فَقْدُ زيدِ بنِ ثابتٍ لآيات من القرآن عند جمع المصحف (إشكال وبيان)
للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة
مقدمة:
القرآن الكريم وحي الله تعالى لنبيّه محمد صلى الله عليه وسلم، المعجزة الخالدة، تتأمله العقول والأفهام، وتَتَعرَّفُه المدارك البشرية في كل الأزمان، وحجته قائمة، وتقف عندها القدرة البشرية، فتعجز عن الإتيان بمثلها، وتحمل من أنار الله بصيرته على الإذعان والتسليم والإيمان والاطمئنان.
فهو دستور الخالق لإصلاح الخلق، وقانون السماء لهداية الأرض، أنهى إليه منزله كلَّ تشريع، وأودعه كلَّ نهضة، وناط به كل سعادة.
وهو ملاذ الدين الأعلى، يستند الإسلام إليه في عقائده وعباداته وحِكَمه وأحكامه وآدابه وأخلاقه وقصصه ومواعظه وعلومه ومعارفه؛ ولذلك كله كان القرآن الكريم موضع العناية الكبرى من الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته، ومن سلف الأمة وخلفها جميعا إلى يوم الناس هذا.
وقد اتخذت هذه العناية أشكالا مختلفة؛ فمنها ما ترجع إلى لفظه وأدائه، وأخرى إلى أسلوبه وإعجازه، وثالثة إلى كتابته ورسمه، ورابعة إلى تفسيره وشرحه، إلى غير ذلك.
وأما أعداء الملَّة والدين فلهم موقفٌ سلبيّ مغاير تجاه هذا الكتاب المعجز الخالد، حيث إنهم يحاولون التشكيكَ في حفظه، ويسدّدون إليه سهام المطاعن، ويتخذون من علومه مثارا للشبهات، يلفّقونها زورا وكذبا، ويروجونها ظلما وعدوانا.
وقد اتخذ المتربِّصون بعض الأحاديث في علوم القرآن التي يوهم ظاهرها الإشكال مدخلا لإثارة الشبهات في التشكيك في أمر القرآن، وتشويش أذهان الناس في كماله وادعاء نقصه.
ومن تلكم الشبهاتِ التي تثار حول جمع القرآن الكريم: ما ثبت عن زيد بن ثابت رضي الله عنه -الذي وكل إليه مهمة جمع القرآن في عهد الصديق رضي الله عنه- أنه فَقَدَ آية من سورة الأحزاب عند جمعه للمصحف، ما يجعل في تصوُّر المشكِّكين بأن القرآن الذي بين أيدينا فيه نقص وسقط كما يدَّعون. ولمّا كان من المهامّ العظيمة لمركز سلف للبحوث والدراسات الدفاع عن مصادر الإسلام قرآنا وسنةً؛ كانت هذه الورقة العلمية التي تبيّن هذه الإشكالات وتجلّيها، مع ذكر كلام أهل العلم في دفعها والرد عليها.
مركز سلف للبحوث والدراسات
عرض الروايات الواردة عن زيد بن ثابت في افتقاد ثلاث آيات من القرآن:
1- عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: فقَدْتُ آيَةً مِنَ الأحْزابِ حِينَ نَسَخْنا المُصْحَفَ، قدْ كُنْتُ أسْمَعُ رَسولَ اللَّهِ ﷺ يَقْرَأُ بها، فالْتَمَسْناها فَوَجَدْناها مع خُزَيْمَةَ بنِ ثابِتٍ الأنْصارِيِّ: ﴿مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عليه﴾ [الأحزاب: 23]، فألْحَقْناها في سُورَتِها في المُصْحَفِ([1]).
2- وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: أَرْسَلَ إلَيَّ أبو بَكْرٍ مَقْتَلَ أهْلِ اليَمامَةِ، فَإِذا عُمَرُ بنُ الخَطّابِ عِنْدَهُ، قالَ أبو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه: إنَّ عُمَرَ أتانِي فَقالَ: إنَّ القَتْلَ قَدِ اسْتَحَرَّ يَومَ اليَمامَةِ بقُرّاءِ القُرْآنِ، وإنِّي أخْشى أنْ يَسْتَحِرَّ القَتْلُ بالقُرّاءِ بالمَواطِنِ، فَيَذْهَبَ كَثِيرٌ مِنَ القُرْآنِ، وإنِّي أرى أنْ تَأْمُرَ بجَمْعِ القُرْآنِ، قُلتُ لِعُمَرَ: كيفَ تَفْعَلُ شيئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسولُ اللَّهِ ﷺ؟! قالَ عُمَرُ: هذا واللَّهِ خَيْرٌ. فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُراجِعُنِي حتّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي لذلكَ، ورَأَيْتُ في ذلكَ الذي رَأى عُمَرُ. قالَ زَيْدٌ: قالَ أبو بَكْرٍ: إنَّكَ رَجُلٌ شابٌّ عاقِلٌ لا نَتَّهِمُكَ، وقدْ كُنْتَ تَكْتُبُ الوَحْيَ لِرَسولِ اللَّهِ ﷺ، فَتَتَبَّعِ القُرْآنَ فاجْمَعْهُ، فَواللَّهِ لو كَلَّفُونِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الجِبالِ ما كانَ أثْقَلَ عَلَيَّ ممّا أمَرَنِي به مِن جَمْعِ القُرْآنِ، قُلتُ: كيفَ تَفْعَلُونَ شيئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسولُ اللَّهِ ﷺ؟ قالَ: هو واللَّهِ خَيْرٌ، فَلَمْ يَزَلْ أبو بَكْرٍ يُراجِعُنِي حتّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ له صَدْرَ أبِي بَكْرٍ وعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنْهما، فَتَتَبَّعْتُ القُرْآنَ أجْمَعُهُ مِنَ العُسُبِ واللِّخافِ وصُدُورِ الرِّجالِ، حتّى وجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ مع أبِي خُزَيْمَةَ الأنْصارِيِّ لَمْ أجِدْها مع أحَدٍ غيرِهِ: ﴿لقَدْ جاءَكُمْ رَسولٌ مِن أنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عليه ما عَنِتُّمْ﴾ [التوبة: 128] حتّى خاتِمَةِ بَراءَةَ، فَكانَتِ الصُّحُفُ عِنْدَ أبِي بَكْرٍ حتّى تَوَفّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَياتَهُ، ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بنْتِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنْه)([2]).
الإشكالات المثارة حول القصة:
هناك عدد من الإشكالات في ظاهر الروايات السابقة:
الإشكال الأول:
دعوى التعارض بين الروايات السابقة، حيث إن إحدى الروايات دلت على أنَّ زيد بن ثابت رضي الله عنه أثناء جمعه للقرآن فقد آيةً من سورة الأحزاب، ووجدها عند خزيمة بن ثابت الأنصاري، والرواية الثانية دلت على أن الذي فقده زيد آيتان من آخر سورة التوبة، وقد وجدهما عند أبي خزيمة الأنصاري.
وقد ذكر ابن بطال هذا الإشكال فقال: (فإن قيل: في حديث زيد بن ثابت أنه وجد آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري، وفي آخر الباب قول ابن شهاب عن خارجة بن زيد أنه سمع أباه زيد بن ثابت قال: فقدت آية من الأحزاب كنت أسمع النبي صلي الله عليه وسلم يقرأ بها، فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت: {مِنَ المؤمنين رِجَالٌ} [الأحزاب: 23] وهذا اختلاف يوجب التضادّ)([3]).
الجواب عن هذا الإشكال:
سلك العلماء في دفع هذا التعارض مسلك الجمع بين الروايات، ولكن اختلفوا في طريقة الجمع([4]):
الجمع الأول: أنه لا تعارض بين الروايتين، وبيان ذلك: أن مجموع الآيات التي وجدها زيد بن ثابت رضي الله عنه عند خزيمة الأنصاري هي ثلاث آيات:
آية واحدة من سورة الأحزاب: وجدها عند النقل من الصَّحيفة إلى المُصحف في زمن عثمان.
وآيتان من آخر سورة التوبة: وجدهما عند النقل من العُسُبِ إلى الصُّحف في زمن أبي بكر.
وقد دل على ذلك ما رواه البخاري من طريق شعيب، عن الزهري قال: أخبرني ابنُ السبَّاق أن زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه قال: … حتى وجدت من سورة التوبة آيتين مع خزيمة الأنصاري لم أجدهما مع أحد غيره: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ} [التوبة: 128] إلى آخرهما([5]).
قال ابن الجوزي معلقا على هذا الحديث: (وفي بعض ألفاظ هذا الحديث: قال زيد: فقدتُ آية من الأحزاب كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها، فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة الذي جعل رسول الله شهادته شهادة رجلين: {مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ} [الأحزاب: 23]. وربما قال قائل: هذا خلاف ما تقدم من أنهم وجدوا مع خزيمة آخر التوبة، فأيهما أصح؟ فالجواب: أن كليهما صحيح، والآيتان وجدتا مع خُزيمة، فآخر التوبة: وجدوها معه في زمن أبي بكر، والآية من الأحزاب: وجدوها معه في زمن عثمان)([6]).
وقال الكرماني: (فإن قلت: تقدَّم أنَّ الآية المفقودة التي وجدها عند خزيمة هي آخر سورة التوبة! قلتُ: لا دليل على الحصر فيها، ولا محذور في كون كلتيهما مكتوبتين عنده دون غيره، أو الأولى كانت عند النقل من العُسُبِ ونحوه إلى الصُّحُف، والثانية عند النقل من الصحيفة إلى المصحف)([7]).
الجمع الثاني: أنه لا تعارض بين الروايتين، وبيان ذلك: أن زيد بن ثابت وجد الآيات عند اثنين من الصحابة: خزيمة بن ثابت الأنصاري، وأبي خزيمة الأنصاري. فخزيمة بن ثابت الأنصاري: وجد عنده الآية من سورة الأحزاب، وأبو خزيمة الأنصاري: وجد عنده آخر آيتين من سورة التوبة.
قال ابن بطال: (قال المُهَلَّبُ: ولا تضاد في هذا، وهذه غير قصة الأحزاب؛ لأن الآية التي في التوبة مع أبي خزيمة، وهو معروف من الأنصار وقد عرَّفه أنس، وقال: نحن ورثناه، والتي في الأحزاب ليست صفة النبي صلي الله عليه وسلم، وهذه وجدت مع خزيمة بن ثابت، وهو غير أبي خزيمة، فلا تعارض في هذا، والقصة غير القصة لا إشكال فيها ولا التباس، والسورة غير السورة، والتي في الأحزاب سمعها زيد وخزيمة من النبي فهما شاهدان علي سماعها منه، وإنما أثبتت التي في التوبة بشهادة أبي خزيمة وحده لقيام الدليل على صحتها في صفة النبي، فهي قرينة تغني عن طلب شاهد آخر)([8]).
وقال الخازن: (قوله: حتى وجدت آخر سورة التوبة مع خزيمة أو مع أبي خزيمة الأنصاري. وفي الحديث الآخر: فقدت آية من سورة الأحزاب -إلى قوله:- فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري: ﴿مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عليه﴾ الآية [الأحزاب: 23]، فاعلم أن المذكور في الحديث الأول غير المذكور في الحديث الثاني، وهما قضيتان، فأما المذكور في الحديث الأول: فهو أبو خزيمة بن أوس بن زيد بن أصرم بن ثعلبة بن عمر بن مالك بن النجار الأنصاري، شهد بدرا وما بعدها، وتوفي في خلافة عثمان، وهو الذي وجدت عنده آخر سورة التوبة، كذا ذكره ابن عبد البر([9]). وأما المذكور في الحديث الثاني: فهو أبو عمارة خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة بن ساعدة الخطمي الأوسي الأنصاري، يعرف بذي الشهادتين، شهد بدرا وما بعدها، وقتل يوم صفين مع علي بن أبي طالب)([10]).
وقال ابن حجر: (والأرجح أن الذي وجد معه آخر سورة التوبة أبو خزيمة بالكنية، والذي وجد معه الآية من الأحزاب خزيمة؛ وأبو خزيمة قيل: هو ابن أوس بن يزيد بن أصرم، مشهور بكنيته دون اسمه، وقيل: هو الحارث بن خزيمة، وأما خزيمة فهو بن ثابت ذو الشهادتين)([11]).
ومما سبق يتبين: أن توجيه العلماء للروايات السابقة في فقْد زيد بن ثابت رضي الله عنه آية الأحزاب: ﴿مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عليه﴾ [الأحزاب: 23]، وآخر آيتين من سورة التوبة: ﴿لقَدْ جاءَكُمْ رَسولٌ مِن أنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عليه ما عَنِتُّمْ﴾ [التوبة: 128]، يدفع التعارض ويزيل الإشكال.
وخلاصة التوجيه:
الرأي الأول: أن آية الأحزاب وجدها عند النقل من العُسُبِ ونحوه إلى الصُّحُف، وآخر آيتين من سورة التوبة وجدهما عند النقل من الصحيفة إلى المصحف، والآيات الثلاث وجدها عند الصحابي: خزيمة الأنصاري رضي الله عنه.
الرأي الثاني: أن الآيات الثلاث وجدها عند اثنين من الصحابة: خزيمة بن ثابت الأنصاري، وأبي خزيمة الأنصاري، فخزيمة بن ثابت الأنصاري: وجد عنده الآية من سورة الأحزاب، وأبو خزيمة الأنصاري: وجد عنده آخر آيتين من سورة التوبة.
الإشكال الثاني:
في تعيين الصحابي الذي وجد زيد بن ثابت رضي الله عنه عنده الآيات، هل هو أبو خزيمة الأنصاري، أم هو خزيمة بن ثابت الأنصاري.
الجواب عن هذا الإشكال:
أن المذكور في الروايات هما اثنان من الصحابة: أبو خزيمة الأنصاري، والآخر خزيمة بن ثابت الأنصاري. وزيد بن ثابت رضي الله عنه وجد الآيات الثلاث عند هذين الصحابيين:
1- أبو خزيمة الأنصاري وجد عنده الآيتين من آخر سورة التوبة: ﴿لقَدْ جاءَكُمْ رَسولٌ مِن أنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عليه ما عَنِتُّمْ﴾ [التوبة: 128] إلى آخر السورة.
2- خزيمة بن ثابت الأنصاري وجد عنده الآية من السورة الأحزاب: ﴿مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عليه﴾ [الأحزاب: 23].
قال الكوراني: (الذي وجد معه آيتان من آخر براءة: خزيمة بن أوس، يكنى أبا خزيمة، وهذا خزيمة بن ثابت يكنى أبا عمارة، وقد التبس على بعضهم، فإنَّه ظن أن خزيمة في الآيتين واحد، وهو خزيمة بن ثابت)([12]).
وقال ابن حجر: (والأرجح أن الذي وجد معه آخر سورة التوبة: أبو خزيمة بالكنية، والذي وجد معه الآية من الأحزاب خزيمة)([13]).
الإشكال الثالث:
أن زيد بن ثابت اكتفى بقبول قول واحد من الصحابة في إثبات الآية في القرآن، والفرض أن القرآن الكريم إنما يثبت بالتواتر، كما أن فقد الآية يبعث على الشك فيما سواها.
وقد استغل أعداء الدين هذا الإشكال للطعن في تواتر القرآن.
الجواب عن هذا الإشكال:
أولا: أنه كان من شرط زيد بن ثابت رضي الله عنه في جمعه للقرآن: أنه لا يثبت الآية في المصحف حتى يتثبت أنها مكتوبة مدونة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم بشهادة الشهود الثقات، ولا يعتمد على الحفظ فقط.
فقوله: (فَالْتَمَسْنَاهَا فَوَجَدْنَاهَا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ) أي: أن زيدا لم يجدها مكتوبة عند أحد إلا عند خزيمة بن ثابت الأنصاري.
ويدل على أن هذا هو المعنى الذي أراده زيد عبارتُه: (فقدت آية من سورة الأحزاب…)؛ فإن تعبيره بلفظ (فقدت) يشعر بأنه كان يحفظ هذه الآية وأنها كانت معروفة له، غير أنه فقد مكتوبها فلم يجده إلا مع خزيمة، وإلا فمن الذي أنبأ زيدا بفَقد الآية؟!([14]).
قال ابن حجر: (والذي يظهر في الجواب: أن الذي أشار إليه أن فَقْدَه فقْدُ وجودها مكتوبة لا فقْدُ وجودِها محفوظة، بل كانت محفوظة عنده وعند غيره، ويدل على هذا قوله في حديث جمع القرآن: فأَخذْتُ أتَتَبَّعه منَ الرِّقاعِ والعُسبِ([15]))([16]). وفائدة التتبع المبالغة في الاستظهار والوقوف عند ما كُتِب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم([17]).
ويقول بدر الدين العيني رحمه الله: (قيل: كيف ألحقها بالمصحف وشرط القرآن التواتر؟ وأجيب: بأنها كانت مسموعة عندهم من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسورتها وموضعها معلومة لهم، ففقدوا كتابتها. قيل: لمَّا كان القرآن متواترا فما هذا التتبع والنظر في العُسُب؟ وأجيب: للاستظهار، وقد كُتبت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليعلم هل فيها قراءة لغير قراءته من وجوهها أم لا)([18]).
ويقول ابن حزم مبينا مقصود زيد: (وأمَّا افتقاد زيد بن ثابت الآية فليس ذلك على ما ظنه أهل الجهل، وإنما معناه: أنه لم يجدها مكتوبة إلا عند ذلك الرجل، وهذا بينٌ في حديث حدثناه عبد الرحمن بن عبد الله، عن أبي إسحاق البلخي، عن الفربري، عن البخاري: حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن الزهري قال: أخبرني خارجة بن زيد بن ثابت، أن زيد بن ثابت قال: (لَمّا نَسَخْنا المصُّحُفَ في المَصاحِفِ فقَدْتُ آيَةً مِن سُورَةِ الأحْزابِ، كُنْتُ أسْمَعُ رَسولَ اللَّهِ ﷺ يَقْرَؤُها، لَمْ أجِدْها مع أحَدٍ إلّا مع خُزَيْمَةَ بن ثابت الأنْصارِيِّ الذي جَعَلَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ شَهادَتَهُ شَهادَةَ رَجُلَيْنِ: {مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب: ٢٣])([19]). قال أبو محمد: بيان ما قلناه منصوص في هذا الحديث نفسه؛ وذلك أن زيدا حكى أنه سمع هذه الآية من النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كانت عند زيد أيضا)([20]).
ويقول الخازن: “قوله: (فقَدتُ آيةً من سورةِ الأحزاب) إلى قوله: (فوجدنا مع خُزَيمة) معناه: أنه كان يطلب نسخ القرآن من الأصل الذي كتب بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وبين يديه، فلم يجد تلك الآية إلّا مع خزيمة، وليس فيه إثبات القرآن بقول الواحد؛ لأن زيدا كان قد سمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلم موضعها من سورة الأحزاب بتعليم رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما صرح به الحديث: (قدْ كُنْتُ أسْمَعُ رَسولَ اللَّهِ ﷺ يَقْرَأُ بها)، وتتبُّعه الرجال كان للاستظهار لا لاستحداث علم؛ لأن القرآن العظيم كان محفوظا عند زيد وغيره من الصحابة، فقد ثبت في الصحيح عن أنس قال: (جَمَع القُرْآنَ على عَهْدِ النَّبيِّ ﷺ أرْبَعَةٌ، كُلُّهُمْ مِنَ الأنْصارِ: أُبَيّ بن كعب، ومُعاذُ بنُ جَبَلٍ، وأَبُو زَيْدٍ، وزَيْدُ بنُ ثابِتٍ…)([21])“([22]).
قال ابن حجر: (والحق: أن المراد بالنفي نفي وجودها مكتوبة، لا نفي كونها محفوظة)([23]).
وقال أبو شامة: (إن زيدا كان يتطلب نسخ القرآن من غير ما كتب بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يجد كتابة تلك الآية إلا مع ذلك الشخص، وإلا فالآية محفوظة عنده وعند غيره، وهذا المعنى أولى مما ذكره مكي وغيره)([24]).
ويقول أيضا: (إنما كان قصدهم أن ينقلوا من عين المكتوب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكتبوا من حفظهم؛ لأن قراءتهم كانت مختلفة، لما أبيح لهم من قراءة القرآن على سبعة أحرف)([25]).
فالآية كانت محفوظة، وكان يطلبها مكتوبة، لا أنه أثبتها فقط من صحابي واحد دون أن يعرفها غيره([26]).
ويوضح ذلك الوجه التالي:
ثانيا: أن كلام زيد بن ثابت هذا لا يبطل التواتر، وبيان ذلك: أن الآيتين ختام سورة التوبة لم تثبت قرآنيتهما بقول أبي خزيمة وحده؛ بل ثبتت بأخبار كثيرة غامرة من الصحابة عن حفظهم في صدورهم وإن لم يكونوا كتبوه في أوراقهم. ومعنى قول زيد: (حتى وجدت من سورة التوبة آيتين لم أجدهما عند غيره): أنه لم يجد الآيتين اللتين هما ختام سورة التوبة مكتوبتين عند أحد إلا عند أبي خزيمة، فالذي انفرد به أبو خزيمة هو كتابتهما لا حفظهما، وليس الكتابة شرطا في المتواتر، بل المشروط فيه أن يرويه جمع يؤمن تواطؤهم على الكذب ولو لم يكتبه واحد منهم، فكتابة أبي خزيمة الأنصاري كانت توثيقا واحتياطا فوق ما يطلبه التواتر ويقتضيه، فكيف نقدح في التواتر بانفراده بها؟!([27]).
قال الخطابي: (هذا مما يخفى معناه، ويوهم أنه كان يكتفي في إثبات الآية بخبر الشخص الواحد، وليس كذلك، فقد اجتمع في هذه الآية: زيد بن ثابت، وأبو خزيمة، وعمر رضي الله عنهم)([28]).
وحكى ابن التين عن الداودي قال: (لم يتفرد بها أبو خزيمة، بل شاركه زيد بن ثابت، فعلى هذا تثبت برجلين)([29]).
وقال الزركشي: (وقول زيد: (لم أجدْهَا إلا مع خُزيمة) ليس فيه إثبات القرآن بخبر الواحد؛ لأن زيدا كان قد سمعها وعلم موضعها في سورة الأحزاب بتعليم النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك غيره من الصحابة، ثم نسيها، فلمَّا سمع ذَكَره، وتتبُّعه للرجال كان للاستظهار لا لاستحداث العلم)([30]).
ويقول بدر الدين العيني رحمه الله: (قيل: شرط القرآن كونه متواترا، فكيف أثبت فيه ما لم يجده مع أحد غيره؟! وأجيب: بأن معناه: لم يجده مكتوبا عند غيره، وأيضا لا يلزم من عدم وجدانه أن لا يكون متواترا، وأن لا يجد غيره، أو الحفاظ نسوها ثم تذكروها)([31]).
ويقول أكرم الديلمي: (هذا الحديث لا ينافي ما أجمعت عليه الأمة من أن تواتر جميع آيات القرآن الكريم، فهذه الآية كان يحفظها المسلمون منذ عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم، لكن زيد بن ثابت لم يجدها مكتوبة إلا عند ذلك الصحابي، وقد كان يحفظها كثير من الصحابة من غير أن تكون مكتوبة عندهم، فإن كثيرًا من حفاظ الصحابة كانوا يحفظون القرآن وهم لا يقرؤون الخط ولا يكتبون)([32]).
ويقول الدكتور محمد حسن جبل: (تصرح العبارة بشرط بالغ الأهمية، وبالغ الاحتياط لكتاب الله، حيث صارت عند التطبيق أحد الشروط المهمة: أن يشهد شاهدان على ما يأتي به من عنده قرآن محفوظ في صدره، أو في عريضة مكتوبة. ومن الطبيعي أن تكون الشهادة على أن هذا الذي أتى به فلان هو من القرآن، ولكن كيف يتأتى ذلك للشاهدين؟
الإجابة: بأن يكون الشاهدان أنفسهما يحفظان من القرآن في صدريهما هذا الذي جاء به فلان مكتوبا، أو محفوظا وله نسخة من المكتوب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبلغ من هذا أن يكون الشاهدان قد حضرا تنزيل هذا المجيء به، وتسجيله بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويتلخص من هذا أن عناصر التوثيق كانت ثلاثة معا: 1- أن يكون النص مكتوبا بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم. 2- أن يكون النص محفوظا متلقى عن النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة أو عمن تلقي عنه مباشرة. 3- أن يشهد شاهدان على الأمرين السابقين”([33]).
ويقول الزرقاني رحمه الله: (وانتهج زيد في القرآن طريقة دقيقة محكمة وضعها له أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، فيها ضمان لحياطة كتاب الله بما يليق به من تثبت بالغ وحذر دقيق وتحريات شاملة، فلم يكتف بما حفظ في قلبه ولا بما كتب بيده ولا بما سمع بأذنه، بل جعل يتتبع ويستقصي آخذا على نفسه أن يعتمد في جمعه على مصدرين اثنين:
أحدهما: ما كتب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والثاني: ما كان محفوظا في صدور الرجال، وبلغ من مبالغته في الحيطة والحذر أنه لم يقبل شيئا من المكتوب حتى يشهد شاهدان عدلان أنه كتب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم)([34]).
ثالثا: أن كلام زيد فيما مضى من ختام التوبة وآية الأحزاب لا يدل على عدم تواترهما حتى على فرض أنه يريد انفراد أبي خزيمة وخزيمة بذكرهما من حفظهما، غاية ما يدل عليه كلامه أنهما انفردا بذكرهما ابتداء، ثم تذكر الصحابة ما ذكراه وكان هؤلاء الصحابة جمعا يؤمن تواطؤهم على الكذب، فدوّنت تلك الآيات في الصحف والمصحف بعد قيام هذا التواتر فيها([35]).
يقول ابن حجر مبينا أن عدم وِجْدان زيد للآية لا يلزم منه عدم التواتر: (وقوله: في أصل الحديث الثالث: (لم أجدْها مع أحد غيره) -والحديث عن الآية التي في نهاية سورة التوبة- أي: لم يجدها مكتوبة، وكان زيد بن ثابت لا يكتفي بالحفظ دون الكتابة، ولا يلزم من عدم وجدانه إياها حينئذ أن لا تكون تواترت عند من لم يتلقاها من النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما كان زيد رضي الله عنه يطلب التثبت عمن تلقاها بغير واسطة، ولعلهم لما وجدها زيد عند أبي خزيمة تذكروها كما تذكرها زيد رضي الله عنه)([36]).
الخلاصة: أن التوجيه الأقوى في دفع هذا الإشكال هو ما ذكره العلماء من أن افتقاد زيد للآية كان فقْد كتابة وليس فقْد حفظ؛ بدليل ظاهر الرواية بأن الآية كانت محفوظة ومعروفة عند زيد وغيره من الصحابة وهو قوله: (فقَدْتُ آيَةً مِنَ الأحْزابِ حِينَ نَسَخْنا المُصْحَفَ، قدْ كُنْتُ أسْمَعُ رَسولَ اللَّهِ ﷺ يَقْرَأُ بها، فالْتَمَسْناها فَوَجَدْناها مع خُزَيْمَةَ بنِ ثابِتٍ الأنْصارِيِّ: ﴿مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عليه﴾ فألْحَقْناها في سُورَتِها في المُصْحَفِ)؛ لأنه من أبعد البعيد أن يكون زيد رضي الله عنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية كثيرًا ولا يحفظها، ومعلوم أن زيد بن ثابت رضي الله عنه من كبار الحفاظ المتقنين الذين جمعوا القرآن حفظا في صدورهم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ومثله أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وعبد الله بن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، وأبو الدرداء، وأبو زيد الأنصاري، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وقد وردت فيهم الأحاديث والروايات الصحيحة التي تدل على أنهم من كبار الحفاظ، وغيرهم أيضا من عشرات القراء الذين ورد أنهم قتلوا في حرب المرتدين، مما يدل على توافر حفاظ آخرين كثيرين([37]).
ثم على فرض أن زيدا لم يكن يحفظها، فإنه من غير المعقول ومن المتعذر عادة أن تكون آية من كتاب الله فاتت جميع القراء والحفاظ الذين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأخذ القرآن عنهم، ولا يعرفها سوى صحابي آخر لم يُشتهر أنه من حفظة كتاب الله تعالى([38]).
الإشكال الرابع:
فقْد زيد بن ثابت للآيات هل كان في زمن الصديق أم في عهد عثمان رضي الله عنهما؟
الجواب عن هذا الإشكال:
أن فقْد آية الأحزاب ثم الوقوف عليها عند خزيمة بن ثابت إنما حصل في جمع القرآن ونسخه زمن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وليس في عهد عثمان رضي الله عنه([39])، يدل على ذلك ثلاثة أدلة:
1- نص الإمام الدارقطني رحمه الله على أن الإسناد الذي رويت به هذه القصة من رواية ابن شهاب الزهري قال: أخبرني خارجة بن زيد بن ثابت، أنه سمع زيد بن ثابت رضي الله عنه يقول: (فقدت آية من الأحزاب…) إلخ. وهذا الإسناد من الأسانيد التي رويت بها قصة جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه. وأما رواية الزهري لقصة نسخ المصاحف في عهد عثمان رضي الله عنه فقد رواها الزهري عن أنس بن مالك مباشرة، وليس عن زيد بن ثابت. سئل الإمام الدارقطني عن حديث زيد بن ثابت، عن أبي بكر الصديق في جمع القرآن، فقال: “هو حديث في جمع القرآن، رواه الزهري، عن عبيد بن السباق، عن زيد بن ثابت. حدث به عن الزهري كذلك جماعة -وذكر جماعة منهم- اتفقوا على قول واحد. ورواه عمارة بن غزية عن الزهري، فجعل مكان ابن السباق خارجةَ بنَ زيد بن ثابت، وجعل الحديث كله عنه. وإنما روى الزهري، عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه من هذا الحديث ألفاظا يسيرة، وهي قوله: (فقَدْتُ مِن سُورَةِ الأحْزابِ آيَةً قدْ كُنْتُ كَثِيرًا أسْمَعُ رَسولَ اللَّهِ ﷺ يَقْرَؤُها، فوجدتُّها مع خُزَيمة بن ثابتْ)، ضبطه عن الزهري كذلك إبراهيم بن سعد، وشعيب بن أبي حمزة، وعبيد الله بن أبي زياد… فأما رواية الزهري عن أنس من هذا فهو أن حذيفة قدم على عثمان فقال: أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا، كذلك قاله الحفاظ عن الزهري، وكذلك قاله ابن وهب والليث عن يونس”([40]).
يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله: (الصحيح عن الزهري: أن قصة زيد بن ثابت مع أبي بكر وعمر: عن عبيد بن السباق عن زيد بن ثابت. وقصة حذيفة مع عثمان: عن أنس بن مالك. وقصة فقد زيد بن ثابت الآية من سورة الأحزاب في رواية عبيد بن السباق: عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه)([41]).
2- ذكر الإمام البخاري رحمه الله كلام زيد بن ثابت عن فقد آية الأحزاب عقب قصة نسخ المصاحف في عهد عثمان رضي الله عنه ليس لأنه يرى أن فقد الآية وقع في عهد عثمان، وإنما لأن الراوي عن الزهري -وهو إبراهيم بن سعد- هو الذي روى كلتا الروايتين، فأوردهما على وجه التعاقب في الذكر فقط، وليس على وجه تقرير كونهما في سياق واحد، وذلك في (باب جمع القرآن)، يدل على ذلك أن البخاري رحمه الله روى حديثَ فقدِ آية الأحزاب عن رواة آخرين عن الزهري في موضعين آخرين في الصحيح، وليس فيهما أي حديث عن قصة نسخ المصاحف في عهد عثمان رضي الله عنه، وذلك في (باب غزوة أحد)، وفي (باب: {فَمِنۡهُم مَّن قَضَىٰ نَحۡبَهُۥ وَمِنۡهُم مَّن يَنتَظِرُ}).
3- أن جميع العلماء الذين شرحوا هذا الحديث واستدلّوا به إنما تكلّموا عليه من جهة توضيح منهج زيد بن ثابت رضي الله عنه في جمع القرآن زمن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وكيف أنه كان يشترط كون الآية مكتوبة بشهادة الشهود إلى جانب الحفظ والضبط، وهذا إجماع منهم على أن سياق الحديث إنما كان في عهد الصديق رضي الله عنه. يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله: (وأما ما رواه الزُّهريُّ عن خارجة عن أبيه في شأن آية الأحزاب وإلحاقهم إياها في سورتها، فذكره لهذا بعد جمع عثمان فيه نظر، وإنما هذا كان حال جمع الصديق الصحف كما جاء مصرحًا به في غير هذه الرواية عن الزهري عن عبيد بن السباق عن زيد بن ثابت، والدليل على ذلك أنه قال: فألحقناها في سورتها من المصحف، وليست هذه الآية ملحقة في الحاشية في المصاحف العثمانية)([42]).
الخاتمة:
بعد البحث ومناقشة الإشكالات تبيّن أنه لا مطعن في هذه الروايات ولا تضادّ بينها، وأن القرآن الكريم محفوظ بحفظ الله، وأنه متواتر تواترًا قطعيًّا، والحمد لله رب العالمين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)
([3]) شرح صحيح البخاري (10/ 225).
([4]) ينظر: الإشكالات الواردة في فقد زيد بن ثابت رضي الله عنه الآية من سورة الأحزاب (ص: 91).
([6]) كشف المشكل من حديث الصحيحين (1/ 36).
([7]) الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري (18/ 46).
([8]) شرح صحيح البخاري (10/ 226).
([9]) الاستيعاب في معرفة الأصحاب (4/ 1640).
([12]) الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري (8/ 230).
([14]) انظر: مناهل العرفان في علوم القرآن (1/ 286).
([17]) انظر: فتح الباري (9/ 15).
([18]) عمدة القاري شرح صحيح البخاري (20/ 19).
([20]) الإحكام في أصول الأحكام (6/ 112).
([21]) أخرجه البخاري (٣٨١٠)، ومسلم (٢٤٦٥).
([26]) انظر: تاريخ القرآن بين تساهل المسلمين وشبهات المستشرقين (ص: 278).
([27]) انظر: مناهل العرفان في علوم القرآن (1/ 285).
([28]) انظر: تفسير القرطبي (1/ 56) وفتح الباري (9/ 18).
([29]) انظر: فتح الباري (9/ 18).
([30]) البرهان في علوم القرآن (1/ 234).
([31]) عمدة القاري شرح صحيح البخاري (20/ 19).
([33]) وثاقة نقل النص القرآني (ص: 179).
([34]) مناهل العرفان في علوم القرآن (1/ 252).
([35]) انظر: مناهل العرفان في علوم القرآن (1/ 286).
([37]) انظر: المقدمات الأساسية في علوم القرآن (ص: 91-93).
([38]) انظر: مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور للبقاعي (1/ 423).
([39]) انظر: تاريخ القرآن بين تساهل المسلمين وشبهات المستشرقين (ص: 278).