عرض وتعريف ببحث: نقد المتن من خلال معرفة خصائص الحديث النبوي وضوابطه
اهتمَّ المحدِّثون بنقد الحديث سندًا ومتنًا، فلم يهملوا نقدَ المتن؛ بل أعمَلوا فيه منهجَهم النَّقديَّ الدقيق، وقد أُلِّفت كتبٌ كثيرة حول نقدِ المتن عند المحدِّثين قديمًا وحديثًا، تناولته من عدَّة جهات، منها هذا البحث الذي بين أيدينا، والذي تناول نقدَ المتن من خلال معرفة خصائص الحديثِ النبويِّ.
عنوان البحث: نقد المتن من خلال معرفة خصائص الحديث النبوي وضوابطه.
صاحب البحث: أ. د. ياسر أحمد الشمالي.
موضوع البحث: هو عبارة عن دراسةٍ لإحدى وسائل نقَّاد الحديث النبويّ لمعرفة صحة الحديث من ضعفه من خلال خبرتهم الثاقبة بخصائص الحديث النبوي الصحيح، فينظرون في بلاغته، واتِّساقه مع الزمن الذي قيل فيه، وغير ذلك.
مباحث الكتاب:
عنون المؤلف للمبحث الأول بـ: شروط نقد المتن وضوابطه:
بيَّن فيه أن نقد المتن قد برز فيه أعلام كثيرون؛ لكنهم بالنسبة إلى غير هذا العلم قلةٌ من الناس، ونعني بالقلَّة مَن اشتهر منهم بنقد المتن، لا من اشتغل منهم بذلك، فالمشتغلون كثيرون، وقد ذكر المؤلف شروط نقد المتن، وأهمها:
1- أن يكون الناقد من أهل السنة والجماعة.
2- التخصُّص في علم الحديث.
3- إتقان الصنعة الحديثية، ومعرفة أسس التصحيح وأسس النقد.
4- أن لا يكون الناقد متعصبًا لمذهب فقهيٍّ معين.
وانطلق المؤلف بعد ذلك إلى المبحث الثاني، وعنون له بـ: بيان قاعدة الإعلال بتشابه الأسلوب وشرحها:
هذه القاعدة يمارسها أهل الحديث المتخصّصون الممارسون للعلم بكثرة، فهو علمٌ يختصّ به حذاق النقاد بحيث يعرفون سمات الأحاديث النبوية وخصائصها، ومضمونها، ومعانيها، وما يبدو فيها من نور النبوة، فإن عثروا على أحاديث ليس فيها هذه السمات علموا أنها ليست من حديث النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن خلال استقراء صنيع النُّقاد نجد أن نقد الحديث بكونه يفتقد خصائص الحديث النبوي جاء فيه العبارات التالية:
- لا يشبه كلام النبوة.
- يشبه حديث القصاص.
- يشبه الحديث الموضوع.
- يشبه الإسرائيليات.
ولكل واحد من هذه الأقوال معايير من خلالها يحكمون على الحديث بكونه داخلا تحت واحد من هذه الأربعة، فأحاديث القصاص مثلا تتَّسم بالطول والركاكة وكثرة التفصيلات والمبالغة التي لم تعهد في الشريعة، وهكذا.
المبحث الثالث: دراسة عبارات التشبيه، أو العبارات التي تدل على افتقاد الرواية لخصائص الحديث النبوي الصحيح:
في هذا المبحث تطرَّق المؤلِّف بتوسُّع إلى استعمال المحدّثين لعبارات التضعيف بهذا السبب؛ وهو بُعده عن خصائص الأحاديث النبوية، وذكَر أمثلة عديدة لذلك، فهو يعدُّ تطبيقًا للكلام الذي ذكره سابقًا، طبَّقه على عدد من الأحاديث التي أنكرها المحدثون لهذا السبب.
وقد بين المؤلِّف أن المحدِّثين لم يقتَصروا على الألفاظ التي ذكرها في المبحث الثاني؛ وإنَّما هي الشائعة، مع كونهم قد أطلقوا عبارات أخرى هي قريبة من واحد من الأربعة ألفاظ التي ذكرها، فذكر كلَّ عبارة وما يشابهها من كلام المحدثين.
ختم المؤلف بحثه بالمبحث الرابع وهو: التَّشابه البلاغي، هل هو دليل صحة الحديث أو قرينة على ذلك؟
وقد قطع المؤلف الطريقَ في هذا المبحث على من ينسب الأحاديث للنبي صلى الله عليه وسلم بحجة أنَّها كذبٌ له لا عليه، فصحَّة المعنى وسلامتُه واتساقه مع البلاغة النبوية ليس كافيًا لصحة الحديث، بل يجب أن يُضاف إليه صحَّة السَّند، فلا يمكن تصحيح حديث دون هذين الشرطين:
- صحة المتن.
- صحة السند.
فالمعيار البلاغيّ وحده ليس شرطًا لصحة الحديث، وإنَّما هو قرينة مقوِّية لصحة الحديث الذي توافرت فيه شروط صحة السند، وليس في المتن ما يستنكر من جهة المعنى.
وقد خلص الباحث إلى عدة نتائج وهي:
- النظر في صحَّة المعنی معيار أساس في صحة الحديث عند علماء النقد.
۲. إحدى وسائل معرفة صحة المعنى: النَّظر في متن الحديث، وهل يتناسب في أسلوبه ومعناه مع أسلوب الحديث النبوي أم لا.
- كانت عبارة: “لا يشبه كلام النبوة” إحدى عبارات النَّقد المشهورة لدى النقاد، وهي تدلل على مدى اهتمامهم بنقد المتن، حتى لو كان السند ظاهره الصحة.
- من العبارات المشهورة عند النقاد: “يشبه أحاديث القصاص، ولا يشبه أحاديث النبوة”، وتطلق على المرويات التي تتسم بالطول والغرابة والمبالغة وإحالة العقل وقلب الحقائق، وهي تدل على معرفة النُّقاد بأساليب الوضاعين أو المغفلين من الرواة.
- بعض المرويات ترِدُ بطريقة تشبه كلام الفقهاء، وهي من القرائن التي تعين الناقد على معرفة كون النص ليس من كلام النبوة.
- بعض المرويات ترد بطريقة تشبه الإسرائيليات، والمقصود بذلك أنها لا تشبه كلام النبوة؛ بل تشبه ما يرويه بعض أهل الكتاب ممَّن أسلم، ولا دليل على صدقها (ويكون عادة فيها كاذب أو فاحش الغلط).
- كثير من انتقادات العلماء للأحاديث عندما يحكمون عليها بقولهم: “هذا حديث منكر”، أو قولهم : “باطل، أو موضوع، أو كذب”، ونحو ذلك؛ إنما يراعون من كون المنسوب للرسول صلى الله عليه وسلم لا يصلح أن يكون من كلام النبوة.
- مثل هذه القواعد المنهجية إنما يقدر عليها فحول العلماء وكبار النقاد الذين يرجع إليهم في مثل هذا؛ حتى لا تخضع السنة لأذواق المتحذلقين.
والحمد لله أولا وآخرًا، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
بحث مفيد جدا جزاكم الله خيرا
الحمد لله التعليق علي الكتاب طيب جدا وجزاكم الله خيرا والحمد لله رب العالمين