الأربعاء - 04 شوّال 1446 هـ - 02 ابريل 2025 م

(لو شَاءَ الله ما أشْرَكنا) كيفَ يُعاقِبُنا الله على المَعاصي وهو من كَتَبَها عَلَينا؟!

A A

تمهيد:

حينَمَا يسرحُ العقلُ بعيدًا عمَّا خُلقَ له، ويفتِّشُ عن حقولٍ معرفيَّة ليسَت من اختصاصِه، ويغوصُ في بحارٍ لم يُهيَّأ للغَوصِ فيها؛ سينزَلِق في مهاوي الضَّلال بلا شَك. ومن ذلِكَ أن يُدخِلَ الإنسَانُ عقلَه فيما هو من خصَائِصِ الله ومُلكه وَتدبيره، فَيُحاكِم أفعالَ الله على ما يمليهِ عقلُهُ الضَّئيل والضَّئيل جدًّا، لدرجة أنَّه لا يدرك ولا يمكن أن يدرك ماذا سيحصُلُ في الثَّانية القادمة، والضَّئيل جدًّا لدرجة أنَّه لا يستَطيعُ أن يتخطَّى حجب الغيب ليطَّلِعَ ولو على جزءٍ صغيرٍ ممَّا يفعله صديقه المقرَّب في غيابه، بل الضَّئيل جدًّا لدرجة أنَّه لا يستطيع أن يعرف من تلقاء نفسه ماذا حصل لهُ بالضَّبط في حالِ نومِهِ أو غيبوبَتِه، ثمَّ يأتي ويبرِز عضَلات هذا العقل ليَعترِضَ على من أبدَعَ وأتقَنَ صُنعَ هذا العَقل، ووضَعَ فيه كلَّ القدراتِ الهائِلَة التي تظهر إذَا عمِلَ في مجالاتِه وحقوله التي يجيدُ التَّعامل معَهَا.

ومن أكثَر هذهِ الاعتراضات العقليَّة المُنافيَةِ للعَقل: أن يعترضَ الإنسانُ على أقدارِ الله أو يحتجَّ بها لتبريرِ معاصيه، فإنَّ القدر سرُّ الله الذي لم يُطْلِع عليه أحدًا، وهو من خصائص ربوبيَّته ومُلكه وتَدبيره، وقد خَرَجَ النبي صلى الله عليه وسلم يومًا على أصحابه وهم يتكلَّمونَ في القدر، فغضِب حتَّى كأنما تفقَّأ في وجهه حبُّ الرمان، وقال: «ما لكم تضربون كتابَ الله بعضَه ببعض؟! بهذا هَلكَ من كان قَبلكُم»([1]).

ولذلكَ كان نهيُ الصَّحابة الكرام ومن بعدهم من كبارِ هذه الأمَّة وعقلائها عن الخوض في القدر، فإنَّ القدرَ بابٌ لا يُفتح إلا بمَا أراد الله إظهارهُ للنَّاس من النَّزر اليسير، ولذلك يقول ابن عمر رضي الله عنهما حين سُئل عن القدر: “شيءٌ أراد الله ألا يطلِعَكم عليه”([2])، ورُغم ذلك لا بدَّ لنا من الوُقوفِ على عتبَة ذلك الباب الْمُحكم إغلاقُه؛ لننفيَ عنه حوائمَ الرَّيب والشَّكّ، ومن ذلك مسألتنا التي سنتناولها في مقالِنا هذا بعون الله.

أصل الاعتراض:

من تلكَ الاعتراضات التي تُورد في باب القدر قول بعضهم: كيفَ يُعذِّبُنا الله على معاصينا وهو قد كَتَبَهَا علينا؟!

وإن شئتَ أن تُعيدَ صياغة السؤال تقول: لماذا يُعاقبنا الله ونحن مُجبَرونَ على فعل المعاصي؟! فإن لم نُصلِّ لله أو نُخرج زكاةَ أموالنا أو تعدَّينا وظلَمْنا لم يكن ذاكَ إلا بسلطة كتابَةِ الله، فأينَ عدلُ الله حين يجبرُنَا ثم يعاقبنا؟!

وإن شئتَ مرةً أخرى أن تعيدَ الصياغة فاقرأ قول الله تعالى: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ} [الأنعام: 148]، وقوله: {وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ نَّحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ} [النحل: 35].

إنَّها هي هي: الشُّبهة نفسها.. المنطلقات نفسها.. النَّبعُ نفسه. فهو نفس السُّؤال القديم الذي لا يزالُ يتجدَّد في بعض الأذهان ويتداول على بعضِ الألسنة

وحاصل هذا الاعتراضِ أنَّنَا بينَ نتيجَتين:

1- إمَّا أن نقول: إنَّ الإنسانَ لا يستطيع أن يَخرُج عمَّا هو مكتوبٌ له فهو مُجبَرٌ عليه، فيكونُ هذا طعنًا في عدلِ الله إذْ عذَّبه رغم جبره.

2- وإمَّا أن نقول عن الإنسان: إنَّهُ يستطيعُ أن يغيِّر قدره، فينشِئ فعلًا لم يردهُ الله ولم يكتُبهُ عليه، وفي هذا نِسْبَة العَجز إلَى الله.

وسَنُحاوِل في هذا المقال أن نُجيب عن هذهِ الجزئية وهي: هل الكتابَةُ السَّابقة تقتضي الجبرَ فيكونُ الثَّواب والعقاب منافيًا للعدل؟!

قبل الإجابة عن هذا الاعتراض لا بُد أن نُنبِّه على نقطةٍ مهمَّة وهي: أنَّ هذه المسألة مبنيَّة على الإقرَارِ بوجودِ الله، فإنَّ من لم يؤمن بوجودِهِ لا يحقُّ له الاعتراض بهذا الاعتراض، إذ لا وجودَ أصلًا لمن يقولُ: إنَّه قد أجبره! وهذا الاستحضار مهمٌّ جدًّا للمؤمن، فإنَّ الإنسان الذي يقرُّ بوجودِ الله، ويعترف بكماله وجلاله وعظمتِه، ويعجزُ عن إدراكِ كمال الله على حقيقتِه، ويتضاءل كالذَّرةِ أمامَ ملكوته العظيم، كيفَ له أن يُحيطَ بأسرارِ تقدير الله، ويعرفَ مكنونات الغيب، ويطَّلع على كُنه التَّدبير؟! فإن كان لا يمكن ذلك البتَّة تضاءَل قدر هذا الاعتراض؛ لأنَّنا ندرك أن تقديرَ الله هو من أخصِّ خصائص ربوبيَّته وكمالِه وجلالِه، وطلبُ معرفة حقيقة سرِّ التقدير لكلِّ شيءٍ هو في الحقيقة طلبٌ لمعرفة حقيقةِ كمال الله وجلالِه، وهو فوق طاقةِ عقولِ البَشر، ولا يمكنُ معرفة بعضِهِ إلا بالوحي.

وإذا عرفنا هذا يُمكننا أن نتحصَّل جواب هذا الاعتراض من خلال المقدِّمات الآتية:

المقدِّمة الأولى: أنَّ الله سبحانه وتعالى متَّصفٌ بالعدلِ والحكمة، فلا يُمكنُ أن يصدر عن الله ظلمٌ أو عبثيَّة، وكلُّ ما قدَّر الله تعالى فهو العدلُ المطلق، وكلُّ ما كتبه ففيه الحكمة البَالغة، وقد ذكرَ الله ذلك عن نفسه مرارًا فقال: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ} [فصلت: 46]، {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الكهف: 49]، {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَٰكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [يونس: 44]، فاللهُ سبحانه وتعالى لا يصدرُ منه ظلمٌ ولا جور، تعالى الله عن ذلك، وهو ممَّا أوجبهُ على نفسه كما في الحديثِ القدسي: «يا عبادي، إنِّي حرَّمتُ الظَّلم على نفسي»([3])، وليسَ للعبادِ عليه سبحانه حقٌّ، وإنما هو فضلٌ وإحسانٌ، كما أنَّ أفعالَه كلَّها تُنزَّه عن العبثيَّة، فهو الحكيم الذي له في كلِّ شيءٍ حكمةٌ عرفناها أو جهلناها، فما قَدَّر من خيرٍ فلحكمةٍ بالغة، وما قدَّر من شرٍّ فلحكمة كامنَةٍ لا تظهرُ لنا، فهو الذي يدبِّر أمورَنا بحكمةٍ بالغة.

وليس لِلإنسانِ إلا أن يخضَعَ ويُقرَّ ويؤمن بهذا العدلِ والحكمَة ولو لم يعرف وجهَها، فلا يُمكن معرفةُ كلِّ أسرار القَدَر، ولا الإحاطة بحِكَم الباري، وهذا الإنسانُ لا يزالُ يكتشف في ذاته وخاصَّة نفسِه اكتشافاتٍ جديدَة كانت خافيةً عليه، فالإنسانُ الجاهل بما في جسَدِهِ كيفَ له أن يُحيط بكل حِكَمِ الله تعالى من أوامره ونواهيه وتقديرِه؟!

وخُلاصةُ الكلام في هذهِ المُقدِّمة: أنَّ الله سبحانه وتعالى لا يمكن أن يصدرَ منهُ إلَّا العدل والحكمة، وكل ما قدَّره وقضاه فهو يجري وفق عدلِه وحكمته، سواء عرفنَا ذلك أو لَم نعرفه.

المقدمة الثانية: أنَّ الله سُبحانه وتعالى متصفٌ بالعلم المُطلق، وهذه المقدمة من المقتضياتِ الضَّرورية لاتِّصاف الله بصفة الخلق، فإنَّه لا يمكنُ انفصالُ علمِ اللهِ عن خلقه، فما دامَ أنَّه خالقُ الكون فإنَّه بالضَّرورة سيكونُ عالِمًا بما خَلَق، وقد ذكرَ الله في كتابِهِ سعةَ علمِه فقال: {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} [الأنعام: 59]، يعلمُ سبحانَهُ عن الوَرقةِ التي ستسقُطُ من تلكَ الشَّجرة في تلكَ الغابة المليئَةِ بالأشجار وتحتَ جُنح الظَّلام، ويعلمُ تلك الحبَّة المتوارية في ظُلماتِ الأَرض، وهو سُبحانَه {يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} [طه: 7]، قالَ الواحِدي عن هذِهِ الآية: “{وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ} وهو ما أسرَرْتَ في نفسِك، {وَأَخْفَى} وهُو ما ستُحَدِّث به نفسَك مِمَّا لم يكُن بعد، والمعنى: إنَّهُ يعلمُ هذا، فكيفَ ما جهر به؟!”([4]).

فكلُّ مَخلوقٍ لا بُدَّ وأنَّ الله قد علِم كل ما يتعلَّق به، والإنسانُ وأفعالُه لا يمكنُ أن تخرج عن هذهِ الكلِّية، إذ إنَّهُ جزءٌ من الكونِ المخلوق المدبَّر، فنَعرف مِن هَذا أنَّ الله يعلَمُ ما سيفعلُه الإنسان ضرورةً؛ وذلك لأنَّه من جُملة الأَحداث، وقد كَتَبَ الله سبحانَهُ وتعالى ما علِمَهُ ممَّا هو كائنٌ إلى يومِ القيَامَة، كما في الحديث الذي أخرجهُ مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: «كَتَبَ الله مقاديرَ الخَلائق قبلَ أن يخلُقَ السَّموات والأرض بخمسين ألفَ سنة»، قال: «وعرشُهُ على الماء»([5]). ولسنَا بِصدَدِ بيانِ مرتَبةِ الكِتابَة وذكرِ أدلَّتِها، وإنَّما نُشير إلى التَّرابط الوثيق بين علمِ الله وكتابتِه، ومعرفةُ هذا التَّرابط مهمٌّ جدًّا في حلِّ هذا الاعتراض، فإذا عرفنا بالضَّرورة العقليَّة أنَّ الله قد علِمَ كلَّ شيء عرفنا أنَّ هذِهِ الكتابةَ مبنية على علمِه سبحانه، فحقيقةُ الكتابَة أنَّ الله سبحانه وتعالى قد كَتَب ما عَلِم أنَّه سيكُون، فالعلمُ سابقٌ للكتابة كما هو واضحٌ وظاهِر.

وخُلاصة هذه المقدِّمة: أنَّ الله سبحانه وتعالى يعلَمُ كلَّ شيءٍ لأنَّه خالقه، وقد كَتَب مقادير الخلائق بناءً على علمه سبحانه.

المقدِّمة الثالثة: أنَّ الله قد بيَّن لجميعِ الناس السَّبيلَيْن، وهداهُمُ النَّجدَين، فَالله سُبحانَه وتعالى من تمامِ عدلِهِ أنَّه لا يُعذِّبُ أحدًا لم تبلُغه الحجَّة، {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15]، ولذلكَ أرسَلَ اللهُ الرُّسل {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165]، وفي ذلِكَ يقولُ الله سُبحانَه وتعَالى: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} [البلد: 10]، قال ابن مسعود: (الخير والشر)، وكذا رُوِيَ عن علي وابن عباس ومجاهد وعكرمة وغيرهم([6]).

وهذِهِ الأدلَّة تبيِّن أن الله سبحانه وتعالى قد هدى الناسَ كلَّهم هدايةَ دلالةٍ وإرشاد، فبيَّن لهم طريق الخير وما تؤول إليه، وطريق الشرِّ وما تؤول إليه، ولئِن قامَ النَّاس مثنى وفرادى يبحثون عن طعنٍ يطعنون به في هدايةِ الله ما وَجدُوه، فإنَّه سبحانه قد بيَّن أتمَّ بيان، وأرسلَ الرُّسل ليبلِّغ عنه دينَهُ وأوامرَه ونواهيَه، وقبلَ ذلكَ أقامَ الحُجج العقليَّة والضَّرورات النَّفسيَّة، ثمَّ قبلَ أن يؤاخِذَ أحدًا بذنبِه بيَّن له وعلَّمَه وأرشدَه؛ ولذلِكَ قطعَ اللهُ الطَّريق على كلِّ من حَاوَلَ أن يعترضَ على الله، فَحَكى اللهُ قولَهم: {أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (56) أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (57) أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الزمر: 56-58]، ثم كان الجواب: {بَلَىٰ قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ} [الزمر: 59].

وخلاصة المقدمة: أن التكليف قائمٌ على بيانٍ وإرشادٍ وهداية.

فإن قِيل: بعضُ النَّاس لم يُعطَوا كلَّ الهداية؛ إمَّا لعجزٍ في فهمهم، أو في مُدركاتِهِم الحسيَّة، أو لعدمِ وصولِها إليهِم.

نقول: إنَّ الله قد صرَّحَ بالإجابَةِ عنه فقال: {مَنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15]، فمن لم تصلهُ الهدايةُ لعجزٍ في فهمه لم تقُم عليه الحُجَّة فلا تكليفَ عليه، ومن وَصلتهُ الحجَّة ولم يستطِعِ العملَ بها لعجزٍ في نفسه يسقطُ عنه ما عجزَ عنه، ومن لم تصله الحجة إطلاقًا لا يعذِّبه الله على أفعالِه الدُّنيوية، يقول ابن القيم رحمه الله: “فإن قيلَ: كيفَ تقومُ حجتُّه عليهم وقد منَعهُم من الهُدى وحالَ بينهُم وبينه؟! قيل: حجَّته قائمة عليهم بتخلِيَته بينَهم وبينَ الهُدى وبيان الرُّسل لهم وإراءَتهم الصِّراط المستقيم حتَّى كأنَّهم يُشاهدونَه عيانًا، وأقامَ لهُم أسبابَ الهداية ظاهرًا وباطنًا، ولم يحل بينهم وبين تلك الأسباب، ومن حال بينه وبينَهَا منهم بزوالِ عقلٍ أو صغرٍ لا تمييزَ معهُ أو كونه بناحيةٍ من الأرض لم تبلُغه دعوةُ رسله فإنَّه لا يعذِّبه حتى يقيمَ عليه حجَّته، فلم يمنعهم من هذا الهدى، ولم يحل بينهم وبينه”([7]).

المقدمة الرابعة: الإنسانُ مختارٌ مُريد، وهذه المقدِّمة من أهمِّ ما يهدِم مذهبَ الجبر وينقض بنيانَه، فالإرادة الحرَّة والاختيار لا يمكن أن تلتقيَ بالجبرِ في طريق، فهيَ مبنيَّة على أصلٍ وجودي ضروري حسِّي، فالله سُبحانه قد أعطى كلَّ إنسان حريَّة وإرادةً واختيارًا، والإنسانُ يشعرُ شعورًا اضطراريًّا بأنَّه حرٌّ مختارٌ مُريد، فمن جلس يمكنه أن يقومَ، ويمكنه أن يضطجع، ويمكنه أن يستمرَّ جالسًا، لا يشعُرُ من نفسِه أنَّه مجبرٌ على فعلِ واحدٍ من هذه الخيارات، ومتى ما أرادَ الإنسانُ أن يُحرِّكَ يدَهُ أو رأسَهُ فَعَلَ ذلكَ دونَ أن يشعر أنَّه مُجبرٌ على اختيارٍ محدَّد؛ ولذلك تُقسم الحركات إلى حركاتٍ لا إراديَّة كالرّعشة والسُّقوط المفاجئ وغيرها، وإلى حركاتٍ إرادية كالأكل والشُّرب والمشي والقراءَة وغيرها، والإنسان يُمدحُ ويُذمُّ على أفعاله الإرادية، بل لا تترتَّب الآثار القانونية إلَّا على النَّوع الثَّاني، ولو ساوى الناس بين النوعين لبطلت قوانينُ التَّحاكم البشري.

وهذه الضرورة النفسيَّة قد بيَّنها القرآنُ أتمَّ بيان، فقد أثبتَ الله في كتابِهِ الإرادَةَ والاختيار للإنسان فقال: {حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الْآخِرَةَ} [آل عمران: 152]، وقال: {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 29]، إلى غير ذلك من الأدلَّة التي تُفيد هذا المعنى، فكما أنَّ زواجَ الإنسان باختياره، وأكلَه باختياره، وشربَهُ باختيارِه، فكذلكَ طاعته باختياره، ومعصيته باختيارِه، وهو ليس مجبرًا عليها، يقول ابن حزم رحمه الله موضحًا هذه الحقيقة: “فلا فرق بينَ من كابر وجاهرَ فأنكر فعل المطبُوع بطبعِه وقالَ: ليس هو فعله، بل هو فعلُ الله تعالى فيه فقط، وبين آخر جاهر وكابر، فأنكر فعلَ المختار باختيارِه وقالَ: ليسَ هو فعله، بل هو فعلُ الله تعالى فيهِ فقَط، وكلا الأمرين محسوسٌ بالحسِّ، معلومٌ بأوَّل العَقل وضرورَته أنَّهُ فعلَ لما ظهَرَ منه، ومعلومٌ كل ذلك بالبرهانِ الضَّروري أنَّه خلق الله تعالى في المطبُوع وفي المختار”([8]).

بعد كلِّ هذا: هل أجبرَ الله عبادَه على المعصية بكتابتها عليهم؟

نتيجةُ هذه المقدِّمات الأربعة واضحةٌ جليَّةٌ في أنَّ كتابة الله سبحانه وتعالى أفعالَ العباد ليس جبرًا لهُم، فإن كانَ اللهُ سبحانه كاملًا في عدله وحكمته، وعلم كل ما يفعله العباد فكتبه بناءً على علمه، ثمَّ بيَّن للنَّاس الخيرَ والشَّر، ورزَقَهُم الإرادة والاختيار، فإنَّ ما يفعله العبد بعد ذلك ليس جبرًا من الله سبحانه وتعالى؛ لأنه متعلق بإرادته واختياره، وثوابه وعقابه على أفعالِ العبد ليسَ منافيًا للعدل الإلهي؛ لأنه مبنيٌّ على علمِه، فهب أنَّ معلمًا -ولله المثلُ الأعلى- علِمَ من خلالِ تدريسِه أنَّ فلانًا سينجحُ بتقدير: ممتاز، والآخر سينجَحُ بتقدير: جيِّد جدًا، والثالث سيرسُب، ثمَّ كتب ذلك في ورقةٍ عنده، ثمَّ ظهرت نتائج الثلاثة على ما كتبه المعلم، فهل يحقُّ للطلاب أن يعترضوا بأن تلك الكتابة كانت إجبارًا لهم على حصول ذلكَ التقدير؟! وهل يحقُّ للطالب الراسب أن يحتجَّ على معلِّمه بأنه لو لم يكتب ذلك لما رسب؟! يُدرك الجميع أن هذه الكتابة ليس جبرًا لأحد، وإنما هي مبنية على علم، وهو علمٌ قاصرٌ محدود، فكيف بعِلمِ الله الذي يعلم السر وأخفى؟!

فكما أن كتابة هذا المعلم ليست جبرًا لأحدٍ من الطُّلاب، فكذلك كتابة الله ليست جبرًا لأحد، فالله قد أعطى الإنسانَ عقلًا وإدراكًا، ثم بيَّن له الخير والشر، والنافع من الضَّار، فيدرك الأنفع منهما بما وهبه من عقلٍ وإدراك، ثم وهبَهُ الله اختيارًا وإرادةً يستطيع بهما أن يسلك أي السبيلين شاء {فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الإنسان: 3]، وحسب اختيارِ العبد يجازيه الله، إن خيرًا فخير وإن شرًّا فشر، فالثَّواب والعقاب مبنيٌّ على اختيار الإنسان بعد بيان الحقِّ له، لا على علمِ الله سبحانه وتعالى وكتابته، فليس للعاصي أن يحتجَّ بأن هذا مقدَّر ومكتوبٌ عليه فلا يحقُّ له أن يعاقبه؛ لأن الله عَلِمَ أنَّ هذا الإنسان سيفعلُ كذا وكذا يوم كذا وكذا، فَكَتَبه في كتابه دون أن يجبره على فعل تلك المعصية، فهذه النتيجة مبنية على تلك الأصول العقلية الضَّرورية، ومن وعاها وأدرك حقيقتَها انحلَّت لديه كثيرٌ من إشكالات القدر.

وخلاصةُ الأمر:

هل بعد أن تعرف عدلَ الله المطلَق وحكمتَه البالغة المطلقة يساوِركَ شكٌّ في أنَّ الله قد يظلِم عبادَه فيجبرهم على فعل ما لا يريدون ثم يعاقِبُ عليه؟!

وبعد أن تعرف أنَّ الله قد عَلِم كلَّ شيء، وهو عِلمٌ ضروري مطلق من مقتضيات الخلق، وتعرف أنَّ أفعال الإنسان لا تخرج عن هذه الكلية المطلقة، وقد كَتَب الله ما علِمهُ، هل لا زالت خيوط الشكِّ والرَّيب تحاكُ في قلبك على أنَّ تلك الكتابة إجبار للعبد وليست وصفًا للواقِع كما في عِلْم الله؟!

ألا تستوقفُك الهدايةُ العامَّة، وأنَّ الله قد نظَمَ لك كل هذه الأدلة، وأرسَلَ من أجلك الرُّسل، وأنزل لتبصيرك الكتب، وبيَّن لك طريق الخير والشر، ثمَّ بعد أن زوَّدك بكل هذه المدركات الحسيَّة والعقلية تدَّعي أنه قد أجبرك؟!

وإن تجاوزت عن هذا كلِّه: فهل تنكر الضرورة النفسيَّة التي تجدها في نفسك من حرية إرادتك واختيارِك؟! ألست تشعر من نفسك ضرورةً أنَّك حرٌّ في أن تكمل القراءة أو تتوقَّف، أن تصلّي أو لا تصلي؟!

ويتَّضح من هذا كلِّه أن الإنسان ليس مجبورًا على فعله، وأنَّ ثوابَ الله وعقابه ليس منافيًا للعدل، فيلزم من يريدُ جنَّة الله أن يجتهد في الطاعة، ومن يخاف نارَه أن يتجنَّب المعصية، والإنسانُ إذا خُيِّرَ بين مشروعين دُنيويَّين: أحدُهما مُربِحٌ سهلٌ يسير يرى الخير فيه، والآخر مُكلفٌ شاقٌّ تظهر فيه الخسارة، فإنَّه بلا شكَّ ولا ريب سيختارُ الأوَّل، فلماذا يختار مشروع الشرِّ فيما يتعلَّق بعبادته ثم يحتجُّ على الله بالقدر السابق؟! ولم لا يفعل ذلك في مشروعه الدنيويِّ؟! فلا فرقَ بين أعمالِ الدنيا والآخرة في هذا الجانب، وبناءُ الثَّواب والعقاب على فعل العبد باختياره وإرادته هو مقتضى كمالِ عدل الله سبحانه وتعالى.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

ــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) أخرجه ابن ماجه (85)، وأحمد (6668) قال عنه محقِّقوه: “صحيح”. وصحَّحه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه (1/ 157).

([2]) ينظر: الإبانة الكبرى لابن بطة (3/ 242)، والشريعة للآجري (2/ 936).

([3]) أخرجه مسلم (2577).

([4]) الوجيز (ص: 692).

([5]) صحيح مسلم (2653).

([6]) ينظر: تفسير ابن كثير (8/ 404).

([7]) شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل (ص: 80).

([8]) الفصل في الملل والأهواء والنحل (3/ 46).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد سلف

التدرج في تطبيق الشريعة.. ضوابط وتطبيقات

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: إن الله تعالى أرسل الرسل وأنزل الكتب ليقوم الناس الناس بالقسط، قال تعالى: ﴿‌لَقَدۡ ‌أَرۡسَلۡنَا ‌رُسُلَنَا بِٱلۡبَيِّنَٰتِ وَأَنزَلۡنَا مَعَهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡمِيزَانَ لِيَقُومَ ٱلنَّاسُ بِٱلۡقِسۡطِ﴾ [الحديد: 25] أي: “ليعمل الناس بينهم بالعدل”[1]. والكتاب هو النقل المُصَدَّق، والميزان هو: “العدل. قاله مجاهد وقتادة وغيرهما”[2]، أو “ما يعرف به العدل”[3]. وهذا […]

تأطير المسائل العقدية وبيان مراتبها وتعدّد أحكامها

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: إنَّ علمَ العقيدة يُعدُّ من أهم العلوم الإسلامية التي ينبغي أن تُعنى بالبحث والتحرير، وقد شهدت الساحة العلمية في العقود الأخيرة تزايدًا في الاهتمام بمسائل العقيدة، إلا أن هذا الاهتمام لم يكن دائمًا مصحوبًا بالتحقيق العلمي المنهجي، مما أدى إلى تداخل المفاهيم وغموض الأحكام؛ فاختلطت القضايا الجوهرية مع […]

توظيف التاريخ في تعزيز مسائل العقيدة والحاضر العقدي

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: إنَّ دراسةَ التاريخ الإسلاميِّ ليست مجرَّدَ استعراضٍ للأحداث ومراحل التطور؛ بل هي رحلة فكرية وروحية تستكشف أعماقَ العقيدة وتجلّياتها في حياة الأمة، فإنَّ التاريخ الإسلاميَّ يحمل بين طياته دروسًا وعبرًا نادرة، تمثل نورًا يُضيء الدروب ويعزز الإيمان في قلوب المؤمنين. وقد اهتم القرآن الكريم بمسألة التاريخ اهتمامًا بالغًا […]

تصفيد الشياطين في رمضان (كشف المعنى، وبحثٌ في المعارضات)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  تمهيد يشكِّل النصُّ الشرعي في المنظومة الفكرية الإسلامية مرتكزًا أساسيًّا للتشريع وبناء التصورات العقدية، إلا أن بعض الاتجاهات الفكرية الحديثة -ولا سيما تلك المتبنِّية للنزعة العقلانية- سعت إلى إخضاع النصوص الشرعية لمنطق النقد العقلي المجرد، محاولةً بذلك التوفيق بين النصوص الدينية وما تصفه بالواقع المادي أو مقتضيات المنطق الحديث، […]

رمضان مدرسة الأخلاق والسلوك

المقدمة: من أهم ما يختصّ به الدين الإسلامي عن غيره من الأديان والملل والنحل أنه دين كامل بعقيدته وشريعته وما فرضه من أخلاق وأحكام، وإلى جانب هذا الكمال نجد أنه يمتاز أيضا بالشمول والتكامل والتضافر بين كلياته وجزئياته؛ فهو يشمل العقائد والشرائع والأخلاق؛ ويشمل حاجات الروح والنفس وحاجات الجسد والجوارح، وينظم علاقات الإنسان كلها، وهو […]

مَن هُم أهلُ السُّنَّةِ والجَماعَة؟

الحمدُ للهِ وكفَى، والصَّلاةُ والسَّلامُ على النبيِّ المصطفَى، وعلى آلِه وأصحابِه ومَن لهَدْيِهم اقْتفَى. أمَّا بَعدُ، فإنَّ مِن المعلومِ أنَّ النَّجاةَ والسَّعادةَ في الدُّنيا والآخِرَةِ مَنوطةٌ باتِّباعِ الحَقِّ وسُلوكِ طَريقةِ أهلِ السُّنَّةِ والجَماعَة؛ ولَمَّا أصْبحَ كلٌّ يَدَّعي أنَّه مِن أهلِ السُّنَّةِ والجَماعَة، وقام أناسٌ يُطالِبون باستِردادِ هذا اللَّقبِ الشَّريفِ، زاعِمين أنَّه اختُطِفَ منهم منذُ قرون؛ […]

أثر ابن تيمية في مخالفيه

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: شيخ الإسلام ابن تيمية هو البحرُ من أيِّ النواحِي جِئتَه والبدرُ من أيّ الضَّواحِي أتيتَه جَرَتْ آباؤُه لشأْو ما قَنِعَ به، ولا وقفَ عنده طليحًا مريحًا من تَعَبِه، طلبًا لا يَرضَى بِغاية، ولا يُقضَى له بِنهايَة. رَضَعَ ثَدْيَ العلمِ مُنذُ فُطِم، وطَلعَ وجهُ الصباحِ ليُحاكِيَهُ فَلُطِم، وقَطَعَ الليلَ […]

عرض وتعريف بكتاب (نقض كتاب: مفهوم شرك العبادة لحاتم بن عارف العوني)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدّمة: إنَّ أعظمَ قضية جاءت بها الرسل جميعًا هي توحيد الله سبحانه وتعالى في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، حيث أُرسلت الرسل برسالة الإخلاص والتوحيد، وقد أكَّد الله عز وجل ذلك في قوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 25]. […]

عبادة السلف في رمضان وأين نحن منها؟!

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: لا يخفى أن السلف الصالح -رضوان الله عليهم- كانوا يحرصون كل الحرص على كثرة التعبد لله سبحانه وتعالى بما ورد من فضائل الأعمال، وبما ثبت من الصالحات الباقيات التي تعبَّد بها النبي صلى الله عليه وسلم، بل إنهم كانوا يتهيؤون للمواسم – ومنها شهر رمضان – بالدعاء والتضرع […]

النصيرية.. نشأتهم – عقائدهم – خطرهم على الأمة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: لقد كانت الباطِنيَّةُ -وما زالت- مصدرَ خطَرٍ على الإسلامِ والمسلمين مذ وُجِدت، وقد أيقَن أعداءُ الإسلامِ أنَّ حَسْمَ المواجهة مع المسلمين وجهًا لوجهٍ لن يُجدِيَ شيئًا في تحقيق أهدافِهم والوصولِ لمآربهم؛ ولذلك كانت الحركاتُ الباطِنيَّةُ بعقائِدِها وفِتَنِها نتيجةً لاتجاهٍ جديدٍ للكيد للمسلمين عن طريق التدثُّرِ باسمِه والتستُّرِ بحبِّ […]

موقف الإمامية الاثني عشرية من خالد بن الوليد -قراءة نقدية-

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: إن الله أعزّ الأمة، ووجّهها نحو الطريق المستقيم، وفتح لها أبواب الخير بدين الإسلام، هذا الدين العظيم اصطفى الله له محمدَ بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، واصطفى له من بين أهل الأرض رجالًا عظماء صحبوه فأحسنوا الصحبة، وسخروا كل طاقاتهم في نشر دين الله مع نبي […]

التلازم بين العقيدة والشريعة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: من تأمل وتتبَّع أسفار العهدين القديم والحديث يدرك أنهما لا يتَّسمان بالشمول والكمال الذي يتَّسم به الوحي الإسلامي؛ ذلك أن الدين الإسلامي جاء كاملا شاملا للفكر والسلوك، وشاملا للعقيدة والشريعة والأخلاق، وإن شئت فقل: لأعمال القلوب وأعمال الجوارح واللسان، كما جاء شاملا لقول القلب واللسان، وهذا بخلاف غيره […]

إنكار ابن مسعود للمعوذتين لا طعن فيه في القرآن ولا في الصحابة

يعمد كثير من الملاحدة إلى إثارة التشكيك في الإسلام ومصادره، ليس تقويةً لإلحاده، ولكن محاولة لتضعيف الإسلام نفسه، ولا شك أن مثل هذا التشكيك فيه الكثير من النقاش حول قبوله من الملاحدة، أعني: أن الملحد لا يؤمن أساسًا بالنص القرآني ولا بالسنة النبوية، ومع ذلك فإنه في سبيل زرع التشكيك بالإسلام يستخدم هذه النصوص ضد […]

دعاوى المناوئين لفتاوى ابن باز وابن عثيمين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: تُثار بين الحين والآخر نقاشات حول فتاوى علماء العصر الحديث، ومن أبرز هؤلاء العلماء الشيخ عبد العزيز بن عبد الله ابن باز والشيخ محمد بن صالح العثيمين. ويطغى على هذه النقاشات اتهام المخالف لهما بالتشدد والتطرف بل والتكفير، لا سيما فيما يتعلق بمواقفهما من المخالفين لهما في العقيدة […]

شبهات العقلانيين حول حديث “الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم” ومناقشتها

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة    مقدمة: لا يزال العقلانيون يحكِّمون كلامَ الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم إلى عقولهم القاصرة، فينكِرون بذلك السنةَ النبوية ويردُّونها، ومن جملة تشغيباتهم في ذلك شبهاتُهم المثارَة حول حديث: «الشيطان يجري في ابن آدم مجرى الدم» الذي يعتبرونه مجردَ مجاز أو رمزية للإشارة إلى سُرعة وقوع الإنسان في […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017