الخميس - 06 جمادى الآخر 1447 هـ - 27 نوفمبر 2025 م

الشيخ العربي التِّبْسي العالم المصلح المجاهد ([1])

A A

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة

اسمه ونسبه ونسبته:

هو الشيخ العربي بن بلقاسم بن مبارك بن فرحات التبسي.

والتبسي نسبة إلى مدينة تبسة شرق الجزائر على الحدود التونسية، والتي تبعد عن الجزائر العاصمة بحوالي 700 كلم.

تعرف قبيلته بآجروم النموشية، والنمامشة قبيلة أمازيغية كبيرة من مدينة خنشلة إلى شرق تبسة.

مولده:

ولد سنة 1312هـ/ 1895م، بقرية “ايسطح”، جنوب غرب تبسة، وتبعد عنها بنحو 117 كلم.

تكوينه العلمي:

نشأ -رحمه الله- في أحضان أسرة فلاحية فقيرة، في غاية الحفظ والصيانة، وكانت أمه وأبوه في شدة الغرام بالعلم، فغرسا فيه حب العلم بوجدانهما وحديثهما وعملهما في طفولته الأولى، فنشأ محبًّا للعلم كأبويه.

بدأ حياته العلمية على يد والده بعد أن بلغ السادسة من العمر، فتعلَّم القراءة والكتابة، وبدأ حفظ القرآن. وبعد وفاة والده بقي أربع سنوات بكُتَّاب بلده يحفظ القرآن حتى بلغ الثانية عشرة من عمره، وفي سنة 1324هـ/ 1907م انتقل إلى زاوية سيدي ناجي الرحمانية بالخنقة جنوب شرق خنشلة، أين حفظ القرآن كاملا في ثلاث سنوات.

وبعد أن حفظ القرآن وكان قد بلغ الخامسة عشرة من عمره انتقل إلى زاوية الشيخ مصطفى بن عزوز بنفطة جنوب غرب تونس وذلك سنة 1327هـ/ 1910م، وكان من شيوخه فيها: الشيخ إبراهيم بن الحداد، والشيخ محمد بن أحمد، والشيخ التابعي بن الوادي، وفيها أتقن رسم القرآن وتجويده، وأخذ مبادئ النحو والصرف والفقه والتوحيد.

وفي سنة 1331هـ/ 1914م التحق بجامع الزيتونة بتونس العاصمة ليتم دراسته الثانوية، فنال شهادة الأهلية، واستعد لنيل شهادة التطويع لكنه لم يتقدم إلى الاختبار.

وبعد سبع سنوات من التعلم في الزيتونة رحل إلى القاهرة حوالي سنة 1339هـ/ 1920م، ومكث فيها يطلب العلم في حلقات جامع الأزهر ومكتباتها الغنية إلى سنة 1927م، وحاز على الشهادة العالمية.

وفي مصر وجَّهه علماء الأزهر إلى كتب أبي إسحاق الشاطبي، فدرس كتاب الموافقات، وكتاب الاعتصام، وفهمهما فهما عميقا، وكان لهما أثر كبير في حياته العلمية ومسيرته الدعوية.

ثم عاد الشيخ -رحمه الله- إلى الجزائر عام 1347هـ/ 1927م؛ ليبدأ نشاطه الدعوي في مدينة تبسة التي أصبح ينسب إليها.

ثناء العلماء عليه:

قال عنه الشيخ ابن باديس: «الأستاذ العربي بن بلقاسم التبسي، هذا رجل عالم نفاع، قصر أوقاته ببلدة تبسة على نشر العلم الصحيح وهدي العباد إلى الدين القويم، فقد عرف قراء الشهاب مكانته بما نشرنا له، وخصوصا مقالاته الأخيرة (بدعة الطرائق في الإسلام)، ولأول مرة زار هذا الأستاذ قسنطينة فرأينا من فصاحته اللسانية ومحاجته القوية مثل ما عرفناه من قلمه، إلى أدب ولطف وحسن مجلس طابت له المنازل ورافقته السلامة حالا ومرتحلا».

وقال الشيخ البشير الإبراهيمي: «مدير بارع ومربٍّ كامل، خرجته الكليتان الزيتونة والأزهر في العلم، وخرجه القرآن والسيرة النبوية في التدين الصحيح والأخلاق المتينة، وأعانه ذكاؤه وألمعيّته على فهم النفوس، وأعانته عزته ونزاهته على التزام الصدق والتصلب في الحق وإن أغضب جميع الناس، وألزمته وطنيته الصادقة بالذوبان في الأمة والانقطاع لخدمتها بأنفع الأعمال، وأعانه بيانه ويقينه على نصر الحق بالحجة الناهضة ومقارعة الاستعمار في جميع مظاهره، فجاءتنا هذه العوامل مجتمعة منه برجل يملأ جوامع الدين ومجامع العلم ومحافل الأدب ومجالس الجمعيات ونوادي السياسة ومكاتب الإدارات ومعاهد التربية»([2]).

وقال الشيخ أحمد حماني: «وقد كان عالما محققا ومدرسا ناجحا ومربيا مقتدرا وكاتبا كبيرا، يمتاز بأسلوبه العلمي، بالعمق والمتانة ودقة المعلومات، لكنه لم يترك آثارا كثيرة لاشتغاله -طول حياته- بالتدريس، وما تركه من آثار يبرهن على مكانته العالية في الكتابة، وكما كان كاتبا كان خطيبا مصقعا، ومحدثا لبقا، ومحاورا ماهرا، يمتاز بحضور البديهة والمقدرة على الإقناع القلبي والفكري وحسن البديهة، وله فيها أمثلة رائعة»([3]).

وفاته:

أدركت الإدارة الفرنسية أن الشيخ العربي التبسي يتمتع بشعبية كبيرة، وأنه مؤيد للجهاد وأحد محركي القواعد الخلفية له، فأرسلوا إليه عن طريق إدارتهم في الجزائر عدة مبعوثين للتفاوض معه بشأن الجهاد ومصيره ولدراسة إمكانية وقف إطلاق النار، فاستعملوا معه أساليب مختلفة من ضمنها أسلوب الترغيب والترهيب، وكان جواب الشيخ دائما: “إن كنتم تريدون التفاوض فالمفاوض الوحيد هو جبهة التحرير”، ذلك أنه شعر بأن مقصودهم هو تفكيك الصفوف، وربح الوقت والحد من حدة المواجهة العسكرية ليس إلا، وبعد رفضة المستمر للتفاوض، رأى المستعمر أنه من الضروري التخلص منه، ولم يستحسنوا اعتقاله أو قلته علنا لأن ذلك سوف يزيد من حماس الأمة للجهاد ومن حقدها على المستعمر، فوجهوا إليه تهديدات عن طريق رسائل من مجاهيل تأمره بأن يخرج من البلاد، وبعد أن أصر الشيخ على البقاء ويئس الكفار منه قاموا باختطافه بطريقة جبانة، ففي مساء يوم الخميس 4 رمضان 1376هـ/ 4 أفريل 1957م، وعلى الساعة الحادية عشر ليلا اقتحم جماعة من الجند الفرنسي التابعين لفرق المظلات سكنى فضيلة الأستاذ الجليل العربي التبسي، الرئيس الثاني لجمعية العلماء، والمباشر لتسيير شؤونها، وأكبر الشخصيات الدينية الإسلامية بالجزائر، بعد أن حطموا نوافذ الأقسام المدرسية الموجودة تحت الشقة التي يسكن بها بحي بلكور طريق التوت… وكانوا يرتدون اللباس العسكري الرسمي للجيش الفرنسي… وقد وجدوا فضيلة الشيخ في فراش المرض الملازم له، وقد اشتد عليه منذ أوائل شهر مارس… فلم يراعوا حرمته الدينية، ولا سنه العالية، ولا مرضه الشديد، وأزعجوه من فراش المرض بكل وحشية وفظاظة، ثم أخذوا في التفتيش الدقيق للسكن… ثم أخرجوه حاسر الرأس حافي القدمين… ولكن المفاجأة كانت تامة عندما سئل عنه في اليوم الموالي بعده في الإدارات الحكومية المدنية والعسكرية والشرطية والعدلية، فتبرأت كل إدارة من وجوده عندها أو مسؤوليتها عن اعتقاله أو من العلم بمكانه.

وقد تكفل بتعذيبه الجنود السنغاليون، والشيخ بين أيديهم صامت صابر محتسب، لا يتكلم إلى أن نفذ صبر “لاقايارد” -قائد فرقة القبعات الحمر-، وبعد عدة أيام من التعذيب جاء يوم الشهادة حيث أعدت للشيخ بقرة كبيرة مليئة بزيت السيارات والشاحنات العسكرية والاسفلت الأسود وأوقدت النيران من تحتها إلى درجة الغليان والجنود السنغاليون يقومون بتعذيبه دونما رحمة وهو صابر محتسب، ثم طلب منهم “لاقايارد” حمل الشيخ العربي… فحمله أربعة من الجنود السنغاليين وأوثقوا يديه ورجليه، ثم رفعوه فوق البقرة المتأججة وطلبوا منه الاعتراف وقبول التفاوض وتهدئة الثوار والشعب، والشيخ يردد بصمت وهدوء كلمة الشهادة: لا إله إلا الله محمد رسول الله، ثم وضع قدميه في البقرة المتأججة فأغمي عليه… ثم أنزل شيئا فشيئا إلى أن دخل بكامله فاحترق وتبخر وتلاشى([4]).

فرحمه الله رحمة واسعة، وهو إن شاء الله ممن صدق ما عاهد الله عليه وقضى نحبه وما بدل تبديلا.

من كلماته الإصلاحية:

كرس الشيخ العربي التبسي حياته ونذر أنفاسه لنصره الدين الصحيح، والدعوة إليه، وتعليمه للناس، ومقاومة مظاهر الشرك والوثنية، ومحاربة الخرافات والبدع والمنكرات، قال وهو يقرظ رسالة الشرك ومظاهره ويثني على صاحبها الشيخ الميلي: «خدم بها الإسلام، ونصر بها السنة، وقاوم بها العوائد الضالة والخرافات المفسدة للعقول»([5]).

ودعا إلى الرجوع إلى الكتاب والسنة واعتماد فهم السلف الصالح، فقال رحمه الله: « بهذا الأصل صار الدين لا يمكن أن يؤخذ بحكم العوائد والمحاكاة، ولا تَعَلُّمُهُ من الجاهلين، وإنما يؤخذ حقا تعلّما عن أهل العلم الحقيقيين، الذين يستمدون فهومهم من عناصر الدين الأولية التي هي الكتاب والسنة على مقتضى فهوم الأولين من علماء الإسلام الذين إذا تكلموا على العقائد بينوها وبينوا مآخذها وأدلتها، وشرحوا ما أذن لهم في شرحه، وتوقفوا فيما لا مجال للعمل فيه، أو ردوه إلى ما وضح معناه وظهر مغزاه»([6]).

وحارب التعصب للمذاهب، فكان مما قاله: «وقد رأينا هذا الزاعم يقول: إن الأخذ بظواهر أقوال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأعماله اجتهاد، والاجتهاد قد تقضت أيامه وماتت رجاله، وبذلك يجب على المسلمين أن يتركوا كل آية من الكتاب وكل قول وعمل من رسول الله، ولا يهتدون بشيء من كتاب ربهم ولا من سنة نبيهم، وعليهم أن يقتصروا على ما كتب في الفروع، يحلون ما أحلت، ويحرمون ما حرمت، ويوالون من والت ما داموا غير مجتهدين. هذه هي مقالة هذا المفتي المزهدة في كتاب الله، الصادة عن سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهي باطلة بإجماع المسلمين من يوم أن بعث نبيهم إلى اليوم، ذلك أن العوام والعلماء يعملون بأقوال النبي وأعماله من غير توقف منهم على وصولهم إلى رتبة الاجتهاد»([7]).

وكان ينكر على من يرد السنن بدعوى مخالفتها للمذهب، ويعد ذلك محادة للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ويعده أيضًا عصيانا لوصايا أئمة المذاهب وعلى رأسهم الإمام مالك بن أنس الذي كان يقول: «إنما أنا بشر أخطئ وأصيب، فانظروا في رأيي، فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه»، فقال الشيخ التبسي معلِّقًا: «لو قدِّر لمالك رضي الله عنه أن يبعث حيا من قبره لقال في نسبة هذا الرهط إليه المخالفين لوصاياه المعطّلين لروح مذهبه ما قال عيسى صلوات الله عليه في أولئك الذين كذبهم بقوله: {ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم إنك على كل شيء شهيد}، والله يشهد، وأولو العلم يشهدون أن مالكا بريء من كل نابذ لسنة عملية وقولية بدعوى المتمذهبين بمذهب مالك… وحاشا مالكا أن يقول: صدِّقوا ما يقوله ابن شاس في الجواهر، واكفروا بصحيح الحديث»([8]).

وكان موقف الشيخ من الطرقية صارمًا حازما، ففضح حالهم ونقض بنيانهم، ومما قال: «ألا إن أعدى المسلمين للإسلام أولئك النفر الذين يظنون من قبل أنفسهم أنهم أولياء الرحمن وأحباؤه، وملؤوا أنفسهم ومن يتبعهم بأماني هي ضلال، وما أرادوا بها صوابا. فاستباحوا من الله المحارم، وتعدوا له الحدود، وأعرضوا عما فيه من الهدى، فاغتر بهم الجهال، وانقاد لهم الأغرار، ودخلوا على الناس في عقائدهم، ولبسوا عليهم أمر دينهم، وزهدوا الأمة الإسلامية في علمائها الذين أمر الله أن يرد إليهم الأمر»([9]).

ويقول أيضا: «ها أنتم استطعتم أن تفتنوا الأمة في دينها، وتحيدوا بها عن أولياء الدين الذي جعلتم أهله شيعا وأضرابا، كل يصف غيره بأنه السالك بنيات الطريق، والله يؤاخي بينهم، ويأمرهم بولاية بعضهم بعضا، ورسول الله يحثنا على رص الصفوف وجمع الكلمة حثا، فهل تستطيعون يوم يذاد من بدّل وغيَّر عن الحوض أن تغنوا عنهم من عذاب الله شيئا؟!… فهل هؤلاء الطرقيون أهدى من أولئك القوم الذين أنعم الله عليهم، أم أرادوا أن يعيدوا تاريخ الكنيسة في الإسلام، ويزعموا الزعامة الدينية، ويتولوا وظيفة التشريع والهدى؟!»([10]).

وقال: «وإن مؤامرات تحاك في الخفاء ضد هذه الأمة، والمتآمران هما الحليفان على الكيد للجزائر: الاستعمار والطرقية، وعلام يتآمرون؟ على الإسلام الخصم الألد للاستعمار والطرقية في هذه الديار»([11]).

وقال -رحمه الله- وهو يتحدث عن الانحطاط: «لست أعرف ابتداءه تاريخيا، ولكني أستطيع أن أحدده بظهور آثار التغير في هذه الأمة، وأزعم أنه يبتدئ من يوم أضاع الناس السنة المحمدية، وركنوا إلى بدع الرجال التي صرفتهم عن التربية المحمدية والأخلاق الإسلامية، وظهر في الشعب رؤساء ينسبون إلى الدين، فكان وجودهم سببا في انقسام في الوحدة، واختلاف في الكلمة، وذيوع الأهواء، وتحيّز جماعات الأمة إلى نزاعات تفت عضد الوحدة المقصودة للدين، حتى أصبح الحب والبغض ليسا في الله كما هي القاعدة الدينية، واتخذ الناس رؤساء جهالا بدعيين يعدونهم من أولياء الله وخواص عباده المقربين عنده، ففتنت بهم جهلة الأمة وأشباه الجهلة، فنصروهم على عماية، واتبعوهم على غواية، وصار الدين ألعوبة في يد هؤلاء الرؤساء وأتباعهم»([12]).

وقال وهو يرسم طريق الخلاص والإصلاح: «وها هي السياسة قد خابت وخاب السياسيون، وخابت الآمال على تلك السياسة، وخبنا فيما نرجوه لإصلاح حالتنا… وها نحن قد التمسنا مجموعة من الأدوية وجماعات من الأطباء فلم نشف من أمراضنا، ولم نبرأ من أسقامنا، ولم تعد إلينا صحتنا، فهل من دواء لأمراضنا؟!… نعم، الدواء لأمراضنا والترياق المجرب لأمراضنا واحد لا ثاني له، وما ذلك الدواء إلا عودتنا تائبين إلى العمل بشريعتنا الإسلامية المعصومة، الكفيلة بإسعاد هذا الفرد الشقي وإصلاحه من جميع نواحيه، ومداواته من كل أمراضه، كما داوته يوم فسد قبل الآن بأربعة عشر قرنا. واسألوا التاريخ -أيها المرتابون- عن ذلك إن كنتم في ريب من هذه الحقيقة؛ الشريعة الإسلامية المحصورة في كتاب الله وسنة رسوله وفهوم السلف الصالح لهما دواء للإنسانية في فردها وجماعتها»([13]).

وقال محذِّرا من مكر الاستعمار الفرنسي وأساليبه الخبيثة في الكيد للدعوة الإصلاحية: «الإسلام الجزائري في حقيقته ترتيب سياسي من تراتيب أنظمة الاستعمار في الجزائر، ومعابده نوع من الإدارة الفرنسية، وموظفوه فوج من أفواج الجندية الاستعمارية، وأمواله قسم من أموال الدولة. ذلك هو الدين الجزائري الذي تبغيه فرنسا، ولا تبغي الإسلام الحقيقي: دين الله، ولا تأذن له بالاستقرار في الجزائر»([14]).

وكتب بعض الطرقيين مقالًا ينتقص فيه السلفيين ودعوتهم، وألزمهم أن يكونوا مثل الصحابة وإلا كانت دعواهم غير صحيحة ودعوتهم باطلة، فتصدى للرد عليه الشيخ -رحمه الله-، وكان مما قاله: «وهذه الطائفة التي تعد نفسها سعيدة بالنسبة إلى السلف، وأرجو أن تكون ممن عناهم حديث مسلم: (لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة) الحديث، فقد وُفقوا لتقليد السلف في إنكار الزيادة في الدين، وإنكار ما أحدثه المحدثون وما اخترعه المبطلون، ويرون أنه لا أسوة إلا برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أو من أمرنا بالاتساء به، فلما شاركوا السلف وتابعوهم في هذه المزية الإسلامية نسبوا أنفسهم إليهم، ولم يدع أحد منهم أنه يدانيهم فيما خصهم الله به من الهداية التي لا مطمع فيها لسواهم»، وقال أيضا: «أما السلفيون الذين نجاهم الله مما كدتم لهم فهم قوم ما أتوا بجديد، وأحدثوا تحريفا، ولا زعموا لأنفسهم شيئا مما زعمه شيخكم، وإنما هم قوم أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر في حدود الكتاب والسنة، وما نقمتم منهم إلا أن آمنوا بالله وكفروا بكم»([15]).

ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) الترجمة مستفادة من كتاب: آثار العربي التبسي دراسة فنية، رسالة ماجستير في الأدب العربي، قدمها الطالب خالد أقيس، بجامعة منتوري بقسنطينة، قسم اللغة العربية وآدابها، ومقال: حياة الشيخ العربي التبسي وأصول دعوته الإصلاحية، للدكتور محمد حاج عيسى، منشور في ملتقى أهل الحديث. وينظر أيضا: أعلام الإصلاح في الجزائر، لعلي دبوز (1/ 27، 2/ 15)، ومعجم أعلام الجزائر، لعادل نويهض (ص: 61)، ومقالات في الدعوة، للشيخ التبسي جمع أحمد الرفاعي.

([2]) آثار البشير الإبراهيمي (2/ 217).

([3]) صراع بين السنة والبدعة (2/ 57).

([4]) ينظر: الشيخ العربي التبسي مصلحا، لأحمد عيساوي (131- 132).

([5]) تقريط رسالة الشرك ومظاهره.

([6]) المقالات (2/ 27).

([7]) المقالات (2/ 132).

([8]) المقالات (2/ 123-124).

([9]) المقالات (1/ 65).

([10]) المقالات (1/ 68).

([11]) المقالات (1/ 210).

([12]) المقالات (2/ 34).

([13]) المقالات (2/ 69).

([14]) المقالات (2/ 104).

([15]) المقالات (1/ 109، 115).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد سلف

الاستدلال بتساهل الفقهاء المتأخرين في بعض بدع القبور (الجزء الثاني)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة خامسًا: الاستدلال بإباحة التوسل وشدّ الرحل لقبور الصالحين: استدلّ المخالفون بما أجازه جمهور المتأخرين من التوسّل بالصالحين، أو إباحة تحرّي دعاء الله عند قبور الصالحين، ونحو ذلك، وهاتان المسألتان لا يعتبرهما السلفيون من الشّرك، وإنما يختارون أنها من البدع؛ لأنّ الداعي إنما يدعو الله تعالى متوسلًا بالصالح، أو عند […]

الاستدلال بتساهل الفقهاء المتأخرين في بعض بدع القبور (الجزء الأول)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: من المعلوم أن مسائل التوحيد والشرك من أخطر القضايا التي يجب ضبطها وفقَ الأدلة الشرعية والفهم الصحيح للكتاب والسنة، إلا أنه قد درج بعض المنتسبين إلى العلم على الاستدلال بأقوال بعض الفقهاء المتأخرين لتبرير ممارساتهم، ظنًّا منهم أن تلك الأقوال تؤيد ما هم عليه تحت ستار “الخلاف الفقهي”، […]

ممن يقال: أساء المسلمون لهم في التاريخ

أحد عشر ممن يقال: أساء المسلمون لهم في التاريخ. مما يتكرر كثيراً ذكرُ المستشرقين والعلمانيين ومن شايعهم أساميَ عدد ممن عُذِّب أو اضطهد أو قتل في التاريخ الإسلامي بأسباب فكرية وينسبون هذا النكال أو القتل إلى الدين ،مشنعين على من اضطهدهم أو قتلهم ؛واصفين كل أهل التدين بالغلظة وعدم التسامح في أمورٍ يؤكد كما يزعمون […]

كيفَ نُثبِّتُ السُّنة النبويَّة ونحتَجُّ بها وَقَد تأخَّر تدوِينُها؟!

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: إنَّ إثارةَ الشكوك حول حجّيّة السنة النبوية المشرَّفة بسبب تأخُّر تدوينها من الشبهات الشهيرة المثارة ضدَّ السنة النبوية، وهي شبهة قديمة حديثة؛ فإننا نجدها في كلام الجهمي الذي ردّ عليه الإمامُ عثمانُ بن سعيد الدَّارِميُّ (ت 280هـ) رحمه الله -وهو من أئمَّة الحديث المتقدمين-، كما نجدها في كلام […]

نقد القراءة الدنيوية للبدع والانحرافات الفكرية

مقدمة: يناقش هذا المقال لونا جديدًا منَ الانحرافات المعاصرة في التعامل مع البدع بطريقةٍ مُحدثة يكون فيها تقييم البدعة على أساس دنيويّ سياسيّ، وليس على الأساس الدينيّ الفكري الذي عرفته الأمّة، وينتهي أصحاب هذا الرأي إلى التشويش على مبدأ محاربة البدع والتقليل من شأنه واتهام القائمين عليه، والأهم من ذلك إعادة ترتيب البدَع على أساسٍ […]

كشف الالتباس عما جاء في تفسير ابن عباس رضي الله عنهما لقوله تعالى في حق الرسل عليهم السلام: (وظنوا أنهم قد كُذبوا)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: إن ابن عباس رضي الله عنهما هو حبر الأمة وترجمان القرآن، ولا تخفى مكانة أقواله في التفسير عند جميع الأمة. وقد جاء عنه في قول الله تعالى: (وَظَنُّوٓاْ أَنَّهُمۡ قَدۡ كُذِبُواْ) (يوسف: 110) ما يوهم مخالفة العصمة، واستدركت عليه عائشة رضي الله عنها لما بلغها تفسيره. والمفسرون منهم […]

تعريف بكتاب “نقض دعوى انتساب الأشاعرة لأهل السنة والجماعة بدلالة الكِتابِ والسُّنَّةِ والإِجْمَاعِ”

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقَـدّمَـــة: في المشهد العقدي المعاصر ارتفع صوت الطائفة الأشعرية حتى غلب في بعض الميادين، وتوسعت دائرة دعواها الانتساب إلى أهل السنة والجماعة. وتواترُ هذه الدعوى وتكرارها أدّى إلى اضطراب في تحديد مدلول هذا اللقب لقب أهل السنة؛ حتى كاد يفقد حدَّه الفاصل بين منهج السلف ومنهج المتكلمين الذي ظلّ […]

علم الكلام السلفي الأصول والآليات

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: اختلف العلماء في الموقف من علم الكلام، فمنهم المادح الممارس، ومنهم الذامّ المحترس، ومنهم المتوسّط الذي يرى أن علم الكلام نوعان: نوع مذموم وآخر محمود، فما حقيقة علم الكلام؟ وما الذي يفصِل بين النوعين؟ وهل يمكن أن يكون هناك علم كلام سلفيّ؟ وللجواب عن هذه الأسئلة وغيرها رأى […]

بين المعجزة والتكامل المعرفي.. الإيمان بالمعجزة وأثره على تكامل المعرفة الإنسانية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: لقد جاء القرآن الكريم شاهدًا على صدق نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، بل وعلى صدق الأنبياء كلهم من قبله؛ مصدقًا لما معهم من الكتب، وشاهدا لما جاؤوا به من الآيات البينات والمعجزات الباهرات. وهذا وجه من أوجه التكامل المعرفي الإسلامي؛ فالقرآن مادّة غزيرة للمصدر الخبري، وهو […]

قواعد علمية للتعامل مع قضية الإمام أبي حنيفة رحمه الله

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: من القضايا التي عملت على إثراء التراث الفقهي الإسلامي: قضية الخلاف بين مدرسة أهل الرأي وأهل الحديث، وهذا وإن كان يُرى من جانبه الإيجابي، إلا أنه تمخَّض عن جوانب سلبية أيضًا، فاحتدام الصراع بين الفريقين مع ما كان يرجّحه أبو حنيفة من مذهب الإرجاء نتج عنه روايات كثيرة […]

كيف نُؤمِن بعذاب القبر مع عدم إدراكنا له بحواسِّنا؟

مقدمة: إن الإيمان بعذاب القبر من أصول أهل السنة والجماعة، وقد خالفهم في ذلك من خالفهم من الخوارج والقدرية، ومن ينكر الشرائع والمعاد من الفلاسفة والملاحدة. وجاءت في الدلالة على ذلك آيات من كتاب الله، كقوله تعالى: {ٱلنَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ أَدْخِلُواْ ءَالَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ ٱلْعَذَابِ} [غافر: 46]. وقد تواترت الأحاديث […]

موقف الحنابلةِ من الفكر الأشعريِّ من خلال “طبقات الحنابلة” و”ذيله”

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: تحتوي كتبُ التراجم العامّة والخاصّة على مضمَرَاتٍ ودفائنَ من العلم، فهي مظنَّةٌ لمسائلَ من فنون من المعرفة مختلفة، تتجاوز ما يتعلَّق بالمترجم له، خاصَّة ما تعلَّق بطبقات فقهاء مذهب ما، والتي تعدُّ جزءًا من مصادر تاريخ المذهب، يُذكر فيها ظهوره وتطوُّره، وأعلامه ومؤلفاته، وأفكاره ومواقفه، ومن المواقف التي […]

مسألة التحسين والتقبيح العقليين بين أهل السنة والمتكلمين -الجزء الثالث- (أخطاء المخالفين في محل الإجماع)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة الفصل الثالث: أخطاء المخالفين في محل الإجماع: ذكر الرازي ومن تبعه أن إطلاق الحسن والقبح بمعنى الملاءمة والمنافرة وبمعنى الكمال والنقصان محلّ إجماع بينهم وبين المعتزلة، كما تقدّم كلامه. فأما الإطلاق الأول وهو كون الشيء ملائمًا للطبع أو منافرًا: فقد مثَّلُوا لذلك بإنقاذِ الغَرقى واتهامِ الأبرياء، وبحسن الشيء الحلو […]

مسألة التحسين والتقبيح العقليين بين أهل السنة والمتكلمين -الجزء الثاني- (أخطاء المخالفين في محل النزاع)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة الفصل الثاني: أخطاء المخالفين في محل النزاع: ابتكر الفخر الرازيُّ تحريرًا لمحل الخلاف بين الأشاعرة والمعتزلة في المسألة فقال في (المحصل): “مسألة: الحُسنُ والقبح‌ قد يُراد بهما ملاءمةُ الطبع ومنافرَتُه، وكون‌ُ الشي‌ء صفةَ كمال أو نقصان، وهما بهذين المعنيين عقليان. وقد يُراد بهما كونُ الفعل موجبًا للثوابِ والعقابِ والمدحِ […]

ترجمة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ (1362  – 1447هـ)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة اسمه ونسبه([1]): هو سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب. مولده ونشأته: وُلِد سماحة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ رحمه الله بمدينة مكة المكرمة في الثالث من شهر ذي الحجة عام 1362هـ. وقد […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017