السلفية والشُّروخُ التي لا تُسد -هل أشعلتِ السَّلَفية فتيلَ الفتنةِ في الأُمَّة وفرَّقت بينَ المسلمين؟!-
لا يخفى على أحدٍ ما تعيشُه الأمّة الإسلاميةُ من حالةٍ بائسةٍ لا تسرُّ صديقًا ولا تغيظ عدوًّا، فالخلافات بين النُّخب الفكرية في الأمة بلغت أوجَها حتى صارت سفينة الأمَّة تتلاعب بها الرياحُ وسط أمواجٍ عاتيةٍ في بحر متلاطم، وليس هناك من يقود هذه السفينة إلى بَرِّ الأمان، وكلّ من يمرِّرُ بصره على حال الأمة لن يحتاجَ إلى جهدٍ حتى يدرك أن الأمة تعيش رهقًا فكريًّا وشتاتًا معرفيًّا يحول بينها وبين النُّهوض، وفي خضمّ تكالب كل المعطيات التي من شأنها إضعاف الأمة يبرزُ أناسٌ ليس لهم همٌّ إلا رمي السلفيّة بكل شنيعةٍ حتى يجعلوها هي أساس مشكلةِ الأمة وسبب بلائِها!
ومِن أبرزِ تلك المساوئ التي تُرمَى بها السلفيةُ: أنَّها كانت السببَ في تفريق الأمَّة وتمزيقها، وأنها هي من أشعلت فتيل النار التي أحرقت الأخضر واليابس، وهي من دحرجتْ كرةَ الثلج التي ظلت تكبر كل يوم. ويأتي هذا المقال لمناقشة هذه القضية، وبيان هل فعلًا كانت السلفية هي من فرقت الأمة؟
قبل أن ندخل في صلب الموضوع لا بدَّ أن نعرف مرادَنا بمصطلح السلفية؛ حتى لا يكون النقاش في موضوعٍ هلاميّ يفهمه كلُّ شخصٍ حسب ما يريد، فالسلفيَّة باختصار هي: منهجٌ يقومُ على اتِّباع الكتاب والسنة وفهمِهما بفهمِ السلف الصالح.
ومهمٌّ جدًّا أن نعرف أن السلفيّة منهجٌ وطريقةٌ في معرفة الحقّ، فعند اختلاف الفهوم والعقول في معرفة الإسلام وأحكامِه وشرائعِه وما يتعلَّق بالله من أسمائِه وصفاته وغير ذلك من أصول الإيمان وفروعه ترجعُ السلفية إلى فهم السلف الصالح؛ ليسيرُوا على ما ساروا عَليه.
وأما مرادنا بالسَّلف الصالح فهُم: أهلُ القرون الثلاثة المفضَّلة من الصحابة والتابعين وتابعيهم، ممَّن سار على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم. وهذه القرون الثلاثة قد شهدَ لها النبي صلى الله عليه وسلم بالخيريَّة في الحديث المتفق عليه حين سئل عليه الصلاة والسَّلام: أي النَّاسِ خير؟ قال: «قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم»([1]). فهؤلاء هم السلف الصالح عند جمهور المسلمين، وهم الذين يجب أن نتقيَّد بفهمِهِم للدِّين. فالسلفية إذن منهجٌ في السير على الإسلام حسب فهم السلف الصالح، وكل من اتبع نهجَهَم وسار على طريقتهم فهو سلفي في كل زمان وفي كل مكان.
واتباعُ السلف الصالح والتقيُّد بفَهمِهم في فهم الدين أصلٌ قائمٌ على نوعين من الأدلة:
النوع الأول: الدليلُ النقلي، وقد تواردت الأدلة الكثيرة على وجوبِ اتباع فهم السلف الصالح وعدمِ الخروج عمّا كانوا عليه وفاقًا وخلافًا، ومن ذلكَ: كل الأدلة التي تمدح الصحابة الكرام وتبيِّن فضلهم([2]) مثل قوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 100]، فالصحابة الكرام قد رضي الله عنهم وبيَّن فضلهم، فمن شهد لهم الله بالفضل وشهد لهم رسوله كان اتباع فهمهم أولى من اتباع فهومنا إن تعارضا، ومن الأدلة الصريحة قوله تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 115]، والصحابة والتابعون هم أولى الناس دخولًا في المؤمنين الذين أمر الله بعدم الخروج عن سبيلهِم، يقول ابن تيمية رحمه الله: “وقد شهد الله لأصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم بإحسان بالإيمان، فعلم قطعًا أنهم المراد بالآية الكريمة”([3]).
النوع الثاني: الدليل النظري، وهو أنَّ الصحابة هم الذين اختارهم الله لصحبة خاتم الأنبياء، وهم الذين شاهدوا التنزيل، وعرفوا أسباب النزول، وعايشوا تطبيقَ النبي صلى الله عليه وسلَّم للدِّين، وكانت اجتهاداتهم مرهونةً بتصحيح الشريعة لهم إن أخطؤوا في زمنِ التشريع، ولا شكَّ أنهم أعلى الناس فهمًا وإدراكًا وحرصًا على تطبيقِ الدين، وأما التَّابعون فهم أقرب الناس إلى الصَّحَابة وأعظمُهُم فهمًا لكلامهم، وهم تلامذةُ الصحابة الذين تلقَّوا العلم منهم، فساروا على منهجهم وطريقتهم([4]).
كانت هذه لمحة يسيرة عن السلفيَّة وماذا نريدُ بها، ونرجع إلى محور حديثِنَا ونقول: إن دعوى أن السَّلفية هي من فرَّقت الأمة وجعلتها شِيَعًا وأحزابًا دعوى لا دليلَ عليها؛ بل الأدلة قائمة على ضدِّها، وبيانُ ذلك من وجوه:
الوجهُ الأول: أن السَّلف الصالح امتدادٌ طبيعيٌّ لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وقد بيَّن عليه الصلاة والسلام أن الطائفة الناجية هي من كانت على مثل ما كانَ عليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه([5])، فمن سارَ على طريقتهم واقتفى أثرَهم وكان امتدادًا لهم كيف يقال: إنَّهُم هم من فرَّقوا الأمة؟ فإن التفريق يكونُ بالخروج عن الطريق المرسوم لا بالسَّير عليه، فكلُّ من خرج عن الهديِ القويم وعن منهجِ الصحابة الكرام وتابعيهم هم من أحدثوا الشرخ في الأمة، وهم من عليهم أنْ يَتحمَّلوا تبعات تفريق الأمَّة، والحلُّ الوحيد لسدِّ تلك الفجوات هو الرجوعُ إلى الخطِّ المستقيم الذي يسير عليه الصحابة ومن تبعهم على امتدادِ الزمن؛ ولذلكَ يجد الفاحص للتاريخ الإسلامي أن السَّواد الأعظم من المسلمين هُم من أهل السنة والجماعة، على النهج السلفيّ القويم، فممَّا لا شك فيه أن الصحابة كانوا على ما كانَ عليهِ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، ثم لَمَّا تُوفي عليه الصلاة والسلام وتفرقَ الصحابة في الأمصار أخذَ التابعون عن الصَّحابة، فهُم امتدادٌ لهم، ثم حين فني جيل الصَّحابة أخذ الناس عن التابعين، وهكذا كان الناس في كل البلاد الإسلامية على الحقِّ والسنة الموروثة، ومما يجلِّي هذه الحقيقة أنَّ البخاري -رحمه الله- قال فيما نقل عنهُ اللالكائي: “لقيت أكثر من ألف رجلٍ من أهل العلم -أهل الحجاز ومكة والمدينة والكوفة والبصرة وواسط وبغداد والشام ومصر- لقيتهم كرَّاتٍ قرنًا بعد قرن، ثم قرنًا بعد قرن، أدركتُهم وهم متوافرون منذ أكثر من ستٍّ وأربعين سنة أهل الشام ومصر والجزيرة مرتين والبصرة أربع مرات”، ثم عدَّ مجموعةً كبيرة من العلماء في سائر الأمصارِ، ثم قال: “واكتفَينا بتسمية هؤلاء كي يكون مختصرًا، وأن لا يطول ذلك، فما رأيتُ واحدًا منهم يختلف في هذه الأشياء”، ثم ذَكر جملةً من عقائد أهل السنة والجماعة([6]). فالسلفية كانت امتدادًا لما عليهِ النبي صلى الله عليه وسلم، وليس أهلها هم الذين أحدثوا التَّفريق بين المسلمين بإحداثِ فرقٍ أخرى خارج الخريطة الفكرية السُّنية، ويزيده توضيحًا الوجه الثاني:
الوجه الثاني: أن الفرق كلَّها ما عدا السلفية لها تاريخُ ظهور، ومعلومٌ أن الأمة الإسلامية كانت وِحدةً متماسكةً حتى ظهرت الخوارجُ في آخر عهد الخلفاء الراشدين، ففارقوا الأمة كلها ثم انحازوا إلى حروراء، وظهرتِ الشيعة في نفس الوقت تقريبًا، ثم ظهرت المرجئةُ والقدريةُ ثم الجهميَّة، يقول ابن تيمية موضحًا هذه الحقيقة: “فإن البدع إنما يظهر منهَا أولًا فأولا الأخف فالأخف، كما حدث في آخرِ عصرِ الخُلفاءِ الراشدين بدعةُ الخوارج والشيعة، ثم في آخر عصر الصحابة بدعةُ الْمُرجئةِ والقدرية، ثم في آخر عَصرِ التَّابعين بدعةُ الجهمية معطلة الصفات”([7]). فالمتتبع لتاريخِ ظهورِ الفرق يدرك بكل يسرٍ وسهولة أن ثمةَ منهجًا قائمًا وأناسًا يسيرون عليه، وجاءَ آخرون فخرجوا عن هذا المسار واستحدثوا مناهج جديدة، فهؤلاء هُم الذينَ يصحُّ أن نقول عنهم: إنَّهم قد فرقوا الأمة؛ لأنَّهم فارقوها، أما من كان يسيرُ على ما كان عليهِ النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابُه ولم يخرجوا عن ذلك المنهج فهُم الذين جمعوا النَّاس واجتمعوا على الحقِّ.
الوجه الثالث: أن كل الطوائف قد أسَّسها أناس ينتسبون إليهم، فالجهميَّة تتبع الجهمَ بن صفوان، والمعتزلة تتبعُ واصل بن عطاء، والأشاعرةُ تتبع أبا الحسن الأشعري، والكُلَّابية تتبع عبد الله بن كلاب، وهذا له دلالتان:
الأولى: أن هذه الفِرق قد أُسِّست على يد رجالٍ جاؤوا بعد زمنِ النبي صلى الله عليه وسلم، فليسوا امتدادًا لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
الثانية: أنهم يتبعون أناسًا محدَّدين لهم منهجهُم الخاصّ وأصولُهُم الخاصّة، ويشنِّعون على كل من لم يتّبع ذلكَ الإمام بعينه، وهذا هو أساسُ مشكلة تفريق الأمة، فإنَّ الأمة لا يمكن أن تجتمِعَ بجميع أطيافِها وتنوُّعها إلا على مصدرٍ معصوم وهو الكتاب والسنة؛ ولذلك فإنَّ السلفية لا إمام لهم ينتسبون إليه ويتقيّدون بفهمه وأصوله، وإنما يُسمُّون أنفسهم أهلَ السنة والجماعة لأنَّهم تمسكوا بالسُّنة ودعوا إلى الجماعة، فتفريقُ الأمة يكون بتنصيب رجالٍ ينفردون بتقرير الحقِّ، ثم حمل الناس على اتِّباعهم، وأما السلفيةُ قديمًا وحديثًا فتقرر أنَّ المتبوع هو الكتاب والسنة، وهذا هو الذي يجمعُ الأمة، وأن كل إمام يؤخذ من كلامه ويردُّ إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الوجه الرابع: أن كل فرقةٍ لديها أصولٌ خاصَّة لا يكون الإنسان متَّبعًا لها إلا إذا فهم تلك الأصول ووعاها، مع ما فيها من طرقٍ وعرة وسبلٍ عويصة، لا يمكن للعوام من النَّاس أن يركَبوها ويخوضوا غمارَها، فأينَ عوامُّ المسلمين من نظريَّة الكسب أو دليل الحدوث أو دليل التركيب أو حلول الحوادث أو الجوهر والعرض؟! أما السَّلفية فطريقتُها سهلة ميسَّرة قائمةٌ على الكتاب والسنة، دون ربطِ إيمان الناس بمعتركاتٍ جدلية لا تُقرِّر الحق، وإن قررته فبطرقٍ ملتويةٍ لا يفهمُها كلُّ أحد.
فإن قيل: فلماذا السلفية تحتكر الحق؟
فالجواب: الحقُّ واضحٌ بيِّنٌ، وهو ما جاء به الكتاب والسنة، وفهِمَه السلف الصالح منهما وطبَّقوه وعملوا به. ثمَّ إن كل طائفةٍ تدَّعي إصابة الحق وتخطِّئ مخالفيها، فلماذا يُوجَّه هذا السؤال إلى السلفية وحدها وتُتَّهم هي فقط بأنها تُفرِّق المسلمين؟! فإنَّ هذا ليسَ مما اختصَّت به السلفية!
ثم إن كان المراد باحتكارِ الحق أنَّ السلفية تقول بأنَّه لا حقَّ مع الطوائف الأخرى، فهذه تهمةٌ شنيعة، ولا يقول بهذا القول أحدٌ ممن هو على النهج السَّلفي الحقّ، وأما إن كان المراد باحتكارِ الحق أنَّ السلفية تدَّعي أن الحق معهَا في أصولها التنظيرية وتطبيقاتها العملية فهذا فيه تفصيل:
فإن كانَ الكلامُ عن المسائل قطعية الثُّبوت قطعية الدلالة، فنعم تقول السلفية: إن الحقَّ معها، وأنها قائمة به تنظيرًا وتطبيقًا، فإن السلفية هي التي بقِيَت على ما كانَ عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وتعتقدُ أن كل من خرجَ عن هذا الطَّريق في هذه المسائل فقد أخطأ وخرَجَ عن الحق، وهذه ميزةٌ للسلفية لا عيب فيها.
أما المسائل التي يسوغ فيها الخلاف والاجتهادُ فلا يدَّعي أحد من أتباع السلف أن الحق محصورٌ في قولٍ واحدٍ وما عداه باطل، وفي الساحة الفكرية الإسلامية السلفية مساحة واسعة للاجتهاد، ولا يقولُ أحدٌ بأن الخلاف في تلك المسائل غير معتبر، وأن المخالف مبتدع أو فاسقٌ أو خارجٌ عن الدين، بل تقرُّ السلفية كل من يجتهد في تلك المسائل ولا تنكر عليه، وفي بيانِ ذلك يقول ابن تيمية رحمه الله: “قد اتفقَ الصحابة في مسائل تنازعوا فيهَا على إقرارِ كل فريق للفريق الآخر على العمل باجتهادكم، كمسائل في العبادات والمناكح والمواريث والعطاء والسياسة وغير ذلك”([8]). فتعاملُ السلفيَّة مع الخلاف تعاملٌ موزون، فهم مع قولهم بأن كل من قال بالكتابِ والسنة والإجماع فهُو من أهل السنة([9]) -وهذا يشمل مجموعةً كبيرةً من المسلمين بل غالبهم- لا يُخرِجون الناس عن السلفية وعن أهل السنة والجماعة إلا من تحقق فيه الخروج بأن فارق أصلًا من أصول أهل السنة الكبار، أو ادعى بنفسه أنه ليسَ من أهل السنة بل من الفرقة الفلانية، فليس كل خطأ أو مخالفة تخرج الشخص من دائرة أهل السنة والجماعة، والتاريخُ يشهدُ أنَّ أكثر الناس قبولًا للآخر وإعذارًا له هم أهل السلفية بحقٍّ قديمًا وحديثًا، وليس المدعين لها، والمنصف يفرق بينهما، كما أن التَّاريخ يشهد بأن سائر الطوائف قد مارست دورًا إقصائيًّا حين تمكَّنوا، فبدَّعوا مخالفيهم وامتحنوهم وسجنوهم، بل وكفَّروهم وأفتوا بقتلهم، وكلُّ ذلك بسياطِ الحاكم وسلطانه([10])، فهذه الفرق أولى بهذه التُّهمة، وهي أهلها والحقيقة بها.
وأخيرًا: السلفية منهجٌ يقضي باتباع ما كانَ عليه النبي صلى الله عليه وسلمَ وأصحابه، وقيام أحزابٍ وجماعاتٍ تنتسب إلى السلفية وتتسمَّى باسمها لا يعني أنها تُصيب منهج السلف، بل مناهجُ بعض تلك الفرق مناقضةٌ لأصول منهج السلف، ولا يجوز شرعًا ولا عقلًا نسبة ما تمارسه من أخطاء للمنهج السلفي الحقّ، والمنصِفُ العادلُ هو من يفصل بين المنهج الصافي والتطبيقاتِ الخاطئَةِ الْمُشوّهة، فيحاكم السلفية بالنظر إلى أصولها وقواعدها ومنطلقاتها، لا بالنظر إلى ممارسات المنتسبينَ إليها، وبالرجوع إلى أصولِ السلفية يتبيَّنُ أنهم ما فرقوا الناس ولا أسَّسوا فرقةً تخالف ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسارَ عليه الصحابة، ولا افتاتوا على المرجعية الدينية لدى المسلمين، فأرغمُوا الناس على اتباع شخصٍ معين غير المصطفى الهادي صلى الله عليه وسلم، بل أصَّلوا في دعوتهم ومنهجهم للاجتماعِ، ودعوا للألفة، وحاربوا الخلافَ والشقاق والنزاع بالدعوة للرجوع إلى الكتاب والسنة، ولما كان عليه سلف الأمة؛ بعيدًا عن التأويلات الدخيلةِ والمناهج المحدثة التي دخلت على الأمة ففرَّقتها ومزَّقتها.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه.
ـــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)
[1]أخرجه البخاري (6658)، ومسلم (2533).
[2] يراجع: إعلام الموقعين لابن القيم، فقد ذكر فيه مبحثا بعنوان: “الأدلة على وجوب اتباع الصحابة” (4/ 94-119).
[3]جموع الفتاوى (4/ 2).
[4] ولا نطيل في ذكر أدلة وجوب اتباع فهم السلف، وينظر في ذلك: فهم السلف الصالح للنصوص الشرعية، للدكتور عبد الله الدميجي (ص: 95-119).
[5] أخرجه الترمذي (2641)، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي.
[6] شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (1/ 173-174).
[7]مجموع الفتاوى (8/ 458).
[8]مجموع الفتاوى (19/ 122).
[9] ينظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (3/ 346).
[10]ومن ذلك ما حصل أيام المأمون ثم المعتصم ثم الواثق من حمل الناس على القول بخلق القرآن وامتحان العلماء على ذلك، وفيها سجن الإمام أحمد بن حنبل. انظر: البداية والنهاية لابن كثير (10/ 272-274)، وانظر أيضًا ترجمة الإمام أحمد بن حنبل في المصدر نفسه (10/ 325-343).