منهج أهل السنة في الإيمان بالمغيبات ودفع التعارض في أدلتها
للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة
يعتقد أهل السنة والجماعة أن الوحي بقسميه الكتاب والسنة مصدرٌ للمعتقَد والتشريع، وعليه فإنّ الخبر إذا ورد في الكتاب أو في السنة الثابتة فإنهم يؤمنون به مطلقًا من غير تفريق بين الوحيين، ومن ثم كان الإيمان بالمغيبات مطلقًا والتنصيص على ذلك علامة فارقة بين أهل السنة وكثير من أهل البدع، ويظهر هذا الفرق حين يعرض بعض التشابه لبعض هذه الأخبار، فأهل الزيغ إما أن يكفروا به ويجعلوه وسيلة للكفر بغيره، وإما أن يجعلوه أصلا في ذلك الباب، ويعكسوا القاعدة، فيردون إليه المحكم ليزداد تشابهًا، أما أهل السنة فإنهم يعتقدون في المحكم والمتشابه أن الكل من عند الله، وأن المحكم هو الأصل، وإليه يُردُّ المتشابه، فتتَّضح دلالته ويتبين المراد منه، وإن كان خبرا آمنوا به؛ لأن تأويله هو وقوعه على نحو ما أخبر الله به، قال سبحانه: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاء فَيَشْفَعُواْ لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُون} [الأعراف: 53]، “أي: يوم يرون ما يوعدون من البعث والنشور والعذاب”([1]).
وعليه فلا يمكن رد نص من الأخبار بناء على اعتقاد التعارض بينه وبين غيره من النصوص، فالجميع من عند الله، ويلزم الإنسان الإيمان بها، وقد أخذت أحاديث المغيبات حيزًا كبيرًا من البحث العلمي، كما لاقت تشغيبًا من الملحدين وأهل البدع، وسوف نبيّن منهج أهل السنة والجماعة في التعامل مع هذه الأحاديث، ومنهجهم في دفع ما يظنُّ أنه تعارض بين أدلتها، ونبدأ ببيان حقيقة الغيب.
حقيقة المغيبات: هي كل ما غاب عن حس الإنسان ولم يشهده، فيدخل في ذلك ما وقع قديما من أحداث وما لم يقع.
والوحي قد أخبر بكثير من أخبار الغيب الماضي والمستقبل، فيجب تصديقه في كل ذلك، ومن أمثلة الأخبار الماضية كيفية خلق السماوات والأرض، وكذلك خلق آدم عليه السلام، فقد أخبر أنه لم يشهد ذلك بشر، وليس لهم به من علم، فقال: {مَا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلاَ خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا} [الكهف: 51]. فالضمير المنصوب في {أَشْهَدتُّهُمْ} عائد على الكفار، وعلى الناس بالجملة، فتتضمّن الآية الرد على طوائف من المنجمين، وأهل الطبائع، والمتحكّمين من الأطباء، وسواهم من كل من يتخوض في هذه الأشياء([2]).
وسمى أخبار الأمم السالفة غيبًا، فقال: {تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِين} [هود: 49].
وبين أن بعض ما كان غيبًا للأمم السابقة صار حقيقة بالنسبة لبعض الأمم الأخرى، ومن ذلك بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، فما من نبيٍّ إلا وكان يعهد إليه أنه إن بعث في زمنه أنه يؤمن به ويتبعه، وقد أخبر الله عن ذلك فقال: {وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران: 81].
“أراد أخذ الله الميثاق على النبيين وأممهم جميعا في أمر محمد صلى الله عليه وسلم، فاكتفى بذكر الأنبياء لأن العهد مع المتبوع عهد على الأتباع، وهذا معنى قول ابن عباس، وقال علي بن أبي طالب: (لم يبعث الله نبيا آدم فمن بعده إلا أخذ عليه الميثاق والعهد في أمر محمد، وأخذ العهد على قومه ليؤمنن به، ولئن بعث وهم أحياء لنصرنه)، قوله: {ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ} يعني: محمدا صلى الله عليه وسلم، {لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ} يقول الله تعالى للأنبياء حين استخرج الذرية من صلب آدم عليه السلام والأنبياء فيهم كالمصابيح والسرج، وأخذ عليهم الميثاق في أمر محمد صلى الله عليه وسلم: {أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي}، أي: قبلتم على ذلكم عهدي، والإصر: العهد الثقيل، {قَالُواْ أَقْرَرْنَا}”([3]).
ومن هذه المغيَّبات أيضًا: البعث والنشور والساعة وأشراطها.
وقد وردت نصوص من السنة أيضا ببعض المغيبات، منها ما هو ماضٍ كحرمة الغنائم على من كان قبلنا، وعدم مشروعية التيمم لهم، وعدم جواز الصلاة إلا في المكان المعهود لها شرعًا، قال عليه الصلاة والسلام: ((أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأُحلَّت لي المغانم ولم تحلَّ لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة))([4]).
وذكرت نزول عيسى ابن مريم وفصلت فيه، والدجال والدابة، وفصلت في بعض ما أجمل في الوحي من مسائل الغيب كعذاب القبر وأشراط الساعة وتفاصيل نعيم الجنة وعذاب النار، وغير ذلك.
ومنهج أهل السنة والجماعة الذي تواتروا عليه هو التصديق بهذه الأخبار، واعتقادها على نحو ما أخبر به الوحي ونصوص السنة من الإيمان بها والتصديق، والغيب عندهم ليس غيبًا واحدًا، بل غيوب كثيرة لا حصر لها، ولذلك قال الله {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلاَّمُ الْغُيُوب} [سبأ: 48].
وقاعدة أهل السنة في هذا الباب مبنية على أمور:
أولا: أن المغيبات لا يعلمها إلا الله أو من أَطلعه عليها من رسله
قال الله سبحانه: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا} [الجن: 26، 27].
وعليه فلا سبيل إلى معرفة شيء مما يتعلق به إلا بوحي من الله على رسله، وما لم يثبت بهذه الطريقة فلا يجوز الإيمان به ولا اعتقاده([5]).
ثانيا: وجوب الإيمان بالغيب وهو فيصل ما بين أهل الإيمان والكفر
قال سبحانه: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُون} [البقرة: 3].
وقال عليه الصلاة والسلام: ((من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله وأنَّ عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه والجنة حقّ والنار حقّ أدخله الله الجنة على ما كان من العمل))، وفي رواية: ((من أبواب الجنة الثمانية أيها شاء))([6]).
قال القرطبي -رحمه الله تعالى-: “والذي ينبغي أن يُقال به في هذا الباب أن ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من الفتن والكوائن أن ذلك يكون، وتعيين الزمان في ذلك من سنة كذا يحتاج إلى طريق صحيح يقطع العذر”([7]).
وقد كان من هدي السلف -رحمهم الله تعالى- أنهم لا يُنَزِّلون أحاديث الفتن على واقع حاضر؛ وإنما يَرَوْنَ أصدق تفسير لها وقوعها مطابقة لخبر النبي صلى الله عليه وسلم.
ثالثا: اعتقاد أنها أخبار لا تحتمل إلا الصدق، فلا يتعرض لها بالتأويل، ولا تحمل على معاني غير معهودة للشارع في الخطاب
سواء تعلق الأمر بصفات الباري أم بالجنة والنار أم بأشراط الساعة، فهذا بابه واحد لا يردّ منه شيء لشناعة شنعت، ولا لعجلة الناس في وقوعه، فالله قد قدره وعلم متى هو، ولا أحد يعجز الله أو يعجل قضاءه، وما ورد من ذلك مما قد يوهم التعارض لأهل السنة فيه مسالك: النظر في ثبوته واتفاقه مع الأصول الكلية للشرع، فإذا ثبت فإنه إن عارض صحيحًا محكمًا فإنه يرد إليه، فيتضح إحكامه وبيانه، ويتبين أنه متفق معه لا مختلف معه، وسوف نعقد لهذا مبحثًا.
رابعا: بعض المغيبات هي بشارات وعلامات خير وبعضها نذارة كذلك
فذكرها للناس هو من باب الفأل ودفع اليأس، وقد بشر النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه بأمور وقعت لهم، فهنا تذكر المغيبات تبشيرًا ونذارةً ليتبينوا مواضع الخلل عندهم وحقيقة الزمن، فعن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة قال: دخلت المسجد فإذا عبد الله بن عمرو بن العاص جالس في ظل الكعبة والناس مجتمعون عليه، فأتيتهم فجلست إليه، فقال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فنزلنا منزلا، فمنا من يصلح خباءه، ومنا من ينتضل، ومنا من هو في جشره، إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصلاة جامعة، فاجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم، وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها، وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها، وتجيء فتنة فيرقق بعضها بعضا، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه مهلكتي، ثم تنكشف، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه هذه، فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه، ومن بايع إمامًا فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر))، فدنوت منه فقلت له: أنشدك الله، آنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأهوى إلى أذنيه وقلبه بيديه وقال: سمعته أذناي ووعاه قلبي، فقلت له: هذا ابن عمك معاوية يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل ونقتل أنفسنا والله يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ ۚ وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29]، قال: فسكت ساعة ثم قال: أطعه في طاعة الله، واعصه في معصية الله([8]).
فالمغيبات تذكر لتبيين الأحكام الشرعية، والحذر من الخوض في الفتنة والابتلاء.
وقد نصح رسولُ الله صلى الله عليه وسلم كذلك أصحابَه الذين عاصروه نصائحَ انتفعوا بها كثيرًا:
– فقد بَشَّرَ عثمان رضي الله عنه بالجنة، على بلوَى تصيبه.
– وأخبر عمَّارًا رضي الله عنه أنه تقتله الفئة الباغية.
– وأمر أبا ذر رضي الله عنه بأن يعتزلَ الفتنة، وألا يقاتل، ولو قُتِل([9]).
فالمغيبات على هذه الحالة إما أن تكون أمورًا كونيةً يخاطب بها الجميع كالبشارات للأمة والنذارة، وإما أن تكون لأعيان كما حدث لبعض الصحابة رضوان الله عليهم، فالكل يجب تصديقه والعمل به بحسب نوعه، ما لم يدل دليل على التخصيص بالحال أو بالشخص، فحادثة أبي ذر تؤسِّس لمنهج وهو الابتعاد عن الفتن والحرص على عدم القتل فيها؛ لكن قد يرد إشكال أن بعض نصوص المغيبات قد يكون ظاهرها التعارض، وهي أخبار ليس لها إلا وجهان: الصدق أو الكذب، والكذب مستحيل، فلا بد من محمل تحمل عليه عند التعارض، وسوف نورد لذلك أمثلة، ونبين المسلك العلمي في دفع التعارض ورفع الاشتباه:
أمثلة لما يظن أنه تعارض في أخبار المغيبات وكيفية دفع هذا التوهم:
وردت نصوص من الوحي مختلفة تؤكد على أن بعض المغيبات لا يعلمها إلا الله، وأنها موكولة إلى الله، ثم وردت نصوص أخرى يفهم منها علم البشر بها، ومن أمثلة ذلك:
حقيقة الساعة: لقد تواترت النصوص من القرآن والسنة على أن علم الساعة موكول إلى الباري سبحانه، لا دخل لنبي مقرب ولا لملك مرسل فيه، قال سبحانه: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللّهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُون} [الأعراف: 187]، وقال: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا} [النازعات: 44]، وقد سأل جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الساعة فقال: ((ما المسؤول عنها بأعلم من السائل))([10]).
وهاهنا ينبغي أن يعلم أن المنفي هو العلم بالوقت، أما العلم بالأمارات فليس منفيًّا كما شهدت به النصوص، كما ينبغي استحضار النسبية في الزمن حتى لا يقع الإنسان في رد النصوص وإبطالها، فالنصوص التي تنصّ على قرب الساعة لا تنافي النصوص التي تنفي العلم بها، وقربها ليس بالضرورة أن يكون القرب في المفهوم البشري، وإنما هو قرب بالمقارنة مع ما مضى كما في قوله سبحانه: {وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا} [الإسراء: 51].
ويؤكد هذا المعنى قوله: {يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا} [الأحزاب: 63]، وقوله: {اللَّهُ الَّذِي أَنزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيب} [الشورى: 17].
فكلّ هذا يؤكد عدم علم النبي صلى الله عليه وسلم بها، فهو معهم مشترك في عدم العلم بحقيقتها ووقوعها.
وقال عليه الصلاة والسلام: ((بعثت أنا والساعة كهاتين))([11])، وعن خالد بن عمير العدوي قال: خطبنا عتبة بن غزوان، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (أما بعد، فإن الدنيا قد آذنت بصرم، وولت حذاء، ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء، يتصابها صاحبها، وإنكم منتقلون منها إلى دار لا زوال لها)([12]).
والقرب هنا أمر موكول إلى علم الله، لا يمكن تحديده وفقا لأفهام البشر، قال ابن حزم: “وقد جاء النص بأن الساعة لا يعلم متى تكون إلا الله تعالى، لا أحد سواه، فصح أنه صلى الله عليه وسلم إنما عنى شدة القرب، وله صلى الله عليه وسلم منذ بُعث أربعمائة عام ونيف، والله تعالى أعلم بمقدار ما بقي من عمر الدنيا؛ فإذا كان هذا العدد العظيم لا نسبة له عند ما سلف؛ لقلته وتفاهته بالإضافة إلى ما مضى، فهذا الذي قاله صلى الله عليه وسلم من أننا فيما مضى كالشعرة في الثور أو الرقمة في ذراع الحمار”([13]).
فالزمن في علم الله ليس هو الزمن كما نحسبه نحن ونقدره؛ ولذلك قال سبحانه: {وَلِلّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير} [النحل: 77]. قال محمد بن إسماعيل الصنعاني: “والإخبار عن قربها من مبعثه صلى الله عليه وسلم يحتمل أنه إخبار عن قربها عند الله تعالى وإن كانت بعيدة في المدة ردًّا لقول المشركين بأنه لا قيام لها، وإليه أشار قوله تعالى: {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا نَرَاهُ قَرِيبًا}، فإنه أخرج عبد بن حميد عن الأعمش: {يَرَوْنَهُ بَعِيدًا} قال: الساعة، وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج: {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا} قال: تكذيبهم، {وَنَرَاهُ قَرِيبًا} قال: صدقًا كائنًا، ويحتمل أن المراد: قرب أشراطها من بعثته صلى الله عليه وسلم… وما وقع من الأشراط وغيره من الأحاديث مما يدل على أن المراد أنه صلى الله عليه وآله وسلم بُعثَ وقد قربت أشراط الساعة، وتقدير المضاف للقرائن ثابت لغة كتابًا وسنةً لا نكير فيه… ثم إنه يدل لتقدير المضاف أمر آخر، وهو أنه قد مضى بعد وفاته صلى الله عليه وسلم قريب من اثنتي عشرة مائة، ولم تقم الساعة، فلا قرب لقيامها ببعثته؛ بل بأشراطها، والله أعلم”([14]).
حياة عيسى ونزوله في آخره الزمان:
لا يشك مسلم سني أن عيسى عليه السلام حي يرزق حياة حقيقية لا يعلم كنهها إلا الله سبحانه، كما أخبر سبحانه ونفى عنه القتل والصلب فقال سبحانه: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} [النساء: 157]. “فَالْمَسِيحُ -صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامه عليه- لَمْ يُقْتَلْ وَلَمْ يُصْلَبْ يَقِينًا لَا شَكَّ فِيهِ”([15])، وقد أخبر القرآن والسنة بأنه ينزل في آخر الزمان، قال سبحانه: {وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} [النساء: 159]. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده، ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكمًا مقسطًا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد))([16]).
فهذه الأخبار قد يظن تعارضها مع بعض النصوص الأخرى، فنفي قتله وصلبه قد يظن أنه متعارض مع قوله سبحانه: {إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ} [آل عمران: 55]. والحقيقة أنه لا يوجد تعارض بين الآيتين، وذلك أن الوفاة في الآية الأخيرة محمولة على النوم، وإطلاق الوفاة على النوم أسلوب مطروق في القرآن، قال سبحانه: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون} [الزمر: 42]. قال الربيع ابن أَنَسٍ: وهي وفاة نوم، قال الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ} [الأنعام: 60] أي: ينيمكم لأن النوم أخو الموت([17]).
كما أنه قد يشكل على نزوله وبقائه حيًّا ختم النبوة وعدم وجود الخلد في الحياة البشرية، قال سبحانه: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُون} [الأنبياء: 34].
فالآية لا تتعارض مع بقاء عيسى حيًّا؛ لأن بقاءه لا يعني أنه لا يموت، فهو سوف يموت حتما في آخر الزمان عند خروج يأجوج ومأجوج كما أخبرت السنة بذلك، وكثير من البشر كانوا أحياء قبل النبي حياة حقيقية وبعد موته كما هو حال يأجوج ومأجوج المذكورين في سورة الكهف، لكنهم سوف يموتون بعد ذلك.
أما قوله سبحانه: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} [الأحزاب: 40]؛ فعيسى ينزل في آخر الزمان مجددًا لدين النبي صلى الله عليه وسلم، متَّبعًا له، ولا يأتي بشرع جديد، بل هو ملزم بشرع النبي صلى الله عليه هو سلم كما هو تفصيل الميثاق على جميع الأنبياء: {وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ} [آل عمران: 81].
قصة المسيح الدجال وتعارض الأدلة فيها:
أخبرت نصوص السنة بوجود هذا الكائن الغريب العجيب، وذكرت بعض صفاته، فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم يوما بين ظهري الناس المسيح الدجال فقال: ((إن الله ليس بأعور، ألا إن المسيح الدجال أعور العين اليمنى، كأن عينه عنبة طافية، وأراني الليلة عند الكعبة في المنام، فإذا رجل آدم كأحسن ما يرى من آدم الرجال تضرب لمته بين منكبيه، رجل الشعر، يقطر رأسه ماء، واضعا يديه على منكبي رجلين، وهو يطوف بالبيت، فقلت: من هذا؟ فقال: هذا المسيح ابن مريم، ثم رأيت رجلا وراءه جعدا قططا أعور العين اليمنى، كأشبه من رأيت بابن قطن، واضعا يديه على منكبي رجل يطوف بالبيت، فقلت: من هذا؟ قالوا: المسيح الدجال))([18]).
وفي الحديث: قلنا: يا رسول الله، وما إسراعه في الأرض؟ قال: ((كالغيث استدبرته الريح، فيأتي على القوم فيدعوهم، فيؤمنون به ويستجيبون له، فيأمر السماء فتمطر، والأرض فتنبت، فتروح عليهم سارحتهم، أطول ما كانت ذرا، وأسبغه ضروعًا، وأمده خواصر، ثم يأتي القوم، فيدعوهم فيردون عليه قوله، فينصرف عنهم، فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم، ويمر بالخربة فيقول لها: أخرجي كنوزك، فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل، ثم يدعو رجلا ممتلئا شبابا، فيضربه بالسيف، فيقطعه جزلتين رمية الغرض، ثم يدعوه فيقبل ويتهلل وجهه يضحك، فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيح ابن مريم، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، بين مهرودتين، واضعا كفيه على أجنحة ملكين، إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ، فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات، ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه، فيطلبه حتى يدركه بباب لد، فيقتله))([19]).
كما أخبرت أحاديث أخرى بفشو أمره في الرسالات السابقة، وأنه كان موجودًا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، كما يدل عليه حديث تميم الداري.
وقد رد بعضهم أحاديث الدجال بحجة أن بعض الصفات التي وصف بها لا تليق إلا بالله، وذلك أنه يحيي الموتى ويأمر السماء أن تمطر فتمطر، وهاهنا مسألة مهمة وهي أن هذا يقع بإذن الله، وقد دل القرآن على ذلك، ودلالة القرآن عليه فيها رد على من ينكر السنة، فقد ذكر الله أن عيسى يخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله، ويبرئ الأكمه والأبرص ويحي الموتى بإذن الله: {إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِين} [المائدة: 110].
أما وجوده في زمن النبي وبعده فهو لا يناقض قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما على الأرض نفس منفوسة يعني اليوم تأتي عليها مائة سنة))([20])، فهو مستثنى من هذه الموت كما يأجوج ومأجوج المذكورون في القرآن مستثنون منها، وهم خلق كثير من البشرية لا يحصون، ويتناسلون ويعيشون، ولم يخطر بخلد أحد من أهل الملة أن الحديث يتناولهم.
وما يتوهّم من التعارض في بقية أحاديثه فينبغي فهم أن أمره غيب لا يعلمه إلا الله، وعليه فقد كانت الأخبار تتجدد به على النبي صلى الله عليه وسلم، فبعض هذه الأخبار كان يرفع الاحتمال، وبعضها يزيد العلم به وبصفته، فمن الأخبار التي ترفع الاحتمال الأخبار التي تدل على أنه ليس ابن صياد كما توقع بعض الصحابة، وأنه لن يدخل المدينة كما هو مفهوم من قوله: ((إنْ يخرجْ وأنا فيكُم فأنا حَجِيجُه، وإن يخرجْ بعدي فالله خليفتي عليكم))([21]).
قال ابن حجر: “فإنه محمول على أن ذلك كان قبل أن يتبيّن له وقت خروجه وعلاماته، فكان يجوز أن يخرج في حياته صلى الله عليه وسلم، ثم بين له بعد ذلك حاله ووقت خروجه، فأخبر به، فبذلك تجتمع الأخبار. وقال ابن العربي: إنذار الأنبياء قومهم بأمر الدجال تحذير من الفتن وطمأنينة لها حتى لا يزعزعها عن حسن الاعتقاد، وكذلك تقريب النبي صلى الله عليه وسلم له زيادة في التحذير، وأشار مع ذلك إلى أنهم إذا كانوا على الإيمان ثابتين دفعوا الشبه باليقين. قوله: ((ولكني سأقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه)) قيل: إن السر في اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بالتنبيه المذكور -مع أنه أوضح الأدلة في تكذيب الدجال- أن الدجال إنما يخرج في أمته دون غيرها ممن تقدم من الأمم، ودل الخبر على أن علم كونه يختص خروجه بهذه الأمة كان طوي عن غير هذه الأمة كما طوي عن الجميع علم وقت قيام الساعة. قوله: ((إنه أعور وإن الله ليس بأعور)) إنما اقتصر على ذلك مع أن أدلة الحدوث في الدجال ظاهرة؛ لكون العور أثرًا محسوسًا يدركه العالم والعامي ومن لا يهتدي إلى الأدلة العقلية، فإذا ادعى الربوبية وهو ناقص الخلقة والإله يتعالى عن النقص علم أنه كاذب”([22]).
فيتحصل مما سبق أن ثمة منهجية لا بد أن يتبعها المسلم تجاه نصوص الوحي عمومًا ونصوص المغيبات خصوصًا، وهي الإيمان والتصديق والجزم بأنه لا اختلاق فيها ولا كذب، فمردها إلى الله سبحانه وتعالى، ويفهمها الراسخون في العلم بما آتاهم الله من توفيق، وجعل في قلوبهم من فرقان يفرقون به بين الحق والباطل، فكما أن القرآن هداية للذين آمنوا، فهو على أهل الكفر والنفاق عمى والعياذ بالله، وهذا العمى أظهر ما يكون في هذه الأبواب، قال سبحانه: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلاَ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيد} [فصلت: 44].
ويذكر الله فيه أمور المغيبات، يهدي بها أهل الإيمان، ويضل بها أهل الفسق، والعصمة من ذلك عدم السماع لتهويل أهل الباطل وتشغيبهم، والرجوع إلى المحكم من الوحيين، فالمحكم هو أكثر الوحي وأغلبه، والمتشابه قليل، وبرده إلى المحكم يزول اشتباهه كما بينا في هذه الورقة.
كما ننبه إلى أنه يتعين على كل باحث في هذا المجال وخصوصًا ما يتعلّق بنصوص السنة أن يجمع نصوص الوحي بعضها إلى بعض، ويستقصيها، ويميز الصحيح من الضعيف والسقيم والموضوع، فذلك هو الفقه، وقد نبه الأئمة على هذا المنهج العلمي، وأرشدوا إليه، قال الإمام أحمد رحمه الله: “الحديث إذا لم تجتمع طرقه لم تفهمه، والحديث يفسر بعضه بعضًا”([23])، وقال ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى: “الحديث إذا اجتمعت طرقه فسَّر بعضُها بعضًا”([24]).
وما أحاديث الدجال ونزول عيسى ابن مريم وغيرها من المغيبات إلا دليل على ما قلنا وقررنا من كلام أهل العلم المعتبرين في هذا الفن والمقدمين فيه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)
([2]) ينظر: الوجيز لابن عطية (3/ 323).
([5]) ينظر: شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي (ص: 276).
([9]) ينظر: فقه أشراط الساعة (ص: 27).
([13]) الفصل في أهل الملل والأهواء والنحل (2/ 74-75).
([15]) هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى (2/ 540).
([17]) ينظر: تفسير القرطبي (4/ 100).
([23]) ينظر: الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي (2/ 212).