الجمعة - 11 ذو القعدة 1446 هـ - 09 مايو 2025 م

الانتكاسة الفكرية خطيئةُ عقلٍ أم قاصفٌ من ريح الإلحاد؟ «حصانة المطالع للنتاج الفكري الهدام»

A A

أُثيرت في هذه الأيام قصّة شابّ أعلن إلحادَه، وكان قبلُ من ركب المهتَدين وزُمرة طلاب العلم، فأثار في النفس معنى استشراف الفِتن الفكرية بلا لأمة حرب، وهل الاستشراف بهذا إلقاءٌ بالنفس للتهلكة أم هو سهم طائش؟!

وبعبارة أخرى: الانتكاسة الفكرية: خطيئة عقل أم قاصف من ريح الإلحاد؟ فهؤلاء الذين أحاطت بهم ظُلَم الفتن والشكوك، وزلقت أقدامهم في أوحالها فانتكسوا، وزاغوا عن الطريق: هل كانوا هم المتسببين لهذه النتيجة بما قدَّموه من مقدمات، أم أنّ سيل الغزو الفكري أتاهم بلا استشراف فاجتاح خيامهم؟!

ولا نُغفل في هذه النقطة أن كثيرًا من إجالات النظر في أبناء هذا الجيل إنما هي تقليد ومتابعة لمن أحسَن بهم الظنَّ في عالَم “التواصل الاجتماعي”.

فالشابّ المشهور في عالم التواصل الاجتماعي قد لا يحمل قلبًا حانيًا حاملًا لمعنى الرسالة والدعوة إلى الله بقدر ما يحمل هوسًا بفرض رأيه والترويج للأنا وآرائه الشخصية، فيقذف إشكالاته ونوادرَه الفلسفية والعلمية ونقدَه على فحول العلماء، ووساوسه أحيانًا؛ وبالتالي فإن هذا المتابع يقع ضحية المهووس بفرض رأيه وشخصيته وشكوكه، فتأتيه قواصف الوساوس أرسالًا فيقع بين أقدام هؤلاء، وحالُ هذا المتابِع المبتدئ أنه بلا لأْمَة حربٍ أو حصانة من مَعين الوحي والإيمان والعلم والبرهان.

فالشاهد من هذا أن دخول بعض الشباب إلى القراءة في كتُب فوق مستواهم الإيماني والعقدي والعلمي أو متابعة هوس الترند الفلسفي الإلحادي يفتحُ عليهم بابَ الفتن الفكرية على مصراعيه، وقد يكون الدافع والهاجس تقليدَ مَن يتابعه في ذلك، أو قل: “الموضة العلمية”، فإن الموضة العلمية الآن هي الهوسُ بكتب الفلسفة وأهل البدع، والكتب المترجمة من الحداثيين والليبراليين.

وغنيٌّ عن القول أن تلك الكتب قد تكون رافدًا من روافد الهدم الفكري، وقد تكون وسيلة للاطلاع على ما عند القوم والاستفادة مما فيها، خاصّة منصفيهم، لكن أغلبها يفتح العقل على فتن الأفكار والثقافات الدخيلة والفلسفات المعاصرة المناهضة لفكرة الدين الإسلامي والتوحيد، وسلطة النص الشرعيّ، وتسليط المعاني الحداثية والليبرالية في تفسيره، وكل هذه تنثر بذور الشكوك في القلب ولا يظهر أثرها إلا بعد زمن.

ومن عظيم تحليلات شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لضلال بعض الملاحدة وغيرهم أن مادّة الزيغ قد دخلت عليهم من أخذ كتب الفلسفة والكلام والأدب، وعدم الالتفات إلى معين الوحي والآثار، يقول: «وإنما يعتمدون على العقل واللغة، وتجدهم لا يعتمدون على كتب التفسير المأثورة والحديث وآثار السلف؛ وإنما يعتمدون على كتب الأدب، وكتب الكلام التي وضعتها رؤوسهم، وهذه طريقة الملاحدة أيضًا؛ إنما يأخذون ما في ‌كتب ‌الفلسفة وكتب الأدب واللغة، وأما كتب القرآن والحديث والآثار فلا يلتفتون إليها»([1]).

ويذكر ابن أبي العز حالَ الحائرين من المتفلسفة وأهل الكلام الذين أعرضوا عن أنوار الوحي أن حالهم تؤول إلى زندقة، فيقول: «ومن يصل إلى مثل هذه الحال إن لم يتداركه الله برحمته وإلا تزندق، كما قال أبو يوسف رحمه الله: (من طلب الدين بالكلام تزندق، ومن طلب المال بالكيمياء أفلس، ومن طلب غريب الحديث كذب)»([2]).

فمن أسَّس أود معارفه على الاطلاع على الفلسفة وعلم الكلام قبل حصانة علمية وإيمانية، أو كان نصيبه من القراءة فيها أكثر من غيرها قبل أن يشتدّ عوده؛ فإنه في الغالب يفتن وتفرّخ الوساوس في رأسه.

هنا حقيقة يجب أن تكون حاضرة:

طالب العلم أو المتديّن في هذا الزمان يختلف عن العصور الماضية، فكان يسَع السابقين فرضُ تخييم بوادٍ سهل لا تحلُّه قواصف الفتن ولا تجتاحه سيولها (المنطقة الخضراء)؛ فلا يسقط حينها إلا مستشرف، أو جريء على الأمور أذاب الغرور والفضول والأنا هويّته، وشاء الله تعالى فتنته، فكانت النتيجة من جنس ما قدَّم وباشر.

لكن زماننا لن تكون فيه بمنأى ولو اتخذت سُلَّمًا في السماء أو عُلِّقت في الهواء؛ لأن أثير الهواء أيضًا ناقل، والبثُّ يطارد، والكتب (والمنشورات) و(التغريدات) أسرع من خيل السبق!

وفتن الأفكار تجد طريقها إلى العقول والقلوب عبر موردين:

الأول: مورد الخطيئة:

يباشرها العبد، فيكون هو فاتنَ قلبه وجانيًا عليه، “فهذه يداي وما جنيت بها”، فيكون هو العامل على إفساد نفسه، وإعمال الفساد في فكره، ناصيةٍ كاذبةٍ خاطئة، هذا حال من أغرق في كتب الفلسفة والكلام وغيرها بلا زاد وحصانة، يقول شيخ الإسلام رحمه الله: «وإنما يستفيد الناظر في كلامهم كثرة ‌الشكوك والشبهات»([3]).

الثاني: مورد الغزو الفكري:

تناله قواصف الشبهات ودخانها، وتجتمع عليه عن قوس واحدة؛ لتنال فكره، وتغتال قلبه والمعاني الفطرية الإيمانية لديه، ويُخشى عليه من صدوده عن معاني الوحي، كما قال الله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِندَهُم مِّنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [غافر: 83].

وهذان الموردان لا بدّ لهما من حصانة تقي العبدَ من الجناية على نفسه أو جناية غيره عليه.

أسباب الانتكاسة بعد بلوغ المرتبة العلمية:

من أهمِّ أسباب ذلك:

1- الدخول في الفكر الفلسفيّ والكلامي قبل التأهل:

فيطالع ما عند أهل البدع والمذاهب المنحرفة قبل التمكُّن العلمي من معرفة الحقّ الذي في القرآن والسنة. يقول أبو الوفاء ابن عقيل: «وقد أفضى الكلام ببعض أهله إلى الشكوك، وببعضهم إلى الإلحاد تُشمُّ روائحه من فلتات كلامهم»([4]).

2- الاشتغال بالمعارك والردود والنقد:

فضلًا عن كونه وأدًا -لا محالة- لمشروع طالب العلم الإيماني والعلمي والدعوي التعليمي وإن كانت على حقٍّ، إلا أن فيها عزلًا لروحه بظلال كثيفة في وادٍ قَفْر، وما هو إلا وقت يسير حتى يكون القلب مستَقَرّ الوساوس الفكرية. قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: «من جعل دينه غرضًا للخصومات أكثر التنقل»([5]).

ومما رُصد أن بعض من كان ينتسب إلى العلم وقد بزّ فيه حتى صارت له فيه صولة وجولة، فدافع عن الحق، وصرع كثيرين من أهل الباطل، لكنه لم يكن له حظ من علمه إلا الاحتراب، فلا ينعم النظر إلا في الشكوك والأهواء، ولا يهجع إلا على صفحات في عقائد الأغلال، حتى قسى قلبه، وجاءته القاضية؛ وهي: رِيـَـــبُ المحترب.

فما هو إلا أن عظمت شكوكه التي أثارتها معاركه لتصبح ظلالًا كثيفة على القلب، فنمت وتمكّنت من ذلك القلب، فعاد قلبه محطَّ الوساوس ومرتكز الشبهات، فكانت سياطه في المنتسبين إلى الحقِّ أنكى منها في خصومه القدماء الذين عاداهم قبل زيغته؛ لخبرته بالمذهبين، وتمكّنه من آلة البيان وسيف الاحتراب، فتجرَّأ على الحق بالرفض، وادَّعى أن الإسلام أغلالٌ موروثة، وأنه من قبيل ديانة أهل الأوثان.

حصانة المطَّلع على نتاج القوم:

هناك سبل للحصانة والمنَعَة يستجنّ بها العبد من أفواج الفتن الفكرية، قبل الاطلاع على الأفكار الفاسدة، وبعد الاطلاع عليها.

أولًا: سبل الحصانة قبل كلِّ اطلاع:

توجّه له النصيحة أولًا ألا يستشرف الفتن، ولا يحُلَّ بناديهم إلا مضطرًا، فبعض من ذهب وكان يظنّ في نفسه القوةَ لم يرجع، والأمثلة حاضرة ومشاهدة.

فإن اضطُرّ نُصِح بأنِ اجعلْ لك في كل مرة تقرأ فيها نتاجَ القوم حصانةً ومنعة تستجنّ بها من لوثات الشكوك، فإن سموم الشكوك والفتن الفكرية والإلحاد وأترابها إنما تسري في قلب خالٍ عن العلم والهدى، مع البحث فيما وراء الإمكانات والعدة العلمية والإيمانية مما لا تحتمله قوى القلب والأذهان؛ لذا كان لا بد من عدتين:

1- عدة إيمانية من أنوار الوحي: ومنها (الأذكار، وورد الأدعية القرآنية والنبوية اليومي، وقراءة القرآن، والنوافل، ودعاء السجود، والقراءة في السير والتراجم، والقراءة في كتب الزهد والرقائق).

2- عدة علمية في منهج التلقّي: ومنها (عدم استشراف مسائل العلم وحدك، وأخذ العلم عن راسخ مشهود له، والحذر من تلقي العلوم الفكرية والكلامية عن أهل البدع حتى لا يستثمرها في نشر بدعته فنسبق إلى قلبك، ومعرفة مذهب أهل السنة والجماعة بتمكّن ورسوخ).

ثانيًا: سبل الحصانة بعد كل اطلاع:

اجعل لك في كل مرة تقرأ فيها نتاجَ القوم حصانة، ومنها:

1- أن تعلم أن الهداية محض فضل ونعمة من الله:

واستحضر كيف ضلّ هؤلاء مع وجود هذه الأذهان، وكرِّر في نفسك أن الهداية محض فضل ونعمة من الله يمنّ بها على من شاء من عباده، وسل ذلك دومًا من الله تعالى. وعليك بالدعاء بالثبات على الإيمان، ومن ذلك دعاء: (اللهم يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك).

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “وبكل حالٍ فالعبد مفتقر إلى الله في أن يهديه ويُلهمه رشده. وإذا حصل له علم بدليل عقلي فهو مفتقر إلى الله في أن يُحدث في قلبه تصور مقدمات ذلك الدليل ويجمعها في قلبه، ثم يحدث العلم الذي حصل بها. وقد يكون الرجل من أذكياء الناس ‌وأَحَدِّهم ‌نظرًا ويعميه عن أظهَر الأشياء، وقد يكون من أبلد الناس وأضعفهم نظرًا ويهديه لما اختُلف فيه من الحق بإذنه، فلا حول ولا قوة إلا به. فمن اتَّكل على نظره واستدلاله أو عقله ومعرفته خُذِل. ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة كثيرًا ما يقول: «يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك»، ويقول في يمينه: «لا ومقلب القلوب»، ويقول: «والذي نفسي بيده»، ويقول: «ما من قلب من قلوب العباد إلا وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن، إن شاء أن يقيمه أقامه، وإن شاء أن يزيغه أزاغه»“([6]).

2- الاغتسال بمعين الوحي الفطري الإيماني بعد الخوض فيها:

فعلى المبتلَين بالاطلاع على النتاج الفلسفي والمعارضات العقلية القديمة والمعاصرة الاغتسالُ العقلي من عيون الوحي ومعانيه الفِطرية، وأن يعتبروا أنفسهم في زمن الخطاب القرآني والنبوي، ويسمعوا القرآن غضًّا، والسنة من المنبع.

فلا تشقيق أو تحليق في عقول أرسطوطاليس، أو معارضات وتأويلات المتكلمين وأوهامهم المبينة على معاني الفلسفة، فيتعاملون معه بقلب العربيّ الحيّ الذي يسمع ويؤمن ولا يقول: أرأيت أرأيت..

ويسلّم لله فيما جاء به من عقائد وتصوّرات ومعارف، وينخلع من زبالات الإغريق والمجوس والإشراقيين والمشائين.

3- لا تغترَّ فتُخذَل:

فبعض الناظرين في مقالات هؤلاء يخرج بعدها وقد عُقد لسانه بمعجم ألفاظهم، متنمّرًا ببعض طرائقهم، ومشبَعًا بأسلوبهم؛ فحالته حال القابل لما عندهم من فلسفات لا الناقد لها.

فادَّكر يا طالب العلم، كيف كان وقع صنيعهم وأثره في مجافاة نور الوحي، والغفلة عن مقصد العلم الأعظم، وعدم اكتحال العين بأنواره؟!

والنصيحة لمن ينشر العلم وصار متبوعًا..

اتّق الله فيما تنشُر، واحرص على إشغال مسامع الناس بالعلم الصحيح والتحقيق، واحذر من إذاعة الشبهات وغثّ المعاني والأفكار الإلحادية ولو كانت تحت ستار التحصيل، فقلوب الناس ضعيفة، والقراء ليسوا على قلب واحد من التُّقى والمنَعَة العلمية والإيمانية، فاحرص على بثّ فكرة (تحرير) العلم و(تبسيط المعاني)، وبذل العلم، وجعله مشاعًا بين الناس.

يقول ابن الجوزي: «ورأيت بعض القوم يقول: أنا قد ألقيت منجلي بين الحصادين ونمت! ثم كان يتفسّح في أشياء لا تجوز! فتفكرت؛ فإذا العلم -الذي هو معرفة الحقائق، والنظر في سير القدماء، والتأدب بآداب القوم، ومعرفة الحق، وما يجب له- ليس عند القوم، إن ما عندهم صور ألفاظ، يعرفون بها ما يحلّ وما يحرم، وليس كذلك العلم النافع، إنما العلم فهم الأصول، ومعرفة المعبود وعظمته، وما يستحقّه، والنظر في سير الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته، والتأدّب بآدابهم، وفهم ما نقل عنهم، هو العلم النافع الذي يدع أعظم العلماء أحقَر عند نفسه من أجهل الجهال»([7]).

وبعد، فإنّ استشراف الفتن الفكرية على مصراعيها مُردٍ، وسبب في الانتكاسة عن صراط الله تعالى، فهو خطيئة عقلٍ، وهو أيضًا قاصف من ريح الإلحاد مغرق.. ويثبِّت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ويضلّ الله الظالمين، ويفعل الله ما يشاء.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) مجموع الفتاوى (7/ 119).

([2]) شرح الطحاوية (1/ 247).

([3]) درء تعارض العقل والنقل (1/ 357).

([4]) ينظر: العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (4/ 64)، ودرء التعارض (8/ 49).

([5]) رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم (2/ 116).

([6]) درء تعارض العقل والنقل (9/ 34).

([7]) صيد الخاطر (ص: 326).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد سلف

ترجمة الشيخ أ. د. أحمد بن علي سير مباركي (1368-1446هـ/ 1949-2025م)(1)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة اسمه ونسبه: هو الشَّيخ الأستاذ الدكتور أحمد بن علي بن أحمد سير مباركي. مولده: كان مسقط رأسه في جنوب المملكة العربية السعودية، وتحديدًا بقرية المنصورة التابعة لمحافظة صامطة، وهي إحدى محافظات منطقة جازان، وذلك عام 1365هـ([2]). نشأته العلمية: نشأ الشيخ نشأتَه الأولى في مدينة جيزان في مسقط رأسه قرية […]

(الاستواء معلوم والكيف مجهول) نصٌ في المسألة، وعبث العابثين لا يلغي النصوص

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. فقد طُبِع مؤخرًا كتاب كُتِبَ على غلافه: (الاستواء معلوم والكيف مجهول: تقرير لتفويض المعنى لا لإثباته عند أكثر من تسعين إمامًا مخالفين لابن تيمية: فكيف تم تحريف دلالتها؟). وعند مطالعة هذا الكتاب تعجب من مؤلفه […]

التصوف بين منهجين الولاية نموذجًا

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: منذ أن نفخ الله في جسد آدم الروح، ومسح على ظهره، وأخذ العهد على ذريته أن يعبدوه، ظلّ حادي الروح يحدوها إلى ربها، وصوت العقل ينادي عليها بالانحياز للحق والتعرف على الباري، والضمير الإنساني يؤنّب الإنسان، ويوبّخه حين يشذّ عن الفطرة؛ فالخِلْقَة البشرية والهيئة الإنسانية قائلة بلسان الحال: […]

ابن تيميَّـة والأزهر.. بين التنافر و الوِفاق

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: يُعد شيخ الإسلام ابن تيمية أحد كبار علماء الإسلام الذين تركوا أثرًا عظيمًا في الفقه والعقيدة والتفسير، وكان لعلمه واجتهاده تأثير واسع امتدّ عبر الأجيال. وقد استفاد من تراثه كثير من العلماء في مختلف العصور، ومن بينهم علماء الأزهر الشريف الذين نقلوا عنه، واستشهدوا بأقواله، واعتمدوا على كتبه […]

القول بالصرفة في إعجاز القرآن بين المؤيدين والمعارضين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: إنَّ الآياتِ الدالةَ على نبوّة محمدٍ صلى الله عليه وسلم كثيرة كثرةَ حاجة الناس لمعرفة ذلك المطلَب الجليل، ثم إن القرآن الكريم هو أجلّ تلك الآيات، فهو معجزة النبي صلى الله عليه وسلم المستمرّة على تعاقُب الأزمان، وقد تعدَّدت أوجه إعجازه في ألفاظه ومعانيه، ومع ما بذله المسلمون […]

الطاقة الكونية مفهومها – أصولها الفلسفية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة تمهيد: إن الله عز وجل خلق الإنسان، وفطره على التوحيد، وجعل في قلبه حبًّا وميلًا لعبادته سبحانه وتعالى، قال الله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الروم: 30]، قال السعدي رحمه الله: […]

موقف الليبرالية من أصول الأخلاق

مقدمة: تتميَّز الرؤية الإسلامية للأخلاق بارتكازها على قاعدة مهمة تتمثل في ثبات المبادئ الأخلاقية وتغير المظاهر السلوكية، فالأخلاق محكومة بمعيار رباني ثابت يحدد مسارها، ويمنع تغيرها وتبدلها تبعًا لتغير المزاج البشري، فحسنها ثابت الحسن أبدًا، وقبيحها ثابت القبح أبدًا، إذ هي تحمل صفات ثابتة في ذاتها تتميز من خلالها مدحًا أو ذمًّا خيرًا أو شرًّا([1]). […]

حجاب الله تعالى -دراسة عقدية-

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدمة: معرفة الله سبحانه وتعالى هي قوت القلوب، ومحفِّزها نحو الترقِّي في مقامات العبودية، وكلما عرف الإنسان ربَّه اقترب إليه وأحبَّه، والقلبُ إذا لم تحرِّكه معرفةُ الله حقَّ المعرفة فإنه يعطب في الطريق، ويستحوذ عليه الكسل والانحراف ولو بعد حين، وكلما كان الإنسان بربه أعرف كان له أخشى […]

ترجمة الشَّيخ د. عبد الله بن محمد الطريقي “‏‏أستاذ الفقه الطبي والتاريخ الحنبلي” (1366-1446هـ/ 1947-2024م)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   اسمه ونسبه([1]): هو الشيخ الأستاذ الدكتور عبد الله بن محمد بن أحمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمود بن محمد الطريقي، الودعاني الدوسري نسبًا. مولده: كان مسقط رأسه في الديار النجدية بالمملكة العربية السعودية، وتحديدا في ناحية الروضة الواقعة جنوبي البلدة (العَقْدَة) -ويمكن القول بأنه حي من […]

ضبط السنة التشريعية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: السنة النبوية لها مكانة رفيعة في التشريع الإسلامي، فهي المصدر الثاني بعد القرآن الكريم، وهي التطبيق العملي لما جاء فيه، كما أنها تبيّن معانيه وتوضّح مقاصده. وقد وردت آيات وأحاديث كثيرة تأمر بطاعة النبي صلى الله عليه وسلم والعمل بسنته، وتحذّر من مخالفته أو تغيير سنته، وتؤكد أن […]

القواعد الأصولية لفهم إطلاقات السلف والتوفيق بينها وبين تطبيقاتهم العملية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: تُعدّ مسألة التعامل مع أقوال السلَف الصالح من أهمّ القضايا التي أُثيرت في سياق دراسة الفكر الإسلامي، خاصةً في موضوع التكفير والتبديع والأحكام الشرعية المتعلقة بهما؛ وذلك لارتباطها الوثيق بالحكم على الأفراد والمجتمعات بالانحراف عن الدين، مما يترتب عليه آثار جسيمة على المستوى الفردي والجماعي. وقد تعامل العلماء […]

التدرج في تطبيق الشريعة.. ضوابط وتطبيقات

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: إن الله تعالى أرسل الرسل وأنزل الكتب ليقوم الناس الناس بالقسط، قال تعالى: ﴿‌لَقَدۡ ‌أَرۡسَلۡنَا ‌رُسُلَنَا بِٱلۡبَيِّنَٰتِ وَأَنزَلۡنَا مَعَهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡمِيزَانَ لِيَقُومَ ٱلنَّاسُ بِٱلۡقِسۡطِ﴾ [الحديد: 25] أي: “ليعمل الناس بينهم بالعدل”[1]. والكتاب هو النقل المُصَدَّق، والميزان هو: “العدل. قاله مجاهد وقتادة وغيرهما”[2]، أو “ما يعرف به العدل”[3]. وهذا […]

تأطير المسائل العقدية وبيان مراتبها وتعدّد أحكامها

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: إنَّ علمَ العقيدة يُعدُّ من أهم العلوم الإسلامية التي ينبغي أن تُعنى بالبحث والتحرير، وقد شهدت الساحة العلمية في العقود الأخيرة تزايدًا في الاهتمام بمسائل العقيدة، إلا أن هذا الاهتمام لم يكن دائمًا مصحوبًا بالتحقيق العلمي المنهجي، مما أدى إلى تداخل المفاهيم وغموض الأحكام؛ فاختلطت القضايا الجوهرية مع […]

توظيف التاريخ في تعزيز مسائل العقيدة والحاضر العقدي

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: إنَّ دراسةَ التاريخ الإسلاميِّ ليست مجرَّدَ استعراضٍ للأحداث ومراحل التطور؛ بل هي رحلة فكرية وروحية تستكشف أعماقَ العقيدة وتجلّياتها في حياة الأمة، فإنَّ التاريخ الإسلاميَّ يحمل بين طياته دروسًا وعبرًا نادرة، تمثل نورًا يُضيء الدروب ويعزز الإيمان في قلوب المؤمنين. وقد اهتم القرآن الكريم بمسألة التاريخ اهتمامًا بالغًا […]

تصفيد الشياطين في رمضان (كشف المعنى، وبحثٌ في المعارضات)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  تمهيد يشكِّل النصُّ الشرعي في المنظومة الفكرية الإسلامية مرتكزًا أساسيًّا للتشريع وبناء التصورات العقدية، إلا أن بعض الاتجاهات الفكرية الحديثة -ولا سيما تلك المتبنِّية للنزعة العقلانية- سعت إلى إخضاع النصوص الشرعية لمنطق النقد العقلي المجرد، محاولةً بذلك التوفيق بين النصوص الدينية وما تصفه بالواقع المادي أو مقتضيات المنطق الحديث، […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017