الاثنين - 27 شوّال 1445 هـ - 06 مايو 2024 م

أين ذهبت خُطَبُ النَّبي صلى الله عليه وسلَّم؟

A A

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة

 تمهيد:

السُّنَّة النبويَّة واجهت الكثيرَ من حَمَلاتِ التَّشكيك والطعن على مرِّ العصور، بدءًا من فتنة الخوارج والروافض، ثم أهل الكلام من المعتزلة وغيرهم، وصولًا إلى المستشرقين، وانتهاء بأذنابهم من منكري السنَّة ممَّن يسمَّون بالقرآنيين والحداثيين ومن على شاكلتهم.

وقد صار التَّشكيك في السنة النبوية صَيحةَ الوقت المعاصر، وبات كلُّ من يريد أن يظهر له اسمٌ في وسائل التَّواصل أو الكُتب أو صفحات النِّقاش يطعن في السنة؛ تارة بادعائهم أنَّ المحدِّثين مجردُ نَقَلَة لا يفقهون شيئًا ولذا نقلوا الغثَّ والسمين، وأخرى بأنَّ الأسانيد مختلَقَة وُضعت في القرن الثاني([1])، وتارة بادعائهم أنَّ المحدثين لم ينقدوا المتون وإنَّما قبلوا الأحاديث كيفما كانت إذا صحَّت لهم أسانيدها([2])، وتارة أخرى بالطعن في الأحاديث نفسها بأنها مخالفة للعقل أو القرآن أو التاريخ أو الواقع.

والحقيقة أنَّهم يردُّون كلَّ ما يخالف هواهم ونظرتهم الشخصية للموضوعات كموضوع المرأة، وقد يردُّون الأحاديث لأنها لا تعجب المزاج الغربي المعاصر! ومن ذلك ردُّ كلِّ الأحاديث المتعلقة بالمرأة أو الحدود الشرعية، بل حتى الأحاديث التي تتحدَّث عن الغيب لأنها تصادم المزاج المادِّي الغربي([3])!

وبالرُّغم من كلِّ السِّهام التي تصوَّب نحو السُّنة النبوية وصيارفة هذا العلم من المحدثين إلا أنَّها سهام زائشة، لا تصيب شيئًا من السنَّة والمحدثين، بل ترفع من شأنها وشأنهم، وتظهرها للناس([4]).

الدعوى:

لا شكَّ أنَّ الشبهات المثارة على السنَّة كثيرة، وبعضها معتمدة على حسابات رياضية يتحذلق بها بعض من يريد الطعن في السنة، ومن ذلك سؤالهم: إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد عاش ثلاث عشرة سنة في المدينة المنورة، وقد كان يخطب في كل جمعة في هذه السنين، فمن المفترض أن يكون عندنا قرابة 500 خطبة، وإذا استثنينا منها سفرات النبي صلى الله عليه وسلم لغزواته أو لعمرته فإنه على الأقل يجب أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد خَطب أكثر من 400 خطبة، فأين خطب النبي صلى الله عليه وسلم؟!

ومن يأتي بهذا السؤال يقصد إنكار السنَّة مطلقا، وذلك من جهتين:

أولًا: أنَّ هذه الخطب لم تُكتب، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كتابة الأحاديث، فجاء المحدثون بعد قرنٍ أو قرنين فكتبوا الأحاديث ووضعوها، ونسبوا كثيرًا منها إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

ثانيًا: أنَّ السنة ليست بحجة، فإنها لو كانت حجة لكتب الصحابة الكرام خطب النبي صلى الله عليه وسلم ونقلوها([5]).

وهذا السؤال -سواء كان صادرًا من منكرٍ للسنة، أو من باحث عن خطب النبي صلى الله عليه وسلم- فإن الجواب عنه يكون في الآتي:

أولا: الاهتمام بالسنة النبوية:

اهتمَّ الصَّحابة الكرام بأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم اهتمامًا بالغًا، فدوَّنه بعضهم، وحفظه كثيرٌ منهم، وكانوا يحرصون على الجلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم والاستماع إليه، والتناوب عنده؛ حتى لا يفوتهم أيُّ شيء ممَّا يقوله النبي صلى الله عليه وسلم، كما كان يفعله عمر بن الخطاب حين كان يتناوب مع جاره الأنصاري للحضور عند النبي صلى الله عليه وسلم([6]).

وقد كان بعض الصحابة الكرام يكتبون الحديث كما يدلُّ عليه قول أبي هريرة رضي الله عنه: “ما كان أحد أعلم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم منِّي، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنَّه كان يكتب بيده ويعيه بقلبه، وكنت أعيه بقلبي ولا أكتب بيدي، واستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكتابة عنه، فأذن له”([7]).

ثم اهتم التابعون ومن جاء بعدهم بالسنة النبوية حتى تأصلت للأمة منهجيتها الخاصة في التلقي والرواية والتحديث والتفتيش ونقد الروايات، وقد قام علم الحديث على يد جهابذة من العلماء أفنوا أعمارهم وبذلوا جهودا غير مسبوقة في جمع الحديث وكتابته وتمحيصه وتدقيقه وإخراج الزغل منه.

وقد قعَّدوا القواعد، وحكَّموا العقل السليم حتى ظهر على أيدهم علوم كثيرة تخدم الحديث النبوي، فمنها ما هي مختصة بمقارنة الأخبار والروايات ومعرفة الشاذ من المحفوظ، ومنها ما هي مختصة بمتون الأحاديث وأسانيدها من جهة التصحيف والتحريف، فكان علماء الحديث من الدقة بمكان حتى إنهم يعرفون تغيير حرف بحرف، بل تغيير حركة بحركة.

ومن يتتبّع أحوال المحدثين ويعرف أخبارهم ويقرأ في سيرهم يجد أن هذا الجهد والتنظيم والترتيب والتمحيص قد تطلَّب منهم سهر الليالي، والاغتراب عن الأهل والأوطان، وتتبع المشايخ والمحدثين الكبار حتى يأخذوا منهم حديث النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر ابن خلدون شيئًا من عمل المحدثين فقال: “ومن علوم الأحاديث النظر في الأسانيد ومعرفة ما يجب العمل به من الأحاديث بوقوعه على السند الكامل الشروط؛ لأن العمل إنما وجب بما يغلب على الظن صدقه من أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيجتهد في الطريق التي تحصل ذلك الظن، وهو بمعرفة رواة الحديث بالعدالة والضبط. وإنما يثبت ذلك بالنقل عن أعلام الدين لتعديلهم وبراءتهم من الجرح والغفلة، ويكون لنا ذلك دليلا على القبول أو الترك.

وكذلك مراتب هؤلاء النقلة من الصحابة والتابعين وتفاوتهم في ذلك وتميزهم فيه واحدًا واحدا.

وكذلك الأسانيد تتفاوت باتصالها وانقطاعها؛ بأن يكون الراوي لم يلق الراوي الذي نقل عنه، وبسلامتها من العلل الموهنة لها، وتنتهي بالتفاوت إلى طرفين، فحكم بقبول الأعلى ورد الأسفل. ويختلف في المتوسط بحسب المنقول عن أئمة الشأن. ولهم في ذلك ألفاظ اصطلحوا على وضعها لهذه المراتب المرتبة، مثل الصحيح والحسن والضعيف والمرسل والمنقطع والمعضل والشاذ والغريب، وغير ذلك من ألقابه المتداولة بينهم. وبوّبوا على كل واحد منها ونقلوا ما فيه من الخلاف لأئمة هذا الشأن أو الوفاق. ثم النظر في كيفية أخذ الرواة بعضهم عن بعض بقراءة أو كتابة أو مناولة أو إجازة، وتفاوت رتبها، وما للعلماء في ذلك من الخلاف بالقبول والرد. ثم أتبعوا ذلك بكلام في ألفاظ تقع في متون الحديث من غريب أو مشكل أو تصحيف أو مفترق منها أو مختلف وما يناسب ذلك. هذا معظم ما ينظر فيه أهل الحديث وغالبه، وكانت أحوال نقلة الحديث في عصور السلف من الصحابة والتابعين معروفة عند أهل بلده، فمنهم بالحجاز، ومنهم بالبصرة والكوفة من العراق، ومنهم بالشام ومصر، والجميع معروفون مشهورون”([8]).

وأقدّم بهذه المقدمة حتى أبيّن أنّ المحدثين حين أفنوا أعمارهم في طلب الحديث وتدوينه وتخليصه من الشوائب، ومعرفة كل حرف وحركة في حديث النبي صلى الله عليه وسلم، فإنهم بذلك -لا شك- حرصوا على نقل كلام النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته.

وادعاء من يدعي أن الأحاديث موضوعة مختلَقة أو فيها كذب كثير وضعه المحدثون -بدليل أنهم لم يكتبوا ولم يستطيعوا أن يرصدوا خطب النبي صلى الله عليه وسلم- ادعاءٌ باطل، يردّ عليه اهتماهم الشديد بالسنة النبوية مما هو مسطر في الكتب، فإنهم لو أرادوا أن يبثّوا أحاديث غير صحيحة لما أتعبوا أنفسهم في تلك العلوم؛ من تاريخ الرواة، والجرح والتعديل، وأقسام الصحيح والحسن والضعيف وأنواعها، وغير ذلك من التفاصيل الدقيقة، كما أنهم لو أرادوا أن يُعلُوا من شأن السنة النبوية وحجّيتها اختراعا من عند أنفسهم لاخترعوا أيضا الخطب النبوية، فإن هذا كان أدعى إلى قبول حجيَّة السنة.

وما دام أنهم حرصوا ومع ذلك لم يُخرجوا كلّ خطب النبي صلى الله عليه وسلم -بزعمهم- فإن عدم وجود الخطب كاملة يرجع إلى شيء آخر غير وضع الأحاديث، وغير التشكيك في السنة النبوية ككل.

فهذا أصل يجب الوقوف عنده عند مناقشة هذا السؤال.

ثانيًا: الدين كامل:

ذكر الله سبحانه وتعالى عن هذا الدين بأنه دينٌ كاملٌ، فقال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3].

كما أخبر عن حفظ الله للوحي والذكر فقال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9].

وقد ذكر عدد من العلماء أن حفظ السنة النبوية يدخل في هذه الآية، يقول ابن حزم رحمه الله (ت: 456هـ): “فأخبر تعالى كما قدمنا أن كلام نبيه صلى الله عليه وسلم كله وحي، والوحي بلا خوف ذكر، والذكر محفوظ بنص القرآن، فصح بذلك أن كلامه صلى الله عليه وسلم كله محفوظ بحفظ الله عز وجل، مضمون لنا أنه لا يضيع منه شيء؛ إذ ما حفظ الله تعالى فهو باليقين لا سبيل إلى أن يضيع منه شيء، فهو منقول إلينا كله، فلله الحجة علينا أبدا”([9]).

وعلى كل حال فإن حفظ السنة النبوية من حفظ الدّين، وإلا كان الدين ناقصًا لنقص التشريعات الموجودة في السنة النبوية، يقول ابن القيم (ت: 751هـ): “فأخبر أنه أوتي السنة كما أوتي الكتاب، والله تعالى قد ضمن حفظ ما أوحاه إليه وأنزل عليه؛ ليقيم به حجته على العباد إلى آخر الدهر، وقالوا: فلو جاز على هذه الأخبار أن تكون كذبًا لم تكن من عند الله، ولا كانت مما أنزله الله على رسوله وآتاه إياه تفسيرا لكتابه وتبيينا له، وكيف تقوم حجته على خلقه بما يجوز أن يكون كذبًا في نفس الأمر؟! فإن السنة تجرى مجرى تفسير الكتاب وبيان المراد، فهي التي تعرفنا مراد الله من كتابه، فلو جاز أن تكون كذبًا وغلطًا لبطلت حجة الله على العباد، ولقال كل من احتُج عليه بسنة تبين القرآن وتفسره: هذا في خبر واحد لا يفيد العلم، فلا تقوم علي حجة بما لا يفيد العلم. وهذا طرد هذا المذهب الفاسد، وأطرد الناس له أبعدهم عن العلم والإيمان”([10]).

وأقدم أيضا بهذه المقدمة لأن من المحكمات عند المسلمين أن الدين كامل، فلا يضيع شيءٌ منه، ويعني هذا أن كل ما كان تشريعًا في خطب النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لا يمكن أن يضيع حتى لا يضيع جزءٌ من الدين.

ثالثًا: قصرُ خطب النبي صلى الله عليه وسلم:

على صاحب هذا السؤال أن يبعد الصورة النمطية لخطب الجمعة اليوم، وعليه أن يعرف طبيعة خطب النبي صلى الله عليه وسلم.

وبتتبع الأحاديث الواردة في خطب النبي صلى الله عليه وسلم ووصاياه للخطباء ندرك أن من سمات خطب النبي صلى الله عليه وسلم قصر الخطبة.

فقد كانت خطب النبي صلى الله عليه وسلم قصيرةً، وهو ما نعرفه من وصف الصحابة الكرام لخطبة النبي صلى الله عليه وسلم، فعن أبي وائل قال: خطبنا عمَّار فأوجز وأبلغ، فلمَّا نزل قلنا: يا أبا اليقظان، لقد أبلغتَ وأوجزت، فلو كنت تنفَّست، فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنَّ طول صلاة الرجل وقصر خطبته مَئنَّة من فقهه، فأطيلوا الصلاة، واقصروا الخطبة، وإن من البيان سحرا»([11]).

وعن جابر بن سمرة قال: «كنت أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت صلاته قصدًا، وخطبته قصدا»([12]).

وعنه أيضا قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يطيل الموعظة يوم الجمعة، إنما هن كلمات يسيرات»([13]).

وغير ذلك من الأحاديث التي تدل على قصر خطبة النبي صلى الله عليه وسلم، حتى عدَّها الفقهاء من السنن، يقول ابن عبد البر: “وأما قصر الخطبة فسُنة مسنونة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بذلك ويفعله”([14]).

وإدراك هذا مهمّ في الإجابة عن هذا السؤال كما سيأتي بيانه بعد قليل.

رابعًا: ماذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته؟

الأحاديث التي تصِف خطبة النبي صلى الله عليه وسلم تصف كثيرًا مما كان يقوله النبي صلى الله عليه وسلم، فمن ذلك: أنه كثيرا ما يقرأ آيات من القرآن الكريم في خطبه، ويدل عليه حديث الصحابية الجليلة ابنة حارثة بن النعمان، قالت: “ما حفظت ق إلا من في رسول الله صلى الله عليه وسلم، يخطب بها كل جمعة”([15])، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكرر هذه السورة حتى حفظتها، يقول النووي: “وفيه استحباب قراءة ق أو بعضها في كل خطبة”([16]).

كما أن خطب النبي صلى الله عليه وسلم مشتملة على مواعظ وتذكير بالجنة والنار، أو الثناء على الله سبحانه وتعالى، وهو ما يتكرّر أيضًا في كثير من كلامه، فعن شعيب بن رزيق الطائفي قال: جلست إلى رجل له صحبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقال له: الحكم بن حزن الكلفي، فأنشأ يحدّثنا، قال: وفدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سابع سبعة -أو: تاسع تسعة- فدخلنا عليه، فقلنا: يا رسول الله، زرناك فادع الله لنا بخير، فأمر بنا -أو: أمر لنا- بشيء من التمر والشأن إذ ذاك دون، فأقمنا بها أيامًا شهدنا فيها الجمعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام متوكِّئا على عصا -أو: قوس-، فحمد الله وأثنى عليه، كلمات خفيفات طيبات مباركات([17]).

وهذا أيضا يكشف عن جانب من الإجابة عن سؤال: أين خطب النبي صلى الله عليه وسلم؟ وهو ما يتضح أكثر في الآتي:

خامسًا: النتيجة:

إذا تيقَّنا أن الصحابة الكرام اهتمّوا بأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ونقلوها لمن بعدهم، ثم أدركنا أن الدين كامل لا ينقص منه شيءٌ، ويجب أن يكون قد بلغ الأمة كلها كاملًا، ثم تأمّلنا في طبيعة خطب النبي صلى الله عليه وسلم وأن كثيرًا منها من القرآن، كما أنها قصيرة موجَزة، ندرك أن الخطب ولو لم تنقل كاملة إلا أنها نقلت مفرقة في الأحاديث التي رواها الصحابة الكرام، فيأخذ الصحابي من خطبة النبي صلى الله عليه وسلم ما يكون تشريعًا، أو موعظة، أو تذكيرًا بجنة أو نار.

والأحاديث التي رواها الصحابة وقالوا فيها: “خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم” أو “قام فينا” أو “فحمد الله وأثنى عليه” كثيرة، وكلها ينقل فيها الصحابي ألفاظًا هي من خطب النبي صلى الله عليه وسلم.

يقول ابن رجب: “ولو جمعت الأحاديث التي فيها ذكر خطب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على المنبر وكلامه عليه لكانت كثيرة جدًّا، وكذلك أحاديث اتخاذ المنبر كثيرةٌ أيضا”([18]).

فكلّ ما تحتاجه الأمة من خطب النبي صلى الله عليه وسلم قد نُقل بلا ريب، وهو ما تدلّ عليه المحكمات التي قدمت بها.

ومع هذا إن قيل: لِمَ لَمْ تُنقل الخطبُ كاملة؟ يقال:

سادسًا: طبيعة جيل الصحابة الكرام في الكتابة:

فمما لا شكّ فيه أن الكتابة لم تكن كثيرة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكتب القرآن الكريم عبر كتَّاب الوحي، أما السنة النبوية فقد صدر النهي عن كتابتها في بادئ الأمر كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحُه، وحدِّثوا عني ولا حرج»([19])، وهذا النهي كان في بداية نزول الوحي، وله حِكَم كثيرة، منها ما قاله الرامهرمزي (ت: 360هـ): “أحسب أنه كان محفوظًا في أول الهجرة، وحين كان لا يؤمَن الاشتغال به عن القرآن”([20]).

ثم كتب الصحابة الكرام بعد أن صدر الأمر من النبي صلى الله عليه وسلم كما قال: «اكتبوا لأبي شاه»([21]).

ولست أريد الإطالة في مسألة كتابة الصحابة للأحاديث، وإنما أريد أن أصل إلى نقطة وهي:

أن ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم في خطبه هو من جملة أقواله التي اهتم بها الصحابة، فحفظوها وتناقلوها وحدَّثوا بها الناس، وقد حدَّثوا بما رأوا فيه تشريعًا أو موعظة أو نقلا لسيرة أو تقريرًا أو غير ذلك.

فلما لم تكن أدوات الكتابة ميسّرة وسهلة المنال لم يجلس الصحابة كل جمعة يكتبون ما يقوله النبي صلى الله عليه وسلم من بدايته إلى نهايته، فإن هذا لم يكن عهدهم ولا تعاملهم مع سائر كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما كانوا يحفظون كلامه وينقلون ما فيه.

فمواعظ النبي صلى الله عليه وسلم والتشريعات التي أمر بتبليغها كلها موجودة مبثوثة في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، ولو لم نجد أن الصحابة قد جلسوا وكتبوا كلّ خطب النبي صلى الله عليه وسلم خطبة خطبة.

كما أنهم لم يفعلوا هذا في سائر الأيام والأحداث، فإن الصحابي مثلا قد يحضر معركة مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلا نجد أنه يحصي كل كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما يحفظ ما كان فيه تشريع، أو ما انطبع في ذهنه من مواعظ وتذكير وتوجيهات، ومع كثرة الصحابة وتنوع محفوظاتهم يمكننا أن نخرج بمجمل ما حدث في تلك المعركة، ومجمل ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم فيها، ولا نجد أن هناك من يتعمّد الكتابة في كل معركة من بدايتها إلى نهايتها، هكذا كانت طبيعة الكتابة والتحديث في زمن الصحابة الكرام رضوان الله عليهم.

وعلى كل حال فإني قد بيّنت أن هذا السؤال يطرح لسببين، إلا أنه لا يمكن التوصل به إليهما:

أما أن المحدثين قد وضعوا الأحاديث أو كذبوا على النبي صلى الله عليه وسلم -وهو ما يفسر لنا عدم وجود خطب كاملة، وإنما جزؤوها أو فرقوها ليسهل الكذب والخداع- فإن هذا باطل، يُبطله عمل المحدثين ومنهجيتهم الواضحة المكتوبة التي يمكن لأي أحد أن يحاكمهم إليها، كما أن المحدثين لو أرادوا لكتبوا الخطب كاملة، لكنهم لم يفعلوا.

أما القول بأن السنة ليست بحجة ولذلك لم يكتب الصحابة خطب النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يردّ عليه أن الصحابة نقلوا أجزاء كثيرة من خطب النبي صلى الله عليه وسلم، خاصة تلك التي فيها تشريعات وأوامر ونواه ومواعظ وتذكير، فلو لم تكن ضمن اهتماهم لما نقلوها هي أيضًا.

ثم إن المطالبة بكل خطب النبي صلى الله عليه وسلم كاملة من بدايتها إلى نهايتها ما الغرض منها؟

إن كان الغرض هو حفظ الدين فقد حُفظ الدين، ونقل كل ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم من التشريعات، بل من المواعظ والتذكير، بل من الأفعال والتقريرات، فالدين كامل محفوظ من هذا الجانب.

سابعًا: قد جُمعت خطب النبي صلى الله عليه وسلم:

سبق بيان أن الخطب النبوية نقلت إلينا مفرقةً، ومع ذلك فهناك جهود عديدة في حفظ خطب النبي صلى الله عليه وسلم من خلال ما نقله الصحابة الكرام، وقد ألِّفت في ذلك كتب مستقلّة ليس الغرض هنا سردها كلها، لكن أذكر بعضا منها، سواء كانت مطبوعة أو لا، فمنها:

  • خطب النبي صلى الله لعلي المدائني (ت: 224هـ).
  • خُطب النبي صلى الله عليه وسلم لعبد العزيز بن يحيى الجلودي الشيعي (ت: بعد 332هـ).
  • خطب النبي صلى الله عليه وسلم لأبي أحمد العسّال (ت: 349هـ).
  • خُطب النبي صلى الله عليه وسلم لأبي الشيخ عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان الأصبهاني (ت: 369هـ).
  • خُطب النبي صلى الله عليه وسلم لأبي العباس جعفر بن محمد المستغفري (ت: 432هـ).
  • خُطب النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الباسط بن علي الفاخوري مفتي بيروت (1324هـ).
  • الخُطب المأثورة لأشرف علي التهانوي (1280-1362هـ)، جمَعَ فيها خطب النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين.
  • مجموع من الخُطب النبوية لعيسى البيانوني (1290-1362هـ).
  • إتحاف الأنام بخُطب رسول الإسلام لمحمد بن خليل الخطيب.

كما أن هناك دراساتٍ أكاديميةً بعضها تهدف إلى جمع خطب النبي صلى الله عليه وسلم، وبعضها تهدف إلى عرض البلاغة فيها، وأخرى تهدف إلى استنباط الفوائد الدعوية منها، وغير ذلك.

وأخيرًا:

قال السخاوي (ت: 902هـ): “فالله تعالى بلطيف عنايته أقام لعلم الحديث رجالا نقادًا تفرّغوا له، وأفنوا أعمارهم في تحصيله، والبحث عن غوامضه، وعلله، ورجاله، ومعرفة مراتبهم في القوة واللين.

فتقليدهم والمشي وراءهم وإمعانُ النظر في تواليفهم وكثرة مجالسة حفاظ الوقت مع الفهم وجودة التصور ومداومة الاشتغال وملازمة التقوى والتواضع يوجب لك -إن شاء الله- معرفة السنن النَّبوية، ولا قوة إلا بالله”([22]).

فملازمة كتب الحديث وقراءة الأحاديث النبوية وما قاله المحدثون كفيلٌ بإزالة كل شبهة قد تطرأ على قلب إنسان حول السنة النبوية وحجيتها، وقد رأينا كيف أن خطب النبي صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يضيع شيءٌ منها يكون من الدين، وذلك أن الدين كامل، وقد تكفل الله بحفظ الوحي، فلا يمكن أن يضيع شيءٌ من الدين، كما أن الصحابة الكرام قد نقلوا كثيرا من أجزاء تلك الخطب في الأحاديث المبثوثة في الكتب، وهو ما اقتضته طبيعة التدوين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وكذا طبيعة التحديث والرواية من الصحابة إلى من بعدهم.

وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

([1]) انظر: نقد متن الحديث تاريخه ومقاييسه ومناهج العلماء فيه، لشفيق وينغرا (ص: 52).

([2]) ينظر: تجريد البخاري ومسلم من الأحاديث التي لا تلزم (ص: 11).

([3]) ينظر: نحو فقه جديد لجمال البنا (2/ 255)، وجناية البخاري لزكريا أوزون (ص: 147-148).

([4]) ألف الخطيب البغدادي كتابه الشهير “شرف أصحاب الحديث”، دافع فيه عن حمَلَة الحديث، ونافح عن شَرفهم، وذكر طُرفًا من حالهم، وبيَّن أنَّهم ممن صار انتماء حياتهم إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم.

([5]) ينظر: https://www.youtube.com/watch?v=H-qL6PhpvkM

https://www.youtube.com/watch?v=ACdWqehYkNY

([6]) ينظر: صحيح البخاري (4895).

([7]) أخرجه الإمام أحمد (9231).

([8]) تاريخ ابن خلدون (1/ 557).

([9]) الإحكام في أصول الأحكام (1/ 98).

([10]) مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة (ص: 559-560)

([11]) أخرجه مسلم (869).

([12]) أخرجه مسلم (866).

([13]) أخرجه أبو داود (1107)، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود (1104).

([14]) الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار -ت: قلعجي- (6/ 346).

([15]) أخرجه مسلم (873).

([16]) شرح صحيح مسلم (6/ 161).

([17]) أخرجه أبو داود (1096)، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود (1006).

([18]) فتح الباري (8/ 237).

([19]) أخرجه مسلم (3004).

([20]) المحدث الفاصل بين الراوي والواعي (ص: 386).

([21]) أخرجه البخاري (2434)، ومسلم (1355).

([22]) فتح المغيث بشرح ألفية الحديث (1/ 289).

التعليقات مغلقة.

جديد سلف

حديث: «جئتكم بالذبح» بين تشنيع الملاحدة واستغلال المتطرفين

الطعنُ في السنة النبوية بتحريفها عن معانيها الصحيحة وباتِّباع ما تشابه منها طعنٌ في النبي صلى الله عليه وسلم وفي سماحة الإسلام وعدله، وخروجٌ عن التسليم الكامل لنصوص الشريعة، وانحرافٌ عن الصراط المستقيم. والطعن في السنة لا يكون فقط بالتشكيك في بعض الأحاديث، أو نفي حجيتها، وإنما أيضا بتحريف معناها إما للطعن أو للاستغلال. ومن […]

تذكير المسلمين بخطورة القتال في جيوش الكافرين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدمة: من المعلومِ أنّ موالاة المؤمنين والبراءة من الكافرين من أعظم أصول الإيمان ولوازمه، كما قال تعالى: ﴿إِنَّمَا ‌وَلِيُّكُمُ ‌ٱللَّهُ ‌وَرَسُولُهُۥ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ﴾ [المائدة: 55]، وقال تعالى: (لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ […]

ابن سعود والوهابيّون.. بقلم الأب هنري لامنس اليسوعي

 للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   بسم الله الرحمن الرحيم هنري لامنس اليَسوعيّ مستشرقٌ بلجيكيٌّ فرنسيُّ الجنسيّة، قدِم لبنان وعاش في الشرق إلى وقت هلاكه سنة ١٩٣٧م، وله كتبٌ عديدة يعمَل من خلالها على الطعن في الإسلام بنحوٍ مما يطعن به بعضُ المنتسبين إليه؛ كطعنه في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وله ترجمةٌ […]

الإباضــــية.. نشأتهم – صفاتهم – أبرز عقائدهم

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: من الأصول المقرَّرة في مذهب السلف التحذيرُ من أهل البدع، وذلك ببيان بدعتهم والرد عليهم بالحجة والبرهان. ومن هذه الفرق الخوارج؛ الذين خرجوا على الأمة بالسيف وكفَّروا عموم المسلمين؛ فالفتنة بهم أشدّ، لما عندهم من الزهد والعبادة، وزعمهم رفع راية الجهاد، وفوق ذلك هم ليسوا مجرد فرقة كلامية، […]

دعوى أن الخلاف بين الأشاعرة وأهل الحديث لفظي وقريب

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: يعتمِد بعض الأشاعرة المعاصرين بشكلٍ رئيس على التصريحات الدعائية التي يجذبون بها طلاب العلم إلى مذهبهم، كأن يقال: مذهب الأشاعرة هو مذهب جمهور العلماء من شراح كتب الحديث وأئمة المذاهب وعلماء اللغة والتفسير، ثم يبدؤون بعدِّ أسماء غير المتكلِّمين -كالنووي وابن حجر والقرطبي وابن دقيق العيد والسيوطي وغيرهم- […]

التداخل العقدي بين الفرق المنحرفة (الأثر النصراني على الصوفية)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: بدأ التصوُّف الإسلامي حركة زهدية، ولجأ إليه جماعة من المسلمين تاركين ملذات الدنيا؛ سعيًا للفوز بالجنة، واقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، ثم تطور وأصبح نظامًا له اتجاهاتٌ عقائدية وعقلية ونفسية وسلوكية. ومن مظاهر الزهد الإكثار من الصوم والتقشّف في المأكل والملبس، ونبذ ملذات الحياة، إلا أن الزهد […]

فقه النبوءات والتبشير عند الملِمّات

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: منَ الملاحَظ أنه عند نزول المصائب الكبرى بالمسلمين يفزع كثير من الناس للحديث عن أشراط الساعة، والتنبّؤ بأحداث المستقبَل، ومحاولة تنزيل ما جاء في النصوص عن أحداث نهاية العالم وملاحم آخر الزمان وظهور المسلمين على عدوّهم من اليهود والنصارى على وقائع بعينها معاصرة أو متوقَّعة في القريب، وربما […]

كيف أحبَّ المغاربةُ السلفيةَ؟ وشيء من أثرها في استقلال المغرب

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدّمة المعلِّق في كتابِ (الحركات الاستقلاليَّة في المغرب) الذي ألَّفه الشيخ علَّال الفاسي رحمه الله كان هذا المقال الذي يُطلِعنا فيه علَّالٌ على شيءٍ من الصراع الذي جرى في العمل على استقلال بلاد المغرب عنِ الاسِتعمارَين الفرنسيِّ والإسبانيِّ، ولا شكَّ أن القصةَ في هذا المقال غيرُ كاملة، ولكنها […]

التوازن بين الأسباب والتوكّل “سرّ تحقيق النجاح وتعزيز الإيمان”

توطئة: إن الحياةَ مليئة بالتحدِّيات والصعوبات التي تتطلَّب منا اتخاذَ القرارات والعمل بجدّ لتحقيق النجاح في مختلِف مجالات الحياة. وفي هذا السياق يأتي دورُ التوازن بين الأخذ بالأسباب والتوكل على الله كمفتاح رئيس لتحقيق النجاح وتعزيز الإيمان. إن الأخذ بالأسباب يعني اتخاذ الخطوات اللازمة والعمل بجدية واجتهاد لتحقيق الأهداف والأمنيات. فالشخص الناجح هو من يعمل […]

الانتقادات الموجَّهة للخطاب السلفي المناهض للقبورية (مناقشة نقدية)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: ينعمُ كثير من المسلمين في زماننا بفكرٍ دينيٍّ متحرِّر من أغلال القبورية والخرافة، وما ذاك إلا من ثمار دعوة الإصلاح السلفيّ التي تهتمُّ بالدرجة الأولى بالتأكيد على أهمية التوحيد وخطورة الشرك وبيان مداخِله إلى عقائد المسلمين. وبدلًا من تأييد الدعوة الإصلاحية في نضالها ضدّ الشرك والخرافة سلك بعض […]

كما كتب على الذين من قبلكم (الصوم قبل الإسلام)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقدمة: مما هو متَّفق عليه بين المسلمين أن التشريع حقٌّ خالص محض لله سبحانه وتعالى، فهو سبحانه {لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54]، فالتشريع والتحليل والتحريم بيد الله سبحانه وتعالى الذي إليه الأمر كله؛ فهو الذي شرَّع الصيام في هذا الشهر خاصَّة وفضَّله على غيره من الشهور، وهو الذي حرَّم […]

مفهوم العبادة في النّصوص الشرعيّة.. والردّ على تشغيبات دعاة القبور

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة لا يَخفَى على مسلم أنَّ العبادة مقصَد عظيم من مقاصد الشريعة، ولأجلها أرسل الله الرسل وأنزل الكتب، وكانت فيصلًا بين الشّرك والتوحيد، وكل دلائل الدّين غايتها أن يَعبد الإنسان ربه طوعًا، وما عادت الرسل قومها على شيء مثل ما عادتهم على الإشراك بالله في عبادتِه، بل غالب كفر البشرية […]

تحديد ضابط العبادة والشرك والجواب عن بعض الإشكالات المعاصرة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة لقد أمر اللهُ تبارك وتعالى عبادَه أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، ومدار العبادة في اللغة والشرع على التذلُّل والخضوع والانقياد. يقال: طريق معبَّد، وبعير معبَّد، أي: مذلَّل. يقول الراغب الأصفهاني مقررًا المعنى: “العبودية: إظهار التذلّل، والعبادة أبلغُ منها؛ […]

رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة.. بين أهل السنة والصوفية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الناظر المدقّق في الفكر الصوفي يجد أن من أخطر ما قامت عليه العقيدة الصوفية إهدار مصادر الاستدلال والتلقي، فقد أخذوا من كل ملة ونحلة، ولم يلتزموا الكتاب والسنة، حتى قال فيهم الشيخ عبد الرحمن الوكيل وهو الخبير بهم: “إن التصوف … قناع المجوسي يتراءى بأنه رباني، بل قناع […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017