الاثنين - 02 محرّم 1446 هـ - 08 يوليو 2024 م

المحرم وعاشوراء.. شبهات ونقاش

A A

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة

مقدمة:

هذا الدين العظيم يجعل الإنسان دائمًا مرتبطًا بالله سبحانه وتعالى، فلا يخرج الإنسان من عبادة إلَّا ويتعلَّق بعبادة أخرى؛ لتكون حياته كلُّها كما قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 162، 163]، فلا يكاد ينقضي موسمٌ من مواسم العبادات إلا ويدخل موسم آخر، يخرج رمضان فتدخل أشهر الحج، ويبدأ الناس بالاستعداد لهذه الشعيرة العظيمة، وينتهي الحج ليدخل المحرم الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل»([1]).

فشهر المحرم من الأشهر الحرم، وهو أول الشهور في السنة الهجرية، يأتي بعد عبادةٍ عظيمةٍ وهي الحج، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أنه من أفضل الشهور للصيام، وفيه أيضًا يومٌ عظيم يومُ عاشوراء، والذي كان فرضًا على المسلمين صيامُه حتى نُسخ بفرض صيام شهر رمضان، وقد صامه النبي صلى الله عليه وسلم وصامه أصحابه.

وهذه الأيام الفاضلة ليس لها من عدوٍّ إلا من يدخلها على غير الهدي النبوي، فإنّ هذا الدين قائم على اتّباع الكتاب والسنة، وعلى أن العبادات توقيفيّة لا يجوز لنا أن نخترع عبادة أو صفة لعبادة إلا بدليل شرعي؛ وما يُخرج هذه العبادات عن غاياتها هي البدع والشبهات، فالأُولى تقرر ما ليس من الإسلام ليكون إسلامًا، والثانية تشكّك في الثابت من الإسلام.

وفي هذه الورقة عرضٌ لبعض المسائل المتعلِّقة بشهر الله المحرم وبيوم عاشوراء، وذلك على النحو الآتي:

أولا: طلب العفو والسماح بداية العام:

اعتَدنا في وسائل التواصل الاجتماعيّ أن نجد الرسائل المكرّرة حول المسامحة وطلب العفو بدايةَ كلِّ عام، ولا يصحّ اعتقاد أنّ هذا من شرع الله سبحانه وتعالى.

والمسلم مطالَب بأن يتوب إلى الله من ذنوبه، وأن يستغفره من خطاياه، وأن يردَّ الحقوق إلى أصحابها، وأن يتحلَّل ممن أخطأ في حقِّه، فمتى أخطأ المسلم في حقِّ أخيه فعليه أن يبادر بطلب العفو والصفح عنه، وإن كانت حقوقًا مادّيّة رَدَّها إليه، دون أن ينتظر بداية العام أو نهايته.

فإن قيل: لا نقصد أننا نطلب السماح والتحليل فقط في نهاية العام وبدايته، لكنه كالتذكير بالنسبة لنا.

يقال: هل تحيَّن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابُه رضي الله عنهم مثلَ هذه الأوقات وتحرَّوها حتى يطلبوا العفو ممن أرادوا منهم العفو؟

والجواب: أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحدِّد يومًا أو يخصّ يومًا أو يحث على يوم معيّن لطلب العفو والتحلّل فيه؛ بل أطلق ذلك طوال عمر الإنسان.

ثم إن التحلّل وطلبَ العفو من الناس لا يكون بهذه الطريقة وبشكل عامّ، بل ينبغي أن يتحلَّل الإنسان من الشخص بعينه فيسامحه حتى يرتفع عنه اللوم الشرعي.

ثانيا: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم تابعًا لليهود ويأخذ تعاليم الشريعة منهم؟

هذه الشبهة من أهمّ الشبهات التي يتمسَّك بها الملاحِدة والمستشرقون ومن تبِعهم، وهذا ليس في صيام يوم عاشوراء فحسب، بل يرون عمومًا أن الإسلام ما هو إلا نسخة ملفَّقة من اليهودية والنصرانية، وأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قد أخذ التعاليم والشرائع من خلال معرفته باليهود والنصارى وتعاليمهم في جزيرة العرب.

وليس غرضنا هنا الإجابة عن هذه الشبهة العامة، ولكن مما يستدلون به على رأيهم هذا: أن النبي صلى الله عليه وسلم قد فرض صيام عاشوراء بعد أن رأى اليهود يفعلون ذلك، فقد أخذ التشريع منهم لا من الله تعالى.

بدايةً: النبي صلى الله عليه وسلم علَّق الصيام وعلَّته بأمر آخر غير موافقة اليهود، وهو أنه يوم نجَّى الله فيه موسى عليه السلام، ففي الصحيحين مِن حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قَدِم المدينة وجدهم يصومون يوما -يعني عاشوراء- فقالوا: هذا يوم عظيم، وهو يوم نَجّى الله فيه موسى وأغرق آل فرعون، فصام موسى شكرا لله، فقال: «أنا أولى بموسى منهم»، فَصَامه وأمَرَ بِصيامه([2]).

فإن قيل: وهذا يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم قد جهل أنه يوم نجى الله فيه موسى عليه السلام.

يقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم من الغيب إلا ما علمه الله تعالى، قال سبحانه: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا} [الجن: 26، 27].

قال ابن جرير الطبري رحمه الله: “يعني بـ{عَالِمُ الْغَيْبِ}: عالم ما غاب عن أبصار خلقه، فلم يروه، {فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} فيعلِّمه أو يريه إياه، {إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} فإنه يظهره على ما شاء من ذلك”([3]).

وقال ابن كثير رحمه الله: “وقوله: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} هذه كقوله تعالى: {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ} [البقرة: 255]، وهكذا قال هاهنا: إنه يعلم الغيب والشهادة، وإنه لا يطلع أحد من خلقه على شيء من علمه إلا مما أطلعه تعالى عليه؛ ولهذا قال: {فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} وهذا يعم الرسول الملكي والبشري”([4]).

فمجرَّد أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم أنه يوم نجى الله فيه موسى عليه السلام لا يلغي هذه الحكمة، فإنه عليه الصلاة والسلام لا يعلم الغيب إلا ما أوحي إليه من عند الله، وحيث لم يوحَ إليه بشيء في هذا الأمر فهو لا يعلمه، ولذلك سأل عن أشياء كثيرة لم يكن يعلمها، كما تضافرت بذلك نصوص السنة، ولا يعدَّ ذلك قدحًا فيه ولا في رسالته.

ثم إن إخبار الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم عن غيب قد يكون بلا سببٍ وقد يكون بسبب، وهذا السبب يختلف ويتغيّر، فحين أنزل الله تشريع الظهار مثلا كان له سبب، ولا يشترط أن يكون صاحب السبب من أهل الإسلام، فقد نزلت آيات عديدة كان سبب نزولها المشركون، فالله سبحانه وتعالى كتب الأحكام والشرائع، وجعل لبعضها أسبابا تتحقّق في الواقع لينزل التشريع، وهو ما عرف فيما بعد بـ: أسباب النزول، فلا ضير من أن يكون اليهود ورؤية النبي صلى الله عليه وسلم لهم سببًا من أسباب بدء هذا التشريع.

هذا كله إن سلَّمنا أن صيام عاشوراء لم يكن معلومًا إلا عند اليهود، فليس في ذلك قدح في النبي صلى الله عليه وسلم ولا في الإسلام، فكيف والأمر ليس كذلك؟!

ففي صحيح البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ صَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ تَرَكَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ)([5]).

قال ابن حجر رحمه الله: “فقال لأصحابه: «أنتم أحق بموسى منهم فصوموا»، واستشكل رجوعه إليهم في ذلك، وأجاب المازري باحتمال أن يكون أوحي إليه بصدقهم أو تواتر عنده الخبر بذلك. زاد عياض: أو أخبره به من أسلم منهم كابن سلام. ثم قال: ليس في الخبر أنه ابتدأ الأمر بصيامه؛ بل في حديث عائشة التصريح بأنه كان يصومه قبل ذلك، فغاية ما في القصة أنه لم يحدث له بقول اليهود تجديد حكم وإنما هي صفة حال وجواب سؤال، ولم تختلف الروايات عن ابن عباس في ذلك ولا مخالفة بينه وبين حديث عائشة: إن أهل الجاهلية كانوا يصومونه كما تقدم؛ إذ لا مانع من توارد الفريقين على صيامه مع اختلاف السبب في ذلك.  قال القرطبي: لعل قريشًا كانوا يستندون في صومه إلى شرع من مضى كإبراهيم، وصوم رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتمل أن يكون بحكم الموافقة لهم كما في الحج، أو أذن الله له في صيامه على أنه فعل خير، فلما هاجر ووجد اليهود يصومونه وسألهم وصامه وأمر بصيامه احتمل ذلك أن يكون ذلك استئلافا لليهود كما استألفهم باستقبال قبلتهم، ويحتمل غير ذلك. وعلى كل حال فلم يصمه اقتداء بهم، فإنه كان يصومه قبل ذلك، وكان ذلك في الوقت الذي يحب فيه موافقة أهل الكتاب فيما لم ينه عنه”([6]).

ونلاحظ هنا إشارة القرطبي وابن حجر إلى أمر آخر، وهو: موافقة اليهود في بداية هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة تأليفا لقلوبهم، ثم تغيّر ذلك، ولذلك نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر بمخالفة اليهود حتى في صيام عاشوراء في وقت لاحق، يقول القرطبي رحمه الله: “لَم يَصُم النبي صلى الله عليه وسلم عاشوراء اقتداء باليهود؛ فإنه كان يَصوم قبل قدومه عليهم، وقبل عِلْمه بِحَالِهم، لكن الذي حَدَث له عند ذلك إلزامه والتزامه استئلافًا لليهود، واستدراجًا لهم، كما كانت الحكمة في استقباله قِبْلَتهم، وكان هذا الوقت هو الوقت الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يُحِب فيه موافقة أهل الكتاب فيما لم يُنهَ عنه”([7]).

وقال ابن القيم رحمه الله: “وأما الإشكال الثاني -وهو أن قريشا كانت تصوم عاشوراء في الجاهلية، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه- فلا ريب أن قريشا كانت تعظِّم هذا اليوم، وكانوا يكسون الكعبة فيه، وصومه من تمام تعظيمه، ولكن إنما كانوا يعدّون بالأهلّة، فكان عندهم عاشر المحرم، فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وجدهم يعظّمون ذلك اليوم ويصومونه، فسألهم عنه فقالوا: هو اليوم الذي نجى الله فيه موسى وقومه من فرعون، فقال صلى الله عليه وسلم: «نحن أحق منكم بموسى»، فصامه وأمر بصيامه؛ تقريرا لتعظيمه وتأكيدا، وأخبر صلى الله عليه وسلم أنه وأمته أحق بموسى من اليهود، فإذا صامه موسى شكرا لله كنا أحق أن نقتدي به من اليهود، لا سيما إذا قلنا: شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يخالفه شرعنا”([8]).

فصوم النبي صلى الله عليه وسلم بعد سؤال اليهود وقوله صلى الله عليه وسلم: «فأنا أحق بموسى منكم» ليس فيه أنه تابع لهم، وإنما فيه تأكيد تعظيم هذا اليوم الذي كان يصومه، وبيان أنه أولى بأخيه موسى من هؤلاء الذي يدَّعون اتباعه.

ثم يقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم بِفَضْل صيام عاشوراء قبل أن يُهاجر إلى المدينة كما بيّنَّا، فيكون سؤاله عليه الصلاة والسلام لليهود عن سبب تخصيص ذلك اليوم بالتعظيم، لا عن أصل مشروعية صيامه.

بل لعل يوم عاشوراء مما تتابعت الشرائع على تعظيمه، ففي حديث عائشة رضي الله عنها: (كانوا يصومون عاشوراء قبل أن يفرض رمضان، وكان يوما تُستر فيه الكعبة)([9]).

ويقال أيضا: يُحتمَل أن يَكون سؤاله عليه الصلاة والسلام لليهود مثلَ سؤاله لهم عن آية الرَّجْم في التوراة؛ لا ليستدلّ بها، ولا ليتَعلَّم مِن اليهود -كما زَعموا-، ولكن ليُعلم مُوافقة ما جاء به عليه الصلاة والسلام لِمَا جاء به موسى عليه الصلاة والسلام، وأنه يَخرج مِن مشكاة واحدة.

ونظير هذا: تحديثه عليه الصلاة والسلام للمسلمين بِما جاء به وأخبر عنه تميم الداري رضي الله عنه مِن خَبَر الدجّال، ويؤيِّد ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: «أتدرون لم جمعتكم؟» قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: «إني والله ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة، ولكن جمعتكم لأن تميما الداري كان رجلا نصرانيا، فَجَاء فبَايَع وأسْلَم، وحدثني حديثا وافَق الذي كنت أُحَدِّثكم عن مسيح الدجال»([10]).

فليس في الحديث إذن أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما صام لمحض متابعته لليهود أو لإرادته ذلك، قال النووي: “مختصر ذلك: أنه صلى الله عليه وسلم كان يَصومه كما تَصومه قريش في مكة، ثم قَدِم المدينة فَوَجَد اليهود يَصومونه فَصَامه أيضا بِوَحْي أوْ تواتر أو اجتهاد، لا بِمُجرد أخبار آحادهم”([11]).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: “فإذا كان أصل صومه لم يكن مُوافِقا لأهل الكتاب، فيكون قوله: «فنحن أحق بموسى منكم» توكيدا لصومه، وبيانا لليهود أن الذي يَفعلونه مِن موافقة موسى نحن أيضا نفعله، فنكون أولى بموسى منكم”([12]).

وأمَّا مَا في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قَدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فوجد اليهود يَصومون يوم عاشوراء، فسُئلوا عن ذلك فقالوا: هذا اليوم الذي أظهر الله فيه موسى وبني إسرائيل على فرعون، فنحن نصومه تعظيما له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «نحن أولى بِمُوسى منكم»، فأمَر بِصَومه([13])، وفي رواية: فَصَامه وأمَرَ بِصيامه([14])، وفي حديث أبي موسى رضي الله عنه: «فَصُومُوه أنتم»([15]).

فليس فيه أن ابتداء الصيام كان بسبب سؤال اليهود، بل يحتمل أوجهًا:

1- أن يكون أمَر بِصيامه تأكيدًا، وكَرَّر الأمْر بِصيامه، وليس فيه نصّ على أنه لم يَصُمه إلّا بعد سؤال اليهود وخَبَرهم. ويدلّ على هذا ما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يَصوم عاشوراء، فلمّا هاجَر إلى المدينة صامه وأمَر بِصيامه، وقد تقدم بيان ذلك.

2- أن يكون أمَرَ أمْر إرشاد بِصيام عاشوراء بعد أن فُرِض رمضان.

3- أن يَكون أراد إظهار ذلك لليهود؛ لِقوله عليه الصلاة والسلام: «نحن أولى بِمُوسى منكم». وهذا يعني: إذا كُنّا أوْلَى بِموسى عليه الصلاة والسلام مِن اليهود، فنحن نصومه، مع ما في ذلك مِن تأليف قلوب اليهود إذا رأوا تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم لنبي الله موسى عليه الصلاة والسلام.

4- أن ذلك كان مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم على سبيل الإخبار لِمن أسلَم منهم؛ لزيادة إيمانه وتقرير ذلك في نفسه. قال القاضي عياض: “رَوى مُسلم أن قريشا كانت تَصومه، فلما قَدِم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة صامه.. إنما هي صِفة حال، وجواب سؤال، فقوله: (صامَه) ليس فيه أنه ابتدأ صومه حينئذ بِقَولِهم، ولو كان هذا لَحَمَلْنَاه على أنه أَخْبَرَ بِه مَن أسْلَم مِن عُلمائهم، كابْنِ سَلاَم وغيره”([16]).

5- أن الأمر بصيام عاشوراء ليس اتِّبَاعا لأهل الكتاب، وإنما هو أمْر بالاقتصار على الصيام دون غيره مما تفعله اليهود. ويُؤكِّد هذا ما جاء في حديث أبي موسى رضي الله عنه قال: كان يوم عاشوراء تَعدّه اليهود عِيدا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «فَصُومُوه أنتم»([17]). فقوله عليه الصلاة والسلام: «فَصُومُوه أنتم» يَعني: اقْتَصِروا أنتم على الصيام دون غيره مِن مظاهر العيد التي كانت عند اليهود.

ولو افترضنا جَدَلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلقّاه مِن اليهود، فإنه لو تلقّاه منهم ما كان له أن يأخذه ابتداء منهم إلا بِوَحْي، ولو افترضنا جَدَلًا أنه تلقّاه بلا وَحْي، فإنّه لا يُقرّ على الخطأ في اجتهاده، كما في قضية الأسرى والأعمى وفي غيرها، بل يأتيه الوحي لِبيان ما فيه خطأ.

ثالثا: هل صيام عاشوراء من بدع بني أمية؟

من المعلوم أن الشيعةَ حوَّلت هذا اليوم إلى يوم حزنٍ ومأتمٍ ومسيرات من أجل الحُسين رضي الله عنه، يقول ابن كثير رحمه الله: “ولقد بالغ الشيعة في يوم عاشوراء، فوضعوا أحاديث كثيرة كذبًا فاحشًا من كون الشمس كسفت يومئذ حتى بدت النُّجوم، وما رفع يومئذ حجرٌ إلا وجد تحته دم، وأنَّ أرجاء السماء احمرت، وأن الشمس كانت تطلع وشعاعها كأنه الدم، وصارت السماء كأنها علقة، وأن الكواكب ضرب بعضها بعضًا، وأمطرت السماء دما أحمر، وأن الحمرة لم تكن في السماء قبل يومئذ، ونحو ذلك”([18]). فأخرجت الشيعة هذا اليوم من كونه يوم شكرٍ لله إلى كونه متعلقًا بمقتل الحسين رضي الله عنه، وأخرجوه من كونه يوم صيام إلى كونه يوم حزنٍ ونواحٍ ولطم وصراخ وبكاء، وجرح للأجساد، وإسالة للدماء، وضربٍ للخدود، وشقٍّ للجيوب، وخروج للناس إلى الشوارع، وقد حكى ابن كثير طرفًا من المفاسد التي أحدثها الشيعة فقال: “وقد أسرف الرافضة في دولة بني بويه في حدود الأربعمائة وما حولها فكانت الدبادب تضرب ببغداد ونحوها من البلاد في يوم عاشوراء، ويذر الرماد والتبن في الطرقات والأسواق، وتعلق المسوح على الدَّكاكين، ويظهر الناس الحزن والبكاء، وكثيرٌ منهم لا يشرب الماء ليلتئذ موافقة للحسين لأنه قُتل عطشانًا، ثم تخرج النساء حاسرات عن وجههن ينحن ويلطمن وجوههن وصدورهن حافيات في الأسواق، إلى غير ذلك من البدع الشنيعة، والأهواء الفظيعة والهتائك المخترعة، وإنَّما يريدون بهذا وأشباهه أن يشنِّعوا على دولة بني أمية؛ لأنَّه قتل في دولتهم”([19]).

أما الصيام فلم يرق لهم، واتهموا بني أمية بوضعه حتى يمنعوا الناس من المآتم -حسب زعمهم-. وهذا مردود وغير صحيح لوجوه، أهمها:

1- أن معاوية رضي الله عنه قَدِم المدينة في يوم عاشوراء، فلم يأمُر بصيام ذلك اليوم، بل بيَّن للناس فضل يوم عاشوراء.

ففي الصحيحين مِن طريق حُميد بن عبد الرحمن أنه سمع معاوية بن أبي سفيان خطيبا بالمدينة -يعني في قَدمة قَدِمها- خطبهم يوم عاشوراء، فقال: أين علماؤكم يا أهل المدينة؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لهذا اليوم: «هذا يوم عاشوراء، ولم يَكتب الله عليكم صيامه، وأنا صائم، فمن أحب منكم أن يصوم فليصم، ومَن أحب أن يُفطر فليفطر»([20]).

فمعاوية لم يقرِّر ذلك من نفسه، وإنما ينقل قول النبي صلى الله عليه وسلم، يقول النووي: “هذا كُلّه مِن كلام النبي صلى الله عليه وسلم، هكذا جاء مُبَيّنًا في رواية النسائي”([21]).

2- أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا قائلين للحقّ، ولم يعرف عنهم أنهم أنكَروا على معاوية رضي الله عنه.

3- أن جمهور أهل العِلْم على استحباب صيام يوم عاشوراء، فهل غاب ذلك عن جماهير علماء الأمة لو كان حقا؟! قال الترمذي: “والعمل عند أهل العِلم على حديث عائشة، وهو حديث صحيح؛ لا يَرون صيام يوم عاشوراء واجِبا إلا مَن رَغب في صيامه لِمَا ذُكِر فيه مِن الفَضل”([22]).

وقال ابن عبد البر: “ولَمّا فُرِض رمضان صامَ رسول الله صلى الله عليه وسلم على وَجه الفضيلة والتبرّك، وأمَر بِصيامه على ذلك، وأخبر بِفَضْل صَومه، وفعل ذلك بعده أصحابه”([23]).

وقال النووي: “وذهب جماهير العلماء مِن السلف والخلف بأن عاشوراء هو اليوم العاشر من الْمُحَرَّم، وهذا ظاهر الأحاديث”([24]).

بل نَقَل النووي الإجماع على استحباب صيام يوم عاشوراء، فإنه قال: “اتفق العلماء على أن صوم يوم عاشوراء اليوم سُنة ليس بواجب”([25]).

وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا يوم عاشوراء، ولم يكتب الله عليكم صيامه، وأنا صائم، فمن شاء فليَصُم، ومَن شاء فليُفطر»([26]).

قال ابن عبد البر: “وفي هذا الحديث دليل على فَضْل صوم يوم عاشوراء؛ لأنه لم يخصه رسول الله صلى الله عليه وسلم بِنَدْبِه أُمّته إلى صيامه وإرشادهم إلى ذلك وإخباره إياهم بأنه صائم له ليقتدوا به إلَّا لِفَضْل فيه، وفي رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الْحَسَنة”([27]).

4- أن معاوية رضي الله عنه لم يَنْفَرِد برواية هذا الحديث، بل جاء مِن حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: إن قريشا كانت تصوم يوم عاشوراء في الجاهلية، ثم أمَر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصيامه حتى فُرِض رمضان، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن شاء فليَصمه، ومن شاء أفطر»([28]). وفي رواية لمسلم: «إن يوم عاشوراء كان يُصام في الجاهلية، فلما جاء الإسلام مَن شاء صامه، ومن شاء تركه»([29]).

فتبين بهذا أن يوم عاشوراء ليس من بدع بني أمية، بل صيامه شعيرةٌ إسلامية ثابتة، شرعها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله وبفعله، وفعلها أصحابه من بعده.

رابعا: الجمع بين قوله: «لئن عشت إلى قابل»، ورؤيته اليهود أول ما قدم المدينة:

فالحديث الأول يلزم منه أنه رأى ذلك قبل موته عليه السلام بعام، فهم يرون أن بين الحديثين تعارضًا، وهذا يقضي بأن أحد الحديثين كذِب.

والجواب: أنه لا تعارض في ذلك، إذ المقصود أنه صلى الله عليه وسلم كان يصوم يوم عاشوراء -كما سبق- ووجد اليهود يصومونه، وسألهم عن سبب ذلك، ثم صامه وأمر بصيامه، ثم أحب في آخر عمره أن يخالفهم، وليس كما توهّموا من أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد مخالفة اليهود مباشرة بعد سؤاله لهم!

وقد بينا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتألَّف اليهود أولَّ مقدمه المدينة المنورة، ثم رأى مخالفتَهم بعدُ، فإنه لما علم أن اليهود تصوم عاشوراء صامه، وكان يحب موافقتهم فيما لم ينه عنه، خاصّة لما كانت معركته مع الوثنية ومشركي العرب، فلما فتح الله عليه مكة وسقطت الوثنية وعلا صوت الإسلام بدأت معركته مع أهل الكتاب، وأحبَّ مخالفتهم، ودعا إلى ذلك كما في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسدل شعره، وكان المشركون يفرقون رؤوسهم، فكان أهل الكتاب يسدلون رؤوسهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبّ موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء، ثم فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه([30]).

وكما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن اليهود والنصارى لا يصبغون، فخالفوهم»([31]).

وحديث شداد بن أوس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خالفوا اليهود؛ فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم»([32]).

وحديث عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «فصلُ ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر»([33]).

 ففي آخر عمره في السنة الحادية عشرة لما قال له الصحابة: إن أهل الكتاب يتخذون من عاشوراء عيدا، قال لهم: «خالفوهم فصوموه»([34])، وفي روايةٍ: «لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع»([35]) فمات قبل ذلك صلى الله عليه وسلم، يقول ابن الجوزي: “اعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة رأى اليهود يصومون يوم عاشوراء، فصامه وأمر بصيامه، فلما نزلت فريضة رمضان لم يأمرهم بغيره، فبقي ذلك اليوم يتطوَّع بصومه، فأراد مخالفة اليهود في آخر عمره، فمات صلى الله عليه وسلم”([36]).

وأخيرًا:

يوم عاشوراء يوم عظيم فضيل، يحاول بعض سراق الفضائل سرقتَه بادعاء عدم استحباب صيامه لإنكارهم السنة، أو بادعاء أنه من صنيع معاوية رضي الله عنه، أو بادعاء أنه تشريع كتابي ليس بإسلامي، وتتعدَّد الادعاءات والهدف واحد، وهو صرف المسلمين عن صيام هذا اليوم، فحريٌّ بالمسلم أن يستغل هذا اليوم الفضيل فيصومه طلبا للأجر الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم حين سئل عن صيام عاشوراء: «يكفر السنة الماضية»([37]).

والحمد لله رب العالمين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) أخرجه مسلم (1163).

([2]) أخرجه البخاري (٣٣٩٧)، ومسلم (١١٣٠).

([3]) تفسير الطبري، جامع البيان (23/ 671).

([4]) تفسير ابن كثير (8/ 247).

([5]) أخرجه البخاري (2002).

([6]) فتح الباري (4/ 248).

([7]) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (3/ 192).

([8]) زاد المعاد في هدي خير العباد (2/ 67).

([9]) أخرجه البخاري (١٥٩٢).

([10]) أخرجه مسلم (٢٩٤٢).

([11]) شرح صحيح مسلم (8/ 11).

([12]) اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم (1/ 466).

([13]) أخرجه البخاري (٤٦٨٠)، ومسلم (١١٣٠) واللفظ له.

([14]) أخرجه البخاري (٢٠٠٤) واللفظ له، ومسلم (١١٣٠).

([15]) أخرجه البخاري (٢٠٠٥)، ومسلم (١١٣١).

([16]) انظر: شرح صحيح مسلم (8/ 11).

([17]) أخرجه البخاري (2005)، ومسلم (1131).

([18]) البداية والنهاية (8/ 219).

([19]) البداية والنهاية (8/220).

([20]) أخرجه مسلم (٢١٢٧). وأخرجه البخاري (٥٩٣٢).

([21]) انظر: شرح السيوطي على مسلم (3/ 223).

([22]) سنن الترمذي (2/ ٢٨٠-281).

([23]) الاستذكار (3/ 328).

([24]) شرح صحيح مسلم (2/ 797).

([25]) شرح صحيح مسلم (8/ 4).

([26]) أخرجه البخاري (٢٠٠٣)، ومسلم (١١٢٩).

([27]) الاستذكار (3/ 327).

([28]) أخرجه البخاري (١٨٩٣).

([29]) أخرجه مسلم (١١٢٥).

([30]) أخرجه البخاري (٣٩٤٤)، ومسلم (٢٣٣٦).

([31]) أخرجه البخاري (٣٤٦٢)، ومسلم (٢١٠٣).

([32]) أخرجه أبو داود (٦٥٢) واللفظ له، والبزار (٣٤٨٠)، وابن حبان (٢١٨٦).

([33]) أخرجه مسلم (١٠٩٦).

([34]) أخرجه النسائي (2862).

([35]) أخرجه مسلم (1134).

([36]) كشف المشكل من حديث الصحيحين (1/ 37).

([37]) أخرجه مسلم (1162).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

جديد سلف

المحرم وعاشوراء.. شبهات ونقاش

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: هذا الدين العظيم يجعل الإنسان دائمًا مرتبطًا بالله سبحانه وتعالى، فلا يخرج الإنسان من عبادة إلَّا ويتعلَّق بعبادة أخرى؛ لتكون حياته كلُّها كما قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 162، 163]، فلا يكاد […]

فتاوى الدكتور علي جمعة المثيرة للجدل – في ميزان الشرع-

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: في الآونة الأخيرة اشتهرت بعض الفتاوى للدكتور علي جمعة، التي يظهر مخالفتُها للكتاب والسنة ولعمل السلف الصالح من الصحابة والتابعين، كما أنها مخالفة لما أجمع عليه علماء الأمة في كل عصر. ولا يخفى ما للدكتور من مكانة رسمية، وما قد ينجرّ عنها من تأثير في كثير من المسلمين، […]

هل يُمكِن الاستغناءُ عن النُّبوات ببدائلَ أُخرى كالعقل والضمير؟

هذه شبهة من الشبهات المثارة على النبوّات، وهي مَبنيَّة على سوء فَهمٍ لطبيعة النُّبوة، ولوظيفتها الأساسية، وكشف هذه الشُّبهة يحتاج إلى تَجْلية أوجه الاحتياج إلى النُّبوة والوحي. وحاصل هذه الشبهة: أنَّ البَشَر ليسوا في حاجة إلى النُّبوة في إصلاح حالهم وعَلاقتهم مع الله، ويُمكِن تحقيقُ أعلى مراتب الصلاح والاستقامة من غير أنْ يَنزِل إليهم وحيٌ […]

هل يرى ابن تيمية أن مصر وموطن بني إسرائيل جنوب غرب الجزيرة العربية؟!

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة (تَنتقِل مصر من أفريقيا إلى غرب جزيرة العرب وسط أوديتها وجبالها، فهي إما قرية “المصرمة” في مرتفعات عسير بين أبها وخميس مشيط، أو قرية “مصر” في وادي بيشة في عسير، أو “آل مصري” في منطقة الطائف). هذا ما تقوله كثيرٌ من الكتابات المعاصرة التي ترى أنها تسلُك منهجًا حديثًا […]

هل يُمكن أن يغفرَ الله تعالى لأبي لهب؟

من المعلوم أن أهل السنة لا يشهَدون لمعيَّن بجنة ولا نار إلا مَن شهد له الوحي بذلك؛ لأن هذا من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله تعالى، ولكننا نقطع بأن من مات على التوحيد والإيمان فهو من أهل الجنة، ومن مات على الكفر والشرك فهو مخلَّد في النار لا يخرج منها أبدًا، وأدلة ذلك مشهورة […]

مآخذ الفقهاء في استحباب صيام يوم عرفة إذا وافق يوم السبت

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. فقد ثبت فضل صيام يوم عرفة في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (‌صِيَامُ ‌يَوْمِ ‌عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ)([1]). وهذا لغير الحاج. أما إذا وافق يومُ عرفة يومَ السبت: فاستحبابُ صيامه ثابتٌ أيضًا، وتقرير […]

لماذا يُمنَع من دُعاء الأولياء في قُبورهم ولو بغير اعتقاد الربوبية فيهم؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة هناك شبهة مشهورة تثار في الدفاع عن اعتقاد القبورية المستغيثين بغير الله تعالى وتبرير ما هم عليه، مضمونها: أنه ليس ثمة مانعٌ من دعاء الأولياء في قبورهم بغير قصد العبادة، وحقيقة ما يريدونه هو: أن الممنوع في مسألة الاستغاثة بالأنبياء والأولياء في قبورهم إنما يكون محصورًا بالإتيان بأقصى غاية […]

الحج بدون تصريح ..رؤية شرعية

لا يشكّ مسلم في مكانة الحج في نفوس المسلمين، وفي قداسة الأرض التي اختارها الله مكانا لمهبط الوحي، وأداء هذا الركن، وإعلان هذه الشعيرة، وما من قوم بقيت عندهم بقية من شريعة إلا وكان فيها تعظيم هذه الشعيرة، وتقديس ذياك المكان، فلم تزل دعوة أبينا إبراهيم تلحق بكل مولود، وتفتح كل باب: {رَّبَّنَآ إِنِّيٓ أَسۡكَنتُ […]

المعاهدة بين المسلمين وخصومهم وبعض آثارها

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة باب السياسة الشرعية باب واسع، كثير المغاليق، قليل المفاتيح، لا يدخل منه إلا من فقُهت نفسه وشرفت وتسامت عن الانفعال وضيق الأفق، قوامه لين في غير ضعف، وشدة في غير عنف، والإنسان قد لا يخير فيه بين الخير والشر المحض، بل بين خير فيه دخن وشر فيه خير، والخير […]

إمعانُ النظر في مَزاعم مَن أنكَر انشقاقَ القَمر

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الحمد لله رب العالمين، وأصلى وأسلم على المبعوث رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فإن آية انشقاق القمر من الآيات التي أيد الله بها نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم، فكانت من أعلام نبوّته، ودلائل صدقه، وقد دلّ عليها القرآن الكريم، والسنة النبوية دلالة قاطعة، وأجمعت عليها […]

هل يَعبُد المسلمون الكعبةَ والحجَرَ الأسودَ؟

الحمد لله الذي أكمل لنا الدين، وهدنا صراطه المستقيم. وبعد، تثار شبهة في المدارس التنصيريّة المعادية للإسلام، ويحاول المعلِّمون فيها إقناعَ أبناء المسلمين من طلابهم بها، وقد تلتبس بسبب إثارتها حقيقةُ الإسلام لدى من دخل فيه حديثًا([1]). يقول أصحاب هذه الشبهة: إن المسلمين باتجاههم للكعبة في الصلاة وطوافهم بها يعبُدُون الحجارة، وكذلك فإنهم يقبِّلون الحجرَ […]

التحقيق في نسبةِ ورقةٍ ملحقةٍ بمسألة الكنائس لابن تيمية متضمِّنة للتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وبآله

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: إنَّ تحقيقَ المخطوطات من أهمّ مقاصد البحث العلميّ في العصر الحاضر، كما أنه من أدقِّ أبوابه وأخطرها؛ لما فيه من مسؤولية تجاه الحقيقة العلمية التي تحملها المخطوطة ذاتها، ومن حيث صحّة نسبتها إلى العالم الذي عُزيت إليه من جهة أخرى، ولذلك كانت مَهمة المحقّق متجهةً في الأساس إلى […]

دعوى مخالفة علم الأركيولوجيا للدين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: عِلم الأركيولوجيا أو علم الآثار هو: العلم الذي يبحث عن بقايا النشاط الإنساني القديم، ويُعنى بدراستها، أو هو: دراسة تاريخ البشرية من خلال دراسة البقايا المادية والثقافية والفنية للإنسان القديم، والتي تكوِّن بمجموعها صورةً كاملةً من الحياة اليومية التي عاشها ذلك الإنسان في زمانٍ ومكانٍ معيَّنين([1]). ولقد أمرنا […]

جوابٌ على سؤال تَحَدٍّ في إثبات معاني الصفات

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة أثار المشرف العام على المدرسة الحنبلية العراقية -كما وصف بذلك نفسه- بعضَ التساؤلات في بيانٍ له تضمَّن مطالبته لشيوخ العلم وطلبته السلفيين ببيان معنى صفات الله تبارك وتعالى وفقَ شروطٍ معيَّنة قد وضعها، وهي كما يلي: 1- أن يكون معنى الصفة في اللغة العربية وفقَ اعتقاد السلفيين. 2- أن […]

معنى الاشتقاق في أسماء الله تعالى وصفاته

مما يشتبِه على بعض المشتغلين بالعلم الخلطُ بين قول بعض العلماء: إن أسماء الله تعالى مشتقّة، وقولهم: إن الأسماء لا تشتقّ من الصفات والأفعال. وهذا من باب الخلط بين الاشتقاق اللغوي الذي بحثه بتوسُّع علماء اللغة، وأفردوه في مصنفات كثيرة قديمًا وحديثًا([1]) والاشتقاق العقدي في باب الأسماء والصفات الذي تناوله العلماء ضمن مباحث الاعتقاد. ومن […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017