الأربعاء - 22 رجب 1446 هـ - 22 يناير 2025 م

منتِج الفلم المسيء للرسول يجيب عن إشكالات النبوة … معالجة لشبهة “كيف نتأكد أن جبريل هو من أوحى إلى النبي؟” صلى الله عليه وسلم

A A

الممنتج الشهير (آرنود فان دورن) الهولندي([1])، بعد أن كان ناشطًا سياسيًّا فعالًا في أكثر الأحزاب عداوة وتطرفًا ضدَّ النبي محمَّد صلى الله عليه وسلم ودينه وحزبه، وبعد أن عمل ردحًا من الزمن على إعادة الشباب المسلمين الجدُد في مجتمعه ليعودوا عن غيهم (عن الإسلام) حسب قوله، وأنتج فِلمًا مسيئًا للنبي محمد عليه الصلاة والسلام والذي ذاع صيته، وسماه باسم عربي: (فتنة)؛ ليؤكد أن دين محمد صلى الله عليه وسلم هو سبب الحروب والفتن والمصائب، وليس له غرض سوى المال والجنس!! ما الذي حصل بعد ذلك؟ وماذا كانت النتيجة؟

لم يكن جهده ذاك سوى دعاية ونوعٍ من أنواع النشر والإذاعة أو الدعوة إلى الإسلام إن صحَّ التعبير، فقد دخل الإسلام عدد كبير من الناس بعد نشر ذلك الفيلم، وكثر البحث والسؤال عنه، فسلطان الله غالب ودين الله قاهر، وصدق الله: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [الصف: 8، 9].

فإنه ما يكاد يجدّ ويجتهد أحد في السؤال والتنقيب عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم ودينه حتى يؤمن به؛ لما يرى فيه من الدلائل والآيات، والبراهين والبينات، والحجج الواضحات لكل ذي لب.

وليس المشاهدون للفيلم فقط هم من تأثروا وأسلموا، بل كان (فان دورن) في طليعة أولئك الذين آمنوا بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم ودينه، فلم يكد ينقِّب ويبحث ويعرف حقيقة ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم حتى آمن به واعتنق دينه واهتدى بهديه!

فما الدلائل والحجج التي دلته على صحة ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم والإيمان به؟

لقد واجه أول ما واجه من الدلائل تأمُّله حال المؤمنين بالنسبة لهذا الدين، فانبهر وتساءل: أوَيعقل أن يكون الخلل في عقل 1.2 مليار من البشر المعتنقين لدين النبي محمد صلى الله عليه وسلم؟!

فبادرَ إلى التعرف على الإسلام عن قرب، ودخل أحد المساجد، وهناك وجد الحجة القاهرة والبينة الباهرة، وجد أعظم دلائل النبوة: القرآن الكريم، معجزة النبي محمد الخالدة، ووجد معها كتب سيرته عليه الصلاة والسلام، فجال فيها بفكره وبصره، ولمس عن قرب حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأحواله وسيرته.

وهكذا فإن دلائل النبوة كثيرة متضافرة متنوعة، لو أخطأ الباحث منها دليلًا أو حجةً لم تفلته الحجج والبراهين الأخرى.

يقول: “القرآن هو مرشدي والأهم في كل الأشياء… والنظرة عن الإسلام المتواجدة عند الناس هي النظرة التي يعطيها الإعلام والسياسيون، وهذا ليس عذرًا مقبولًا، فعلى كل واحد أن يتعلم هذا الدين بنفسه، قراءتي للقرآن غيرت هذه النظرة 100 % عن الإسلام، وكلما قرأت منه ازداد شوقي للمزيد، أشعر بدفء عجيب عند القراءة”.

لقد اطلع (آرنود فان دورن) على دلائل نبوة محمد صلى الله عليه وسلم الكثيرة المتضافرة، وهو بالفعل ما أثر في إسلامه، وبدأ مشواره بالنظر في حال المؤمنين به، ثم بالتأمل في المعاني العظيمة التي بين يدي القرآن، سواء للراحة النفسية العجيبة التي تورثها قراءة القرآن، أو البركات الكثيرة التي يلمسها المرء بعد أن يقرأ القرآن الكريم.

ولقد تنقَّل بين البراهين الساطعة والحجج الباهرة التي في القرآن، وكان نظام تعامل المرء مع غيره من البشر هو أكثر ما أثر فيه، يقول: “القرآن كله رائع وجميل، ويصعب علي أن أذكر آية واحدة، فإن كل الآيات تحتوي على حكم، ولكن مع ذلك يمكنني أن أقول: إن الآية التي أثرت فيَّ هي في سورة النساء الآية: (36 إلى40)، إنها الآية التي أحسست من خلالها بالحب، تخبرنا الآية أن الإنسان عليه أن يكون فيه خير، وتأمرك أن تعطي الحب لمحيطك ولجارك وللوالدين وابن السبيل، وإشراك الآخرين في مالك الذي رزقك الله، وأن لا تكون شحيحًا”.

قال تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36) الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (37) وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا} [النساء: 36-38].

ويقول: “نعم هذه الآية تصف لنا لبَّ الإنسان الذي فيه خير كبير، وتلخِّص الإسلام والقرآن كله بأن نكون قدوة حسنة، وهذا كان إحساسي عندما قرأت القرآن”.

ويقول (فان دورن): “القرآن هو مرشدي، فهو الكتاب الذي يخبرني عن حالي في حياتي، كيف أتعامل مع نفسي ومع الآخرين ومع المجتمع، القرآن هو المرجع في الحكمة والحب والعلم”.

وماذا كانت ردة فعله بعد أن قرأ حال النبي محمد صلى الله عليه وسلم وحياته؟ لم يملك سوى الانبهار والإكبار لهذه الشخصية العظيمة، يقول: “أعجبت كثيرا بهذا الرجل، الابتلاءات التي مر بها، وأيضا العدوانية من أقربائه وبعض قومه، ومع كل هذه النكسات والهجمات بقي برفق وعدالة ورحمة وتسامح، وهذا بالنسبة لي راق جدًّا ومؤثر، فأعتبره قدوة لي والمثل الأعلى الذي لا يمكنني أن أصل مقامه، ولكن أحاول أن أتبعه في كل الأشياء، وهذا شيء نسبيّ؛ لأن ما حصل معي ليس مثلما حصل مع النبي صلى الله عليه وسلم”.

ذلكم جزء من الدلائل والبراهين الدَّالة على نبوة نبينا عليه الصلاة والسلام، التي استخلصناها من قصة (فان دورن)، ولكن مِن المعادين له اليوم من يحاول غضَّ طرفه وأنظار غيره من الناس عن هذه الحقائق، ويذهب يفترض الافتراضات العقلية، ويطرح الدعاوى والتساؤلات السوفسطائية التي لا خطام لها ولا زمام.

ومن تلك الشبهات: الشبهة التي صدَّرنا بها مقالنا، والتي تقول: كيف يمكننا أن نتأكد أن جبريل -عليه السلام- كان هو المرسل من عند الله إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم؟!

ألا يحتمل أن يكون شيطانًا من الشياطين يريد إضلال الناس؟!

ألا يحتمل أن يكون بسبب تأثير الكواكب والنجوم؟!

ألا يحتمل أن النبي أخذ بعض العقاقير التي بلغت به إلى أن يتخيل أن الله يوحي إليه، ومنحته القدرة على التأثير في الأشياء؟!

ألا يحتمل أن يكون ملكا من الملائكة اخترعه من عند نفسه لا مرسل من الله؟!

ألا يمكن أن يكون مرسلًا من أحد الأحزاب والمنظمات للتسلط، لا من عند الله؟!

حقيقةً لقد أجاب (فان دورن) عن هذه الإشكالات حين أثبت أن الدلائل على صحة نبوة النبي صلى الله عليه وسلم وكونه مرسلًا من عند الله وصحة دينه كثيرة ومتضافرة، تدفع من يبحث عن الحق إلى الإيمان به، ولسنا في حاجة إلى الرد على مثل تلك الحجة بعد هذا.

فليست قضية النبوة بهذه الهشاشة والركاكة حتى تقبل الاحتمالات والتجاذبات والتشكيكات، فإن أهل الإيمان لا يقبلون النبوة من كل من يدَّعيها أيًّا كان حاله، بل لا بد أن يكون معروفًا بسيرته العطرة بين الناس وحياته المستقيمة، وبُعده عن سفاسف الأخلاق وتوافه الأمور، ومعروفًا بصدقه بين الناس وأمانته ورزانته، وبرجاحة عقله وقوة حجته وبرهانه، وبشرف مكانته وسمو نسبه، ولا بد أن يصاحبه من الدلائل والبراهين والمعجزات التي يسلم العاقل بكونها من عند الله تعالى بمجرد معرفتها.

فمثلًا معجزات موسى -عليه السلام- الدالة على صدقه وكونه مرسلًا من عند الله تعالى كانت كثيرة متضافرة، فالعصا على سبيل المثال التي تحولت إلى ثعبان ازداد قوة ومتانة بعد أن خرَّ جميع السحرة سجودًا له، وآمنوا به وأسلموا له، مع أن فرعون قد جمع السحرة من المدائن والأقطار، وهو ما يستحيل معه أن يكونوا قد تواطؤوا على الكذب، ويثبت أنه ليس ساحرًا من السحرة. أضف إلى ذلك انفلاق البحر وعبوره وأتباعه من وسطه وانتصارهم، وغرق عدوه وهلاك جنوده فيه. أضف إلى ذلك إخراجه يده بعد إدخالها في جيبه بيضاء للناظرين. أضف إلى ذلك الجراد والقمل والضفادع والدم. ناهيك عن حاله وحياته وسيرته العطرة وسماته الشريفة من قوته وأمانته وصبره وشجاعته كما في قصة المرأتين وغيرها. كل ذلك وغيره ينفي أن يكون كاذبًا في نفسه، أو مرسلًا من مخلوق جنيًّا كان أو شيطانًا أو ملكًا، بل يحتِّم أن يكون مرسلًا من عند الله تعالى خالق الأرض والسماوات وصاحب القدرة المطلقة في هذا الكون.

فالحجج والبراهين على النبوة كثيرة ومتضافرة، وليست هي مجرد افتراضات أو دعاوى لا حجة لها ولا برهان عليها لتعارَض بدعاوى وافتراضات واحتمالات.

إن حال هذا المعترض كحال من يعترض على كون الشمس طالعة في وضح النهار مع أنه يراها بعينيه ويحسُّ بضيائها وحرارتها، ولكنه يقول:

يحتمل أن لا تكون هي الشمس حقيقة، وإنما شخص ما أشعل جهاز إنارة كبير في مدينتنا المجاورة!!

يحتمل أن هذه نار كبيرة أشعلها بعض الجن، وليست هي الشمس التي نعرفها!!

يحتمل أن هذا انعكاس للمصابيح المضاءة في الأرض، وليست هي الشمس التي نعرفها!!

يحتمل أنه يخيل إليَّ أن هذه الشمس، ولكن ليست هي في الحقيقة!!

يحتمل أن يكون هناك خلل في بصري، وأن هذه ليست هي الشمس!!

بل الحق أن هناك خللًا في عقله ونظامه المعرفي، وإلا لم يفترض هذه الافتراضات السوفسطائية.

والمقصود أن الافتراضات السوفسطائية لا منتهى لها، ويمكن الاعتراض بها على كل حقيقة والقدح في كل ضرورة علمية، ولو اعتبرناها لم يسلم لنا علم ولا منطق ولا معرفة.

ودعنا نتنزَّل لهذا المهرطق، ونقول: على فرض كونه مرسلًا من جنِّيٍّ أو شيطان، ألم نقل: إنه لا بد أن يكون مع النبي المرسل من عند الله تعالى من الدلائل والمعجزات الخارقة للسنن الكونية ما يعجز عنه مخلوق من المخلوقات؟! فكيف يقال بأنه يحتمل أن يكون جنِّيًّا أو شيطانًا؟!

ولماذا لا توحي الشياطين والجن إلى غيره بمثل ما أوحت إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم وغيره من الأنبياء، ولا نجد الوحي يتكرر بشكل يومي أو شهري؟!

ولماذا لا يخترع كل شيطانٍ نوعًا من الوحي على ما يهوى، ويصبح عندنا الكثير من الأنبياء المتعارضين في أقوالهم ووصاياهم وتعاليمهم؟!

إننا على العكس نجد الأنبياء متفقين على القضايا الكبرى التي جاؤوا بها؛ كتقرير التوحيد ونبذ الشرك، ومشروعية الصلاة والزكاة والصيام والحج، وتعظيم رب العالمين وتعبيد الناس له، والخوف من الذنوب، والدعوة إلى مكارم الأخلاق ومحاسن العادات، وكل واحد منهم لا بد وأن تكون معه آية تدل على صدقه، وكلهم يصدّق بعضهم بعضًا ويؤمن آخرهم بأولهم، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: «أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الدنيا والآخرة، والأنبياء إخوة لعلات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد»([2]).

وقل لي بربك: هل للشياطين والجن والأدوية والعقاقير أن تؤهل النبي ليغيِّر السنن الكونية ويخرقها من إحياء الأموات وانفلاق البحر وانقلاب العصا حية وتسخير الرياح؟!

وهل للشياطين والجن والأدوية والعقاقير أن تتحدَّى العالم أجمع بأن يأتوا بمثل ما أتى به النبي، ويترك التحدي مفتوحًا عبر الأزمان، ثم لا يستطيع أحد من المخلوقات أن يأتي بمثل ما أتى به؟! {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء: 88].

وهل الجن والشياطين والأدوية والعقاقير تؤهِّل الإنسان ليعلم الغيوب المحضة المستقبلية، ويعرضها أمام الملأ ليقف الإنسان على تأويل تلك الأخبار واحدة بعد واحدة ويعلم بها علم اليقين؟!

وهل للجن والشياطين والأدوية والعقاقير أن تقص علينا تفاصيل قصص السابقين من الأنبياء وأقوامهم وما جرى لهم؟!

وهل للجن والشياطين والأدوية والعقاقير أن تخرج لنا بنظام حياتي كامل شامل، يستوعب جميع علاقات الإنسان؛ سواء بربه أو جنسه أو العالم أجمع، ويحدد النظام لحياته كلها، ويخلع عليها أسدال الكمال والشمول، ولا يستطيع أن ينقضها ناقض؟!

ختامًا: النبوة ليست مجرَّد أوهام خيالية أو دعاوى مجردة أو أساطير مزخرفة، وإنما هي مبنية على حجج وبراهين عقليَّة، ومتدرِّجة على الإيمان بالله سبحانه وتعالى، فالإنسان لا بد وأن تكون له غاية من هذه الحياة، ومن خلقه وأوجده في أحسن تقويم يستحيل أن يتركه دون بيان لهداه.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى: إن صاحب الكمال المطلق والإتقان المحكم لا يليق به أن يترك الناس هملًا، بل لا بد من علاقة بينه وبين من خلقهم، ولا بد من رسلٍ يبيِّنون طبيعة هذه العلاقة وطريقتها وعواقبها، فالنبوة إذن مطلب إنسانيٌّ ملحٌّ لا مناص للبشر عنه، وحقيقة برهانية يقينية أرفع بكثير من أن يكون محلًّا لرمي التهم، فضلًا عن معارضتها بالتشكيكات والاحتمالات السوفسطائية.

وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

ـــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) ينظر لهذا المقال: “إسلام منتج الفيلم المسيء للرسول” على الرابط:

([2]) أخرجه البخاري (3443).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد سلف

الحالة السلفية في فكر الإمام أبي المعالي الجويني إمام الحرمين -أصول ومعالم-

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: من الأمور المحقَّقة عند الباحثين صحةُ حصول مراجعات فكرية حقيقية عند كبار المتكلمين المنسوبين إلى الأشعرية وغيرها، وقد وثِّقت تلك المراجعات في كتب التراجم والتاريخ، ونُقِلت عنهم في ذلك عبارات صريحة، بل قامت شواهد الواقع على ذلك عند ملاحظة ما ألَّفوه من مصنفات ومقارنتها، وتحقيق المتأخر منها والمتقدم، […]

أحوال السلف في شهر رجب

 مقدمة: إن الله تعالى خَلَقَ الخلق، واصطفى من خلقه ما يشاء، ففضّله على غيره، قال تعالى: ﴿وَرَبُّكَ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُ ‌وَيَخۡتَارُ﴾ [القصص: 68]. والمقصود بالاختيار: الاصطفاء بعد الخلق، فالخلق عامّ، والاصطفاء خاصّ[1]. ومن هذا تفضيله تعالى بعض الأزمان على بعض، كالأشهر الحرم، ورمضان، ويوم الجمعة، والعشر الأواخر من رمضان، وعشر ذي الحجة، وغير ذلك مما […]

هل يُمكِن الاستغناءُ عن النُّبوات ببدائلَ أُخرى كالعقل والضمير؟

مقدمة: هذه شبهة من الشبهات المثارة على النبوّات، وهي مَبنيَّة على سوء فَهمٍ لطبيعة النُّبوة، ولوظيفتها الأساسية، وكشف هذه الشُّبهة يحتاج إلى تَجْلية أوجه الاحتياج إلى النُّبوة والوحي. وحاصل هذه الشبهة: أنَّ البَشَر ليسوا في حاجة إلى النُّبوة في إصلاح حالهم وعَلاقتهم مع الله، ويُمكِن تحقيقُ أعلى مراتب الصلاح والاستقامة من غير أنْ يَنزِل إليهم […]

الصوفية وعجز الإفصاح ..الغموض والكتمان نموذجا

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  توطئة: تتجلى ظاهرة الغموض والكتمان في الفكر الصوفي من خلال مفهوم الظاهر والباطن، ويرى الصوفية أن علم الباطن هو أرقى مراتب المعرفة، إذ يستند إلى تأويلات عميقة -فيما يزعمون- للنصوص الدينية، مما يتيح لهم تفسير القرآن والحديث بطرق تتناغم مع معتقداتهم الفاسدة، حيث يدّعون أن الأئمة والأولياء هم الوحيدون […]

القيادة والتنمية عند أتباع السلف الصالح الأمير عبد الله بن طاهر أمير خراسان وما وراء النهر أنموذجا (182-230ه/ 798-845م)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  المقدمة: كنتُ أقرأ قصةَ الإمام إسحاق بن راهويه -رحمه الله- عندما عرض كتاب (التاريخ الكبير) للإمام البخاري -رحمه الله- على الأمير عبد الله بن طاهر، وقال له: (ألا أريك سحرًا؟!)، وكنت أتساءل: لماذا يعرض كتابًا متخصِّصًا في علم الرجال على الأمير؟ وهل عند الأمير من الوقت للاطّلاع على الكتب، […]

دعوى غلو النجديين وخروجهم عن سنن العلماء

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: تكثر الدعاوى حول الدعوة النجدية، وتكثر الأوهام حول طريقتهم سواء من المخالفين أو حتى من بعض الموافقين الذين دخلت عليهم بعض شُبه الخصوم، وزاد الطين بلة انتسابُ كثير من الجهال والغلاة إلى طريقة الدعوة النجدية، ووظفوا بعض عباراتهم -والتي لا يحفظون غيرها- فشطوا في التكفير بغير حق، وأساؤوا […]

التحقيق في موقف ابن الزَّمْلَكَاني من ابن تيّمِيَّة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: يُعتَبَر ابن الزَّمْلَكَاني الذي ولد سنة 667هـ مُتقاربًا في السنِّ مع شيخ الإسلام الذي ولد سنة 661هـ، ويكبره شيخ الإسلام بنحو ست سنوات فقط، وكلاهما نشأ في مدينة دمشق في العصر المملوكي، فمعرفة كلٍّ منهما بالآخر قديمة جِدًّا من فترة شبابهما، وكلاهما من كبار علماء مذهبِه وعلماء المسلمين. […]

الشَّبَهُ بين شرك أهل الأوثان وشرك أهل القبور

مقدمة: نزل القرآنُ بلسان عربيٍّ مبين، وكان لبيان الشرك من هذا البيان حظٌّ عظيم، فقد بيَّن القرآن الشرك، وقطع حجّةَ أهله، وأنذر فاعلَه، وبين عقوبته وخطرَه عليه. وقد جرت سنة العلماء على اعتبار عموم الألفاظ، واتباع الاشتقاق للأوصاف في الأفعال، فمن فعل الشرك فقد استوجب هذا الاسمَ، لا يرفعه عنه شرعًا إلا فقدانُ شرط أو […]

هل مُجرد الإقرار بالربوبية يُنجِي صاحبه من النار؟

مقدمة: كثيرٌ ممن يحبّون العاجلة ويذرون الآخرة يكتفون بالإقرار بالربوبية إقرارًا نظريًّا؛ تفاديًا منهم لسؤال البدهيات العقلية، وتجنُّبا للصّدام مع الضروريات الفطرية، لكنهم لا يستنتجون من ذلك استحقاق الخالق للعبودية، وإذا رجعوا إلى الشرع لم يقبَلوا منه التفصيلَ؛ حتى لا ينتقض غزلهم مِن بعدِ قوة، وقد كان هذا حالَ كثير من الأمم قبل الإسلام، وحين […]

هل كان شيخ الإسلام أبو عثمان الصابوني أشعريًّا؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: مِن مسالك أهل الباطل في الترويج لباطلهم نِسبةُ أهل الفضل والعلم ومن لهم لسان صدق في الآخرين إلى مذاهبهم وطرقهم. وقديمًا ادَّعى اليهود والنصارى والمشركون انتساب خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام إلى دينهم وملَّتهم، فقال تعالى ردًّا عليهم في ذلك: ﴿‌مَا ‌كَانَ ‌إِبۡرَٰهِيمُ يَهُودِيّا وَلَا نَصۡرَانِيّا وَلَٰكِن كَانَ […]

هل علاقة الوهابية بالصوفية المُتسنِّنة علاقة تصادم؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: تعتبر الصوفيةُ أحدَ المظاهر الفكرية في تاريخ التراث والفكر الإسلامي، وقد بدأت بالزهد والعبادة وغير ذلك من المعاني الطيِّبة التي يشتمل عليها الإسلام، ثم أصبحت فيما بعد عِلمًا مُستقلًّا يصنّف فيه المصنفات وتكتب فيه الكتب، وارتبطت بجهود عدد من العلماء الذين أسهموا في نشر مبادئها السلوكية وتعدَّدت مذاهبهم […]

مناقشة دعوى بِدعية تقسيم التوحيد

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة    مقدّمة: إن معرفة التوحيد الذي جاء به الأنبياء من أهم المهمّات التي يجب على المسلم معرفتها، ولقد جاءت آيات الكتاب العزيز بتوحيد الله سبحانه في ربوبيته وأنه الخالق الرازق المدبر، قال تعالى: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 54]، كما أمر الله تبارك وتعالى عباده […]

اتفاق علماء المسلمين على عدم شرط الربوبية في مفهوم العبادة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدّمة: كنّا قد ردَدنا في (مركز سلف) على أطروحة أحد المخالفين الذي راح يتحدّى فيها السلفيين في تحديد ضابط مستقيم للعبادة، وقد رد ردًّا مختصرًا وزعم أنا نوافقه على رأيه في اشتراط اعتقاد الربوبية؛ لما ذكرناه من تلازم الظاهر والباطن، وتلازم الألوهية والربوبية، وقد زعم أيضًا أن بعض العلماء […]

هل اختار السلفيون آراءً تخالف الإجماع؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: كثير من المزاعم المعاصرة حول السلفية لا تنبني على علمٍ منهجيٍّ صحيح، وإنما تُبنى على اجتزاءٍ للحقيقة دونما عرضٍ للحقيقة بصورة كاملة، ومن تلك المزاعم: الزعمُ بأنَّ السلفية المعاصرة لهم اختيارات فقهية تخالف الإجماع وتوافق الظاهرية أو آراء ابن تيمية، ثم افترض المخالف أنهم خالفوا الإجماع لأجل ذلك. […]

الألوهية والمقاصد ..إفراد العبادة لله مقصد مقاصد العقيدة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: مما يكاد يغيب عن أذهان بعض المسلمين اليوم أن العبودية التي هي أهمّ مقاصد الدين ليست مجرد شعائر وقتيّة يؤدّيها الإنسان؛ فكثير من المسلمين لسان حالهم يقول: أنا أعبدُ الله سبحانه وتعالى وقتَ العبادة ووقتَ الشعائر التعبُّدية كالصلاة والصيام وغيرها، أعبد الله بها في حينها كما أمر الله […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017