السبت - 18 شوّال 1445 هـ - 27 ابريل 2024 م

عرض ونقد لكتاب:(الرؤية الوهابية للتوحيد وأقسامه.. عرض ونقد)

A A

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة

 

 

البيانات الفنية للكتاب:

اسم الكتاب: الرؤية الوهابية للتوحيد وأقسامه.. عرض ونقد، وبيان آثارها على المستوى العلمي والعملي مع موقف كبار العلماء الذين عاصروا نشوء الوهابية وشهدوا أفعالهم.

أعدَّه: عثمان مصطفى النابلسي.

الناشر: دار النور المبين للنشر والتوزيع – عمَّان، الأردن.

الطبعة: الأولى، 2017م.

العرض الإجمالي للكتاب:

هذا الكتاب الواقع في أكثر من خمس مئة صفحة يدرس موضوع التوحيد وأقسامه عند أئمة الدعوة، وهو مرتكز على بيان خطأ الوهابية([1]) -حسب تسميته- في توحيد الألوهية، وذلك حين اعتقدوا أن صرف شيء من الأفعال لغير الله شرك، بينما يرى هو أن الألوهية لا تنفك عن الربوبية، فالفعل لا يسمى عبادة إلا باعتقاد الربوبية في من صُرف له هذا العمل، وبِنيَّة التعبد. وبناء عليه فالذبح لغير الله والنذر لغير الله ودعاءُ غيرِ الله وغيرُ ذلك من الأفعال التي تصرف للقبور والأولياء وغيرهم لا تعدّ -بزعمه- شركًا؛ لأنها ليست عبادات بناء على تعريفه، وهذه الأفعال لا تكون شركًا إلا إذا اعتقد الصارف لهذه الأفعال الربوبية فيمن صرف له.

هذه المسألة هي أهم مسألة في الكتاب، وهي التي أخذت حيزا كبيرًا في العرض والمناقشة.

وقد بدأ كتابه ببابه الأول في بيان توحيد الربوبية، عرض فيه في فصله الأول تعريف الربوبية وحقيقة الإيمان بها، والعلاقة بين توحيد الربوبية وبين العبادة.

وخلاصة رأيه: أنَّ الإله هو المعبود الذي استحق الربوبية، وعليه فإن المشركين لم يعبدوا أصنامهم إلا لاعتقاد الربوبية فيها، والدليل على ذلك أنهم سموها آلهة؛ فكان صرف خصائص الربوبية للأصنام هو مناط تكفير الله سبحانه وتعالى لهم، فلم يكن كفرهم لمجرد صرفهم الذبح والنذر للأصنام، وإنما لاعتقادهم النفع والضر وخصائص الربوبية في هذه الأصنام.

وفي بيان أن المشركين لم يعتقدوا الربوبية بل أشركوا فيها عقد فصلًا ثانيا بين فيه اعتقادات الأمم في معبوداتهم قبل الإسلام، فعرض لبيان معتقدات الهندوس واليونان والصينين وغيرهم، وخلص إلى أنهم كلهم أشركوا في الربوبية.

ثم عقد فصلا ثالثًا في مخاصمة الأنبياء أقوامهم في الربوبية ودعوتهم إليها.

وختم الباب الأول بمناقشة أدلة المخالفين في ذهابهم إلى إيمان المشركين بالربوبية إيمانا تامًّا.

أمَّا الباب الثاني -وهو الذي أخذ النصيب الأكبر من الكتاب- فهو في: توحيد الألوهية، بدأه بالفصل الأول: حقيقة العبادة، عرَّف فيه العبادة وناقش تعريفات المخالفين له وهم أئمة الدعوة.

ثمَّ عقد الفصل الثاني في بيان أفعال يُتوهم أنها عبادة في كل حال، ذكر فيه أفعالًا كثيرة في أربعة عشر مطلبًا سيأتي الكلام عنها.

أمَّا الباب الثالث ففي توحيد الأسماء والصفات، وأكثر مسألة حضرت في هذا الباب هي: مسألة التجسيم.

والباب الرابع الذي ختم به الكتاب جعله في: نتائج الفهم الخاطئ للتوحيد، وهذا الباب مليء بالأغلوطات والأخطاء العلميَّة، وقد عقده لبيان تكفير الوهابيَّة لغيرهم وإراقتهم للدماء واستحلالهم لها وقتالهم للدولة العثمانية.

وختم كتابه ببيان مواقف كبار العلماء الذين عاصروا نشوء الوهابية وشهدوا أفعالهم.

العرض التفصيلي للكتاب:

بدأ المؤلف الكتاب ببيان مصطلحين يطلقان على أئمة الدعوة وأتباعها:

أوّلهما: مصطلح “الوهابية”، فبين أنَّه مصطلح وافق عليه أئمة الدعوة، فذكر قول الشيخ محمد بن عبد اللطيف: “وصار بعض الناس يسمع بنا معاشر الوهابية، ولا يعرف حقيقة ما نحن عليه”([2])، وقد أورد هذا حتى يردّ على من يرى أن مصطلح الوهابية مصطلح جاء للتشنيع. وعلى كل حال فالمسألة ليست ذات بال إذا عرفنا أن أئمة الدعوة أنفسهم استخدموه، وذلك بعد أن شاع وعرفت الدعوة به، ولا يمنع هذا من أن يكون أول من أطلقه إنما أطلقه للتشنيع، وهو المعروف حتى اليوم، فالاستخدام العام لمصطلح “الوهابية” هو استخدام ذات دلالات سلبية، ولا يورد هذا المصطلح إلا للتشنيع.

فنحن أمام أمرين:

  • الأمر الأول: أن المصطلح في ذاته ليس فيه شيء، فهو نسبة إلى عبد الوهاب والد الإمام محمد، وهذا معهود في النسبة، كالحنبلي والشافعي وغير ذلك، ومن هذا الباب استخدمه بعض أئمة الدعوة.
  • أما الأمر الثاني فهو المعهود الشائع من استخدام هذه الكلمة، وهو الاستخدام في التشنيع.

والأمر سهل؛ إذ العبرة بالأفكار والمضامين، والاسم لا يحمل معنى سلبيّا سيّئًا في ذاته، وقد أشار الكاتب إلى فتوى للشيخ ابن باز رحمه الله فيها: أن هذا اللقب مشهور ويقصد به دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، بل هو لقب شريف وليس بمستنكر([3]).

ثانيهما: تسمية الدَّعوة وأئمتها بالحركة النَّجدية، أو النجديين، أو الدَّعوة النجدية، وبين المؤلّف أنه اسم لم يعارضه أحد من الوهابية.

وختم بذكر تسمية الدَّعوة وأئمَّتها بالخوارج، وبين أن هذا من المخالفين، لكنه اسم صادق لكون الأحاديث الواقعة في الخوارج صادقة عليهم، منها: أنهم خرجوا من الشرق، ومنها أن سيماهم التحليق، وأنهم خرجوا آخر الزمان، وعلى حين فرقة من المسلمين، فيرى الكاتب أن صفات الخوارج تنطبق على الدعوة وأئمتها. وهذا غير صحيح، فبعضها غير منطبقة بالكلية إذ إنها عامة، مثل خروجهم آخر الزمان، وحين فرقة من المسلمين، كما أن التحليق ليست هي الخصيصة التي يختص بها الخوارج. فالذي يفعله المؤلف وغيره هو إبداء مجرد التشابه في بعض العلامات، وهذا ليس خاصًّا بأئمة الدعوة، بل كل الناس فيهم من يحلق، وكثير منهم من شرق المدينة، وغير ذلك من العلامات غير المميزة، ومن يريد نسبة فرقة ما إلى الخوارج أو إلى أي طائفة فإنه يجب عليه أن يبين وجود الوصف المميز للخوارج في الفرقة الأخرى، فالمعيار هو وجود هذا الوصف المميز للخوارج عن غيرها من الفرق، ومن خلال مجموع مواقف الخوارج يمكنُ استنباط الوصف المميِّز لهم، وهما وصفان:

1- أنَّهم يكفِّرون بما ليس بمكفِّر.

2- أنَّهم يبنون على هذا التكفير استباحة دماء المسلمين، وقد أشار إلى هذين الوصفين ابن تيمية رحمه الله فقال: “فأصل قول الخوارج أنَّهم يكفّرون بالذنب، ويعتقدون ذنبًا ما ليس بذنب، ويرون اتباع الكتاب دون السنة التي تخالف ظاهر الكتاب وإن كانت متواترة، ويكفّرون من خالفهم ويستحلّون منه لارتداده عندهم ما لا يستحلونه من الكافر الأصلي كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فيهم: «يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان»([4])؛ ولهذا كفَّروا عثمان وعليا وشيعتهما، وكفروا أهل صفين -الطائفتين- في نحو ذلك من المقالات الخبيثة”([5]). فالمشكلة ليست فقط في التكفير بالكبائر، وإنما في التكفير بالذنب، وفي جعل ما ليس بذنب ذنبًا.

وفي نصٍّ أوضح من هذا يقول ابن تيمية رحمه الله: “إنهم يكفرون بالذنوب والسيئات، ويترتب على تكفيرهم بالذنوب استحلال دماء المسلمين وأموالهم، وأن دار الإسلام دار حرب، ودارهم هي دار الإيمان”([6]). فإن كان هذا هو الوصف المميز فلا يصح لنا حين البحث عن نسبة فرقة إلى أخرى أن نغفل عن هذا الوصف وهو ما لم يبحث فيه المؤلف.

ثم ذكر في مقدمته خلاصة ما يريد عرضه في الكتاب، فبين أنَّ الوهابية قسّمت التوحيد إلى ربوبية وألوهية وأسماء وصفات، ورأت أن توحيد الربوبية والاعتناء به لا طائل منه، وأن “كتب العقائد التي تبحث في تمييز ما يجب وما يستحيل وما يجوز في حق الله تعالى ذاتا وصفات وأفعالا إنما هو بحث في أمر أقرَّ به المشركون ولم يدخلهم في الإسلام”([7]).

وهذا تصوّر خاطئ لكلام أئمة الدعوة، فإنهم لم يقولوا: إن البحث في ربوبية الله وأسمائه وصفاته غير مجدٍ، كما أنهم لم يقولوا: إن كل المشركين أقروا بكل معاني الربوبية؛ فضلا عن أن يقولوا: إنهم أقروا بالأسماء والصفات.

والقضية الأهم أنه توصل إلى أنَّ الخطأ في تقسيم التوحيد هو الذي جعل الوهابية تكفر عموم المسلمين، بل قامت الحركات التكفيرية المعاصرة على هذا الفكر، يقول: “وما نراه من حركات تكفيرية في الصومال وإفريقيا والعراق وبلاد الشام والمغرب العربي وسائر البلدان ما هو إلا ثمرة الفهم الخاطئ للتوحيد”([8])، ويقول: “وقد عانى العالم الإسلامي في الماضي من الفهم الخاطئ للتوحيد من قبل الوهابية أشدّ المعاناة، حيث قام الوهابية بتكفير معظم المسلمين في مختلف البقاع، وقاموا بقتال من استطاعوا منهم، واستباحة دمائهم وأموالهم وأعراضهم”([9]). فهو يرى باختصار أن تقسيم التوحيد والاعتناء بتوحيد الألوهية هو الذي فرق المسلمين وجعل الوهابية تكفّر عمومهم، وهذا هو خلاصة الكتاب.

الباب الأول: توحيد الربوبية:

تضمن هذا الباب أربعة فصول، نوردها باختصار:

الفصل الأول: في الكلام على الربوبية، وقد تكلم في هذا الفصل عن توحيد الربوبية في ثلاثة مباحث، وهي:

المبحث الأول: حقيقة الإيمان بالربوبية: بدأ هذا المبحث ببيان توحيد الربوبية، فذكر أنه يجب اعتقاد أنَّ الله واجب الوجود لذاته، وأنه صاحب الكمال المطلق، وأنَّه منزه عن كل شوائب النقص، إلى غير ذلك من المعاني دون المعنى الذي اعتاد أهل السنة ذكره وهو: إفراد الله بالخلق والملك والتدبير، وعلى كل فالمصطلحات أمرها سهل إذا اتفق الجميع في المعنى.

المبحث الثاني: منهج القرآن في الدعوة إلى التوحيد: ذكر فيه أهمَّ أمرٍ يتعلق بتوحيد الربوبية والشرك وهو: أنَّ صرف شيء من الأفعال لغير الله ليس بشرك إلا باعتقاد الربوبية، ودليله في ذلك أنَّ الأنبياء بيَّنوا الربوبية لأقوامهم، وربطوا عبادة الله بكونه ربًّا يستحق أن يعبد، كما بين أن المشركين إنما كان شركهم من أجل صرفهم خصائص الله لغير الله، فهو مناط الشرك، والكتاب معظمه مبنيٌّ على هذه المقدمة، يقول: “وضَّح القرآن الكريم أنَّ الأنبياء أثبتوا لأقوامهم تفرد الله تعالى بخصائص الربوبيَّة وأفعالها من القدرة التامة والتدبير الكامل والرزق والخلق والنفع والضر وغيرها، ثم بينوا لهم أنَّه لا يصح صرف شيءٍ من العبادة إلا لمن اتَّصف بهذه الصفات الكاملة، وأنَّ صرف العبادة لغيره تعالى ظلمٌ كبير ووضع للشيء في غير مكانه، وأثبتوا للمشركين بالدلائل الواضحة أنَّ معبوداتهم من دون الله لا تتصف بأيٍّ من هذه الصفات، فلا يجوز أن تعبد وتقصد، إلا أنَّ المشركين لما كانوا يعتقدون بوجود كثير من خصائص الربوبية في معبوداتهم عكفوا على عبادتها وقصدوها، وليس الأمر كما يرى المخالفون من أنَّ المشركين لم يعتقدوا في معبوداتهم ذلك، وأنَّهم كانوا نافين عن أصنامهم خصائص الربوبية ومفردين الله تعالى بها”([10]). وهذه نقطة مهمة -وهي أن المشركين إنما أشركوا لأنهم صرفوا خصائص الله إلى الأصنام واعتقدوا فيها النفع والضر- ستأتي مناقشتها عند ذكر توحيد الألوهية في الباب الثاني.

ثمَّ ذكر آيات كلُّها تدل على أنَّ الشريعة طلبت عبادة الله وحده؛ لأنه متفرد بخصائص الربوبية، وهذا لا يخالف فيه أئمة الدعوة، بل يرون أن الله سبحانه وتعالى يستدلّ بالربوبية على الألوهية، ويقررون ذلك في كتبهم، ولا يصحّ أن نبني عليه أن الشرك لا يمكن أن يقع إلا باعتقاد الربوبية.

في المبحث الثالث ذكر المؤلف: العلاقة بين توحيد الربوبية وبين العبادة.

في هذا المبحث ذكر المؤلف معنى الرب والإله في اللغة، ناقلًا عن المعاجم ما ذَكَرَته في الكلمتين، وقد توصّل إلى النتيجة التي ذكرها في الكتاب كله وهي: وجوب اعتقاد الربوبية فيمن يُصرف له شيء من الأفعال حتى يكون شركًا؛ ولذا قال بعد أن أورد هذه النصوص: “ولا نغفل وجود تلازم بينهما [أي: بين الرب والإله] فإن الإله المعبود لا يصحّ أن يعبد إلا لوجود شيء من صفات الرب التي تميزه عن غيره من الموجودات”([11])، وهذا صحيح من جهة أن الإله الحقّ يُعبد لاختصاصه بصفات الربوبية، لكن هو يريد من هذا أن يصل إلى أنه ما دام الإنسان لا يعتقد الربوبية فيمن صرف له شيئًا من العبادات فإنه لا يشرك.

والصحيح أنه لا تلازم بين الأمرين، فإن الإله الحق يستحق العبادة لأجل ربوبيته، ولا ترابط بين هذا وبين أن يصرف الإنسان شيئًا من العبادة لغير الإله الحق مع عدم اعتقاد الربوبية فيه، وهذا مثل أن يقال: يستحق الطالب التكريم لأجل اجتهاده، فلو أن أحدا كرَّم طالبًا دون أن يعتقد أنه مجتهد فإنه يكون قد أخطأ في هذا التكريم، لكن لا يعني أن فعله لا يسمّى تكريمًا. فصرف العبادة لغير الله هو الخطأ؛ لأنه صرفها لغير من يستحقها، ولا يعني هذا أن هذا الفعل لا يسمَّى عبادة.

وسيأتي مزيد بيانٍ لعدم اشتراط اعتقاد الربوبية في الشرك.

أما الفصل الثاني فقد كان عنوانه: اعتقادات الأمم في معبوداتهم قبل الإسلام.

ذكر المؤلف في هذا الفصل اعتقادات المصريين القدماء والهنود واليونان والصينيين والرومان وأهل الكتاب والمجوس والصابئة، ويريد أن يصل بهذا إلى أن الأمم كان عندها شرك في الربوبية، فقد كان هؤلاء يعتقدون في معبوداتهم الربوبية والنفع والضر وإنزال المطر وغير ذلك.

وهذا هو مراده أيضًا من الفصل الثالث الذي كان عنوانه: مخاصمة الأنبياء أقوامَهم في الربوبية ودعوتهم إليها.

وما ذكره لا خلاف فيه بينه وبين أئمة الدعوة، فإنهم لم يقولوا: إن الأمم السابقة لم تعتقد في أصنامها النفع والضر قطّ، لكنه يريد تخطئة ما نقله عن ابن باز رحمه الله وهو قوله: “أما كونه سبحانه ربَّ الجميع وخالق الخلق ورازقهم، وأنه كامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، وأنه لا شبيه له، ولا ند له، ولا مثيل له، فهذا لم يقع فيه الخلاف بين الرسل والأمم، بل جميع المشركين من قريش وغيرهم مقرون به، وما وقع من إنكار فرعون وادعائه الربوبية فمكابرة”([12]).

فالمؤلف يقول: بل أشركوا في الربوبية، واعتقدوا في بعض أصنامهم النفع والضر، وهذا سوء فهم لكلام الأئمة، فإن ابن باز رحمه الله في هذا النص لم يقل: إنهم لم يشركوا في الربوبية، ولكن كلامه في معرض بيان وجود الله وكونه خالقًا، واعتراف الأمم بذلك، فالأمم اعترفت بوجود هذا الإله الخالق، ثم هل أشركوا معه غيره أم لم يشركوا؟ فهو موضوع منفصل عن هذه القضية، فما يريد ابن باز رحمه الله إثباته هو أن الأمم كانت تعترف بوجود الله، وأنه خالق رازق، فلا يصح للمؤلف أن يبني عليه أن ابن باز يرى أنهم لم يشركوا في الربوبية بإطلاق؛ ولذا كان من ضمن ما نقله هو عن عقائد القوم ما يدل على أنهم اعتقدوا وجود الإله، وعبدوا غيره لاعتقاده أن الإله قد حلّ فيه، فهم إذن يعترفون بوجود إله خالق رازق، وسياق كلام ابن باز رحمه الله وغيره في هذا الجانب، لا في ذكر أن الأمم لم تشرك في الربوبية قط.

الفصل الرابع: مناقشة أدلة المخالفين في ذهابهم إلى إيمان المشركين بالربوبية إيمانا تامّا:

في هذا الفصل ذكر المؤلف أنه يشترط أن يقبل الإنسان أوامر الله حتى يقال له: مؤمن أو موحد، وفي الحقيقة هذا خارج عن محل النزاع، وهو مبني على سوء فهم منه، فمن أقر بالربوبية من المشركين من جهة الخلق والرزق والتدبير لا يلزم منه عدم إشراكهم في الربوبية، ولم يقل أئمة الدعوة: إن المشركين كلهم لم يشركوا في الربوبية، ففرق بين أنهم أقروا بربوبية الله ولو أشركوا معه غيره وإن عدّوه أقل من الله، وبين أن يوحدوا الله، وفرق بين الاستدلال بفعل كل المشركين والاستدلال بفعل بعضهم، فما يقوله أئمة الدعوة يكفي فيه الإثبات الجزئي بأن يوجد من المشركين من أقر بالربوبية ومع ذلك عبد الأصنام دون أن يعتقد فيها النفع والضر، وهذا سيأتي بيان وجوده وذكره في القرآن، فالمشركون ليسوا على صنفٍ واحد، وخطأ المؤلف في جعلهم كلهم أشركوا في الربوبية فأقروا بالنفع والضر لأصنامهم وبالتصرف في الكون وغير ذلك من خصائص الربوبية، وهو ما لم يستدل عليه سوى أنهم سموا أصنامهم آلهة! ومحل النزاع هو: أنَّ الله قد علق الشرك بمجرد صرف الأعمال لغير الله ممن لا يعتقدون فيهم النفع والضر، وهذا وارد في عدة مواطن في القرآن الكريم، فوجود مشركين لم يعتقدوا النفع والضر ولم يصرفوا خصائص الربوبية لغير الله لكنهم اتخذوهم شفعاء وعبدوهم لأجل ذلك كاف في التفريق بين الربوبية والألوهية، وكاف في إبطال الكلية العامة التي يأتون بها، وهي: كل المشركين كان شركهم في باب الربوبية، فخطؤهم في التعميم وعدم إيراد الصورة الأخرى، وهي: وجود مشركين لم يصرفوا خصائص الله لغيره؛ ولذا في هذا المبحث يذكر المؤلف أنه لا يصح الاستدلال بمثل قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (61) اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (62) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} [العنكبوت: 61-63] فقال: “ذلك لأن المشركين أنكروا البعث والنشور”. وهذا تعميم غير مقبول، فليس كل المشركين قد أنكروه، وكان واجبًا أن يبين أن هذا فعل بعض المشركين، وأنَّ الكفر قد وقع منهم لأمور عدّة، منها: صرفهم العبادة لغير الله، وإنكارهم للبعث، لا أنه وقع الكفر لهذه الأمور مجتمعة؛ فلا تلازم بين هذه المعتقدات، ولأجل خطئه هذا -وهو تعميمه- كان كلامه المبني عليه في المباحث التالية خطأً، فقد ذكر مبحثًا في أنَّ الإمام الطبري بين اعتقادَ المشركين عجزَ الله وجحودهم قدرتَه، وهذا مما لا خلاف فيه بين أئمة الدعوة وبينه، فكلامه في نفسه ليس خطأ، لكنه اعتمد على هذا الكلام ليقول: إن اعتقاد جميع المشركين هو: اعتقاد الربوبية في غير الله وإثبات عجز الله وجحود قدرته، لكن هل كل المشركين كذلك؟! وهل معيار شرك كفار قريش بالخصوص هو وحده اعتقاد عجز الله أو جحد قدرته، أم أنهم وقعوا في عدد من الكفريات، منها هذه ومنها غيره وهو شرك العبادة؟! وعلى هذا يستمر في مباحثه، فذكر في المبحث الثالث أن المشركين حتى لو أقروا بأن الله هو الخالق الرازق لكن نسبوا النفع والضر للأصنام فقد أشركوا، وهذا واقع في نفس الخطأ السابق.

ولذلك لم يستطع المؤلف الرد على آية واحدة يستدل بها أئمة الدعوة، إلا بأن يقول: إنها يجب أن تؤوّل؛ لأنه قد ثبت عندنا أن المشركين قد صرفوا خصائص الربوبية لغير الله! لكن أئمة الدعوة يقولون: لِمَ التأويل أو صرف اللفظ عن ظاهره إن كان يمكن الجمع، وذلك ببيان أن من المشركين من أشرك في الربوبية، ومن المشركين من اتخذ الأصنام شفعاء وصرفوا لهم العبادات، فكان هذا مناط شركهم؟! وذلك عند الكلام عن قوله تعالى: {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} [الزمر: 3]، قال فيها المؤلف: “استدل الوهابية بهذه الآية على أنَّ وظيفة الأصنام عند الجاهليين لم تكن إلا لتقرب عابديها من الله تعالى، لا أنَّهم كانوا يعتقدون فيها شيئًا من النفع والضر والعزة والذلة ونحو ذلك، وقد برهنت فيما مضى بما لا يدع مجالًا للشك على أنَّ المشركين عبدوا أصنامهم معتقدين فيها تلك الخصائص، إذًا فلماذا قصروا وظيفة الأصنام على تقريبهم من الله تعالى؟! قلت: هذا القصر إما أن يكون قصرًا حقيقيًّا أو إضافيًّا، فإذا كان هذا القصر حقيقة فلا بد من التوفيق بين النُّصوص الكثيرة التي تثبت اعتقاد المشركين النفع والضر والتصرف في أصنـامهم وبين هذه الآية التي تنقي اعتقادهم ذلك، وتقصر اعتقادهم في الأصنام على تقريبهم من الله تعالى، فوجب الفحص والتوفيق بين هذه الآيات”([13]). والتوفيق الذي يريده هو أن نعتبر أن تقربهم للأصنام هذه من أجل اعتقادهم النفع والضر ولو لم يصرح بها في الآية.

ونقول: هذا لايلزم، فإن الآية صريحة في جعل صرف شيء من الأفعال للأصنام عبادة ولم تتطرق لاعتقاد الربوبية، ولا يعني هذا أن اعتقاد الربوبية لا يعدّ مناطًا في الشرك، لكن نحن لا نحصر الشرك في اعتقاد الربوبية كما تفعلون، وإنما نبين كما بين القرآن أن له مناطات عدة، وأن المشركين كان شركهم لعدة أمور، منها صرفهم العبادات لغير الله.

الباب الثاني: توحيد الألوهية:

بين المؤلف في الفصل الأول منه: حقيقة العبادة، وهي المسألة التي فيها خلاف بين أئمة الدعوة ومخالفيهم، فذهب إلى أن العبادة بالمعنى المصدري -أي: نفس فعل التعبد- هي: الخضوع والذل الجامع لقيدين، هما:

1- اعتقاد شيءٍ من خواص الربوبية في المخضوع له. وذكر من أدلة ذلك: أن المشركين اعتقدوا النفع والضر في المعبودات، وأن معبوداتهم تعز وتذل، فذكر أدلة كثيرة فيها أنهم يعتقدون في المعبودات النفع أو الضر أو العز أو الذل أو النصرة وغير ذلك من خصائص الربوبية.

2- اعتقاد الألوهية في المخضوع له.

وأضاف قيدًا ثالثا، وهو: نية التعبد.

أمَّا ما يتعلق بمسألة صرف شيء من الأفعال لغير الله وأنه ليس بشرك ما لم يعتقد الربوبية فهو لبُّ الباب، والخلاف بين أئمة الدعوة وبينهم فيه، وقد استدل على ذلك -كما مر بيانه- بأن المشركين اعتقدوا النفع والضر والعز والذل في الأصنام، فصرفوا لها شيئًا من خصائص الربوبية، والخطأ في هذا الدليل هو التعميم، فنحن لا ننكر أن فئة من المشركين كان هذا حالهم، لكن هناك من المشركين من جعل اللهُ معيار كفرهم وشركهم هو صرف الأفعال لغير الله، ويمكن تلخيص الكلام في هذه المسألة في الآتي:

1- أن العبادة هي غاية الذل والخضوع عند كثير من علماء الإسلام([14])، وهي كل ما أمر الله به وأمر به رسوله، سواء كانت عبادة محضة أو كانت عبادة في بعض صورها، فهي في تلك الصور عبادة وصرفها لغير الله كفر، فالمؤلف وغيره يستدل بأن السجود ليس عبادة في ذاته.

2- مما يدل على عدم اشتراط اعتقاد الربوبية: تناقضهم هم، فإن المؤلف يفرق بين العبادات المحضة والعبادات المشتركة المحتملة، فيجعل الأولى شركًا ولو كانت دون اعتقاد الربوبية، وهذا منه نقضٌ لكلامهم في اشتراط الربوبية؛ إذ لا فرق، فهذه أفعال يؤديها الإنسان وقد يقول: لم أعتقد الربوبية فيه، ومع ذلك يرونه شركًا.

3- مما يدل على عدم اشتراط اعتقاد الربوبية: حال المشركين الذين بعث إليهم النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الحالة التي كان عليها كفار قريش ممن بعث إليهم النبي صلى الله عليه وسلم تبين بوضوح أن صرف العبادة لغير الله شرك بذاته دون اعتقاد الربوبية في المعبود، وتعميمهم لا يصح، فهم يذكرون صورة واحدة لا ننكرها ويعمموها على الجميع، وهذا خطأ منهجي منهم، فالله سبحانه وتعالى قد حكم بالكفر على من صرف العبادة لغير الله مع اعترافهم بأن من صرفوا له العبادة لا يضر ولا ينفع، فقد حكى الله سبحانه وتعالى عن قوم إبراهيم أنهم يعلمون أن أصنامهم لا تضر ولا تنفع في الحوار الذي وقع مع إبراهيم عليه السلام، يقول تعالى حاكيًا حوارهم: {قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ (71) قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (72) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (73) قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} [الشعراء: 71-74]، فهذا إقرارٌ منهم بأنها لا تضر ولا تنفع، يقول الطبري رحمه الله: “وفي الكلام متروك استغني بدلالة ما ذكر عما ترك، وذلك جوابهم إبراهيم عن مسألته إياهم: {هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (72) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ}، فكان جوابهم إياه: لا ما يسمعوننا إذا دعوناهم، ولا ينفعوننا ولا يضرون، يدل على أنهم بذلك أجابوه قولهم: {بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ}، وذلك أن (بل) رجوع عن مجحود، كقول القائل: ما كان كذا بل كذا وكذا، ومعنى قولهم: {وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ}: وجدنا من قبلنا من آبائنا يعبدونها ويعكفون عليها لخدمتها وعبادتها، فنحن نفعل ذلك اقتداء بهم، واتباعا لمنهاجهم”([15]).

4- حكمت الشريعة بالشرك على من اتبع مشرّعًا من دون الله مع اعتقاد أنه لا يملك حقّ التشريع، فهو لم يضف إليه حقّا خالصا لله، لكنه اتبعه فيما قاله دون الرجوع إلى شرع الله، فقد قال الله تعالى عن مشركي أهل الكتاب: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة: 31]، واتخاذُهم أربابا معناه أخذهم بتشريعاتهم دون الرجوع إلى تشريعات الله سبحانه وتعالى، مع عدم ادعائهم استقلالية الرهبان والأحبار عن الله في التشريع.

فهذا لبُّ المسألة، وهو الذي بنى عليه كتابه، وخطؤه كما بينت في تعميم صورة واحدة على كلّ المشركين، وادعاء أنه لا يوجد شرك إلا باعتقاد الربوبية.

في المبحث الثالث ناقش تعريفات الوهابية للعبادة، وقد وقع في نفس الخطأ، وهو تصور أن أئمة الدعوة يقصرون للشرك على أمرٍ واحد، وهو صرف أيِّ فعل هو عبادة في ذاته لغير الله، وأنهم لا يشترطون الاعتقاد أو النية البتة، وهذا غير صحيح، فخطؤه من جهة تصوره لمذهب أئمة الدعوة، فإنَّهم يرون أنَّ الشرك يكون بالاعتقاد كما يكون بالأفعال، ويرون أن صرف بعض الأفعال شرك بمجرده، ويشترط التعبد أو التَّقرب في أفعال أخرى.

ثمَّ ذكر الفصل الثاني في أفعالٍ يُتوهم أنها عبادة في كل حال، وفي هذا الفصل يتوهم المؤلف أنَّ أئمة الدعوة تخالفه فيه من كل جهة، وهو ليس كذلك، بل هم يصرحون -أو كثير منهم- بأن هناك أفعالا محتملة لا تكون شركًا بمجرد صرفها لغير الله، ويراعى فيها الحال ومن يصرف له بكونه موطن شرك أو لا، وحال الصارف ونيته وغير ذلك. ويستدل المؤلف ببعض الأقوال التي ليست في محل النزاع، وهذا خطأ منهجيّ منه، مثل قوله: “لكن الوهابية يرون أن السجود لمخلوق سواء كان سجود عبادة أو سجود تكريم وتحية إنما هو شرك أكبر، فمن سجد سجود تحية لسلطان أو للنبي صلى الله عليه وسلم عند قبره فقد أشرك، قال ابن عثيمين: ومن ذهب إلى قبر فسجد لصاحب القبر فهو مشرك سجد لغير الله والسجود لا يكون إلا لله عزوجل”([16]). فهو يريد أن يثبت أن أئمة الدعوة وأتباعها يكفرون من سجد سجود تحية للسلطان مثلا، فيأتي بنص في السجود للقبر، وبينهما فرق كبير عند أئمة الدعوة أنفسهم، بغضّ النظر عن مسألة سجود التحية ووجود الاختلاف فيه حتى بين الفقهاء من غير أئمة الدعوة، وهل يوجد سجود تحية بعد النسخ أم لا يوجد؟ لكن بغض النظر عن ذلك كله فالسجود لصنم أو لقبر ليس كالسجود لسلطان احتراما.

وعلى كل حال فقد ذكر السجود والطواف والذبح والنذر، ونقف وقفة مع الذبح، فإنه ذكر أنَّ الذبح للمقبور إنما هو لإهداء الثواب له، فقال: “إلا أن المؤمن عندما يذبح لوالده أو لقريبه أو لأحد الألوياء فلا يتطرق هذا الوهم (أي: التعبد) إلى تفكيره بتاتًا؛ بل يقصد أن يهدي ثواب الذبيحة لوالده أو لقريبه أو للولي”([17]). فهل هذا مطابق للواقع؟ وهل من يذبح للمقبورين يذبحون لله بغية إهداء الثواب للميت فقط، أم يذبحون للمقبور خوفا ورجاء أن يعطوهم حاجاتهم؟! ولِمَ يتقصدون الذبح عند القبر أو بجواره لو كان المراد إهداء الثواب؟! فالذبح -إن قلنا بصحة إهداء ثوابه- يجوز في كل مكان، لكن ما يفعله أصحاب الأضرحة مختلف تماما عن مجرد إهداء الثواب، فواقعهم هو الذبح للتقرب للميت، أو رجائه أن يقبل دعواتهم، أو يقضي حاجاتهم.

ثم عرج على مسألة مهمة وهي مسألة الاستغاثة والطلب من المخلوق، وبين أن الوهابية قد تناقضت حين حرمت دعاء الغائب بينما جوزوا اللاستغاثة بالحي فيما يقدر عليه، ذلك أنه إن كان الدعاء والاستغاثة عبادة فصرفها لغير الله شرك على كل حال، وهذا ناشئ عن سوء فهم كما مر بنا مرارًا، يقول: “فإن دعاء الأنبياء والأولياء والاستغاثة بهم لا يعتبر شركًا إلا إذا قصد الداعي التعبد بذلك، أو اعتقد فيهم شيئًا من خصائص الربوبية والإلهية، لكن هؤلاء المستغيثين لا يقصدون بتلك الاستغاثة التعبد، ولا يعتقدون شيئًا من خصائص الربوبية في الأنبياء والأولياء، ولا يرون فيهم استحقاق العبودية، بل يرون أنهم متسبّبون في بعض الأفعال بإذن الله، ولذلك لا تكون الاستعانة بالأنبياء والأولياء عبادة لهم، وليست شركًا في الإهية كما يزعم الوهابية، ولو كان الدعاء والاستغاثة عبادة وإن لم يقصد به التعبّد لكانت استغاثة الطفل بأمه واستغاثة المريض بالطبيب واستغانة الغريق بمن ينقذه واستغالة الملك بالجيش عبادة لهؤلاء”([18])، ويقول: “ولا يتم لهم الاستدلال بتلك الآيات إلا إذا أثبتوا أنَّ المقصود من الدعاء فيها هو السؤال، فيكون كل من سأل غير الله تعالى مشركًا عابدًا لغيره سبحانه، والوهابية أنفسهم لا يقولون بذلك، فيكون استدلالهم منقوضًا باعترافهم أن بعض صور دعاء المسألة ليست شركا”([19]). فهذا مجرد سوء فهم وتصوّر لمذهب أئمة الدعوة، كما أنه يذكر التفريق بين دعاء المسألة ودعاء العبادة، ويرى أن الوهابية قد خلطت بينهما، وهذا غير صحيح أيضًا، فهم يفرقون جيّدا بين النوعين، والكلام فيها حاضر في كتبهم.

ومناقشة هذه المسألة وكون الاستغاثة بالحي لا يعد شركا والاستغاثة بالميت يعد شركا وهل يعد تناقضا أو لا؟ بحث طويل([20])، يمكن الإشارة إليه إجمالًا في الآتي:

أولا: أن أئمة الدعوة قالوا: إن صرف العبادة لغير الله شرك، وحين جاؤوا في مسألة الدعاء جعلوا الأنواع الجائزة شرعًا ليست عبادة أصلا، فهم متسقون مع تعريفهم، فصرف العبادة لغير الله شرك، وطلب ما لا يقدر عليه إلا الله عبادة في نفسها، فصرفها لغير الله شرك، فالدعاء إذن كلمة عامة، لا يكون عبادة إلا بمحدّدات، فإذا وجدت صار عبادة، وصار صرفها لغير الله شركًا.

ثانيًا: أن أئمة الدعوة اعتمدوا على الكتاب والسنة في هذا التفريق، فإن مشترطي اعتقاد الربوبية يقولون: إن الأموات من الأولياء والصالحين أسباب مثل الأسباب التي في الدنيا، والله هو الفاعل حقيقة، ونقول: إن الحي القادر جعله الله سببًا مؤثرًا بإذن الله، فمن أين لكم أن الله جعل الأموات سببًا في نيل هذا الذي يريده العابد من غفران الذنوب وشفاء الأمراض ورزق البنين والبنات؟!

نعم؛ إذا لم تفرق الشريعة بين الأمرين وفرق أئمة الدعوة بينهما كان تناقضًا، لكن الأمر ليس كذلك، يقول ابن تيمية رحمه الله: “نحن لا ننازع في إثبات ما أثبته الله من الأسباب والحكم، لكن من هو الذي جعل الاستغاثة بالمخلوق ودعاءه سببًا في الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله؟! ومن الذي قال: إنك إذا استغثت بميت أو غائب من البشر نبيًّا كان أو غير نبي كان ذلك سببًا في حصول الرزق والنصر والهدى وغير ذلك مما لا يقدر عليه إلا الله؟! ومن الذي شرَّع ذلك وأمر به؟! ومن الذي فعل ذلك من الأنبياء والصحابة والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين؟! فإن هذا المقام يحتاج إلى مقدمتين:

إحداهما: أن هذه أسباب لحصول المطالب التي لا يقدر عليها إلا الله.

والثانية: أن هذه الأسباب مشروعة لا يحرم فعلها، فإنه ليس كل ما كان سببًا كونيًّا يجوز تعاطيه، فإن قتل [الكافر] قد يكون سببًا لأخذ ماله؛ وكلاهما محرم، والدخول في دين النصارى قد يكون سببًا لمال يعطونه؛ وهو محرم، وشهادة الزور قد تكون سببًا لما يؤخذ من المشهود له؛ وهو حرام، وكثير من الفواحش والظلم قد يكون سببًا لنيل مطالب؛ وهو محرم، والسحر والكهانة سبب في بعض المطالب؛ وهو محرم، وكذلك الشرك مثل دعوة الكواكب والشياطين وعبادة البشر قد يكون سببًا لبعض المطالب؛ وهو محرم، فإن الله تعالى حرم من الأسباب ما كانت مفسدته راجحة على مصلحته، وإن كان يحصل به بعض الأغراض أحيانًا، وهذا المقام مما يظهر به ضلال هؤلاء المشركين خَلقًا وأمرًا، فإنهم مطالبون بالأدلة الشرعية على أن الله شرع لخلقه أن يسألوا ميتًا أو غائبًا، أو يستغيثوا به، سواء كان ذلك عند قبره أو لم يكن عند قبره، وهم لا يقدرون على ذلك”([21]).

ثالثًا: قولهم: إنه يجب على أئمة الدعوة أن تشترطوا اعتقاد الربوبية في كل العبادات أسوة بالدعاء ليس بصحيح، لأن أئمة الدعوة لم ينكروا أن يكون الشرك بمجرد اعتقاد الربوبية في غير الله، فصرف أي قول أو فعل لغير الله واعتقاد الربوبية فيه شرك أكبر، بل اعتقاد الربوبية دون صرف شيء شرك أيضًا، لكنهم لم يحصروا الشرك في هذا النوع فقط، فما دام أنهم يقولون: الشرك أنواع وصور، لم يصح لأحد أن يقول: يجب أن تجعلوها كلها صورة واحدة، أو نوعًا واحدا، أو تشترطوا فيها كلها شرطًا واحدا، وهذا التنوع والتفريق يعد ميزة علمية عند السلفية لا مثلبة عليهم.

ثم ذكر عدة مطالب في أن الأموات يسمعون كلام الأحياء، وأن أرواح الصالحين لها شعور بالدنيا، وبنى عليه صحة التوسل أو الاستغاثة، وهذا أيضا غير صحيح، وبغضّ النظر عن القول الصحيح في مسألة سماع الأموات، فإن سماعهم شيء، والتوسل أو الاستغاثة بهم شيء آخر، فحتى إن كانوا يسمعون فمن قال: إنهم يملكون تفريج الكربات وإجابة الدعوات؟! ومن قال: إنهم يسمعون من بعد كما يسمعون من قرب، ويسمعون ويفهمون كل اللغات وغير ذلك من اللوازم الباطلة؟!

الباب الثالث: توحيد الأسماء والصفات:

ذكر فيه ما يتعلق بالأسماء والصفات، وتشبيه الله بخلقه بإثبات الصفات كما يثبتها أهل السنة، وأعظم مسألة حضرت في الباب هي: مسألة التجسيم، فذكر عدة معانٍ للجسم في اللغة، ثم قال: “ولقد اعتمد المتكلمون -من أهل السنة وغيرهم- في تعريفهم الاصطلاحي للجسم على المعاني اللغوية، والتي لا تخرج عن التجمع والعظمة والكبر الحسي… فهذه التعريفات الكلامية لا تخرج عن التعريفات اللغوية؛ لأن الجسم عند أهل اللغة هو الشيء العظيم، كبير الحجم، ومعلوم أن الشيء الكبير الحجم لا بد أن يكون له طول وعرض وارتفاع، وإلا لم يكن كبيرا عظيم الحجم”([22]). وهذا غير صحيح، بل مجمل الأشاعرة والمتكلمين جعلوا الجسم هو المركّب، ويريدون به المركب من صفاته، يقول الجويني: “اسم الجسم لا ينطلق إلا عند انضمام جوهر إلى جوهر”([23])، وذكر الرازي عند إقامة الدلائل على أنه تعالى يمتنع أن يكون جسمًا أن “كل متحيز مركب”([24])، والمتحيز جسم كما يقول: “الحجة السادسة: لو كان متحيزًا لكان جسما”([25]). بل هو عندهم حتى في اللغة كما يقول الباقلاني: “فالجسم في اللغة هو: المؤلف المركب”([26]).

ثم يأتي المؤلف ويتّهم أئمة الدعوة بالتجسيم، وأنهم ينسبون الله إلى ما يصدق عليه الجسم لغة، فيقول: “ومن نظر في حقيقة التجسيم عند أهل اللغة والاصطلاح وقارنه بعقائد التيمية والوهابية وجدهم يعتقدون حقيقة الجسمية في الله تعالى”([27]).

والصحيح أن من نظر إلى كلامهم وجد أنهم ينفون بصريح العبارة ما يصدق عليه الجسم في اللغة وهو البدن، ومسألة التجسيم مسألة طويلة لكن يمكن بيان موقف أهل السنة منها باختصار في الآتي:

أولًا: أنهم يبينون أن هذا اللفظ لم يرد في الكتاب والسنة، فلا يصحّ أن نجعله من صفاته أو ننفيه عنه، يقول ابن تيمية رحمه الله: “وأمَّا الشرع فالرسل وأتباعهم الذين من أمّة موسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم لم يقولوا: إن الله جسم، ولا إنه ليس بجسم، ولا إنه جوهر، ولا إنه ليس بجوهر. لكن النزاع اللغوي والعقلي والشرعي في هذه الأسماء هو مما أُحدث في الملل الثلاث بعد انقراض الصدر الأول من هؤلاء وهؤلاء وهؤلاء. والذي اتفقت عليه الرسل وأتباعهم ما جاء به القرآن والتوراة من أن الله موصوف بصفات الكمال، وأنه ليس كمثله شيء، فلا تمثَّل صفاته بصفات المخلوقين، مع إثبات ما أثبته لنفسه من الصفات، ولا يدخل في صفاته ما ليس منها، ولا يخرج منها ما هو داخل فيها”([28]).

ثانيا: أنه لفظٌ مجمل، يحتوي على حقٍّ وباطل، والمنهج في هذه الألفاظ: الاستفصال عن معانيها، فيقبل المعنى الحق ويرد المعنى الباطل مع التوقف في اللفظ، يقول ابن تيمة: “وكذلك قوله: (ليس بجسم)، لفظ الجسم فيه إجمال”([29]).

ثالثًا: أن أهل السنة يردّون على من أثبت الجسم لله، يقول ابن تيمية: “ولا ريب أن من جعل الرب جسمًا من جنس المخلوقات فهو من أعظم المبتدعة ضلالًا، دع من يقول منهم: إنه لحم ودم ونحو ذلك من الضلالات المنقولة عنهم”([30]). ويقول رحمه الله: “ومن قال من القائلين بأنَّه جسم فيقول: إنه مركب من الجواهر المنفردة، أو من المادة والصورة، فهؤلاء مذمومون لفظًا ومعنى عند جماهير المسلمين وغيرهم”([31]).

فكيف ننسبهم إلى قول هم يردون عليه؟!

الباب الرابع: نتائج الفهم الخاطئ للتوحيد:

في الفصل الأول من هذا الباب ذكر المؤلف نتائج الفهم الخاطئ على المستوى العلمي، وهو الحكم بالتكفير والردة على جملة المسلمين، وذكر في الفصل الثاني: نتائج الفهم الخاطئ على المستوى العملي، وذلك باستباحة الدماء والأموال.

وهذا الباب أكثر باب وقع فيه المؤلف في أخطاء علمية، فقد نقل مجرد نقول في التكفير بشكل عام جعله تكفيرا لعموم المسلمين، وهي التهمة التي يردّدها كل مشنّع على دعوة الإمام، ويطول مناقشة كل نصّ أتى به، لكنها في المجمل ترجع إلى الآتي:

1- نصوص عامة في تكفير الفعل، فيفهم منه البعض تكفير عموم المسلمين ممن تلبس بهذا الفعل، أو يفهم منه تكفيرا عامّا، وهذا غير صحيح، وهو من الخطأ في تصور المسألة، فإن تكفير الفعل لا يلزم منه تكفير الفاعل.

2- نصوص عامة في تكفير من قام بالفعل لكن دون تعيين، فيقال مثلا: كل من سجد لغير الله كفر، وهذا لا يصدق على المعين إلا بشروط وموانع، فلا تكفير إلا بهذه الشروط، ولا تكفير إلا بانتفاء الموانع.

3- نصوص في تكفير بعض المعينين ممن يرى الإمام محمد بن عبد الوهاب أنه قد قامت الحجة عليهم، وهذا الكلام فيه يكون حول المكفِّر هل هو مكفّر صحيح أو ليس بصحيح، وليس في مجرد التكفير؛ إذ هو أمر شرعي.

4- نصوص في تكفير معينين وهي غير ثابتة، أو فيها أقوال، كتكفير البوصيري.

أما الكلام عن القتال دون استحضار التاريخ والوقائع التي حدثت وعلاقة نجد بما حولها وطبيعة القتال فكلام ناقص، كثيرًا ما يكون خاطئًا للاقتصار على جانب واحد، ومثل هذه القضايا التي لها علاقة بالواقع لا يقبل فيها الكلام إلا بالاستناد إلى التاريخ والبيئة المحيطة، وهذا لم يأت به المؤلف، بل شنع كثيرا على الدعوة في أنها حاولت تقويض الخلافة العثمانية وحاربت الخلافة، وهذا غير صحيح، ولم يذكر المؤلف بل لم يشر إلى حملة إبراهيم باشا وحملة الأشراف وغيرها على نجد حتى كادت نجد أن تباد، لكنه اقتصر على ذكر بعض القتال الذي وقع من الدعوة فحسب، وهذا تناول قاصر للموضوع.

وختم المؤلف الكتاب ببيان مواقف بعض العلماء ممن عاصروا أئمة الدعوة، ومع اعتماد المؤلف على هذه الشهادات كان ينبغي له أن يعتمد على الشهادات المعاكسة من مؤرخي الدعوة، أو حتى من مؤرخين آخرين كالجبرتي، ولئن كان مؤرخو الدعوة يذكرون محاسن الدعوة وربما لا يصدقون، فكذلك شهادات الأعداء والخصوم قد تكون كذلك بل أشد، فالموازنة مطلوبة، وتكون بالجمع بين الشهادات ومعرفة الواقع معرفة صحيحة، والشهادات الناقدة وحدها لا تفيد شيئًا كبيرًا، ويمكن لكل أحد أن يأتي بمن نقد أي إمام من أئمة المسلمين، وقد نُقد الإمام الأشعري -مثلا- كثيرا حتى رأى بعضهم كفره، فهل هذا مبيِّن لحقيقته؟! هذا هو التعامل الذي ينبغي أن يتعامل به مع هذه الشهادات، لا مجرد الاستناد إليها استنادا خاطئا.

كلمة أخيرة:

أختم عرض هذا الكتاب ببيان بعض النقاط التي أراها مهمة، وهي:

1- أن هذا الكتاب في الدعوة النجدية، لكنه في كثير من المسائل يأتي بنص واحد أو اثنين بالكثير لمتأخرين جدّا، وبعضهم في الدولة السعودية الثالثة، ولا بأس من ناحية أنهم أتباع لأئمة الدعوة، لكن هناك نصوص أخرى كثيرة من أئمة الدعوة كان الأولى من الناحية المنهجية العلمية الصحيحة الاستناد إليها.

2- أن كثيرًا ما مارس المؤلف القفز الحكمي، فإنه يورد نصًّا أو اثنين لبعض أئمة الدعوة، لكنه عند تقرير كلامه في المسائل -خاصة ما يتعلق بالشرك- يترك كلامًا كثيرًا لأئمة الدعوة فيه بيانٌ لحقيقة العبادة، وردٌّ على ما يورده هو من تقرير حول مسألة العبادة والشرك، فكان الأولى أن يعرض تلك النصوص ويناقشها.

3- أنه كثيرًا ما يقع في التعميم غير المقبول، من ذلك: أنه يأخذ صورة واحدة أو عدة صور من المشركين الذين يشركون في الربوبية، أو يعتقدون في الأصنام النفع والضر، فيجعل الحكم عليهم هو الحكم العام على كل المشركين، وهذه كلية عامة ينقضها جزئية وهي: أن يبين أن من المشركين من بين اللهُ كفرَه مع أنه يصرح بأنهم لا يعتقدون النفع والضر في أصنامهم، وقد مر بنا ذكر ذلك.

4- التصور الخاطئ لمذهب أئمة الدعوة، فإنه كان ينبغي أن يعرض مذهب أئمة الدعوة عرضًا صحيحًا ثم ينقضه، لكنه يعرض المذهب عرضًا خاطئًا، أو ناقصًا، أو يذكر خلافًا في مسألة ليس فيها خلاف.

هذا مع كون المؤلف أحيانا يحاول الإنصاف، إلا في آخر باب وهو الذي تكلم فيه عن التكفير والقتال، فقد كان كلامه فيه ناشئا عن تصور خاطئ تمامًا، وكان مجرد ناقل لغيره، كما أن تصوره واعتقاده أخفّ من غيره ممن يشرعن للقبورية فعلَهم، وما تقدَّم بيان لبعض الأخطاء التي وقع فيها في كتابه لعله يعيد النظر فيها ويتأمّلها.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) هذا المصطلح قد يراد به التشنيع وقد يراد به التعريف، وعلى كل حال سأستخدمه في هذا العرض حيث حين يستخدمه المؤلف فقط، بينما أشير في كلامي إليهم بأئمة الدعوة.

([2]) الدرر السنية في الأجوبة النجدية (1/ 566).

([3]) ينظر: فتاوى نور على الدرب لابن باز، بعناية الطيار (ص: 19).

([4]) أخرجه البخاري (3344).

([5]) مجموع الفتاوى (3/ 355).

([6]) مجموع الفتاوى (19/ 73).

([7]) الكتاب (ص: 11).

([8]) الكتاب (ص: 12).

([9]) الكتاب (ص: 15).

([10]) الكتاب (ص: 21).

([11]) الكتاب (ص: 26).

([12]) مجموع فتاوى ابن باز (2/ 71).

([13]) الكتاب (ص: 131).

([14]) ينظر: تفسير الطبري (1/ 159)، تفسير الزمخشري (1/ 13)، تفسير البيضاوي (1/ 29)، مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين (1/ 95-96).

([15]) تفسير الطبري (19/ 362).

([16]) الكتاب (ص: 159).

([17]) الكتاب: (ص: 179).

([18]) الكتاب (ص: 190).

([19]) الكتاب (ص: 193).

([20]) تنظر: ورقة علمية في مركز سلف بعنوان: هل تناقضت السلفيَّة في عدم اشتراط اعتقاد الربوبية في مفهوم العبادة؟ -دعاء غير الله أنموذجًا-، على الرابط التالي:

هل تناقضت السلفيَّة في عدم اشتراط اعتقاد الربوبية في مفهوم العبادة؟ (دعاء غير الله أنموذجًا)

([21]) الاستغاثة في الرد على البكري (ص: 221).

([22]) الكتاب (ص: 345).

([23]) الشامل في أصول الدين (ص: 315).

([24]) المطالب العالية من العلم الإلهي (2/ 27).

([25]) المطالب العالية من العلم الإلهي (2/ 32).

([26]) الإنصاف (ص: 2).

([27]) الكتاب (ص: 349).

([28]) الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح (4/ 432).

([29]) منهاج السنة النبوية (2/ 134).

([30]) الفتاوى الكبرى (6/ 547).

([31]) الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح (4/ 431-432). وينظر: بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية (1/ 285).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

جديد سلف

ابن سعود والوهابيّون.. بقلم الأب هنري لامنس اليسوعي

 للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   بسم الله الرحمن الرحيم هنري لامنس اليَسوعيّ مستشرقٌ بلجيكيٌّ فرنسيُّ الجنسيّة، قدِم لبنان وعاش في الشرق إلى وقت هلاكه سنة ١٩٣٧م، وله كتبٌ عديدة يعمَل من خلالها على الطعن في الإسلام بنحوٍ مما يطعن به بعضُ المنتسبين إليه؛ كطعنه في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وله ترجمةٌ […]

الإباضــــية.. نشأتهم – صفاتهم – أبرز عقائدهم

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: من الأصول المقرَّرة في مذهب السلف التحذيرُ من أهل البدع، وذلك ببيان بدعتهم والرد عليهم بالحجة والبرهان. ومن هذه الفرق الخوارج؛ الذين خرجوا على الأمة بالسيف وكفَّروا عموم المسلمين؛ فالفتنة بهم أشدّ، لما عندهم من الزهد والعبادة، وزعمهم رفع راية الجهاد، وفوق ذلك هم ليسوا مجرد فرقة كلامية، […]

دعوى أن الخلاف بين الأشاعرة وأهل الحديث لفظي وقريب

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: يعتمِد بعض الأشاعرة المعاصرين بشكلٍ رئيس على التصريحات الدعائية التي يجذبون بها طلاب العلم إلى مذهبهم، كأن يقال: مذهب الأشاعرة هو مذهب جمهور العلماء من شراح كتب الحديث وأئمة المذاهب وعلماء اللغة والتفسير، ثم يبدؤون بعدِّ أسماء غير المتكلِّمين -كالنووي وابن حجر والقرطبي وابن دقيق العيد والسيوطي وغيرهم- […]

التداخل العقدي بين الفرق المنحرفة (الأثر النصراني على الصوفية)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: بدأ التصوُّف الإسلامي حركة زهدية، ولجأ إليه جماعة من المسلمين تاركين ملذات الدنيا؛ سعيًا للفوز بالجنة، واقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، ثم تطور وأصبح نظامًا له اتجاهاتٌ عقائدية وعقلية ونفسية وسلوكية. ومن مظاهر الزهد الإكثار من الصوم والتقشّف في المأكل والملبس، ونبذ ملذات الحياة، إلا أن الزهد […]

فقه النبوءات والتبشير عند الملِمّات

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: منَ الملاحَظ أنه عند نزول المصائب الكبرى بالمسلمين يفزع كثير من الناس للحديث عن أشراط الساعة، والتنبّؤ بأحداث المستقبَل، ومحاولة تنزيل ما جاء في النصوص عن أحداث نهاية العالم وملاحم آخر الزمان وظهور المسلمين على عدوّهم من اليهود والنصارى على وقائع بعينها معاصرة أو متوقَّعة في القريب، وربما […]

كيف أحبَّ المغاربةُ السلفيةَ؟ وشيء من أثرها في استقلال المغرب

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدّمة المعلِّق في كتابِ (الحركات الاستقلاليَّة في المغرب) الذي ألَّفه الشيخ علَّال الفاسي رحمه الله كان هذا المقال الذي يُطلِعنا فيه علَّالٌ على شيءٍ من الصراع الذي جرى في العمل على استقلال بلاد المغرب عنِ الاسِتعمارَين الفرنسيِّ والإسبانيِّ، ولا شكَّ أن القصةَ في هذا المقال غيرُ كاملة، ولكنها […]

التوازن بين الأسباب والتوكّل “سرّ تحقيق النجاح وتعزيز الإيمان”

توطئة: إن الحياةَ مليئة بالتحدِّيات والصعوبات التي تتطلَّب منا اتخاذَ القرارات والعمل بجدّ لتحقيق النجاح في مختلِف مجالات الحياة. وفي هذا السياق يأتي دورُ التوازن بين الأخذ بالأسباب والتوكل على الله كمفتاح رئيس لتحقيق النجاح وتعزيز الإيمان. إن الأخذ بالأسباب يعني اتخاذ الخطوات اللازمة والعمل بجدية واجتهاد لتحقيق الأهداف والأمنيات. فالشخص الناجح هو من يعمل […]

الانتقادات الموجَّهة للخطاب السلفي المناهض للقبورية (مناقشة نقدية)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: ينعمُ كثير من المسلمين في زماننا بفكرٍ دينيٍّ متحرِّر من أغلال القبورية والخرافة، وما ذاك إلا من ثمار دعوة الإصلاح السلفيّ التي تهتمُّ بالدرجة الأولى بالتأكيد على أهمية التوحيد وخطورة الشرك وبيان مداخِله إلى عقائد المسلمين. وبدلًا من تأييد الدعوة الإصلاحية في نضالها ضدّ الشرك والخرافة سلك بعض […]

كما كتب على الذين من قبلكم (الصوم قبل الإسلام)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقدمة: مما هو متَّفق عليه بين المسلمين أن التشريع حقٌّ خالص محض لله سبحانه وتعالى، فهو سبحانه {لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54]، فالتشريع والتحليل والتحريم بيد الله سبحانه وتعالى الذي إليه الأمر كله؛ فهو الذي شرَّع الصيام في هذا الشهر خاصَّة وفضَّله على غيره من الشهور، وهو الذي حرَّم […]

مفهوم العبادة في النّصوص الشرعيّة.. والردّ على تشغيبات دعاة القبور

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة لا يَخفَى على مسلم أنَّ العبادة مقصَد عظيم من مقاصد الشريعة، ولأجلها أرسل الله الرسل وأنزل الكتب، وكانت فيصلًا بين الشّرك والتوحيد، وكل دلائل الدّين غايتها أن يَعبد الإنسان ربه طوعًا، وما عادت الرسل قومها على شيء مثل ما عادتهم على الإشراك بالله في عبادتِه، بل غالب كفر البشرية […]

تحديد ضابط العبادة والشرك والجواب عن بعض الإشكالات المعاصرة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة لقد أمر اللهُ تبارك وتعالى عبادَه أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، ومدار العبادة في اللغة والشرع على التذلُّل والخضوع والانقياد. يقال: طريق معبَّد، وبعير معبَّد، أي: مذلَّل. يقول الراغب الأصفهاني مقررًا المعنى: “العبودية: إظهار التذلّل، والعبادة أبلغُ منها؛ […]

رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة.. بين أهل السنة والصوفية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الناظر المدقّق في الفكر الصوفي يجد أن من أخطر ما قامت عليه العقيدة الصوفية إهدار مصادر الاستدلال والتلقي، فقد أخذوا من كل ملة ونحلة، ولم يلتزموا الكتاب والسنة، حتى قال فيهم الشيخ عبد الرحمن الوكيل وهو الخبير بهم: “إن التصوف … قناع المجوسي يتراءى بأنه رباني، بل قناع […]

دعوى أن الحنابلة بعد القاضي أبي يعلى وقبل ابن تيمية كانوا مفوضة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة إن عهدَ القاضي أبي يعلى رحمه الله -ومن تبِع طريقته كابن الزاغوني وابن عقيل وغيرهما- كان بداية ولوج الحنابلة إلى الطريقة الكلامية، فقد تأثَّر القاضي أبو يعلى بأبي بكر الباقلاني الأشعريّ آخذًا آراءه من أبي محمد الأصبهاني المعروف بابن اللبان، وهو تلميذ الباقلاني، فحاول أبو يعلى التوفيق بين مذهب […]

درء الإشكال عن حديث «لولا حواء لم تخن أنثى»

  تمهيد: معارضة القرآن، معارضة العقل، التنقّص من النبي صلى الله عليه وسلم، التنقص من النساء، عبارات تجدها كثيرا في الكتب التي تهاجم السنة النبوية وتنكر على المسلمين تمسُّكَهم بأقوال نبيهم وأفعاله وتقريراته صلى الله عليه وسلم، فتجدهم عند ردِّ السنة وبيان عدم حجّيَّتها أو حتى إنكار صحّة المرويات التي دوَّنها الصحابة ومن بعدهم يتكئون […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017