لماذا يرفض المسلمون الإساءةَ لدينهم؟
لماذا يرفضُ المسلمون الإساءة لدينهم، ويشتدُّ غضبُهم عند الإساءة لرسولهم؛ مع أن دينهم يتضمَّن الإساءةَ للأديان الاخرى؟! ألم يصفِ القرآن المشركين بأنَّهم نجسٌ، وأنَّ غيرهم كالأنعام بل هم أضلُّ؟! أولم يصف المسلمون كلَّ من خالف الإسلام بالكفر والشرك والخلود في النار؟!
هكذا يردِّد كثير ممن فُتن بالغرب وشعاراته ومذاهبه الفاسدةِ عند حدوث غَضبَة من المسلمين تجاه الإساءةِ لمقدَّساتهم! فهم يرونها غضبةً غيرَ مبرَّرة، ولا داعيَ لها، بل ربما رأوها همجيَّةً وتخلُّفًا! فها هو الغرب المتحضِّر لا ينزعجون من مثل هذا حتى ولو كان ضدَّ دينهم، ولا تَحدُث ضجَّةٌ إلا عند الإساءة للإسلام ونبي الإسلام صلى الله عليه وسلم.
وعليه فواجب المسلمين في نظرهم أحد أمرين: إما أن يحذفوا أو يتركوا ما في دينهم من الإساءة لغيرهم، أو أن يقبلوا بحرية التعبير بسقفها الغربي، والذي لا يمانع من الإساءة والسخرية من المقدسات الدينية.
والحقيقة أن هذا الكلام مليء بالمغالطات والمقدِّمات الفاسدة والاستنتاجات الباطلة، وفيما يلي بيان ذلك:
أولا: هذا الكلام يتضمَّن التسويةَ بين الحقِّ والباطل:
فالإسلام هو الحقُّ وما سواه باطل، ولا يمكن لمؤمنٍ أن يسوِّي بين دين الله المنزل وما سواه من المذاهب الأرضية أو الأديان والملل المحرفة.
فهذا الكلام لو صدر من غير مسلم لكان له وجه -وإن كان مجابًا عنه كما سيأتي-، ولكنه لا ينبغي صدورُه من مسلمٍ يؤمن بالإسلام، ويرى صحَّةَ الإسلام حقيقةً مطلقَةً، لا يعتريها شكٌّ بوجهٍ من الوجوه.
ولكنَّ كثيرًا من المسلمين تأثَّر بدعاوى نسبيَّة الأديان، ويتعامل مع الخلاف بين الأديان كالخلاف بين النظريات السياسية والاجتماعية والفلسفية.
وطَردُ هذا الكلام أن يقالَ: لماذا يدعو المسلمون غيرَ المسلمين إلى دينهم، ولا يقبلون أن يروِّج الكفار لدينهم في بلاد المسلمين؟! ولماذا يرحِّب المسلمون بدخول غير المسلمين للإسلام، بينما يريدون معاقبةَ من يخرُج عن الإسلام؟! وغير ذلك من هذه الدعاوى التي يغفل أصحابها عن هذه الحقيقةِ، وهي أن الإسلام حقٌّ وما سواه باطل، وأن هذه حقيقةٌ مطلَقة، وليست أمرًا نسبيًّا تتفاوت فيه الأنظار.
ثانيًا: المسلمون يحتِّم عليهم دينُهم الإيمانَ بجميع الرسل:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “والحكمُ في سبِّ سائر الأنبياء كالحكم في سبِّ نبيِّنا، فمن سبَّ نبيًّا مسمًّى باسمه من الأنبياء المعروفين المذكورين في القرآن أو موصوفًا بالنبوة، مثل أن يذكرَ في حديثٍ أن نبيًّا فعل كذا وقال كذا، فيسبّ ذلك القائل أو الفاعـل، مع العلم بأنه نبيّ، وإن لم يعلم من هو، أو يسبّ نوعَ الأنبياء على الإطلاق، فالحكمُ في هذا كما تقدم في مسألة حكم من سبّ النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّ الإيمانَ بهم واجب عمومًا، وواجب الإيمان خصوصًا بمن قصّه الله علينا في كتابه، وسبّهم كفرٌ وردة إن كان من مسلم، ومحاربة إن كان من ذمي”([1]).
ولا يستجيزون سبَّ المسيحية واليهوديَّة؛ لأنها في أصلها أديان منزلة من عند الله تعالى، فالمسيحية الحقَّة واليهودية الحقة هي والإسلام كلُّها دين واحدٌ كما هو معلوم ومتقرر؛ ولذلك فالمسلمون لا يجوز عندهم سبُّ المسيحية، ولا اليهودية، ولا التوراة، ولا الإنجيل، ولا أنبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم، بل هذا في الحقيقة كفر بالله تعالى، وكفر بدين الإسلام. وهذا بخلاف ما يعتقدُه هؤلاء ويفعلونه منَ السبِّ لدين الإسلام ونبيِّ الإسلام صلى الله عليه وسلم، فكيف يسوَّى بين صنيعهم وما عندنا مما ليس فيه إساءة لشيء من المقدسات الحقيقية؟!
ثالثا: مع ما سبق فإننا لا نلزم غيرَ المسلمين في هذا إلا بنظير ما ألزمنا به أنفسَنا:
وبيان ذلك: أنَّ الله تعالى نهى عن سبِّ آلهة المشركين، فقال تعالى: {وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 108]، ومع ذلك أبطل القرآنُ عبادتَها، وبين بطلان هذه العبادة بذكر أوصافها التي تبيِّن عدم صلاحيتها للعبادة، وليس هذا من السبِّ. وهذا نظير ما نلزمهم به، فإنَّ أهل الذمَّة والعهد لا يُنقَض عهدُهم إذا ذكروا من أصول كفرهم ما قد كفَروا به، بخلاف السبِّ والشَّتم، فإنهم لا يُقَرّون على ذلك.
وهذا الفرقُ حاضر في كلام الفقهاء والمفسِّرين، ففي تفسير القرطبي للطَّعن في الدين الذي يستوجب نقضَ العهد قال: “أكثرُ العلماء على أنَّ من سبَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم من أهل الذمة، أو استخفَّ بقدره، أو وصفه بغير الوجه الذي كفر به = فإنه يُقتل”([2]).
وقال الطاهر بن عاشور في بيان الفرق بين السب المنهي عنه وإبطال عبادة الأوثان: “وليس من السبِّ إبطال ما يخالِف الإسلامَ من عقائدهم في مقام المجادلةِ، ولكن السبّ أن نباشرهم في غير مقام المناظرة بذلك، ونظيرُ هذا ما قاله علماؤنا فيما يصدُر من أهل الذمة من سبِّ الله تعالى أو سب النبيء صلى الله عليه وسلم بأنهم إن صدر منهم ما هو من أصول كفرهم فلا يُعَدُّ سبًّا وإن تجاوزوا ذلك عُدَّ سبًّا، ويعبِّر عنها الفقهاء بقولهم: (ما به كفَر، وغير ما به كفر)”([3]).
رابعا: نهي الإسلام عن سب آلهة الكفار والمشركين:
قال تعالى: {وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام:108]، وفي هذه الآية مسائلُ، نذكر منها ما يتَّصل بالمراد هنا:
الأولى: سياق الآية وسبب نزولها:
قال الفخر الرازي: “اعلم أن هذا الكلام أيضًا متعلِّق بقولهم للرسول عليه السلام: إنما جمعت هذا القرآن من مدارسة الناس ومذاكرتهم، فإنه لا يبعُد أنَّ بعضَ المسلمين إذا سمعوا ذلك الكلامَ منَ الكفار غضبوا وشتموا آلهتَهم على سبيل المعارضة، فنهى الله تعالى عن هذا العمل؛ لأنك متى شتَمتَ آلهتهم غضِبوا، فربما ذكروا الله تعالى بما لا ينبَغِي من القولِ، فلأجل الاحتراز عن هذا المحذور وجب الاحتراز عن ذلك المقال، وبالجملة فهو تنبيهٌ على أنَّ خصمَك إذا شافهك بجهلٍ وسفاهة لم يجز لك أن تقدِم على مشافهتِه بما يجري مجرى كلامِه؛ فإنَّ ذلك يوجب فتحَ باب المشاتمة والسفاهة، وذلك لا يليق بالعقلاء”([4]).
فالنهيُ عن السبِّ عطفٌ على الأمر بالإعراض، و”ليس المقصود من الإعراض ترك الدعوة، بل المقصود الإغضاء عن سبابهم وبذيء أقوالهم، مع الدوام على متابعة الدعوة بالقرآن، فإن النهي عن سبِّ أصنامهم يؤذِن بالاسترسال على دعوتهم وإبطال معتقداتهم، مع تجنُّب المسلمين سبَّ ما يدعونهم من دون الله”([5]).
وأمَّا سبب نزولها: فأصحُّ ما روي في ذلك ما روي عن قتادة قال: “كان المسلمون يسبُّون أوثان المشركين، فيردّون ذلك عليهم، فنهاهم الله أن يستسبُّوا لربهم، فإنهم قوم جهلة، لا علم لهم بالله”([6]).
وأمَّا ما روى الطبريّ عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أنه لما نزل قوله تعالى: {إنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} [الأنبياء: 98] قال المشركون: لئن لم تنتهِ عن سبِّ آلهتنا وشتمها لنهجوَنَّ إلهَك، فنزلت هذه الآية في ذلك، فهو ضعيف؛ لأن علي بن أبي طلحة ضعيف، وله منكرات ولم يلق ابن عباس. ومن البعيد أن يكون ذلك المراد من النهي في هذه الآية؛ لأن ذلك واقع في القرآن، فلا يناسب أن ينهى عنه بلفظ: {وَلَا تَسُبُّوا}، وكان أن يقال: (ولا تجهروا بسبِّ الذين يدعون من دون الله) مثلا([7]).
الثانية: معنى السبِّ والفرق بينه وبين ما ورد في القرآن من إبطال آلهة المشركين:
السبُّ في كلام العرب: “كلامٌ يدلُّ على تحقير أحدٍ أو نسبته إلى نقيصة أو معرَّة، بالباطل أو بالحقِّ، وهو مرادفُ الشتم. وليس من السب النسبةُ إلى خطأ في الرأي أو العمل، ولا النسبة إلى ضلال في الدين، إن كان قد صدر من مخالف في الدين”([8]).
وعلى ذلك فـ”القرآن الكريم المنزَّل من ربِّ العالمين لَا يكون فيه سبٌ ولا شَتم، وإنما يكون فيه ذكرُ الحقائق الثابتَةِ التي لا مجال للريبِ فيها، وعلى ذلك لَا يمكن أن يكونَ وصف الأوثان بأنها لَا تضر ولا تنفع سبًّا؛ لكنه لكي يمنع العرب من عبادتها لَا بد من وصفها بحقيقتها ومآلها… إنما السب هو شتم الأوثان مثل: (لعنها الله)، و(قبحت آلهتكم)، من غير ذكر أوصافها”([9]).
قال صاحب المنار: “واستشكل بعضهم النهي بما ورد في الكتاب العزيز من وصف آلهتهم أنها لا تضر ولا تنفع، ولا تقرِّب ولا تشفَع، وأنها وإياهم حصبُ جهنم، وتسميتُها بالطاغوت وهو مبالغة من الطغيان، وجعل عبادتها طاعةً للشيطان، وقد يجاب عنه بأن هذا لا يسمَّى سبًّا وإن زعموه جدلا؛ لأنَّ السبَّ هو الشتم، وهو ما يقصد به الإهانة والتعيير، والغرضُ مِن ذكر معبوداتهم بذلك بيانُ الحقائق والتنفيرُ عن الخرافات والمفاسد، وأجيب على تقدير التسليمِ بأنَّ سبَّ ما يستحقُّ السبَّ جائزٌ في نفسه، وإنما يحظُر إذا أدى إلى مفسدة أكبر منه، والحال هنا كذلك. وقد صحَّ النهيُ عن الصلاة في المقبرة والحمام، وكمثلها التلاوة في المواضع المكروهة”([10]).
وقال القاسمي رحمه الله: “والذي يجب علينا بيان بغضها، وأنه لا يجوز عبادتها، وأنها لا تضرُّ ولا تنفع، وأنها لا تستحقّ العبادة، وهذا ليس بسبٍّ”([11]).
ونخلص من كلام هؤلاء العلماء وغيرِهم أنَّ الفرقَ بين السب المنهيِّ عنه وما ورد من إبطال دينهم ومعبوداتهم أمران:
الأول: أنَّ ما ذكر في القرآن ليس سبًّا أصلا، بل هو وصفٌ بحقيقة حال هذه المعبودات بأنزه تعبير؛ بيانًا لحالها.
الثاني: أنه في المقام المناسب، فليس في مقام التعيير أو الإغاظة والشتم، بل في مقام المحاججة والدعوة، بما يسقط منزلتها في نفوس عابديها.
خامسًا: الحكمة من النهي عن السبِّ:
الحكمةُ من ذلك مذكورة في الآية، وهي أن لا يرجع ذلك بسب الله -تقدست أسماؤه- فيزدادون بذلك بُعدًا عن الحق، وهو نقيض مقصود الدعوة إلى الله تعالى، مع كون السبِّ لا تتحقَّق به مصلحة؛ “لأن المقصود من الدعوة هو الاستدلال على إبطال الشرك وإظهار استحالة أن تكون الأصنام شركاء لله تعالى، فذلك هو الذي يتميز به الحق عن الباطل، وينهض به المحق ولا يستطيعه المبطل، فأمَّا السبُّ فإنه مقدور للمحقِّ وللمبطل، فيظهر بمظهر التساوي بينَهما، وربما استطاع المبطل بوقاحتِه وفُحشه ما لا يستطيعه المحقُّ، فيلوح للناس أنه تغلَّب على المحقِّ… فتمحَّض هذا السبُّ للمفسدة، ولم يكن مشوبا بالمصلحة”([12]).
قال الفخر الرازي: “لأن هذا الشتم كان يستلزم إقدامهم على شتم الله وشتم رسوله، وعلى فتح باب السفاهة، وعلى تنفيرهم عن قبول الدين، وإدخال الغيظ والغضب في قلوبهم، فلكونه مستلزمًا لهذه المنكرات وقع النهي عنه”([13]).
وقال أيضًا: “وفيه تأديبٌ لمن يدعو إلى الدين؛ لئلا يتشاغل بما لا فائدة له في المطلوب؛ لأن وصف الأوثان بأنها جمادات لا تنفع ولا تضر يكفي في القدح في إلهيتها، فلا حاجة مع ذلك إلى شتمها”([14]).
وقال: “لأنَّ ذكرَ الحجَّة لو اختَلط به شيء من السبِّ والشتم لقابلوكم بمثله… ويزداد الغضب وتتكامل النفرة ويمتنع حصول المقصود، أما إذا وقع الاقتصار على ذكر الحجة بالطريق الأحسن الخالي عن الشتم والإيذاء أثَّر في القلب تأثيرا شديدًا”([15]).
سادسًا: الآيةُ محكمة غير منسوخة:
قال القرطبي: “قال العلماء: حكمها باقٍ في هذه الأمَّة على كلِّ حال، فمتى كان الكافر في منعة وخِيفَ أنه إن سبَّ المسلمون أصنامَه أو أمور شريعته أن يسبَّ هو الإسلام أو النبيء عليه الصلاة والسلام أو الله عز وجل لم يحلَّ للمسلم أن يسبَّ صلبانهم ولا كنائسهم؛ لأنه بمنزلة البعث على المعصية”([16]).
ومما سبق من النقول يتَّضح أيضًا أنه ينهى عن ذلك ليس في حال قوة الكافر فقط، بل إذا خشي منه النفور عن الدين، فليس في السبِّ مصلحة، فالمصلحة تقوم بالحجة الخالية عن السب والشتم.
سابعًا: النهي عن سبِّ المشركين:
ما سبق تقريره هو النهي عن سبِّ آلهتهم، وأما سبُّ المشركين فنشير فيه إلى النقاط الآتية:
1- ورد النهي عن السبِّ والشتم عمومًا، ففي الحديث: «ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان، ولا الفاحش ولا البذيء»([17]).
ولما قالت عائشة رضي الله عنها لليهود: عليكم السام واللعنة والغضب، قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «مهلا يا عائشة، عليك بالرفق، وإياك والعنف» أو: «الفحش»([18]).
2- أن القرآن لم يتضمَّن سبًّا للمشركين، وإنما أوصافًا لهم في العموم، تنطبق على حالهم، ليس المراد منها السبّ، وإنما بيان حالهم. فوصفُهُم بالنجاسة المقصود منها: نجاسةُ الاعتقاد، وليست النجاسة الحسيَّة، ووصفهم أنهم أضل من الأنعام تشبيهٌ لهم حالَ إعراضهم عن الحجة؛ تنفيرًا عن مثل هذا الحال. وهكذا في كل المواضع.
3- أن ما جاء عن بعض الصحابة من ذلك -كعمل أبي بكر رضي الله عنه مع عروة بن مسعود([19])- فهو استثناء من الأصل، اقتضته الحاجة، وليس هو المعتاد من حال الصحابة رضي الله عنهم. وهذا يكون عند الحاجة ورد الاعتداء، قال الحافظ ابن حجر: “وفيه جواز النطق بما يُستبشع من الألفاظ؛ لإرادة زجر من بدا منه ما يستحقُّ ذلك”([20])، وقال شيخ الإسلام: “ومتى ظلم المخاطب لم نكن مأمورين أن نجيبه بالتي هي أحسن”([21]).
فتبين بهذا فسادُ هذه المقدمة، فإن المسلمين لا يسبون أديانَ غيرهم، ولا ما يرونه مقدَّسًا لهم، وإنما يبطلونها بالحجة المناسبة الخالية من السب والشتم.
ونختم مقالتنا هذه بنقطتين، لا يتسع المقام للتفصيل فيهما، ولكننا نكتفي بالإشارة:
أولاهما: أن إلزام الخصم بما يدعيه ولا يلتزمه -وإن كنا لا ندعيه- ليس تناقضا، فإذا كان الغرب يروِّج للعلمانية على أنها تحترم جميع الأديان، وتقف على مسافة واحدة منها؛ فلا حرج على المسلمين إذا طالبوه بالتزام ذلك واحترام الإسلام.
ثانيتهما: أنَّ حريةَ التعبير حتى في مفهومها الغربي لا تسمح بالإساءة للإسلام ولا الإساءة للمقدسات الدينية بما يجرح مشاعر أصحابها، وتنصُّ قوانينهم على ذلك صراحةً، وهي منشورة على الشبكة لمن أراد الاطلاع عليها.
وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)
([1]) الصارم المسلول (ص: 565).
([3]) التحرير والتنوير (7/ 431). وينظر: الشفا للقاضي عياض (2/ 1098).
([5]) التحرير والتنوير (7/ 427).
([7]) التحرير والتنوير (7/ 428).
([9]) زهرة التفاسير، لمحمد أبو زهرة (5/ 524).
([10]) تفسير المنار، لرشيد رضا (7/ 556).
([11]) محاسن التأويل (4/ 464).
([12]) التحرير والتنوير (7/ 430) باختصار يسير.
([13]) تفسير الرازي (13/ 110).
([14]) المرجع السابق، الموضع نفسه.
([15]) المصدر السابق (20/ 355).
([17]) رواه الترمذي (1977)، وأحمد (3839)، وقال الترمذي: “حسن غريب”، وصححه ابن حبان (192)، وحسنه الذهبي في المهذب (8/ 4200).