الثلاثاء - 14 رجب 1446 هـ - 14 يناير 2025 م

الصوفية وعجز الإفصاح ..الغموض والكتمان نموذجا

A A

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة 

توطئة:

تتجلى ظاهرة الغموض والكتمان في الفكر الصوفي من خلال مفهوم الظاهر والباطن، ويرى الصوفية أن علم الباطن هو أرقى مراتب المعرفة، إذ يستند إلى تأويلات عميقة -فيما يزعمون- للنصوص الدينية، مما يتيح لهم تفسير القرآن والحديث بطرق تتناغم مع معتقداتهم الفاسدة، حيث يدّعون أن الأئمة والأولياء هم الوحيدون القادرون على استيعاب المعاني الحقيقية، بينما يبقى عامة الناس محاصرين في حدود الفهم الظاهري. هذا المسلك العجيب لا يمكن أن يكون إلا في شأن من يعجز عن إظهار مذهبه والإفصاح عنه، وقد أفضى هذا المسار إلى تناقضات في مسائل العبادات والمسائل العملية، وأفسح المجال للتأويلات الفاسدة، مما أسهم في تعزيز الغموض والكتمان في تعبيراتهم عن تلك المعارف.

وهذه ورقة مختصرة تندرج ضمن سلسلة المجهودات العلمية التي يبذلها مركز سلف للبحوث والدراسات في محاربة الخرافة والشعوذة، تكشف عن حقائق هذا الفكر، وتتناول نقده ومناقشته بالأدلة المستمدّة من الكتاب والسنة وأقوال علماء الإسلام.

مقدمة:

اعتنقت الصوفية فكرة الظاهر والباطن، وتطرقت إلى التأويل الباطني والتفسير المعنوي، وتفريق المسلمين بين عامة وخاصة، فقالوا: العلوم ثلاثة: ظاهر، وباطن، وباطن الباطن، كما أن الإنسان له ظاهر، وباطن، وباطن الباطن. فعلم الشريعة ظاهر، وعلم الطريقة باطن، وعلم الحقيقة باطن الباطن([1]).

قال الطوسي أبو نصر السراج: (إن العلم ظاهر وباطن… ولا يستغني الظاهر عن الباطن، ولا الباطن عن الظاهر، وقد قال الله عز وجل: ﴿‌وَلَوْ ‌رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ [النساء: 83]، فالمستنبط هو العلم الباطن، وهو علم أهل التصوف؛ لأن لهم مستنبطات من القرآن والحديث وغير ذلك… فالعلم ظاهر وباطن، والقرآن ظاهر وباطن، وحديث رسول الله ﷺ ظاهر وباطن، والإسلام ظاهر وباطن)([2])، وقالوا أيضًا: (لكل آية ظاهر وباطن، وحدّ ومطلع)([3]).

كما زعموا اختصاص عليّ رضي الله عنه بعلم الباطن دون غيره، فقال قائلهم: إن جبريل عليه السلام نزل إلى رسول الله ﷺ أولا بالشريعة، فلما تقررت ظواهر الشريعة واستقرت نزل إليه بالحقيقة المقصودة والحكمة المرجوة من أعمال الشريعة، هي: الايمان والإحسان، فخص رسول الله ﷺ بباطن الشريعة بعض أصحابه دون البعض([4]).

يقول الطوسي نقلا عن أبي علي الروباذي أنه قال: سمعت جنيدا رحمه الله يقول: رضوان الله على أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، لولا أنه اشتغل بالحروب لأفادنا من علمنا هذا معاني كثيرة، ذاك امرؤ أعطي علم اللدنّي، والعلم اللدنّي هو العلم الذي خص به الخضر عليه السلام، قال الله تعالى: ﴿‌مِنْ ‌لَدُنَّا عِلْمًا﴾ [الكهف: 65]([5]).

ثم نقل عن علي رضى الله عنه أشياء، وقال بعده: ولعلي رضى الله عنه أشباه ذلك كثير من الأحوال والأخلاق والأفعال التي يتعلق بها أرباب القلوب وأهل الإشارات وأهل المواجيد من الصوفية([6]).

وقد توغَّل الصوفية في علم الباطن، وفي بيانه يقولون: إن علم الباطن هو المسمى بعلم القلب وبعلم التصوف علم جليل شريف نفيس، وهو أجلّ العلوم وأشرفها، وهو الزبدة الممخوضة من الشريعة التي لم تبعث الأنبياء عليهم السلام إلا لأجلها… وهو علم طريق الآخرة، وهو العلم الذي درج عليه السلف الصالح من الصحابة والتابعين وتابعيهم، وهو العلم الذي لم يبعث الله الأنبياء إلا لأجله. وقد سماه الله تعالى في كتابه فقهًا وعلمًا وضيًاء ونورًا وهدى ورشدًا، وهو مستخرج من القرآن والسنة، ومدلول عليه منها نصًّا وتصريحًا وتلويحًا وكتابةً وإشارة وغير ذلك من أصناف الدلالة. قال الغزالي: “علم الباطن هو علم يقين المقربين، وثمرته الفوز برضا الله تعالى، ونيل سعادة الأبد، وبه تزكية النفس وتطهيرها، وتنوير القلب وصفاؤه، بحيث ينكشف بذلك النور أمور جليلة، ويشهد أحوالا عجيبة، ويعاين ما نمت عنه بصيرة”([7]).

وقد تعدّدت مواقف الصوفية من الشريعة بحسب حال كل صوفي، ولذلك تجد بعضهم قد قام بشعائر الدين بكل دقة بالرغم من أنهم كانوا يعتبرون أن صور العبادات ليس لها من القيمة ما لأعمال القلوب، أو أنها لا قيمة لها البتة إلا من حيث دلالتها على الحقائق الروحية([8]).

وذهب بعضهم إلى القول بأن للدين ظاهرًا وباطنًا، فالظاهر هو المتبادر من خلال النصوص والذي يفهمه العامة من ذلك، وأما الباطن فهو عندهم العلم الحقيقي المراد من النص، وهذا لا يفهمه ولا يعلمه إلا الأئمة والأولياء([9]).

وزعموا أن ظاهر القرآن والحديث الذي يفهم منه العوام ما يفهمون لا يلزم الأئمة والأولياء؛ لأن الأئمة والأولياء تتنزل عليهم المعاني المقصودة والمرادة من ذلك. وزعموا أن الأئمة من بعده هم الذين يعلمون معاني القرآن الحقيقية.

ويمكن عندهم تفسير القرآن حسب الأهواء والأمزجة لتوافق العقائد الباطنية، فسموا تفسيرهم الباطن للنصوص القرآنية بالحقيقة، وسموا التفسير الظاهري بالشريعة، وقالوا: الحقيقة للأولياء، والشريعة للعامة([10]).

ثم تصرفوا بعد هذا التقسيم في نصوص القرآن والحديث حسب أهوائهم، وأدخلوا في الدين ما شاءوا من مزاعمهم وافتراءاتهم، وأفقدوا النصوص الشرعية جلالها واحترامها؛ لأنهم أبعدوها بهذا التأويل عن المعاني الحقيقية التي سيقت من أجلها تمامًا، وأتوا بالتأويلات على أنحاء وأشكال لا حصر لعددها، وربما أدى إلى تناقض في العبادات والمسائل العملية.

ومن تلك التأويلات الباطنية تفسير الحج بأنه: رمز للبُعد عن المعاصي، والإحرام خلع الشهوات والملذات مع خلع الثياب، وهذا الأسلوب من البحث أسلوب معروف عند الإسماعيلية الباطنية، والظاهر أن الصوفية أخذوه عنهم([11]).

وآخرون منهم قالوا برفع التكاليف الدينية سواء أكانوا من الصوفية الذين تحرروا من القيود الشرعية في تفكيرهم وأعمالهم، أم من الصوفية الصادقين في تصوفهم كالملامتية الذين دفعهم الخوف من مدح الناس إلى الظهور فيهم بما يستجلب الملامة والذم، أم من العارفين الذين لم يأبهوا بمظاهر الشرع ورسومه ولا بأخلاق هذا العالم الزائل… وقد سبق أن ذكرنا أن الصوفية اعتبروا أنفسهم خاصة أهل الله الذين منحهم الله أسرار العلم الباطن المودع في القرآن والحديث، وأنهم استعملوا في التعبير عن هذا العلم لغة الرمز والإشارات التي لا يقوى على فهمها غيرهم من المسلمين([12]).

وسبب لجوء المتصوفة إلى تبني عقيدة علم الباطن هو أن الصوفية لم يجدوا في القرآن والسنة ما يمكن أن يكون سندًا لهم على منهجهم ومسلكهم، ودليلا على طرقهم التي اختاروها، والمناهج التي اخترعوها للوصول إلى الله والحصول على معرفته ورضائه، فالتجؤوا إلى العلم الباطن والتأويل الباطني كما قال المستشرق الإنجليزي نيكلسون: ولا يمكن أن يكون القرآن أساسًا لأي مذهب صوفي، ومع ذلك استطاع الصوفية متبعين في ذلك الشيعة أن يبرهنوا بطريقة التأويل لنصوص الكتاب والسنة تأويلًا يلائم أغراضهم على أن كل آية بل كل كلمة في القرآن تخفي وراءها معنى باطنًا لا يكشفه الله إلا للخاصة من عباده الذين تشرق هذه المعاني في قلوبهم في أوقات وجدهم([13]).

وأيضا هناك سبب آخر في توغّل الصوفي في علم الباطن، وهو أنهم تقوّلوا بكلمات كلها كفر وإلحاد، ونقل عن الباطنية والتشيع والفرق الباطلة الأخرى، فلما سمع العلماء هذه المقولات كفروهم بها، ورموهم بالإلحاد والزندقة، فلم يسعهم آنذاك إلا القول بالظاهر والباطن، والهروب إلى التأويل([14]).

ومن هنا نشأ عندهم ظاهرة الغموض والكتمان في التعبير عن المعارف والمكاشفات، وهو ما نسلّط الضوء عليه في هذه الورقة، وبالله التوفيق.

تبني الصوفية مبدأ الغموض والكتمان:

قام الصوفية برحلة طويلة وشاقّة بحثًا عن الأسرار الإلهيّة المستورة بحجاب الحسّ أو المخبوأة في أعماق النَّص التي يزعمون أنه لا يمكن الاهتداء إليها إلّا عند عروج الرّوح في ملكوت النّور، وتجاوز طور العقل على أقدام المجاهدة، وهذا هو منتهى آمال السَّالكين([15]).

وبعد البحث الشاق وجدوا بغيتهم من الأسرار والمعاني والمعارف ما لا نهاية له([16]) كما يزعمون، إلا أن تلك المعاني والمعارف التي اكتشفوها تتصادم تماما مع ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، فأردوا التخلص من تلك الورطة: فاخترعوا ما يسمى الظاهر والباطن، فسموا الشريعة التي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ظاهرًا وجعلوه دين العامة، ونعتوا ما نالوه في خلواتهم بـالحقيقة وجعلوه دين الخاصة.

ولأجل تلك المصادمة الصريحة بين الشريعة والحقيقة لم يكن بمقدور الصوفية الإفصاح عن عقائدهم كما هي؛ لأن سائر العلماء وعوام الناس يعتمدون على ظاهر النصوص والعمل بمقتضياتها كما هو مقصود الشارع؛ إذ الشارع الحكيم لم يكلّف أحدًا من الخلق بتنقيب بواطن النصوص واستكشاف الأسرار كما يزعمون، ولذلك أرادوا إخفاء آرائهم الحقيقية أمام الناس باعتبارها الحكمة المسكوت عنها([17])، وعدم إظهارها إلا لمن علم من حاله الإصغاء التامّ والتسليم المطلق.

ويرى هؤلاء أن تلك الانحرافات هِباتٌ ربانية وصلتهم على جهة الاختصاص، وأن الله تعالى لم يُطِلع عليها ملكًا مقربًا ولا بشرًا رسولًا([18])، فقد اصطلحوا على تسميتها بالأسرار، ولا يخفى ما في هذا الاصطلاح من الدلالة على أن الأصل فيها الكتمان([19]).

ومن أجل تكريس مبدأ الكتمان والأسرار رتّبوا عليها الثواب والعقاب:

فزعموا أن أجر الأسرار دوام المشاهدة لله([20])، وأن إظهار السِّر كإظهار العورة، فمن أفشاه دون أن يُؤذَن له فعقوبته الإبعاد والحرمان([21]).

ويعلّلون سبب كتمان الأسرار والمشاهدات بدعوى انتشار عقائدهم فيمن ليس من أهلها خوفًا عليها، أو خشية من افتتان العوامّ بما تعجز أذهانهم عن إدراكه([22]).

يقول الغزالي في هذا السياق: “من قال: إن الحقيقة تخالف الشريعة أو الباطن يناقض الظاهر فهو إلى الكفر أقرب منه إلى الإيمان؛ ذلك أنه قد قرّر في موضع آخر وقوع الاختلاف -وليس إمكانيّته فحسب- فقال: إذا انكشفت لهم -يعني: العارفين- أسرار الأمور على ما هي عليه نظروا إلى السّمع والألفاظ الواردة، فما وافق ما شاهدوه بنور اليقين قرّروه، وما خالف أوّلوه”([23]).

السر والكتمان في تلقي العلوم والمعارف:

الصوفية يصرّحون بأن كثيرًا ما يهبّ على قلوب العارفين نفحاتٌ إلهيّة لو نطقوا بها جهَّلهم كُمَّل العارفين([24]).

ومن تصريحاتهم في الكتمان: أنهم يقولون في كلامهم ومناجاتهم في خلواتهم أشياء هي كفر عند العامَّة… ولو سمعها العموم لكفّروهم([25]).

الاستدلال على مشروعية الكتمان والرد عليه:

استدل المتصوفة على مسلكهم في مشروعية الكتمان بحديث لا يعرف له سند، وأثر لا وجود له إلا في كتب الصوفية المتأخرين.

من ذلك ما ورد في الحديث: (سألني ربِّي فلم أستطع أن أُجيبَه، فوضع يدَه بين كتِفَيّ فوجدتُ بردَها فأورثَني علم الأولين والآخرين، وعلّمني علومًا شتّى، فعلمٌ أخذ عليَّ كتمانَه إذ علِم أنه لا يقدر على حملِه أحدٌ غيري، وعِلْم خيَّرني فيه، وعلَّمني القرآن فكان جبريل عليه السلام يذكِّرني به، وعلمٌ أمرني بتبليغه إلى العام والخاص من أمّتي)([26]). وهذا الحديث باطل لا أصل له، وهو من الأحاديث التي يرويها المتأخرون دون سند([27]).

ومما استندوا عليه أيضًا: ما نسب إلى ابن عباس رضي الله عنهما من أنه قال في قوله عزّ وجلَّ: ﴿‌خَلَقَ ‌سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ﴾ [الطلاق: 12]: (لو ذكرت تفسيره لرجمتموني)([28])، وفي لفظ آخر: (لقلتم: إنه كافر)([29])، وهو أثر لا وجود له إلا في كتب الصوفية.

لكن روي هذا الأثر بألفاظ أخرى مثل: (ما يؤمنك أن أخبرك بها فتكفر؟!)، وكذلك: (لو حدثتكم بتفسيرها لكفرتم، وكُفركُم تكذيبكُم بها)([30]).

وهذان اللفظان لا دلالةَ فيهما على المدّعَى، ولهما تخريج صحيح تعضده النُّصوص، وهو أن التحديث بما لا تطيقه بعض العقول من الأخبار الثابتة مدعاةٌ لتكذيبها، ومن المعلوم أن تكذيب النبي صلى الله عليه وسلم كفر بلا خلاف([31]).

التحذير من إفشاء الأسرار:

لقد وردت أقاويل كثيرة عن الصوفية في التحذير من إفشاء أسرارهم وأحوالهم، ومن ذلك: ما نقل عن الجنيد: (نحن حبَّرنا هذا العلم تحبيرا، ثم خبّأناه في السراديب)([32])، وجاء عن بعضهم قوله: (إفشاء سر الربوبية كفر)([33])، وقال القشيري: (الأولياء مأمورون بحفظ ودائع السِّر)([34])، وقال آخر: (لو اطلع زرِّي على سرِّي قلعتُه)([35]).

قال الذهبي: “كان ابن العربيِّ منقبضًا عن الناس، وإنما يجتمع به آحاد الاتحادية، ولا يصرِّح بأمره لكل أحد، ولم يشتهر كتبه إلا بعد موته بمدّة”([36]).

وقال القشيري: (وشرح هذه الجملة بإثباته في الكتب متعذر)([37]). يقصد به الكتمان وعدم النشر في الكتب.

وقال أبو حامد الغزالي: (وأسرار هذا العلم لا يجوز أن تسطَّر في كتاب)([38]).

وقال ابن عربي: (وهذه الأسرار سترها أهل طريقتنا، ونسترها كما ستروها)([39])، وقال أيضا: (الستر لا بد منه)([40]).

وقال إبراهيم الدسوقي: (لا تودِعوا كلامنا إلا عند من كان منَّا)([41]).

وقال داود بن ماخلا الكهاري: (لا يباح إظهار الأسرار عند الاضطرار إلّا بفتاوى علمائها)([42]).

وقال عبد الوهاب الشعراني: (وممّا منّ الله تبارك وتعالى به عليّ عدم إفشائي الأسرار المتعلِّقة بالتوحيد ودقائق الشريعة الشريفة لأحد من الخلق إلا بعد طول امتحانه وكثرة التنكُّرات والتِّغريات عليه، وإغضابه المرّة بعد المرّة، وسبِّه بين من يستحي منهم عادة المرَّة بعد المرَة)([43]).

وقال داود بن ماخلا: (حقيقة السِّر لا تُظهر لأحدٍ في الدارين)([44])، وإلى هذا أشار الشعراني بقوله: (من الأولياء من سدَّ باب الكلام في دقائق كلام القوم حتى مات)([45]).

وقد حكى ابن عربي تجربته في إذاعة السر بلا إذن فقال -فيما يزعم-: ولقد منحني الله سرًّا من أسراره بمدينة فاس سنة أربع وتسعين وخمسمائة فأذعتُه، فإني ما علمت أنه من الأسرار التي لا تذاع، فعوتبت فيه من المحبوب فلم يكن لي جواب إلا السكوت، إلا أني قلت له: تولَّ أنت أمر ذلك فيمن أودعتُه إياه إن كانت لك غيرةٌ عليه، فإنك تقدر ولا أقدر، وكنت قد أودعته نحوًا من ثمانية عشر رجلًا، فقال: أنا أتولى ذلك. ثم أخبرني أنه سلَّه من صدورهم وسلبَهم إيّاه وأنا بسبْتة، فقلت لصاحبي عبد الله الخادم: إن الله أخبرني أنه فعل كذا وكذا، فقم بنا نسافر إلى مدينة فاس حتى نرى ما ذكر لي في ذلك، فسافرت، فلما جاءتني تلك الجماعة وجدت الله قد سلبهم ذلك وانتزعه من صدورهم، فسألوني عنه فسكت عنهم، وهذا من أعجب ما جرى لي في هذا الباب([46]).

وقد حكى عبد الغفار القوصي عن الشريف الكليمي أنه أخبره: أنه كان ذاهبا في طريق العمرة ومعه فقير أعجمي، فتكلم بشيءٍ من الأسرار، فقلعت رأسه من بين كتفيه([47]).

تكفير كاشف الأسرار:

من الصوفية من أوجب كتم أسرار المشاهدات عن كل أحد، فهذا أحد عارفيهم حين طلب منه أصحابه أن يُسمعهم شيئًا من علم الحقائق قال لهم: كم أصحابي اليوم؟ قالوا: ستمائة رجل، قال: فاختاروا لكم منهم مائة، فاختاروا، فقال: اختاروا من المائة عشرين، فاختاروا، فقال: اختاروا من العشرين أربعة، فاختاروا أربعة كلهم أصحاب كشوفات ومعارف، فقال الشيخ: لو تكلمت عليكم في علم الحقائق والأسرار لكان أول من يفتي بكفري هؤلاء الأربعة([48]).

إن هذا المسلك العجيب لا يمكن أن يكون إلا في شأن من يعجز عن إظهار مذهبه والإفصاح عنه، وهذه السمة الكتمانية لا يتبعها إلا من استقر عندهم أنهم مخالفون لمنهج أهل الإسلام.

ظاهرة الغموض:

المقصود بالغموض عند الصوفية هو نوع من التقية يقوم على تعقيد المعنى وتعمية المقصود، وإيهام المراد من خلال استعمال بعض الرموز والإشارات والاستعارات والكنايات، فيصبح الكلام في النهاية غير محدّد المعالم وكلامًا مفتوحًا محتملًا كافة الاحتمالات.

وقد شاع هذا الاستعمال لدى الصوفية في معارفهم التي تصادم دلالات النصوص حتى تبقى في طي الكتمان، وربما احتاجوا أحيانا للكلام عنها عند من ليسوا على طريقتهم، ولذلك حرصوا على استعمال هذه الرموز والإشارات الغامضة كنوع من التقية.

وقد أطبق الصوفية على استعمال هذه اللغة الإشارية الخفية الغامضة للتعبير عن وارداتهم ومكاشفاتهم حتى أطلق ابن عربي على علومهم بعلم الإشارات([49])، كما لقبوا أنفسهم بأهل الإشارة، ومن ذلك تسمية تفسير القشيري: بـ (لطائف الإشارات)، الذي ألفه على نهجهم.

وهم يستخدمون هذا النوع من الأسلوب -أسلوب الإشارات والرموز- خاصة مع مخالفيهم الذين يعتبرونهم الجهال من عموم الناس وأصحاب العقول الضعيفة([50]). وأما فيما بينهم فلا يستعملونها إلا عند مجالسة من ليس من جنسهم، أو لأمر يقوم في نفوسهم([51]).

قال أبو بكر الكلاباذي: (اصطلحت هذه الطائفة على ألفاظ في علومها تعارفوها بينهم ورمزوا بها، فأدركه صاحبه وخفي على السامع)([52]).

وقال القشيري: (هذه الطائفة مستعملون ألفاظًا فيما بينهم، قصدوا بها الكشف عن معانيهم لأنفسهم، والإجمال والسَّتر على من باينهم في طريقتهم؛ لتكون معاني ألفاظهم مستبهمة على الأجانب)([53]).

وقال ابن عربي: (اصطلح أهل الله على ألفاظ لا يعرفها سواهم إلا منهم، وسلكوا طريقة فيها لا يعرفها غيرهم، كما سلكت العرب في كلامها من التشبيهات والاستعارات ليفهم بعضهم عن بعض، فإذا خلوا بأبناء جنسهم تكلّموا بما هو الأمر عليه بالنّص الصّريح، وإذا حضر معهم من ليس منهم تكلّموا بينهم بالألفاظ التي اصطلحوا عليها، فلا يعرف الجليس الأجنبيّ ما هم فيه ولا ما يقولون)([54]).

وقال الحلاج: (من لم يقف على إشارتنا لم تُرشده عبارتنا)([55]).

وأشار ابن عجيبة إلى أن دقائق التوحيد وغوامضه: (رموز وإشارات لا يفهمها إلا أهلها، ولا تفشى إلا لهم)([56]).

وقد أشار ابن عربي إلى أن ما يسمّونه بـ (علم الأسرار) إذا أخذتْه العبارة سَمُج واعتاص على الأفهام دَرْكُه وخَشُن، وأنك إذا بسطت القول فيه أفسدتَّه، ومن أجل هذا فإنّ صاحب العلم كثيرا ما يوصله إلى الأفهام بضرب الأمثلة والمخاطبات الشعرية([57]).

وقال أيضا: (كل آيةٍ منزّلة لها وجهان: وجه يرونه في نفوسهم، ووجه آخر يرونه فيما خرج عنهم، فيُسمُّون ما يرونه في نفوسهم إشارة ليأنس الفقيه صاحب الرسوم إلى ذلك)([58]).

ورجح أستاذ الفلسفة د. أبو العلا عفيفي أن ابن عربي -الذي هو الإمام الأكبر عند القوم- كان يعتمد تعقيد البسيط وإخفاء الظاهر لأغراض في نفسه، فعباراته تحتمل في أغلب الأحيان معنيين على الأقلّ، أحدهما: ظاهر ما يُشير به إلى ظاهر الشرع، والثاني: باطن، وهو ما يشير به إلى مذهبه، ثم بين أنَّ هذا الأخير هو الهدف الذي يرمي إليه([59]).

وعلى الرغم مما سبق بيانه فإن كثيرًا من الصوفية يعلنون بأن سبب تركهم للإفصاح هو عجز اللغة عن استيعاب تجاربهم الروحية، وخلوّها من المفردات التي يمكنها أن تصف طبيعة مشاهداتهم كما هي، مثلُها في ذلك -بحسب كلامهم- مثل حلاوة السكر ومرارة الملح، يعرف طعمَهما جيدا من ذاقهما، لكن لو قيل له: بين لنا ماهية تلك الحلاوة أو هاتيك المرارة لتملّكته الحيرة وأقرّ بالعجز([60]).

قال أبو بكر الكلاباذي: (مشاهدات القلوب ومكاشفات الأسرار لا يمكن العبارة عنها على التحقيق، بل تُعلم بالمنازلات والمواجيد، ولا يعرفها إلا من نازل تلك الأحوال وحل تلك المقامات)([61]).

وهذا ليس السبب الحقيقي الكامل؛ لأنه لو كان كذلك لجاءت عباراتهم ناقصة أو مشوبة بشيء من الغموض، لكن على العكس من ذلك([62]).

يقول ابن خلدون: “الغموض سمة ظاهرة فاشية في كلامهم، ولا يقتدر أهلُ النَّظر إلى تحصيل مقتضاه لغموضه وانغلاقه”([63]).

قال ابن القيم عقب إيراده كلامًا لأبي إسماعيل الهروي: (هذا كلام فيه قلق وتعقيد، وهو باللغز أشبه منه بالبيان)([64]).

وأشار شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن أكثر الناس لا يفهمون كلام ابن عربي، وأن باطن كلامه في الفصوص أقبح من ظاهره([65]).

ويقول المستشرق الإنجليزي رينولد ألين نيكولسون عن غموض كتاب “فصوص الحكم”: (نظريّاته في هذا الكتاب صعبة الفهم، وأصعب من ذلك شرحها وتفسيرها؛ لأن لغته اصطلاحية خاصة، مجازية معقّدة في معظم الأحيان)([66]).

وربما يستدل بعض المتصوفة على استخدامهم مسلك الغموض بما يُروى عن عمر رضي الله عنه أنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يتكلم مع أبي بكر وكنتُ بينهما كالزِّنجي)([67]). وهذا الحديث غير ثابت أصلا. قال شيخ الإسلام ابن تيمية تعليقا على هذا الحديث: (هذا كذب ظاهر، لم ينقله أحد من أهل العلم بالحديث، ولا يرويه إلا جاهل أو ملحد)([68]).

فالغرض من هذا التمويه المتعمَّد هو أن يتمكّنوا من حكاية ما يريدون الكشف عنه من عقائدهم وآرائهم بطريقة آمنة لا تستوجب انكشاف حقيقة اعتقادهم بين الناس.

نقد ظاهرة الغموض:

إن اتخاذ أسلوب الغموض أصلا في التعبير عن المعارف والمكاشفات تتناقض مع ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم جملة وتفصيلًا، ذلك أن الله تعالى أنزل كتابه الكريم ﴿‌بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ [الشعراء: 195]، ليكون بينًا واضحًا ظاهرًا، قاطعًا للعذر، مقيمًا للحجّة، دليلًا إلى المَحجّة([69])، كما قال: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا ‌عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [يوسف: 2]، وقال: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا ‌عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا﴾ [الشورى: 7]، إلى غير ذلك من الآيات.

وقد بعث نبيه صلى الله عليه وسلم إلى الثقلين الإنس والجن وهو أفصح العرب على الإطلاق؛ بل هو أفصح الخلق قاطبة كما تواترت بذلك الأخبار، وشهد به الواقع والآثار، وفصاحته وبلاغته ما أوتيه صلى الله عليه وسلم من جوامع الكلم، فهو يعبر عن المعاني الكبيرة بألفاظ يسيرة، فبلغ الرسالة على الوجه الأتم، وأدى الأمانة، وبيّن للنّاس ما نزّل إليهم من ربهم، ويكفيه في ذلك شهادة ربه له حيث قال: ﴿الْيَوْمَ ‌أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة: 3].

وكان من شدة حرصه على البيان والتوضيح أنه كانَ يتَكلَّمُ بِكلامٍ بَيّن فصلٍ يحفظُهُ من جلسَ إليْهِ([70])، وإذا تكلَّمَ تكلَّمَ ثلاثًا لكي يُفْهَمَ عنهُ([71]).

وقد علَّم صلى الله عليه وسلم الأمة كل ما يحتاجون إليه في دينهم، وأبان لهم الطريق الموصل إلى ربهم، وامتثل أمر ربه في البلاغ حيث قال تعالى: ﴿فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا ‌الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ [المائدة: 92].

والأصل المتّفق عليه في الشريعة هو الأخذ بظاهر النصوص كما قال صلى الله عليه وسلم: «يمينُكَ على ما يُصدِّقُكَ عليها صاحبُكَ»([72])، فالادعاء بأنّ وراء ظواهر النصوص أسرارًا مطويّة لا يتفق مع هذا الأصل القطعي.

هذا وقد أوضح سبحانه وتعالى الحكمة من إنزال القرآن بقوله: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ ‌تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ [النحل: 89]، فأين التبيان في استخدام الرموز والإشارة الغامضة الخفية، وادعاء أن لكل آية ظاهرًا وباطنًا؟!([73]).

فالمرجع في فهم نصوص الكتاب والسنة هو إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ ‌لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل: 44]، ومن المعلوم بالضرورة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يخفي شيئا من أمور الدين أو يعلن خلاف ما يضمر، بل طبيعة الرسالة تقتضي أن تتطابق ظاهرها وباطنها.

الآثار المترتبة على ظاهرة الغموض والكتمان:

إن الآثار المترتبة على استخدام أسلوب الغموض وادعاء أن لكل نص ظاهرًا وباطنًا في غاية الخطورة، ومنها:

أولا: إلغاء الفائدة من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك من وجهين:

الوجه الأول: أنه إذا كان ظاهر الوحي المنزَّل لا يطابق واقع الأمر ولا يعبِّر عن الحقيقة كما هي فما الفائدة من البعثة النبوية؟! ولماذا كان النَّبيُّ -صلوات الله وسلامه عليه- يُقاتل الناس ويُفاصلهم بموجب ظواهر لا حقيقة لها؟!

الوجه الثاني: أنه إذا كان بإمكان أيِّ أحد الوصول إلى الحقيقة المطلقة وتلقِّي الأنوار عن الله تعالى مباشرةً عبر بوابة المجاهدات؛ فهذا يعني بالضّرورة إمكانيّة الاستغناء عن الرّسول صلى الله عليه وسلم، وهو من الكفر الذي لا يختلف فيه اثنان([74]).

ثانيًا: عدم الوثوق بالشّريعة وهداياتها، وهذا الشّكّ نتيجةٌ حتميةٌ لكل من قال بهذه النظرية، فمن سيعمل بظواهر النصوص إذا تشرّب قلبه اعتقاد كونها غيرَ مرادة الله ولا هاديةٍ إلى طريقه؟! ولهذا لم يكن من المستغرب أن تنتشر بين الصّوفية ظاهرة الانحلال من ربقة الأحكام، والتّهاون في ارتكاب الموبقات([75]).

ثالثًا: فتح باب الافتراء على الله ورسوله والإلحاد في دينه، وذلك لأنه إذا كانت ظواهر النصوص غيرَ موافقة لحقيقة الأمر، وكانت المرادات الحقيقية غير مدركة إلا الخواص المقرَّبين منهم وعن طريق الكشف فقط، فمن الممكن لكلّ أحد أن يدّعي أنّ هذا المعنى أو ذاك هو المعنى الباطن، لا سيّما أنهم لا يشترطون أن يكون ما يراه الواحد منهم من الكشوفات عين ما يراه الآخر؛ إذ النص يستوعب هذه المعاني كلّها ولو كانت متناقضة في ذاتها، و(ورود الإمداد بحسب الاستعداد، وشروق الأنوار على حسب صفاء الأسرار)([76])، ومن ثم يبقى الفضاء رحبًا للتلاعب بمعاني النصوص والعبث بأحكام الشريعة([77]).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (من فسر القرآن أو الحديث وتأوّله على غير التفسير المعروف عن الصحابة والتابعين فهو مفتر على الله، ملحد في آيات الله، محرِّفٌ للكلم عن مواضعه، وهذا فتحٌ لباب الزندقة والإلحاد، وهو معلوم البطلان بالاضطرار من دين الإسلام)([78]).

رابعًا: فتح باب مخالفة الشّرع والتّشريع بلا دليل، وذلك لتقديمهم مقتضيات الكشف والذَّوق على ظواهر الشرع.

وقد أشار شيخ الإسلام ابن تيمية إلى هذا الأمر بقوله: (وكثير من أهل الكشف يُلقى في قلبه أن هذا الطعام حرام، أو أن هذا الرجل كافر أو فاسق من غير دليل ظاهر، وبالعكس قد يُلقى في قلبه محبة شخص وأنه ولي الله أو أن هذا المال حلال)([79]).

ويقول الآلوسي: (ما ينكشف لعلماء الباطن من حِلِّ بعض الأشياء لهم -مع أن الشارع حرمه على عباده مطلقًا- فيجب أن يقال: إنما انكشف حِلّه لهم لما انكشف لهم من سبب خفي يحلِّله لهم، وتحريم الشارع تعالى ذلك على عباده مقيَّد بانتفاء انكشاف السبب المحلِّل لهم، فمن انكشف له ذلك السبب حل له ومن لا فلا، لكن الشارع سبحانه حرَّمه على عباده على الإطلاق وترك ذلك القيد لندرة وقوعه إذ من ينكشف له قليل جدًّا)([80]).

الخاتمة:

يرى الصوفية أن علم الباطن هو منتهى آمال السالكين، وهو العلم الصحيح الذي يجب العمل بموجبه والتعويل على كشوفه، ولا يتحصّلون عليه إلا عن طريق الفيض الإلهي.

ويزعمون أن الفيض لا يتأتّى للسالك إلا بتعذيب النفس وحرمان الجسد من اللذائذ، ولذلك ينظرون إلى علوم الشريعة -أي: العلم الظاهر- نظرة دونية ويخصون بها العامة وفقهاء الرسوم.

فتقسيم الدين إلى شريعة وحقيقة مما لا أصل له، وتبنّي الصوفية له ناشئ من عجزهم عن الإفصاح عن عقائدهم كما هي، تمويهًا على العوام وغيرهم.

وقد تولدت لدى القوم ظاهرة الكتمان والغموض، لعلمهم بمصادمة عقائدهم لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، وخوفهم من استحلال دمائهم بسبب ذلك.

كما أنها تتعارض مع أساسيات بعثة النبي صل الله عليه وسلم.

هذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

ــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) انظر: الفتوحات الإلهية لابن عجيبة (ص: 333).

([2]) كتاب اللمع (ص: 43-44).

([3]) انظر: لطائف المنن لابن عطاء الله السكندري (ص: 248)، وعوارف المعارف للسهروردي (ص: 25).

([4]) انظر: جمهرة الأولياء لأبي الفيض (1/ 159).

([5]) اللمع (ص: 179).

([6]) اللمع (ص: 182).

([7]) انظر: حياة القلوب في كيفية الوصول إلى المحبوب (1/ 259-261).

([8]) انظر: التصوف المنشأ والمصادر (ص: 251).

([9]) انظر: الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة (ص: 397).

([10]) انظر: الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة (ص: 397).

([11]) انظر: التصوف المنشأ والمصادر (ص: 251).

([12]) انظر: في التصوف الإسلامي (ص: 76-77).

([13]) في التصوف الإسلامي وتاريخه (ص: 76).

([14]) انظر: التصوف والمصدر (ص: 252).

([15]) انظر: إحياء علوم الدين (1/ 284).

([16]) انظر: اللمع لأبي نصر السرّاج (ص: 37).

([17]) انظر: التوقيف على مهمات التعاريف (ص: 292).

([18]) انظر: إحياء علوم الدين (3/ 24).

([19]) انظر: الفتوحات المكية (2/ 348).

([20]) انظر: تفسير القشيري (3/ 321).

([21]) انظر: تفسير القشيري (1/ 148).

([22]) انظر: تفسير السلمي (1/ 367)، وصفة الصفوة (4/ 324).

([23]) إحياء علوم الدين (1/ 100-104).

([24]) انظر: الطبقات الكبرى، للشعراني (1/ 28).

([25]) انظر: إحياء علوم الدين (4/ 341).

([26]) المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (2/ 483)، السيرة الحلبية (2/ 130).

([27]) انظر: نظرية الظاهر والباطن عند الصوفية (ص: 61).

([28]) انظر: إحياء علوم الدين (1/ 100).

([29]) انظر: إحياء علوم الدين (1/ 100).

([30]) تفسير الطبري (28/ 153).

([31]) انظر: نظرية الظاهر والباطن عند الصوفية (ص: 62).

([32]) انظر: التعرف لمذهب التصوف (ص: 145).

([33]) انظر: إحياء علوم الدين (1/ 100).

([34]) تفسير القشيري (1/ 148).

([35]) اللمع في التصوف (ص: 304).

([36]) تاريخ الإسلام (47/ 279).

([37]) الرسالة القشيرية (2/ 578).

([38]) إحياء علوم الدين (4/ 246).

([39]) مواقع النجوم (ص: 149).

([40]) الفتوحات المكية (2/ 553).

([41]) انظر: الكواكب الدّرِّية للمناوي (2/ 14).

([42]) انظر: الطبقات الكبرى للشعراني (1/ 340).

([43]) انظر: لطائف المنن والأخلاق (ص: 644).

([44]) انظر: الطبقات الكبرى للشعراني (1/ 340).

([45]) الطبقات الكبرى (1/ 25).

([46]) الفتوحات المكية (2/ 348).

([47]) انظر: لطائف المنن والأخلاق (ص: 575).

([48]) انظر: الطبقات الكبرى للشعراني (1/ 25).

([49]) انظر: التعرف لمذهب أهل التصوف (ص: 87).

([50]) انظر: الفتوحات المكية (1/ 33).

([51]) انظر: الفتوحات المكية (1/ 281).

([52]) التعرف لمذهب أهل التصوف (88)

([53]) الرسالة القشيرية (1/ 281).

([54]) الفتوحات المكية (1/ 281).

([55]) أخبار الحلاج (ص: 84).

([56]) إيقاظ الهمم شرح متن الحكم (ص: 72).

([57]) انظر: الفتوحات المكية (1/ 33).

([58]) الفتوحات المكية (1/ 279).

([59]) انظر: مقدمة فصوص الحكم (ص: 17).

([60]) انظر: الظاهر والباطن عند الصوفية (ص: 72).

([61]) انظر: التعرف لمذهب أهل التصوف (ص: 87).

([62]) انظر: الظاهر والباطن عند الصوفية (ص: 73).

([63]) مقدمة ابن خلدون (ص: 471).

([64]) مدارج السالكين (3/ 417).

([65]) انظر: مجموع الفتاوى (2/ 204، 364).

([66]) مقدمة فصوص الحكم (ص: 12).

([67]) انظر: مجموع الفتاوى (2/ 217).

([68]) أحاديث القصَّاص (ص: 78).

([69]) انظر: تفسير ابن كثير (3/ 348).

([70]) أخرجه أبو داود (4839)، والترمذي (3639)، وصححه الألباني في مختصر الشمائل المحمدية (119).

([71]) أخرجه الترمذي (3640)، والحاكم (7716)، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (٧/ ١٣٨٨).

([72]) أخرجه مسلم (١٦٥٣).

([73]) انظر: قوت القلوب (1/ 105).

([74]) انظر: مدارج السالكين (2/ 476).

([75]) انظر: نظرية الظاهر والباطن عند الصوفية (ص: 88).

([76]) الحكم العطائية بشرح ابن عباد النفري الرندي (ص: 56)

([77]) انظر: نظرية الظاهر والباطن عند الصوفية (ص: 89).

([78]) مجموع الفتاوى (13/ 243).

([79]) مجموع الفتاوى (13/ 243).

([80]) روح المعاني (16/ 19).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد سلف

الصوفية وعجز الإفصاح ..الغموض والكتمان نموذجا

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  توطئة: تتجلى ظاهرة الغموض والكتمان في الفكر الصوفي من خلال مفهوم الظاهر والباطن، ويرى الصوفية أن علم الباطن هو أرقى مراتب المعرفة، إذ يستند إلى تأويلات عميقة -فيما يزعمون- للنصوص الدينية، مما يتيح لهم تفسير القرآن والحديث بطرق تتناغم مع معتقداتهم الفاسدة، حيث يدّعون أن الأئمة والأولياء هم الوحيدون […]

القيادة والتنمية عند أتباع السلف الصالح الأمير عبد الله بن طاهر أمير خراسان وما وراء النهر أنموذجا (182-230ه/ 798-845م)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  المقدمة: كنتُ أقرأ قصةَ الإمام إسحاق بن راهويه -رحمه الله- عندما عرض كتاب (التاريخ الكبير) للإمام البخاري -رحمه الله- على الأمير عبد الله بن طاهر، وقال له: (ألا أريك سحرًا؟!)، وكنت أتساءل: لماذا يعرض كتابًا متخصِّصًا في علم الرجال على الأمير؟ وهل عند الأمير من الوقت للاطّلاع على الكتب، […]

دعوى غلو النجديين وخروجهم عن سنن العلماء

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: تكثر الدعاوى حول الدعوة النجدية، وتكثر الأوهام حول طريقتهم سواء من المخالفين أو حتى من بعض الموافقين الذين دخلت عليهم بعض شُبه الخصوم، وزاد الطين بلة انتسابُ كثير من الجهال والغلاة إلى طريقة الدعوة النجدية، ووظفوا بعض عباراتهم -والتي لا يحفظون غيرها- فشطوا في التكفير بغير حق، وأساؤوا […]

التحقيق في موقف ابن الزَّمْلَكَاني من ابن تيّمِيَّة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: يُعتَبَر ابن الزَّمْلَكَاني الذي ولد سنة 667هـ مُتقاربًا في السنِّ مع شيخ الإسلام الذي ولد سنة 661هـ، ويكبره شيخ الإسلام بنحو ست سنوات فقط، وكلاهما نشأ في مدينة دمشق في العصر المملوكي، فمعرفة كلٍّ منهما بالآخر قديمة جِدًّا من فترة شبابهما، وكلاهما من كبار علماء مذهبِه وعلماء المسلمين. […]

الشَّبَهُ بين شرك أهل الأوثان وشرك أهل القبور

مقدمة: نزل القرآنُ بلسان عربيٍّ مبين، وكان لبيان الشرك من هذا البيان حظٌّ عظيم، فقد بيَّن القرآن الشرك، وقطع حجّةَ أهله، وأنذر فاعلَه، وبين عقوبته وخطرَه عليه. وقد جرت سنة العلماء على اعتبار عموم الألفاظ، واتباع الاشتقاق للأوصاف في الأفعال، فمن فعل الشرك فقد استوجب هذا الاسمَ، لا يرفعه عنه شرعًا إلا فقدانُ شرط أو […]

هل مُجرد الإقرار بالربوبية يُنجِي صاحبه من النار؟

مقدمة: كثيرٌ ممن يحبّون العاجلة ويذرون الآخرة يكتفون بالإقرار بالربوبية إقرارًا نظريًّا؛ تفاديًا منهم لسؤال البدهيات العقلية، وتجنُّبا للصّدام مع الضروريات الفطرية، لكنهم لا يستنتجون من ذلك استحقاق الخالق للعبودية، وإذا رجعوا إلى الشرع لم يقبَلوا منه التفصيلَ؛ حتى لا ينتقض غزلهم مِن بعدِ قوة، وقد كان هذا حالَ كثير من الأمم قبل الإسلام، وحين […]

هل كان شيخ الإسلام أبو عثمان الصابوني أشعريًّا؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: مِن مسالك أهل الباطل في الترويج لباطلهم نِسبةُ أهل الفضل والعلم ومن لهم لسان صدق في الآخرين إلى مذاهبهم وطرقهم. وقديمًا ادَّعى اليهود والنصارى والمشركون انتساب خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام إلى دينهم وملَّتهم، فقال تعالى ردًّا عليهم في ذلك: ﴿‌مَا ‌كَانَ ‌إِبۡرَٰهِيمُ يَهُودِيّا وَلَا نَصۡرَانِيّا وَلَٰكِن كَانَ […]

هل علاقة الوهابية بالصوفية المُتسنِّنة علاقة تصادم؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: تعتبر الصوفيةُ أحدَ المظاهر الفكرية في تاريخ التراث والفكر الإسلامي، وقد بدأت بالزهد والعبادة وغير ذلك من المعاني الطيِّبة التي يشتمل عليها الإسلام، ثم أصبحت فيما بعد عِلمًا مُستقلًّا يصنّف فيه المصنفات وتكتب فيه الكتب، وارتبطت بجهود عدد من العلماء الذين أسهموا في نشر مبادئها السلوكية وتعدَّدت مذاهبهم […]

مناقشة دعوى بِدعية تقسيم التوحيد

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة    مقدّمة: إن معرفة التوحيد الذي جاء به الأنبياء من أهم المهمّات التي يجب على المسلم معرفتها، ولقد جاءت آيات الكتاب العزيز بتوحيد الله سبحانه في ربوبيته وأنه الخالق الرازق المدبر، قال تعالى: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 54]، كما أمر الله تبارك وتعالى عباده […]

اتفاق علماء المسلمين على عدم شرط الربوبية في مفهوم العبادة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدّمة: كنّا قد ردَدنا في (مركز سلف) على أطروحة أحد المخالفين الذي راح يتحدّى فيها السلفيين في تحديد ضابط مستقيم للعبادة، وقد رد ردًّا مختصرًا وزعم أنا نوافقه على رأيه في اشتراط اعتقاد الربوبية؛ لما ذكرناه من تلازم الظاهر والباطن، وتلازم الألوهية والربوبية، وقد زعم أيضًا أن بعض العلماء […]

هل اختار السلفيون آراءً تخالف الإجماع؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: كثير من المزاعم المعاصرة حول السلفية لا تنبني على علمٍ منهجيٍّ صحيح، وإنما تُبنى على اجتزاءٍ للحقيقة دونما عرضٍ للحقيقة بصورة كاملة، ومن تلك المزاعم: الزعمُ بأنَّ السلفية المعاصرة لهم اختيارات فقهية تخالف الإجماع وتوافق الظاهرية أو آراء ابن تيمية، ثم افترض المخالف أنهم خالفوا الإجماع لأجل ذلك. […]

الألوهية والمقاصد ..إفراد العبادة لله مقصد مقاصد العقيدة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: مما يكاد يغيب عن أذهان بعض المسلمين اليوم أن العبودية التي هي أهمّ مقاصد الدين ليست مجرد شعائر وقتيّة يؤدّيها الإنسان؛ فكثير من المسلمين لسان حالهم يقول: أنا أعبدُ الله سبحانه وتعالى وقتَ العبادة ووقتَ الشعائر التعبُّدية كالصلاة والصيام وغيرها، أعبد الله بها في حينها كما أمر الله […]

تحقيق القول في زواج النبي ﷺ بأُمِّ المؤمنين زينب ومعنى (وتخفي في نفسك ما الله مبديه)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة لهج المستشرقون والمنصّرون بالطعن في مقام النبي صلى الله عليه وسلم بسبب قصة زواج النبي صلى الله عليه وسلم بأم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها، حتى قال الشيخ رشيد رضا رحمه الله: (دُعاة النصرانية يذكرون هذه الفرية في كل كتابٍ يلفِّقونه في الطعن على الإسلام، والنيل من […]

جُهود الشيخ صالح بن أحمد الْمُصَوَّعي في نشر الدعوة السلفية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الشيخ صالح بن أحمد الْمُصَوَّعي من العلماء البارزين في القرن الرابع عشر الهجري، وقد برزت جهوده في خدمة الإسلام والمسلمين. وقد تأثر رحمه الله بالمنهج السلفي، وبذل جهودًا كبيرة في نشر هذا المنهج وتوعية الناس بأهميته، كما عمل على نبذ البدع وتصحيح المفاهيم الخاطئة التي قد تنشأ في […]

صيانة الشريعة لحق الحياة وحقوق القتلى، ودفع إشكال حول حديث قاتل المئة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقدمة: إنّ أهلَ الأهواء حين لا يجدون إشكالًا حقيقيًّا أو تناقضًا -كما قد يُتوهَّم- أقاموا سوق الأَشْكَلة، وافترضوا هم إشكالا هشًّا أو مُتخيَّلًا، ونحن نهتبل فرصة ورود هذا الإشكال لنقرر فيه ولنثبت ونبرز تلك الصفحة البيضاء لصون الدماء ورعاية حقّ الحياة وحقوق القتلى، سدًّا لأبواب الغواية والإضلال المشرَعَة، وإن […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017