موقِف عُلماء الحنابلة من ابن تيميّة ومدى تأثير مدرسته في الفقه الحنبلي
للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة
تمهيد:
إنَّ شيخَ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يمثِّل شخصيةً فريدة، لها تأثيرها في التاريخ الإسلاميِّ؛ إذ جمع بين العلم والعمل والجهاد والسّلوك؛ ومنزلته في المذهب الحنبليِّ لا تخفَى على من له أدنى ممارسَة للفقه الحنبليِّ وأصوله، وتأثيره فيمن عاصَره ومن جاء بعدَه واضح لا ينكَر؛ حتى فيمن جالسه من فقهاء المذاهب الأخرى؛ وتأمَّل قول كمال الدين بن الزّملكاني فيه: “وكان الفقهاء من سائر الطوائف إذا جالسوه استفادوا منه في مذهبهم أشياء”([1]).
ويتخطَّى هذا الأمرُ دائرةَ السلفيّين والمهتمِّين بتراث شيخ الإسلام والاستفادة منه، ليصل الأمر إلى المستشرقين الغربيِّين الذين يعدّون شيخ الإسلام ابن تيمية شخصيةً فذَّة حقًّا، لم يتكرَّر في تاريخ أمة المسلمين، وهو يقف في منطقةٍ وسط بين بداية الإسلام وحاضره، وأنه صاحب أضخم ردٍّ على الأديان([2]).
وإنَّ المرءَ ليعجَب -مع ظهور هذا كلِّه- مِن خروج بعض المنتسبين إلى العلم الشرعيّ والمذهب الحنبليّ مدَّعين أنَّ ابن تيمية لم يكن شخصيةً مؤثرة -حتى في طبقة تلامذته- أثرًا يغيِّر أو يشكل تيارًا في المذهب الحنبلي، لكن التيار الموجود بلا شكٍّ -ولا ينكره إلا جاحد- تيار المحبِّ لابن تيمية المعظِّم له بدون أن يذوبَ فيه([3])؛ لذا جاءت هذه الورقة العلمية ردًّا على تلك الدعوى، وذلك ببيان مكانة شيخ الإسلام وموقف علماء الحنابلة منه، ومدى تأثير مدرسته العلمية اعتقادًا وفقهًا؛ في تثبيت عقيدة السلف، وإثراء عملية الاجتهاد في الفروع الفقهية.
ولا يعدّ من نافلة القول التذكيرُ بأنه ليس من مقاصد تلك الورقة العلمية ذكرُ ترجمة مفصَّلة لشيخ الإسلام، ولا تعداد جميل مآثره ولا عظيم فضائله؛ فقد أطنب في ذكرها العلماء ممن وافقه أو خالفه، وعليه فإن الكلام هنا سيتركز في ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: مكانة شيخ الإسلام في المذهب الحنبلي.
المبحث الثاني: موقف علماء الحنابلة من شيخ الإسلام في المعتقد والفقه.
المبحث الثالث: مدى تأثير مدرسة شيخ الإسلام في المذهب الحنبلي.
المبحث الأول: مكانة شيخ الإسلام في المذهب الحنبلي:
ويمكن تقسيم هذا المبحث اختصارًا إلى ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: نشأة ابن تيمية العلمية:
نشأ ابن تيمية منذ نعومة أظفاره في بيت علم وفضل ودين، وتهيأ له من التوفيق والأسباب ما أوصله إلى أن يكون شيخ الإسلام بحقٍّ، وقد شهِد له بذلك الأعداءُ قبل الأصحاب والأحباب، ويمكن إجمال ذلك في محطات يمكن وضعها في نقاط([4]):
- درس العلمَ على أبيه عبد الحليم بن المجد ابن تيمية، والذي كان من كبار الحنابلة وأئمتهم في الشام.
- ولم يكتفِ بهذا، بل أكثر من الحضور إلى مجالس كبار المشايخ في صغره.
- لما ظهر نبوغُه وبدت عليه النباهَة أتى بما يتحيَّر منه أعيان العلماء وأكابرهم، تحريرًا وحفظًا وفهمًا وتخريجًا.
- أهَّله هذا إلى أن يبلغَ درجة الإفتاء وقد ناهز تسعَ عشرة سنَة، ثم شرع في الجمع والتصنيف من ذلك الوقت، فأجاد وأفاد، وأتى بمؤلفات لم يسبَق إليها، تصنيفًا وتنقيحًا وتحريرًا.
- مات والده عبد الحليم فدرَّس بعده بوظائفه في المذهب الحنبلي، وله حينئذٍ إحدى وعشرون سنة، واشتهر أمره وبعد صيته في العالم بأسره، فكان ملء السمع والبصر، وحتى يوم الناس هذا.
المطلب الثاني: عناية شيخ الإسلام بالمذهب الحنبليّ اعتقادًا وفقهًا:
خدم شيخ الإسلام ابن تيمية المذهب الحنبليَّ بعدة مصنَّفات، فضلًا عن الفتاوى والاختيارات والرسائل، والتي لم ينقطع الانتفاع بها حتى وقتنا المعاصر، بل هناك سعي حثيثٌ واجتهاد متواصِل للبحث عن تلك الرسائل والمصنفات والتنقيب عنها، وبين الفينة والأخرى يطالعنا أحد الباحثين باكتشافه لبعضها، وإخراجه للنور، فتنشط الساحة العلمية، ويبادر الجميع باقتناء نسخة منه.
مكانة شيخ الإسلام في نشر اعتقاد السلف:
والمراد باعتقاد السلف هو ما اصطلح عليه فيما بعدُ باعتقاد الحنابلة، ولشيخ الإسلام عناية كبيرة في نشر اعتقاد السلف، وتثبيت دعائمه، ومواجهة البدع المخالفة لمنهج السلف؛ ولم يقف تأثيره في هذا الجانب حياته، بل امتدَّ ليصل إلينا بركاته ونفعه في وقتنا المعاصر؛ يقول الشيخ محمد رشيد رضا: “ولا نعرف في كتب علماء السنة أنفع في الجمع بين النقل والعقل من كتب شيخي الإسلام ابن تيمية وابن القيم -رحمهما الله تعالى-، وإنني أقول عن نفسي: إنني لم يطمئنّ قلبي بمذهب السلف تفصيلًا إلا بممارسة هذه الكتب“([5]).
أهمّ الكتب والرسائل المصنفة في خدمة اعتقاد السلف:
كان لشيخ الإسلام مصنفات نافعة في نشر اعتقاد السلف، ما بين مطوَّل ومتوسِّط ومختصَر، ولا يتَّسع المقام لحصرها؛ لذا سيتركَّز الكلام على بعضها:
1- العقيدة الواسطيَّة:
تلك العقيدة المختصَرة التي أبان فيها شيخ الإسلام عن معتقَد السلف في أسماء الله وصفاته، وكلامهم في الإيمان بالله واليوم الآخر، فأجاد في بيان ذلك، وأوذي بسببها، وعُقدت له المجالس والمناظرات؛ فكان من قوله لهم -في بعض تلك المناظرات- مراتٍ: “قد أمهلتُ كلَّ من خالفني في شيء منها ثلاث سنين، فإن جاء بحرفٍ واحد عن أحدٍ من القرون الثلاثة -التي أثنى عليها النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: «خير القرون القرن الذي بعثتُ فيه، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم»([6])– يخالف ما ذكرته، فأنا أرجع عن ذلك، وعليَّ أن آتي بنقولِ جميع الطوائف عن القرون الثلاثة توافق ما ذكرته؛ من الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنبلية، والأشعرية، وأهل الحديث، والصوفية، وغيرهم”([7])، فعجزوا عن ذلك، وثبَّت الله تعالى به الحقَّ وأهله.
2- العقيدة الحموية:
وهي رسالة صنَّفها شيخ الإسلام جوابًا لسؤال جاءه؛ فجاءت بيانًا لمعتقد أهل السنة الجماعة في باب صفات الباري، فاستفاض في نقل أقوال الأئمة في هذا الباب، والرد على المخالفين للسلف فيه من متأخري الأشعرية، ثم ختمه ببيان أصناف أهل القبلة في باب الصفات.
3- الرسالة التدمرية:
بين شيخ الإسلام في أولها سبب تأليفه لها؛ وأنها جواب لسؤال عن مضمون ما سُمع منه في بعض المجالس، من الكلام في التوحيد والصفات، وفي الشرع والقدر؛ لمسيس الحاجة إلى تحقيق هذين الأصلين، وكثرة الاضطراب فيهما([8]).
وبنى فيه بابَ الصفات على أصلين عظيمين:
الأول: القول في بعض الصفات كالقول في بعض([9]).
والثاني: القول في الصفات كالقول في الذات([10]).
وهذا غيضٌ من فيضِ رسائل شيخ الإسلام في نشر معتقد السلف، الذي اصطلح عليه فيما بعد بمعتقد الحنابلة، وهو الّذي استمرَّ عليه الحال إلى وقتنا الحاضر، إلى أن ظهرت طائفة تدَّعي أن مذهب الإمام أحمد هو التفويض، وهو ادِّعاء باطلٌ قد رددنا عليه تفصيلًا في ورقة علمية([11]).
وأما الكتب المصنَّفة في خدمة الفقه الحنبلي فأهمّها:
1- تكملة مسوَّدة أصول الفقه:
اعتنى آل تيمية بأصول المذهب الحنبلي، فوضعوا المسوَّدة في أصول الفقه، حيث بدأها الشيخ الجد مجد الدين، ثم تبعه ولده الشيخ عبد الحليم، ثم أكمله حفيده شيخ الإسلام ابن تيمية([12]).
2- شرح كتاب العمدة في الفقه الحنبلي:
وكتاب العمدة في الفقه الحنبلي لابن قدامة رحمه الله كتاب سهل العبارة، جرى فيه مصنفه على قول واحد اختاره؛ ليصلح للمبتدئين، وطريقته فيه أنه يصدر الباب بحديث من الصحاح، ثم يذكر عقبه من الفروع الفقهية ما إذا دقَّقت النظر وجدتها مستنبطة من ذلك الحديث.
وقد شرحه شيخ الإسلام ابن يتيمة على طريقة المذهب؛ يقول ابن بدران في وصفه: “فزيَّنه بمسالكه المعروفة، وأفرغ عليه من لباس الإجادة صنوفه، وكساه حلل الدليل، وحلاه بحلي جواهر الخلاف، وزينه بالحقّ والإنصاف”([13]). وقد طبع جزء من هذا الكتاب، ويقع في خمسة أجزاء، تضمنت كتب: الطهارة والصلاة والصيام والحج([14]).
3- مناسك الحجّ:
صنف شيخ الإسلام ابن تيمية منسكين([15])، تناول فيهما أحكام الحج والعمرة:
أحدهما: منسك كتبه في أوائل عمره، وذكر فيه أدعية كثيرة، وقلَّد في الأحكام منِ اتبعه ممَّن كان قبله من العلماء، كما قال هو عن نفسه.
والثاني: منسك كتَب فيه ما تبيَّن له من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مختصرًا مبينًا([16]).
المطلب الثالث: تأثير أقوال شيخ الإسلام في معرفة المعتمد في المذهب:
لقد سلِّم لشيخ الإسلام الزمام في جانب العقيدة، فأضحى علماءُ المذهب الحنبلي يقرّون له بالفضل وتأصيل مذهب أحمد، ويبرئونه من الوقوع في البدع؛ يقول الشيخ منصور البهوتي عنه: “كان إمامًا مفردًا، أثنى عليه الأعلام من معاصريه فمن بعدهم، وامتُحن بمحن، وخاض فيه أقوام حسدًا، ونسبوه للبدع والتجسيم، وهو من ذلك بريء، وكان يرجّح مذهب السلف على مذهب المتكلِّمين، فكان من أمره ما كان، وأيده الله عليهم بنصره”([17]).
وأما عن اختياراتِ شيخ الإسلام ومصنَّفاته وفتاويه فإنَّ لها طابعًا خاصًّا في المذهب الفقهي؛ حيث اهتم بها جلّ الأصحاب ممن تتلمذ على يد شيخ الإسلام، ومن جاء بعدهم، ولنفسَحِ المجال لمنقِّحِ المذهب -أعني: علاء الدين المرداوي- ليحدّثنا عن هذه الاختيارات والمصنفات والفتاوى، لنعلم مقدارها وما لها من تأثير في الفقه الحنبلي واستقراره، ويمكن إجمال كلامه في نقاط:
الأولى: جعل المرداوي اختيارات شيخ الإسلام -جمع القاضي علاء الدين ابن اللحام البعلي([18])– وجملة من مجاميعه وفتاويه ومجاميع غيره وفتاويه ضمن موارده في كتابه الجليل “الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف”([19])، وهو أحد الكتب المعوَّل عليها في معرفة المعتمد في مذهب الإمام أحمد([20]).
الثانية: وضع المرداوي أقوال شيخ الإسلام ابن تيمية ضمن زمرة أقوال علماء المذهب الحنبلي الذين جعلهم حَكمًا على معرفة المعتمَد في المذهب، فيما إذا كان الترجيح مختلفًا فيه بين الأصحاب في مسائل متجاذبة المأخذ؛ معلِّلًا لذلك بأنهم هذَّبوا كلام المتقدمين، ومهَّدوا قواعد المذهب بيقين([21]).
الثالثة: يقرّر المرداوي أن المذهب في الغالب هو ما اتفق عليه الشيخان -ابن قدامة والمجد ابن تيمية-، أو وافق أحدهما الآخر في أحد اختياريه، فإن اختلف الشيخان فإن المذهب مع من وافقه ابن رجب أو شيخ الإسلام ابن تيمية، وإن لم يوافقه أحدهما فالمذهب ما قاله ابن قدامة([22]).
الرابعة: موافقة المرداوي لجواب شيخ الإسلام ابن تيمية عندما سئل عن معرفة المذهب في مسائلَ الخلافُ فيها مطلقٌ في الكافي والمحرر والمقنع والرعاية والخلاصة والهداية وغيرها([23]).
جميعُ ما سبق يعطينا دلالةً واضِحة أنَّ لأقوالِ شيخ الإسلام وترجيحاته وزنًا كبيرًا في المذهب الحنبليّ والمعتمد فيه، سواء في حياته أو بعد وفاته، وفي هذا أبلغُ الردِّ على الادِّعاء: “بأن مدرسة ابن تيمية لم تعد مدرسة قويةً حتى في آخر حياته”([24])، فأين موضعُ هذه الدعوى من اعتماد أقواله في الترجيح في المذهب الحنبلي، واستكثار الأصحاب من ذكر أقواله واختياراته حتى ولو كانت مخالفة للمعتمد في المذهب؟!
المبحث الثاني: موقف علماء الحنابلة من شيخ الإسلام في المعتقد والفقه:
لقد جرى فقهاءُ المذهب الحنبليّ -ممن عاصروا شيخَ الإسلام، وكذا من جاء بعدهم حتى يوم الناس هذا- على تعظيم شيخ الإسلام واعتبار آرائه والاحتفاء باختياراته، وكتُبُهم طافحة بذلك، مشحونة بالثناء عليه وذكر محاسنه، ويمكن تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين:
المطلب الأوَّل: موقف عُلماء الحنابلة من شيخ الإسلام في المعتقد:
يوضِّح لنا المقريزي ما كانت عليه الساحَة العقديةُ بعد قيام ابن تيمية ونشره لمعتقد السلف -الذي هو معتقد الحنابلة-، وما آل إليه الأمر بعد تصدِّيه للانتصار لمذهب السلف، ومبالغته في الردّ على مذهب الأشاعرة، وصدعه بالنكير عليهم، وعلى الرافضة، وعلى الصوفية، فافترق الناس فيه فريقان، فريق يقتدِي به ويعوِّل على أقواله ويعمَل برأيه، ويرى أنه شيخُ الإسلام ومن أجلِّ حفَّاظ أهل الملَّة الإسلامية، وفريق يبدِّعه ويضلِّله، ويُزري عليه بإثباته الصفات، وينتقد عليه مسائل منها ما له فيه سلف([25]).
ومع وجودِ هذا الافتراق في شأنه فإنَّه لم يدَّع أحد من علماء المذهب الحنبليّ أن شيخ الإسلام ابن تيمية خالفَ معتقدَ الإمام أحمد، أو أنه جاء بالبِدع، بل إنَّ مَن صنف منهم في المعتقد -كمرعي الكرمي في كتابه: “أقاويل الثقات في تأويل الأسماء والصفات والآيات المحكمات والمشتبهات”، والسفاريني في كتابه “لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية” وغيرهما- يكثرون من النقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية، ولا ينتقدونه فيما يقوله ويقرِّره، بل يسلِّمون له ويذعنون لرأيه.
ومع أنَّ المتأخرين من فقهاء المذهب الذين عليهم التعويلُ في معرفة المعتمد -كابن مفلح والمرداوي والحجاوي والبهوتي- ليس لهم مصنفات في العقيدة، إلا أنهم يُثنون على معتقد الشيخ ويبرئونه من البدع، وتقدَّم ثناء البهوتي عليه.
المطلب الثاني: موقِف علماءِ الحنابلة من شيخ الإسلام في الفقه:
لقد درج فقهاء المذهَب الحنبلي في مصنفاتهم -ابتداءً من تلامذته كابن مفلح وابن القيم، ومن جاء بعدهم كابن رجب والمرداوي، ثم الحجاوي ومرعي الكرمي ومنصور البهوتي، وأصحاب الحواشي كالخلوتي وعثمان النجدي وغيرهم- على الإكثار من ذكر اختيارات شيخ الإسلام، ولو كانت مخالفةً للمعتَمد في المذهب الحنبلي؛ ولذلك نراهم اصطلَحوا على أن لفظ “الشيخ” إذا أطلق ينصرف إلى شيخ الإسلام ابن تيمية، وقد كان في السابق يُطلق على الإمام ابن قدامة المقدسي([26])، ولا يذكره الإمام ابن مفلح في الفروع إلا ويقول: “شيخنا”، ويلقبه المرداوي بـ”الشيخ تقي الدين”، إلى أن جاء الحجاوي فصرَّح في مقدمة كتابه “الإقناع” -والذي يعدُّ من أوسع المتون في المذهب الحنبلي- بأن مراده بلفظ “الشيخ” هو: شيخ الإسلام ابن تيمية، وتبعه من سلك طريقته ممن جاء بعده([27])، وكذلك فعل السفاريني([28])، وفي هذا أكبر الأدلة على ما تبوَّأه شيخ الإسلام من مكانة جليلةٍ عند علماءِ المذهب، احترامًا وإجلالًا واهتمامًا بعلمه.
ولا يعني ما تقدَّم أن فقهاء المذهب لا يخالفون شيخ الإسلام في آرائه واختياراته، بل إن المراد هو إيضاح أنهم يذكرون آراءه واختياراته للإفادة منها، ووقوع المخالفة بين بعض آراء شيخ الإسلام والمعتمد عند متأخِّري المذهب لا يعني بحالٍ أنهم ينتقِصون من قدر شيخ الإسلام أو يقدَحون فيه؛ ألا ترى أن متأخِّري فقهاء المذهب الحنبلي قد خالفوا ابن قدامة والمجد ابن تيمية وأبا يعلى وغيرهم في بعض ترجيحاتهم ولا يعدُّ هذا انتقاصًا؟! حتى إنَّ متأخري المذهب قد خالَفوا بعضَ ترجيحاتِ مَن عليهم الاعتماد واختياراتهم في تحرير المعتمد -كابن مفلح وابن رجب والمرداوي- ولم يُعدَّ ذلك انتقاصًا، ولا يمكن أن يُدَّعى إلغاء آثارهم العلمية بذلك.
وليس هذا شأنًا خاصًّا بالمذهب الحنبلي، فإنَّ فقهاءَ المذاهب الأربعة وعلماءها متَّفقون على أنَّ المخالفةَ في بعض الاختيارات لا تَعني بالضرورة إلغاءَ جهود العالم أو الحطَّ من آثاره العلمية، وتأمَّل صنيعَ فقهاء الحنفية مع اختيارات أبي جعفر الطحاوي وعلاء الدين الكاساني وغيرهما، وفعل فقهاء المالكية مع اختيارات ابن عبد البر والقاضي ابن العربي وغيرهما، وتعامل فقهاء الشافعية مع اختيارات النووي وابن الرفعة وغيرهما.
بل إنَّ من أكبر الدلائل على إجلال فقهاء المذهب لشيخ الإسلام، واعتبار آرائه وشدّة تأثيره العلمي في فقهاء المذهب الحنبلي: أنه لما أفتى بأنَّ الطلاق الثلاثَ دفعةً لا يقع غيرَ واحدةٍ هاج عليه العلماء وانتقدوه، ووقع له بسبب هذه الفتوى إيذاءٌ شديد، وسُجِن وامتُحن؛ لمخالفته فيها ما قرره فقهاء المذاهب الأربعة، ومع ذلك فإنَّ الشيخ مرعي الكرمي يقول بجواز تقليد شيخ الإسلام فيها([29]).
وتأمَّل ما فعل الشيخ برهان الدين الحلبي -المشهور بسبط ابن العجمي- مع تقي الدين الحصني وكان يحطّ على شيخ الإسلام ابن تيمية، فإنه لما دخل التقي الحصني حلب ما وسع الشيخ برهان الدين إلا المجيء إليه، فوجده نائمًا بالمدرسة الشرفية، فجلس حتى انتبه، ثم سلَّم عليه فقال له: لعلَّك التقيّ الحصني، ثم سأله عن شيوخه فسمَّاهم، فقال له: إنَّ شيوخَك الذين سمَّيتهم عبيد ابن تيمية، أو عبيد من أخذ عنه، فما بالك تحطُّ أنت عليه؟! فما وسع التقيّ الحصني إلا أن أخَذ نعله وانصَرف، ولم يجسر أن يردَّ عليه([30]).
فهذا قدر شيخ الإسلام عند العلماء، وبه يُعلم أنَّ مخالفة شيخ الإسلام في بعض ما قرَّره أو اختاره لا تقدح في إمامته، ولا تعني بطلانَ تأثيره في المذهب، ولا عدم اعتبار اختياراته للنظر والاستفادة والترجيح لمن بلغ رتبة الاجتهاد.
المبحث الثالث: مدى تأثير مدرسة شيخ الإسلام في المذهب الحنبلي:
لا يبعُد أن يقالَ: استقرار المذهب الحنبليّ الواقع عند المتأخرين إنما هو أثرٌ من آثار شيخ الإسلام ابن تيمية وثمرة من ثماره الصالحة؛ إذ جله منقول عن تلامذة الشيخ وتلاميذ تلاميذه ومعظِّميه ومن سار على دربه، وبيان ذلك فيما يأتي:
الطبقة الأولى: تلاميذ شيخ الإسلام:
تتلمذ على شيخ الإسلام جماعةٌ من العلماء الأفذاذ، ومن أجلهم -على سبيل المثال- عالمان جليلان:
- الإمام ابن القيم (ت 751هـ):
وقد كان الإمام ابن القيم رحمه الله عالمـًا قليل النظير([31])، سار على درب شيخِه ابن تيمية في الدفاع عن مذهب السلف، والردِّ على المخالفين له، وصنَّف في ذلك المصنفات الماتعة، ومنها: “اجتماع الجيوش الإسلامية على حرب المعطلة والجهمية”، و”الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة”، وغيرهما. وهكذا تركَّز جُهده في ترسيخ معتقد السلف والرد على أهل البدع والأهواء. ولما كان هذا الاتجاه لا خلاف فيه بين أهل السنة والجماعة؛ رأيناه لا يخرج عن أقوال شيخ الإسلام، وهو في الحقيقة لم يخرج عن منهج السلف ومعتقد الحنابلة، وفي هذا ردٌّ على صاحب دعوى أن ابن القيم ذائب في شيخه ابن تيمية ولا يخالفه([32]).
وقد امتدحه الحافظ ابن حجر بقوله: “ولَو لم يكن للشيخ تقي الدين من المناقب إلا تلميذه الشهير الشيخ شمس الدين ابن قيم الجوزية، صاحب التصانيف النافعة السارة التي انتفع بها الموافق والمخالف؛ لكان غاية في الدلالة على عظيم منزلته“([33]).
- الإمام ابن مفلح (ت: 763هـ):
كان الإمام ابن مفلح رحمه الله غايةً في معرفة مذهب الإمام أحمد، وتركَّز جهده واستفرغ وسعَه في نشر الفقه الحنبليّ والاهتمام باختيارات شيخه ابن تيمية، وقد حضر عنده ونقل عنه كثيرًا، وكان يقول له شيخ الإسلام: “ما أنت ابن مفلح، أنت مفلح”، وكان أخبرَ الناس بمسائل شيخ الإسلام واختياراته، حتى إن ابن القيم كان يراجعه في ذلك([34])، وقال ابن القيم: “ما تحت قبَّة الفلك أعلم بمذهب الإمام أحمد من ابن مفلح هذا، وعمره نحو العشرين”([35]).
وجلُّ ما عليه اعتمادُ المتأخِّرين في تقرير المذهب وبيان الراجح المعتمد إنما هو منقول عن “الفروع” لابن مفلح -كما قال المرداوي في “تصحيح الفروع”([36])-، وابن مفلح تلميذ شيخ الإسلام وأثر من آثاره الطيبة.
الطبقة التالية: تلاميذ تلامذة شيخ الإسلام:
ومن أبرز علماء تلك الطبقة الحافظ زين الدين عبد الرحمن ابن رجب (ت 795هـ):
وكان ابن رجب رحمه الله من المعجَبين بشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، ووافقهما في أكثر ما قالاه من المسائل العلمية في العقائد وغيرها التي نقمها عليهما جملةٌ من جهلة المقلدين، أو غلاة المتعصبين الذين كان يحملهم حسدُ ابن تيمية وتلميذه -على ما وهبهما الله من العلم الغزير والتوفيق والصّدْق في الجهاد في سبيل إعلاء كلمة الحقّ- على النيل من الإمام ابن تيمية([37]).
وقدِ ادَّعى بعضهم: أنَّه مع التوسُّع وجد أنَّ لابن رجب موقفًا من ابن تيمية؛ كان تيميًّا ثم تركه فنافره التيميّون، هكذا يقول بعضهم([38])، وهو يشير بهذا إلى ما قاله الحافظ ابن حجر فيه: “ونقم عليه إفتاؤه بمقالات ابن تيمية، ثم أظهر الرجوعَ عن ذلك، فنافره التيميّون، فلم يكن مع هؤلاء ولا مع هؤلاء، وكان قد ترك الإفتاء بأخرة”([39]).
وهي دعوى مفرغة من الدليل، عارية عن الصحة؛ وقد نوقش ابن حجر في كلامه هذا من عدة وجوه([40]):
أولها: أن موالاة الحافظ ابن رجب لابن تيمية واتباعُه لأقواله إلى حين وفاته أكبرُ شاهد على استمراره على اتباعه، وعدم رجوعه عن ذلك، ولا يضرّ ذلك مخالفته له في بعض المسائل، فهذا شأن المجتهد.
ثانيها: أن ابنَ حجر ذكر ترجمة لابن رجب في كتابه “الدرر الكامنة”([41])، ولم يذكر فيه إظهار الرجوع.
ثالثها: لو كان هذا الرجوع صحيحًا لذكره من ترجم للحافظ ابن رجب، وهم كثر؛ فقد ترجمه غيرُ واحد من العلماء والمؤرخين: كابن فهد المكي في “لحظ الألحاظ”([42])، والسُّيوطي في “ذيل طبقات الحفاظ”([43])، وابن الشطي في “مختصر طبقات الحنابلة”([44])، والشَّوكاني في “البدر الطالع”([45])، وكلها مطبوعة متداولة، وعدم ذكرهم لهذا الرجوع يعدّ قرينة على عدم ثبوته، ثم إنَّ كتب الحافظ ابن رجب -المطبوعة والمتداولة- لا نرى فيها هذا الرجوع ولا هذه المجافاة.
الطبقة التالية: طبقة من جاء بعدهم ممن يعظِّم الشيخ:
وكان من أشهر العلماء في هذه الطبقة العلاء المرداوي (ت 855هـ):
يعدُّ الفقيه علي بن سليمان العلاء المرداوي رحمه الله شيخَ المذهب، والذي جرى عليه التعويل في تحرير المعتمد في مذهب الإمام أحمد، فقد لازم ابن قندس وانتفع به، وحضر دروس البرهان ابن مفلح وناب عنه، ومن تصانيفه النافعة: “الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف”، عمله تصحيحًا لمتن “المقنع” لابن قدامة، وتوسَّع فيه وتعب في تصنيفه، ثم اختصره في مجلد سماه “التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع”، وله كذلك: “الدرر المنتقى والجوهر المجموع في معرفة الراجح من الخلاف المطلق في الفروع لابن مفلح”، واختصر “الفروع” مع زيادة عليها، وغير ذلك من المصنفات النافعة الجليلة في المذهب([46]).
وكان معظِّمًا لشيخ الإسلام ابن تيمية، لا تكاد تجد مسألة في كتابه “الإنصاف” إلا ويذكر اختيار شيخ الإسلام، وقد تقدَّم صنيعه بكلام شيخ الإسلام وجعله معيارًا للترجيح في المذهب.
الطبقة التالية: طبقة من استقرَّ المذهب على اعتماده:
وكان من أبرز العلماء في تلك الطبقة ثلاثة علماء أجلاء:
الأول: أبو النجا موسى بن أحمد الحجَّاوي (ت 968هـ):
وكان الحجاوي رحمه الله مفتيَ الحنابلة بدمشق، وشيخَ الإسلام بها، من تأليفه كتاب “الإقناع”، جرّد فيه الصحيح من مذهب الإمام أحمد، لم يؤلِّف أحد مؤلَّفًا مثله في تحرير النقول وكثرة المسائل([47])، وقد اعتمَد في تصنيفه على من قبله من محرِّري المذهب ومنقِّحيه كالعلاء المرداوي، وقد اجتهَد رحمه الله في تحرير نقولِه واختصارها؛ لعدم تطويله مجردًا غالبًا عن دليله وتعليله، مقتصرًا على قول واحد؛ وهو ما رجحه أهل الترجيح كالمرداوي([48]).
وكان لشيخ الإسلام عنده مكانة كبرى؛ فلقد أكثر من النقل عنه في كتابه “الإقناع” وحرص على بيان اختياراته حتى ولو كانت مخالفة للمعتمد عند المتأخرين، وكان يلقبه بالشيخ، حيث يقول: “ومرادي بالشيخ: شيخ الإسلام، بحر العلوم، أبو العباس أحمد ابن تيمية”([49]).
الثاني: تقي الدين محمد بن أحمد الفتوحي الشهير بابن النجار (ت 972هـ):
وكان الفتوحي رحمه الله شيخ الحنابلة في مصر، أخذ العلم عن والده، وعن جماعة من أرباب المذاهب المخالفة، وتبحَّر في العلوم، حتى انتهت إليه الرئاسة في مذهبه، وأجمع الناس أنه إذا انتقل إلى رحمة الله تعالى مات بذلك فقهُ الإمام أحمد من مصر([50])، وقد رحل إلى الشام فألف بها كتابه “المنتهى”، ثم عاد إلى مصر بعد أن حرر مسائله على الراجح من المذهب، واشتغل به عامة الطلبة في عصره، واقتصروا عليه، ثم شرحه شرحًا مفيدًا في ثلاث مجلدات ضخام، وغالب استمداده فيه من كتاب “الفروع” لابن مفلح، وبالجملة فقد كان منفردًا في علم المذهب([51])، وفي اعتماد الفتوحي على كتاب “الفروع” دلالة واضحة على تأثره بمدرسة شيخ الإسلام وتلميذه ابن مفلح.
وللفتوحي اختصار على كتاب المرداوي في أصول الفقه: “التحرير”، وسماه: “الكوكب المنير، أو مختصر التحرير”، ثم شرح المختصر في كتابه: “شرح الكوكب المنير”، والذي يعدّ من أهمّ كتب الأصول في المذهب الحنبلي؛ وقد اعتنى فيه بذكر اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية الأصولية، وكان يلقبه بالشيخ تقي الدين([52]).
الثالث: منصور بن يونس البهوتي الحنبلي (ت 1051هـ):
وكان الشيخ منصور البهوتي رحمه الله شيخ الحنابلة بمصر، وخاتمة علمائهم بها، الذائع الصيت، البالغ الشهرة، كان عالما عاملًا ورعًا متبحِّرًا في العلوم الدينية، صارفًا أوقاته في تحرير المسائل الفقهية، ورحل الناس إليه من الآفاق لأجل أخذ مذهب الإمام أحمد رضي الله عنه؛ فإنه انفرد في عصره بالفقه، وقد أخذ عن كثير من المتأخرين من الحنابلة، وكان ممن انتهى إليه التدريس والفتوى، ومن أشهر مصنفاته النافعة: “كشاف القناع شرح الإقناع للشرف موسى الحجاوي”، و”دقائق أولي النهى في شرح المنتهى لتقي الدين الفتوحي”، و”شرح زاد المستقنع للحجاوي” سماه: “الروض المربع”، و”منح الشفاء الشافيات في شرح المفردات للشيخ محمد علي المقدسي”، وغيرها([53]).
وبمصنفات الشيخ منصور البهوتي استقرَّ المذهب عند المتأخِّرين، وصار المعول عليه في بيان المعتمد -غالبًا- من كتابيه: الكشاف وشرح المنتهى، وهما في الحقيقة أثر من آثار مدرسة شيخ الإسلام، وثمرة من ثمار تلامذته واختياراتهم وتصحيحاتهم -كابن القيم وابن مفلح- وكذا من جاء بعدهم -كابن رجب والمرداوي- ممن يعظم شيخ الإسلام ويحتفي باختياراته وأقواله، ثم تابعهم على هذا الحجاوي والفتوحي، ثم جاء الشيخ منصور البهوتي جامعًا ومنقِّحًا.
وفي هذا كله أكبر دليل على قوة مدرسة شيخ الإسلام، وشدّة تأثيرها على المذهب الحنبلي واستقراره، وهو المطلوب إثباته، {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر: 10]، ولله الحمد وحده، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه.
ــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)
([1]) ينظر: ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب (4/ 498).
([2]) وهذه محاضرة للدكتور چون هوڤر عن فلسفة ابن تيمية:
https://m.youtube.com/watch?feature=youtu.be&v=rUVPqePz_wQ
علمًا بأن الجامعات الغربية تعكف في وقتنا المعاصر على تدريس مؤلفات شيخ الإسلام: كجامعة جورج تاون، وجامعة أنديانا، ومكتبة جامعة كورنيل، وجامعة نوتنغهام، وجامعة ستانفورد؛ من أجل الاستفادة من أطروحاته وأفكاره.
([3]) هكذا يصرح محمد عبد الواحد الحنبلي في بعض مقاطعه، ودونك رابطها:
https://www.youtube.com/watch?v=s2prgyanM1Q
([4]) ينظر: العقود الدرية من مناقب شيخ الإسلام أحمد بن تيمية (ص: 20-21).
([6]) أخرجه البخاري (2652)، ومسلم (2533) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
([8]) التدمرية: تحقيق الإثبات للأسماء والصفات وحقيقة الجمع بين القدر والشرع (ص: 3).
([9]) في مركز سلَف ورقة علمية شرحٌ لهذه القاعدة بعنوان: “قاعدة: القول في بعض صفات الله تعالى كالقول في بعضها الآخر.. شرح وتحليل”، ودونك رابطها:
([10]) في مركز سلف ورقة علمية شرح لهذه القاعدة بعنوان: قاعدة: القول في صفات الله تعالى كالقول في الذات: “دراسة وتحليل”، وإليك رابطها:
([11]) في مركز سلف ورقة علمية بعنوان: “براءةُ الإمامِ أحمدَ مِن التّفويض وكشــف دعـــوى الحنابلة الجدد”، ودونك رابطها:
براءةُ الإمامِ أحمدَ مِن التّفويض وكشــف دعـــوى الحنابلة الجدد
([12]) المدخل إلى مذهب الإمام أحمد لابن بدران (ص: 465).
([13]) المرجع السابق (ص: 431).
([15]) قد بين شيخ الإسلام ذلك في مجموع الفتاوى (26/ 98).
([16]) وهذا المنسك الثاني مطبوع متداول، وشرحه جمع من العلماء، منهم الدكتور عبد الكريم الخضير.
([17]) كشاف القناع عن متن الإقناع (1/ 20).
([18]) يقول عنها المرداوي: “إنه لم يستوعب اختيارات شيخ الإسلام”.
([19]) الإنصاف للمرداوي (1/ 14).
([20]) ينظر: الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل للحجاوي (1/ 2).
([21]) الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (1/ 17).
([24]) من دعاوى محمد عبد الواحد الحنبلي في بعض مقاطعه، ودونك رابطها:
https://www.youtube.com/watch?v=s2prgyanM1Q
وينقل عن الذهبي أنه كان يقول عنه في حياته: “فتر سوقه”! ولم يبيِّن موضع النقل ولا سياقه، وقد بحثت عنه في مظان كلام الذهبي فلم أجده، فلينظر أين قاله! وما سياق الكلام!.
([25]) المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار للمقريزي (4/ 192-193).
([26]) ينظر: المدخل إلى مذهب الإمام أحمد لابن بدران (ص: 410).
([27]) ينظر: الإقناع للحجاوي (1/ 2-3)، وغاية المنتهى في جمع الإقناع والمنتهى لمرعي الكرمي (1/ 49).
([28]) لوامع الأنوار البهية (1/ 28).
([29]) غاية المنتهى في جمع الإقناع والمنتهى (2/ 565).
([30]) ينظر: الضوء اللامع لأهل القرن التاسع للسخاوي (1/ 145)، والبدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع للشوكاني (1/ 30).
([31]) ينظر: البداية والنهاية (18/ 524).
([32]) هكذا يردِّد محمد عبد الواحد، ودونك رابط بعض كلامه:
https://www.youtube.com/watch?v=s2prgyanM1Q
([33]) تقريظ لابن حجر على الرد الوافر (ص: 15).
([34]) ينظر: المقصد الأرشد لابن مفلح الحفيد (2/ 519).
([35]) ينظر: المرجع السابق (3/ 1092).
([36]) تصحيح الفروع للمرداوي (1/ 4- مطبوع مع الفروع).
([37]) ينظر: تسهيل السابلة لمريد معرفة الحنابلة للشيخ صالح بن عبد العزيز الحنبلي (3/ 1204).
([38]) هكذا يدعي محمد عبد الواحد الحنبلي، ودونك مقطعًا فيه كلامه:
https://www.youtube.com/ watch?v=s2prgyanM1Q
([39]) إنباء الغمر بأبناء العمر (1/ 460).
([40]) ينظر: تسهيل السابلة لمريد معرفة الحنابلة (3/ 1204).
([41]) الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة (3/ 108-109).
([42]) لحظ الألحاظ بذيل طبقات الحفاظ (ص: 118).
([43]) ذيل طبقات الحفاظ (ص: 243).
([44]) مختصر طبقات الحنابلة (ص: 71).
([45]) البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع (1/ 328).
([46]) ينظر: السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة لمحمد بن عبد الله بن حميد (2/ 739).
([47]) ينظر: شذرات الذهب في أخبار من ذهب لابن العماد (10/ 472).
([48]) ينظر: الإقناع للحجاوي (1/ 2).
([49]) الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل (1/ 2-3).
([50]) ينظر: شذرات الذهب في أخبار من ذهب (10/ 571).
([51]) المدخل إلى مذهب الإمام أحمد لابن بدران (ص: 440).
([52]) ينظر على سبيل المثال: شرح الكوكب المنير (1/ 62، 81، 88).
([53]) ينظر: خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر لمحمد أمين المحبي (4/ 426).