الخميس - 13 جمادى الآخر 1447 هـ - 04 ديسمبر 2025 م

حديث الذُّبابَة.. هل يُعارِض العقلَ؟!

A A

الحمد لله القائل (وما ينطقُ عن الهوى إنْ هو إلا وحيٌ يوحى)، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي أوتي جوامع الكلم ونطق بأفصح اللّغى، وعلى آله وصحبه ومن بهديه اهتدى.

أما بعد، فمن القديم الجديد: دعوى مخالفة بعض الأحاديث النبوية للعقل، أو معارضتها للواقع، والطعن فيها بسبب هذه المعارضة المزعومة، ومن هذه الأحاديث التي أكثروا فيها الجدل، وأثاروا حولها العديد من الشبهات: “حديث الذبابة”.

وفي هذا المقال نعرض لنص الحديث ورواياته، وأهم الشبهات التي أثيرت حوله مع الجواب الشافي عنها، وإظهار وجوهٍ من الإعجاز فيه.

نص الحديث:

روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ ثُمَّ لِيَنْزِعْهُ، فَإِنَّ فِي إِحْدَى جَنَاحَيْهِ دَاءً وَالأُخْرَى شِفَاءً»([1]).

وفي رواية أبي داود: «فامْقُلُوه»([2])، أي: فاغمسوه في الطعام والشَّراب؛ ليُخرِج الشِّفاء كما أخرج الدَّاء([3]).

زاد أحمد وأبو داود: « وَإِنَّهُ يَتَّقِي بِجَنَاحِهِ الَّذِي فِيهِ الدَّاءُ، فَلْيَغْمِسْهُ كُلُّهُ» ([4]).

المعنى الإجمالي للحديث:

إذا سقط الذباب في الشراب أو الطعام – كما جاء في بعض الروايات – فليغمس الشخصُ الذبابَ الواقع كلَّه في ذلك الشراب أو الطعام، ثم ليرفعه ويلقيه خارجًا؛ والسبب في هذا: هو أن في إحدى جناحي الذباب داءً ومرضًا، وفي الجناح الآخر شفاء وعلاج لذلك الداء، فيذهب الداءُ بغَمس الذباب كلّه، ويحدث مع الغمْس دواء الداء الذي في الجناح الواقع في الشراب أولًا، كما أفادته الرواية الأخرى: «وإنه يتقي بجناحه الذي فيه الداء»([5]).

والأمر في قوله صلى الله عليه وسلم: «فلْيغمِسْه»، وقوله: «فامْقُلُوه» ليس على سبيل الوجوب، وإنما هو أمر إرشاد وتوجيه؛ لمقابلة الداء بالدواء، وفي قوله: «كلّه» رفع توهم المجاز في الاكتفاء بغمس بعضه([6]).

ومن هنا ينبغي الإشارة إلى عدة أمور([7]):

  • أن الحديث لم يأمر بطرح ذبابة واحدة في الإناء، وإنما يعالج حالة إذا وقعت لا حيلة للمرء في دفعها، وهي «إذا وقع الذباب في الإناء» أي: رغمًا عنكم، ولم يكن لكم حيلة في دفعه.
  • أن الأمر بالغمس أمر إرشاد، كقولنا: إذا أعجبك الطعام فكُلْ، أمر يكل للمأمور حريته واختياره، لا أمر إيجاب يأثم تاركه؛ إذ لم يقل بذلك أحد.
  • أن محاربة الذباب أمرٌ مسلَّمٌ وبدَهيٌّ ومشروع، ولكن بعض الذباب – كما لا يخفى – يتحصن بالمبيدات ويتعوّد عليها فلا يتأثر بها، وبعض الأماكن لا يصلح فيها رش المبيدات، فهناك فقراء في خيام أو بيوت من القش، ولاجئون في عراء، لا يضعون طعامًا أو شرابًا حتى يشاركهم فيه الذباب، والذباب من طبيعته العناد، كلما ذُبَّ وطُرد عاد، فكان لا بُدَّ من تشريع لحالة قائمة. «إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه، ثم لينزعه».
  • لم يتعرض الحديث للأكل أو الشرب من الإناء الذي وقع فيه الذباب، بل ترك الأمر للآكل والشارب، إن شاء ورغب وقبل أكل أو شرب، وإن شاء أراق ما في الإناء، وإن شاء أبقاه وانتفع به في غير أكل أو شرب، كل ما يفيده الحديث رفع الحظر، والحكم للسائل الذي وقع فيه الذباب بالطهارة والحل.
  • أما مسألة التقزز أو القبول فهذا أمر آخر، فقد تتقزز نفس من طعام هو أطيب عند نفسٍ أخرى، وقد تُقبل نفس على ما تنفر منه نفس أخرى، وهذا مشاهد وكثير في أطعمتنا وأشربتنا، وقد قرأنا أن الضبَّ أُكِل على مائدة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم تقبله نفسه، فقيل له: أحرام هو؟ قال: «لا، ولكن ليس بأرض قومي فنفسي تعافه»([8]).

ومع ثبوت الحديث ووضوح دلالته، إلا أنه لم يسلم من إثارة الشبهات حوله من قبل أصحاب المدرسة العقلانية والمستشرقين وأتباعهم من العلمانيين المعاصرين، وفيما يأتي أهم تلك الشبهات والجواب عنها:

الشبهة الأولى:

القول بأن الحديث ضعيف، وأن إخراج البخاري لهذا الحديث في جامعه لا يعصمه من التماس علة في رجاله تمس مناعة صحته؛ فإن مداره عنده على عُبيد بن حُنين مولى بني زُريق، وقد انفرد به، وليس له غيره في صحيح البخاري، كما أن عبيد بن حنين هذا ليس من أئمة الرواة المشهورين الذين تخضع الرقاب لعدالتهم وعلمهم وضبطهم: كمالك عن نافع عن ابن عمر مثلاً([9]).

الجواب عن هذه الشبهة من وجوه:

أولها: لا نُسلِّم بأن الحديث ضعيف؛ فإن عُبيد بن حُنين ثقة مع كونه قليل الحديث، وقد وثَّقه غير واحد من أهل العلم: كابن سعد وابن حبان وغيرهما، ولم ينفرد البخاري بالرواية عنه، بل روى عنه أصحاب الكتب الستة([10])، وكونه ليس من الأئمة المشهورين لا يمنع من صحة حديثه.

الثاني: لم ينفرد عبيد بن حنين برواية الحديث عن أبي هريرة، بل شاركه غيره من الثقات: كسعيد بن أبي سعيد المقبري([11])، وثمامة بن عبد الله بن أنس([12])، وأبي صالح ذكوان السمان([13])، وابن سيرين([14]).

الثالث: إذا كان البخاري لم يَرْوِ لعبيد بن حنين في صحيحه إلا هذا الحديث، فإن هذا لا يقدح في صحة الحديث؛ إذ العبرة باستيفاء شروط الصحة، وهي مستوفاة هنا على أكمل الوجوه.

الرابع: وعلى التنزُّل؛ فإن الحديث ثابت من روايات أخرى صحيحة سوى رواية أبي هريرة؛ فقد رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليمقُلْه»([15])، كما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه؛ فإن في أحد جناحيه داءً، وفي الآخر شفاءً»([16]).

بناء على ما سبق: فإن الحديث صحيح ثابت، بل هو في أعلى درجات الصحة؛ قد رواه الإمام البخاري في موضعين من صحيحه([17]) ، الذي هو أصح كتاب بعد القرآن الكريم([18])، وقد تلقته الأمة بالقبول([19])، كما أن هذا الحديث ليس من جملة الأحاديث التي انتقدها بعض الحفاظ على صحيح البخاري، وقد جمعها الحافظ ابن حجر في مقدمة كتابه “فتح الباري”، وتولى الردَّ عليها.

الشبهة الثانية:

مخالفة الحديث للواقع ومعارضته لقواعد الطب المقطوع بها؛ فإن من المشاهد أن الذباب يجتمع على القاذورات والمخلفات ويحمل الجراثيم والميكروبات، كما أن العلم الحديث يثبت ضعفه ويقطع بمضار الذباب، قالوا: ومما يستنكر أن يجتمع الداء والشفاء في جناحي الذبابة، وكيف تعلم الذبابة ذلك من نفسها، فتقدِّم الجناح الذي فيه الداء؟!([20]).

الجواب عن هذه الشبهة من وجوه:

أولها: أن ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو عن وحي من الله تعالى، الذي خلق كل شيء وعلم خواصه، قال تعالى: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14]، فإذا ثبت الحديث سندًا، وجاء الخبر وحيًا ممن أحاط بكل شيء علمًا على لسان الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم؛ وجب الحكم بصحة الحديث، وكانت دعوى معارضة العقل له قولًا لحمته الخرص، وسداه الرجم بالغيب، فوجب اطراحها، وبذلك حصحص الحق وزهق الباطل، إن الباطل كان زهوقًا([21]).

الثاني: ما زال علماء الطب يكتشفون أمورًا جديدة كانوا يجهلونها، مما يدل على عجزهم وعدم إحاطتهم بالعلم، ومراكز الأبحاث العلمية التي تطالعنا في كل يوم بما هو جديد في جانب العقاقير والأدوية المستخلصة من الطبيعة لعلاج الأوبئة والأمراض خير دليل على ذلك.

الثالث: اجتماع النفع والضر في الشيء الواحد ليس محل استنكار، بل الواقع يؤيده ويشهد لصحته؛ وفي هذا المعنى يقول الإمام الخطابي: “إن الذي يجد نفسه ونفوس عامة الحيوان قد جمع فيها بين الحرارة والبرودة، والرطوبة واليبوسة، وهي أشياء متضادة إذا تلاقت تفاسدت، ثم يرى أن الله سبحانه قد ألَّف بينها وقهرها على الاجتماع، وجعل منها قوى الحيوان التي بها بقاؤها وصلاحها= لجدير أن لا ينكر اجتماع الداء والشفاء في جزأين من حيوان واحد، وأن الذي ألهم النحلة أن تتخذ البيت العجيب الصنعة وأن تعسِّل فيه، وألهم الذرَّة أن تكتسب قوتها وتدخره لأوان حاجتها إليه؛ هو الذي خلق الذبابة وجعل لها الهداية إلى أن تقدم جناحًا وتؤخر جناحًا؛ لما أراد من الابتلاء الذي هو مدرجة التعبد، والامتحان الذي هو مضمار التكليف، وفي كل شيء عبرة وحكمة، {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَاب} [البقرة: 269]([22]). ويقول ابن الجوزي: “قد تعجب قوم من اجتماع الداء والدواء في شيء واحد، وليس بعجيب؛ فإن النحلة تعسِّل من أعلاها وتلقي السُّم من أسفلها، والحية القاتل سمُّها يدخلون لحمها في الدرياق، ويدخلون الذباب في أدوية العين ويسحقونه مع الإثمد ليقوى البصر، ويأمرون بستر وجه الذي يعضه الكلب من الذباب، ويقولون: إن وقع عليه تعجل هلاكه”([23]) .

الرابع: شهادات وحقائق أخبر عنها علماء الطب في أوائل القرن الماضي – من المسلمين وغيرهم – على صحة حديث الذبابة؛ ومنها ما جاء في “مجلة التجارب الطبية الإنجليزية” [عدد 1307 سنة 1927م] ما ترجمته: «لقد أُطعِم الذباب من زرع ميكروبات بعض الأمراض، وبعد حين من الزمن ماتت تلك الجراثيم واختفى أثرها، وتكوَّن في الذبابة مادة سامة تسمى «بكتريوفاج»، ولو عُمِلت خلاصة من الذباب لمحلول ملحي لاحتوت على «بكتريوفاج» التي يمكنها إبادة أربعة أنواع من الجراثيم المولِّدة للأمراض، وقد كتب بعض الأطباء الغربيين نحو ذلك»، وبذلك ظهر أن هذا الحديث الذي عدَّه بعض المتساهلين كذبًا، من أقوى المعجزات العلمية على صدق الرسول صلوات الله وسلامه عليه([24]).

كما أن للطبيبين: محمود كمال، ومحمد عبد المنعم حسين بحثًا قيمًا مدعمًا بالأدلة وذكر المراجع العلمية، بعنوان: “كلمة الطب في حديث الذباب”([25])، ومما جاء فيه: أن بعض العلماء الأوربيين (في الأعوام ما بين 1947م – 1950م) تمكنُّوا من استخلاص مضادات حيوية من الذبابة تقتل جراثيم مختلفة من بينها جراثيم الدوسنتاريا والتيفود والكوليرا.

الخامس: وما زالت تلك الشهادات والحقائق عن العلماء والباحثين – في مجالات الطب وعلاج الأمراض – تتوالي لترفع اللثام عمَّا يحمله هذا الحديث الشريف من إعجاز، وسنقتصر على بعض تلك الشهادات والحقائق التي أثبتها علماء غربيون:

يقول البروفسور Juan Alvarez Bravo من جامعة طوكيو باليابان: “إن آخر شيء يتقبله الإنسان أن يرى الذباب في المشفى! ولكننا قريبًا سوف نشهد علاجًا فعالًا لكثير من الأمراض مستخرج من الذباب!”([26]).

وقد حصل بالفعل ما توقعه هذا البروفسور؛ حيث حصلت مجموعة من الباحثين في جامعة Auburn على براءة اختراع لاكتشافهم بروتين في لعاب الذبابة، هذا البروتين يمكنه أن يسرع التئام الجروح والتشققات الجلدية المزمنة!([27]).

وبعدها بقرابة سنتين أعلن الباحثون في جامعة ستانفورد أنها المرة الأولى التي يكتشفون فيها مادة في الذباب يمكنها تقوية النظام المناعي للإنسان!([28]).

وهذه الحقائق تؤكد صحة الحديث الشريف، ولا تدع مجالًا للمتشككين، ولو ذهبنا لاستقصاء ما قاله الأطباء والعلماء لتأكيد ما دل عليه الحديث لطال المقام.

الشبهة الثالثة:

 الادعاء بأن تصحيح حديث الذبابة يؤدي إلى تنفير الناس عن الدخول في الإسلام، ويفتح بابًا لشبهات يستغلها أعداء الإسلام في الطعن فيه.

الجواب عن هذه الشبهة:

الأول: تعدُّ هذه الشبهة من أخطر الشبهات التي قد ينخدع بها بعض المسلمين؛ لما يحويه ظاهرها من حماية جناب الإسلام والخشية من التذرع للطعن فيه، لكنها في حقيقتها تنطوي على الاستدراك على النبي صلى الله عليه وسلم وشريعته، والمعنى الحقيقي لهذه الشبهة: إن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر الناس بما يؤدي إلى تنفير الناس عن الإسلام. وهو قول فاسد، يؤدي بصاحبه إلى الانسلاخ من الإسلام، ويصادم أمر الله تعالى بطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ يقول تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 80].

الثاني: إذا صح الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن الواجب على المؤمن هو التسليم والانقياد، وعدم التشغيب عليه بمخالفة رأي أو اتباع هوى؛ فإن الله تعالى أرسل رسوله صلى الله عليه وسلم بما يحقق النفع والمصلحة لأمته في العاجل والآجل، والحديث الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم برهان صدق مستقل، يجب تصديقه والعمل به، ولا يتوقف قبوله على دليل خارجي من موافقة الأطباء أو غيرهم؛ هذا على فرض أن علماء الطب المعاصرين – من غير المسلمين – لم يشهدوا بصحة ما جاء في حديث الذبابة، فكيف إذا أيَّدوه ووافقوه؟! وقد مر معنا بعض ذلك.

الثالث: ليس هناك ما يمنع من إطلاع الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم على بعض الأمور التي لم يصل إليها العلم الحديث بعد؛ تأييدًا لنبوته وتأكيدًا لصدقه، وحديث الذبابة شاهدُ صدقٍ على ذلك بمفرده، ناهيك عن شهادة العلم الحديث بموافقته.

الرابع: لم يزل العلماء الربانيون يعملون بهذا الحديث، ويدافعون عنه، ولم يمنعهم عن ذلك توهم معارضته لعقل، أو دعوى مخالفته لذَوْق؛ والسبب في تمسكهم بالعمل به هو ما فيه من تحقيق مصالح العباد ودرء المفاسد عنهم، ومن ذلك:

  • ما رواه عبد الله بن المثنى قال: حدثني ثمامة بن عبد الله بن أنس قال: كنا عند أنس بن مالك فوقع ذباب في إناء، فقال أنس بإصبعه، فغمسه في الماء ثلاثًا، وقال: بسم الله، وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يفعلوا ذلك، وقال: “أحد جناحيه داء، وفي الآخر شفاء“([29])، وقال الحافظ: ورجاله ثقات([30]).
  • وعن سعيد بن خالد قال: دخلت على أبي سلمة فأتانا بزُبْد وكُتْلَةٍ، فأسقط ذباب في الطعام، فجعل أبو سلمة يمقُلُه بأُصبُعه فيه، فقلت: يا خال ما تصنع؟ فقال: إن أبا سعيد الخدري حدثني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إن أحد جناحي الذباب سُم، والآخر شفاء، فإذا وقع في الطعام فامقُلُوه؛ فإنه يقدم السم ويؤخر الشفاء“([31]) وقوله: “بزُبْد وكُتلَة“: أي زُبْد اللبن، والكُتلة: القطعة المجتمعة من التمر ونحوه([32]).

خلاصة القول: أن حديث الذبابة صحيح ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أكَّد صحة ما جاء فيه عن جمهرة من الأطباء المعاصرين – من المسلمين وغيرهم – من خلال أبحاثهم وتجاربهم المعملية، بما يُعدُّ معجزة شاهدة على صدق نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وتدبر قوله تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [فصلت: 53]، تجد حديث الذبابة مثالًا واضحًا عليه.

والحمد لله على توفيقه وهدايته، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) رواه البخاري (3320، 5782)، وابن ماجه (3505)، وأحمد في المسند (9168).

([2])  سنن أبي داود (3844)، وصححه الألباني في تحقيقه على مشكاة المصابيح (2/ 1205).

([3]) ينظر: غريب الحديث لأبي عبيد (1/ 446)، والنهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير (4/ 347).

([4])  مسند الإمام أحمد (7141، 9721)، وسنن أبي داود (3844)، وإسناده حسن كما قال الزيلعي في نصب الراية (1/ 115).

([5]) ينظر: التوضيح لشرح الجامع الصحيح لابن الملقن (27/ 570).

([6]) ينظر: فتح الباري (10/ 250).

([7]) ينظر: السنة والتشريع لموسى شاهين لاشين (ص 54- 55).

([8]) رواه البخاري (5391)، ومسلم (1945) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

([9]) ينظر: مجلة المنار (29/ 37).

([10]) ينظر: تهذيب الكمال (19/ 198)، وسير أعلام النبلاء (4/ 605)، وإكمال تهذيب الكمال لمغلطاي (9/ 84)، وتقريب التهذيب (ص 376).

([11]) رواه أحمد في المسند (7141، 7359، 9721)، وأبو داود (3844)، وحسنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (1/ 94).

([12]) رواه أحمد في المسند (7572، 8657)، والدارمي في المسند (2082)، وثمامة ثقة لم يدرك أبا هريرة، قال الألباني في السلسلة الصحيحة (1/ 94): “وسنده صحيح على شرط مسلم”.

([13]) رواه أحمد في المسند (8485)، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (1/ 95).

([14]) رواه أحمد في المسند (9036)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1/ 95).

([15]) رواه النسائي (4262)، وابن ماجه (3504)، وأحمد في المسند (11189)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة.

([16]) رواه البزار في البحر الزخار (7323)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة.

([17]) الموضع الأول: في كتاب بدء الخلق – باب إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه، فإن في إحدى جناحيه داء وفي الأخرى شفاء، والثاني: في كتاب الطب – باب إذا وقع الذباب في الإناء.

([18]) وذلك لما له من مكانة كبيرة عند علماء الحديث، وفي مركزنا – مركز سلف للبحوث والدراسات – مقال بعنوان: “فارسية البخاري وتمكنه في الحديث”، تناول هذا الأمر تفصيلًا، وهذا رابطه: https://salafcenter.org/1616/

([19]) في مركز مركز سلف مقال تناول هذه القضية تفصيلًا بعنوان: “إجماع الأمة على صحة أحاديث الصحيحين والرد على المشككين”، وهذا رابطه: https://salafcenter.org/1484/

([20]) ينظر: تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة (ص: 334)، ومعالم السنن للخطابي (4/ 259)، وفتح الباري لابن حجر (10/ 252).

([21]) ينظر: مجلة البحوث الإسلامية (55/ 89).

([22]) ينظر: معالم السنن (4/ 259).

([23]) كشف المشكل من حديث الصحيحين (3/ 547).

([24]) ينظر: مجلة المنار (29/ 372)، ودفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين لأبي شهبة (ص 170).

([25]) انظره بأكمله ضمن كتاب: “دفاع عن السنة” لأبي شهبة (ص170 وما بعدها).

([26]) ينظر:  The ointment in the fly: antibiotics, The Economist, December 3, 1994.

([27]) ينظر: Protein in Fly Saliva Speeds Healing of Incisions, Wounds, Auburn University, 23 Jan 2005..

([28]) ينظر: Fruit Fly Insight Could Lead To New Vaccines, Stanford University, March 11, 2007.

نقلًا عن موسوعة الكحيل للإعجاز العلمي.

([29]) رواه الضياء في المختارة (1835).

([30]) فتح الباري (10/ 250).

([31]) رواه أحمد في المسند (11643)، وأبو داود الطيالسي في المسند (2302)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (3289).

([32]) ينظر: مقاييس اللغة لابن فارس (5/ 157)، وتاج العروس للزبيدي (30/ 312).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد سلف

إعادة قراءة النص الشرعي عند النسوية الإسلامية.. الأدوات والقضايا

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: تشكّل النسوية الإسلامية اتجاهًا فكريًّا معاصرًا يسعى إلى إعادة قراءة النصوص الدينية المتعلّقة بقضايا المرأة بهدف تقديم فهمٍ جديد يعزّز حقوقها التي يريدونها لا التي شرعها الله، والفكر النسوي الغربي حين استورده بعض المسلمين إلى بلاد الإسلام رأوا أنه لا يمكن أن يتلاءم بشكل تام مع الفكر الإسلامي، […]

اختلاف أهل الحديث في إطلاق الحدوث والقدم على القرآن الكريم -قراءة تحليلية-

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: يُعَدّ مبحث الحدوث والقدم من القضايا المركزية في الخلاف العقدي، لما له من أثر مباشر في تقرير مسائل صفات الله تعالى، وبخاصة صفة الكلام. غير أنّ النظر في تراث الحنابلة يكشف عن تباينٍ ظاهر في عباراتهم ومواقفهم من هذه القضية، حيث منع جمهور السلف إطلاق لفظ المحدث على […]

وقفة تاريخية حول استدلال الأشاعرة بصلاح الدين ومحمد الفاتح وغيرهما

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: يتكرر في الخطاب العقدي المعاصر استدعاء الأعلام التاريخيين والحركات الجهادية لتثبيت الانتماءات المذهبية، فيُستدلّ بانتماء بعض القادة والعلماء إلى الأشعرية أو التصوف لإثبات صحة هذه الاتجاهات العقدية، أو لترسيخ التصور القائل بأن غالب أهل العلم والجهاد عبر التاريخ كانوا على هذا المذهب أو ذاك. غير أن هذا النمط […]

الاستدلال بتساهل الفقهاء المتأخرين في بعض بدع القبور (الجزء الثاني)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة خامسًا: الاستدلال بإباحة التوسل وشدّ الرحل لقبور الصالحين: استدلّ المخالفون بما أجازه جمهور المتأخرين من التوسّل بالصالحين، أو إباحة تحرّي دعاء الله عند قبور الصالحين، ونحو ذلك، وهاتان المسألتان لا يعتبرهما السلفيون من الشّرك، وإنما يختارون أنها من البدع؛ لأنّ الداعي إنما يدعو الله تعالى متوسلًا بالصالح، أو عند […]

الاستدلال بتساهل الفقهاء المتأخرين في بعض بدع القبور (الجزء الأول)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: من المعلوم أن مسائل التوحيد والشرك من أخطر القضايا التي يجب ضبطها وفقَ الأدلة الشرعية والفهم الصحيح للكتاب والسنة، إلا أنه قد درج بعض المنتسبين إلى العلم على الاستدلال بأقوال بعض الفقهاء المتأخرين لتبرير ممارساتهم، ظنًّا منهم أن تلك الأقوال تؤيد ما هم عليه تحت ستار “الخلاف الفقهي”، […]

ممن يقال: أساء المسلمون لهم في التاريخ

أحد عشر ممن يقال: أساء المسلمون لهم في التاريخ. مما يتكرر كثيراً ذكرُ المستشرقين والعلمانيين ومن شايعهم أساميَ عدد ممن عُذِّب أو اضطهد أو قتل في التاريخ الإسلامي بأسباب فكرية وينسبون هذا النكال أو القتل إلى الدين ،مشنعين على من اضطهدهم أو قتلهم ؛واصفين كل أهل التدين بالغلظة وعدم التسامح في أمورٍ يؤكد كما يزعمون […]

كيفَ نُثبِّتُ السُّنة النبويَّة ونحتَجُّ بها وَقَد تأخَّر تدوِينُها؟!

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: إنَّ إثارةَ الشكوك حول حجّيّة السنة النبوية المشرَّفة بسبب تأخُّر تدوينها من الشبهات الشهيرة المثارة ضدَّ السنة النبوية، وهي شبهة قديمة حديثة؛ فإننا نجدها في كلام الجهمي الذي ردّ عليه الإمامُ عثمانُ بن سعيد الدَّارِميُّ (ت 280هـ) رحمه الله -وهو من أئمَّة الحديث المتقدمين-، كما نجدها في كلام […]

نقد القراءة الدنيوية للبدع والانحرافات الفكرية

مقدمة: يناقش هذا المقال لونا جديدًا منَ الانحرافات المعاصرة في التعامل مع البدع بطريقةٍ مُحدثة يكون فيها تقييم البدعة على أساس دنيويّ سياسيّ، وليس على الأساس الدينيّ الفكري الذي عرفته الأمّة، وينتهي أصحاب هذا الرأي إلى التشويش على مبدأ محاربة البدع والتقليل من شأنه واتهام القائمين عليه، والأهم من ذلك إعادة ترتيب البدَع على أساسٍ […]

كشف الالتباس عما جاء في تفسير ابن عباس رضي الله عنهما لقوله تعالى في حق الرسل عليهم السلام: (وظنوا أنهم قد كُذبوا)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: إن ابن عباس رضي الله عنهما هو حبر الأمة وترجمان القرآن، ولا تخفى مكانة أقواله في التفسير عند جميع الأمة. وقد جاء عنه في قول الله تعالى: (وَظَنُّوٓاْ أَنَّهُمۡ قَدۡ كُذِبُواْ) (يوسف: 110) ما يوهم مخالفة العصمة، واستدركت عليه عائشة رضي الله عنها لما بلغها تفسيره. والمفسرون منهم […]

تعريف بكتاب “نقض دعوى انتساب الأشاعرة لأهل السنة والجماعة بدلالة الكِتابِ والسُّنَّةِ والإِجْمَاعِ”

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقَـدّمَـــة: في المشهد العقدي المعاصر ارتفع صوت الطائفة الأشعرية حتى غلب في بعض الميادين، وتوسعت دائرة دعواها الانتساب إلى أهل السنة والجماعة. وتواترُ هذه الدعوى وتكرارها أدّى إلى اضطراب في تحديد مدلول هذا اللقب لقب أهل السنة؛ حتى كاد يفقد حدَّه الفاصل بين منهج السلف ومنهج المتكلمين الذي ظلّ […]

علم الكلام السلفي الأصول والآليات

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: اختلف العلماء في الموقف من علم الكلام، فمنهم المادح الممارس، ومنهم الذامّ المحترس، ومنهم المتوسّط الذي يرى أن علم الكلام نوعان: نوع مذموم وآخر محمود، فما حقيقة علم الكلام؟ وما الذي يفصِل بين النوعين؟ وهل يمكن أن يكون هناك علم كلام سلفيّ؟ وللجواب عن هذه الأسئلة وغيرها رأى […]

بين المعجزة والتكامل المعرفي.. الإيمان بالمعجزة وأثره على تكامل المعرفة الإنسانية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: لقد جاء القرآن الكريم شاهدًا على صدق نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، بل وعلى صدق الأنبياء كلهم من قبله؛ مصدقًا لما معهم من الكتب، وشاهدا لما جاؤوا به من الآيات البينات والمعجزات الباهرات. وهذا وجه من أوجه التكامل المعرفي الإسلامي؛ فالقرآن مادّة غزيرة للمصدر الخبري، وهو […]

قواعد علمية للتعامل مع قضية الإمام أبي حنيفة رحمه الله

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: من القضايا التي عملت على إثراء التراث الفقهي الإسلامي: قضية الخلاف بين مدرسة أهل الرأي وأهل الحديث، وهذا وإن كان يُرى من جانبه الإيجابي، إلا أنه تمخَّض عن جوانب سلبية أيضًا، فاحتدام الصراع بين الفريقين مع ما كان يرجّحه أبو حنيفة من مذهب الإرجاء نتج عنه روايات كثيرة […]

كيف نُؤمِن بعذاب القبر مع عدم إدراكنا له بحواسِّنا؟

مقدمة: إن الإيمان بعذاب القبر من أصول أهل السنة والجماعة، وقد خالفهم في ذلك من خالفهم من الخوارج والقدرية، ومن ينكر الشرائع والمعاد من الفلاسفة والملاحدة. وجاءت في الدلالة على ذلك آيات من كتاب الله، كقوله تعالى: {ٱلنَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ أَدْخِلُواْ ءَالَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ ٱلْعَذَابِ} [غافر: 46]. وقد تواترت الأحاديث […]

موقف الحنابلةِ من الفكر الأشعريِّ من خلال “طبقات الحنابلة” و”ذيله”

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: تحتوي كتبُ التراجم العامّة والخاصّة على مضمَرَاتٍ ودفائنَ من العلم، فهي مظنَّةٌ لمسائلَ من فنون من المعرفة مختلفة، تتجاوز ما يتعلَّق بالمترجم له، خاصَّة ما تعلَّق بطبقات فقهاء مذهب ما، والتي تعدُّ جزءًا من مصادر تاريخ المذهب، يُذكر فيها ظهوره وتطوُّره، وأعلامه ومؤلفاته، وأفكاره ومواقفه، ومن المواقف التي […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017