السبت - 28 شوّال 1446 هـ - 26 ابريل 2025 م

فارسية البخاري وتمكنه في الحديث

A A

الحمد لله الذي حفظ سنة نبيه صلى الله عليه وسلم برجال اختارهم لحمل الأمانة، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه.

أما بعد..

فإن من خصائص شريعة النبي محمد صلى الله عليه وسلم أنها شريعة عامة للناس كافة؛ قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [سبأ: 28]، وقال صلى الله عليه وسلم – فيما رواه عنه جابر بن عبد الله -: “وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة”([1]). ولم يكن – يومًا – منشأ الرجل أو لغته عائقًا له عن تفوقه وبراعته في علوم الشريعة أو غيرها، ولو تتبعنا العلماء العجم الذين برعوا في علوم الشريعة لطال بنا المقام، ولا تخفى شهرة الإمام أبي حنيفة في علم الفقه، والإمام عمرو بن عثمان بن قنبر، المعروف بـ(سيبويه) في علم النحو، مع أنهما في الأصل أعجميان من أهل فارس.

وقد اطردت العادة بأن العلم بالتعلم، وجاء ذلك في حديث مرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم([2])، ومع وضوح هذا واشتهاره رأينا في الآونة الأخيرة ارتفاع الأصوات بالطعن في الإمام البخاري، والتقليل من مكانته بين علماء الحديث، وأن فارسيته وعجمته مانعة له من تمكنه في الحديث وروايته، واتخذ بعضهم ذلك وسيلة للطعن في كتابه “صحيح البخاري”، بل وفي السنة كافة والاحتكام إليها.

وقد أعجزهم ضرب مثال واحد على ما يزعمون، فطاروا فرحًا بما قاله العيني تعليقًا على كلام للإمام البخاري، وإليك كلام الإمام البخاري متبوعًا بتعليق العيني؛ ليتحقق ضعف ما ذهبوا إليه وبراءة الإمام البخاري مما يزعمون.

قال أبو عبد الله البخاري: “استيأسوا افتعلوا من يئست”([3]) .

قال العيني – تعليقًا عليه -: “والظاهر أن مثل هذا من قصور اليد في علم التصريف”([4]) .

ومع أنه مثال واحد فرد غريب، إلا أنه مردود على قائله ومروجيه، وبيان ذلك من وجهين:

  • أن هناك اختلافًا وقع بين رواة صحيح البخاري؛ ففي أكثرها: “افتعلوا”، وفي بعضها: “استفعلوا”، وهذا الأخير هو الصواب من جهة الرواية؛ كما ذكره شراح صحيح البخاري: كالحافظ ابن حجر، والقسطلاني([5])؛ يقول الحافظ ابن حجر: وقع في كثير من الروايات: “افتعلوا” والصواب الأول [يعني: استفعلوا]([6]) . وبناء عليه: لا يمكن الجزم بأن الإمام البخاري قد قال: “افتعلوا”، ويكون مقصوده من قوله: “استفعلوا” هو ذكر وزن الكلمة من جهة الصرف، يقول الحافظ ابن حجر: “وليس مراده باستفعل إلا الوزن خاصة، وإلا فالسين والتاء زائدتان، واستيأس بمعنى يئس، كاستعجب وعجب”([7]) .
  • وعلى التسليم بأن كلمة: “افتعلوا” ثابتة من قول الإمام البخاري، يمكن حمل مقصوده على بيان المعنى فقط، من باب الافتعال؛ وهذا هو توجيه الكرماني لتلك الرواية؛ يقول الكرماني: “قوله: “واستيأسوا” أي: استفعلوا. وفي بعضها: افتعلوا، وغرضه بيان المعنى، وأن الطلب ليس مقصودًا فيه [يعني: ليس السين في الكلمة هنا للطلب]، ولا بيان الوزن والاشتقاق”([8]) .

خلاصة القول: أن هناك اختلافًا بين روايات صحيح البخاري: ففي بعض الروايات: “استفعلوا”، وفي أكثرها: “افتعلوا”، ولكل توجيه صحيح لا يقدح في علم الإمام البخاري؛ فعلى الرواية الأولى: “استفعلوا” – وهي الصواب – يكون مراد الإمام البخاري بيان وزن الكلمة واشتقاقها من جهة الصرف، وعلى الرواية الثانية: “افتعلوا” يكون مراده بيان معنى الكلمة فقط، وكلا المرادين صحيح لا إشكال فيه، وهو مما يبرز تمكن الإمام البخاري في علمي الصرف واللغة، ولله رده من إمام.

وإتمامًا لذلك المعنى وزيادة في البيان والإيضاح أُورد فيما يلي من سطور الرد التفصيلي عن تلك الشبهة، ليس دفعًا بالصدر وجوابًا بالهوى، وإنما بالطرق العلمية – المتفق عليها في جميع العلوم – في بيان تمكن الإمام البخاري في علم الحديث – دراية ورواية – وامتلاكه لأدواته، وأول ذلك بيان نشأته العلمية.

نشأة البخاري العلمية:

هو محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بَرْدِزْبَه، وظاهر من الاسم الأخير أنه كان أعجمي الأصل، ولد في سنة (194هـ) في مدينة بخارى التابعة لأقليم خراسان، وقد هيَّأ الله تعالى له تربية علمية فردية كانت سببًا في نبوغه وتفوقه على أقرانه؛ يقول محمد بن أبي حاتم الورَّاق – كاتب الإمام البخاري -: سمعت البخاري يقول: أُلهمت حفظ الحديث وأنا في الكُتَّاب، قال الورَّاق: وكم أتى عليك إذ ذاك؟ فقال: عشر سنين أو أقل([9]).

وهذا سليم بن مجاهد يحدثنا بقوله: كنت عند محمد بن سلام البيكندي، فقال: لو جئت قبلُ لرأيت صبيًّا يحفظ سبعين ألف حديث [يقصد البخاري]، قال: فخرجت في طلبه حتى لحقته، قال: أنت الذي يقول: إني أحفظ سبعين ألف حديث؟ قال: نعم، وأكثر، ولا أجيئك بحديث من الصحابة والتابعين إلا عرفتك مولد أكثرهم ووفاتهم ومساكنهم، ولست أروي حديثًا من حديث الصحابة أو التابعين إلا ولي من ذلك أصل أحفظه حفظًا عن كتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم([10]).

وقال أبو بكر بن أبي عياش الأعين: كتبنا عن محمد بن إسماعيل وهو أمرد على باب محمد بن يوسف الفِريابي، قال الحافظ ابن حجر: كان موت الفريابي سنة اثنتي عشرة ومائتين، وكان سن البخاري إذ ذاك نحوًا من ثمانية عشر عامًا أو دونها([11]) .

والبخاري مع هذا كله لم يخرج بعدُ من بلدته بخارى، ولم يجاوز علمه شيوخها، ولما رحل البخاري في طلب العلم زاد علمه وزكا.

رحلات البخاري العلمية:

في سنة (210ه) خرج البخاري – وكان عمره آنذاك (16) عامًا – مع أمه وأخيه إلى الحج، ولما أنهوا الحج رجعت أمه وأخوه إلى بخارى، وبقي الإمام البخاري في مكة ينهل من علوم علمائها ومحدثيها، من أمثال: أبي الوليد الأزرقي، وعبد الله بن يزيد، وإسماعيل بن سالم الصائغ، وأبي بكر الحميدي، وغيرهم.

ثم توَّجه البخاري إلى المدينة في سنة (212ه)، وسمع من كبار محدثيها: كإبراهيم بن المنذر، ومطرف بن عبد الله، وإبراهيم بن حمزة، وعبد العزيز بن عبد الله الأويسي، وغيرهم.

ورحل إلى البصرة، واستفاد من الإمام أبي عاصم النبيل، وصفوان بن عيسى، وسليمان بن حرب، وأبي الوليد الطيالسي،  وغيرهم.

ثم سافر إلى الكوفة، فسمع فيها من عبيد الله بن موسى، وأبي نعيم، وإسماعيل بن أبان، وخالد بن مخلد، وغيرهم.

ثم عرَّج بعد ذلك إلى بغداد، وسمع فيها من الإمام أحمد بن حنبل، ومحمد بن عيسى الطباع، وسريج بن النعمان، وغيرهم. ويذكر كاتبه الورَّاق قوله: ولا أحصي كم دخلت إلى الكوفة وبغداد مع المحدثين([12]).

ومنها إلى الشام وأخذ عن محمد بن يوسف الفريابي، وأبي النضر إسحاق بن إبراهيم، وآدم بن أبي إياس، وحيوة بن شريح، وآخرين.

ووصل إلى مصر ودرس على عثمان بن صالح، وسعيد بن أبي مريم، وأحمد بن شبيب، ويحيى بن عبد الله بن بُكير وأقرانهم.

ثم إلى المناطق العليا الواقعة بين نهري دجلة والفرات، واستفاد من أحمد بن عبد الملك الحرَّاني، وإسماعيل بن عبد الله الرَّقي وأمثالهما.

هذه نبذة من رحلاته إلى البلاد العربية، وأما رحلاته إلى خراسان ونواحيها من مرو وبلخ وهراة، ونيسابور والري وما جاور بخارى من سمرقند وطشقند وغيرهما فهي موطنه الأصلي، وكل هذا يعطي للقارئ صورة واضحة عن مدى تمكنه وبراعته في الحديث وعلوم الشريعة، وفي هذا المعنى يقول الحاكم أبو عبد الله: قد رحل البخاري رحمه الله إلى هذه البلاد المذكورة في طلب العلم، وأقام في كل مدينة منها على مشايخها.. وإنما سميت من كل ناحية جماعة من المتقدمين؛ ليستدل به على عالي إسناده([13]) .

ثناء العلماء على البخاري:

أكثر الناس معرفة بالرجل أهلُ فنه وتخصصه؛ لذا كان ثناء العلماء ومدحهم للإمام البخاري دليلًا على تمكنه وبراعته في علوم الشريعة عمومًا، وفي الحديث وروايته على وجه الخصوص، وسأقتصر على طرف من ثناء العلماء ولا أستقصي، وهو غيض من فيض([14]).

يقول قتيبة بن سعيد: لو كان البخاري في الصحابة لكان آية.

ويقول الترمذي: لم أر أعلم بالعلل والأسانيد من محمد بن إسماعيل البخاري.

وقال له مسلم: أشهد أنه ليس في الدنيا مثلك.

وقال إمام الأئمة أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة: ما تحت أديم السماء أعلم بالحديث من محمد بن إسماعيل.

وقال أحمد بن سيار في تاريخ مرو: محمد بن إسماعيل البخاري طلب العلم، وجالس الناس، ورحل في الحديث، ومهر فيه وأبصر، وكان حسن المعرفة حسن الحفظ، وكان يتفقه.

وقال أبو عمرو الخفاف: حدثنا التقي النقي العالم الذي لم أر مثله محمد بن إسماعيل.

وقال سليم بن مجاهد: ما رأيت منذ ستين سنة أحدًا أفقه ولا أورع من محمد بن إسماعيل.

وقال عبد الله بن محمد بن سعيد بن جعفر: سمعت العلماء بمصر يقولون: ما في الدنيا مثل محمد بن إسماعيل في المعرفة والصلاح، ثم قال عبد الله: وأنا أقول قولهم.

وأختم ذلك بما قاله الحافظ ابن حجر – وهو من أجمل ما قيل -: “وبعد ما تقدم من ثناء كبار مشايخه عليه لا يحتاج إلى حكاية من تأخر؛ لأن أولئك إنما أثنوا بما شاهدوا ووصفوا ما علموا، بخلاف من بعدهم؛ فإن ثناءهم ووصفهم مبني على الاعتماد على ما نقل إليهم، وبين المقامين فرق ظاهر، وليس العيان كالخبر”([15]).

آثار البخاري العلمية:

تعرف آثار العالم بما تركه من علم ينتفع به من طريقين: تلامذته والآخذين عنه، ومؤلفات.

أولًا: شهرة الآخذين عن البخاري

تلامذة الإمام البخاري أكثر من أن يحصروا، وأشهر من أن يذكروا، يقول الفربري: سمع الصحيح من البخاري سبعون ألف رجل، فما بقي أحد يرويه غيري. وقد كان يحضر مجلسه أكثر من عشرين ألفًا يأخذون عنه، ويتعلمون منه، وممن روى عنه من الأئمة الأعلام: الإمام أبو الحسين مسلم بن الحجاج – صاحب الصحيح – وأبو عيسى الترمذي، وأبو عبد الرحمن النسائي، وأبو حاتم وأبو زرعة الرازيان، والإمام أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق، وصالح بن محمد جزرة، وأبو بكر بن خزيمة، ويحيى بن محمد بن صاعد، ومحمد بن عبد الله مطين، وكلُّ هؤلاء أئمة حفاظ([16]).

ثانيًا: مؤلفات البخاري العلمية

من أشهر مؤلفاته النافعة: “الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه” المعروف بـ”صحيح البخاري”، ولا تخفى مكانته عند العلماء، وهو أول مصنف صنف في الصحيح المجرد، واتفق العلماء على أن أصح الكتب المصنفة صحيحا البخاري ومسلم، واتفق الجمهور على أن صحيح البخاري أصحهما صحيحًا، وأكثرهما فوائد.

وقال أبو جعفر العقيلي: لما صنف البخاري كتاب الصحيح عرضه على ابن المديني وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وغيرهم، فاستحسنوه وشهدوا له بالصحة إلا أربعة أحاديث، قال العقيلي: والقول فيها قول البخاري، وهي صحيحة([17]).

ولو لم يصنف الإمام البخاري غيرَ الصحيح لكفاه، ولكنه أمتع الأمة بما صنفه من الكتب النافعة، ومنها على سبيل المثال: التاريخ الكبير، والتاريخ الأوسط، والتاريخ الصغير، والجامع الكبير، وخلق أفعال العباد، والضعفاء الصغير، والضعفاء الكبير، وأسامي الصحابة، وكتاب العلل، وجزء رفع اليدين في الصلاة، وبر الوالدين، وقضايا الصحابة والتابعين، وجزء القراءة خلف الإمام، والرد على الجهمية، وكتاب السنن في الفقه، والتواريخ والأنساب، وغيرها كثير([18]).

فهل يصح بعد هذا العرض الموجز أن يقال: فارسية البخاري مانعة من تمكنه في الحديث وروايته؟! إن هي إلا مزاعم لا دليل عليها، والواقع يكذبها، ويشهد بضدها؛ وقد عظمت مكانة الإمام البخاري في نفوس الناس، وشكروا له صنيعه في حفظ سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك فضل الله تعالى يؤتيه من يشاء.


([1]) رواه البخاري (335)، ومسلم (521).

([2]) رواه الطبراني في المعجم الكبير (19/ 395) عن معاوية بن أبي سفيان مرفوعًا، وحسنه الحافظ في الفتح (1/ 161).

([3]) صحيح البخاري (4/ 150)، علمًا بأن المذكور في هذه الطبعة: “استفعلوا”.

([4]) عمدة القاري (7/ 386).

([5]) ينظر: فتح الباري (6/ 419)، وإرشاد الساري (5/ 299).

([6]) فتح الباري (6/ 419- 420).

([7]) فتح الباري (8/ 367).

([8]) الكواكب الدراري (14/ 41).

([9]) ينظر: تاريخ بغداد (2/ 6).

([10]) ينظر: سير أعلام النبلاء (12/ 417).

([11]) فتح الباري (1/ 478).

([12]) ينظر: مقدمة فتح الباري (1/ 478).

([13]) ينظر: تهذيب الأسماء واللغات (1/ 72).

([14]) ينظر: تغليق التعليق (5/ 402)، ومقدمة فتح الباري (1/ 485).

([15]) فتح الباري (1/ 485).

([16]) ينظر: تهذيب الأسماء واللغات (1/ 73).

([17]) ينظر: مقدمة فتح الباري (1/ 489).

([18]) ينظر: تفصيل الكلام عن مؤلفاته في سيرة الإمام البخاري لعبد السلام المباركفوري (ص: 280- 317).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد سلف

القول بالصرفة في إعجاز القرآن بين المؤيدين والمعارضين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: إنَّ الآياتِ الدالةَ على نبوّة محمدٍ صلى الله عليه وسلم كثيرة كثرةَ حاجة الناس لمعرفة ذلك المطلَب الجليل، ثم إن القرآن الكريم هو أجلّ تلك الآيات، فهو معجزة النبي صلى الله عليه وسلم المستمرّة على تعاقُب الأزمان، وقد تعدَّدت أوجه إعجازه في ألفاظه ومعانيه، ومع ما بذله المسلمون […]

الطاقة الكونية مفهومها – أصولها الفلسفية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة تمهيد: إن الله عز وجل خلق الإنسان، وفطره على التوحيد، وجعل في قلبه حبًّا وميلًا لعبادته سبحانه وتعالى، قال الله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الروم: 30]، قال السعدي رحمه الله: […]

موقف الليبرالية من أصول الأخلاق

مقدمة: تتميَّز الرؤية الإسلامية للأخلاق بارتكازها على قاعدة مهمة تتمثل في ثبات المبادئ الأخلاقية وتغير المظاهر السلوكية، فالأخلاق محكومة بمعيار رباني ثابت يحدد مسارها، ويمنع تغيرها وتبدلها تبعًا لتغير المزاج البشري، فحسنها ثابت الحسن أبدًا، وقبيحها ثابت القبح أبدًا، إذ هي تحمل صفات ثابتة في ذاتها تتميز من خلالها مدحًا أو ذمًّا خيرًا أو شرًّا([1]). […]

حجاب الله تعالى -دراسة عقدية-

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدمة: معرفة الله سبحانه وتعالى هي قوت القلوب، ومحفِّزها نحو الترقِّي في مقامات العبودية، وكلما عرف الإنسان ربَّه اقترب إليه وأحبَّه، والقلبُ إذا لم تحرِّكه معرفةُ الله حقَّ المعرفة فإنه يعطب في الطريق، ويستحوذ عليه الكسل والانحراف ولو بعد حين، وكلما كان الإنسان بربه أعرف كان له أخشى […]

ترجمة الشَّيخ د. عبد الله بن محمد الطريقي “‏‏أستاذ الفقه الطبي والتاريخ الحنبلي” (1366-1446هـ/ 1947-2024م)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   اسمه ونسبه([1]): هو الشيخ الأستاذ الدكتور عبد الله بن محمد بن أحمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمود بن محمد الطريقي، الودعاني الدوسري نسبًا. مولده: كان مسقط رأسه في الديار النجدية بالمملكة العربية السعودية، وتحديدا في ناحية الروضة الواقعة جنوبي البلدة (العَقْدَة) -ويمكن القول بأنه حي من […]

ضبط السنة التشريعية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: السنة النبوية لها مكانة رفيعة في التشريع الإسلامي، فهي المصدر الثاني بعد القرآن الكريم، وهي التطبيق العملي لما جاء فيه، كما أنها تبيّن معانيه وتوضّح مقاصده. وقد وردت آيات وأحاديث كثيرة تأمر بطاعة النبي صلى الله عليه وسلم والعمل بسنته، وتحذّر من مخالفته أو تغيير سنته، وتؤكد أن […]

القواعد الأصولية لفهم إطلاقات السلف والتوفيق بينها وبين تطبيقاتهم العملية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: تُعدّ مسألة التعامل مع أقوال السلَف الصالح من أهمّ القضايا التي أُثيرت في سياق دراسة الفكر الإسلامي، خاصةً في موضوع التكفير والتبديع والأحكام الشرعية المتعلقة بهما؛ وذلك لارتباطها الوثيق بالحكم على الأفراد والمجتمعات بالانحراف عن الدين، مما يترتب عليه آثار جسيمة على المستوى الفردي والجماعي. وقد تعامل العلماء […]

التدرج في تطبيق الشريعة.. ضوابط وتطبيقات

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: إن الله تعالى أرسل الرسل وأنزل الكتب ليقوم الناس الناس بالقسط، قال تعالى: ﴿‌لَقَدۡ ‌أَرۡسَلۡنَا ‌رُسُلَنَا بِٱلۡبَيِّنَٰتِ وَأَنزَلۡنَا مَعَهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡمِيزَانَ لِيَقُومَ ٱلنَّاسُ بِٱلۡقِسۡطِ﴾ [الحديد: 25] أي: “ليعمل الناس بينهم بالعدل”[1]. والكتاب هو النقل المُصَدَّق، والميزان هو: “العدل. قاله مجاهد وقتادة وغيرهما”[2]، أو “ما يعرف به العدل”[3]. وهذا […]

تأطير المسائل العقدية وبيان مراتبها وتعدّد أحكامها

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: إنَّ علمَ العقيدة يُعدُّ من أهم العلوم الإسلامية التي ينبغي أن تُعنى بالبحث والتحرير، وقد شهدت الساحة العلمية في العقود الأخيرة تزايدًا في الاهتمام بمسائل العقيدة، إلا أن هذا الاهتمام لم يكن دائمًا مصحوبًا بالتحقيق العلمي المنهجي، مما أدى إلى تداخل المفاهيم وغموض الأحكام؛ فاختلطت القضايا الجوهرية مع […]

توظيف التاريخ في تعزيز مسائل العقيدة والحاضر العقدي

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: إنَّ دراسةَ التاريخ الإسلاميِّ ليست مجرَّدَ استعراضٍ للأحداث ومراحل التطور؛ بل هي رحلة فكرية وروحية تستكشف أعماقَ العقيدة وتجلّياتها في حياة الأمة، فإنَّ التاريخ الإسلاميَّ يحمل بين طياته دروسًا وعبرًا نادرة، تمثل نورًا يُضيء الدروب ويعزز الإيمان في قلوب المؤمنين. وقد اهتم القرآن الكريم بمسألة التاريخ اهتمامًا بالغًا […]

تصفيد الشياطين في رمضان (كشف المعنى، وبحثٌ في المعارضات)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  تمهيد يشكِّل النصُّ الشرعي في المنظومة الفكرية الإسلامية مرتكزًا أساسيًّا للتشريع وبناء التصورات العقدية، إلا أن بعض الاتجاهات الفكرية الحديثة -ولا سيما تلك المتبنِّية للنزعة العقلانية- سعت إلى إخضاع النصوص الشرعية لمنطق النقد العقلي المجرد، محاولةً بذلك التوفيق بين النصوص الدينية وما تصفه بالواقع المادي أو مقتضيات المنطق الحديث، […]

رمضان مدرسة الأخلاق والسلوك

المقدمة: من أهم ما يختصّ به الدين الإسلامي عن غيره من الأديان والملل والنحل أنه دين كامل بعقيدته وشريعته وما فرضه من أخلاق وأحكام، وإلى جانب هذا الكمال نجد أنه يمتاز أيضا بالشمول والتكامل والتضافر بين كلياته وجزئياته؛ فهو يشمل العقائد والشرائع والأخلاق؛ ويشمل حاجات الروح والنفس وحاجات الجسد والجوارح، وينظم علاقات الإنسان كلها، وهو […]

مَن هُم أهلُ السُّنَّةِ والجَماعَة؟

الحمدُ للهِ وكفَى، والصَّلاةُ والسَّلامُ على النبيِّ المصطفَى، وعلى آلِه وأصحابِه ومَن لهَدْيِهم اقْتفَى. أمَّا بَعدُ، فإنَّ مِن المعلومِ أنَّ النَّجاةَ والسَّعادةَ في الدُّنيا والآخِرَةِ مَنوطةٌ باتِّباعِ الحَقِّ وسُلوكِ طَريقةِ أهلِ السُّنَّةِ والجَماعَة؛ ولَمَّا أصْبحَ كلٌّ يَدَّعي أنَّه مِن أهلِ السُّنَّةِ والجَماعَة، وقام أناسٌ يُطالِبون باستِردادِ هذا اللَّقبِ الشَّريفِ، زاعِمين أنَّه اختُطِفَ منهم منذُ قرون؛ […]

أثر ابن تيمية في مخالفيه

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: شيخ الإسلام ابن تيمية هو البحرُ من أيِّ النواحِي جِئتَه والبدرُ من أيّ الضَّواحِي أتيتَه جَرَتْ آباؤُه لشأْو ما قَنِعَ به، ولا وقفَ عنده طليحًا مريحًا من تَعَبِه، طلبًا لا يَرضَى بِغاية، ولا يُقضَى له بِنهايَة. رَضَعَ ثَدْيَ العلمِ مُنذُ فُطِم، وطَلعَ وجهُ الصباحِ ليُحاكِيَهُ فَلُطِم، وقَطَعَ الليلَ […]

عرض وتعريف بكتاب (نقض كتاب: مفهوم شرك العبادة لحاتم بن عارف العوني)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدّمة: إنَّ أعظمَ قضية جاءت بها الرسل جميعًا هي توحيد الله سبحانه وتعالى في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، حيث أُرسلت الرسل برسالة الإخلاص والتوحيد، وقد أكَّد الله عز وجل ذلك في قوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 25]. […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017