الجمعة - 01 ربيع الآخر 1446 هـ - 04 أكتوبر 2024 م

عرض ونقد لكتاب (نسائِم المعالم – السيرة النبوية من خلال المآثر والأماكن)

A A

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة

بماذا تعبَّدنا الله سبحانه وتعالى؟ هل تعبَّدنا الله سبحانه وتعالى بمتابعة النبي صلى الله عليه وسلم فيما بيَّن من العقائد وشرع من الأحكام ودلَّ إليه من الأخلاق والفضائل، أم تعبَّدنا الله سبحانه وتعالى بتتبُّع كل ما وقف عليه النبي صلى الله عليه وسلم ووطئت رجلاه الشريفتان ولامس شيئًا من جسده الشريف وما إلى ذلك؟

لا شك أن الأول هو المقصود وهو الذي تضافرت النصوص على الوصية به، فقال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]، وقال تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ} [النساء: 13]، وقال تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 80]، وقال تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} [النور: 52]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى»([1])، وغيرها من النصوص الكثيرة، وقد فهم هذا الصحابة وأدركوه أيما إدراك، ولذا عُنوا بتحقيق هذا الجانب وتعلُّمه وتعليمه وطلبه وبذل المهج دونه، وضربوا في ذلك أروع الأمثلة كما كان ابن عباس رضي الله عنهما يجلس على أبواب بيوت الصحابة ويتوسّد رداءه، فيسفي الريح التراب عليه، ولا يبالي في سبيل ذلك بل يجلس وينتظر، تتبُّعا وطلبًا لما تعبَّدنا الله به سبحانه من طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وتعلُّم هديه.

وقد أجاب الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه على هذا السؤال جوابًا عمليًّا حيث قال بعد أن قبّل الحجر الأسود: “إني أعلم أنك حجر، لا تضرّ ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبّلك ما قبّلتك”([2])، فتقبيل الحجر اتباعٌ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم واقتداءٌ بهديه، وليس تتبُّعًا ولا تبرُّكًا بما لامس جسدَه الشريف الطاهر صلى الله عليه وسلم؛ ولذا قالها صراحةً: “حجر، لا تضرّ ولا تنفع”.

ومن عجب أن يقال: إن الله سبحانه وتعالى تعبَّدنا بتتبُّع الأماكن والمواقع التي مرَّ بها النبي أو لامست جسده أو نحو ذلك من مواقع السيرة النبوية مما لم ترتبط به عبادة واجبة أو مستحبة؛ وعلى التسليم بصحته فإن هذا يؤدّي إلى الطعن في الصحابة رضوان الله عليهم حيث لم يعتنوا بذلك، ولم يُعرف عنهم تتبُّع الأماكن والمواقع التي نزل بها النبي صلى الله عليه وسلم ومرّ بها عَرَضًا مما لا تتعلق به عبادة، ولا الحرص على الصلاة فيها، فضلًا عن التبرك بها لمجرد أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل بها أو مرّ بها كما حرصوا على معرفة هديه والعمل به في العبادات والأخلاق والفضائل، وبالإضافة إلى الطعن في الصحابة فهذا يلزم منه القول بضياع جزء من الدين ومن الشريعة؛ فإذا كان الله تعبَّدنا بتتبُّع تلك المواقع وتقديسها ثم لم يعتن بها الصحابة ولا من بعدهم، ولم تُعرف كثير من تلك الأماكن على وجه الدقة في زمن التابعين ومن بعدهم أولى بجهلها وعدم معرفتها، فهذا يؤدي إلى ضياع كثير من الشريعة التي تعبَّدنا الله بها، ولا أدل على بطلان هذا القول من هذا اللازم.

فتعظيم النبي صلى الله عليه وسلم إذن بمحبته والتمسك بكل ما جاء به ومتابعته والاعتزاز بهذا التمسك، وهو ركن ركين من أركان الإسلام، بل هو الشقّ الثاني من الركن الأول من أركان الإسلام الذي يتلخص في شهادة أن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومحبةُ النبي صلى الله عليه وسلم وتقديمه على كل محابّ الدنيا حتى على النفس جعلَه النبي صلى الله عليه وسلم من الواجبات فقال: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين»([3]).

ولا يعني هذا إهمال علم السيرة النبوية، بل هو من أهم جوانب التعظيم للنبي صلى الله عليه وسلم الداعمة لاتباعه، وقد هيأ الله سبحانه له وجهابذة وعلماء جعلوا منه الشخصية الأولى التي لا تكاد تخفى من سيرته خافية؛ فعرفت كل جوانب سيرته وحياته، ويعرف المسلم من حياته الشخصية ما يكاد يخفى عليه من حياة أبيه؛ لعظمة تلك العناية بتفاصيل هذه الشخصية ودقائقها حتى اشتُق لدراستها علمٌ مستقلّ من العلوم الإسلامية؛ غدا له رجاله ومعلِّموه وموارده ومصادِره.

ومن الفروع التي تفرّعت من هذا العلم فرع المعالم المكانية وتحديدها في كل عصر من العصور، خاصة مع سرعة جريان عجلة التاريخ وتغيّر كثير من المعالم الجغرافية، سواء المسميات أو طبيعة المكان وما فيه من معالم.

والكتاب الذي نحن بصدد تناوله هنا يحوم حول هذا الفرع من فروع السيرة النبوية، وقد وسمه المؤلف بـ(نسائِم المعالم – السيرة النبوية من خلال المآثر والأماكن مع الرابط الإلكتروني)، ونصَّ على أن هدفه هو: “أن يتعرف المسلم على السيرة المكانية لأحداث السيرة النبوية، سواء بالقراءة أم بقصدها والوصول إليها مما يزيد في المعرفة الحقيقة لهذا النبي صلوات الله عليه وعلى آله؛ وبذلك يتضاعف حبه في القلب يومًا فيومًا وحدثًا فحدثًا، بل ويستشعر عظمة الجهد الذي قدّمه النبي صلى الله عليه وسلم، وكذا الجهد الذي بذله الصحابة رضوان الله عليهم في سبيل الدعوة إلى الله لإيصال هذا الدين للبشرية، ثم يستلهم القارئ معاني وأفكارًا من ذلك الحدث مع المكان؛ فيجتمع له شرف المكان مع شرف صاحب المكان وهو صلى الله عليه وآله وسلم، فتصير هذه المعالم كأنها تقرأ نفسها بنفسها؛ فلئن فاتنا العيش في زمانه صلى الله عليه وسلم فلن نعدم العيش في نسائم مكانه”([4]).

وفي هذه الدراسة سنتناول الكتاب بعرض أبرز إيجابياته وذكر أبرز إشكالياته والملحوظات العلمية عليه، وبيان أهمِّ الأخطاء والتقريرات الباطلة التي وقع فيها الباحث، وليس الغرض تقديم دِراسة عِلميَّة نقدية وافية للكتاب، ولا تتبُّع كل ما ورَدَ فيه، أو التفصيل في النقد، وإنَّما الهدف من هذا العرض والنقد بيان رَأيٍ مُجمَلٍ في الكتابِ؛ وذلك لرَسْمِ الخُطوط العريضةِ للنقد، ولتنبيهِ القراء على ما في الكتابِ مِن أغلاط ومآخذ؛ ليحذرَ منها ومن أمثالِها.

وقبل أن نخطَّ تلك الخطوط العريضة، دعونا نستعرض هذا الكتاب مقدّمته وفصوله ومباحثه، ثم ننظر فيه، ونستبصر إن كان قد جاء في بحثه بما اشترطه على نفسه في مقدمته أو لا.

أولا: التعريف بالكتاب:

المعلومات الفنية للكتاب:

عنوان الكتاب: نسائِم المعالم – السيرة النبوية من خلال المآثر والأماكن مع الرابط الإلكتروني.

اسم المؤلف: د. نزار محمود قاسم الشيخ، دكتوراه في الفقه المقارن وباحث في السيرة النبوية.

دار النشر: مكتبة دار الزمان للنشر والتوزيع.

رقم الطبعة وتاريخها: الطبعة الأولى عام 1444ه – 2023م.

حجم الكتاب: مجلد في (565) صفحة.

مقدمة الكتاب:

من اللفتات الجميلة أن الباحث افتتح كتابه ببيان حرمة مكة والمدينة اللّذين حرمهما الله سبحانه وتعالى، واستشهد بما ورد في المتفق عليه من حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه: «إن إبراهيم حرم مكة ودعا لها، وحرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة، ودعوت لها في مدها وصاعها مثل ما دعا إبراهيم عليه السلام لمكة»([5])، واقتصر في عزوه على مسلم، وهو في الحقيقة متفق عليه.

ثم بين أن مكة مهوى قلوب العباد وأحبّ البلاد، وفيها مضاعفة الحسنات وحط السيئات، وقال: “فلا يعلم بلد يشدّ إليه الرحال أو يستجاب به الدعاء كمكة والمدينة”([6])، وهذا النص منه موهم؛ فمن المقرر عند أهل العلم أن شد الرحال إنما يكون إلى المساجد التي نص عليها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «ولا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجد الحرام، ومسجد الأقصى، ومسجدي»([7])، ولا يجوز شد الرحال إلى الأماكن التاريخية والمواطن الأثرية التي فيهما بحال حتى على القول بإباحة زيارتها للاطلاع والمعرفة.

غاية الكتاب ومنهجه:

لا شك أن أي قارئٍ يبحث عن هذه العناصر سينتقل بناظريه إلى فاتحة الكتاب وفهرسه، وقد تبين فيما سبق تصريح المؤلف بغاية الكتاب في مقدمته، وهو التعرف على السيرة النبوية وقراءة أحداثها ومعاينة أماكنها، سواء بالصور والخرائط، أو معاينتها مباشرة بالزيارة والمشاهدة الحقيقية.

وبذا تتضح لنا غاية البحث النبيلة، وهو من إيجابيات الكتاب ومميزاته، كما أن من مميزاته عناية مؤلّفه ببيان منهج الكتاب؛ فقد صرح به في المقدمة وعدد معالمه وهي:

“١- اختصار سيرة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من الولادة إلى الوفاة.

2- التركيز على المعالم المكانية في السيرة النبوية، مع بيان الخط الزمني المرافق لها.

٣- التحقيق المكاني بالوقوف على كل معلم من معالم السيرة النبوية بعد الدراسة المتقنة.

4- ذكر المناسبة التي سمي بها ذلك المعلم إن وجدت، وسرد الأحداث المتعلقة بالمكان.

5- تعيين المواقع حسب مسمياتها الجديدة على الخارطة المتعارف عليها اليوم.

٦- تعيين خط الطول وخط العرض عن طريق جوجل إيرث.

7- وضع رمز (كيو آردريويد) للوصول إلى الموقع عن طريق الهواتف المحمولة.

8- بيان الحكم الشرعي فيما يتعلق بقصد تلك المعالم من واجب أو مستحب.

٩- توضيح المعالم بالصور والخرائط والرسومات.

10- الاستدلال بالأحاديث الشريفة على المعالم مع بيان من رواها من المحدثين مختصرًا”([8]).

ولئن كان من الإيجابيات التصريح بالمنهج في المقدمة، فمن السلبيات عدم دقة المنهج الذي نص عليه، وعدم تطابقه مع العمل الذي طبقه وسار عليه في كتابه، وسيتجلى لنا ذلك عند الكلام عن سلبيات الكتاب.

حكم قصد المعالم النبوية:

أحسن المؤلف -حفظه الله- حين أردف مقدمة كتابه ببيان الحكم الشرعي لقصد المعالم النبوية، ولقد أصاب في عامة تقريره للحكم الشرعي فيها، إلا أنه خلط في كثير من مسائله، ومثَّل بأمثلة لا تنطبق على ما يقعِّد له؛ حيث صرح المؤلف أن “العمل على تحديد المواقع الجغرافية لمعالم السيرة النبوية وما يتصل بها من حكم في قصدها بالزيارة، يدخل تحت عدة أحكام”، ثم جعلها على خمسة أحكام هي باختصار:

الأول: وجوب قصد المعالم والحفاظ عليها؛ وهذا لما يتعلق بأداء المناسك فيها، كموقع عرفة، وتعيين حدود المسجد الحرام وحدود الصفا والمروة ومواقيت الإحرام.

الثاني: استحباب قصد المعالم وتحديدها؛ وذكر أن هذا متعلق بما يسن للمسلم أداء العبادة فيها أو من خلالها؛ لأنه وسيلة لأداء السنة، ولا إشكال في هذا التقرير، ولكن المؤلف خلط في الأمثلة بين ما ينطبق عليه هذا التقرير وبين غيره، حيث مثَّل بما يلي:

“تعيين حدود الروضة الشريفة والمسجد النبوي، وتعيين طريق حج الأنبياء، وتعيين طريق ضب، وطريق المأزمين للحج، وتعيين المساجد والمصليات التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وتعيين معالم مواقع السنن في الحج، كمكان وقوفه صلى الله عليه وعلى آله وسلم عند جبل الرحمة في عرفة، وعلى جبل قُزح في مزدلفة، ومكان وقوفه صلى الله عليه وعلى آله وسلم داخل الكعبة، ومكان صلاته عند المقام، ومواضع غزواته لمعرفة الأحكام المتعلقة بها، وهذا كثير جدًّا…”([9]).

ووجه الخلط هنا أن المؤلف أدرج ضمن الكلام ما لا يدخل في تقريره الأول، فأدخل فيه ما لا يسنّ أداء العبادة فيها ولا من خلالها، ومن ذلك:

  • تعيين المساجد والمصليات التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
  • تعيين مواضع غزواته لمعرفة الأحكام المتعلقة بها.

وسيأتي الكلام تفصيلًا على حكم قصد الأماكن الأثرية، سواء لزيارتها أو للعبادة فيها أو للتبرك بها.

الثالث: القصد المباح، وهذا متعلّق بما لا يرتبط به أداء نسك واجب أو أداء سنة وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم، يقول المؤلف: “ويتحوّل إلى سنة إذا قصد التعبد بذلك العمل، كمن قصد تعلم العلم، وتحريك المشاعر في محبة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بزيارة أماكنه التي مر بها كالطرق والجبال والوديان والبيوت والقرى والمدن وعيون الماء وغيرها الكثير… فقصد مثل هذه بتلك النية هو من باب المستحبات، كما مر في حديث ابن عمر رضي الله عنهما السابق، وإن لم تكن للشخص نية أصلًا فقصدها هو من باب المباح؛ حيث لا أجر ولا وزر”. وتحول الأمر من مجرد الإباحة إلى الاستحباب فيه نظر سيأتي تفصيله، وهذه المنفعة إن كانت معتبرة فهي في مقابل مفاسد عظيمة من كونها ذريعة إلى الشرك وغيره.

الرابع: القصد الحرام أو المكروه؛ فيجب على العلماء تبيين المعالم التي نهى الشارع عن قصدها بعبادة أو لعمل بدعة فيها ليست من الدين؛ كتعيين وادي عُرنة، ووادي محسِّر، وتعيين المواقع التي نهى الشارع عن أداء العبادة فيها كالمقبرة والكنيسة.

ويمكن أن نتناول الكلام على هذه المسألة في نقاط على النحو الآتي:

  • لا شك في أن الوسائل لها أحكام المقاصد؛ فالوسيلة إلى الواجب واجب، وكذا المستحب، وهو ما اعتمد عليه الباحث في النقطة الأولى والثانية؛ حيث ذكر أن من الأماكن ما يجب معرفتها وتحديدها كتحديد موقع عرفة لتعلق الحج الواجب به، ولكنه أدخل ضمن المستحب معرفة الأماكن التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة فيها، ولا دليل صحيح عليه، كما أنه ذكر منها معرفة مواقع الغزوات والأحداث، فهل هناك أمور مستحبة وأحكام متعلقة بأماكن غزواته؟!
  • لم يكن الصحابة رضوان الله عليهم يقصدون الصلاة في كل مكان صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم اتفاقًا، ولا يعتبرون ذلك من الاقتداء والاتباع المحمود، ولا يتبركون بذلك، يقول ابن تيمية (728هـ) رحمه الله: “فأما قصد الصلاة في تلك البقاع التي صلى فيها اتفاقا، فهذا لم ينقل عن غير ابن عمر من الصحابة، بل كان أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار يذهبون من المدينة إلى مكة حجاجا وعمارا ومسافرين، ولم ينقل عن أحد منهم أنه تحرى الصلاة في مصليات النبي صلى الله عليه وسلم. ومعلوم أن هذا لو كان عندهم مستحبًّا لكانوا إليه أسبق، فإنهم أعلم بسنته وأتبع لها من غيرهم”([10]).
  • ما فعله الصحابة من التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم هو التبرك بما كان جزءًا من جسده الشريف كشعره أو لامس جسده كوَضوئه، ولا بد من التفريق بين هذا وبين قصد أماكن السيرة النبوية وتتبعها، وكل ما وطئته قدماه ولامست شيئًا من جسده، فهذا لم يفعله الصحابة ولا من بعدهم من أئمة الهدى، ولم يعرف عنهم، ولا هو من الأعمال التي تعبّدنا الله بها.
  • لم يكن فعل ابن عمر رضي الله عنهما من باب تحريك المشاعر ولا تعلم العلم، فضلا عن العيش في نسائم النبي صلى الله عليه وسلم أو التبرك به، وإنما هو شدة اتباع وتمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، فلا دلالة فيه على ما أراد المؤلف الاستدلال به عليه، وحتى إن قلنا بأنه يدخل في باب شدة التمسك بالسنة؛ فإن عامة الصحابة خالفوا ابن عمر في ذلك.

خطة البحث:

جعل المؤلف كتابه في خمسة عشر مبحثًا وهي:

الأول: يوم {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} في وادي نعمان.

الثاني: أبرز أحداث السيرة النبوية من مولد النبي صلى الله عليه وسلم إلى المبعث.

الثالث: أبرز أحداث السيرة النبوية من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم إلى الهجرة.

الرابع: أحداث السنة الأولى من هجرته صلى الله عليه وسلم.

الخامس: أحداث السنة الثانية من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم.

السادس: أحداث السنة الثالثة من الهجرة.

السابع: أحداث السنة الرابعة من الهجرة.

الثامن: أبرز أحداث السنة الخامسة من الهجرة.

التاسع: أبرز أحداث السنة السادسة من الهجرة.

العاشر: أبرز أحداث السنة السابعة من الهجرة.

الحادي عشر: أبرز أحداث السنة الثامنة من الهجرة.

الثاني عشر: أبرز أحداث السنة التاسعة من الهجرة.

الثالث عشر: أبرز أحداث السنة العاشرة من الهجرة.

الرابع عشر: أبرز أحداث السنة الحادية عشرة من الهجرة.

الخامس عشر: أربعون حديثًا في شمائل الحبيب الأعظم صلى الله عليه وسلم وخصائصه.

ثانيا: أهم المميزات والمؤاخذات:

1- أبرز المميزات:

  • أولى المميزات على البحث: عنايته بدراسة السيرة النبوية المكانية في العصر الحاضر، والعناية بتصويرها وتحديدها ونقلها للقارئ بصورها وواقعها اليوم، وهو يتطلب بلا شك تتبع الأماكن في المصادر المتعددة من تاريخ وسيرة وحديث وبلدان وغيرها، ولكنه في ذات الوقت يتطلب خبرة ودراية عالية بالمنهج النقدي الذي يُميز به الصحيح من الضعيف والمقبول من المردود من تلك الروايات والأخبار، كما أنه موضع نقد لو وضعت هذه المعلومات في غير موضعها، وكانت وسيلة لجعلها مواضع تبرُّك وتعظيم من غير دليل شرعي على ذلك.
  • حسن إخراج الكتاب وطباعته: فالكتاب مطبوع بجودة عالية، وبألوان متعددة، وبصور أُخذت بدقة عالية، وهو يتطلب جهدًا وخبرة يعرفها أهل هذا المجال.
  • حسن توظيف التقنية في البحث: فالباحث استثمر أمورًا تقنية جديدة لم تكن في السابق، مثل: حسن التصميم والإخراج للكتاب، وتنسيق الصور والخرائط والرسومات والمعلومات فيه، وكذلك تحديد الأماكن بالخرائط الحديثة، وتسهيل الوصول إليها بتقنية الباركود.
  • إيراد النصوص والآثار الواردة في السيرة النبوية عند إيراد مكان من الأماكن: وهذا ملاحظ في عامة الكتاب.
  • العناية بالوقوف على المكان مباشرة وتصويره: وقد نقل الباحث صورا كثيرة من أماكن ومناطق مختلفة متباعدة.
  • العناية بالصور القديمة التي أُخذت مع بدايات وجود الكاميرا: وخاصة المعالم التي تغيرت مع التوسعات والتحديثات للمناطق التاريخية، وتحديد أهم المعالم في تلك الصور.

2- أبرز المؤاخذات:

  • لا وجود لمنهجية واضحة لتحديد الأماكن التي وردت في النص، فالمؤلف لم يبين منهجه في تحديد الأماكن التي يذكرها ويحدّدها، ولا شك أن إنزال ما ورد في النصوص والآثار على موقع من المواقع الحديثة يحتاج إلى ما يثبت ذلك، وإلى منهجية محكَمة لترجيح هذا التحديد أو الوثوقية بأن ما حدّده هو المقصود، وهو أهم إشكاليات الكتاب وأكبرها؛ حيث ذكر المؤلف أن من منهجه في العمل: “التحقيق المكاني بالوقوف على كل معلم من معالم السيرة النبوية بعد الدراسة المتقنة”، ولكن لم يوفَّق المؤلف في تحديد هذا المنهج الذي يسير عليه في التحقيق والدراسة المتقنة، فيبقى القارئ المدقّق حيران؛ فما منهج هذا التحقيق؟ وبأي منهج يحقق ويثبت كون المكان الوارد في السيرة هو المكان الذي يحدده المؤلف؟ وما المصادر التي يعتمد عليها في تحديد المكان؟ فقد عُني علماء السيرة بتحديد المعالم المكانية للسيرة النبوية، وألفوا في ذلك المؤلفات، وغدا شقًّا من علم السيرة معروفًا، فمن العلماء الذين اعتمد عليهم المؤلف في تحديد المكان بأنه هو الوارد في مصادر السيرة وهو المقصود؟ ولم أهتد إلى شيء من منهج هذا التحقيق والدراسة المتقنة التي ذكرها المؤلف، هذا أكبر إشكال في هذا الكتاب وتتفرّع عنه إشكاليات أخرى ومنها:
  • كثيرًا ما يجد القارئ منه التكثّر والتزيّد من الأماكن على حساب الدقة في تحديد المكان، ومن ذلك قوله عند تحديد موقع مرور النبي صلى الله عليه وسلم بمر الظهران: “على ما يتوقَّعه الباحث”([11])! بل وجعل يحدّد الصخرة التي نام عليها النبي صلى الله عليه وسلم بمثل هذا! ومثله في تحديده موقع الشاطئ الذي اشتد فيه الجوع بالنبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم، فأخرج الله لهم حوتًا، فأكلوا منه حتى شبعوا، حدد الموقع وقال: “حسب تقديري”([12])، ولم يذكر دليلًا يدل على أن هذا هو مكان الحادثة، فما قيمة هذا التوقع إن لم يكن عنده ما يحتج به على تحديد المكان؟ وما قيمة معرفة المكان وتحديده بالتوقعات خاصة أنه لا ينبني عليه عمل؟ فما فائدة هذا إن لم يكن فيه علم ثابت صحيح ولا عمل يقرب إلى الله؟ هذا إذا تجاوزنا وقلنا: إنه لن يحصل ما حصل لقوم نوح من التعلق بالأماكن والأشخاص وعبادتهم من دون الله بعد اندراس العلم وتقادم الزمان ومرور الأجيال.
  • يلاحظ القارئ أن المؤلف يحدّد كثيرا من المواقع على الطرق الحديثة المعبّدة اليوم([13])، فلِم يكون التحديد على مكان الطريق؟! ثم هل روعي هذا الأمر عند تعبيد الطرق حتى تحدد المعالم لاحقا عليها؟! فهذا من الإشكالات المهمة في تحديد الأماكن.
  • الأخذ عن سكان المناطق الموجودين في عصر المؤلف والاعتماد عليهم في تحديد المكان والاعتماد على أقوالهم دون ذكر أي دليل على ذلك([14])، بل نجد المؤلف يقول: “كما دلنا عليه فلان بن فلان”، أو “كما يروي أهل المنطقة”، ومثل هذا لا محلَّ له في الأوساط العلمية إن لم يكن ثمة أدلة حقيقية تثبت ارتباط ذلك المكان بحدث من أحداث السيرة النبوية، فإثبات هذا الارتباط ليس بالأمر السهل، والقول بقدسية مكان أو شرفه أو بركته ليس بالأمر السهل، وإلا انجرفنا إلى مروّجي الخرافة وبائعي الوهم، وأصبحنا نحن وهم سيان في سير واحد.
  • ذكر المؤلف أماكن يزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بها أو نزل، وهي وردت في مصادر ضعيفة لا يعتدّ بها المتخصّصون في السيرة أنفسهم، مثل دعوى أنه نزل بسوق حباشة في منطقة بارق([15])، وأنه نزل في سوق جرش بمنطقة أحد رفيدة([16])، وتحديد محل خيمة أم معبد([17])، ومثله تحديد طريق هجرة النبي صلى الله عليه وسلم بالتحديد على الخريطة الحديثة، ولا شك أن دعوى ارتباط مكان من الأماكن بأحداث السيرة النبوية ليس بهذه السهولة بحيث يعتدّ بكل ما كتبه كاتب في كتاب ولو كان من أضعف ما يكون، بل يشعر القارئ من المؤلف هنا رغبة في التزيد من الأماكن على حساب الدقة في التحديد واتباع المنهج العلميّ والابتعاد عن سبل الوضع والذي منتهاه الكذب والخرافة.
  • ربط بعض الفضائل والأعمال ببعض الأماكن دون إيراد ما يدل على ذلك؛ كإثبات كون بعض الأماكن يستجاب الدعوة فيها، مثل دعوى أنّ الأبطح محلّ لإجابة الدعاء([18]).
  • لم يلتزم المؤلف بالخط الزمني ولا بمعالم أحداث السيرة النبوية؛ فمثلًا: بدأ المبحث الأول بالكلام على وادي نعمان على القول بأنه موضع إشهاد بني آدم، ولم يذكر دليلا على ذلك ولم يرجح([19])، ثم استطرد وتكلّم عن عين زبيدة، ولا علاقة لها بالسيرة النبوية، ثم تكلم عن وادي إبراهيم، ثم معالم المسجد الحرام، واستطرد فيه وفصَّل؛ مما يوحي للقارئ بأن الكتاب في بيان معالم الحرم أو مواقف الحج أو غيره، وتكثر مثل هذه الاستطرادات ميلًا إلى الولع بتحديد الأماكن.
  • لم يصرح المؤلف بمنهجه في اختصار السيرة النبوية، فهل كان منهجه الاقتصار على ما ثبت وصح من السيرة النبوية ثم تحديد أماكن ومواضع تلك الأحداث الصحيحة، أم منهجه هو جمع كل ما عَرف له مكانًا وأمكن الوقوف عليه وتصويره من المعالم المكانية وتزويد القارئ به ولو كان الحدث غير ثابت أصلًا، أو كان الحدث ثابتًا ولكن تحديد مكانه لا يثبت أو يعتمد على مكان مرجوح؟!
  • ذكر أن من منهجه “بيان الحكم الشرعي فيما يتعلق بقصد تلك المعالم من واجب أو مستحب”، وهذا فيه خلط وإيهام للقارئ بأن زيارتها مترددة ما بين الواجب والمستحب؛ مع أنه عند تفصيل الأحكام الشرعية بيَّن أن ما لم يرتبط به أداء نسك أو سنة -وهذا حال غالب معالم السيرة- فزيارته من المباح.
  • بين أنه يسير على “الاستدلال بالأحاديث الشريفة على المعالم مع بيان من رواها من المحدثين مختصرًا”، وعلى الرغم من إعماله لهذا المنهج إلا أن الاختصار كان مخلًّا، ويعاني البحث من إشكاليات كبيرة تنمّ عن ضعف في علم الحديث، سواء في عدم التمييز بين مراتب الأحاديث والحكم عليها، ناهيك عن الاستشهاد بالأحاديث الواهية، وهو محل حديث النقطة التالية.
  • ضعف الناحية الحديثية في البحث سواء في الاستشهاد بالأحاديث أو التخريج؛ وسأكتفي هنا بإيراد نماذج، ولو أردنا الاستقصاء لطال المقام جدًّا:
  • أنه أورد الأحاديث الموضوعة والضعيفة والواهية ولم ينبه عليها، بل اكتفى بتخريجها وعزوها إلى مصادر لم تشترط أدنى مراتب الصحّة وعرف عند العلماء امتلاؤها بالموضوعات والواهيات، ومن ذلك:
  • حديث: «وقال للروحاء: هذه سجاسج واد من أودية الجنة»([20])، واقتصر المؤلّف بعزوه إلى تاريخ المدينة لابن شبة، مع أن الحديث أخرجه الطبراني في المعجم الكبير! وهذا وإن كان من أكبر الإشكالات الحديثية في الكتاب، فأطمُّ منه أنه حديث ضعيف جدًّا استنكر العلماء على الهيثمي إيراده دون أن يبيّن حاله، وأن فيه كثير بن عبد الله المزني وهو متروك؛ لأنه متّهم بالكذب([21])، فكيف والمؤلف أورده ولم يبين حتى ضعفه؟!
  • حديث: «خير تمراتكم البرني…»([22])، واكتفى بعزوه إلى المستدرك، وهو حديث موضوع كما ذكره ابن الجوزي (597هـ) رحمه الله، قال: “ليس في هذه الأحاديث كلها شيء يصح”([23]).
  • أورد حديث: «نعم المقبرة هذه»([24]) عند الكلام على مقبرة المعلاة بمكة، وهو حديث ضعيف([25])، ولم يذكر ذلك بل خرجه وعزاه للمسند والتاريخ الكبير وسكت.
  • ويزداد هذا الإشكال فظاعة إذا علمنا أنه حكم نادرًا على بعض الأحاديث بأنها ضعيفة لما يراه هو ضعيفا كقوله: “وذهب بعض الفقهاء إلى أنه لا يجوز للإنسان قطع أو قلع شجر وادي وج الطائف…”([26])، ثم ذكر في تخريجه أنه حديث ضعيف، وهذا يوهم القارئ أنه لا يورد إلا ما يراه صحيحا وينبه على الضعيف إن أورده، ولكن الواقع أنه أورد الأحاديث الضعيفة بل والموضوعة ولم ينبه على ذلك.
  • أنه يورد أحاديث في المتفق عليه ثم يعزوها إلى المسانيد والمستدركات! مثل إيراده حديث وفد عبد القيس المشهور([27]) وهو ثابت في المتفق عليه([28])، ولكن المؤلف لم يعزه إليهما، وإنما اكتفى بالعزو إلى المسند!
  • أنه يعزو الحديث إلى مسلم وهو في المتفق عليه، ولو أنه اكتفى بعزوه إلى البخاري لقلنا: اكتفى بأعلى المصادر الحديثية، ولكنه عزاه إلى مسلم دون البخاري ولم يبين أنه من المتفق عليه، وهذا فعله مع حديث حرمة المدينة([29]).
  • أنه يعزو إلى مصادر حديثية مع وجود مصادر أولى منها، وهو ينمّ عن خلط في صنعة التخريج، ومن ذلك في تخريجه حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن نفسه: «دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى…»([30]) وعزوه إلى المستدرك فقط، وهو موجود في المسند([31]).
  • أنه لا يحكم على الأحاديث الواردة فيما عدا الصحيحين، وهو حال كثير من المواضع التي وردت فيها أحاديث من غير الصحيحين، بل هو غير مطرد في هذا المنهج الخطأ أيضا، ففي النادر القليل يورد حكم حديث من أحاديث السنن، وهو قد فوت الحكم على أحاديث وردت فيما هو أقل منها مرتبة، وكان الأولى بالمؤلف بيان حكمها؛ إذ ليس كل حديث ورد في تلك المصنفات مقبولًا ويعتمد عليه.
  • الخروج عن موضوع البحث؛ ولا يحتاج القارئ إلى كثير عناء لمعرفة ذلك، ففي أول كتابه استطرد في ذكر جملة من معالم مكة مما لا علاقة له بالسيرة مثل موقع إشهاد بني آدم في نعمان وموقع عين زبيدة وغيرها.

وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) أخرجه البخاري (7280).

([2]) أخرجه البخاري (1597)، ومسلم (1270).

([3]) أخرجه البخاري (14)، ومسلم (44).

([4]) نسائم المعالم (ص: 16-17).

([5]) أخرجه البخاري (2129)، ومسلم (1360).

([6]) نسائم المعالم (ص: 16).

([7]) أخرجه البخاري (1197)، ومسلم (1397).

([8]) نسائم المعالم (ص: 18).

([9]) نسائم المعالم (ص: 21).

([10]) اقتضاء الصراط المستقيم (2/ 278).

([11]) نسائم المعالم (ص: 154).

([12]) نسائم المعالم (ص: 249).

([13]) ينظر مثلا: نسائم المعالم (ص: 146-149).

([14]) ينظر مثلا: نسائم المعالم (ص: 56، 60).

([15]) نسائم المعالم (ص: 72).

([16]) نسائم المعالم (ص: 73).

([17]) نسائم المعالم (ص: 157).

([18]) نسائم المعالم (ص: 147).

([19]) نسائم المعالم (ص: 26).

([20]) نسائم المعالم (ص: 246).

([21]) ينظر: السلسلة الضعيفة، للألباني (11/ 848).

([22]) نسائم المعالم (ص: 77).

([23]) الموضوعات، لابن الجوزي (3/ 24). وينظر: السلسلة الضعيفة (1/ 426)، السلسلة الصحيحة، للألباني (4/ 459).

([24]) نسائم المعالم (ص: 103).

([25]) ينظر: السلسلة الضعيفة (13/ 529).

([26]) نسائم المعالم (ص: 106).

([27]) نسائم المعالم (ص: 83).

([28]) أخرجه البخاري (53)، ومسلم (17).

([29]) نسائم المعالم (ص: 16).

([30]) نسائم المعالم (ص: 67).

([31]) مسند أحمد (22261).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

جديد سلف

دعوى العلمانيين أن علماء الإسلام يكفرون العباقرة والمفكرين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة عرفت الحضارة الإسلامية ازدهارًا كبيرًا في كافة الأصعدة العلمية والاجتماعية والثقافية والفكرية، ولقد كان للإسلام اللبنة الأولى لهذه الانطلاقة من خلال مبادئه التي تحثّ على العلم والمعرفة والتفكر في الكون، والعمل إلى آخر نفَسٍ للإنسان، حتى أوصى الإنسان أنَّه إذا قامت عليه الساعة وفي يده فسيلة فليغرسها. ولقد كان […]

حديث: «إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ» شبهة ونقاش

من أكثر الإشكالات التي يمكن أن تؤثِّرَ على الشباب وتفكيرهم: الشبهات المتعلِّقة بالغيب والقدر، فهما بابان مهمّان يحرص أعداء الدين على الدخول منهما إلى قلوب المسلمين وعقولهم لزرع الشبهات التي كثيرًا ما تصادف هوى في النفس، فيتبعها فئام من المسلمين. وفي هذا المقال عرضٌ ونقاشٌ لشبهة واردة على حديثٍ من أحاديث النبي صلى الله عليه […]

آثار الحداثة على العقيدة والأخلاق

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الفكر الحداثي مذهبٌ غربيّ معاصر دخيل على الإسلام، والحداثة تعني: (محاولة الإنسان المعاصر رفض النَّمطِ الحضاري القائم، والنظامِ المعرفي الموروث، واستبدال نمطٍ جديد مُعَلْمَن تصوغه حصيلةٌ من المذاهب والفلسفات الأوروبية المادية الحديثة به على كافة الأصعدة؛ الفنية والأدبية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والفكرية…)([1]). ومما جاء أيضا في تعريفه: (محاولة […]

الإيمان بالغيب عاصم من وحل المادية (أهمية الإيمان بالغيب في العصر المادي)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: يعيش إنسان اليوم بين أحد رجلين: رجل تغمره الطمأنينة واليقين، ورجل ترهقه الحيرة والقلق والشكّ؛ نعم هذا هو الحال، ولا يكاد يخرج عن هذا أحد؛ فالأول هو الذي آمن بالغيب وآمن بالله ربا؛ فعرف الحقائق الوجوديّة الكبرى، وأدرك من أين جاء؟ ومن أوجده؟ ولماذا؟ وإلى أين المنتهى؟ بينما […]

مناقشة دعوى الإجماع على منع الخروج عن المذاهب الأربعة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من بعث رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فإن طريقة التعامل مع اختلاف أهل العلم بَيَّنَها الله تعالى بقوله: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ ‌أَطِيعُواْ ‌ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ […]

بدعية المولد .. بين الصوفية والوهابية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدّمة: من الأمور المقرَّرة في دين الإسلام أن العبادات مبناها على الشرع والاتباع، لا على الهوى والابتداع، فإنَّ الإسلام مبني على أصلين: أحدهما: أن نعبد الله وحده لا شريك له، والثاني أن نعبده بما شرعه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، فالأصل في العبادات المنع والتوقيف. عَنْ عَلِيٍّ […]

الخرافات وأبواب الابتداع 

[ليس معقولاً، لا نقلاً، ولا عقلاً، إطلاق لفظ «السُّنَّة» على كل شيء لم يذكر فيه نص صريح من القرآن أو السنة، أو سار عليه إجماع الأمة كلها، في مشارق الأرض ومغاربها]. ومصيبة كبرى أن تستمر التهم المعلبة،كوهابي ، وأحد النابتة ، وضال، ومنحرف، ومبتدع وما هو أشنع من ذلك، على كل من ينادي بالتزام سنة […]

ترجمة الشَّيخ د. علي ناصر فقيهي

‏‏للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة ترجمة الشَّيخ د. علي ناصر فقيهي([1]) اسمه ونسبه: هو الشَّيخ الأستاذ الدكتور علي بن محمد بن ناصر آل حامض الفقيهي. مولده: كان مسقط رأسه في جنوب المملكة العربية السعودية، وتحديدا بقرية المنجارة التابعة لمحافظة أحد المسارحة، إحدى محافظات منطقة جيزان، عام 1354هـ. نشأته العلمية: نشأ الشيخ في مدينة جيزان […]

مناقشة دعوَى أنّ مشركِي العرب جحدوا الربوبية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: اعتَمَد بعضُ الأشاعرةِ في العصور الحديثةِ على مخالفة البدهيات الشرعية، وتوصَّلوا إلى نتائج لم يقل بها سلفُهم من علماء الأشعرية؛ وذلك لأنهم لما نظروا في أدلة ابن تيمية ومنطلقاته الفكرية وعرفوا قوتها وصلابتها، وأن طرد هذه الأصول والتزامَها تهدم ما لديهم من بدعٍ، لم يكن هناك بُدّ من […]

حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية في الإسلام

  إنَّ حريةَ الاعتقاد في الإسلام تميَّزت بتفاصيل كثيرة واضحة، وهي تعني أن كلَّ شخص حرّ في اختيار ما يؤمن به وما يدين به، ولا يجب على أحدٍ أن يُكرهَه على اعتقاده، كما تعني الاحترامَ لحرية الآخرين في اختياراتهم الدينية والمعتقدات الشخصية. موقفُ الإسلام من الحرية الدينية: الأصلُ عدمُ الإجبار على الإسلام، ولا يُكره أحد […]

دفع إشكال في مذهب الحنابلة في مسألة حَلِّ السِّحر بالسحر

  في هذا العصر -عصر التقدم المادي- تزداد ظاهرة السحر نفوذًا وانتشارًا، فأكثر شعوب العالم تقدّمًا مادّيًّا -كأمريكا وفرنسا وألمانيا- تجري فيها طقوس السحر على نطاق واسع وبطرق متنوعة، بل إن السحر قد واكب هذا التطور المادي، فأقيمت الجمعيات والمعاهد لتعليم السحر سواء عن طريق الانتظام أو الانتساب، كما نظمت المؤتمرات والندوات في هذا المجال. […]

الفكر الغنوصي في “إحياء علوم الدين” لأبي حامد الغزالي وموقف فقهاء ومتصوفة الغرب الإسلامي منه

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة بسم الله الرحمن الرحيم لا تخفى المكانة التي حظي بها كتاب إحياء علوم الدين عند المتصوفة في المغرب والأندلس، فكتب التراجم والمناقب المتصوفة المغربية المشهورة، شاهدة على حضور معرفي مؤثر ظاهر لهذا الكتاب في تشكيل العقل المتصوف وتوجيه ممارسته، وأول ما يثير الانتباه فيه، هو التأكيد على الأثر المشرقي […]

لماذا أحرق أبو بكر وعمر الأحاديث؟

تمهيد: يلتفُّ بعض فرق المبتدعة حول الحداثيين والعلمانيين، ويلتفُّ العلمانيون ومن نحى نحوهم حول هذه الفرق، ويتقاطع معهم منكرو السنَّة ليجتمعوا كلّهم ضدَّ منهج أهل السنة والجماعة في تثبيت حجية السنة والأخذ بها والعمل بها والذبِّ عنها. وبالرغم من أنّ دوافع هذه الفرق والطوائف قد تختلف، إلا أنها تأخذ من بعضها البعض حتى يطعنوا في […]

هل كان ابن فيروز وغيره أعلم من ابن عبد الوهاب بمنهج ابن تيمية؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة يعتمد المخالفون على أن مناوئي الدعوة -من الحنابلة- كانوا معظِّمين لابن تيمية وابن القيم، بل وينتسبون إليهم أيضًا؛ كابن فيروز وابن داود وابن جرجيس، ويعتبرون ذلك دليلًا كافيًا على كونهم على مذهب ابن تيمية، وعلى كون الشيخ محمد بن عبد الوهاب بعيدًا عن منهج الشيخين ابن تيمية وابن القيم. […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017