الأحد - 04 جمادى الأول 1447 هـ - 26 أكتوبر 2025 م

عرض وتعريف ببحث: نقد المتن من خلال معرفة خصائص الحديث النبوي وضوابطه

A A

اهتمَّ المحدِّثون بنقد الحديث سندًا ومتنًا، فلم يهملوا نقدَ المتن؛ بل أعمَلوا فيه منهجَهم النَّقديَّ الدقيق، وقد أُلِّفت كتبٌ كثيرة حول نقدِ المتن عند المحدِّثين قديمًا وحديثًا، تناولته من عدَّة جهات، منها هذا البحث الذي بين أيدينا، والذي تناول نقدَ المتن من خلال معرفة خصائص الحديثِ النبويِّ.

عنوان البحث: نقد المتن من خلال معرفة خصائص الحديث النبوي وضوابطه.

صاحب البحث: أ. د. ياسر أحمد الشمالي.

موضوع البحث: هو عبارة عن دراسةٍ لإحدى وسائل نقَّاد الحديث النبويّ لمعرفة صحة الحديث من ضعفه من خلال خبرتهم الثاقبة بخصائص الحديث النبوي الصحيح، فينظرون في بلاغته، واتِّساقه مع الزمن الذي قيل فيه، وغير ذلك.

مباحث الكتاب:

عنون المؤلف للمبحث الأول بـ: شروط نقد المتن وضوابطه:

بيَّن فيه أن نقد المتن قد برز فيه أعلام كثيرون؛ لكنهم بالنسبة إلى غير هذا العلم قلةٌ من الناس، ونعني بالقلَّة مَن اشتهر منهم بنقد المتن، لا من اشتغل منهم بذلك، فالمشتغلون كثيرون، وقد ذكر المؤلف شروط نقد المتن، وأهمها:

1- أن يكون الناقد من أهل السنة والجماعة.

2- التخصُّص في علم الحديث.

3- إتقان الصنعة الحديثية، ومعرفة أسس التصحيح وأسس النقد.

4- أن لا يكون الناقد متعصبًا لمذهب فقهيٍّ معين.

وانطلق المؤلف بعد ذلك إلى المبحث الثاني، وعنون له بـ: بيان قاعدة الإعلال بتشابه الأسلوب وشرحها:

هذه القاعدة يمارسها أهل الحديث المتخصّصون الممارسون للعلم بكثرة، فهو علمٌ يختصّ به حذاق النقاد بحيث يعرفون سمات الأحاديث النبوية وخصائصها، ومضمونها، ومعانيها، وما يبدو فيها من نور النبوة، فإن عثروا على أحاديث ليس فيها هذه السمات علموا أنها ليست من حديث النبي صلى الله عليه وسلم.

ومن خلال استقراء صنيع النُّقاد نجد أن نقد الحديث بكونه يفتقد خصائص الحديث النبوي جاء فيه العبارات التالية:

  • لا يشبه كلام النبوة.
  • يشبه حديث القصاص.
  • يشبه الحديث الموضوع.
  • يشبه الإسرائيليات.

ولكل واحد من هذه الأقوال معايير من خلالها يحكمون على الحديث بكونه داخلا تحت واحد من هذه الأربعة، فأحاديث القصاص مثلا تتَّسم بالطول والركاكة وكثرة التفصيلات والمبالغة التي لم تعهد في الشريعة، وهكذا.

المبحث الثالث: دراسة عبارات التشبيه، أو العبارات التي تدل على افتقاد الرواية لخصائص الحديث النبوي الصحيح:

في هذا المبحث تطرَّق المؤلِّف بتوسُّع إلى استعمال المحدّثين لعبارات التضعيف بهذا السبب؛ وهو بُعده عن خصائص الأحاديث النبوية، وذكَر أمثلة عديدة لذلك، فهو يعدُّ تطبيقًا للكلام الذي ذكره سابقًا، طبَّقه على عدد من الأحاديث التي أنكرها المحدثون لهذا السبب.

وقد بين المؤلِّف أن المحدِّثين لم يقتَصروا على الألفاظ التي ذكرها في المبحث الثاني؛ وإنَّما هي الشائعة، مع كونهم قد أطلقوا عبارات أخرى هي قريبة من واحد من الأربعة ألفاظ التي ذكرها، فذكر كلَّ عبارة وما يشابهها من كلام المحدثين.

ختم المؤلف بحثه بالمبحث الرابع وهو: التَّشابه البلاغي، هل هو دليل صحة الحديث أو قرينة على ذلك؟

وقد قطع المؤلف الطريقَ في هذا المبحث على من ينسب الأحاديث للنبي صلى الله عليه وسلم بحجة أنَّها كذبٌ له لا عليه، فصحَّة المعنى وسلامتُه واتساقه مع البلاغة النبوية ليس كافيًا لصحة الحديث، بل يجب أن يُضاف إليه صحَّة السَّند، فلا يمكن تصحيح حديث دون هذين الشرطين:

  • صحة المتن.
  • صحة السند.

    فالمعيار البلاغيّ وحده ليس شرطًا لصحة الحديث، وإنَّما هو قرينة مقوِّية لصحة الحديث الذي توافرت فيه شروط صحة السند، وليس في المتن ما يستنكر من جهة المعنى.

وقد خلص الباحث إلى عدة نتائج وهي:

  1. النظر في صحَّة المعنی معيار أساس في صحة الحديث عند علماء النقد.

۲. إحدى وسائل معرفة صحة المعنى: النَّظر في متن الحديث، وهل يتناسب في أسلوبه ومعناه مع أسلوب الحديث النبوي أم لا.

  1. كانت عبارة: “لا يشبه كلام النبوة” إحدى عبارات النَّقد المشهورة لدى النقاد، وهي تدلل على مدى اهتمامهم بنقد المتن، حتى لو كان السند ظاهره الصحة.
  2. من العبارات المشهورة عند النقاد: “يشبه أحاديث القصاص، ولا يشبه أحاديث النبوة”، وتطلق على المرويات التي تتسم بالطول والغرابة والمبالغة وإحالة العقل وقلب الحقائق، وهي تدل على معرفة النُّقاد بأساليب الوضاعين أو المغفلين من الرواة.
  3. بعض المرويات ترِدُ بطريقة تشبه كلام الفقهاء، وهي من القرائن التي تعين الناقد على معرفة كون النص ليس من كلام النبوة.
  4. بعض المرويات ترد بطريقة تشبه الإسرائيليات، والمقصود بذلك أنها لا تشبه كلام النبوة؛ بل تشبه ما يرويه بعض أهل الكتاب ممَّن أسلم، ولا دليل على صدقها (ويكون عادة فيها كاذب أو فاحش الغلط).
  5. كثير من انتقادات العلماء للأحاديث عندما يحكمون عليها بقولهم: “هذا حديث منكر”، أو قولهم : “باطل، أو موضوع، أو كذب”، ونحو ذلك؛ إنما يراعون من كون المنسوب للرسول صلى الله عليه وسلم لا يصلح أن يكون من كلام النبوة.
  6. مثل هذه القواعد المنهجية إنما يقدر عليها فحول العلماء وكبار النقاد الذين يرجع إليهم في مثل هذا؛ حتى لا تخضع السنة لأذواق المتحذلقين.

والحمد لله أولا وآخرًا، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

ردان على “عرض وتعريف ببحث: نقد المتن من خلال معرفة خصائص الحديث النبوي وضوابطه”

  1. يقول عبد الله يوسف عبد السلام:

    بحث مفيد جدا جزاكم الله خيرا

  2. يقول عبد الله يوسف عبد السلام:

    الحمد لله التعليق علي الكتاب طيب جدا وجزاكم الله خيرا والحمد لله رب العالمين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد سلف

علم الكلام السلفي الأصول والآليات

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: اختلف العلماء في الموقف من علم الكلام، فمنهم المادح الممارس، ومنهم الذامّ المحترس، ومنهم المتوسّط الذي يرى أن علم الكلام نوعان: نوع مذموم وآخر محمود، فما حقيقة علم الكلام؟ وما الذي يفصِل بين النوعين؟ وهل يمكن أن يكون هناك علم كلام سلفيّ؟ وللجواب عن هذه الأسئلة وغيرها رأى […]

بين المعجزة والتكامل المعرفي.. الإيمان بالمعجزة وأثره على تكامل المعرفة الإنسانية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: لقد جاء القرآن الكريم شاهدًا على صدق نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، بل وعلى صدق الأنبياء كلهم من قبله؛ مصدقًا لما معهم من الكتب، وشاهدا لما جاؤوا به من الآيات البينات والمعجزات الباهرات. وهذا وجه من أوجه التكامل المعرفي الإسلامي؛ فالقرآن مادّة غزيرة للمصدر الخبري، وهو […]

قواعد علمية للتعامل مع قضية الإمام أبي حنيفة رحمه الله

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: من القضايا التي عملت على إثراء التراث الفقهي الإسلامي: قضية الخلاف بين مدرسة أهل الرأي وأهل الحديث، وهذا وإن كان يُرى من جانبه الإيجابي، إلا أنه تمخَّض عن جوانب سلبية أيضًا، فاحتدام الصراع بين الفريقين مع ما كان يرجّحه أبو حنيفة من مذهب الإرجاء نتج عنه روايات كثيرة […]

كيف نُؤمِن بعذاب القبر مع عدم إدراكنا له بحواسِّنا؟

مقدمة: إن الإيمان بعذاب القبر من أصول أهل السنة والجماعة، وقد خالفهم في ذلك من خالفهم من الخوارج والقدرية، ومن ينكر الشرائع والمعاد من الفلاسفة والملاحدة. وجاءت في الدلالة على ذلك آيات من كتاب الله، كقوله تعالى: {ٱلنَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ أَدْخِلُواْ ءَالَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ ٱلْعَذَابِ} [غافر: 46]. وقد تواترت الأحاديث […]

موقف الحنابلةِ من الفكر الأشعريِّ من خلال “طبقات الحنابلة” و”ذيله”

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: تحتوي كتبُ التراجم العامّة والخاصّة على مضمَرَاتٍ ودفائنَ من العلم، فهي مظنَّةٌ لمسائلَ من فنون من المعرفة مختلفة، تتجاوز ما يتعلَّق بالمترجم له، خاصَّة ما تعلَّق بطبقات فقهاء مذهب ما، والتي تعدُّ جزءًا من مصادر تاريخ المذهب، يُذكر فيها ظهوره وتطوُّره، وأعلامه ومؤلفاته، وأفكاره ومواقفه، ومن المواقف التي […]

مسألة التحسين والتقبيح العقليين بين أهل السنة والمتكلمين -الجزء الثالث- (أخطاء المخالفين في محل الإجماع)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة الفصل الثالث: أخطاء المخالفين في محل الإجماع: ذكر الرازي ومن تبعه أن إطلاق الحسن والقبح بمعنى الملاءمة والمنافرة وبمعنى الكمال والنقصان محلّ إجماع بينهم وبين المعتزلة، كما تقدّم كلامه. فأما الإطلاق الأول وهو كون الشيء ملائمًا للطبع أو منافرًا: فقد مثَّلُوا لذلك بإنقاذِ الغَرقى واتهامِ الأبرياء، وبحسن الشيء الحلو […]

مسألة التحسين والتقبيح العقليين بين أهل السنة والمتكلمين -الجزء الثاني- (أخطاء المخالفين في محل النزاع)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة الفصل الثاني: أخطاء المخالفين في محل النزاع: ابتكر الفخر الرازيُّ تحريرًا لمحل الخلاف بين الأشاعرة والمعتزلة في المسألة فقال في (المحصل): “مسألة: الحُسنُ والقبح‌ قد يُراد بهما ملاءمةُ الطبع ومنافرَتُه، وكون‌ُ الشي‌ء صفةَ كمال أو نقصان، وهما بهذين المعنيين عقليان. وقد يُراد بهما كونُ الفعل موجبًا للثوابِ والعقابِ والمدحِ […]

ترجمة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ (1362  – 1447هـ)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة اسمه ونسبه([1]): هو سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب. مولده ونشأته: وُلِد سماحة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ رحمه الله بمدينة مكة المكرمة في الثالث من شهر ذي الحجة عام 1362هـ. وقد […]

مسألة التحسين والتقبيح العقليين بين أهل السنة والمتكلمين -الجزء الأول- (تحرير القول في مسألة)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: إنَّ مسألةَ التحسين والتقبيح العقليين من المسائل الجليلة التي اختلفت فيها الأنظار، وتنازعت فيها الفرق على ممرّ الأعصار، وكان لكل طائفةٍ من الصواب والزلل بقدر ما كُتب لها. ولهذه المسألة تعلّق كبير بمسائلَ وأصولٍ عقدية، فهي فرع عن مسألة التعليل والحكمة، ومسألة التعليل والحكمة فرع عن إثبات الصفات […]

جُهود الشيخ صالح بن أحمد الْمُصَوَّعي في نشر الدعوة السلفية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الشيخ صالح بن أحمد الْمُصَوَّعي من العلماء البارزين في القرن الرابع عشر الهجري، وقد برزت جهوده في خدمة الإسلام والمسلمين. وقد تأثر رحمه الله بالمنهج السلفي، وبذل جهودًا كبيرة في نشر هذا المنهج وتوعية الناس بأهميته، كما عمل على نبذ البدع وتصحيح المفاهيم الخاطئة التي قد تنشأ في […]

وصفُ القرآنِ بالقدم عند الحنابلة.. قراءة تحليلية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: يُعدّ مصطلح (القِدَم) من أكثر الألفاظ التي أثارت جدلًا بين المتكلمين والفلاسفة من جهة، وبين طوائف من أهل الحديث والحنابلة من جهة أخرى، لا سيما عند الحديث عن كلام الله تعالى، وكون القرآن غير مخلوق. وقد أطلق بعض متأخري الحنابلة -في سياق الرد على المعتزلة والجهمية- وصف (القديم) […]

التطبيقات الخاطئة لنصوص الشريعة وأثرها على قضايا الاعتقاد

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: من الأمور المقرَّرة عند أهل العلم أنه ليس كل ما يُعلم يقال، والعامة إنما يُدعون للأمور الواضحة من الكتاب والسنة، بخلاف دقائق المسائل، سواء أكانت من المسائل الخبرية، أم من المسائل العملية، وما يسع الناس جهله ولا يكلفون بعلمه أمر نسبيٌّ يختلف باختلاف الناس، وهو في دائرة العامة […]

الصحابة في كتاب (الروض الأنف) لأبي القاسم السهيلي الأندلسي (581هـ) -وصف وتحليل-

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: يحرص مركز سلف للبحوث والدراسات على توفية “السلف” من الصحابة ومنِ اتبعهم بإحسان في القرون الأولى حقَّهم من الدراسات والأبحاث الجادة والعميقة الهادفة، وينال الصحابةَ من ذلك حظٌّ يناسب مقامهم وقدرهم، ومن ذلك هذه الورقة العلمية المتعلقة بالصحابة في (الروض الأنف) لأبي القاسم السهيلي الأندلسي رحمه الله، ولهذه […]

معنى الكرسي ورد الشبهات حوله

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: يُعَدُّ كرسيُّ الله تعالى من القضايا العقدية العظيمة التي ورد ذكرُها في القرآن الكريم وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد نال اهتمام العلماء والمفسرين نظرًا لما يترتب عليه من دلالات تتعلّق بجلال الله سبحانه وكمال صفاته. فقد جاء ذكره في قوله تعالى: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} […]

لماذا لا يُبيح الإسلامُ تعدُّد الأزواج كما يُبيح تعدُّد الزوجات؟

فعن عائشة رضي الله عنها قالت: (إنَّ النِّكَاحَ فِي الجاهلية كان على أربع أَنْحَاءٍ: فَنِكَاحٌ مِنْهَا نِكَاحُ النَّاسِ الْيَوْمَ: يَخْطُبُ الرجل إلى الرجل وليته أوابنته، فَيُصْدِقُهَا ثُمَّ يَنْكِحُهَا. وَنِكَاحٌ آخَرُ: كَانَ الرَّجُلُ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ إِذَا طَهُرَتْ مِنْ طَمْثِهَا أَرْسِلِي إِلَى فُلَانٍ ‌فَاسْتَبْضِعِي ‌مِنْهُ، وَيَعْتَزِلُهَا زَوْجُهَا وَلَا يَمَسُّهَا أَبَدًا، حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017