السبت - 21 محرّم 1446 هـ - 27 يوليو 2024 م

شبهة مجافاة منهج السلف لتحفيظ القرآن

A A

لما كان منهج الإصلاح هو منهج السلف القائم على القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة؛ لذا فإنهم كانوا أشد الناس حرصًا على حفظ القرآن الكريم، يؤثرونه على كل شيء، ولا يقدمون عليه شيئًا؛ رغبة في تزكية نفوسهم؛ كما في قوله سبحانه: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} [العنكبوت: 49]، يقول الحسن البصري -في تفسيرها-: “القرآن آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم، يعني: المؤمنين”([1]) .

وتحصيلًا للدرجات العلا من الجنة؛ والتي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن تحصيلها بحفظ القرآن الكريم وتدبره والعمل به؛ فقال صلى الله عليه وسلم: “يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ، وَارْتَقِ، وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا”([2]) .

يقول التوربشتي: “وصاحب القرآن: هو الملازم له بالهمة والعناية، ويكون ذلك تارة بالحفظ والتلاوة، وتارة بالتدبر له والعمل به”([3]) .

وقوله: “اقرأ وارتق”، أي: اقرأ ما كنت تحسنه من القرآن، وارتق بقدره في درجات الجنان؛ قيل: درج الجنة بعدد أي القرآن، والقراء يتصاعدون بقدرها، فمن قرأ مائة آية مثلًا كان منزله عند آخر آية يقرؤها، وهي المائة من الدرجات، ومن حفظ جميع القرآن كان منزله الدرجة الأقصى من درجات الجنان، وهذا للقارئ الذي يقرؤه حق قراءته، وهو أن يتدبر معناه، ويأتي بما هو مقتضاه، لا الذي يقرأ والقرآن يلعنه”([4]).

وقد امتثل الصحابة الكرام -رضي الله عنهم- ذلك؛ فكانوا لا يجاوزون عشر آيات من القرآن حفظًا حتى يعلموا ما فيها من العلم والعمل؛ يقول أبو عبد الرحمن السلمي قال: حدثنا من كان يقرئنا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أنهم كانوا يقترئون من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر آيات، فلا يأخذون في العشر الأخرى حتى يعلموا ما في هذه من العلم والعمل، قالوا: فعلمنا العلم والعمل”([5]).

ومع وضوح منهج السلف الإصلاحي في هذا الأمر، وشيوعه في كل عصر ومصر؛ إلا أن أصحاب البدع والخرافات من الشيعة الروافض لا يرون فائدة لحفظ القرآن وتحفيظه([6])، وكذا من تأثر بالدعوات الاستشراقية الغربية، حيث تعالت أصوات بالتحذير من حلقات تحفيظ القرآن، والمطالبة بمنعها وحظرها([7]).

وفي هذه المقالة دحض لتلك الشبهة، وبيان قوة ارتباط منهج الإصلاح السلفي بالقرآن الكريم والاعتناء بتحفيظه، والتحذير من التهاون فيه والتشاغل عنه، ولو بالحديث النبوي الشريف، أو بعلوم الشريعة الأخرى.

القرآن الكريم سبيل تأديب الصغار:

لقد عد السلف -رضي الله عنهم- تحفيظ القرآن الكريم وتعليمه؛ سبيلًا لإصلاح الصغار وتأديبهم، يقربوه إليهم، ويروضونهم عليه، فلا يكرهوهم على تعلمه فيصيبهم الملل والضجر، ولا يتركوهم فيهجروا القرآن ويجفوه، وبهذا جاءت وصايا الأئمة لمؤدبي الأطفال.

فهذا الإمام الشافعي يوصي مؤدب أولاد هارون الرشيد بتعليمهم القرآن الكريم؛ فيروي نهشل بن كثير عن أبيه كثير؛ قال: أُدخل الشافعي يومًا إلى بعض حجر هارون الرشيد ليستأذن على أمير المؤمنين، ومعه سراج الخادم، فأقعده عند أبي عبد الصمد مؤدب أولاد الرشيد. فقال سراج للشافعي: يا أبا عبد الله، هؤلاء أولاد أمير المؤمنين، وهو مؤدبهم، فلو أوصيته بهم.

فأقبل الشافعي على أبي عبد الصمد، فقال له: «ليكن أول ما تبدأ به من إصلاح أولاد أمير المؤمنين إصلاح نفسك؛ فإن أعينهم معقودة بعينك، فالحسن عندهم ما تستحسنه والقبيح عندهم ما تركته، علمهم كتاب الله، ولا تكرههم عليه فيملوه، ولا تتركهم منه فيهجروه، ثم روِّهم من الشعر أعفه، ومن الحديث أشرفه، ولا تخرجنهم من علم إلى غيره حتى يحكموه، فإن ازدحام الكلام في السمع مضلة للفهم»([8]).

أولوية حفظ القرآن قبل الحديث النبوي:

لقد كان السلف يبدأون تعليم الصغار بتحفيظهم القرآنَ الكريم قبل الحديث النبوي؛ ويتدرجون في تحفيظه وتلقينه؛ مراعاة لقدرات الصغار وتوافقًا مع استطاعتهم؛ فيبادرون بتعليمهم القرآن الكريم كله إلا أن يشق عليهم؛ يقول الميموني: “سألت أبا عبد الله [يعني: الإمام أحمد بن حنبل] أيهما أحب إليك أبدأ ابني بالقرآن أو بالحديث؟ قال: لا، بالقرآن، قلت: أعلمه كله، قال: إلا أن يعسر فتعلمه منه. ثم قال لي: إذا قرأ أولًا تعود القراءة، ثم لزمها”([9]).

وفي استثناء الإمام أحمد بقوله: “إلا أن يعسر فتعلمه منه”، بيان أن الأصل هو تعليم الصغار القرآن الكريم كله، إلا أن يشق عليهم ذلك، فيقتصر على ما يلائم قدراتهم ويناسب أسنانهم.

وقد استمر فعل السلف على هذا النحو إلى وقت الناس هذا؛ يقول الإمام ابن مفلح -وهو من علماء القرن الثامن- (ت 763 هـ): “وعلى هذا أتباع الإمام أحمد إلى زمننا هذا”([10])، ولم تنقطع عادة العلماء والمؤدبين والمصلحين في ذلك إلى وقت الناس هذا.

ولعل انتشار مدارس تحفيظ القرآن الكريم في ربوع العالم كله، خير شاهد على تحقيق موعود الله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9].

تقديم حفظ القرآن على سماع العلم:

القرآن الكريم هو بوابة العلم، لذا كان السلف يقدمون تحفيظه للطالب على سماع الحديث والفقه، فإذا أتم الطالب حفظ كتاب الله؛ فإنه يعطى من الحديث والفقه وغيرهما من العلوم النافعة، مع توخي الحذر أن يطغى الاشتغال بذلك على حفظ كتاب الله تعالى، فيعرضه للنسيان.

ولهذا يقول الإمام النووي: “وأوَّل ما يبتدئ به حفظ القرآن العزيز؛ فهو أهم العلوم، وكان السلف لا يعلمون الحديث والفقه إلا لمن حفظ القرآن، وإذا حفظه فليحذر من الاشتغال عنه بالحديث والفقه وغيرهما اشتغالًا يؤدي إلى نسيان شيء منه، أو تعريضه للنسيان”([11]).

ويقول ابن جماعة في بيان آداب طالب العلم: “أن يبتدئ بكتاب الله العزيز، فيتقنه حفظاً، ويجتهد على إتقان تفسيره، وسائر علومه؛ فإنه أصل العلوم وأمها وأهمها”([12]).

وقد بلغ من شدة حرص السلف -رضي الله عنهم- على تحفيظ القرآن الكريم؛ أنهم كانوا يمنعون الصغار من حضور مجالس العلم قبل أن يتموا حفظ كتاب الله تعالى؛ ويختبروا إتقانهم له؛ يقول الوليد بن مسلم: ” كنا إذا جالسنا الأوزاعي فرأى فينا حدثًا، قال: “يا غلام، قرأت القرآن؟ فإن قال: نعم، قال: اقرأ: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء: 11]، وإن قال: لا، قال: اذهب، تعلم القرآن قبل أن تطلب العلم“([13]).

وبعضهم كان يستقرئ الغلمان بعض القرآن قبل إلقاء الحديث عليه؛ يقول أبو هشام الرفاعي: «كان يحيى بن يمان إذا جاءه غلام أمرد استقرأه، رأس سبعين من الأعراف، ورأس سبعين من يوسف، وأول الحديث، فإن قرأه حدثه، وإلا لم يحدثه”([14]).

ومنهم من يمنعه وليُّه من الرحلة والسفر في طلب الحديث والعلم، حتى يتم حفظ كتاب الله تعالى كاملًا ويقرأه عن ظهر قلب؛ فهذا محمد بن إسحاق بن خزيمة -الملقب بإمام الأئمة- (ت 311 هـ) يرغب في السفر لطلب الحديث من قتيبة بن سعيد، فلا يأذن له أبوه حتى يتم حفظ كتاب الله تعالى؛ يقول محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق بن خزيمة: سمعت جدي [يعني: محمد بن إسحاق] يقول: “استأذنت أبي في الخروج إلى قتيبة [يعني: ابن سعيد]، فقال: اقرأ القرآن أولًا حتى آذن لك؛ فاستظهرت القرآن، فقال لي: امكث حتى تصلي بالختمة؛ ففعلت، فلما عيدنا أذن لي فخرجت إلى مرو، وسمعت بمرو الروذ من محمد بن هشام -يعني: صاحب هشيم- فنعي إلينا قتيبة”([15]).

وقد أبرز شيخ الإسلام ابن تيمية منزلة حفظ القرآن الكريم ومكانته؛ في جوابه عن مسألة رفعت له: أيما طلب القرآن أو العلم أفضل؟

فأجاب بقوله: “أما العلم الذي يجب على الإنسان عينًا كعلم ما أمر الله به، وما نهى الله عنه، فهو مقدم على حفظ ما لا يجب من القرآن، فإن طلب العلم الأول واجب، وطلب الثاني مستحب، والواجب مقدم على المستحب.

وأما طلب حفظ القرآن: فهو مقدَّم على كثير مما تسميه الناس علمًا: وهو [يعني: ما يسميه الناس علمًا] إما باطل، أو قليل النفع.

وهو [أي: القرآن] أيضًا مقدَّم في التعلم في حق من يريد أن يتعلم علم الدين من الأصول والفروع؛ فإن المشروع في حق مثل هذا في هذه الأوقات أن يبدأ بحفظ القرآن، فإنه أصل علوم الدين، بخلاف ما يفعله كثير من أهل البدع من الأعاجم وغيرهم، حيث يشتغل أحدهم بشيء من فضول العلم، من الكلام، أو الجدال، والخلاف، أو الفروع النادرة، والتقليد الذي لا يحتاج إليه، أو غرائب الحديث التي لا تثبت، ولا ينتفع بها، وكثير من الرياضيات التي لا تقوم عليها حجة، ويترك حفظ القرآن الذي هو أهم من ذلك كله”([16]).

الأمر بتعهد القرآن والتحذير من نسيانه:

لقد حض النبي صلى الله عليه وسلم على درس القرآن الكريم، وتعاهده والمواظبة على تلاوته، والتحذير من تعريضه للنسيان؛ فقال صلى الله عليه وسلم: «تَعَاهَدُوا القُرْآنَ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنَ الإِبِلِ فِي عُقُلِهَا»([17])، والمعنى: تفقدوا القرآن بالذكر، واستحضاره في القلب، وحفظه عن النسيان بالتلاوة([18]).

ولهذا كان الصحابة -رضي الله عنهم- يراجعون القرآن ويتذاكرونه خشية نسيانه؛ فعن خيثمة قال: انتهيت إلى عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- وهو ينظر في المصحف، قال: قلت: أي شيء تقرأ في المصحف؟، قال: «حزبي الذي أقوم به الليلة»([19]) .

يقول الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي: “فإذا رزقه الله تعالى حفظ كتابه، فليحذر أن يشتغل عنه بالحديث، أو غيره من العلوم اشتغالًا يؤدي إلى نسيانه”([20]).

فمن فرَّط في حفظ القرآن الكريم وتشاغل عنه، فإنهم كانوا يحذرون منه ويتركونه؛ ألا ترى إلى موقف الإمام الذهبي وتحذيره من ابنه أبي هريرة عبد الرحمن؛ معللًا ذلك بأنه حفظ القرآن ثم تشاغل عنه حتى نسيه([21]).

وفي جميع ما تقدم أبلغ الرد على من زعم مجافاة المنهج الإصلاحي السلفي لتحفيظ القرآن الكريم، ولله الحمد على نعمه، وصلى الله عليه نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

ــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) أخرجه الطبري في تفسيره (20/ 52).

([2]) أخرجه أبو داود (1464)، والترمذي (2914)، والنسائي في السنن الكبرى (8002)، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- وقال الترمذي: “حسن صحيح”، وصححه الألباني في “الصحيحة” (2240).

([3]) الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي (2/ 499).

([4]) تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة للبيضاوي (1/ 532- 533).

([5]) أخرجه أحمد في المسند (38/ 466)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (1451)، وحسنه الشيخ شعيب في تحقيق المسند.

([6]) هكذا يروج الشيعة، واستمع لهذا المقطع: https://www.youtube.com/watch?v=xNiGzs4lGJ8

([7]) حيث خرج هاشتاج يحذر من حلقات تحفيظ القرآن الكريم، ولكنه -ولله الحمد- قوبل برفض كبير من المسلمين، ودونك هذا الرابط لقناة BBC عربي: http://www.bbc.com/arabic/trending-39014970

([8]) حلية الأولياء وطبقات الأصفياء لأبي نعيم (9/ 147).

([9]) طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى (1/ 214)، والآداب الشرعية والمنح المرعية لابن مفلح (2/ 33).

([10]) الآداب الشرعية والمنح المرعية (2/ 33).

([11]) المجموع شرح المهذب (1/ 38).

([12]) تذكر السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم (ص: 166- 167).

([13]) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي (1/ 108).

([14]) المرجع السابق.

([15]) ينظر: طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي (2/ 443)، وتذكرة الحفاظ للذهبي (2/ 209).

([16]) الفتاوى الكبرى لابن تيمية (2/ 234- 235).

([17]) أخرجه البخاري (5033)، ومسلم (791)، من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.

([18]) ينظر: الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي (2/ 507).

([19]) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (6/ 143).

([20]) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (1/ 108).

([21]) الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ للسخاوي (ص: 488).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

جديد سلف

التداخل العقدي بين الطوائف المنحرفة – الشيعة والصوفية أنموذجًا –

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة أولًا: المد الشيعي في بلاد أهل السنة: من أخطر الفتن التي ابتُليت بها هذه الأمة: فتنةُ الشيعة الرافضة، الذين بدت البغضاء من أفواههم، وما تخفي صدورهم أكبر، الذين يشهد التاريخ قديمًا وحديثًا بفسادهم وزيغهم وضلالهم، الذين ما سنحت لهم فرصة إلا وكانت أسلحتهم موجَّهة إلى أجساد أهل السنة، يستحلّون […]

الحجاب.. شبهات علمانية، عرض ونقاش

  الهجوم على الحجاب قديم متجدِّد، ولا يفتأ العلمانيون والليبراليون من شحذ أقلامهم دائما في الصحف والمواقع والمنتديات الثقافية للكتابة عن الحجاب وحوله، سالبين بذلك حتى أبسط الحقوق التي ينادون بها، وهي الحرية. فالمسلمة التي تلتزم بحجابها دائما عندهم في موطن الرَّيب، أو أنها مضطهَدة، مسلوبة الحقوق والإرادة، ولا يرون تقدُّما علميًّا أو فكريًّا أو […]

الدِّيوان الصوفي.. نظريةٌ بدعيةٌ وخرافةٌ صوفيةٌ

ما الديوان الصوفي؟ يصوِّر الفكر الصوفي أن لهم مجلسًا يطلَق عليه اسم: (الديوان الصوفي)، وهذا المجلس النيابي تمثَّل فيه أقطار الدنيا من النخبِ الممتازة من الصوفية، وهو حكومةٌ باطنيةٌ خفيَّة يرونَ أن عليها يتوقَّفُ نظام العالم، ويتخيَّلون انعقاده في غار حراء خارج مكة، وفي أماكن أخرى أحيانًا؛ ليدير العالم من خلال قراراته، ويجتمع فيه سائر […]

المنهج النبوي في معالجة المواقف الانفعالية عند الأزمات

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة إنَّ الأزمات والفتن النازلة بالمسلمين تدفع بعض الغيورين إلى اتخاذ مواقف انفعالية وردود أفعال غير منضبطة بالشرع، ومن ذلك إصدار الأحكام والاتهامات تحت وطأة الغضب والحمية الدينية. ومعلوم أن لهذه المواقف آثارا سلبية منها: أنها تؤثر على تماسك المجتمع المسلم ووحدته، لا سيما في أوقات الشدة والفتنة واختلاف الآراء […]

المحرم وعاشوراء.. شبهات ونقاش

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: هذا الدين العظيم يجعل الإنسان دائمًا مرتبطًا بالله سبحانه وتعالى، فلا يخرج الإنسان من عبادة إلَّا ويتعلَّق بعبادة أخرى؛ لتكون حياته كلُّها كما قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 162، 163]، فلا يكاد […]

فتاوى الدكتور علي جمعة المثيرة للجدل – في ميزان الشرع-

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: في الآونة الأخيرة اشتهرت بعض الفتاوى للدكتور علي جمعة، التي يظهر مخالفتُها للكتاب والسنة ولعمل السلف الصالح من الصحابة والتابعين، كما أنها مخالفة لما أجمع عليه علماء الأمة في كل عصر. ولا يخفى ما للدكتور من مكانة رسمية، وما قد ينجرّ عنها من تأثير في كثير من المسلمين، […]

هل يُمكِن الاستغناءُ عن النُّبوات ببدائلَ أُخرى كالعقل والضمير؟

هذه شبهة من الشبهات المثارة على النبوّات، وهي مَبنيَّة على سوء فَهمٍ لطبيعة النُّبوة، ولوظيفتها الأساسية، وكشف هذه الشُّبهة يحتاج إلى تَجْلية أوجه الاحتياج إلى النُّبوة والوحي. وحاصل هذه الشبهة: أنَّ البَشَر ليسوا في حاجة إلى النُّبوة في إصلاح حالهم وعَلاقتهم مع الله، ويُمكِن تحقيقُ أعلى مراتب الصلاح والاستقامة من غير أنْ يَنزِل إليهم وحيٌ […]

هل يرى ابن تيمية أن مصر وموطن بني إسرائيل جنوب غرب الجزيرة العربية؟!

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة (تَنتقِل مصر من أفريقيا إلى غرب جزيرة العرب وسط أوديتها وجبالها، فهي إما قرية “المصرمة” في مرتفعات عسير بين أبها وخميس مشيط، أو قرية “مصر” في وادي بيشة في عسير، أو “آل مصري” في منطقة الطائف). هذا ما تقوله كثيرٌ من الكتابات المعاصرة التي ترى أنها تسلُك منهجًا حديثًا […]

هل يُمكن أن يغفرَ الله تعالى لأبي لهب؟

من المعلوم أن أهل السنة لا يشهَدون لمعيَّن بجنة ولا نار إلا مَن شهد له الوحي بذلك؛ لأن هذا من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله تعالى، ولكننا نقطع بأن من مات على التوحيد والإيمان فهو من أهل الجنة، ومن مات على الكفر والشرك فهو مخلَّد في النار لا يخرج منها أبدًا، وأدلة ذلك مشهورة […]

مآخذ الفقهاء في استحباب صيام يوم عرفة إذا وافق يوم السبت

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. فقد ثبت فضل صيام يوم عرفة في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (‌صِيَامُ ‌يَوْمِ ‌عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ)([1]). وهذا لغير الحاج. أما إذا وافق يومُ عرفة يومَ السبت: فاستحبابُ صيامه ثابتٌ أيضًا، وتقرير […]

لماذا يُمنَع من دُعاء الأولياء في قُبورهم ولو بغير اعتقاد الربوبية فيهم؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة هناك شبهة مشهورة تثار في الدفاع عن اعتقاد القبورية المستغيثين بغير الله تعالى وتبرير ما هم عليه، مضمونها: أنه ليس ثمة مانعٌ من دعاء الأولياء في قبورهم بغير قصد العبادة، وحقيقة ما يريدونه هو: أن الممنوع في مسألة الاستغاثة بالأنبياء والأولياء في قبورهم إنما يكون محصورًا بالإتيان بأقصى غاية […]

الحج بدون تصريح ..رؤية شرعية

لا يشكّ مسلم في مكانة الحج في نفوس المسلمين، وفي قداسة الأرض التي اختارها الله مكانا لمهبط الوحي، وأداء هذا الركن، وإعلان هذه الشعيرة، وما من قوم بقيت عندهم بقية من شريعة إلا وكان فيها تعظيم هذه الشعيرة، وتقديس ذياك المكان، فلم تزل دعوة أبينا إبراهيم تلحق بكل مولود، وتفتح كل باب: {رَّبَّنَآ إِنِّيٓ أَسۡكَنتُ […]

المعاهدة بين المسلمين وخصومهم وبعض آثارها

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة باب السياسة الشرعية باب واسع، كثير المغاليق، قليل المفاتيح، لا يدخل منه إلا من فقُهت نفسه وشرفت وتسامت عن الانفعال وضيق الأفق، قوامه لين في غير ضعف، وشدة في غير عنف، والإنسان قد لا يخير فيه بين الخير والشر المحض، بل بين خير فيه دخن وشر فيه خير، والخير […]

إمعانُ النظر في مَزاعم مَن أنكَر انشقاقَ القَمر

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الحمد لله رب العالمين، وأصلى وأسلم على المبعوث رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فإن آية انشقاق القمر من الآيات التي أيد الله بها نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم، فكانت من أعلام نبوّته، ودلائل صدقه، وقد دلّ عليها القرآن الكريم، والسنة النبوية دلالة قاطعة، وأجمعت عليها […]

هل يَعبُد المسلمون الكعبةَ والحجَرَ الأسودَ؟

الحمد لله الذي أكمل لنا الدين، وهدنا صراطه المستقيم. وبعد، تثار شبهة في المدارس التنصيريّة المعادية للإسلام، ويحاول المعلِّمون فيها إقناعَ أبناء المسلمين من طلابهم بها، وقد تلتبس بسبب إثارتها حقيقةُ الإسلام لدى من دخل فيه حديثًا([1]). يقول أصحاب هذه الشبهة: إن المسلمين باتجاههم للكعبة في الصلاة وطوافهم بها يعبُدُون الحجارة، وكذلك فإنهم يقبِّلون الحجرَ […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017