الجمعة - 17 شوّال 1445 هـ - 26 ابريل 2024 م

الوهابيون سُنِّيُّون حنابلة

A A

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

وبعد: فإن الإسلام دين محفوظ من لدن رب العالمين، ومن مظاهر حفظه أن الأمة حين تبتعد عنه يهيِّئ الله تعالى منَ الأسباب ما يُجلِّيه ويظهره ويقرّب الأمَّة منه، والناس في الاستجابة لهذه الأسباب متفاوتون بين مقِلٍّ ومستكثر، لكن الحجة على الجميع تبقى قائمةً، والله المستعان وهو الغفور الرحيم.

وقد ابتُليت الأمة الإسلاميّة بعد الألف الهجرية وقبلها بشيوع البدع والخرافات التي طغت كثيرًا على الإسلام الغضِّ الميسَّر الداعي إلى الإيمان والتوحيد والعقل والصفاء والعلاقة المباشرة بين العبد وربه، حتى ظهرت الدولة السعودية الأولى بدعوتها التي جدَّدها شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، وأقام لواءها الإمام محمد بن سعود وذريَّته من بعده؛ فاستفاد من هذا التجديد كلُّ المسلمين من إندونيسيا وحتى المغرب الأقصى، على تفاوُتٍ بين الأقطار في حجم هذه الاستفادة؛ وكان من الأقطار التي عظُمت استفادتها من هذه الدعوة قطر المغرب الأوسط: الجزائر، فشاعت الدعوة السلفية المباركة فيه على يد العلماء والمصلحين وأهل الرأي والفكر واللسان والقلم، ومن أبرزهم الشيخ الإمام عبد الحميد بن باديس رحمه الله، الذي قام في ذلك القطر مقام الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب في نجد والجزيرة؛ فكان سبَّاقًا إلى استخدام الوسائل العصرية في نشر الدعوة، فأشرف على العديد من المجلّات التي نشر بها التوحيد والسنَّة والعلم والوعي والفكر، ولم تخل من إحياء اللغة والأدب العربي؛ وكان من هذه المجلّات التي أشرف عليها مجلة “الصراط السويّ” التي نُشر العدد الأول منها في جمادى الأولى سنة 1352 للهجرة، والاحتلال الفرنسي في أوج عنفوانه والثورة الشعبية المباركة التي انتهت بجلاء المستعمر قد ظهرت إرهاصاتها، وكان للفكر السلفي الأثر الأكبر في تكوُّنها.

وقد أخذت هذه المجلّة على عاتِقها الدفاعَ عن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، وعن الدولة السعودية بأطوارها الثلاثة، ومما نشرته مقالٌ للعلامة المغربي محمد الحجوي الثعالبي، وكان إذ ذاك وزيرًا للمعارف في مملكة المغرب، يدافع فيه عن الدعوة السلفية، إلا أن دفاعه شابه شيء من الخلط، فتعقبه بكلِّ أدب واحترام رئيس تحرير المجلّة الأستاذ السعيد الزاهري، وكان مقالُ العلامة الثعالبي في العدد الثالث من السنة الأولى في 5 جمادى الثانية سنة 1352هـ، وردّ الزاهري في العدد الخامس.

ورأينا في مركز سلف أن نُعيد نشر المقالَين مع شيء يَسير من التعليقات التوضيحيّة، والله من وراء القصد، وهو الهادي إلى سواء السبيل.

وصلى الله وسم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

د/ محمد بن إبراهيم السعيدي

 

الوهابيون سُنِيّون حنابِلة([1])

بقلم صاحب المعالي العلامة الفقيه سيدي محمد الحجوي وزير المعارف بالمغرب الأقصى

كتب معالي الأستاذ الحجوي([2]) فصلًا قيِّمًا عن الوهابية والوهابيين([3]) أردنا أن نتحفَ به قُرّاءنا ليطَّلعوا على ما يقول العلماءُ الأعلام في الوهابية، وعلى ما يتمنَّون لها من سعة الانتشار، ونحن ننشر هذا الفصلَ كردٍّ على لغَط هؤلاء المشاغِبين المغرِضين الذين لا يزالون يرموننا بأنّنا وهّابية، ويرمون الوهابية بالكفر والمروق من الدين.

المحرِّر (ز)([4])

 

قال الوزير -لا فُضّ فوه، ولا برّ مَن يجفوه-:

أبو عبد الله محمّد بن عبد الوهاب التميميّ النجديّ، إمام الوهابيّة والزعيم الأكبر([5])، ولد في مدينة العيينة من إقليم العارض بنجد سنة 1106هــ، وربيَ في حجر والده، ثم انتقل للبصرة لإتمام دروسه، فبرع في علوم الدين واللسان، وفاق الأقران، واشتهر هنالك بالتقوى وصدق التديّن.

عقيدتُه السنةُ الخالصة على مذهب السلف المتمسِّكين بمحض القرآن والسنة، لا يخوض التأويلَ والفلسفةَ، ولا يُدخِلهما في عقيدته.

وفي الفروع مذهبُه حنبليّ غير جامد على تقليد الإمام أحمد ولا مَنْ دونه، بل إذا وجد دليلًا أخذ به وترك أقوالَ المذهب، فهو مستقلُّ الفكر في العقيدة والفروع معًا. كان قويَّ الحال، ذا نفوذ شخصيّ وتأثيرٍ نفسي على أتباعه، يتفانَون في امتثال أوامره، غير هياب ولا وجِل؛ لذلك كان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر [… …]([6]) عشيرته بالبصرة([7])، فتآمروا على قتله، ففرَّ إلى العيينة، واجتذب قلوب قبيلته بالوعظ والإنذار والحجة ووضوح المحجة، فالتفّوا عليه وقويَ حزبه، وأصبح من الزعماء، لكن لم يخل من أضداد كما هو الشأن، فنسبوا إليه قتل امرأةٍ ظلمًا، فنفاه أمير الحسا إلى الدّرعية([8])، وكان له بها أتباع أيضًا لشيوع مذهبه، فقبله أميرها محمد بن سعود، وأمَره بنشر مبادئه التي أسَّسها الإمام أحمد بن تيمية([9]) الحراني، وأصهر إلى الأمير ابن سعود بابنته، وهي أم الأمير عبد العزيز بن سعود الذي ظهر بمظهر الناشر لمذهبه الناصر لفكره، وهو نبذ التعلُّق بالقبور وعدم نسبة التأثير في الكون للمقبور، بل منع التوسل بالمخلوق، وهدَمَ الأضرحة التي تشييدُها سببُ هذه الفكرة، وقد فصَّلتُ ذلك في رسالتي: (بيان مذهب الوهابية)، وفي كتابي: (برهان الحقِّ)، وأعظم خلاف بينهم وبين أهل السنة هو مسألة التوسّل وتكفيرهم من يتوسَّل بالمخلوق، فالخلاف في الحقيقة ليس في الأصول التي ينبني عليها التكفير أو التبديع، وإنما هو في أمور ثانوية وأهمّها هذه([10]).

ومن جملة مبادئِهم: التمسُّكُ بالسنة، وإلزام الناس بصلاة الجماعة، وترك الخمر، وإقامة الحدّ على متعاطيها، ومنعها كلِّيًّا في مملكتهم، بل منع شرب الدخان ونحوه مما هو من المشبّهات. ومذهب أحمد مبنيٌّ على سدّ الذرائع كما لا يخف. ونحو هذا من التشديدات التي لا يراها المتساهلون أو المترخِّصون. وكل هذا لا يخالف سنَّةً.

وهذا المذهب مؤسِّسُه في الحقيقة ابنُ تيمية، ولكن حاز الشهرةَ محمدُ بن عبد الوهاب، وإليه نسبوه حيث توفَّق لإظهاره بالفعل([11]). ونشره بالقوّة، وتمكَّن من إحلاله محلًّا مقبولًا من قلوب النجديّين الذين قاتلوا عليه. فأصبح ابن عبد الوهاب ذا شهرةٍ طبقت العالم الإسلاميَّ وغيره، معدودًا من الزعماء المؤسّسين للمذاهب الكبرى والمغيِّرين بفكرهم أفكارَ الأمم. وإن ابن سعود توصَّل بنشر هذا المذهب لأمنيته، وهي الاستقلال والتملّص من سيادة الأتراك. والنفس العربيّة ذات شمم، فقد بدأ أولًا بنشر المذهب، فجر وراءه قبائل نجد وأكثريةً عظيمة من سيوف العرب؛ إذ العرب لا تقوم لهم دولة إلا على دعوة دينية، ولما رأى الأتراك ذلك ووقفوا على قصدِه نشروا دعايةً ضده في العالم الإسلاميّ العظيم الذي كان تابعًا لهم، وشنَّع علماؤهم عليه بالمروق من الدّين وهدم مؤسَّساته واستخفافهم بما هو معظَّم بالإجماع كالأضرحة، وتكفير المسلم واستحلال دمائه، إلى غير ذلك مما تقف عليه في غير هذا. وشايعهم جمهورً العلماء في تركيا والشام ومصر والعراق وتونس وغيرها، وانتدبوا للردّ عليه بأقلامهم، وخالفهم المولى سليمان سلطان المغرب، فارتضى مبادئه إلا ما كان من تكفير من يتوسَّل باستحلال دمائه([12])، فلا أظن أنه يقول بذلك، حتى مدحه شاعره وأستاذه الشيخ حمدون بن الحاج([13])، وتوجَّهت القصيدة مع نجل الأمير المولى إبراهيم حين حجّ مما تقف على ذلك في تاريخنا لإفريقيا الشمالية منقولًا عن أبي القاسم الزياني أو (الصياني) وغيره، ثم حصحص الحقّ وتبين أن المسألة سياسيّة لا دينيّة؛ فإن أهل الدين في الحقيقة متفقون، وإنما السياسة نشرت جلبابها وأرسلت ضبابها، وساعدتها الأقلام بفصاحتها، فكانت هي الغاز الخانق، فتجسَّمت المسألة وهي غير جسيمة، ولعبت السياسة دورها على مرسح أفكار ذهب رشدها، فسالت الدماء باسم الدين على غير خلاف دينيّ وإنما هو سياسيّ، وقد جرّدت تركيا له الكتائب، فكسرها واستولى على الحرمين الشريفين وغيرهما من الأقطار الحجازية، فاستنجدت بأمير مصر محمد علي باشا، فجهَّز جيشًا عرمرمًا تحت إمرة ولده إبراهيم، فطردهم من الحرمين الشريفين وأسر الأمير ابن سعود، وحصرهم ضمنَ بعض نجدهم، وتتبع ذلك في تواريخ الشرق، وعاد اليوم لهم ظهور وانتشار، ووقع التَّفَاهم مع علماء الإسلام، وزالت غشاوة كل الأوهام، وعلم كلّ فريق ما هو حقّ وما حاد فيه عن الطريق، وكادت أن لا تبقى نفرة بين علماء نجد وبقية علماء الآفاق، ولا سيما بوجود الملك عبد العزيز آل سعود ملك نجد والحجاز والحرمين وملحقاتها الحالي الذي ظهرت منه كفاءة تامّة ونصرة للسنة، بَعُدَ العهد بها من لدن أهل الصدر الأول، واعتدال في الأفكار، ونشر للأمن، ووحدة الإسلام، والغيرة العربية، والعدل في الأحكام، فهو من أفذاذ ملوك الإسلام العظام ذوي السياسة الإسلامية القويمة، والكعب المعلّى في الصرامة والحزم والشدة في الرفق والعزم قبل الضيق، والسير على سنن السلف. بما شهد له محبّو العدل، أكثر الله في الإسلام أمثاله، وأطال عمره([14]).

 

«الوهابيون سنيون حنابلة»([15])

إيضاح وتعليق

بقلم الأستاذ الزاهري([16]) العضو الإداري لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين

نشرنا في العدد الثالث من هذه الصحيفة فصلا قيِّمًا بالعنوان أعلاه لصاحب السعادة الأستاذ الفقيه سيدي محمد الحجوي وزير المعارف بالمغرب الأقصى. وقلنا: إن لنا كلمةً نعلِّق بها على بعض النقط من كلام الوزير، نرجئُها إلى عدد قابل. ووفاءً بهذا الوعد الذي قطعناه للقراء نقول: في كلام الوزير من الحقائق الثابتة ما لا يخفَى على أيّ منصف لم يُعْمِه الغرض والهوَى، فهو يقرِّر كما هو الواقع «أن الإمام أبا عبد الله محمد بن عبد الوهاب الزعيم الأكبر قد برع في علوم الدين واللسان وفاق الأقران، واشتهر بالتقوى وصدق التديّن، عقيدتُه السنة الخالصة على مذهب السلف المتمسّكين بمحض القرآن والسنة، لا يخوض التأويلَ والفلسفة، ولا يُدْخِلُهما في عقيدته، وفي الفروع مذهبه حنبلي غير جامد…» ويقرر أيضا -كما هو الواقع- أن مبادئ الوهابية «التمسك بالسنة، وإلزام الناس بصلاة الجماعة، وترك الخمر، وإقامة الحد على متعاطيها، ومنعها منعًا كلِّيًّا من مملكتهم، بل منع شرب الدخان ونحوه مما هو من المشبّهات… وغير ذلك من التشديدات التي لا يراها المتساهلون المترخِّصون (!!!) وكل هذا لا يخالف السنّة…».

ولكنه مع إثباته لهذه الحقائق قال: «… وأعظم خلاف بينهم وبين أهل السنة هو مسألة التوسُّل، وتكفيرهم من يتوسَّل بالمخلوق…» وهذا وهمٌ وهمه سعادة الوزير، فإنه لا يوجد في نفس الأمر أدنى خلاف بين الوهابيّين وبين أهل السنة إلا ما هو موجود بين أهل السنة أنفسهم، فالوهّابيون حنابلة سنّيّون بأتمِّ معنى الكلمة، وحسبُك أنه ليس لهم كتب مذهبيّة للمذهب الوهابي مثلًا؛ بل كتبهم هي كتب الحنابلة نفسًها، وهم حينما نَظَّمُوا القضاء الإسلاميَّ في الحجاز لم يجعلوا في محاكمِه الشرعية قضاةً وهابيين؛ ولكنهم نصبوا فيها قضاة حنابلة وشوافع وحنفية ومالكية([17])، وإذا كان هنالك خلاف فهو بين المتمسكين بالكتاب والسنة من أهل السنة وبين الجامدين منهم والمتساهلين المترخصين الذين يتّبعون أهواءهم.

وهنا مسألة جوهريّة لا بأس بالإشارة إليها، وهي أن كتب الحنابلة التي يقرؤها الوهابية وغيرهم هي كتب سنّة وحديث أكثر مما هي كتب فقهية حنبليّة. وهم لا يزالون يؤلفونها على طريقة السلف الصالح وأئمة هذا الدين الحنيف، بخلاف كتبنا نحن المالكية التي يؤلِّفها فقهاؤنا المتأخِّرون في المذهب المالكي مثلًا، فهي خالية من السنّة والحديث، حتى إنك لتقرأ كتابًا ذا أجزاء من كتب المتأخرين من أوله إلى آخره، فلا تكاد تعثر فيه على حديث شريف، ولا على أثر من آثار الصحابة رضي الله عنهم. وبعبارة أخرى: إن كتبَ الحنابلة المتأخّرين لا تزال كتب سنة وحديث ككتب المتقدّمين، أما كتب المتأخرين من المالكية والحنفية مثلًا فقد خلت كلها أو جلّها من السنة والحديث؛ بل يسوق لك مؤلّفوها الأحكام مجرّدة عن كل نظر واستدلال؛ ولا يخفى أن كتب السنة والحديث تجعل قارئها سنّيًّا سلفيًّا شديدَ الاتصال بالرسول ﷺ وشديدَ الاتصال بالسلف الصالح، وبعيدًا كل البعد عن التقليد والجمود، وبعيدًا عن البدع ومحدثات الأمور([18]).

ومن هنا جاء الخلاف بين الوهابية من أهل السنة الآخرين إن كان هنالك خلاف([19]).

والوهابيون -أو حنابلة نجد- لا يقولون بكفر من يتوسَّل التوسّل الشرعي، بل يقولون بكفر من يدعو مع الله إلهًا آخر، ومن معاني «التوسّل» عند الجامدين من أهل السنة أنهم يَدْعُون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرّهم! وأحسب أن من يطالِع كتاب «التوسل والوسيلة» لشيخ الإسلام ابن تيمية يرى صدقَ ما نقول. وهذه العقيدة ليست عقيدةَ حنابلة نجد وحدَهم، بل هي عقيدة السلف الصالح، وعقيدة أهل السنة جميعًا، ما عدا الجامدين منهم والمتساهلين.

وحسبنا أن مولانا سليمان سلطان الغرب الأقصى قد قبل الدعوة الوهابيَّة وارتضاها -وهو صوفي تجاني([20])– ولم يقبلها إلا بعد أن أرسل نجله المولى إبراهيم في وفد من العلماء الأعلام إلى الحرمين الشريفين، وتباحث الوفدُ المغربي مع بعض علماء نجد الوهابيين([21])، فلما تحقّق علماء المغاربة أن الوهابية ما هي إلا التمسك بالقرآن الكريم وبالسنة النبوية الصحيحة وافقوا عليها ووافق عليها كلها المولى سليمان.

وإذا أنت تتبّعت أخبار هذا الوفد الذي أرسله مولانا سليمان إلى الحجاز وما جرى بينه وبين علماء نجد من المحاورة ظهر لك أنه لا محلَّ لهذا الاستثناء الذي استثناه سعادة الوزير إذ قال: «إلا ما كان من تكفيرهم من يتوسَّل بالمخلوق»، ولا داعي له مطلقًا.

ولقد صدق الأستاذ الحجوي إذ قال: «إن المسألة سياسية لا دينية، وإن أهل الدين في الحقيقة متفقون»، وإن الأتراك العثمانيين هم الذين أثاروا هذا النكير، وهم الذين نشروا هذه الدعاية الكاذبة ضد ابن سعود الأول الذي كان افْتَكَّ منهم الحرمين الشريفين منذ مائة عام، وهم الذين استنجدوا بأمير مصر محمد علي باشا الكبير، فعاونهم هذا على طرد الوهابية من الحرمين، وعلى أسر ابن سعود، نعم الأتراك هم الذين سَمَّوا حنابلة نجد باسم «الوهابية»، وهم الذين نشروا عنهم التُّهَم والأكاذيب في العالم الإسلامي، واستأجروا الفقهاء في جميع الأقطار ليؤلِّفوا ويكتبوا ويكذِبوا على حنابلة نجد، وهم الذين ألَّفوا كتابًا ضدَّ الوهابية ونسبوه إلى الشيخ سليمان بن عبد الوهاب شقيق الإمام محمد بن عبد الوهاب، وهم الذين أخذوا ابن سعود أسيرًا إلى الأستانة ولكنهم نكثوا العهد الذي عاهدوه، فقتلوه غيلة وغدرًا.

وأنا أعتقِد أن للأجانب يدًا في هذه الحرب التي أثارها الأتراك العثمانيون على ابن سعود؛ فإنه يسوءُهم أن يستولي ابن سعود على الحجاز، ويسوءُهم أن ينشر فيه الأمن والعدل والرحمة، وأن يحكم فيه بما أنزل الله([22]).

وكان الحجاز على عهد الأتراك مباءة فوضى وقطع طرق، فلما جاءه الوهابية أمَّنُوا سُبُلَه، ونشروا فيه الطمأنينة والعدل.

وكان الأتراك في حرب مستمرَّة مع الأمير محمد علي صاحب مصر، ووقعت بينهم وبينه وقائع مؤلمة ذهب ضحيَّتَها آلاف من المسلمين: الأتراك والمصريين، واتَّسَع الخرق ما بينهما، حتى استعدى محمد علي باشا بعض الدول الغربية على الأتراك، واستعدى الأتراك عليه بالإنكليز. وقد تنازل الترك للإنكليز عن عدن وعن قبرص لقاء المعونة التي يبذلها الإنكليز للأتراك على محمد علي([23])؛ ولكن الإنكليز قد أخذوا عدن وقبرص وأخذوا مصر أيضًا!

ومعنى هذا أن العداوة كانت مستحكِمة بين محمد علي وبين الأتراك إلى درجة أنه لا يمكن معها إصلاح ذات البين ما بينهما. ولكن لماذا اتفق الأتراك ومحمد علي على حرب الوهابيين وعلى طردهم من الحجاز؟

والجواب عن ذلك: أن الأجانب هم الذين وحّدوا بين الأتراك وبين محمد علي باشا ضد ابن سعود، وهم الذين جعلوا من جنود محمد علي ومن جنود الأتراك جيشًا واحدًا يحارب حكومة القرآن ويطردها من الحجاز؛ لأن سياسة مصر وسياسة تركيا كانت يومئذٍ في أيدي الأجانب يفعلون بها ما يشاؤون.

* * *

بقي شيء واحد وهو قول الوزير: «إنَّ مؤسس هذا المذهب هو شيخ الإسلام ابن تيمية، واشتهر به ابن عبد الوهاب». والواقع أنَّ مؤسس هذا المذهب ليس هو ابن تيمية، ولا ابن عبد الوهاب، ولا الإمام أحمد، ولا غيرهم من الأئمة والعلماء، وإنما مؤسسه هو خاتم النبيين سيدنا محمد بن عبد الله صلى اللهُ عليه وسَلَّم، على أنه في الحقيقة ليس مذهبًا، بل هو دعوة إلى الرجوع إلى السنة النبوية الشريفة، وإلى التمسك بالقرآن الكريم، وليس هنا شيء آخر غير هذا.

وهران. السعيد الزاهري

…………………………..

زيادة بيان وتحقيق:

قد رمِيَ الشيخ محمد بن عبد الوهاب بما رمِيَ به في حياته بأنه يُكَفِّر من يتوسل لله، وقد نفى هو عن نفسه ذلك، ونفاه الكاتبون عنه من بعده. ونحن كنّا قررنا منذ سنوات عديدة في دروسنا لتلامذتنا وفي غير دروسنا: أن صور هذه المسألة ثلاث:

الأولى: أن يقول الداعي: يا سيدي فلان.

الثانية: أن يقول: يا رب، ويا سيدي فلان. وهاتان محرّمتان، ليستا من الإسلام في شيء.

الثالثة أن يقول: يا رب، أتوسل إليك بسيدي فلان. وهذه مسألة علمية، وهي محلّ الخلاف.

وقد رُمِي الشيخُ ابنُ عبد الوهاب مما رمي به في حياته بأنه يُكَفِّر من يتوسل لله بالصالحين من عباده، وقد نفي هو هذا عن نفسه، ونفاه الكاتبون عنه من بعده.

وها نحن ننقل للقراء من كتاب «صيانة الإنسان عن وسوسة دحلان» للعلامة الشيخ محمد بشير السهسواني الهندي ما يبيّن لهم ذلك ويحقّقه.

قال في (ص: 183): «وقال الشيخ حسين بن غنام الأحسائي في (روضة الأفكار والأفهام لمرتاد حال الإمام): العاشرة قولهم في الاستسقاء([24]): لا بأس بالتوسل بالصالحين، وقول أحمد: يُتَوَسَّل بالنبي ﷺ خاصّة، مع قولهم: إنه لا يستغاث بمخلوق؛ فالفرق ظاهر جدًّا، وليس الكلام مما نحن فيه، فكون بعضهم يرخِّص بالتوسل بالصالحين، وبعضهم يخصّه بالنبي ﷺ، وأكثر العلماء ينهى عن ذلك ويكرهه، هذه المسألة من مسائل الفقه، ولو كان الصواب عندنا قول الجمهور أنه مكروه فلا ننكر على من فعله، ولا إنكار في مسائل الاجتهاد، لكن إنكارنا على من دعا المخلوقَ أعظم ممن يدعو الله تعالى، ويقصدُ القبرَ يتضرع عند الشيخ عبد القادر أو غيره يطلب منه تفريج الكربات وإغاثة اللهفات وإعطاء الرغبات، فأين هذا ممن يدعو الله مخلصًا له الدين، لا يدعو مع الله أحدًا، ولكن يقول في دعائه: أسألك بنبيك، أو بالمرسلين، أو بعبادك الصالحين، أو يقصد قبر معروف أو غيره يدعو عنده، لكن لا يدعو إلا الله يخلص له الدين، فأين هذا مما نحن فيه؟!» اهــ.

قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الرسالة التي كتبها لأهل مكة بعد مناظرتهم: «إذا عرف هذا فالذي نعتقده ونَدين الله به أن من دعا نبيًّا أو وليًّا أو غيرهما، وسأل منهم قضاء الحاجات وتفريج الكربات، أن هذا من أعظم الشرك الذي كفَّر الله به المشركين حيث اتخذوا أولياء وشفعاء يستجلبون بهم المنافع ويستدفعون بهم المضار بزعمهم، قال الله تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} [يونس: 18]، فمن جعل الأنبياء أو غيرهم -كابن عباس أو المحجوب أو أبي طالب- وسائط يدعوهم ويتوكل عليهم ويسألهم جلب المنافع، بمعنى أن الخلق يسألونهم وهم يسألون الله؛ كما أن الوسائط عند الملوك يسألون الملوك حوائج الناس لقربهم منهم، والناس يسألونهم أدبًا منهم أن يباشروا سؤال الملك، أو لكونهم أقرب إلى الملك، فمن جعلهم وسائط على هذا الوجه فهو كافر مشرك حلال الدم والمال» اهــ([25]).

وقال الشيخ في الرسالة التي كتبها إلى عبد الله بن سحيم: «إذا تبين هذا فالمسائل التي شنّع بها منها ما هو البهتان الظاهر، وهي قوله: إني مبطل كتب المذاهب، وقوله: إني أقول: إن الناس من ستمائة ليسوا على شيء، وقوله: إني أدعي الاجتهاد، وقوله: إني خارج عن التقليد، وقوله: إني أقول: إن اختلاف العلماء نِقمة، وقوله: إني أكفِّر مَن يتوسَّل بالصالحين -إلى أن قال:- فهذه اثنا عشر مسألة، جوابي فيها أن أقول: {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} [النور: 16]، ولكن قبله من بهت محمدًا([26]) صلى الله عليه وسلم أنه يسبّ عيسى ابن مريم، ويسبّ الصالحين، {تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ} [البقرة: 118]، وبهتوه بأنه يزعم أن الملائكة وعيسى وعزيرًا في النار، فأنزل الله في ذلك: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} الآية [الأنبياء: 101]» اهــ.

(ع)([27])

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) مجلة: الصراط السويّ، لسان حال جمعية المسلمين الجزائريين، السنة الأولى، العدد: 3، قسنطينة، يوم الاثنين 5 جمادى الثانية 1352هـ – 25 سبتمبر 1933م، (ص: 3).

([2]) محمد بن الحسن بن العربي الحجوي الثعالبي، ولد عام 1291هـ، وتوفي عام 1376هـ، من أبرز علماء الإسلام في القرن الرابع عشر، جمع بين العلم الشرعي والعمل السياسي، وتقلَّد مناصب كثيرة، وألَّف كتبًا نفيسة، مِن أشهرها كتابه المبتكر: الفِكر السّامي في تاريخ الفقه الإسلامي، وله مؤلَّفات مبتكرة نفيسة. وانظر: الأعلام للزركلي، 6/ 96.

([3]) أكثر أتباع الدعوة السلفية التنبيه إلى أنهم لا يُقِرُّون نسبتهم إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب وإن كانوا يقرون له بالفضل في تجديد الدعوة إلى التوحيد ذلك أنهم ليسوا مذهبًا جديدًا وإنما هم مسلمون من أهل السنة، كثيرون منهم حنابلة ومنهم حنفية ومالكية وشافعية، بل الأئمة الأربعة ومن سبقهم ولحقهم من ورثة الأنبياء هم على هذا المنهج الذي جدد الدعوة إليه الشيخ محمد وقامت بنصره الدولة السعودية أيدها الله.

([4]) أي: الأستاذ محمد سعيد الزاهري.

([5]) يعني الزعامة العلميّة، فهو شيخ علماء عصره، ورائد الدعوة السلفية في نجد، أما الزعامة المطلقة فلم يهفُ إليها الشيخ رحمه الله ولم يُردها، وهي لأئمة الدولة والدين من آل سعود، الإمام محمد ثم ابنه عبد العزيز ثم ابنه سعود ثم ابنه عبد الله رحم الله الجميع.

([6]) وقع طمس في هذا الموضع في المجلة، ومقداره كلمتان أو ثلاث.

([7]) كان الشيخ بين عشيرته في حريملاء، وهي إحدى مدن العارض، رجع الشيخ إليها بعد رحلته إلى الأحساء والعراق؛ لأن والده انتقل إليها من بلدة العيينة. أما البصرة فقد كان فيها أثناء رحلته العلمية، وآذاه أهلها حتى خرج منها إلى مدينة الزبير. راجع علماء نجد للبسام، 1/ 134-135.

([8]) الشيخ رحمه الله قضى برجم المرأة، والشيخ مخوَّلٌ بذلك من أمير البلد عثمان بن معمر، وكان قضاؤه بعد أن أقرَّت أربع مرّات، ولقَّنها حجَّتَها فأصرت على الإقرار. ولم ينفه إلى الدرعية أحدٌ؛ بل هو اختارها بعد أن طلب منه عثمان بن معمر الخروجَ إثر تهديد أمير الأحساء لابن معمر. انظر: عنوان المجد، 1/ 39، ط: الرابعة 1402هـ، دارة الملك عبد العزيز.

([9]) مبادئ الدعوة لم يؤسِّسها ابن تيمية، وإنما جدَّد الأخذ بها، وإلا فهي دعوة الإسلام كما جاء به الرسول ﷺ وكما فهمه عنه أصحابه الكرام رضي الله عنهم.

([10]) هذه إشكالات لدى الشيخ الحجوي حول دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وسوف يبيِّن الحق فيها الشيخ الزاهري بعد ذلك، كما ستراه في الصفحات اللاحقة.

([11]) تقدَّم بيان أن المذهب للسلف رحمهم الله، وليس لابن تيمية ولا لابن عبد الوهاب، ونسبة مذهب السلف لابن عبد الوهاب كانت للدعاية المغرضة ضدَّ الدعوة السلفية؛ لصد الناس عنها، وزعم أنها ليست من مذاهب أهل السنة، وأنها مبتدعة، وللتقريب بينها وبين مذهب الوهابية الرستميّة من خوارج بلاد المغرب.

([12]) سيردّ عليها الزاهري قريبًا.

([13]) روى جزءا من القصيدة أبو القاسم الزياني في كتابه الترجمانة الكبرى (ص: 409)، دار نشر المعرفة 1412هـ. والزياني متحامل على دعوة الشيخ محمد رحمه الله؛ وقد نقل القصة عن الزياني وزاد في التفصيل، وكان أكثر إنصافًا وإيضاحًا الكنسوسي في كتابه الجيش العرمرم الخماسي 1/ 291، تحقيق أحمد الكنسوسي.

([14]) هنا انتهى مقال صاحب المعالي العلامة الفقيه محمد الحجوي.

([15]) مجلة: الصراط السويّ، لسان حال جمعية المسلمين الجزائريين، السنة الأولى، العدد: 5، قسنطينة، يوم الاثنين 26 جمادى الثانية 1352هـ – 16 أكتوبر 1933م، (ص: 4-6).

([16]) محمد السعيد الزاهري: داعية وكاتب وشاعر ومجاهد جزائري، ولد عام 1317هـ، واغتيل -نسأل الله له الشهادة- في 1375هـ ولما يبلغ الأربعين عامًا، له مقالات كثيرة في المجلات العربية في مصر، وفي الصحف والمجلات الجزائرية في وقته.

([17]) لم يُغَيِّر الملك عبد العزيز رحمه الله القضاةَ الذين كانوا يتولَّون القضاء إبان العهد الهاشمي أو العثماني؛ بل أبقاهم على مناصبهم ولم يعزلهم؛ لكنه في عام 1345هـ بدأ في تحديث نظام القضاء وتقرَّر أن يكون القضاء في جميع أنحاء الدولة واحدًا حتى لا يحدُث التباين بين الأحكام، واستقرَّ الأمر على أن يكون على المذهب الحنبليّ، ولم يُشترط في القاضي أن يكون حنبليًّا؛ وللقاضي إن رأى في مسألة أن الحقّ في غير المذهب الحنبلي أن يحكم بما يراه مع تسبيب الحكم والرفع به إلى المحكمة الأعلى؛ وتم اعتماد الكتب التي يرجع إليها القضاة، وهي كُتب حنبلية مؤلّفة قبل ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب كما أشار إليه الكاتب، وهي: كشاف القناع للبهوتي، وشرح منتهى الإرادات له، والمغني للموفق ابن قدامة، والشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة. انظر: شبه جزيرة العرب في عهد الملك عبد العزيز، 1/ 433.

([18]) هذا رأي الكاتب رحمه الله، والذي يظهر لنا أن الأمر ليس على إطلاقه في حال الحنابلة أو غيرهم من المذاهب، مع أن كتبَ المتأخرين من الحنابلة أعمرُ بالاستدلال من غيرهم في الغالب كالمبدع وشرح منتهى الإرادات.

([19]) هكذا في المجلة، ولعل الصواب: “بين الوهابية من أهل السنة والآخرين، إن كان هناك خلاف”.

([20]) كون السلطان سليمان صوفيًّا تيجانيًّا أمر تأباه سيرته رحمه الله، كما تأباه خطبته التي أمر بتعميمها في مساجد مملكته. وانظر ترجمته في كتاب: أعلام السلفيين، 3/ 240، من منشورات دار سلف 1443هـ.

([21]) بل تباحث الوفد مع الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود الإمام الثالث في الدولة السعودية الأولى، وقد عزونا قصة الوفد قريبًا. وانظر فيها أيضا: الاستقصا في تاريخ المغرب الأقصى، 3/ 222.

([22]) اعتقاد الكاتب في محلِّه، فقد أثبتت الوثائق أن فرنسا وبريطانيا إن لم تكونا محرِّضتين على غزو نجد من قبل العثمانيين، فقد كانتا مسرورتين بما حصل، وراجع مذكرات سادلير المسماه: يوميات رحلة عبر الجزيرة العربية، دار الانتشار العربية.

([23]) لا شك أن العداء بين العثمانيين ومحمد علي كان قويًّا، ولا شك أيضًا أن دول أوربا كانت راضية أو ضاغطة في اتجاه القضاء على الدولة السعودية، لكن الشواهد التي ذكرها الكاتب رحمه الله فيها نظر؛ لأن تسليم العثمانيين جزيرة قبرص كان سنة 1295هـ إثر معاهدة دفاعية كان المستهدف بها روسيا، أي: أن ذلك بعد سقوط الدرعية بخمسين سنة، وليت الكاتب أتى بشواهد قبل ذلك.

([24]) في المجلة: (الاستقصاء)، وهو خطأ، والتصويب من كتاب صيانة الإنسان (ص: 183)، المطبعة السلفية.

([25]) الدرر السنية، 10/ 287.

وينبغي التنبيه إلى أن قوله: “حلال الدم والمال” أي: في الحرب الشرعية التي يرفع رايتها الإمام، بعد استكمال شروطها وانتفاء موانعها الموجودة في مباحث الجهاد من كتب الفقه، أو بعد الحكم عليه بالردة من حاكم شرعي مخوَّل من ولي الأمر، بعد إقامة الحجة والاستتابة المعروفة شرعًا. أما استحلال الدم والمال دون الشروط المعتبرة شرعًا فهذا من الفساد والإفساد في الأرض، ويعاقب فاعله بعقاب المفسدين.

([26]) في المجلة: (محمد)، والوجه النصب.

([27]) لعل هذا التوقيع للشيخ العقبي رحمه الله، أحد رئيسي تحرير المجلة، وهو العلامة الطيب بن محمد بن إبراهيم العقبي، نشأ أول حياته في المدينة، وطلب العلم فيها، وتعرف هناك على دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وكان كثير من علمائها قد اعتنقوا الفكر السلفي قبل دخول المدينة تحت حكم الملك عبد العزيز، ثم عاد إلى وطنه الجزائر داعيًا لمذهب السلف ومناهضًا للاحتلال الفرنسي، وتوفي سنة 1380هـ. انظر: أعلام السلفيين، 3/ 93، من منشورات دار سلف 1443هـ.

التعليقات مغلقة.

جديد سلف

ابن سعود والوهابيّون.. بقلم الأب هنري لامنس اليسوعي

 للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   بسم الله الرحمن الرحيم هنري لامنس اليَسوعيّ مستشرقٌ بلجيكيٌّ فرنسيُّ الجنسيّة، قدِم لبنان وعاش في الشرق إلى وقت هلاكه سنة ١٩٣٧م، وله كتبٌ عديدة يعمَل من خلالها على الطعن في الإسلام بنحوٍ مما يطعن به بعضُ المنتسبين إليه؛ كطعنه في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وله ترجمةٌ […]

الإباضــــية.. نشأتهم – صفاتهم – أبرز عقائدهم

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: من الأصول المقرَّرة في مذهب السلف التحذيرُ من أهل البدع، وذلك ببيان بدعتهم والرد عليهم بالحجة والبرهان. ومن هذه الفرق الخوارج؛ الذين خرجوا على الأمة بالسيف وكفَّروا عموم المسلمين؛ فالفتنة بهم أشدّ، لما عندهم من الزهد والعبادة، وزعمهم رفع راية الجهاد، وفوق ذلك هم ليسوا مجرد فرقة كلامية، […]

دعوى أن الخلاف بين الأشاعرة وأهل الحديث لفظي وقريب

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: يعتمِد بعض الأشاعرة المعاصرين بشكلٍ رئيس على التصريحات الدعائية التي يجذبون بها طلاب العلم إلى مذهبهم، كأن يقال: مذهب الأشاعرة هو مذهب جمهور العلماء من شراح كتب الحديث وأئمة المذاهب وعلماء اللغة والتفسير، ثم يبدؤون بعدِّ أسماء غير المتكلِّمين -كالنووي وابن حجر والقرطبي وابن دقيق العيد والسيوطي وغيرهم- […]

التداخل العقدي بين الفرق المنحرفة (الأثر النصراني على الصوفية)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: بدأ التصوُّف الإسلامي حركة زهدية، ولجأ إليه جماعة من المسلمين تاركين ملذات الدنيا؛ سعيًا للفوز بالجنة، واقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، ثم تطور وأصبح نظامًا له اتجاهاتٌ عقائدية وعقلية ونفسية وسلوكية. ومن مظاهر الزهد الإكثار من الصوم والتقشّف في المأكل والملبس، ونبذ ملذات الحياة، إلا أن الزهد […]

فقه النبوءات والتبشير عند الملِمّات

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: منَ الملاحَظ أنه عند نزول المصائب الكبرى بالمسلمين يفزع كثير من الناس للحديث عن أشراط الساعة، والتنبّؤ بأحداث المستقبَل، ومحاولة تنزيل ما جاء في النصوص عن أحداث نهاية العالم وملاحم آخر الزمان وظهور المسلمين على عدوّهم من اليهود والنصارى على وقائع بعينها معاصرة أو متوقَّعة في القريب، وربما […]

كيف أحبَّ المغاربةُ السلفيةَ؟ وشيء من أثرها في استقلال المغرب

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدّمة المعلِّق في كتابِ (الحركات الاستقلاليَّة في المغرب) الذي ألَّفه الشيخ علَّال الفاسي رحمه الله كان هذا المقال الذي يُطلِعنا فيه علَّالٌ على شيءٍ من الصراع الذي جرى في العمل على استقلال بلاد المغرب عنِ الاسِتعمارَين الفرنسيِّ والإسبانيِّ، ولا شكَّ أن القصةَ في هذا المقال غيرُ كاملة، ولكنها […]

التوازن بين الأسباب والتوكّل “سرّ تحقيق النجاح وتعزيز الإيمان”

توطئة: إن الحياةَ مليئة بالتحدِّيات والصعوبات التي تتطلَّب منا اتخاذَ القرارات والعمل بجدّ لتحقيق النجاح في مختلِف مجالات الحياة. وفي هذا السياق يأتي دورُ التوازن بين الأخذ بالأسباب والتوكل على الله كمفتاح رئيس لتحقيق النجاح وتعزيز الإيمان. إن الأخذ بالأسباب يعني اتخاذ الخطوات اللازمة والعمل بجدية واجتهاد لتحقيق الأهداف والأمنيات. فالشخص الناجح هو من يعمل […]

الانتقادات الموجَّهة للخطاب السلفي المناهض للقبورية (مناقشة نقدية)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: ينعمُ كثير من المسلمين في زماننا بفكرٍ دينيٍّ متحرِّر من أغلال القبورية والخرافة، وما ذاك إلا من ثمار دعوة الإصلاح السلفيّ التي تهتمُّ بالدرجة الأولى بالتأكيد على أهمية التوحيد وخطورة الشرك وبيان مداخِله إلى عقائد المسلمين. وبدلًا من تأييد الدعوة الإصلاحية في نضالها ضدّ الشرك والخرافة سلك بعض […]

كما كتب على الذين من قبلكم (الصوم قبل الإسلام)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقدمة: مما هو متَّفق عليه بين المسلمين أن التشريع حقٌّ خالص محض لله سبحانه وتعالى، فهو سبحانه {لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54]، فالتشريع والتحليل والتحريم بيد الله سبحانه وتعالى الذي إليه الأمر كله؛ فهو الذي شرَّع الصيام في هذا الشهر خاصَّة وفضَّله على غيره من الشهور، وهو الذي حرَّم […]

مفهوم العبادة في النّصوص الشرعيّة.. والردّ على تشغيبات دعاة القبور

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة لا يَخفَى على مسلم أنَّ العبادة مقصَد عظيم من مقاصد الشريعة، ولأجلها أرسل الله الرسل وأنزل الكتب، وكانت فيصلًا بين الشّرك والتوحيد، وكل دلائل الدّين غايتها أن يَعبد الإنسان ربه طوعًا، وما عادت الرسل قومها على شيء مثل ما عادتهم على الإشراك بالله في عبادتِه، بل غالب كفر البشرية […]

تحديد ضابط العبادة والشرك والجواب عن بعض الإشكالات المعاصرة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة لقد أمر اللهُ تبارك وتعالى عبادَه أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، ومدار العبادة في اللغة والشرع على التذلُّل والخضوع والانقياد. يقال: طريق معبَّد، وبعير معبَّد، أي: مذلَّل. يقول الراغب الأصفهاني مقررًا المعنى: “العبودية: إظهار التذلّل، والعبادة أبلغُ منها؛ […]

رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة.. بين أهل السنة والصوفية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الناظر المدقّق في الفكر الصوفي يجد أن من أخطر ما قامت عليه العقيدة الصوفية إهدار مصادر الاستدلال والتلقي، فقد أخذوا من كل ملة ونحلة، ولم يلتزموا الكتاب والسنة، حتى قال فيهم الشيخ عبد الرحمن الوكيل وهو الخبير بهم: “إن التصوف … قناع المجوسي يتراءى بأنه رباني، بل قناع […]

دعوى أن الحنابلة بعد القاضي أبي يعلى وقبل ابن تيمية كانوا مفوضة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة إن عهدَ القاضي أبي يعلى رحمه الله -ومن تبِع طريقته كابن الزاغوني وابن عقيل وغيرهما- كان بداية ولوج الحنابلة إلى الطريقة الكلامية، فقد تأثَّر القاضي أبو يعلى بأبي بكر الباقلاني الأشعريّ آخذًا آراءه من أبي محمد الأصبهاني المعروف بابن اللبان، وهو تلميذ الباقلاني، فحاول أبو يعلى التوفيق بين مذهب […]

درء الإشكال عن حديث «لولا حواء لم تخن أنثى»

  تمهيد: معارضة القرآن، معارضة العقل، التنقّص من النبي صلى الله عليه وسلم، التنقص من النساء، عبارات تجدها كثيرا في الكتب التي تهاجم السنة النبوية وتنكر على المسلمين تمسُّكَهم بأقوال نبيهم وأفعاله وتقريراته صلى الله عليه وسلم، فتجدهم عند ردِّ السنة وبيان عدم حجّيَّتها أو حتى إنكار صحّة المرويات التي دوَّنها الصحابة ومن بعدهم يتكئون […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017