الخميس - 30 رجب 1446 هـ - 30 يناير 2025 م

التفسير باللازم عند السلف ودعوى التأويل

A A

يقَرِّر أهلُ السنة والجماعة أن لأسماء الله تعالى وصفاته دلالاتٍ تدلُّ عليها، وأنها ثلاث: المطابقة، والتضمُّن، والالتزام([1])، وهم بهذا أسعدُ الناس في هذا الباب؛ لمخالفتهم لأهل البدع أهل التعطيل وأهل التحريف. ولإيضاح ذلك على وجهه لا بد أولًا من بيان هذه الدلالات الثلاث كما قرره أهل العلم:

دلالة المطابقة: هي دلالة المفرد اللفظية في كمال معناه.

ودلالة التضمن: هي دلالته في بعض معناه، كدلالة الاسم على أحد الأمرين؛ إما دلالته على الذات، أو دلالته على الصفة.

ودلالة الالتزام: وهي دلالته غير اللفظية([2])، أو بعبارة أوضح: دلالة اللفظ على ما هو خارج عن المسمَّى لكنه لازِم له من حيث هو لازم([3])، كدلالة الاسم على صفة أخرى بطريق اللزوم.

الدلالات في أسماء الله تعالى:

بناء على ما تقدَّم فإن كل اسم من أسمائه سبحانه له دلالة على الذات العلية والصفة التي يدل عليها هذا الاسم بالمطابقة، كما أنه يدل على الذات وحدها أو الصفة وحدها بدلالة التضمن، إضافة إلى دلالته على صفات أخرى باللزوم([4])، فأهل السنة والجماعة يثبتون هذه الدلالات الثلاث في أسماء الله تعالى، ولا يقتصرون على واحدة دون الأخرى، ودونك مثال على ذلك:

دلالات اسم الله تعالى “الخالق”:

من أسماء الله تعالى الحسنى “الخالق”؛ قال تعالى: {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ} [الحشر: 24]، واسم الله تعالى الخالق يدلُّ على ذات الله عز وجل، ويدلُّ كذلك على صفة الخلق، فباعتبار دلالته على الأمرين -الذات العلية والصفة- فإنها دلالة مطابقة؛ لأن اللفظ دل على كمال معناه.

وباعتبار دلالته على الذات المقدسة وحدها، أو دلالته على صفة الخلق وحدها، فإنها دلالة تضمن؛ لأن اللفظ بهذا الاعتبار دلَّ على بعض معناه.

وباعتبار دلالته على صفتي العلم والقدرة مثلًا، فإنها دلالة التزام؛ إذ لا يمكن خلقٌ إلا بعلم وقدرة، فدلالته على القدرة والعلم دلالة التزام؛ لأنها خارجة عن اللفظ.

فالواجب على المؤمن إثبات تلك الدلالات الثلاث في أسماء الله تعالى، وليعلم أن من أنكر واحدًا من هذه الدلالات في أسماء الله سبحانه فهو ملحد في الأسماء([5])؛ قال الله عز وجل: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأعراف: 180]، يقول ابن القيم: “والإلحاد في أسمائه: هو العدول بها وبحقائقها ومعانيها عن الحق الثابت لها، وهو مأخوذ من الميل كما يدل عليه مادته (ل ح د)”([6]).

الاعتبارات في صفات الله تعالى:

كما أن لأسماء الله تعالى الحسنى دلالات، فإن لصفاته سبحانه اعتبارات، وهي ثلاثة: فتارة تعتبر الصفة من حيث هي هي، وتارة من حيت قيامها به تعالى، وتارة من حيث قيامها بغيره تعالى، وليست الاعتبارات الثلاثة متماثلة؛ إذ ليس كمثله تعالى شيء، لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله([7]).

إذا علم هذا؛ فإن الله سبحانه وصف نفسه بالرحمة فقال عز وجل: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف: 156]، وقال تقدست أسماؤه: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا} [غافر: 7]، وأهل السنة والجماعة يثبتون صفة الرحمة لله تعالى باعتباراتها الثلاثة:

الأول: أنها صفة حقيقية ثابتة لله تعالى.

والثاني: أنها قائمة بذاته تعالى.

والثالث: أنها تقتضي التفضُّل على عباده والإنعام عليهم، وهذا الأخير باعتبار آثارها وقيامها بغيره سبحانه.

وليس في هذا كله تشبيه برحمة المخلوقين؛ فكما أنَّا نثبت ذاتًا ليست كالذوات، فلنثبت رحمةً ليست كرحمة المخلوق، وبهذا يظهر أنه لا حاجة لدعوى المجاز التي يدَّعيها أهل التحريف من متأخري الأشعرية وتابعيهم في رحمته تعالى؛ فإنه سبحانه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]؛ والقاعدة في باب الصفات: “أن الكلام على الصفات فرع عن الكلام في الذات”([8])، كما أن ادعاء المجاز مردود لمخالفة الأصل.

التفسير باللازم عند السلف:

ادَّعى بعض الأشعرية ومن وافقهم وقوع بعض أهل السنة والجماعة في التأويل الفاسد الذي يروِّجون له([9])؛ وسبب ادعائهم هذا هو أنهم وجدوا بعض الآثار عن السلف فيها تفسيرٌ لبعض آيات الصفات بلوازمها، فظنوا أن السلف قائلون بأن هذه الصفات مجاز، وأنهم موافقون لهم في باطلهم.

وهذا خطأ بيِّن؛ فإن ما ثبت عن بعض السلف في تفسير بعض آيات الصفات بلوازمها داخل في الاعتبارات الثلاثة المقررة عندهم -من حيث إثبات الصفة على حقيقتها، وأنها قائمة بذاته تعالى، وإثبات آثارها التي تقتضيها وتقوم بغيره سبحانه-، ولا يخرج المنقول عنهم عن هذا الطريق المستقيم؛ فإن ذكر بعض آثار الصفات التي تقتضيها في غيره سبحانه لا يلزم منه نفي ما أجمعوا على إثباته له سبحانه بالاعتبارين الآخرين، ويمكن دفع شبهتهم من وجهين: إجمالًا، وتفصيلًا.

دفع شبهتهم إجمالًا:

حقيقة الأمر: أن أهل السنة والجماعة بريئون من هذه الدعاوى، فهم مطبقون على إثبات ما أثبته الله تعالى لنفسه وما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، وهو إثبات لحقائقها على ما نعرف من جهة إثبات المعنى ونفي التشبيه، كما نفى ذلك عن نفسه جل ثناؤه، فقال: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}([10])، مع اعتقادهم أنها قائمة بالله تعالى، وأن لهذه الصفات مقتضيات وآثارًا تقوم بالمخلوقين، وهذا محل إجماع؛ يقول حافظ المغرب أبو عمر ابن عبد البر (ت 463هـ): “أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة، والإيمان بها، وحملها على الحقيقة لا على المجاز، إلا أنهم لا يكيِّفون شيئًا من ذلك، ولا يحدّون فيه صفة محصورة، وأما أهل البدع والجهمية والمعتزلة كلها والخوارج فكلهم ينكرها، ولا يحمل شيئًا منها على الحقيقة، ويزعمون أنَّ من أقرَّ بها مشبِّه، وهم عند من أثبتها نافون للمعبود، والحقُّ فيما قاله القائلون بما نطق به كتاب الله وسنة رسوله، وهم أئمة الجماعة، والحمد لله“([11]).

ويقول الإمام أبو القاسم إسماعيل بن محمد التيمي (ت 535هـ) وقد سئل عن صفات الرب تعالى: “مذهب مالك، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وحماد بن سلمة، وحماد بن زيد، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن سعيد، وعبد الرحمن بن مهدي، وإسحاق بن راهويه: أن صفات الله التي وصف بها نفسه، أو وصفه بها رسوله، من السمع، والبصر، والوجه، واليدين، وسائر أوصافه، إنما هي على ظاهرها المعروف المشهور، من غير كيف يتوهَّم فيه، ولا تشبيه ولا تأويل؛ قال سفيان بن عيينة: (كل شيء وصف الله به نفسه فقراءته تفسيره)، أي: على ظاهره، لا يجوز صرفه إلى المجاز بنوع من التأويل“([12]).

إذا ثبت هذا: فإن التفسير باللازم الوارد عن السلف في بعض الصفات لا يخرج عن الاعتبارات الثلاثة -إثبات حقيقة الصفة، وأنها قائمة بالله تعالى، مع إثبات آثارها ومقتضاها- ولم ينقل عن واحد من السلف أنه ينفي واحدًا من تلك الاعتبارات كما تقدم الإجماع عليه.

هذا بخلاف ما ينقل عن أهل التأويل الفاسد من الأشعرية وتابعيهم، فإنهم لا يثبتون الصفات كالرحمة والمحبة والغضب ونحوها على حقيقتها، بل يصرفونها عن ظواهرها؛ ووصل الأمر ببعضهم إلى الادعاء بأن الأخذ بظواهر الكتاب والسنة من الكفر([13]).

وعليه فإن السبب الرئيس في وقوع الاشتباه عند بعضهم هو الظن الخاطئ بأن ما نقل عن بعض السلف في تفسير بعض الصفات بلوازمها هو من قبيل التأويل الفاسد لصفات الله تعالى، وحاشاهم من ذلك رضي الله عنهم.

دفع شبهتهم تفصيلًا:

بالنظر إلى ما أورده بعضهم من نقولات عن بعض السلف يحاولون بها إثبات أن السلف وقعوا في التأويل الفاسد لصفات الله سبحانه؛ فإنه يمكن أن يجاب عن شبهتهم من خلال المثال التالي:

ما ورد عن السلف في تفسير قوله تعالى: {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا}:

قد أثبت الله تعالى لنفسه صفة العين؛ فقال سبحانه: {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا} [هود: 37]، وقال عز وجل: {أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا} [المؤمنون: 27]، وقال تعالى: {فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} [الطور: 48]، وقال تقدست أسماؤه: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القمر: 14]، وقد أثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: ذُكر الدجَّال عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «إن الله لا يخفى عليكم، إن الله ليس بأعور -وأشار بيده إلى عينه- وإنَّ المسيح الدجالَ أعورُ العين اليمنى، كأن عينه عنبة طافية»([14]).

ولهذا يقول الإمام البيهقي: “وفي هذا نفي نقص العَوَر عن الله سبحانه, وإثباتُ العين له صفةً”([15]).

ومع ظهور الحقّ في هذا فقد حاد أهل التأويل الفاسد عنه؛ فقالوا بوجوب تأويل هذه الآيات، ونفي حقيقتها([16])، وزعموا أن هذا ثابت عن بعض السلف؛ ومنه ما جاء عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى: {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا} [هود: 37]، فقال: “بمرأى منا”([17]).

الجواب عن تلك الشبهة من وجوه:

الوجه الأول: أن السلف يثبتون لله تعالى صفةَ العين على حقيقتها؛ فقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما وقتادة بن دعامة في تفسير قوله تعالى: {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا} [هود: 37]، قالا: “بعين الله”([18])، وهو ما ذهب إليه الطبري في تفسير الآية([19]).

الوجه الثاني: لا منافاة بين إثبات صفة العين لله تعالى على حقيقتها وبين ما ورد عن بعض السلف -كابن عباس- من قوله في تفسير الآية: “بمرأى منا” ونحوه؛ إذ هو تفسير لصفة العين بلازمها ومقتضاها، ومعلوم أن إثباتهم للازم الصفة يلزم منه إثبات الملزوم وهو ما دل عليه اللفظ، ولا منافاة.

وعليه فإن السلف يثبتون صفة العين بالاعتبارات الثلاثة: أنها صفة حقيقية، وأنها قائمة بالله تعالى، مع إثبات لوازمها ومقتضياتها، “ولازم المعنى الصحيح جزءٌ منه، كما هو معلوم من دلالة اللفظ؛ حيث تكون بالمطابقة والتضمن والالتزام”([20]).

الوجه الثالث: ما ذهب إليه أهل التأويل الفاسد من تفسير الآيات بالعلم أو بالرؤية مع نفي العين يخالف منهج السلف؛ حيث يثبت أهل التأويل الفاسد لازم المعنى وينفون الصفة، وهذا باطل لعدة أمور:

أولها: أنه لا دليل عليه.

ثانيها: أنه مخالف لظاهر النصوص الصريحة الدالة على إثبات صفة العين من الكتاب والسنة على الوجه اللائق به سبحانه.

ثالثها: مخالفته لما أطبق عليه السلف رضي الله عنهم من إثبات صفة العين لله سبحانه.

ولهذا يقول الإمام ابن خزيمة: “فواجب على كل مؤمن أن يثبتَ لخالقه وبارئه ما ثبَّت الخالق البارئ لنفسه من العين، وغير مؤمن من ينفي عن الله تبارك وتعالى ما قد ثبَّته الله في محكم تنزيله ببيان النبي صلى الله عليه وسلم الذي جعله الله مبيِّنًا عنه”([21]).

فاللهم بصرنا بمنهج السلف الكرام، وارزقنا الثبات عليه حتى الممات، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليمًا كثيرًا.

ــــــــــــــــــــــــــــ

(المراجع)

([1]) ينظر: فائدة جليلة في قواعد الأسماء الحسنى لابن القيم (ص: 25).

([2]) ينظر: أصول الفقه لابن مفلح (1/ 56).

([3]) الفوائد السنية في شرح الألفية للبرماوي (2/ 294).

([4]) ينظر: بدائع الفوائد لابن القيم (1/ 285).

([5]) ينظر: شرح العقيدة الواسطية للشيخ ابن عثيمين (1/ 122-123).

([6]) بدائع الفوائد (1/ 169).

([7]) ينظر: لوائح الأنوار السنية ولواقح الأفكار السنية (1/ 161)، ولوامع الأنوار البهية (1/ 33) كلاهما للسفاريني.

([8]) في مركز سلف ورقة علمية تشرح هذه القاعدة، بعنوان: “قاعدة: القول في صفات الله تعالى كالقول في الذات.. دراسة وتحليل”، وهذا رابطها:

قاعدة: القول في صفات الله تعالى كالقول في الذات: دراسة وتحليل

([9]) ينظر شبهات القوم في كتاب: أهل السنة الأشاعرة شهادة علماء الأمة وأدلتهم (ص: 232-247).

([10]) ينظر: التبصير في معالم الدين للطبري (ص: 140).

([11]) التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (7/ 145).

([12]) ينظر: العرش (2/ 459-460)، والعلو (ص: 192) كلاهما للذهبي.

([13]) قاله الصاوي في حاشيته على تفسير الجلالين عند تفسير قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِه} [آل عمران: 7]، وقد استفاض الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في الرد على هذه الفرية في كتابه أضواء البيان (7/ 268).

([14]) أخرجه البخاري (7407).

([15]) الاعتقاد (ص: 90).

([16]) ينظر: إيضاح الدليل في قطع حجج أهل التعطيل (ص: 130).

([17]) ينظر: تفسير السمعاني (2/ 427)، وتفسير البغوي (4/ 173).

([18]) تفسير الطبري (15/ 309).

([19]) المرجع السابق (15/ 308).

([20]) المجلى في شرح القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى للشيخ ابن عثيمين (ص: 283).

([21]) التوحيد (1/ 97).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد سلف

الصمت في التصوف: عبادة مبتدعة أم سلوك مشروع؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: الصوفية: جماعةٌ دينية لهم طريقةٌ مُعيَّنة تُعرف بالتصوّف، وقد مَرَّ التصوّف بمراحل، فأوَّل ما نشأ كان زُهدًا في الدنيا وانقطاعًا للعبادة، ثم تطوَّر شيئًا فشيئًا حتى صار إلحادًا وضلالًا، وقال أصحابه بالحلول ووحدة الوجود وإباحة المحرمات([1])، وبين هذا وذاك بدعٌ كثيرة في الاعتقاد والعمل والسلوك. وفي إطار تصدِّي […]

دفع مزاعم القبورية حول حديث: «اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»

مقدمة: من الفِرى ردُّ الأحاديث الصحيحة المتلقّاة بالقبول انتصارًا للأهواء والضلالات البدعية، وما من نصّ صحيح يسُدُّ ضلالًا إلا رُمِي بسهام النكارة أو الشذوذ ودعوى البطلان والوضع، فإن سلم منها سلّطت عليه سهام التأويل أو التحريف، لتسلم المزاعم وتنتفي معارضة الآراء المزعومة والمعتقدات. وليس هذا ببعيد عن حديث «‌اتخذوا ‌قبور ‌أنبيائهم»، فقد أثار أحدهم إشكالًا […]

استباحة المحرَّمات.. معناها وروافدها

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: من أعظم البدع التي تهدم الإسلام بدعة استباحةُ الشريعة، واعتقاد جواز الخروج عنها، وقد ظهرت هذه البدعة قديمًا وحديثًا في أثواب شتى وعبر روافد ومصادر متعدِّدة، وكلها تؤدّي في نهايتها للتحلّل من الشريعة وعدم الخضوع لها. وانطلاقًا من واجب الدفاع عن أصول الإسلام وتقرير قواعده العظام الذي أخذه […]

الحالة السلفية في فكر الإمام أبي المعالي الجويني إمام الحرمين -أصول ومعالم-

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: من الأمور المحقَّقة عند الباحثين صحةُ حصول مراجعات فكرية حقيقية عند كبار المتكلمين المنسوبين إلى الأشعرية وغيرها، وقد وثِّقت تلك المراجعات في كتب التراجم والتاريخ، ونُقِلت عنهم في ذلك عبارات صريحة، بل قامت شواهد الواقع على ذلك عند ملاحظة ما ألَّفوه من مصنفات ومقارنتها، وتحقيق المتأخر منها والمتقدم، […]

أحوال السلف في شهر رجب

 مقدمة: إن الله تعالى خَلَقَ الخلق، واصطفى من خلقه ما يشاء، ففضّله على غيره، قال تعالى: ﴿وَرَبُّكَ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُ ‌وَيَخۡتَارُ﴾ [القصص: 68]. والمقصود بالاختيار: الاصطفاء بعد الخلق، فالخلق عامّ، والاصطفاء خاصّ[1]. ومن هذا تفضيله تعالى بعض الأزمان على بعض، كالأشهر الحرم، ورمضان، ويوم الجمعة، والعشر الأواخر من رمضان، وعشر ذي الحجة، وغير ذلك مما […]

هل يُمكِن الاستغناءُ عن النُّبوات ببدائلَ أُخرى كالعقل والضمير؟

مقدمة: هذه شبهة من الشبهات المثارة على النبوّات، وهي مَبنيَّة على سوء فَهمٍ لطبيعة النُّبوة، ولوظيفتها الأساسية، وكشف هذه الشُّبهة يحتاج إلى تَجْلية أوجه الاحتياج إلى النُّبوة والوحي. وحاصل هذه الشبهة: أنَّ البَشَر ليسوا في حاجة إلى النُّبوة في إصلاح حالهم وعَلاقتهم مع الله، ويُمكِن تحقيقُ أعلى مراتب الصلاح والاستقامة من غير أنْ يَنزِل إليهم […]

الصوفية وعجز الإفصاح ..الغموض والكتمان نموذجا

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  توطئة: تتجلى ظاهرة الغموض والكتمان في الفكر الصوفي من خلال مفهوم الظاهر والباطن، ويرى الصوفية أن علم الباطن هو أرقى مراتب المعرفة، إذ يستند إلى تأويلات عميقة -فيما يزعمون- للنصوص الدينية، مما يتيح لهم تفسير القرآن والحديث بطرق تتناغم مع معتقداتهم الفاسدة، حيث يدّعون أن الأئمة والأولياء هم الوحيدون […]

القيادة والتنمية عند أتباع السلف الصالح الأمير عبد الله بن طاهر أمير خراسان وما وراء النهر أنموذجا (182-230ه/ 798-845م)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  المقدمة: كنتُ أقرأ قصةَ الإمام إسحاق بن راهويه -رحمه الله- عندما عرض كتاب (التاريخ الكبير) للإمام البخاري -رحمه الله- على الأمير عبد الله بن طاهر، وقال له: (ألا أريك سحرًا؟!)، وكنت أتساءل: لماذا يعرض كتابًا متخصِّصًا في علم الرجال على الأمير؟ وهل عند الأمير من الوقت للاطّلاع على الكتب، […]

دعوى غلو النجديين وخروجهم عن سنن العلماء

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: تكثر الدعاوى حول الدعوة النجدية، وتكثر الأوهام حول طريقتهم سواء من المخالفين أو حتى من بعض الموافقين الذين دخلت عليهم بعض شُبه الخصوم، وزاد الطين بلة انتسابُ كثير من الجهال والغلاة إلى طريقة الدعوة النجدية، ووظفوا بعض عباراتهم -والتي لا يحفظون غيرها- فشطوا في التكفير بغير حق، وأساؤوا […]

التحقيق في موقف ابن الزَّمْلَكَاني من ابن تيّمِيَّة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: يُعتَبَر ابن الزَّمْلَكَاني الذي ولد سنة 667هـ مُتقاربًا في السنِّ مع شيخ الإسلام الذي ولد سنة 661هـ، ويكبره شيخ الإسلام بنحو ست سنوات فقط، وكلاهما نشأ في مدينة دمشق في العصر المملوكي، فمعرفة كلٍّ منهما بالآخر قديمة جِدًّا من فترة شبابهما، وكلاهما من كبار علماء مذهبِه وعلماء المسلمين. […]

الشَّبَهُ بين شرك أهل الأوثان وشرك أهل القبور

مقدمة: نزل القرآنُ بلسان عربيٍّ مبين، وكان لبيان الشرك من هذا البيان حظٌّ عظيم، فقد بيَّن القرآن الشرك، وقطع حجّةَ أهله، وأنذر فاعلَه، وبين عقوبته وخطرَه عليه. وقد جرت سنة العلماء على اعتبار عموم الألفاظ، واتباع الاشتقاق للأوصاف في الأفعال، فمن فعل الشرك فقد استوجب هذا الاسمَ، لا يرفعه عنه شرعًا إلا فقدانُ شرط أو […]

هل مُجرد الإقرار بالربوبية يُنجِي صاحبه من النار؟

مقدمة: كثيرٌ ممن يحبّون العاجلة ويذرون الآخرة يكتفون بالإقرار بالربوبية إقرارًا نظريًّا؛ تفاديًا منهم لسؤال البدهيات العقلية، وتجنُّبا للصّدام مع الضروريات الفطرية، لكنهم لا يستنتجون من ذلك استحقاق الخالق للعبودية، وإذا رجعوا إلى الشرع لم يقبَلوا منه التفصيلَ؛ حتى لا ينتقض غزلهم مِن بعدِ قوة، وقد كان هذا حالَ كثير من الأمم قبل الإسلام، وحين […]

هل كان شيخ الإسلام أبو عثمان الصابوني أشعريًّا؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: مِن مسالك أهل الباطل في الترويج لباطلهم نِسبةُ أهل الفضل والعلم ومن لهم لسان صدق في الآخرين إلى مذاهبهم وطرقهم. وقديمًا ادَّعى اليهود والنصارى والمشركون انتساب خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام إلى دينهم وملَّتهم، فقال تعالى ردًّا عليهم في ذلك: ﴿‌مَا ‌كَانَ ‌إِبۡرَٰهِيمُ يَهُودِيّا وَلَا نَصۡرَانِيّا وَلَٰكِن كَانَ […]

هل علاقة الوهابية بالصوفية المُتسنِّنة علاقة تصادم؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: تعتبر الصوفيةُ أحدَ المظاهر الفكرية في تاريخ التراث والفكر الإسلامي، وقد بدأت بالزهد والعبادة وغير ذلك من المعاني الطيِّبة التي يشتمل عليها الإسلام، ثم أصبحت فيما بعد عِلمًا مُستقلًّا يصنّف فيه المصنفات وتكتب فيه الكتب، وارتبطت بجهود عدد من العلماء الذين أسهموا في نشر مبادئها السلوكية وتعدَّدت مذاهبهم […]

مناقشة دعوى بِدعية تقسيم التوحيد

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة    مقدّمة: إن معرفة التوحيد الذي جاء به الأنبياء من أهم المهمّات التي يجب على المسلم معرفتها، ولقد جاءت آيات الكتاب العزيز بتوحيد الله سبحانه في ربوبيته وأنه الخالق الرازق المدبر، قال تعالى: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 54]، كما أمر الله تبارك وتعالى عباده […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017