه تنفي الدخيل، وتتأبى على التوظيف الهدام في البدع والولاية البدعية المدعاة.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)
([1]) انظر: جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية (3/ 1316).
([4]) انظر: حكاه شمس الدين الأفغاني في جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية (3/ 1316-1317).
([5]) شرح المعارف الغيبية في شرح العينية، لعبد الغني النابلسي (ص: 26-27).
([7]) جامع الأصول في الأولياء (ص: 16-17).
([8]) درة الأسرار، لابن الصباغ (ص: 30).
([9]) أبو الحسن الشاذلي، لعبد الحليم محمود (ص: 42).
([10]) الفيوضات الربانية في المآثر والأوراد القادرية، للقادري (ص: 33-36).
([11]) الفيوضات الربانية (ص: 7).
([12]) الفيوضات الربانية (ص: 48).
([14]) جامع كرامات الأولياء، للنبهاني (2/ 158).
([15]) قلادة الجواهر، للصيادي (ص: 73، 145)، والمعارف المحمدية (ص: 47-48).
([16]) إرشاد المسلمين، للفاروثي (ص: 124-125)، وروضة الناظرين، للوتري (ص: 85 ).
([17]) إحياء علوم الدين (1/ 269).
([18]) جامع كرامات الأولياء (1/ 12).
([19]) حاشية ابن عابدين (1/ 302) المطبعة الأميرية.
([20]) الفجر المنير، لجحا (ص: 5، 15-16)، قلادة الجواهر، للصيادي (ص: 73، 145)، المعارف المحمدية (ص: 47-48)، إرشاد المسلمين، للفاروثي (ص: 85-86)، سواد العينين، للرافعي (ص: 13-14)، روضة الناظرين، للوتري (ص: 58)، طبقات الصوفية، لابن الملقن (ص: 99).
([21]) الفجر المنير، لجحا (ص: 20)، قلادة الجواهر، للصيادي (ص: 147-148)، طبقات الشعراني (1/ 143).
([22]) الفجر المنير (ص: 13)، قلادة الجواهر (ص: 143-144).
([23]) الفجر المنير (ص: 19)، طبقات الشعراني (1/ 142).
([24]) ترياق المحبين للقادري (ص: 9)، لطائف المنن (ص: 491)، قلادة الجواهر (ص: 42، 147).
([25]) إرشاد المسلمين (ص: 15).
([26]) إرشاد المسلمين (ص: 10).
([27]) قلادة الجواهر، للصيادي (ص: 92).
([28]) قلادة الجواهر (ص: 102). وجبل قاف يعتقد الصوفية بوجوده وفيه أناس يعبدون الله لم يعصوه ولا لمرة واحدة.
([29]) قلادة الجواهر (ص: 337). وانظر: الأخلاق في التحدث بنعمة الله على الإطلاق، للشعراني (ص: 485).
([30]) روضة الناظرين، للوتري (ص: 21)، جامع كرامات الأولياء، للنبهاني (2/ 268).
([31]) إرشاد المسلمين، للفاروثي (ص: 13-14).
([32]) الكليات الأحمدية، للصيادي (ص: 117).
([33]) المواهب السرمدية في مناقب السادة النقشبندية، للكردي (ص: 184)، والأنوار القدسية في مناقب النقشبندية، للسنهوتي (ص: 182).
([34]) قلادة الجواهر (ص: 193).
([35]) قلادة الجواهر، للصيادي (ص: 199، 181-182)، وجامع كرامات الأولياء، للنبهاني (1/ 163)، وطبقات الأولياء، للشعراني (2/ 104).
([36]) تنوير الأبصار (ص: 32)، التاريخ الأوحد (ص: 75)، وقلادة الجواهر (ص: 328).
([37]) قلادة الجواهر، للصيادي (ص: 94).
([38]) قلادة الجواهر (ص: 103-104)، طبقات الأولياء، لابن الملقن (ص: 98).
([39]) إرشاد المسلمين (ص: 110)، التاريخ الأوحد (ص: 71)، روضة الناظرين (ص: 99).
([40]) قلادة الجواهر (ص: 337)، جامع كرامات الأولياء (1/ 238).
([41]) رواه البخاري (1048)، ومسلم (911).
([42]) جامع كرامات الأولياء، للنبهاني (2/ 153).
([43]) ترياق المحبين، للقادري (ص: 45، 46).
([44]) تنوير الأبصار (ص: 67)، وروضة الناظرين، للوتري (ص: 109).
([45]) إرشاد المسلمين، للفاروثي (ص: 7).
([46]) قال ابن تيمية: «هذا ليس له إسناد عن أهل العلم، ولا هو في شيء من كتب المسلمين، وإنما يروونه عن سالم، وليس معناه صحيحا على الإطلاق، فقد يأكل مع المسلمين الكفار والمنافقون». مجموع الفتاوى (18/ 381).
([47]) روضة الناظرين، للوتري (ص: 92)، التاريخ الأوحد، للصيادي (ص: 68)، إرشاد المسلمين، للفاروثي (ص: 100).
([51]) البهجة السنية في آداب الطريقة العلية الخالدية النقشبندية (ص: 9)، مكتوبات الإمام الرباني (ص: 218).
([52]) رشحات عين الحياة (ص: 228-229).
([54]) تنوير الأبصار (ص: 34)، وقلادة الجواهر (ص: 333-334)، وإرشاد المسلمين، للفاروثي (ص: 97)، وجامع كرامات الأولياء، للنبهاني (1/ 237)، وروضة الناظرين، للوتري (ص: 86).
([55]) روضة الناظرين، للوتري (ص: 86).
([56]) الطريقة الختمية، للمرغني (ص: 76).
([57]) قطر الولي على حديث الولي (ص: 236-237).
([58]) قطر الولي على حديث الولي (ص: 234).
([60]) جامع العلوم والحكم (2/ 335).
([61]) المكتوبات الربانية (ص: 350). وينظر: نور الإنصاف في كشف ظلمة الخلاف (ص: 29) وقلادة الجواهر (ص: 113)، وجامع كرامات الأولياء، للنبهاني (1/ 293).
([62]) ذيل طبقات الحنابلة، لابن رجب (1/ 194-195).
([63]) رواه البخاري رقم (5020، 7560، 5059)، ومسلم (797) من حديث أبي موسى رضي الله عنه.
([64]) مختصر الفتاوى المصرية (ص: 714).
([65]) انظر: قطر الولي على حديث الولي (ص: 256-257).
([66]) آداب المريدين لأبي النجيب السهروردي، (مطبوع بشرح القاري) (ص: 345)، وانظر: اللمع لأبي نصر الطوسي (ص: 176).
([67]) قطر الولي على حديث الولي (ص: 237).
([68]) رواه البخاري رقم (1130، 4836، 6471) ومسلم (2819) من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه.
([69]) الحدائق الوردية في حقائق أجلاء الطريقة النقشبندية، للخاني (ص: 131).
([70]) الرسالة القشيرية (ص: 125).
([71]) عوارف المعارف (ص: 103).
([72]) تنوير القلوب (ص: 528-530).
([73]) المواهب السرمدية (ص: 163)، الأنوار القدسية (ص: 161).
([74]) التعيين في شرح الأربعين (1/ 321).
([75]) ينظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام (10/ 169)، والصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة، لابن القيم (3/ 1051).
([76]) انظر: معجم البدع، لرائد أبي علفة (ص: 213)، وتهذيب الرفاعية، لعبد الرحمن دمشقية (ص: 13).