الأربعاء - 27 ذو الحجة 1445 هـ - 03 يوليو 2024 م

توحيد العبادة بين منهج السلف وسبل الخلف [الجزء الثاني]

A A

#مركز_سلف_للبحوث_والدراسات

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ، وبعد ..

فقد سبق لنا بيان أن التوحيد الذي دعت له الرسل هو توحيد العبادة، الذي هو لازم توحيد الربوبية، وقد خالف أناس في ذلك، وزعموا أن الإقرار بأن الله وحده هو الخالق الرازق المحيي المميت المدبر، الذي بيده النفع والضر، هو غاية التوحيد

وأن معنى كلمة التوحيد (لا إله إلا الله): أن الله وحده هو القادر على الاختراع!! وبالتالي أثبتوا التوحيد لمن أقر بذلك وإن صرف عبادته إلى غير الله تعالى! حتى صرح بعضهم بأن طلب الحاجة من الحجر والشجر وإن كان عملا لغو باطلا، إلا إنه ليس بشرك، إلا إن كان الطلب باعتباره رباً ! وأن الاستغاثة بغير الله – فيما لا يقدر عليه إلا الله – لا تعد شركا إن اعتقد المستغيث أن المتصرف في الأمور على الحقيقة هو الله وحده، وإنما يكون الشرك إذا اعتقد الخلق والإيجاد لغير الله! كما قرره جماعة من القبوريين ومن شايعهم، كابن داود الهمداني في كتابه “إزهاق الباطل”. ومحمد بن علوي المالكي في كتاب “مفاهيم يجب أن تصحح”. وعبد الله بن بلفقيه العلوي في كتابه “الرد على الوهابية” وغيرهم. [انظر كتاب “دعاوي المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب” ص 198 ، 247 ، 351].

وإن كان الأمر كذلك، فلا ندري أي شرك وقع فيه قوم إبراهيم وهم يعتقدون أن أصنامهم لا تسمع دعاءهم، ولا تنفعهم ولا تضرهم على الحقيقة، وإنما هو تقليد الآباء؟ وبذلك استدل عليهم الخليل إبراهيم – عليه السلام – وحاجَّهم بأن المستحق للعبادة هو الذي يخلق ويهدي، ويطعم ويسقي، ويشفي ويميت ويحيي، وهذه في الحقيقة هي أوصاف الربويية، التي تستلزم إفراد الله تعالى بالعبادة وهو توحيد الألوهية، قال تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ (69) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ (70) قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ (71) قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (72) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (73) قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (74) قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (77) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) } [الشعراء].

وهذا الانحراف العقدي بحصر الشرك في اعتقاد الربوبية عند صرف العبادة لغير الله تعالى: لا تعضده حقيقة لغوية ولا شرعية، فلا هو مقتضى لسان العرب، ولا هو مستفاد من أدلة الشرع، بل كلاهما ينقضه ويبطله. فأما اللغة، فلم نجد من أئمة اللغة من ذكر هذا القيد، بل أطلقوا أن العبادة هي الطاعة، ومن يقيدها يقيدها بوصف الخضوع والذل، كما قال الزجاج: “معنى العبادة في اللغة الطاعةُ مع الخُضُوع، يقال هذا طَرِيق مُعّبد، إذا كان مُذللاً بكثْرةِ الوَطءِ”. [معاني القرآن وإعرابه 1/ 48].

ولذلك صح تسمية معاملة المشركين لآلهتهم الباطلة عبادة، مع اعتقادهم أن الله تعالى هو خالقهم ورازقهم ومدبر أمورهم، واعتقادهم أن هذه الآلهة المزعومة لا تملك من الأمر شيئا، بل هي نفسها ملك لله تعالى، ففي صحيح مسلم (1185) عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: “كان المشركون يقولون: لبيك لا شريك لك – قال: فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ويلكم، قد قد» – فيقولون: إلا شريكا هو لك، تملكه وما ملك، يقولون هذا وهم يطوفون بالبيت”. 

ولذلك صرحوا بقولهم: { مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى } [الزمر: 3] قال قتادة: “كانوا إذا قيل لهم من ربكم وخالقكم؟ ومن خلق السماوات والأرض وأنزل من السماء ماء؟ قالوا الله، فيقال لهم ما معنى عبادتكم الأصنام؟ قالوا ليقربونا إلى الله زلفى، ويشفعوا لنا عنده”. [تفسير القرطبي 15 / 233 ، فتح القدير للشوكاني 4 / 515].

وقال السعدي في تفسيره: “{مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} أي: لترفع حوائجنا لله، وتشفع لنا عنده، وإلا فنحن نعلم أنها، لا تخلق، ولا ترزق، ولا تملك من الأمر شيئا. أي: فهؤلاء قد تركوا ما أمر الله به من الإخلاص، وتجرأوا على أعظم المحرمات، وهو الشرك”. [تيسير الكريم الرحمن ص: 718].

ففعل المشركين مع أصنامهم: عبادة شركية، وإن كانو لا يعتقدون فيها معاني الربوبية ولوازمها من: الخلق والملك والرزق والتدبير والضر والنفع، وإنما مرادهم هو التقرب إلى الله بشفاعتهم، كما قال تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [يونس: 18] فانظر كيف ختمت الآية بتنزيه الله – عز وجل – نفسه عن الشرك.

فأصل إشكال المشركين في توحيد الله تعالى إنما هو في ألوهيته لا في ربوبيته، وشركهم الذي كثر ذمهم في القرآن لأجله كان لصرفهم العبادة لآلهتم الباطلة من دون الله تعالى، واعتقادهم أنها تستحق شيئا من ذلك، ولهذا قالوا متعجبين:  {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص: 5] قال الجوهري: “الآلهة: الأصنام، سموها بذلك لاعتقادهم أنَّ العبادة تَحُقُّ لها، وأسماؤهم تَتْبَعُ اعتقاداتِهم لا ما عليه الشيء في نفسه”. [الصحاح 6 / 2224].

** وهذا المذهب الرديء في إغفال توحيد الله تعالى في ألوهيته، وأن ذلك لا يوجب الحكم بالشرك إلا إن اقترن باعتقاد الربوبية، لم يجد رواجا في الأوساط السنية السلفية، فحام حوله أناس وقدموه في الأوساط السلفية من باب آخر أخفى في البطلان، وألبسوه ثوب تصحيح المفاهيم وتجديدها. وذلك بتعريف العبادة التي يتحقق الشرك بصرف شيء منها لغير الله بأنها: تعظيم المتصف بشيء من خصال الربوبية، أي الذي بيده الخلق والملك والتدبير !!! وهذا في الحقيقة: صياغة جديد لإغفال توحيد الألوهية، وتضييع لمقتضى شهادة التوحيد ولوازمها .. تابع فيها بعض المنتسبين للسنة والسلفية شيوخ الضلالة من المتكلمين والقبوريين في مذهب باطل، وأجابوا بها عن إشكال التعارض بين هذا الفهم الرديء، وبين حال المشركين المقرين بربوبية الله تعالى، كما بينه القرآن، فلما “تحيروا في الآيات الكثيرة التي تصف المشركين بأنهم الذين عبدوا غير الله تعالى، وتجعل حقيقة التوحيد إفراد العبادة لله وحده، والشرك صرف العبادة لغيره، فحاولوا التوفيق بين هذه الآيات وبين رأيهم الفاسد، فزعموا أن العبادة لا تكون عبادة إلا اذا تضمنت اعتقاد الربوبية لمن صرفت له، وإلا فليست عبادة، حتى ولو جمعت الذل والخضوع والمحبة والتأله، وفي ذلك يقول القضاعي: “إن مسمى العبادة شرعا لا يدخل فيه شيء من التوسل والاستغاثة وغيرهما بل لا يشتبه بالعبادة أصلا، فإن كل ما يدل على التعظيم لا يكون من العبادة إلا اذا اقترن به اعتقاد الربوبية لذلك المعظم، أو صفة من صفاتها الخاصة بها”. ويقول أيضا: “إن الدعاء بمعنى النداء إن كان لمن لا يعتقده ربا فليس من العبادة في شيء … وإن اعتقد ربوبيته أو استقلاله بالنفع والضر أو شفاعته عند الله بغير إذن الله، فهو عبادة لذلك المدعو، وقد يطلق الدعاء على العبادة. وقد علمت أن معناها: الخضوع التام لمن يعتقد فيه الربوبية أو خاصة من خواصها”. [البراهين الساطعة ص 38 ، 388 : 390].

 وقال ابن كيران الفاسي في تعريف العبادة: “فالعبادة شرعا غاية الذل والخضوع لمن يعتقد له الخاضع بعض صفات الربوبية، كما ينبئ عنه مواقع استعمالها في الشرع. فغاية الخضوع لا تكون عبادة بمجردها، بل حتى تكون على وجه خاص، وهو اعتقاد الخاضع ثبوت صفة من صفات الربوبية للمخضوع له”. [الرد على بعض المبتدعة من الطائفة الوهابية ص10].

وهذا التعريف للعبادة لم يقل به إمام من أئمة الدين، ولا عالم من الراسخين، وتبطله نصوص القرآن الكريم، واستعمال أئمة الدين من الصحابة والتابعين:

أما القرآن فكما سبق في حق قوم إبراهيم، الذين عبدوا أصناما لا يعتقدون فيها الربوبية، بل كانوا يعتقدون أنها لا تسمع دعاءهم، ولا تنفعهم ولا تضرهم، كما قال تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ (69) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ (70) قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ (71) قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (72) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (73) قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (74)} [الشعراء: 69 – 74] قال الطبري: ” يقول تعالى ذكره: قال إبراهيم لهم: هل تسمع دعاءكم هؤلاء الآلهة إذ تدعونهم؟ … أو تنفعكم هذه الأصنام، فيرزقونكم شيئا على عبادتكموها، أو يضرّونكم فيعاقبونكم على ترككم عبادتها بأن يسلبوكم أموالكم، أو يهلكوكم إذا هلكتم وأولادكم .. (قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ) وفي الكلام متروك استغني بدلالة ما ذكر عما ترك، وذلك جوابهم إبراهيم عن مسألته إياهم: (هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ) فكان جوابهم إياه: لا ما يسمعوننا إذا دعوناهم، ولا ينفعوننا ولا يضرّون، يدل على أنهم بذلك أجابوه”. [تفسير الطبري 19 / 361]”.

ومن ذلك أيضا: قوله تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَابَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62) هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (63) اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} [يس: 60 – 64] فانظر كيف قابل طاعة الشيطان بطاعته عز وجل، وسمى كليهما عبادة، وبيَّن أن عبادة الشيطان تؤول بصاحبها للكفر ! قال الطبري: “يقول: ألم أوصكم وآمركم في الدنيا أن لا تعبدوا الشيطان فتطيعوه في معصية الله … وقوله (وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ) يقول: وألم أعهد إليكم أن اعبدوني دون كلّ ما سواي من الآلهة والأنداد، وإياي فأطيعوا، فإن إخلاص عبادتي، وإفراد طاعتي، ومعصية الشيطان، هو الدين الصحيح، والطريق المستقيم”. [جامع البيان 20/ 542].

فهل يمكن لأحد ادّعاء أن هذه العبادة للشيطان كانت مقترنة باعتقاد ربوبيته ؟!

وأما استعمال السلف، فكقول الصحابي الكريم عمرو بن عبسة – رضي الله عنه – في وصف حاله وحال غيره في الجاهلية: “ينزل الحي ليس معهم إله، فيخرج الرجل منهم فيأتي بأربعة أحجار، فينصب ثلاثة لقدره، ويجعل أحسنها إلها يعبده. ثم لعله يجد ما هو أحسن منه قبل أن يرتحل فيتركه ويأخذ غيره إذا نزل منزلا سواه”. [الطبقات الكبرى 4 / 164].

ومن ذلك أيضا: قول أبي رجاء العطاردي – وهو من المخضرمين – : “كنا نعبد الحجر، فإذا وجدنا حجرا هو أخير ألقيناه وأخذنا الآخر، فإذا لم نجد حجرا جمعنا جثوة من تراب ثم جئنا بالشاة فحلبناها عليه، ثم طفنا به”.[رواه البخاري 4376].

فهل مثل هذه العبادة يمكن أن تكون لاعتقاد شيء من معاني الربوبية في هذه الأحجار أو هذه الكومة من التراب؟! ومع ذلك فهذا هو شرك الجاهية الصريح.

وصحَّ بذلك واتضح أنه لا يشترط في حصول الشرك بصرف العبادة لغير الله – أن يقترن باعتقاد الربوبية. ورحم الله شيخ الإسلام ابن تيمية عندما قال: “أصل الشرك أن تعدل بالله تعالى مخلوقاته في بعض ما يستحقه وحده، فإنه لم يعدل أحد بالله شيئا من المخلوقات في جميع الأمور، فمن عبد غيره أو توكل عليه فهو مشرك به“. [الاستقامة ص344].

 

للتوسع في موضوع المقال بجزئيه، يمكن الرجوع للكتب التالية:

  • دعاوي المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب. للشيخ الدكتور/ عبد العزيز بن محمد بن علي آل عبد اللطيف.
  • جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية. للشيخ الدكتور/ شمس الدين الأفغاني.
  • منهج أهل السنة والجماعة ومنهج الأشاعرة في توحيد الله تعالى. للشيخ الدكتور/ خالد عبد اللطيف.
  • حقيقة التوحيد بين أهل السنة والمتكلمين. للشيخ الدكتور/ عبد الرحيم بن صمايل السلمي.
  • القول السديد في الرد على من أنكر تقسيم التوحيد. للشيخ الدكتور/ عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر.
  • بيان حقيقة التوحيد الذي جاءت به الرسل ودحض الشبهات التي أثيرت حوله. للشخ الدكتور صالح الفوزان.
  • الفرقان بين توحيد أهل السنة وتوحيد القبوريين. للشيخ/ مجدي حمدي.

إعداد اللجنة العلمية بمركز سلف للبحوث والدراسات [تحت التأسيس]

رد واحد على “توحيد العبادة بين منهج السلف وسبل الخلف [الجزء الثاني]”

  1. […] التصنيف: إصدارات مركز سلف, المقالات « توحيد العبادة بين منهج السلف وسبل الخلف [الجزء الثاني] […]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

جديد سلف

هل يُمكِن الاستغناءُ عن النُّبوات ببدائلَ أُخرى كالعقل والضمير؟

هذه شبهة من الشبهات المثارة على النبوّات، وهي مَبنيَّة على سوء فَهمٍ لطبيعة النُّبوة، ولوظيفتها الأساسية، وكشف هذه الشُّبهة يحتاج إلى تَجْلية أوجه الاحتياج إلى النُّبوة والوحي. وحاصل هذه الشبهة: أنَّ البَشَر ليسوا في حاجة إلى النُّبوة في إصلاح حالهم وعَلاقتهم مع الله، ويُمكِن تحقيقُ أعلى مراتب الصلاح والاستقامة من غير أنْ يَنزِل إليهم وحيٌ […]

هل يرى ابن تيمية أن مصر وموطن بني إسرائيل جنوب غرب الجزيرة العربية؟!

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة (تَنتقِل مصر من أفريقيا إلى غرب جزيرة العرب وسط أوديتها وجبالها، فهي إما قرية “المصرمة” في مرتفعات عسير بين أبها وخميس مشيط، أو قرية “مصر” في وادي بيشة في عسير، أو “آل مصري” في منطقة الطائف). هذا ما تقوله كثيرٌ من الكتابات المعاصرة التي ترى أنها تسلُك منهجًا حديثًا […]

هل يُمكن أن يغفرَ الله تعالى لأبي لهب؟

من المعلوم أن أهل السنة لا يشهَدون لمعيَّن بجنة ولا نار إلا مَن شهد له الوحي بذلك؛ لأن هذا من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله تعالى، ولكننا نقطع بأن من مات على التوحيد والإيمان فهو من أهل الجنة، ومن مات على الكفر والشرك فهو مخلَّد في النار لا يخرج منها أبدًا، وأدلة ذلك مشهورة […]

مآخذ الفقهاء في استحباب صيام يوم عرفة إذا وافق يوم السبت

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. فقد ثبت فضل صيام يوم عرفة في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (‌صِيَامُ ‌يَوْمِ ‌عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ)([1]). وهذا لغير الحاج. أما إذا وافق يومُ عرفة يومَ السبت: فاستحبابُ صيامه ثابتٌ أيضًا، وتقرير […]

لماذا يُمنَع من دُعاء الأولياء في قُبورهم ولو بغير اعتقاد الربوبية فيهم؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة هناك شبهة مشهورة تثار في الدفاع عن اعتقاد القبورية المستغيثين بغير الله تعالى وتبرير ما هم عليه، مضمونها: أنه ليس ثمة مانعٌ من دعاء الأولياء في قبورهم بغير قصد العبادة، وحقيقة ما يريدونه هو: أن الممنوع في مسألة الاستغاثة بالأنبياء والأولياء في قبورهم إنما يكون محصورًا بالإتيان بأقصى غاية […]

الحج بدون تصريح ..رؤية شرعية

لا يشكّ مسلم في مكانة الحج في نفوس المسلمين، وفي قداسة الأرض التي اختارها الله مكانا لمهبط الوحي، وأداء هذا الركن، وإعلان هذه الشعيرة، وما من قوم بقيت عندهم بقية من شريعة إلا وكان فيها تعظيم هذه الشعيرة، وتقديس ذياك المكان، فلم تزل دعوة أبينا إبراهيم تلحق بكل مولود، وتفتح كل باب: {رَّبَّنَآ إِنِّيٓ أَسۡكَنتُ […]

المعاهدة بين المسلمين وخصومهم وبعض آثارها

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة باب السياسة الشرعية باب واسع، كثير المغاليق، قليل المفاتيح، لا يدخل منه إلا من فقُهت نفسه وشرفت وتسامت عن الانفعال وضيق الأفق، قوامه لين في غير ضعف، وشدة في غير عنف، والإنسان قد لا يخير فيه بين الخير والشر المحض، بل بين خير فيه دخن وشر فيه خير، والخير […]

إمعانُ النظر في مَزاعم مَن أنكَر انشقاقَ القَمر

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الحمد لله رب العالمين، وأصلى وأسلم على المبعوث رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فإن آية انشقاق القمر من الآيات التي أيد الله بها نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم، فكانت من أعلام نبوّته، ودلائل صدقه، وقد دلّ عليها القرآن الكريم، والسنة النبوية دلالة قاطعة، وأجمعت عليها […]

هل يَعبُد المسلمون الكعبةَ والحجَرَ الأسودَ؟

الحمد لله الذي أكمل لنا الدين، وهدنا صراطه المستقيم. وبعد، تثار شبهة في المدارس التنصيريّة المعادية للإسلام، ويحاول المعلِّمون فيها إقناعَ أبناء المسلمين من طلابهم بها، وقد تلتبس بسبب إثارتها حقيقةُ الإسلام لدى من دخل فيه حديثًا([1]). يقول أصحاب هذه الشبهة: إن المسلمين باتجاههم للكعبة في الصلاة وطوافهم بها يعبُدُون الحجارة، وكذلك فإنهم يقبِّلون الحجرَ […]

التحقيق في نسبةِ ورقةٍ ملحقةٍ بمسألة الكنائس لابن تيمية متضمِّنة للتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وبآله

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: إنَّ تحقيقَ المخطوطات من أهمّ مقاصد البحث العلميّ في العصر الحاضر، كما أنه من أدقِّ أبوابه وأخطرها؛ لما فيه من مسؤولية تجاه الحقيقة العلمية التي تحملها المخطوطة ذاتها، ومن حيث صحّة نسبتها إلى العالم الذي عُزيت إليه من جهة أخرى، ولذلك كانت مَهمة المحقّق متجهةً في الأساس إلى […]

دعوى مخالفة علم الأركيولوجيا للدين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: عِلم الأركيولوجيا أو علم الآثار هو: العلم الذي يبحث عن بقايا النشاط الإنساني القديم، ويُعنى بدراستها، أو هو: دراسة تاريخ البشرية من خلال دراسة البقايا المادية والثقافية والفنية للإنسان القديم، والتي تكوِّن بمجموعها صورةً كاملةً من الحياة اليومية التي عاشها ذلك الإنسان في زمانٍ ومكانٍ معيَّنين([1]). ولقد أمرنا […]

جوابٌ على سؤال تَحَدٍّ في إثبات معاني الصفات

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة أثار المشرف العام على المدرسة الحنبلية العراقية -كما وصف بذلك نفسه- بعضَ التساؤلات في بيانٍ له تضمَّن مطالبته لشيوخ العلم وطلبته السلفيين ببيان معنى صفات الله تبارك وتعالى وفقَ شروطٍ معيَّنة قد وضعها، وهي كما يلي: 1- أن يكون معنى الصفة في اللغة العربية وفقَ اعتقاد السلفيين. 2- أن […]

معنى الاشتقاق في أسماء الله تعالى وصفاته

مما يشتبِه على بعض المشتغلين بالعلم الخلطُ بين قول بعض العلماء: إن أسماء الله تعالى مشتقّة، وقولهم: إن الأسماء لا تشتقّ من الصفات والأفعال. وهذا من باب الخلط بين الاشتقاق اللغوي الذي بحثه بتوسُّع علماء اللغة، وأفردوه في مصنفات كثيرة قديمًا وحديثًا([1]) والاشتقاق العقدي في باب الأسماء والصفات الذي تناوله العلماء ضمن مباحث الاعتقاد. ومن […]

محنة الإمام شهاب الدين ابن مري البعلبكي في مسألة الاستغاثة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فإن فصول نزاع شيخ الإسلام ابن تيمية مع خصومه طويلة، امتدت إلى سنوات كثيرة، وتنوَّعَت مجالاتها ما بين مسائل اعتقادية وفقهية وسلوكية، وتعددت أساليب خصومه في مواجهته، وسعى خصومه في حياته – سيما في آخرها […]

العناية ودلالتها على وحدانيّة الخالق

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: إنَّ وجودَ الله تبارك وتعالى أعظمُ وجود، وربوبيّته أظهر مدلول، ودلائل ربوبيته متنوِّعة كثيرة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (إن دلائل الربوبية وآياتها أعظم وأكثر من كلّ دليل على كل مدلول) ([1]). فلقد دلَّت الآيات على تفرد الله تعالى بالربوبية على خلقه أجمعين، وقد جعل الله لخلقه أمورًا […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017