تحقيق نسبة التكفير إلى ثلاثة من أعيان الدعاة إلى منهج السلف
لا يعرف عن دعوة من الدعوات نفرتها من الفكر التكفيري كما عُرف عن الدعوة السلفية عبر تاريخها الطويل وامتدادها الجغرافي في العالم الإسلامي ، سواء على نطاق التنظير أو الممارسة العملية ، وبإمكان أي باحث أن يعقد مقارنة بين نسبة التكفير عند السلفيين لخصومهم ونسبته عند الفرق المخالفة وعندها يقف المرء متحيراً ، كيف أُلصِقَت هذه التهمة بالسلفية والسلفيين ؟!
بدأ إلصاق تهمة التكفير بالمنهج السلفي ودُعاته مع ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في القرن الثاني عشر الهجري وما تلاه لعوامل عديدة أكثرها سياسي وإعلامي ، أما قبل ذلك ، أي زمن أئمة السلف رحمهم الله ، والإمام أحمد ، مروراً بالعصر السلجوقي ، والأيوبي والمملوكي ، فلم يكن هناك من يتهم دعاة المنهج السلفي بالتكفير.
وزاد شيوع هذه التهمة في الواقع المعاصر ، بل وأصبحت بعد أحداث ١١ سبتمبر في “الولايات المتحدة ” مشروعاً عالمياً ، أي يروجها اليهود والنصارى بكل ما لديهم من تخطيط سياسي ومراكز بحثية وإعلام ، فتم تصنيع لقب السلفية الجهادية وتصديره لكل وسائل الإعلام والتركيز عليه بشكل متكرر ،لإلصاق فكرتي التكفير والتفجير بالسلفية ، والإيهام بأن السلفية ومحاضنها هي معامل تفريخ الإرهاب ، وزادت هذه الوتيرة بعد ظهور القاعدة ومضاعفاتها كداعش ، التي يَعرف كل مراقب كيف صُنعت ؟ ومن رَوج لها ؟
-وحاولت بعض الفرق المخالفة لأهل السنة ركوبَ الموجة العالمية ، وتقديم نفسها على أنها البديل المناسب عن الإسلام السلفي [الوهابي] المتطرف كما يزعمون ! وهو ما أوجب علينا المشاركة في بيان وتبيان هذه الفرية، بهذه المقالة التي نرصد من خلالها أهم ثلاث محطات عُمِل عليها منذ القرن الثاني عشر كي تُشَكِّل العقل الجمعي للسلفية المعاصرة .
المحطة الأولى: موقف الإمام أحمد بن حنبل مع خصومه المعتزلة.
المحطة الثانية: موقف شيخ الإسلام ابن تيمية من خصومه خاصة الأشاعرة.
المحطة الثالثة: موقف شيخ الإسلام المجدد محمد بن عبد الوهاب من قضية التكفير ، باعتبار هؤلاء الأئمة علامات بارزة في الطريق جددوا معالم الإسلام ، وإليهم ينتسب وينسب المنهج السلفي.
– الإمام أحمد رحمه الله وبراءته من التكفير :
قال رحمه الله “ومن مات من أهل القبلة موحداً ، يُصَلٌَى عليه ، ويُسْتَغْفَر له ولا يُحْجَبُ عنه الاستغفار ، ولا نَتْرُك الصلاة عليه لذنب أذنبه صغيراً كان أو كبيراً وأمرُه إلى الله عزّ وجل “١
وقال – رحمه الله – أيضا “ولا نشهد على أحد من أهل القبلة بعمل يعمله بجنة ولا نار ، نرجو للصالح ونخاف عليه ، ونخاف على المسيئ المذنب ونرجو له رحمة الله ،
ومن لقي الله بذنب تجب له به النار تائباً غير مصِرّ عليه فإن الله تعالى يتوب عليه ويقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ، ومن لقيه مًُصِرَّاً غيرَ تائبٍ من الذنوب التي قد استوجب بها العقوبة فأمره إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له”٢
وكان – رحمه الله – يمتنع عن تكفير أهل البدع والفرق المنحرفة – غير الغلاة الذين اتفقت الأمة على تكفيرهم – مع تضليلهم والتحذير من بدعهم ، فامتنع من تكفير المرجئة الذين يقولون: إن الإيمان هو القول دون العمل .
فعن إسماعيل بن سعيد قال : سألت أحمد – رحمه الله – هل تخاف أن يَدْخُلَ الكفرُ على من قال: الإيمان قول بلا عمل ؟ فقال :”لا يكفرون بذلك ” ٣ ، وقال أبو بكرالمروذي: قيل لأبي عبدالله : المرجئةُ يقولون: الإيمان قول، فأدعو لهم ؟ قال : “ادع لهم بالصلاح”٤
ولم يكفر القدرية – غير الغلاة – ، فروى عبدالله بن أحمد عن أبيه وقد سأله عليُ بن الجهمِ عن من قال بالقد : يكون كافراً؟ قال :”إذا جحد العلم ، إذا قال: إن الله عز وجل لم يكن عالما حتى خلق علما فعلِمٓ ، فجحد علم الله عز وجل فهو كافر “٥
وبَوَّبَ أبو بكرٍ الخلال رحمه الله في كتاب السنة في ” توقف أبي عبدالله في المارقة” فقال: “أخبرني يوسف بن موسي أن أبا عبدالله ، قيل له: أكَفَرَ الخوارجُ ؟ قال: هم مارقة ، قيل: أكفار هم ؟ قال : هم مارقة مرقوا من الدين “٦ فاكتفى بلفظ الحديث ولم يكفرهم ، وقد روى الخلالُ عن أحمد لما سُئِل عن الحرورية والمارقة يكفرون؟ قال : “أعفني من هذا ، وقل كما جاء فيهم الحديث “٧ مع ذمه الشديد جداً لهم ، وقد أورد الخلال آثاراً أخرى في هذا الباب يمكن الرجوع إليها ، فليس الغرض الاستقصاء .
ولم يُكَفِّر الرافضةَ الذين يسبُّون أبا بكر وعمر – رضي الله عنهما – ويُفَضِّلُون علياً عليهما ، فرَوى الخلالُ عن عبدالملك بن عبدالحميد أنه سمع أبا عبدالله ، قال في الرافضي ” أنا لا أشهده – أي جنازته – يشهده من شاء ، قد ترك النبي صلى الله عليه وسلم على أقل من ذا ، الدَّين ، والغلول ، لم يصل عليه ولم يأمرهم ” .٨
وتركُ الصلاةِ ممَّن يُقْتَدَى به ،هو زجر عن هذه البِدَع وليس تكفيراً كما هو واضح ، وإذا كان هذا حكمه في الرافضة ، فما بالك بقوله في الشيعة المفضلة ؟! فلم تختلف نصوص أحمد في عدم تكفيرهم.
وهذا الحكم لا ينطبق على الغلاة الذين يعتقدون أُلُوهِيَّةَ أحدٍ من أهل البيت ، أو نبوتَه أو تحريتفَ القرآن أو نحو ذلك كما تعتقده طوائف الإسماعيلية والنصيرية والدروز ونحوهم .
وهؤلاء ـ نعني الرافضة غير الغلاة ـ وإن كان أحمد رحمه الله يرى كفر مقالاتهم ،فإنه لا يرى كفر أعيانهم حتى تقوم الحجة ويرتفع الجهل ، وهذا مقتضى نصوصه رحمه الله في كثير من أهل البدع المُغَلَّظة ، وسيأتي بيان ذلك في مقال آخر .
وأما المعتزلة الذين خاض الإمام أحمد معهم صراعا فكريا عنيفا واستعانوا عليه بسوط السلطان وكفروه وأباحوا قتله، فرغم ذلك لم يكفرهم بأعيانهم وإن أطلق الحكم بتكفير من قال مقالتهم ،من نفي الصفات والقول بخلق القرآن ، تفريقا بين النوع والعين في إطلاق أحكام التكفير ، فأبى الخروج على الواثق لما استأذنوه في هذا الأمر وقال: “عليكم بالنكرة في قلوبكم ولا تخلعوا يدا من طاعة ولا تشقوا عصا المسلمين ولا تسفكوا دماءكم ودماء المسلمين “
وقد بين شيخ الإسلام ابنُ تيمية: أن اختلاف الروايات عن أحمد في تكفير المعتزلة مرَدُّه للاختلاف في الحكم بين النوع والعين ، فقال: “وتكفير الجهمية مشهور عن السلف والأئمة ، لكن ما كان – يقصد أحمد رحمه الله – يكفر أعيانهم فإن الذي يدعو إلى القول أعظم من الذي يقول به والذي يعاقِبُ مخالِفَه أعظمُ من الذي يدعو فقط ،والذي يُكَفِّر مخالِفَه أعظمُ من الذي يعاقبه ،ومع هذا فالذين كانوا من ولاة الأمور يقولون بقول الجهمية : إن القرآن مخلوق ،وإن الله لا يُرَى في الآخرةِ وغير ذلك ، ويَدْعُون الناسَ إلى ذلك ويمتحنونهم ويعاقبونهم إذا لم يجيبوهم ويُكَفِّرُون من لم يجبهم ، حتى إنهم كانوا إذا أمسكوا الأسير لم يطلقوه حتى يُقِرَّ بقولِ الجهمية : إن القرآن مخلوق ، وغير ذلك . ولا يولون متوليا ولا يُعْطُون رِزْقاً من بيت المال إلا لمن يقول ذلك ، ومع هذا فالإمام أحمد رحمه الله تعالى تَرَحَّم عليهم واستغفر لهم، لعلمه بأنهم لم يُبَيَّن لهم أنهم مُكًَذِّبُون للرسول ولا جاحدُون لما جاء به، ولكن تأولوا فأخطأوا وقلَّدوا من قال لهم ذلك “٩
وهذه النقول عن أحمد رحمه الله تُبَيِّن تحريه العظيم – كسائر أئمة أهل السنة – في أمر التكفير وأنه لم يُكَفِّر المرجئة الذين يخرجون العمل من الإيمان ، ولا القدرية غير الغلاة النافين للعلم والكتابة ، ولا الخوارج المارقين ، واختلفت الرواية عنه في الرافضة والجهمية المتأخرين وهم ” المعتزلة ” واختلاف الروايات ناشئ عن النفريق بين النوع والعين ، فهو رحمه الله وإن كان يرى أن مقالةَ خلقِ القرآنِ كفراً، إلا أنه لم يُكَفِّر كلَّ من قال بها نظراً لأن تكفير المعين يتوقف على استيفاء الشروط وانتفاء الموانع ، وكذا في الرافضة الذين يسبون أبا بكر وعمر .
وبدهي إذا كان هذا موقفه من أهل هذه البدع المغلظة ، فما بالنا بمن هم أخَفَّ منهم بدعة ؟
واللَّفْظِيَّة لقب يُطْلَقُ على الذين قالوا “لفظي بالقرآن مخلوق ” ولم يقولوا : القرآن مخلوق “
والواقفة الذين قالوا :لا نقول مخلوق ولا غير مخلوق .
وحَكَمَ على أصحابهما بالبدع ، وغلظ على اللفظية أكثر وجعلهما كالجهمية ولكن لم يكفرهم .
نعم كان رحمه الله شديدا في التغليظ في رد البدعة وزجر أهلها وسد ذرائعها ، فقد غلظ القول على اللفظية لأن الجهمية كانوا يتسترون وراء هذا القول لنشر بدعتهم
قال عبد الله في السنة: سمعت أبي رحمه الله وسئل عن اللفظية فقال ” هم جهمية وهو قول جهم ، ثم قال : لا تجالسوهم.
وقال ايضا : سئل أبي وأنا اسمع عن اللفظية والواقفة فقال ” من كان منهم جاهلا فليسأل وليتعلم ، ومن كان يحسن الكلام فهو جهمي “
أما ما رُوِيَ من تكفيره لأبي علي الحسين بن علي الكرابيسي ، فمنه ما لم يصح إسناده ونقل عنه رحمه الله برواية مجهول ، ومنه ما يُحمل على ما تقدم من تكفيره لقول الجهمية ، فما قاله عن أبي علي الكرابيسي يحمل على تكفير قوله وليس شخصه ، كما أن الكرابيسي رحمه الله تعالى قال:” من لم يقل لفظي بالقرآن مخلوق فهو كافر” فليس مقصود أبي علي تكفير أعيان المسلمين الذين لا يقولون بقوله ، بل تكفير القول ، حسب تأويله.
وهنا نرى ضرورة التنبيه إلى أن كل ما رُوي عن أحمد أو سواه من أئمة أهل السنة ، من أقوال فيها تكفير الأهواء ، لم يكونوا يقولونه في الخُطَبِ والمجامع كما يفعل خوارج هذا الزمان الذين يُكَفِّرون أعيان الناس على رؤوس الأشهاد ، بل كان الأئمة يقولون هذه الأقوال في مجالس خاصة مع خاصة الخاصة من طلبة العلم الذين يُدْرِكُون مرادات الأشياخ ، لذلك لم يُتَّهم الأئمة بالتكفير طيلة القرون الماضية ، لأن أقوالهم ظلت محصورة بين خاصة أهل العلم الذين يعون مقاصد العلماء ، ولما شاع القلم اليوم وتعرّف على أقوالهم المغرضون والمتطفلون على العلم وأهله حملوها على غير محملها الصحيح فضلوا وأضلوا.
– موقف شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله –
موقف شيخ الإسلام من التكفير واضح كالشمس ، لا يُعْوِز الباحث إلي التنقيب والتفتيش ، فهي منثورة في عامة كلامه لا تخطئها عين وهو القائل عن نفسه : “هذا مع أني دائماً ومن جالسني يعلم ذلك مني ، أني من أعظم الناس نهياً عن أن يُنْسَبَ معينٌ إلى تكفير وتفسيق ومعصية ، إلا إذا عُلِمَ أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية التي من خالفها كان كافراً تارة ، وفاسقاً أخرى ، وعاصياً أخرى ، وإنِّي أُقَرِّرُ أن الله قد غفر لهذه الأمة خطأها ، وذلك يعم الخطأ في المسائل الخبرية القولية والمسائل العملية “١٠
وهو رحمه الله من أكثر من أصَّل للتفريق بين النوع والعين في إطلاق الأحكام ،فقال:” وكنت أُبَيِّن أن ما نُقِل عن السلف والأئمة من إطلاق القول بتكفير من يقول كذا وكذا ، فهو أيضاً حق ، لكن يجب التفريق بين الإطلاق والتعيين …..إلى أن قال : والتكفير هو من الوعيد ؛ فإنه وإن كان القول تكذيباً لما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم ، لكن قد يكون الرجل حديث عهد بإسلام ، أو نشأ ببادية بعيدة ، ومثل هذا لا يكفر بجحد ما يجحدُه حتى تقوم عليه الحجة ، وقد يكون الرجل لم يسمع تلك النصوص ، أو سمعها ولم تثبت عنده ، أو عارضها عنده معارض آخر أوجب تأويلها وإن كان مخطئاً .
وكنت دائماً أذكر الحديث الذي في الصحيحين في الرجل الذي قال : ( إذا أنا مت فأحرقوني ، ثم اسحقوني ، ثم ذُرُّونِي في اليم ، فوالله لئن قدر الله عليَّ ليعذبني عذاباً ما عذبه أحداً من العالمين . ففعلوا به ذلك ، فقال الله : ما حملك على ما فعلت ؟ قال : خشيتك . فغفر له )
فهذا رجل شك في قدرة الله وفي إعادته إذا ذُرِّي ، بل اعتقد أنه لا يعاد ، وهذا كفر باتفاق المسلمين ، لكن كان جاهلاً لا يعلم ذلك ، وكان مؤمناً يخاف الله أن يعاقبه ، فغفر له بذلك .
والمتأول من أهل الاجتهاد الحريص على متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم أولى بالمغفرة من مثل هذا”١١
وإنصافه للطوائف والفرق المخالفة مشهور ، رغم عداوتهم له ، بل وتكفيرهم إياه وسعيهم في إيذائه بكل طريق .
يقول رحمه الله :”هذا وأنا في سعة صدر لمن يخالفني فإنه وإن تعدى حدود الله فيَّ بتكفيرٍ أو تفسيقٍ أو افتراءٍ أو عصبيةٍ جاهليةٍ ، فأنا لا أتعدى حدودَ الله فيه ، بل أضبط ما أقولُه وأفعلُه وأزِنُه بميزان العدلِ ، وأجعلُه مؤتماً بالكتاب الذي أنزله الله وجعله هدىً للناس حاكما فيما اختلفوا فيه”١٢
واتَّسَمَ كلامُه بالتفصيل وعدمِ التعميم الجائر في الأحكام ، فهو يقسم الشيعة إلى ثلاثة أقسام :
القسم الأول : الغلاة ، الذين يقولون بما يناقض المعلوم من الدين بالضرورة كأُلُوهِيَّة أحد من أهل البيت أو نُبُوَّتِه أو تحريف القرآن ، أو من جعل للقرآن تأويلات باطنية تسقط الصلوات الخمس والصيام وتبيح المحرمات المتواترة ، ونحوها من الأقوال الغالية ، كأقوال النصيرية والدروز والإسماعيلية والبهرة والقرامطة ، بل يقول عن النصيرية :إنهم أكفر من اليهود والنصاري ١٣.
القسم الثاني : الرافضة الذين يسبون أبا بكر وعمر وغيرهما من الصحابة ،فَيَنْقُل الخلافَ في تكفيرهم ويُرَجِّح أن قولهم كفر ،ولكن لا يُكَفَِرُ المعين منهم إلا بعد إقامة الحجة ١٤ .
القسم الثالث : وهم الشيعة المُفَضِّلَة ، الذين يُفَضِّلُون علياً علي أبي بكر وعمر ، فهي وإن كانت بدعة إلا أنها ليست كفراً بلا خلاف ١٥ ، وأما تفضيل علي على عثمان في الفضل مع الإقرار بصحة خلافة كل واحد منهما فهي من مسائل الاجتهاد ولا تبديع فيها وكان خلافاً قديما لأهل السنة ثم انعقد الإجماع على أن ترتيبهم في الفضل كترتيبهم في الخلافة .
فانظر – رحمك الله – إلى هذا التقسيم والدقة والإنصاف في إعطاء كل ذي حق حقه !
وأما الخوارج والمعتزلة فَيَنْقُلُ فيهم خلافا ويرجح عدم التكفير بالعين وإن كانت المقالة كفراً كما سبق .
أما موقفه من الأشاعرة -الذين ناصبوه العداء وسعى بعضهم في ايذائه بكل طريق – فتأمل أخي هذه النصوص
قال – رحمه الله – في معرض ذكره لذم السلف لأهل الكلام من الأشاعرة وغيرهم:”وإن كان في كلامهم من الأدلة الصحيحة وموافقة السنة ما لا يوجد في كلام عامة الطوائف، فإنهم أقرب طوائف أهل الكلام إلى السنة والجماعة والحديث، وهم يعدون من أهل السنة والجماعة عند النظر الى مثل المعتزلة والرافضة وغيرهم، بل هم أهل السنة والجماعة في البلاد التي يكون أهل البدع فيها هم المعتزلة والرافضة ونحوهم” ١٦
ويقول عنهم “إنهم أقرب الطوائف إلى أهل السنة، بل دافع عنهم لما ذكر عن أبي إسماعيل الأنصاري صاحب ذم الكلام أنه من المبالغين في ذم الجهمية قال: “ويبالغ في ذم الأشعرية مع أنهم من أقرب هذه الطوائف إلى السنة ” .١٧
وقال في مناسبة أخرى: “وهم في الجملة أقرب المتكلمين إلى مذهب أهل السنة والحديث”١٨
ويَنْقُلُ الإجماع على عدم تكفيرهم فيقول “ليسو كفاراً باتفاق المسلمين “.١٩ [انظر لمزيد من البحث كتاب الشيخ عبدالرحمن المحمود علاقة ابن تيمية بالأشاعرة ]
بل أنصف الصوفية بنفس ميزانه الدقيق فيقول
“……ولأجل ما وقع في كثير منهم من الاجتهاد والتنازع فيه ، تنازع الناس في طريقهم؛ فطائفة ذمت الصوفية والتصوف ، وقالوا : إنهم مبتدعون، خارجون عن السنة، ونقل عن طائفة من الأئمة في ذلك من الكلام ما هو معروف، وتبعهم على ذلك طوائف من أهل الفقه والكلام .
وطائفة غلت فيهم، وادَّعَوا أنهم أفضل الخلق، وأكملهم بعد الأنبياء وكلا طرفي هذه الأمور ذميم .
و الصواب أنهم مجتهدون في طاعة الله، كما اجتهد غيرهم من أهل طاعة الله، ففيهم السابق المقرب بحسب اجتهاده، وفيهم المقتصد الذي هو من أهل اليمين، وفي كل من الصنفين من قد يجتهد فيخطئ، وفيهم من يذنب فيتوب أو لا يتوب .
ومن المنتسبين إليهم من هو ظالم لنفسه، عاص لربه .
وقد انتسب إليهم طوائف من أهل البدع والزندقة؛ ولكن عند المحققين من أهل التصوف ليسو منهم : كالحلاج مثلا؛ فإن أكثر مشايخ الطريق أنكروه، وأخرجوه عن الطريق . مثل : الجنيد بن محمد سيد الطائفة وغيره “٢٠
فهل يمكن لمنصف بعد ذلك أن يَدَّعي أن ابن تيمية هو منبع فكر التكفير والغلو ؟
– موقف شيخ الإسلام المجدد محمد بن عبدالوهاب – رحمه الله – :
قال رحمه الله “وإذا كنا لا نكفر من عبد الصنم الذي على عبد القادر، والصنم الذي على قبر أحمد البدوي، وأمثالهما لأجل جهلهم وعدم من ينبههم، فكيف نكفر من لم يشرك بالله إذا لم يهاجر إلينا أو لم يكفر ويقاتل، سبحانك هذا بهتان عظيم “٢١
هذا النص المحكم لم يُقْنِع كثيراً من خصوم الشيخ لنفي فكرة التكفير بالعموم والتي نفاها بنفسه مراراً وتكراراً فقال أيضا :”ما ذكر لكم عني أني أكفر بالعموم، فهذا من بهتان الأعداء، وكذلك قولهم: إني أقول: من تبع دين الله ورسوله وهو ساكن في بلده أنه ما يكفيه حتى يجيء عندي، فهذا أيضاً من البهتان، إنما المراد اتباع دين الله ورسوله في أي أرض كانت، ولكن نُكَفِّر من أقَرَّ بدين الله ورسوله ثم عاداه وصدّ الناس عنه، وكذلك من عبد الأوثان بعدما عرف أنه دين المشركين ،وزيَّنه للناس، فهذا الذي أكفره وكل عالم على وجه الأرض يكفر هؤلاء إلاّ رجلاً معانداً أو جاهلاً “. ٢٢
وقال أيضاً: “وأما ما ذكر الأعداء عني أني أكفر بالظن وبالموالاة أو أكفر الجاهل الذي لم تقم عليه الحجة، فهذا بهتان عظيم يريدون به تنفير الناس عن دين الله ورسوله “. ٢٣
ورسائله وردوده على الافتراءات التي رُوِّجَت على دعوته كثيرة ومدونة ، والاعتماد عليها لتكوين تصور عن دعوته رحمه الله هو فعل الباحث المنصف بدلاً من التنقيب في حكايات الإخباريين التالفة والاعتماد على كلام خصومه الذين اعتمدوا على شائعات – للأسف – ولم يتحققوا من الأمر بأنفسهم .
بَيْدَ أننا نريد الانتقال إلى نقطة أخرى ، وهي : كيف تَعَامَلَ السلفيون مع الفرق المخالفة حينما دانت لهم الدولة والسلطة؟ وهي نقطة كاشفة خاصة إذا ما قورنت بسلوك خصومهم معهم !
لا يخفي علي أحدٍ ما جرى للإمام أحمد من فتنة في زمن المعتصم والمأمون والواثق ، تولى كِبَرها رجال المعتزلة المقربون من القصر ، والذين مارسوا أبشع صور الإكراه الديني وعقدوا محاكم التفتيش وامتحنوا العامة والعلماء على بدعتهم ، ولما ولي المتوكل كشف الله به الكربة وأكرم الإمام أحمد إكراما زائدا جدا – كما يقول ابن كثير في البداية والنهاية – لم نسمع عن موجات انتقام ولا محاكم تفتيش تلاحق المخالفين وتكرههم على معتقد أهل السنة ،بل المعروف عن أحمد رحمه الله عفوه وصفحه عمن آذاه !
وموقف ابن تيمية من علماء عصره لما حصل خلاف بينهم وبين السلطان يحكيه بعض تلامذته فيقول “وسمعت الشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله يذكر أن السلطان لما جلسا[يعني السلطان وشيخ الإسلام]بالشباك أخرج من جيبه فتاوى لبعض الحاضرين في قتله واستفتاه في قتل بعضهم
قال ففهمت مقصوده وأن عنده حنقا شديدا عليهم لما خلعوه وبايعوا الملك المظفر ركن الدين بيبرس الجاشنكير،
فشرعت في مدحهم والثناء عليهم وشكرهم وأن هؤلاء لو ذهبوا لم تجد مثلهم في دولتك ، أما أنا فهم في حل من حقي ومن جهتي وسكنت ما عنده عليهم
قال فكان القاضي زين الدين ابن مخلوف قاضي المالكية يقول بعد ذلك ما رأينا أتقى من ابن تيمية لم نبق ممكنا في السعي فيه ،ولما قدر علينا عفا عنا”
العقود الدرية ص ٢٩٨.
وأما في عهد الدولة السعودية والتي قامت على أسس دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب فلم يُعرف عنها قط أنها أقامت محاكم التفتيش ولا أكرهت المواطنين الشيعة على تغيير معتقداتهم الباطلة ، مكتفية بالدعوة إلى السنة والتحذير من البدع وأهلها ، ومنع المآتم والاجتماعات التي تخالف السنة وتستفز جموع السكان السنة .
وقد كان حاضرا في ذهن قادتها أن الحذر من البدعة وأهلها لا يمنع من التعايش بين الطوائف كما قال شيخ الإسلام رحمه الله “والناس يعلمون أنه كان بين الحنبلية والأشعرية وحشة ومنافرة. وأنا كنت من أعظم الناس تأليفًا لقلوب المسلمين وطلبًا لاتفاق كلمتهم واتباعًا لما أمرنا به من الاعتصام بحبل الله، وأزلت عامة ما كان في النفوس من الوحشة وبينت لهم أن الأشعري كان من أجل المتكلمين المنتسبين إلى الإمام أحمد رحمه الله ونحوه، المنتصرين لطريقه، كما يذكر الأشعري ذلك في كتبه.
ثم قال: وكنت أقرر هذا للحنابلة وأبين أن الأشعري وإن كان من تلامذة المعتزلة ثم تاب، فإنه كان تلميذ الجبائي ومال إلى طريقة ابن كلاب وأخذ عن زكريا الساجي أصول الحديث بالبصرة ثم لما قدم بغداد أخذ عن حنبلية بغداد أمورًا أخرى، وذلك آخر أمره كما ذكره هو وأصحابه في كتبهم “
إن مقارنة بسيطة بين كل ما قدمنا ، وما هو متقرر عند الطوائف الأخري في تكفيرهم لمن خالفهم ، تجعل المرء يقف حائراً: كيف تلصق تهمة التكفير بالسلفية خاصة ممن هو غارق في التكفير ؟!
إن الشيعة الإمامية يقررون بكل وضوح كفر جميع أهل السنة الذين يسمونهم النواصب ، يقول الشيخ البحراني في الحدائق الناضرة: “المشهور بين متأخري الأصحاب هو الحكم بإسلام المخالفين وطهارتهم، وخصوا الكفر والنجاسة بالناصب كما أشرنا إليه في صدر الفصل وهو عندهم من أظهر عداوة أهل البيت [عليهم السلام]، والمشهور في كلام أصحابنا المتقدمين هو الحكم بكفرهم ونصبهم ونجاستهم، وهو المؤيد بالروايات الإمامية” [١٧٦/٥] والنصوص عنهم في ذلك كثيرة جداً ، وهم مع ذلك من أكثر الناس تبجحاً باتهام السلفيين بالتكفيريين !!
ولم يسلم من ذلك غلاة الأشاعرة ، يقول الدكتور سفر الحوالي في مقدمة كتابه : [منهج الاشاعرة في العقيدة ]: “فـالأشاعرة هم الذين كَفَّرُوا وما يزالون يُكَفِّرُون أتباع السلف؛ بل كَفَّرُوا كل من قال إن الله تعالى موصوف بالعلو -كما سيأتي هنا- وحسبك تكفيرهم واضطهادهم لـشَيْخ الإِسْلامِ وهو ما لم يفعله أهل السنة بعالم أشعري قط.
وقد سطر -رحمه الله- بعض جورهم عليه في أول التسعينية وصرح به كل من كتب عن سيرته.
ولولا الإطالة لأوردت بعض ما تصرح به كتب عقيدتهم من اتهامه بالزندقة والكفر والضلال.
ومن الأمثلة المعاصرة كتب الكوثري ومقالاته، وكتاب براءة الأشعريين وكتاب ابن تيمية ليس سلفياً، وبعض ما في كتاب أركان الإيمان . فيا عجباً لهؤلاء القوم يُكَفِّرُونه ثم يدَّعُون أنهم وإياه على مذهب واحد ويشملهم جميعاً اسم “السنة والجماعة”.
وقال السبكي واصفاً ابن القيم ” فهو الملحد لعنه الله وما أوقحه وما أكثر تجرؤه أخزاه الله “السيف الصقيل (٣٧) ،
وكذا وصف بعضهم كل من قال بالاستواء على العرش بالكفر !! والقول بعدم صحة إيمان المقلد ، وهو عندهم كل من آمن دون النظر في الأدلة العقلية الكلامية فكفروا بذلك عموم الأمة ولا حول ولا قوة إلا بالله ، قال الشيرازي – وهو من أئمة المذهب الأشعري “فمن اعتقد غير ما أشرنا إليه من اعتقاد أهل الحق المنتسبين إلى الإمام أبي الحسن الأشعري رضي الله عنه فهو كافر. ومن نسب إليهم غير ذلك فقد كفرهم فيكون كافرا بتكفيره لهم “.
والغلو هنا من جهتين : إطلاقه أن من خالف اعتقاده اعتقاد الأشعري كفر ، مع أنه – إنصافا – يمكن تأويله بما أورده في مجمل الاعتقاد من أصول الإيمان ، الثانية : تكفيره باللوازم ، حيث ادعي أن من نسب إليهم غير ذلك فقد كَفَّرهم ، وهو غير لازم أصلا !
ولو كان لازما فالتكفير باللوازم باطل ، ثم تكفير المسلم تأولا ليس بكفر !!
وقد شنع الغزالي على غلو بعض المتكلمين ، فقال :”من أشد الناس غلواً وإسرافاً، طائفة من المتكلمين كَفَّرُوا عوام المسلمين، وزعموا أن من لا يعرف الكلام معرفتنا، ولم يعرف الأدلة الشرعية بأدلتنا التي حررناها، فهو كافر. فهؤلاء ضيقوا رحمة الله الواسعة على عباده.. أولاً. وجعلوا الجنة وقفاً على شرذمة يسيرة من المتكلمين، ثم جهلوا ما تواتر من السنة “
وقد دأب بعض العصرانيين العقلانيين على تلميع المعتزلة ووصفهم بالفكر المستنير المنفتح في مقابل الفكر السلفي المتشدد المنغلق ، متجاهلين حقيقة أن المعتزلة هي إحدى فرق الغلو في الوعيد والتكفير ، فإضافة للتكفير بما سبق عند الأشاعرة لاشتراكهم في أسس المنطلقات الكلامية ، انفرد المعتزلة بالقول بأن مرتكب الكبيرة فاسق خرج من الإيمان بالكلية وهو في الآخرة مخلد في النار فوافقوا الخوارج في المآل ، وقد انقسمت المعتزلة لفرق شتى تصل إلى عشرين فرقة كل فرقة منها تكفر سائرها ٢٤
ويكفيك هذا النقل الذي يبين مدى تجرؤ هؤلاء على تكفير مخالفهم ، قال أبو الحسين الملطي ت ٣٧٧هـ – حاكيا الخلاف بين بعض فرقهم ” فأما الذي يُكَفِّرُ فيه معتزلةُ بغداد معتزلةَ البصرة فالقول في الشاك والشاك في الشاك، ومعنى ذلك أن معتزلة بغداد والبصرة وجميع أهل القبلة لا اختلاف بينهم أن من شك في كافر فهو كافر؛ لأن الشاك في الكفر لا إيمان له؛ لأنه لا يعرف كفرا من إيمان، فليس بين الأمة كلها المعتزلة ومن دونهم خلاف أن الشاك في الكافر كافر، ثم زاد معتزلة بغداد على معتزلة البصرة أن الشاك في الشاك والشاك في الشاك إلى الأبد إلى ما لا نهاية له كلهم كفار، وسبيلهم سبيل الشاك الأول، وقال معتزلة البصرة الشاك الأول كافر لأنه شك في الكفر والشاك الثاني الذي هو شاك في الشك ليس بكافر، بل هو فاسق لأنه لم يشك في الكفر إنما شك في هذا الشاك أيكفر بشكه أم لا، فليس سبيله في الكفر سبيل الشاك الأول، وكذلك عندهم الشاك في الشاك والشاك في الشاك إلى ما لا نهاية له كلهم فساق إلا الشاك الأول فإنه كافر،وقولهم أحسن من قول أهل بغداد”.اهـ كتاب التنبيه والرد .فاقرأ مثل هذا وسل الله العافية مما ابتلاهم به واحمده علي نعمة السنة والإسلام .
وإذا كان هذا حالهم مع بعضهم ، فليس مستغربا ما صنعوه مع الإمام أحمد وعلماء زمانهم وتحريضهم الخليفة على قتله ، ونشرهم لمحاكم التفتيش على طريقة الكنيسة في القرون الوسطى ، ثم يهرف البعض بما لا يعرف معظماً لهؤلاء الغلاة الوعيدية !!
فأهل السنة أرحم الخلق بالخلق ، وهم على الحق ويرحمون من خالفهم وغيرهم على الباطل وبكفرون من خالفهم ،وليس فريق من فرق المخالفين إلا وفيهم تكفير بعضهم لبعض وتبري بعضهم من بعض”٢٥
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١- أخرجه اللالكائي ( ٣١٧) من رواية عبدوس بن مالك عن الإمام أحمد رحمه الله .
٢- نفس المصدر السابق.
٣- السنة للخلال ( ٥٧٤/٣) .
٤- المصدر السابق.
٥- السنة لعبدالله بن أحمد ( ٣٨٥/٢) .
٦- السنة للخلال رقم (١١٧) .
٧- نفس المصدر (١١٨) .
٨- المصدر السابق ( ٧٩٧)
٩- مجموع الفتاوي (١٢/٤٨٥)
١٠ – مجموع الفتاوي (٢٢٩/٣)
١١- نفس المصدر السابق .
١٢- نفس المصدر السابق ٢٤٧ .
١٣- الفتاوي الكبري (١٨١/٤) .
١٤- في مواطن كثيرة جدا انظر منها مجموع الفتاوي ( ٣٥١/٣).
١٥- نفس المصدر السابق.
١٦- نقض التأسيس (٨٧/٢).
١٧-مجموع الفتاوي (٢٣٠/٨).
١٨- مجموع الفتاوي ( ٥٥/٦).
١٩- المصدر السابق ( ١٠١/٣٥).
٢٠- مجموع الفتاوي ( ١٧٦/١٤).
٢١- الدرر السنية (٦٦/١).
٢٢- مؤلفات الشيخ (٣٣/٣).
٢٣- المصدر السابق ١٤/٣).
٢٤-الفرق بين الفرق ( ص١٣١).
٢٥- الفرق بين الفرق (ص ٣٨٥)
الأخوة الكرام بمركز سلف حفظهم الله
البحث قيم وموجز في العبارة بليغ في الدلالة ، غير أنكم عفا الله عنكم جعلتم عنوانه تحقيق نسبة التكفير إلى … وهذا العنوان ظاهرة اثبات التهمة وأن الأعيان الثلاثة قالوا بالتكفير فهذا مفهوم دلالته فليتكم تعيدون صياغة العنوان ك نفي نسبة التكفير …. ونحو ذلك من الصيغ الصريحة التي لا توهم بخلاف المقصود
[…] التصنيف: إصدارات مركز سلف, المقالات « تحقيق نسبة التكفير إلى ثلاثة من أعيان الدعاة إلى منهج ا… […]
[…] تحقيق نسبة التكفير إلى ثلاثة من أعيان الدعاة إلى منهج ا… […]
[…] تحقيق نسبة التكفير إلى ثلاثة من أعيان الدعاة إلى منهج ا… […]
[…] تحقيق نسبة التكفير إلى ثلاثة من أعيان الدعاة إلى منهج ا… […]
[…] حديث الافتراق رواية ودراية [الجزء الثالث] | مركز سلف للبحوث والدراسات على تحقيق نسبة التكفير إلى ثلاثة من أعيان الدعاة إلى منهج ا… […]
[…] حديث الافتراق رواية ودراية [الجزء الثالث] | مركز سلف للبحوث والدراسات على تحقيق نسبة التكفير إلى ثلاثة من أعيان الدعاة إلى منهج ا… […]