الأربعاء - 22 رجب 1446 هـ - 22 يناير 2025 م

مِنَ الصوارف عن الحقِّ: اتِّباعُ الهوى والظلمُ والجهل

A A

الحقُّ مطلَبٌ عظيمٌ، وقَصدُه عزيزٌ على النفوس، وإصابته تحتاج جهدًا ومجاهدة، وكلُّ الناس في هذا الكون إنما يختلفون ويتقاتلون طلبًا للحق؛ إما في أمور الدين أو الدنيا، ولا يشكُّ عاقل أن في هذا الكون حقائق مطلقة من لم يسلِّم بها ضلَّ سواء السبيل في حياته، وأصابه من الهمِّ والغمِّ ما يودُّ أن يَفتدِي منه بأمِّه وأبيه وصاحبته وبنيه. والإنسان وإن حصَّل الآلة العلمية لإصابة الحقِّ فيما يريد، فإنَّ ذلك لا يكفي لإصابته له؛ لأن هناك صوارفَ أخرى عنه، من لم يحكم الإغلاق عنها دخلت عليه، وأدخلت عليه الشر الذي يضره في دينه ودنياه.
وقد تنبَّه العلماء قديما لهذه الصوارف، واعتنوا بها، فمنهم من يتكلَّم عنها في معرض كلامه عن تلبيس إبليس، ومنهم من يفردها بالتأليف، فيجعلها من مصائد الشيطان وحباله، ومن أحسن من تلكم في هذا الباب الإمام أبو الفرج ابن الجوزي في كتابه (تلبيس إبليس)، وابن القيم في (إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان)، كما تلكم عن الموضوع آخرون في معرض الكلام عن العواصم والقواصم وأحوال القلوب ومقام الأدب مع الله عز وجل؛ لكن كثيرا من هذه الكتب طبعُها طابع الردود، ونحن ننتقي للقارئ الكريم بعضها مما هو منتشر ومشترك بين الناس، ونذكر الأسباب والعلاج بعيدًا عن الشحناء والبغضاء بين الفرق وإيراد الشبهات، وهذه هي ميزة المقال، وإلا فالموضوع قتل بحثًا من جميع الطوائف.
أسباب الصرف عن الحق:
هناك مجموعة من الأسباب كلُّ واحد منها بمفرده صارف عن الحق، وهذا الصرف قد يكون عن جملة الحق وهو الدين، أو عن بعض تفاصيله، وحاصل الأمر أنه متى دخل أحد هذه الأسباب في موضوع فإن صاحبه لا يصيب الحق قصدا، وذلك لوجود المانع من إصابته، ودونك تفصيل هذه الأسباب:
اتباع الهوى:
فالهوى والشرع لا يجتمعان، ومتى ما انتفى الشرع انتفى الحقّ، وقد قابل الله عز وجل بين الشرع والهوى، فبيَّن أن الوحيَ والهوى متقابلان تقابُل الأضداد، وبيَّن أنهما لا يجتمعان؛ لأن من مقاصد التكليف صرفُ الإنسان عن داعية هواه؛ ليتَّبع الحقَّ، وقد أحسنَ ابن عاصم رحمه الله حين قال:
وَالْقَصْدُ بِالتَّكْلِيفِ صَرْفُ الْخَلْقِ عَن دَاعِيَاتِ النَّفْسِ نَحْوَ الْحَقِّ( )
وقد بين الله أن ضلال الأمم مكمنُه اتِّباعُ الهوى، قال سبحانه عن اليهود: {أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُون} [البقرة: 87]، وقال سبحانه: {لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَاءهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُواْ وَفَرِيقًا يَقْتُلُون} [المائدة: 70]، وقال عن سائر أهل المعتقدات الباطلة: {إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى} [النجم: 23]. قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: “إنما أخشى عليكم اثنين: طول الأمل، واتباع الهوى، فإن طول الأمل ينسي الآخرة، وإن ‌اتباع ‌الهوى يصد عن الحق”( )، وقال أبو عبد الرحمن السلمي: “ومن عيوبها اتباعها هواها، وموافقة رِضَاهَا، وارتكاب مراداتها”( ).
علاجه:
يكون بدفعه ومكابدته؛ وذلك أنه لا يكاد يسلم منه أحد، ووجوده أمر طبعي، لكن لا بد من ضبط النفس فيه؛ ولذا قال سبحانه: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى} [النازعات: 40]. قال مطر الداري: “لنحتُ الجبال بالأظافير أهونُ من زوال الهوى إذا تمكَّن في النفس”( ).
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم علاجه فقال: «‌ثلاثٌ ‌منجياتٌ، وثلاثٌ مهلكات، فأمَّا المنجيات: فخشية الله في السر والعلانية، والحكم بالحق عند الرضا والغضب، والاقتصاد عند الفقر والغنى، وأما المهلكات: فشحٌّ مطاعٌ، وهوًى متَّبع، وإعجابُ المرءِ بنفسه»( )، قال شيخ الإسلام رحمه الله: “واتباع الأهواء في الديانات أعظم من اتباع الأهواء فِي الشَّهَوَات؛ فَإِن الأول حَال الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب وَالْمُشْرِكين”( ). ولا يكون علاج اتباع الهوى إلا بالعلم المعرِّف للحق الهادي إليه، والعمل بمقتضاه، وتوطين النفس على ذلك، فقد قال عليه الصلاة والسلام: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ ‌حَتَّى ‌يَكُونَ ‌هَوَاهُ ‌تَبَعًا لَمَّا جِئْتُ بِهِ»( ).
وكثيرا ما يقرن القرآن بين الهوى وعدم العلم، قال سبحانه: {بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِين} [الروم: 29]. قال بشر الحافي لحسن الفلاس: “‌من ‌جعل ‌شهوات ‌الدنيا ‌تحت ‌قدميه ‌فرق ‌الشيطان ‌من ‌ظلِّه، ومن غلب علمه هواه فهو الصابر الغالب، واعلم أنَّ البلاء كلّه في هواك، والشفاء كلّه في مخالفتك إياه”( ).
وقد بين ابن الجوزي طرق معالة الهوى فقال: “وينبغي للعاقل أن يتمرَّن على دفع الهوى المأمون العواقب؛ ليستمر بذلك على ترك ما تؤذي غايته. وليعلم العاقل أن مدمني الشهوات يصيرون إلى حالة لا يلتذونها، وهم مع ذلك لا يستطيعون تركَها؛ لأنها قد صارت عندهم كالعيش الاضطراري؛ ولهذا ترى مدمن الخمر والجماع لا يلتذُّ بذلك عشر التذاذ من لم يدمن، غيرَ أنَّ العادة تقتضيه ذلك، فيلقي نفسه في المهالك لنيل ما يقتضيه تعوُّده، ولو زال رَين الهوى عن بصر بصيرته لرأى أنه قد شقِي من حيث قدَّر السعادة، واغتمَّ من حيث ظنَّ الفرح، وألم من حيث أراد اللذَّة، فهو كالحيوان المخدوع بحبِّ الفخِّ، لا هو نال ما خُدِع به، ولا أطاق التخلُّص مما وقع فيه.
ولا بدَّ أن يفكِّر في عواقب الهوى، فكم قد أفات من فضيلة! وكم قد أوقع في رذيلة! وكم من مطعم قد أوقع في مرض! وكم من زلَّة أوجبت انكسار جاه وقبحَ ذكر مع إثم! غير أن صاحب الهوى لا يرى إلا الهوى، فأقرب الأشياء شبها بهِ من في المدبغة، فإنَّه لا يجد ريحها حتى يخرج فيعلم أين كان.
وأن يتصوَّر العاقل انقضاءَ غرضه من هواه، ثم يتصوَّر الأذى الحاصل عقيب اللذَّة؛ فإنه يراه يربى على الهوى أضعافًا، وقد أنشد بعض الحكماء:
وأفضلُ الناس من لم يرتكب سببًا حتى يميز ما تجني عواقبه
والرابع: أن يتصوَّر ذلك في حقِّ غيره، ثم يتلمَّح عاقبته بفكره؛ فإنه سيرى ما يعلم به عيبه إذا وقف في ذلك المقام.
وأن يتفكَّر فيما يطلبه من اللذات؛ فإنه سيخبره العقل أنه ليس بشيء، وإنما عين الهوى عمياء.
وينبغي أن يتدبَّر عزَّ الغلبة وذلَّ القهر؛ فإنه ما من أحدٍ غَلب هواه إلا أحسَّ بقوة عزّ، وما من أحد غلبه هواه إلا وجد في نفسه ذلَّ القهر”( ).
الجهل والظلم:
وقد ربط الله عز وجل بين صفة الظلم والجهل وترك الحق في القرآن كثيرا، فقال سبحانه: {بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِين} [يونس: 39]، وقال سبحانه: {أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُم مُّعْرِضُون} [الأنبياء: 24]، وقال سبحانه: {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً} [الأحزاب: 72].
وقال عليه الصلاة والسلام: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالما اتَّخذ الناس رؤوسًا جهّالًا، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلّوا وأضلّوا»( ).
قال ابن القيم رحمه الله: “‌والأسباب ‌المانعة ‌من ‌قبول ‌الحقِّ ‌كثيرةٌ جدًّا، فمنها: الجهل به، وهذا السبب هو الغالب على أكثر النفوس، فإن من جهِل شيئًا عاداه وعادى أهلَه، فإنِ انضاف إلى هذا السببِ بُغض مَن أمره بالحقّ ومعاداتُه له وحسدُه كان المانع من القبول أقوى، فإنِ انضاف إلى ذلك إِلفُه وعادتُه ومَرباه على ما كان عليه آباؤه ومن يحبُّه ويعظِّمه قويِ المانع، فإنِ انضاف إلى ذلك توهُّمه أن الحقَّ الذي دعي إليه يحول بينه وبين جاهه وعِزِّه وشهواته وأغراضه قوِيَ المانع من القبول جدًّا، فإنِ انضاف إلى ذلك خوفُه من أصحابه وعشيرته وقومِه على نفسه وماله وجاهه كما وقع لهرقل ملك النصارى بالشام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ازداد المانعُ من قبول الحقِّ قوَّة، فإن هرقل عرف الحقَّ وهمَّ بالدخول في الإسلام، فلم يطاوعه قومُه، وخافهم على نفسه، فاختار الكفر على الإسلام بعدما تبيَّن له الهدى”( ).
العلاج:
ودواء هذين الداءين يكون بالعلم الصحيح، وحجز النفس عن مرادها، وطلب الحكمة من مظانها، وهي الكتاب والسنة والشعر ونثر الحكماء، فكل ذلك يرشد إلى المطلوب، وقد نبه الله عز وجل على أهمية ضبط النفس في دفع الباطل، فقال سبحانه: {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُون} [الشورى: 37]، وقال سبحانه: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين} [آل عمران: 134]. وبين الله عز وجل أن كثيرا من ترك الحقِّ سببه الظلم قال تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم} [البقرة: 213]، وقال تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَاب} [آل عمران: 19]، وقال تعالى: {وَمَا تَفَرَّقُوا إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ} [الشورى: 14]، وقال تعالى: {وَآتَيْنَاهُم بَيِّنَاتٍ مِّنَ الأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمْ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُون} [الجاثية: 17].
فالبغي والظلم سببان رئيسان في تبني الباطل ودفع الحق، فما لم يوطد الإنسان نفسه على معاني الشرع وطلب الحق من حيث هو حقٌّ وتخليص الفعل من مقصد المكلف والجنوح به نحو قصد الشارع؛ فإنه لن يصفو له قلب، ولن يثبت له معتقد؛ لأن الله يعلم السر والنجوى، ومتى ما انطوى القلبُ على غدر أو خيانة؛ فإن الإنسان يصرف عن الحقّ بقدر ما انطوى عليه قلبه من الاعتقاد الفاسد والمقاصد السيئة، والمؤمن يستحي من أن يطَّلع الله على قلبه فيراه منطويًا على سوءٍ أو فحشاء، والله الموفق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد سلف

الحالة السلفية في فكر الإمام أبي المعالي الجويني إمام الحرمين -أصول ومعالم-

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: من الأمور المحقَّقة عند الباحثين صحةُ حصول مراجعات فكرية حقيقية عند كبار المتكلمين المنسوبين إلى الأشعرية وغيرها، وقد وثِّقت تلك المراجعات في كتب التراجم والتاريخ، ونُقِلت عنهم في ذلك عبارات صريحة، بل قامت شواهد الواقع على ذلك عند ملاحظة ما ألَّفوه من مصنفات ومقارنتها، وتحقيق المتأخر منها والمتقدم، […]

أحوال السلف في شهر رجب

 مقدمة: إن الله تعالى خَلَقَ الخلق، واصطفى من خلقه ما يشاء، ففضّله على غيره، قال تعالى: ﴿وَرَبُّكَ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُ ‌وَيَخۡتَارُ﴾ [القصص: 68]. والمقصود بالاختيار: الاصطفاء بعد الخلق، فالخلق عامّ، والاصطفاء خاصّ[1]. ومن هذا تفضيله تعالى بعض الأزمان على بعض، كالأشهر الحرم، ورمضان، ويوم الجمعة، والعشر الأواخر من رمضان، وعشر ذي الحجة، وغير ذلك مما […]

هل يُمكِن الاستغناءُ عن النُّبوات ببدائلَ أُخرى كالعقل والضمير؟

مقدمة: هذه شبهة من الشبهات المثارة على النبوّات، وهي مَبنيَّة على سوء فَهمٍ لطبيعة النُّبوة، ولوظيفتها الأساسية، وكشف هذه الشُّبهة يحتاج إلى تَجْلية أوجه الاحتياج إلى النُّبوة والوحي. وحاصل هذه الشبهة: أنَّ البَشَر ليسوا في حاجة إلى النُّبوة في إصلاح حالهم وعَلاقتهم مع الله، ويُمكِن تحقيقُ أعلى مراتب الصلاح والاستقامة من غير أنْ يَنزِل إليهم […]

الصوفية وعجز الإفصاح ..الغموض والكتمان نموذجا

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  توطئة: تتجلى ظاهرة الغموض والكتمان في الفكر الصوفي من خلال مفهوم الظاهر والباطن، ويرى الصوفية أن علم الباطن هو أرقى مراتب المعرفة، إذ يستند إلى تأويلات عميقة -فيما يزعمون- للنصوص الدينية، مما يتيح لهم تفسير القرآن والحديث بطرق تتناغم مع معتقداتهم الفاسدة، حيث يدّعون أن الأئمة والأولياء هم الوحيدون […]

القيادة والتنمية عند أتباع السلف الصالح الأمير عبد الله بن طاهر أمير خراسان وما وراء النهر أنموذجا (182-230ه/ 798-845م)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  المقدمة: كنتُ أقرأ قصةَ الإمام إسحاق بن راهويه -رحمه الله- عندما عرض كتاب (التاريخ الكبير) للإمام البخاري -رحمه الله- على الأمير عبد الله بن طاهر، وقال له: (ألا أريك سحرًا؟!)، وكنت أتساءل: لماذا يعرض كتابًا متخصِّصًا في علم الرجال على الأمير؟ وهل عند الأمير من الوقت للاطّلاع على الكتب، […]

دعوى غلو النجديين وخروجهم عن سنن العلماء

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: تكثر الدعاوى حول الدعوة النجدية، وتكثر الأوهام حول طريقتهم سواء من المخالفين أو حتى من بعض الموافقين الذين دخلت عليهم بعض شُبه الخصوم، وزاد الطين بلة انتسابُ كثير من الجهال والغلاة إلى طريقة الدعوة النجدية، ووظفوا بعض عباراتهم -والتي لا يحفظون غيرها- فشطوا في التكفير بغير حق، وأساؤوا […]

التحقيق في موقف ابن الزَّمْلَكَاني من ابن تيّمِيَّة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: يُعتَبَر ابن الزَّمْلَكَاني الذي ولد سنة 667هـ مُتقاربًا في السنِّ مع شيخ الإسلام الذي ولد سنة 661هـ، ويكبره شيخ الإسلام بنحو ست سنوات فقط، وكلاهما نشأ في مدينة دمشق في العصر المملوكي، فمعرفة كلٍّ منهما بالآخر قديمة جِدًّا من فترة شبابهما، وكلاهما من كبار علماء مذهبِه وعلماء المسلمين. […]

الشَّبَهُ بين شرك أهل الأوثان وشرك أهل القبور

مقدمة: نزل القرآنُ بلسان عربيٍّ مبين، وكان لبيان الشرك من هذا البيان حظٌّ عظيم، فقد بيَّن القرآن الشرك، وقطع حجّةَ أهله، وأنذر فاعلَه، وبين عقوبته وخطرَه عليه. وقد جرت سنة العلماء على اعتبار عموم الألفاظ، واتباع الاشتقاق للأوصاف في الأفعال، فمن فعل الشرك فقد استوجب هذا الاسمَ، لا يرفعه عنه شرعًا إلا فقدانُ شرط أو […]

هل مُجرد الإقرار بالربوبية يُنجِي صاحبه من النار؟

مقدمة: كثيرٌ ممن يحبّون العاجلة ويذرون الآخرة يكتفون بالإقرار بالربوبية إقرارًا نظريًّا؛ تفاديًا منهم لسؤال البدهيات العقلية، وتجنُّبا للصّدام مع الضروريات الفطرية، لكنهم لا يستنتجون من ذلك استحقاق الخالق للعبودية، وإذا رجعوا إلى الشرع لم يقبَلوا منه التفصيلَ؛ حتى لا ينتقض غزلهم مِن بعدِ قوة، وقد كان هذا حالَ كثير من الأمم قبل الإسلام، وحين […]

هل كان شيخ الإسلام أبو عثمان الصابوني أشعريًّا؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: مِن مسالك أهل الباطل في الترويج لباطلهم نِسبةُ أهل الفضل والعلم ومن لهم لسان صدق في الآخرين إلى مذاهبهم وطرقهم. وقديمًا ادَّعى اليهود والنصارى والمشركون انتساب خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام إلى دينهم وملَّتهم، فقال تعالى ردًّا عليهم في ذلك: ﴿‌مَا ‌كَانَ ‌إِبۡرَٰهِيمُ يَهُودِيّا وَلَا نَصۡرَانِيّا وَلَٰكِن كَانَ […]

هل علاقة الوهابية بالصوفية المُتسنِّنة علاقة تصادم؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: تعتبر الصوفيةُ أحدَ المظاهر الفكرية في تاريخ التراث والفكر الإسلامي، وقد بدأت بالزهد والعبادة وغير ذلك من المعاني الطيِّبة التي يشتمل عليها الإسلام، ثم أصبحت فيما بعد عِلمًا مُستقلًّا يصنّف فيه المصنفات وتكتب فيه الكتب، وارتبطت بجهود عدد من العلماء الذين أسهموا في نشر مبادئها السلوكية وتعدَّدت مذاهبهم […]

مناقشة دعوى بِدعية تقسيم التوحيد

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة    مقدّمة: إن معرفة التوحيد الذي جاء به الأنبياء من أهم المهمّات التي يجب على المسلم معرفتها، ولقد جاءت آيات الكتاب العزيز بتوحيد الله سبحانه في ربوبيته وأنه الخالق الرازق المدبر، قال تعالى: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 54]، كما أمر الله تبارك وتعالى عباده […]

اتفاق علماء المسلمين على عدم شرط الربوبية في مفهوم العبادة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدّمة: كنّا قد ردَدنا في (مركز سلف) على أطروحة أحد المخالفين الذي راح يتحدّى فيها السلفيين في تحديد ضابط مستقيم للعبادة، وقد رد ردًّا مختصرًا وزعم أنا نوافقه على رأيه في اشتراط اعتقاد الربوبية؛ لما ذكرناه من تلازم الظاهر والباطن، وتلازم الألوهية والربوبية، وقد زعم أيضًا أن بعض العلماء […]

هل اختار السلفيون آراءً تخالف الإجماع؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: كثير من المزاعم المعاصرة حول السلفية لا تنبني على علمٍ منهجيٍّ صحيح، وإنما تُبنى على اجتزاءٍ للحقيقة دونما عرضٍ للحقيقة بصورة كاملة، ومن تلك المزاعم: الزعمُ بأنَّ السلفية المعاصرة لهم اختيارات فقهية تخالف الإجماع وتوافق الظاهرية أو آراء ابن تيمية، ثم افترض المخالف أنهم خالفوا الإجماع لأجل ذلك. […]

الألوهية والمقاصد ..إفراد العبادة لله مقصد مقاصد العقيدة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: مما يكاد يغيب عن أذهان بعض المسلمين اليوم أن العبودية التي هي أهمّ مقاصد الدين ليست مجرد شعائر وقتيّة يؤدّيها الإنسان؛ فكثير من المسلمين لسان حالهم يقول: أنا أعبدُ الله سبحانه وتعالى وقتَ العبادة ووقتَ الشعائر التعبُّدية كالصلاة والصيام وغيرها، أعبد الله بها في حينها كما أمر الله […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017