البهائية.. عرض ونقد
للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة
مقدمة:
إن النبي صلى الله عليه وسلم قد مات بعد أن أتم الله تعالى عليه النعمة وأكمل له الملة، وأنزل عليه وهو قائم بعرفة يوم عرفة: {اليومَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وأَتْمَمْتُ علَيْكُم نِعْمَتي ورَضِيتُ لَكُمُ الإسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]، وهي الآية التي حسدتنا عليها اليهود كما في الصحيحين أنَّ رَجُلًا مِنَ اليَهُودِ قالَ لعمر رضي الله عنه: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، آيَةٌ في كِتَابِكُمْ تَقْرَؤُونَهَا، لو عَلَيْنَا مَعْشَرَ اليَهُودِ نَزَلَتْ لَاتَّخَذْنَا ذلكَ اليومَ عِيدًا، قالَ: أيُّ آيَةٍ؟ قالَ: {اليومَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وأَتْمَمْتُ علَيْكُم نِعْمَتي ورَضِيتُ لَكُمُ الإسْلَامَ دِينًا} قالَ عُمَرُ: قدْ عَرَفْنَا ذلكَ اليَومَ، والمكانَ الذي نَزَلَتْ فيه علَى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وهو قَائِمٌ بعَرَفَةَ يَومَ جُمُعَةٍ([1]).
وبلَّغ النبي صلى الله عليه وسلم البلاغَ المبين، فتركنا على المحجّة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك.
وأخبرنا صلى الله عليه وسلم بوقوع الاختلاف والتفرق في الدين، فقال: «إنه من يعِشْ منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنةِ الخلفاءِ المهديّين الراشدين تمسّكوا بها، وعَضّوا عليها بالنواجذِ، وإياكم ومحدثاتِ الأمورِ فإنَّ كلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ»([2]).
وكان شرُّ المذاهب وأشأمُها في هذه الأمة مذهبَ الباطنية، الذين ذهبوا إلى أن للدين ظاهرًا غير مراد وباطنًا هو المراد، وأنّ هذا الباطن لا يمكن معرفته بطرق التعلّم المعروفة، ولا بالنظر في الكتاب والسنة وأقوال العلماء وقوانين اللغة العربية وقواعدها، وإنما عن طريق إمام معصوم يلقّن أسرار هذا الباطن لأتباعه بعد أخذ العهد عليهم بكتمان الأسرار وحفظها عن الأغيار.
ومن هذه الأصل الفاسد ظهرت فرقٌ باطنية كثيرة في الأمة في فترات مختلفة، وكان لها تأثير بالغ الضرر في تاريخ المسلمين، مثل فرقة: الإسماعيلية([3])، والقرامطة([4])، والنصيرية([5])، والدروز([6])، والبهرة([7])، ومن آخرها في زمننا: البابية والبهائية.
ومنذ ظهرت هاتان الفرقتان -أو الديانتان في الحقيقة- في إيران تصدى لهما علماء الإسلام، وأعلنوا كفرهم وردتهم عن الإسلام، وبينوا زيف شبهاتهم حتى لا تنطلي على عوام المسلمين الذين قد يُخْدعون ببعض شعاراتهم الإنسانية مثل: السلام العالمي، والإخاء الإنساني ووحدة الأديان، وغيرها من شعاراتهم الزائفة.
وكُتب في ذلك الكثيرُ من الكتابات، من أهمها: كتابات الأستاذ إحسان إلهي ظهير رحمه الله (ت 1407هـ)، وهو معروف بجهاده ضد الأفكار المنحرفة الضالة وفضح عقائد أصحابها.
وله في ذلك كتابان: (البابية عرض ونقد) و(البهائية نقد وتحليل). وهما من أهم الكتب في هذا الباب، ويرجع إليهما عامة الباحثين في هذا الموضوع لسببين:
الأول: أن مؤلفهما رحمه الله -كما سبق- متخصصٌ في نقد الأفكار الضالة والحركات المشبوهة، وخاصة عقائد الباطنية والشيعة.
الثاني: اعتماد الكاتب على المصادر الأصلية لكتابات البابيين والبهائيين، وتوثيق النقل عنهم من المصادر الأصلية، خلافًا لما يروِّجه دعاة البهائية بأنّ كل مَنْ نَقَدَهم لم يطلع على حقيقة ما كتبوه، وإنما رددوا كذب خصومهم الذين يريدون بزعمهم تشويه صورتهم([8]).
ومن الدراسات المهمة في الباب أيضا: كتاب الدكتورة عائشة عبد الرحمن المعروفة ببنت الشاطئ (ت 1419هـ) بعنوان: (قراءة في وثائق البهائية)، وقد كتبته عقب القبض في مصر سنة (1405هـ-1985م) على مجموعات من البهائيين الذين يمارسون الدعوة للبهائية رغم كونها محظورة في مصر بقرار جمهوري من سنة (1960م) وحتى يومنا هذا.
وقد ضَمَّنَتْ بنتُ الشاطئ في كتابها هذا عددًا من الوثائق المهمة الكاشفة عن حقيقة هذه الديانة، وكيف تروّج لنفسها بين شباب وفتيات المسلمين.
وممن نشط في التحذير من البهائية السيد محمد رشيد رضا رحمه الله (ت 1354هـ) عبر مجلته ذائعة الصيت حينها (المنار)، خاصة وأن البهائية في زمنه كانت قد كثفت نشاطها في مصر، وسبب ذلك ما ذكره رشيد رضا فقال: “كانت الدولة العثمانية مشترطة على البابية -البهائية والأزلية- جميعًا أن لا يدْعوا إلى دينهم في بلادها، وإلا أخرجتهم منها، فلم يكونوا يبثُّون دعوتهم إلا في مصر، وبطريق المناظرة والمغالطة دون الجهر”([9]).
وقد سجل السيد رشيد رضا في مجلته حوارات مع بعض من انخدعوا بعباس أفندي (عبد البهاء) وكان قد قدم مصر ما بين عامي (1910-1913م) ونشط فيها للدعوة للتبشير بديانته ونحلته الجديدة.
ومن جهود الأستاذ رشيد رضا في ذلك قيامه في مطبعة المنار بطبع كتاب مهم في فضح البهائية، وهو كتاب (مفتاح باب الأبواب) أو (تاريخ البابية) لصاحبه الفارسي الإيراني نزيل القاهرة (ميرزا محمد مهدي خان) وقد كتبه أثناء إقامته بمصر سنة (1321هـ)، لما رأى اختلاف الناس في البهائية، وأن بعضهم ظنها فرقة إسلامية، أو شيعية، أو وسط بين السنة والشيعة، فأراد أن يجلّي أمرهم ويبين حقيقة عقائدهم وتاريخهم بالعربية كما بين ذلك بلسانه الفارسي.
وترجع أهمية هذا الكتاب لكون مؤلفه شاهد عيان، فأبوه كان ممن رأى الباب الشيرازي مؤسس البابية وناظره وباحثه، وكذلك هو كان ممن سافر للبهاء في (عكا) وصاحبه مدة واطلع على أحواله، وصاحَبَ خليفته من بعده عبد البهاء؛ فحصل له بذلك كله انكشاف تام لحالهم؛ ولذلك يعتبر كتابه من الوثائق التاريخية المهمة التي اعتمد عليها كثير من الباحثين.
وبالطبع لم يترك المستشرقون دراسة مثل هذه الظاهرة، فكتب عنها عدد منهم، من أبرزهم: جولد تسيهر في كتابه (العقيدة والشريعة في الإسلام)([10]).
وأما الرسائل الجامعية والمقالات والفتاوى الصادرة في بيان حكم هذه الطائفة فكثيرة جدًّا.
ومع ذلك كله، فما زال نشاطُ هذه الطائفة قائمًا في البلدان الغربية والأعجمية وبعض البلاد العربية خاصة فلسطين التي يوجد فيها مقر للديانة في (حيفا) تحت رعاية الصهيونية التي ترعى هذه الطوائف الضالة، وتستعملها في تحقيق أهدافها كما سنبين إن شاء الله تعالى.
والسؤال الذي يلح على العقل: لماذا وكيف يقتنع بعض المسلمين اليوم بمثل هذه الدعاوى الخرافية والتي لا يقبلها عقل صحيح ولا ذوق سليم؟!
كيف نتصور أن عاقلا -فضلا عن مسلم- يعتقد النبوة فضلا عن الألوهية في رجل مثل الباب أو البهاء مع ضعف علومهما وركاكة لغتهما وانعدام حجّتهما بل وقدراتهما؟! فلم يعرف عنهما خوارق لا علمية ولا عملية حتى نتفهم انخداع البعض بهم حتى يومنا هذا!
كيف يروج البهائيون لدينهم؟ وما أبرز دعايتهم ومقولاتهم؟
هذا ما نسعى -بعون الله تعالى- لبيانه في هذه الورقة العلمية، مع بيان أوجه بطلان هذه الديانة، وكشف ما تلقيه من شبهات، كل ذلك في إطار ما يهدف إليه مركز سلف للبحوث والدراسات من كشف الفرق الزائغة عن الإسلام وتحذير المسلمين منها.
وهذا أوان الشروع في المقصود.
مركز سلف للبحوث والدراسات
أولا: جذور البهائية وأصول أفكارهم:
ترجع البهائية لجذور بعيدة ولأصول قريبة:
1- أما الجذور البعيدة: فهي الفرق الباطنية المؤسَّسة على الفكر الغنوصي([11]) والأفلاطونية الحديثة([12]) ونظريتهم في الفيض الذي ظهرت به الموجودات.
وعامة هذه الفرق ظهر في البيئة الشيعية؛ لأن الفكر الشيعي يعتبر بيئة خصبة لظهور هذه الأفكار، فالغلو في علي رضي الله عنه والأئمة من بعده يعتبر تمهيدًا لمن وصفوه والأئمة من بعده بالألوهية والربوبية.
وقد سعى هؤلاء الباطنيون لإفساد الإسلام وتحريف عقائده بنفس الطريقة التي حصلت مع اليهودية والنصرانية، وذلك بترويج مقالات الفلاسفة، وتأويل الدين وفق هذه المقالات، وهذا ما قام به الباطنيون المنتسبون للإسلام كالإسماعيلية وغيرهم.
وعقيدة هؤلاء الباطنيين في وجود الله وأسمائه وصفاته: أن الله تعالى ليس له وجود حقيقي، ولكنه موجود وجودًا مطلقًا، ولا يمكن وجوده في الواقع، فهم لا يثبتون لله تعالى ذاتا ولا اسما ولا صفة، ولذلك يسميهم العلماء: نفاة النقيضين؛ لأنهم ينفون الشيء ونقيضه، فيقولون: الله ليس بحي ولا ميت؛ لأنه -في زعمهم- متعالٍ عن الاتصاف بكل هذه الأوصاف، وليس قابلا للاتصاف بها([13])، وأن الله تعالى إنما يظهر لخلقه من خلال التجلي والحلول في مخلوقاته، فتصير هذه المخلوقات مظاهر للوجود الإلهي.
وعلى ذلك نقلوا عن محمد الباقر أنه قال: “ما قيل في الله فهو فينا، وما قيل فينا فهو في البلغاء من شيعتنا”([14]).
وقال الداعي الإسماعيلي جعفر بن منصور: “فكل قائم في عصره فهو اسم الله الذي يدعى به في ذلك العصر كما قال الله عز وجل: ﴿وَلِلَّهِ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰ فَٱدۡعُوهُ بِهَا﴾ [الأعراف: 180]”([15]).
وقال المفسر الإسماعيلي ضياء الدين في تفسيره: “وصلى الله على رسوله سيدنا محمد مَن خَرق رتب الحجابية… وعلى إمام العصر الواقع عليه في عصره اسم الإلهية”([16]).
وكان لهذه العقائد تأثير كبير في أوساط الشيعة، بل وجدت رواجًا بين بعض المنتسبين للتصوف من دعاة التصوف الفلسفي القائم على فكرتين منبثقتين من هذه العقيدة الباطنية، وهما: وحدة الوجود، والحقيقة المحمدية([17]).
وكل من طالع كلام الباب والبهاء وخلفاءهم يجد التأثّر الواضح جدًّا بهذه الأفكار وهذه المصطلحات التي تأثرت بها الشيعة التي نشأ الباب والبهاء في مدارسها وثقافتها.
وكذلك مسألة ادعاء النبوة هي من موروث الباطنية، كما نقل الغزالي عنهم، فقال: “ثمَّ إنهم قَالُوا: كل نَبِي لشريعته مُدَّة، فَإِذا انصرمت مدَّته بعث الله نَبيا آخر ينْسَخ شَرِيعَته، وَمُدَّة شَرِيعَة كل نَبِي سَبْعَة أَعمار وهو سبعة قُرُون، فأولهم هُوَ النَّبِي النَّاطِق، وَمعنى النَّاطِق أَن شَرِيعَته ناسخة لما قبله. وَمعنى الصَّامِت أن يكون قَائِما على مَا أسسه غَيره ثمَّ أَنه يقوم بعد وَفَاته سِتَّة أَئِمَّة إِمَام بعد إِمَام، فَإِذا انْقَضتْ أعمارهم ابتعث الله نَبيا آخر ينْسَخ الشَّرِيعَة الْمُتَقَدّمَة”([18]).
فهذه هي أصول أفكار البهائية والبابية في الحقيقة.
2- وأما الجذور القريبة: فتتمثل في طائفة (الشيخية)، وهي طائفة شيعية باطنية، أو (الأحسائية) نسبة لزعيمها الشيخ أحمد الأحسائي (ت 1241هـ).
قال الشيخ محمود شكري الآلوسيُّ رحمه الله (ت 1342هـ): “قال العَلَّامةُ الجَدُّ عَليه الرَّحمةُ: قد ظَهَرَت في هذه الأعصارِ مِن الاثنَي عَشريَّةِ طائِفةٌ يُقال لهم: الشَّيخيَّةُ، وقد يُقالُ لهم: الأحمَديَّةُ، وهم أصحابُ الشَّيخِ أحمَدَ الأحسائيِّ، تَرشَحُ كلماتُهم بأنَّهم يعتَقِدونَ في الأميرِ -كرَّمَ اللهُ تعالى وجهَه- نَحوَ ما يعتَقِدُ الفلاسِفةُ في العَقلِ الأوَّلِ، بل أدهى وأمر”([19]).
وبعد وفاة الشيخ أحمد الأحسائي خلفه تلميذه كاظم الرشتي (ت 1261هـ)، وكان كثيرًا ما يدندن حول ظهور المهدي (القائم) وأنه لا بد أن يسبقه (الباب) الذي يمهّد لظهوره ويبشر به.
وفي حلقات الرشتي اعتقد الأتباع بقرب ظهور الباب، وبشروا الناس بذلك، وصاروا متهيِّئين لظهوره واتباعه.
ظهور البابية:
وبعد وفاة كاظم الرشتي قام بعض تلامذته وهو الملا حسين البشروئي بالدعوة للالتفاف حول علي بن محمد الشيرازي المولود سنة (1235هـ) في شيراز من مدن إيران، وزعم البشروئي الملقب (باب الأبواب) أن الشيرازي هو الباب الذي بشر به الرشتي، وهو الذي يمهد لظهور المهدي، فتبعه على ذلك كثير من الشيخية، وتسمَّوا بالبابيين.
وفي عام (1260هـ) ادّعى الباب أنه تلقّى الأمر الإلهي بأنه الباب الموصل للإمام الغائب (المهدي).
واختيار اسم (الباب) اقتباس من حديث (أنا مدينةُ العلْمِ، وعلِيٌّ بابُها، فمن أرادَ العلْمَ فليأْتِ البابَ)([20])، وهو حديث موضوع مكذوب لا يصح بحال([21])، وقد اتَّخذته طوائف الباطنية حجة على أنه لا يمكن الوصول للمعرفة والحقيقة إلا عن طريق إمام معصوم.
اصطفى الشيرازي ثمانية عشر رجلا من أتباعه، المشار إليهم بكلمة (حي) وفق حساب الجُمَل. وقد اعتبرهم صفوة رجاله، وكان من بينهم شابة جميلة اسمها (قرة العين) كانت من أشد المتحمسين لهذه الدعوة الجديدة.
وبذلك صار عددهم مع الباب تسعة عشر، وبهذه المصادفة العددية البحتة التي لا معنى لها على الإطلاق صار هذا الرقم عندهم مقدَّسًا، فالسَّنَة تسعة عشر شهرًا، والصيام تسعة عشر يومًا، والزكاة (19%) من المال، واعتمدوا هذا الرقم كرقم مقدّس في كثير من العبادات بل والأبنية وغيرها من مظاهر الحياة.
بل جعلوا يتعسفون في إبراز العدد تسعة عشر ومضاعفاته في القرآن الكريم بطريقة متعسفة متكلفة([22]).
وقد ألف (الباب) كتابه (البيان) الذي ادَّعى فيه نسخ القرآن، وأن كتابه (البيان) أفضل من القرآن.
وقد تطورت دعوى الباب من كونه الباب الذي يمهد للمهدي لدعوى المهدية نفسها، ثم دعوى النبوة، ثم دعوى الألوهية.
يقول الأستاذ إحسان إلهي ظهير: “وما لَبِثَ الميرزا عَلي مُحَمَّد رِضا الشِّيرازيُّ -بَعدَما ادَّعى أنَّه بابُ المَهديِّ- أنِ ادَّعى أنَّه هو المَهديُّ نَفسُه، ثُمَّ ادَّعى بَعدَها أنَّه رَسولٌ، بل أعظَمُ مِن جَميعِ الرُّسُلِ، وأنَّه المُمَثِّلُ الحَقيقيُّ لجَميعِ الرُّسُلِ والأنبياءِ عليهمُ السَّلامُ؛ فهو نوحٌ يومَ بُعِثَ نوحٌ، وهو موسى يومَ بُعِثَ موسى، وهو عيسى يوم بُعِثَ عيسى، وهو مُحَمَّدٌ يومَ بُعِثَ مُحَمَّدٌ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، وألَّف كِتابَ (البَيان) وادَّعى أنَّه وحيٌ، وأنَّه ناسِخٌ لِما قَبله، وأنَّه جاءَ ليجمَعَ بَينَ اليهوديَّةِ والمَسيحيَّةِ والإسلامِ، وأنَّه لا فرقَ بَينَهم، ثُمَّ ادَّعى أنَّه مَظهَرُ اللَّهِ الذي تَتَجَلَّى فيه إرادَتُه”([23]).
وبعد دعواه تلك قبضت عليه الحكومة الإيرانية، وحكم عليه العلماء بالردة، ولكن ظل أتباعه في الخارج ينشرون دعوته.
مؤتمر (بَدَشْت):
أثناء وجود الباب في السجن عقد أتباعُه مؤتمرًا يبحثون فيه: كيفية إخراج الباب من السجن، ومسألة نسخ شريعة الإسلام.
وقامت قرة العين تخطب بحماس في (البابيين) لتقنعهم بأنه لم يعد هناك معنى للعمل بشريعة الإسلام بعد أن نسخها الباب في (البيان).
وتسبّب هذا المؤتمر في ثائرة الدولة والعلماء، فتمّ الحكم عليه بالإعدام رميًا بالرصاص بعد مناظرة له، وإصدار فتوى من العلماء بردته. فقتل الباب سنة (1266هـ)([24]).
ظهور البهائية:
تنسب البهائية لمؤسّسها حسين علي بن عباس المازندراني، المولود في مازندران بإيران سنة (1233هـ).
وكان هو وأخوه يحيى الملقب (بصبح أزل) من أتباع الباب الشيرازي، وقبل وفاة الباب كان قد أوصى بالخلافة لصبح أزل على أن يكون البهاء تابعا له.
ولكن بهاء الله تنكر لذلك، وادعى أنّه الوريث الحقيقي للباب، وأن الباب إنما فعل ذلك للحفاظ على البهاء من تتبع الأعداء واضطهادهم([25]).
وبسبب ذلك انقسم البابيون إلى ثلاث طوائف:
الأولى: البابيون الخلَّص، وهم الباقون على اتباع الباب والعمل بما في (البيان).
الثانية: البابيون الأزليون أتباع صبح الأزل، وقد اندثر ذكرهم وخمل ولم يعد لهم أثر.
الثالثة: البابيون البهائيون، وهم أتباع البهاء والذين عرفوا بالبهائيين، وهم الذين تفاقم أمرهم واستمر.
وبسبب الصراع بينهما فرقت الحكومة العثمانية بينهما، فنفت صبح أزل إلى قبرص، ونفت البهاء إلى عكا في فلسطين، وظلّ فيها أربعة وعشرين عامًا حتى مات ودُفن فيها سنة (1309هـ) عن خمسة وسبعين عاما([26]).
وبعد موته تولى خلافته بوصية من البهاء ابنُه عباس أفندي الملقَّب بـ(عبد البهاء) أو (الغصن الأعظم)، على أن يتولى بعده ابنه الآخر المرزا محمد علي، ولكن الثاني لم يقبل بذلك، ودب بينهما الخلاف مثل الذي حصل بين أبيه البهاء وصبح أزل.
ولكن الأمر استتب لعباس أفندي عبد البهاء، وهو الذي وطّد دين البهائيين، ونشره في آفاق واسعة، وأسس كثيرًا من محافلهم في الخارج.
ولم يُخَلِّفْ عباس أفندي (عبد البهاء) غير أربع بنات، ولم يكن له ذكور يعهد إلى أحد منهم، فعهد إلى حفيده ابن ابنته (ضيائية خانم) شوقي أفندي الملقب (الغصن الممتاز).
وبعد وفاته تولى قيادة البهائية بيت العدل الموجود في فلسطين، الذي يتم اختيار أعضائه عبر الانتخاب، ويكون مسؤولا عن إدارة شؤون الطائفة حول العالم([27]). وما زال هذا البيت هو الذي يدير البهائية وشؤونها إلى اليوم.
ثانيا: عقائد البهائية:
1- عقيدتهم في التوحيد:
يعتقد البهائيون -كما يعتقد الباطنيون تماما- أن الله تعالى لا اسم له ولا صفة، وأنه يتجلى ويظهر ويحلّ في مخلوقاته.
يقول أحد البهائيين موضحًا عقيدتهم في ذات الله تعالى: “إنها غيب منيع لا يدرك بأي شكل من الأشكال، ولا بأي قوى من قوى الإنسان المادية أو المعنوية أو الفكرية أو الروحية”([28]).
ويبين (البهاء) مسألة ظهور الله في رسله وأنبيائه فيقول: “ولما لم يكن بين الحق والخلق والحادث والقديم والواجب والممكن أي مناسبة يظهر الله تعالى في كل عصر وعهد كينونة مجردة لطيفة طاهرة في عالم الملك والملكوت، ويخلق هذه الكينونة من عنصرين: عنصر ترابي ظاهري، وعنصر إلهي غيبي. ويخلق لها مقامين: أحدهما: مقام الحقيقة وهو مقام لا ينطق إلا عن الله ربه، والآخر مقام البشرية”([29]).
ويقول أيضا: “وإذا سُمِع من المظاهر الجامعة: (إني أنا الله) فإن ذلك حق ولا ريب فيه”([30]).
ويقول البهائي أبو الفضل الجرفادقاني: “نحن معاشر الأمة البهائية نعتقد أن مظاهر أمر الله ومهابط وحيه هم مظاهر جميع أسمائه وصفاته… ولا يعقل إرجاع الضمائر والإشارات في نسبة الأفعال إلى الذات إلا إليهم؛ لأن الذات الإلهية والحقيقة الربانية غيب في ذاتها متعال عن الأوصاف، فلا توصف بوصف ولا تسمى باسم”([31]).
وهذا معناه أن أوصاف الربوبية انتقلت إلى مظاهر الله، وهم في اعتقادهم: أنبياء الله ورسله، ومنهم بل أعظمهم: البهاء.
والذي لا نشك فيه أن البهائية يعبدون البهاء، ويعتبرونه إلههم وربهم، والبهاء نفسه دعا لذلك.
وقد نقل الإمام محمد الخضر الحسين عن عبد البهاء قوله: “وقد أخبرنا بهاء الله بأن مجيء رب الجنود والأب الأزلي ومخلص العالم الذي لا بد منه في آخر الزمان كما أنذر جميع الأنبياء عبارة عن تجليه في الهيكل البشري، كما تجلى في هيكل عيسى الناصري، إلا أن تجليه في هذه المرة أتم وكمل وأبهى، فعيسى وغيره من الأنبياء هيئوا الأفئدة والقلوب لاستعداد هذا التجلي الأعظم”. ثم عقب عليه بقوله: “يريد بهذا: أن الله تجلى فيه بأعظم من تجليه في أجسام الأنبياء على ما يزعم”([32]).
وقال الأستاذ رشيد رضا رحمه الله: “البهائية فرقة من البابية، رئيسها الآن عباس أفندي بن ميزرا حسين علي الملقب بالبهاء أو بهاء الدين دفين عكا، وهم آخر طوائف الباطنية، يعبدون البهاء عبادة حقيقية، ويدينون بألوهيته وربوبيته، ولهم شريعة خاصة بهم… وأما مسألة وحدة الإنسان فإنما يعنون بها دعوة الناس إلى دينهم المبني على عبادة البشر وتقديسهم، حتى قال داعيتهم أبو الفضل في أحد الملاهي العامة بمصر في البهاء: (هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر)، فتلونا نحن فاصلة الآية {سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الطور: 43]”([33]).
والبهاء نفسه يقول عن نفسه: “مَن عَرَفني قد عَرَف المَقصودَ، مَن توجَّه إليَّ قد تَوجَّهَ إلى المَعبودِ”([34]).
وقال: “يا مَلَأَ الإنشاءِ، اسمَعوا نِداءَ مالِكِ الأسماءِ، إنَّه يُناديكم مِن شَطرِ سِجنِه الأعظَمِ أنَّه لا إلهَ إلَّا أنا المُقتَدِرُ المُتَكبِّرُ”([35]).
وقال أيضًا: “قُلْ: تاللَّهِ الحَقِّ، لا يُغنيكمُ اليومَ كُتُبُ العالَمِ، ولا ما فيه مِنَ الصُّحُفِ إلَّا بهذا الكِتابِ الذي ينطِقُ في قُطبِ الإبداعِ أنَّه لا إلهَ إلَّا أنا العَليمُ الحَكيمُ”([36]).
وقال البهائي حيدر علي: “قد أذعنَّا وأيقَنَّا بأُلوهيَّةِ البَهاءِ الذي لا يزالُ بلا مِثالٍ، وقديمٌ قِدَمَ الجَمالِ”([37]).
يقول الأستاذ إلهي إحسان ظهير: “وليست الألوهية فحسب، بل هو عند القوم رب الأرباب كما يصفه ابنه الخناس عبد البهاء عباس: تجلى رب الأرباب والمجرمون الخاسرون. وهو الذي أنشأكم النشأة الأخرى، وأقام الطامة الكبرى([38])… وقال قبل ذلك أبوه المأفون المجنون: إنه لخالق الأشياء، وموجد الأسماء، فانظر إليه كيف يهذي: والذي ينطق في السجن الأعظم إنه لخالق الأشياء وموجد الأسماء([39])، سبحان الله! ما أعظم شأنه! موجد الأسماء وخالق الأشياء وهو في السجن وليس بقادر على أن يخلص نفسه من السجن الرهيب؟! العجز يستصرخ والعبودية تستغيث”([40]).
والبهائيون لم يكتفوا بمجرد تسمية البهاء إلهًا وربًّا، بل صرفوا جميع صور الدعاء والعبادة للبهاء، فيقول أحدهم: “إنَّه لا بُدَّ مِن تَوجُّهِ القَلبِ عِندَ الذِّكرِ والدُّعاءِ إلى بَهاءِ اللَّهِ؛ لأنَّ جَميعَ أدعيتِنا وكُلَّ أسرارِنا مَعَه، ولا يوجَدُ سَميعٌ للدَّعَواتِ ومُجيبٌ لها غَيرُه”([41]).
ويأمرهم البهاء عند الصلاة بالتوجه إليه في حياته وبعد مماته، فيقول: “وإذا أردتم الصلاة ولوا وجوهكم شطري الأقدس المقام المقدس الذي جعله الله مطاف الملأ الأعلى ومقبل أهل مدائن البقاء، ومصدر الأمر لمن في الأرضين والسموات”([42]).
ويخاطب البابيين قائلا: “إنما القبلة من يظهره الله [يقصد نفسه]، متى ينقلب تنقلب إلى أن يستقر”([43]).
فهل هذا إلا وثنية وعبادة للطاغوت والبشر من دون الله تعالى؟! فما أكذب الباب! وما أكذب البهاء! ألا لعنة الله على الكاذبين.
2- وحدة الأديان:
يروج البهائيون لدينهم باعتباره يدعو للسلام، ويزيل الخلاف بين جميع الأديان، يقول البهاء: “إنا محونا من الكتاب كل ما هو سبب للخلاف والفساد والشقاق، وأثبتنا فيه ما هو سبب الاتحاد والوفاق والوئام”([44]).
ويرى البهائيون أن البهائية دين جامع لجميع الملل، فيمكن أن يوجد مسلم بهائي، أو نصراني بهائي، أو يهودي بهائي، أو بوذي بهائي، أو زرادشتي بهائي.
في جوابه عن شخص سأله: أليس من المستحسن بقائي في الطريقة التي درجت عليها طول حياتي؟ يقول عباس أفندي (عبد البهاء): “ينبغي أن لا تنفصل عنها، فاعلم أن الملكوت ليس خاصًّا بجمعية مخصوصة، فإنك يمكنك أن تكون بهائيًّا مسيحيًّا وبهائيًّا ماسونيًّا، وبهائيًّا يهوديًّا، وبهائيًّا مسلمًا”([45]).
وقد بشّر البهائيون باجتماع البشرية على دين واحد وشريعة واحدة، وهي ديانة البهائية، التي يرونها التطور الطبيعي للديانات، وهي الديانة الجامعة المعاصرة للوقت الحاضر.
وفي ذلك يقول البهاء لمستر براون: “أن يتحد جميع العالم على دين واحد، ويصبح جميع الناس أخوة، وتتوثق عرى المحبة والاتحاد بينهم، وتزول الاختلافات الدينية، وتمحى الاختلافات بين جميع البشر”([46]).
ويكرر أيضا رغبته في اتحاد أهل الأرض على أمر واحد وشريعة واحدة في لوحه لملكة فيكتوريا([47]).
ولا شك في وجود تناقض بين دعواهم التقارب والتسامح بين الأديان، وقولهم باجتماع الناس كلها على دين واحد، يقول الأستاذ إلهي ظهير: “والفرق في هذا وذاك واضح وجلي، ويبعد الأول من الثاني بعد المشرقين”([48]).
فالتسامح معناه الإقرار بوجود أديان عدة، تتعايش مع بعضها بسلام ووئام، أما اجتماع الناس على دين واحد فمعناه أن من يدعو لذلك لا يعترف بالأديان الأخرى، ولا يقبلها، فضلا عن عدم واقعية هذا الأمر.
والحقيقة أن شعارات وحدة الأديان هي شعارات ماسونية هدامة، يراد بها هدم الأديان عموما، والإسلام خصوصا، يقول الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله: “فإن نازلة الدعوة إلى الخلط بين دين الإسلام وبين غيره من الأديان الباطلة كاليهودية والنصرانية التي تعقد لها أممُ الكفر المؤتمرات المتتابعة باسم (التقريب بين الأديان) و(وحدة الأديان) و(التآخي بين الأديان) و(حوار الحضارات) هي أبشع دعائم الكهفين المظلمين: (النظام العالمي الجديد) و(العولمة)، اللَّذين يهدفان إلى بث الكفر والإلحاد، ونشر الإباحية وطمس معالم الإسلام وتغيير الفطرة… وقد نهُينا عن هذه النظرية الإلحادية (وحدة الأديان) في سورة فرضها الله على المسلمين في جميع صلواتهم في قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ}. وهذا من جلائل المعاني وأعظم حكم التشريع”([49]).
وعن مجاهد رحمه الله أنه قال: “{وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: 42]: اليهودية والنصرانية بالإسلام”([50])، وعَنْ قَتَادَةَ في قوله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ} [آل عمران: 71] يَقُولُ: “لم تَلْبِسُونَ الْيَهُودِيَّةَ وَالنَّصْرَانِيَّةَ بِالْإِسْلَامِ وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ دِينَ اللَّهِ الَّذِي لَا يَقْبَلُ غَيْرَهُ الْإِسْلَامُ وَلَا يَجْزِي إِلَّا بِهِ؟!”([51])، وعنه أيضا أنه قال عند هذه الآية: “ولا تلبسوا اليهودية والنصرانية بالإسلام، إن دين الله الإسلام، واليهودية والنصرانية بدعة ليست من الله”([52]). قال الشيخ بكر أبو زيد: “وهذا التفسير من أعظم الفقه بكتاب الله تعالى”([53]).
ويقول الشيخ بكر عن هذه الدعوة لتوحيد الأديان أنها: “أكبر مكيدة عُرفت لمواجهة الإسلام والمسلمين، اجتمعت عليها كلمة اليهود والنصارى بجامع علتهم المشتركة: (بغض الإسلام والمسلمين)، وغلفوها بأطباق من الشعارات اللامعة، وهي كاذبة خادعة، ذات مصير مروع مخوف. فهي في حكم الإسلام: دعوة بدعية، ضالة كفرية، خطة مأثم لهم، ودعوة لهم إلى ردة شاملة عن الإسلام؛ لأنها تصطدم مع بدهيات الاعتقاد، وتنتهك حرمة الرسل والرسالات، وتبطل صدق القرآن ونسخه لجميع ما قبله من الكتب، وتبطل نسخ الإسلام لجميع ما قبله من الشرائع، وتبطل ختم النبوة والرسالة بمحمد عليه الصلاة والسلام، فهي نظرية مرفوضة شرعا، محرمة قطعا”([54]).
3- دعوى استمرار الوحي وعدم انقطاع الرسالة:
تعتبر هذه المسألة هي الحد الفاصل بين الإسلام والبابية والبهائية، فبينما يقطع الإسلام بختم النبوة والرسالة، وانقطاع الوحي من السماء، ويجمع المسلمون على ذلك، ويحكمون بكفر وردة من خالف ذلك كما نقله ابن حزم ([55]) وغيره، تجزم البابية والبهائية باستمرار الوحي والرسالة.
وقد ألف الباب الشيرازي كتابه (البيان) الذي ادعى فيه أنه نسخ القرآن.
وبعد موت الباب خلفه البهاء الذي ادعى أن الباب قد بشر به، وأنه المهدي المزعوم، ثم ادعى النبوة بعد المهدوية، وأنه يوحى إليه، يقول: “وفي ليلة من الليالي في عالم الرؤيا سمعت هذه الكلمة العليا من جميع الجهات: إنا ننصرك بك وبقلمك، لا تحزن عما ورد عليك ولا تخف إنك من الآمنين. سوف يبعث الله كنوز الأرض وهم رجال ينصرونك بك وباسمك الذي به أحيا الله أفئدة العارفين”([56]).
ويدعي البهاء بأنه هو الذي أوحى البيان إلى الباب!([57]) وفق نظرية العقيدة المحمدية التي يقول أصحابها بأنها أصل كل العلوم، ومنها يستمد جميع الأنبياء معارفهم([58]).
ويدعي البهاء بأن كتابه الأقدس قد نسخ البيان، كما أن البيان نسخ القرآن.
ويرى البهاء أن القول بختم النبوة هو عين الكفر؛ لأنه دعوى انقطاع رحمة الله وفيضه على العالم، فيقول: “هو عين الكفر الجلي والضلال الصراح، وبعيد كل البعد عن صاحب الفيض المدرار، والرحمة المنبسطة على كل التلال والديار”([59]).
بل إن البهاء يجعل نفسه في رتبة أعلى من سائر الأنبياء، فيقول: “إن العلم مُقَسَّمٌ على سبعة وعشرين حرفًا، وأنَّ ما جاء به الأنبياءُ من آدم إلى الخاتَمِ حَرفينِ فقط، وأُوكِلَ بَيانُ الباقي وهو خَمسةٌ وعِشرونَ إلى القائِمِ، وجُعِلَ ذلك مِن شئونِ وظيفتِه، فالحَظْ مِن هذا التَّبايُنِ والتَّقريرِ جَلالةَ قَدرِ تلك الحَضرةِ؛ حَيثُ يتَبَيَّنُ مِنه رِفعةُ قَدرِه وسُمُوُّه على جَميعِ الأنبياءِ، وأنَّ أمرَه أرفَعُ وأجَلُّ من مستوى إدراك وعرفان جميعِ الأولياء”([60])
4- دعوى نسخ شريعة الإسلام:
وهذا مبني على ما قبله؛ فإذا افترضنا صحة نبوة البهاء وصدق رسالته، وأن الوحي لم ينقطع، فمن الطبيعي بعد ذلك أن يزعم أنه أتى بشريعة تنسخ شريعة الإسلام.
وقد أتت البهائية بشريعة جديدة مخالفة تماما لشريعة الإسلام، فأتت بصلاة جديدة، فَفَرضت ثلاث صلوات فقط، وغيرت القبلة إلى عكا حيثُ قبر البهاء، وجعلت الحج إلى قبره هناك، وجعلت الزكاة تسعة عشر من مائة من مالهم، وجعلت الصيام تسعة عشر يوما في الربيع.
وادعت نسخ شرائع كثيرة، كالحجاب، وتحريم الغناء والرسم ونحوها من الفنون المحرمة في الإسلام، والحكم بنجاسة أي شيء([61]).
ودعت لمساواة الرجل بالمرأة في كل شيء، وفي ذلك يهذي البهاء قائلا: “تعالَى وتعالَى مَنْ رفع الفَرْقَ ووضَعَ الاتّفاقَ، تباهَى تباهَى مَنْ أَخَذَ الاختلاف وحَكَمَ بالإثبـات والائـتلاف، لله الحمد بما أزال القلمُ الأعلى الفروقات ما بين العباد والإماء، ووضع الجميع في صقع واحد بالعناية الكاملة والرحمة الشاملة. لقد قطع ظهر الظنون بسيف البيان ومحا مخاطر الأوهام بقدرته الغالبة القوية”([62]).
وفي مؤتمر اجتماع حرية المرأة في لندن في يناير ١٩١٣م قال عباس أفندي عبد البهاء: “تبعًا لروح هذا العصر يجب أن تتقدم النساء؛ ليتمّمنَ رسالتهن في الحياة، ولهذا يجب أن يتساوين مع الرجال. إن أحد تعاليم حضرة بهاء الله المهمة هو أن تصبح النساء في مستوى واحد مع الرجال، وأن يتمتعن بحقوق وامتيازات وفرص مساوية لحقوق الرجال وفرصهم وامتيازاتهم”([63]).
ومع ذلك لم تلتزم البهائية بذلك، ففضلت الذكر على الأنثى في الميراث؛ إذ خصصت له بعض مقتنيات الميت، ففي الأقدس: “وجعلنا الدار المسكونة والألبسة المخصوصة للذرية من الذكران دون الإناث والوراث إنه لهو المعطي الفياض”([64]).
وجعلت البهائية تقسيم الميراث وفق ما يقرره الميت قبل موته في وصيته، وجعلت له الحرية المطلقة في أن يتصرف في ماله كما يرى([65]).
ومن أخطر ما ادعت البابية والبهائية نسخه شريعة الجهاد، ففي لوح البشارات: “البشارة الأولى التي منحت من أم الكتاب في هذا الظهور العظيم: محو حكم الجهاد من الكتاب”([66]).
تقول الدكتورة بنت الشاطئ: “وبهذا النص الصريح أخذ البهائيون، فمنعوا استعمال الأسلحة لأي سبب، وعلى أي حال”([67]).
يقول الدكتور أسلمنت: “إن البهائيين تركوا بالكلية استعمال الأسلحة النارية حتى في أمور الدفاع المحضة، وذلك بناء على أمر صريح من بهاء الله”([68]).
ويقول عباس عبد البهاء: “إنه نهى عن استعمال هذه الوسائل بالكلية في نشر دعوة الحق، ولو كان من قبيل الدفاع عن النفس؛ لأنه محا آية السيف، ونسخ حكم الجهاد، وقال: أن تُقتَلوا خير من أن تَقتُلوا”([69]).
وتذكر الدكتورة بنت الشاطئ في وثائق التحقيقات مع البهائيين من قبل النيابة العامة أن أحد البهائيين قال: لو أمرتني الحكومة بقتال إسرائيل فسأضرب الرصاص في الهواء؛ لأن القتال ممنوع في الديانة البهائية([70]).
وهذا الأمر اتفقت عليه البابية والبهائية، والقاديانية كذلك، ولا يمكننا فصل ذلك عن القرن التاسع عشر الميلادي الذي سعى فيه الاستعمار لبسط نفوذه على بلاد الشرق، وسعى لاختراق الحصون الإسلامية، وتطويعها لملكه، ونزع روح الممانعة والمقاومة، وقتل روح الجهاد في نفوس المسلمين.
وما زالت هذه الديانات والمذاهب الباطلة تلقى دعمًا وحماية من الصهيونية العالمية والقوى الغربية، ويحتضنون مراكز البهائية الكبرى في بلادهم، ويطالبون بفتح الباب لهم للترويج لباطلهم وسط بلاد المسلمين، وفي كل عام تخرج تقارير المنظمات الحقوقية الغربية تشكو وتدين ما تسميه اضطهاد البهائيين في العالم الإسلامي. وليس ذلك مستغربًا فهذه المذاهب الباطلة كانت وما زالت تخدم المستعمر، وأهدافها تتوافق مع أهدافه.
5- تشريعات متعلقة بالمرأة:
حاول البهاء أن يصنع دينا يجمع فيه كل الطوائف والملل، فقدم دينا خليطًا من اليهودية والمسيحية والزرادشتية والإسلام، وأضاف إليها منتجات الثقافة الحداثية الغربية؛ ليستميل بها الغربيين العلمانيين.
فأباحوا التبرج وخلع الحجاب، وحرموا الطلاق الشفهي وتعدد الزوجات، ودعوا للمساواة بين الذكر والأنثى في كل شيء.
في مؤتمر (بدشت) الشهير الذي عقده البابيون لمناصرة زعيمهم المعتقل قامت (قرة العين) تخطب في الجموع وهي متبرجة كاملة الزينة قائلة: “مزّقوا هذا الحجاب الحاضر بينكم وبين نسائكم بأن تشاركوهن بالأعمال، وتقاسموهن بالأفعال، واصلوهن بعد السلوة، وأخرجوهن من الخلوة إلى الجلوة، فما هن إلا زهرة الحياة الدنيا، وإن الزهرة لا بد من قطفها وشمها؛ لأنها خلقت للشم”([71]).
وفي مؤتمر اجتماع حرية المرأة في لندن في يناير ١٩١٣م قال عباس عبد البهاء: “تبعًا لروح هذا العصر يجب أن تتقدم النساء ليتممن رسالتهن في الحياة، ولهذا يجب أن يتساوين مع الرجال. إن أحد تعاليم حضرة بهاء الله المهمة هو أن تصبح النساء في مستوى واحد مع الرجال”([72]).
ويقول عبد البهاء: “فأما العدل والقسط بين الزوجتين من المستحيل والممتنعات، وتعليق هذا الأمر بشيء ممتنع الوجود دليل واضح على عدم جوازه بوجه من الوجوه؛ فلذلك لا يجوز إلا امرأة واحدة لكل إنسان”([73]).
ومن الواضح أن هذا مجاراة للثقافة الغربية المعاصرة.
ثالثا: أسباب انتشار البهائية:
يمكن إرجاع ذلك للأسباب الآتية:
1- الجهل بالإسلام وحقيقته، فلا يمكن أن تروج هذه العقائد على من عنده أدنى قدر من العلوم الإسلامية.
2- الجهل باللغة العربية، ولذلك تنتشر هذه الأفكار بين العجم أكثر من العرب؛ لبعدهم عن القرآن ومصادر العلم الصحيح.
3- خفاء حقيقة هؤلاء الزنادقة على بعض المسلمين، وقد سبق النقل عن رشيد رضا، وكيف حكى اختلاف الناس في زمنه على حقيقة هؤلاء، وكان ذلك أيضا سببا لتأليف كتاب (مفتاح باب الأبواب) ليجلي صاحبه حقيقة القوم.
لقد كان البهاء يأمر أتباعه بالتلون مع كل قوم على حسب دينهم ومعتقدهم، ولذلك كان يخفى أمرهم على بعض المسلمين، حتى إن (محمد عبده) رغم اتصاله بعبد البهاء، قال عنه: “أنا لم أفهم من عباس أفندي شيئا، وإنما صرّح لي بأن قيامهم لإصلاح مذهب الشيعة، وتقريبه من مذهب أهل السنة”([74]).
ويقول الأستاذ رشيد رضا: “كان عباس أفندي يتردد على الأستاذ الإمام أثناء إقامته في بيروت، ويصلي الصلوات الخمس والجمعة، ويحضر بعض دروس الإمام، واستمر على مكاتبته بعد عودته إلى مصر”([75]).
وكذلك ممن خدعوا بهم الأمير شكيب أرسلان، ووصفهم بأنهم فرقة إسلامية تدعو لتقوية المبادئ الأخلاقية([76]).
وقد ذكرت الدكتورة بنت الشاطئ في وثائقها أن بعض هؤلاء البهائيين الذين تم التحقيق معهم لم يكونوا يعرفون أنهم بذلك مرتدون عن الإسلام، وأنهم كانوا يبكون بشدة حينما يعرفون حقيقة الديانة الجديدة التي انخدعوا فيها([77]).
وسبب ذلك هو عمل البهائيين بطريقة الباطنيين، وإخفاء حقيقة معتقداتهم، وتصويرها بصورة زائفة حتى تلقى قبولا عند من يريدون استمالته لأفكارهم([78]).
4- ميل كثير من الناس لعدم الالتزام بالشريعة، فالبهائية في حقيقتها هي صورة من صور الإلحاد، فهي تقول بنظرية التطور، وتجعل قصة آدم خرافة لا حقيقة لها، والمقصود منها في القرآن أمور مجازية([79]). ولا تؤمن البهائية بالجنة ولا النار، بل تراهما أمورا معنوية أيضا، فالجنة بالمفهوم البهائي هي التقرب إلى الله، والجحيم البعد عنه عز وجل في هذا العالم والعالم الآخر. وشبه بهاء الله الموت بالولادة: “فالاختلاف بين هذا العالم وذلك العالم كما الاختلاف بين عالم الجنين وهذا العالم”، وكما أن رحم الأم هو مكان المرحلة الأولى من التطور الجسماني للإنسان، فإن هذا العالم المادي هو الرحم للمرحلة الثانية الذي ينمو فيه الجسم وتتقوّى قدراته وتتطور روحه وتكتسب الفضائل الإلهية التي ستشكل له قواه الروحية التي ستلزمه بعد الموت في عوالم الروح الإلهية، وبقدر ما تكون قواه متينة سيكون أقرب إلى الله وبها تتطور روحه إلى ما لانهاية. فهذه هي جنته الحقيقية([80]).
ويقول البَهائيُّ جون أسلمنت: “إنَّ بهاء الله وعبد البهاء (عباس) يعتبران الأخبارَ الواردةَ عن الجَنَّةِ والنَّارِ في الكتب المقدس حقائق مرموزةً، كحِكايةِ آدم والخليقة المعلومة، والتي لم تَقَعْ حَرفيًّا، فعندهما الجنة هي حالةُ الكمال، والنَّارُ حالة النَّقصِ”([81]).
فهذه المعتقدات والأخلاق تروق للملاحدة، كما يروق لهم الديانة البوذية؛ لأنهم يريدون دينا يوافق أهواءَهم، لا يلتزمون فيه بشريعة.
وهذا ما يلاحظه جولد تسيهر، قائلا: “إن كثيرين ممن يتسمون بالبهائيين ليسوا في الواقع إلا عقليين منكريين للديانات”([82]).
فالبهائية في حقيقتها هي صورة من صور الإلحاد الروحي الحديث، وهي حالة تجمع بين الإلحاد المنفلت من الدين وضوابطه، مع الإشباع الروحي بجرعة دينية زائفة. وهو ما يجد فيه بعض الملاحدة بغيتهم.
والبهائية كذلك تفتح الباب للإباحية، ونكاح المحارم باستثناء أزواج الأباء([83]). وتركت النص على سائر المحرمات، حتى الأخوات، وذلك “إرضاء للأمم الأوروبية الوحشية التي أباحت زواج الأخ من الأخت رسميا، والفحشاء بالبنات والأمهات علنا وجهرا. وقبل ذلك لم يصرح القوم في حكم اللواط لأجل هذا الغرض والهدف، لترويج البهائية في ربوع الحضارة المتمدنة، والأمم التي أدرجت في دساتيرها جواز اللواط والسحاق وغيرها من المنكرات”([84]).
5- دعم القوى العالمية والاستعمار والصهيونية للبهائية وأمثالها من العقائد المنحرفة، والدفاع عنها، والمطالبة بإفساح المجال لها، والاعتراف بها، وتمكينها من نشر دينها، كما سبق بيان ذلك([85]).
رابعا: نقد البهائية:
إن الأفكار الباطنية الخبيثة لا تحتاج في الحقيقة لأكثر من كشفها، ونزع الغطاء عنها، حتى يظهر قبحها للجميع؛ ولهذا لم يحتج الغزالي لفضح الباطنية في زمنه لأكثر من بيان حالهم وطريقتهم ومقالتهم، وهي بذاتها كافية لتنفير الناس عنهم.
ومع ذلك نشير إشارات مختصرة:
1- الديانة البابية والبهائية تتضمن تناقضات جوهرية، مثل: تصديقهم بالنبي صلى الله عليه وسلم والقرآن، وفي ذات الوقت تكذيبهم بآيات صريحة منه.
فأساس الإسلام وجوهر القرآن وحقيقة دعوة جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام هو إفراد الله تعالى بالعبادة والتوحيد، والتحذير من الشرك وعبادة غير الله تعالى، قال تعالى: ﴿وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَ﴾ [النحل: 36]. والبهاء يدعو لعبادة البشر وعبادة الطاغوت، فكيف يكون رسولا صادقا؟!
وقال الله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤۡتِيَهُ ٱللَّهُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحُكۡمَ وَٱلنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَٰكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّـنَ بِمَا كُنتُمۡ تُعَلِّمُونَ ٱلۡكِتَٰبَ وَبِمَا كُنتُمۡ تَدۡرُسُونَ * وَلَا يَأۡمُرَكُمۡ أَن تَتَّخِذُواْ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةَ وَٱلنَّبِيِّـۧنَ أَرۡبَابًاۚ أَيَأۡمُرُكُم بِٱلۡكُفۡرِ بَعۡدَ إِذۡ أَنتُم مُّسۡلِمُونَ﴾ [آل عمران: 79، 80]. والبهاء قال للناس: كونوا عبادًا لي من دون الله؛ لأنكم لا تستطيعون عبادة الله مباشرة!
والقرآن يصف الله تعالى بأوصاف الكمال ونعوت الجلال، ويسميه بأسمائه الحسنى كما قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰ فَٱدۡعُوهُ بِهَا﴾ [الأعراف: 180]، والبهاء ادعى أنه هو حقيقة هذه الأسماء!
والقرآن مملوء بوصف الله تعالى بأسمائه الحسنى، والبهاء يقول بأنه تعالى بلا اسم ولا وصف، فجعلوه عدما بل ممتنعا؛ فإنهم -تبعًا للباطنية- ينفون الشيء ونقيضه، وهذا ممتنع، وهو شر من المعدوم؛ فإن المعدوم يمكن إيجاده بخلاف الممتنع.
والقرآن يصرح بما لا يحتمل اللبس بختم النبوة، قال تعالى: ﴿مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمۡ وَلَٰكِن رَّسُولَ ٱللَّهِ وَخَاتَمَ ٱلنَّبِيِّـنَ﴾ [الأحزاب: 40]، قال البغوي: “قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُرِيدُ لَوْ لَمْ أَخْتِمْ بِهِ النَّبِيِّينَ لَجَعَلْتُ لَهُ ابْنًا يَكُونُ بَعْدَهُ نَبِيًّا. وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا حَكَمَ أَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ لَمْ يُعْطِهِ وَلَدًا ذَكَرًا يَصِيرُ رَجُلًا”([86]).
وقال ابن كثير رحمه الله: “هذه الآية نص في أنه لا نبي بعده، وإذا كان لا نبي بعده فلا رسول بعده بالطريق الأولى والأحرى؛ لأن مقام الرسالة أخص من مقام النبوة، فإن كل رسول نبي ولا ينعكس، وبذلك وردت الأحاديث المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث جماعة من الصحابة رضي الله عنهم”([87]). وبهذا تندفع شبهة من قال: بأن ختم النبوة لا يستلزم ختم الرسالة. وهذه إحدى شبهات البهائية.
فالقرآن والسنة المتواترة يقطعان بكفر من أنكر ختم النبوة، والبهاء وأتباعه يتلاعبون بكل هذه النصوص، ويتأولونها تأويلات باطنية على طريقة سلفهم من الإسماعيلية والزنادقة.
فمن تأويلاتهم لها: أن ختم النبوة لا يستلزم ختم الرسالة؛ وتقدم إبطال ذلك؛ فإن النبوة أعم من الرسالة، فلا يكون رسولا إلا إذا كان نبيًّا، فختم النبيين يستلزم ختم الرسالة.
وقالوا أيضا: إن المقصود ختم الأنبياء الذين يروّجون لدين الإسلام، وهذا لا ينفي وجود رسل يدعون لأديان جديدة كالبهائية([88]). وهذا باطل أيضا؛ لأن جميع الأنبياء والرسل دعت لدين الإسلام، ويستحيل أن يأتي نبي يدعو لغير الإسلام، قال تعالى ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ * فَمَن تَوَلَّىٰ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾ [آل عمران: 81-83].
وادَّعى بعضهم أن المقصود: زينة النبيين، كالخاتم الذي يلبس في الإصبع([89]). وهذا باطل، ومخالف لما أجمع عليه علماء الإسلام وأهل اللغة، فالخاتم عندهم هو: آخر الشيء. يقال: “ختمتُ الشَّيْء أختمه ختمًا إِذا بلغتُ آخِره”([90])، وقال ثَعْلَب: “فالخاتم الَّذِي ختم بِهِ الْأَنْبِيَاء”([91])، وفي لسان العرب: “وخِتامُ القَوْم وخاتِمُهُم وخاتَمُهُم: آخرُهم؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خاتِمُ الأَنبياء عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ”([92]).
والقرآن يوجب على المسلمين جهاد أعدائهم، ويبين أن الجهاد في سبيل الله تعالى من أفضل الأعمال وأجل القربات، وآيات القرآن وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم شاهدة بذلك.
والبهاء وسلفه الباب يصرحان بتحريم الجهاد ولو دفاعا عن النفس!
ولو كان هؤلاء يقولون: نحن ملحدون نكذب بالقرآن لانْقَطع الكلام معهم، ولكَفَوا المسلمين شرهم؛ فإنهم ليسوا أذكى ولا أنبه من أسيادهم من اليهود والنصارى الذين عجزوا عن اختراق المسلمين بشبهاتهم، ولكنهم منافقون يتسترون في بلاد الإسلام باسم المسلمين، وربما شاركوهم الصلاة في المساجد، فيلتبس أمرهم على المسلمين، وهم في الواقع منافقون زنادقة ملاحدة.
2- يدعي البهاء نبوة الباب ونبوته، ويكتب كتاب (الإيقان) لتأكيد ذلك، وأن البيان نسخ القرآن، ثم يدعي نبوة نفسه، وأن كتابه (الأقدس) نسخ (البيان). ولكنه لا يقدم دليلا واحدًا على صدق نبوة الباب ولا نفسه، فضلا عن ألوهيتهما.
فلم يقدم معجزة عملية مثلا من جنس معجزات الأنبياء، لا معجزة علمية، بل ادعى أن النبوة لا تتوقف على المعجزة.
وكتاب البيان والأقدس فيهما من الركاكة والضعف والغثاء ما يجعل صاحبه مثارًا للسخرية([93]). وكل من قرأ شيئًا منه لم يعترِهِ شكّ في كذب صاحبه وادعائه.
والباب الذي يدعون نبوته وألوهيته مات مقتولا بعد أن توسل للحاكم واستعطفه، ورجاه أن يعفو عنه. والبهاء الذي يعبده البهائيون قد سجن ونفي ومات في آخر حياته بعد أن أصيب بالجنون. فكيف لعاقل أن يصدّق دعاوى أمثال هؤلاء؟!
3- تقلّب الباب والبهاء بين أنواع من الكذب، فالباب بدأ دعواه بكونه الباب المبشر بالمهدي والممهد لظهوره، ثم ادعى المهدية، ثم النبوة، ثم الألوهية.
والبهاء كان من أتباع الباب، ثم ادعى لنفسه المهدية وأنه المبَشَّر به من قِبل الباب، ثم ادعى النبوة، وأنه أتى بدين جديد ينسخ الإسلام وشريعة الباب، ثم ادعى الألوهية والربوبية.
وكل هذه الدعاوى متناقضة مع بعضها تناقضًا بينًا؛ فالمهدي -عند السنة والشيعة- رجل من أمة الإسلام، يجدد دين الإسلام، لا ينسخه ويخرج عليه، ولا يدعي النبوة، فضلا عن الألوهية.
ودعوى النبوة تناقض انتسابه للإسلام، وتناقض دعوى الربوبية والألوهية، فهذا مما يبين كذبه.
4- يدّعي البهاء أنه أتى لتحقيق السلام العالمي، ولكنه في الواقع عجز عن تحقيق السلام في البيت الواحد، فقد تنازع مع أخيه صبح أزل تنازعا مريرًا على وراثة الباب وخلافته، حتى حاول كل واحد قتل صاحبه، وانتزع البهاء خلافة الباب من أخيه مخالفًا وصية الباب. ثم تنازع أبناء البهاء من بعده([94]).
ومع كل اختلاف من هذا القبيل تنقسم الطائفة عدة طوائف، يتصارعون فيما بينهم، فكيف يدعون أنهم أتوا لتحقيق السلام العالمي؟!
5- يدعي البهاء أنه يدعو للتسامح، ولكنه في الحقيقة يكفّر من لا يؤمن بألوهيته، ويحتقر المسلمين في كتابته، ويصفهم في كتابه (الإيقان) عشر مرات تقريبا بالهمج الرعاع([95]).
6- يدعي البهاء بأنه يدعو للسلام، ولكنه يؤيد الاستعمار والصهيونية، ويبارك إسرائيل التي قامت دولتها على المجازر والقتل والتهجير، ويدعو لبريطانيا أن يديم الله ظلّ مستعمراتها. فكيف يدّعون التسامح والسلام وهم يؤيدون المستعمر؟! فقد أيدوا المستعمر الروسي ثم الإنجليزي ثم الصهيونية، وادعوا أحقية اليهود في أرض فلسطين، وباركوا قيام دولة إسرائيل، فكيف يدَّعون محبتهم للسلام؟!
ويدعي الباب والبهاء نسخ القتال، ولكنهم يقاتلون الدولة في إيران قتالا مريرًا، وأثاروا فتنا عظيمة([96]).
7- حرم البهاء تأويل نصه المتعلق بعدم ظهور نبي قبل مرور ألف عام بعده، فيقول: “من ادعى أمرًا قبل إتمام ألف سنة كاملة إنه كذاب مفتر… من يؤول هذه الآية أو يفسرها بغير ما نزل في الظاهر محروم من روح الله ورحمته”([97]). ولكنه في ذات الوقت يتأول آيات القرآن القطعية -بما فيها آيات ختم النبوة- تأويلا باطنيا.
ثم إنه يكذّب نفسه ويتناقض، فإنه في موضع آخر ينفي ظهور أحد بعده مطلقا، فيقول: “يقول لسان العظمة ونفسي الحق قد انتهت الظهورات إلى هذا الظهور الأعظم [يقصد نفسه] ومن يدعي بعده أنه كذاب مفتر”([98]).
8- تنبَّأَ الباب والبهاء بنبوءات كثيرة، وقد ظهر كذبها وزيفها.
فمن ذلك تنبؤهم بظهور ديانتهم في العراق وإيران، وأنهم سيحكمون طهران وما وراءها من البلدان، وأن دينهم سيغلب الأديان ويعتنقه أكثر العالم، وبالتحديد -كما ذكر عباس أفندي- في عام 1975م، حيث تتأسس الوحدة الإنسانية، ولكن ذلك كله ظهر كذبه وعدم تحقق شيء منه([99]).
ولَمَّا سُئل عباس أفندي الملقب بـ(عبد البهاء) في فبراير ١٩١٤م إذا كانت دولةٌ من دول العالم العظيمة تؤمنُ بالديانة البهائية والأمرِ البهائي أجاب: “سيؤمن جميعُ أهل العالم.. الآن قد أحاط أمرُ الله جميعَ العالم، وبدون شك سوف يأتي الجميعُ ويدخلون في ظل أمر الله” أي: أمر البهائي، وقد قرَّر صراحةَّ بَقُربِ حصول ذلك، وبأنه يَتِمُّ في هذا القرن الحالي، ففي خطبةٍ خطبها قال: “هذا القرن قَرنُ شمس الحقيقة، وهذا القرنُ قرنُ تأسيسِ ملكوت الله على الأرض” ([100]).
ويقول أسلمنت: “إن عبد البهاء عباس الملهَم والموحَى إليه -حَسْبَ زعمهم- صرَّح في محادثة على المائدة بحضرته: يتأسس الصلحُ العامُّ على أساس متين، وتترقَّى اللغةُ العامَةُ، ويزولُ سُوءُ التفاهم، وينشر الأمر البهائي في جميع الأقطار، وتتأسسُ وِحدةُ الإِنسانية سنة ١٩٥٧ الميلادية حَسب البشارات القديمة” ([101]).
فهذه هي النبوءة الكبيرة التي تنبَّأ بها البهاء المازندراني ربُّ البهائية، وفسَّرها وبينها ببيانٍ واضحٍ جليٍّ ابنُه عباس عبد البهاء نبي البهائية وشارحها.
وهي نبوءة محددة لا تَقبلُ التأويل وحَمْلَها على محمل آخر، وحدَّدها عبد البهاء بعام مخصوص وهي ١٩٥٧م، وهي السَّنة التي جاء ذِكرُها في البشارات القديمة أيضًا حسب زعمه وزعمهم.
وهي آخرُ السنوات التي تعمُّ فيها البهائيةُ العالَمَ، وتُنشر في أرجائه وأنحائه، وتَعتنقُ الدولُ العظيمةُ السخافةِ البهائية إلى هذه السنة، ويرتفع فيها ضجيجُ هُتافِ البهائية، وشعارُها: “يا بهاء الأبهى” من جميع الجهات.
فأيةُ دولةٍ من الدول العظيمةِ اعتنقت البهائية؟! وأيُّ العالَم وأرجاؤُه وأنحاؤه انتشر فيه البهائيون؟! وأي الدنيا ارتفع فيها ضجيجُ الشعار البهائي؟! وفي أيةِ قطعةٍ مِن قِطاع الأرض عَمت فيها تعليماتُهم، فضلًا من أن تُحيطُ العالَمَ بأسرِه؟!
كل ذلك لم يحدث، وهذا دليل ظاهر على كذب نبوءاته ودعواه.
خاتمة ونتائج البحث:
يمكننا الخروج بنتائج وخلاصات مهمة عن البهائية، وهي:
- البهائية ليست مذهبًا إسلاميا لا سنيًّا ولا شيعيًّا، بل هي خروج عن تعاليم الإسلام، وخليط من عقائد متنافرة وفلسفات متباينة، وامتداد للفرق الباطنية كالإسماعيلية وغيرها، ولذا اتفق علماء المسلمين من جميع المذاهب على ردة أصحابها عن الإسلام، وحكموا بكفرهم وردتهم، وتفريقهم عن زوجاتهم، وتطبيق أحكام الردة عليهم.
- البهائية لا تصلح كذلك أن تكون دينًا مستقلا، فعلامات الكذب والتناقض والدجل ظاهرة في كلام مؤسسيها، ولا يوجد دليل واحد يدل على صدقها.
- التشيع والتصوف المغاليان يمثلان البيئة الخصبة التي تنمو فيها أفكار البهائية والبابية.
- الجهل بالدين واللغة العربية من أعظم أسباب انتشار مثل هذه الانحرافات.
- كشف حقيقة البهائية وفضح عقائدها يساهم في الوقاية والتحذير من الافتتان بها.
- البهائية نشأت وترعرعت في كنف الاستعمار، وصلاتها بالصهيونية والاستعمار وثيقة، لكونها تمثل اختراقا خطيرا للإسلام من الداخل.
والله المستعان، والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)
([1]) صحيح البخاري (45)، وصحيح مسلم (3017).
([2]) أخرجه أبو داود (4607)، والترمذي (2676)، وابن ماجه (43)، وأحمد (17185)، وصححه الترمذي وابن حبان (5).
([3]) فرقة باطنية انتسبت إلى الإمام إسماعيل بن جعفر الصادق، ظاهرها التشيع لآل البيت، وحقيقتها هدم عقائد الإسلام، تشعبت فرقها وامتدت عبر الزمان حتى وقتنا الحاضر. انظر: الموسوعة الميسرة (1/ 383).
([4]) حركة باطنية هدامة تنتسب إلى حمدان بن الأشعث ويلقب بقرمط لقصر قامته وساقيه. وقد اعتمدت هذه الحركة التنظيم السري العسكري، وكان ظاهرها التشيع لآل البيت والانتساب إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق وحقيقتها الإلحاد والإباحية وهدم الأخلاق والقضاء على دولة الإسلام. انظر: الموسوعة الميسرة (1/ 378).
([5]) حركة باطنية ظهرت في القرن الثالث للهجرة، أصحابها يعدُّون من غلاة الشيعة الذين زعموا وجودًا إلهيًّا في علي وألهوه به، مقصدهم هدم الإسلام ونقض عراه، وهم مع كل غاز لأرض المسلمين، ولقد أطلق عليهم الاستعمار الفرنسي لسوريا اسم العلويين تمويهًا وتغطية لحقيقتهم الرافضية والباطنية. انظر: لموسوعة الميسرة (1/ 390).
([6]) فرقة باطنية تؤلِّه الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، أخذت جل عقائدها عن الإسماعيلية، وهي تنتسب إلى نشتكين الدرزي. عقائدها خليط من عدة أديان وأفكار، كما أنها تؤمن بسرية أفكارها، فلا تنشرها على الناس، ولا تعلمها لأبنائها إلا إذا بلغوا سن الأربعين. انظر: الموسوعة الميسرة (1/ 397).
([7]) هم إسماعيلية مستعلية، يعترفون بالإمام المستعلي ومن بعده الآمر ثم ابنه الطيب، ولذا يسمون بالطيبية، وهم إسماعيلية الهند واليمن، تركوا السياسة وعملوا بالتجارة فوصلوا إلى الهند واختلط بهم الهندوس الذين أسلموا وعرفوا بالبهرة، والبهرة لفظ هندي قديم بمعنى التاجر. انظر: الموسوعة الميسرة (1/ 386).
([8]) وممن يكرر ذلك: صاحب كتاب (البهائية تهم وردود) للكاتب البهائي: سيفي سيفي.
([10]) انظر: العقيدة والشريعة (ص: 270-280)، ترجمة محمد يوسف موسى – ط الهيئة المصرية للكتاب 2013م. وقد ذكر في كتابه هذا عددا من المستشرقين الذين عنوا بالبهائية كالأستاذ (برون) الذي كتب بحثًا موسوعيا عن البابية وتاريخها، وهوليوت دريفوس الذي كتب بحثا في (البهائية تاريخها وقيمتها الاجتماعية) 1909م، وكتاب (هرمان رويمر): (البابية والبهائية أحدث فرقة في الإسلام) 1912م.
([11]) كلمة يونانية الأصل، معناها المعرفة، غير أنها أخذت معنى اصطلاحيا هو التوصل بنوع من الكشف إلى المعارف العليا، أو هو تذوق تلك المعارف تذوقًا مباشرًا بأن تلقى في النفس دون استدلال أو برهنة عقلية. انظر: نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام، للدكتور على سامي النشار (1/ 186-187)، والمعجم الوسيط (2/ 664).
([12]) الأفلاطونية الجديدة تسمية حديثة لآراء مجموعة من الفلاسفة والمفكرين الملاحدة تمتد من 250 ق. م حتى 550م، وهذه الآراء تحاول إعطاء تفسير للكون والإنسان والحياة لتلبية طموح الإنسان من النواحي الدينية والأخلاقية والعقلية. وهي تختلف اختلافًا جوهريًّا عن آراء أفلاطون اليوناني. وأثّرت كثيرًا -ولا تزال- في أفكار بعض الفلاسفة المسلمين وفي كثير من الطرق الصوفية في العالم الإسلامي. انظر: الموسوعة الميسرة (2/ 793).
([13]) انظر: الإسماعيلية تاريخ وعقائد، إحسان إلهي ظهير (ص: 273)، وقد ناقشهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في رسالته المشهورة التدمرية، في القاعدة السابعة (3/ 88).
([14]) كنز الولد، للحامدي (ص: 195) نقلا عن الإسماعيلية لإحسان إلهي ظهير (ص: 288).
([15]) كتاب الكشف (ص: 109) نقلا من نفس المصدر السابق.
([16]) مزاج التسنيم (ص: 337) نقلا عن نفس المصدر السابق.
([17]) وقد سبق شرح ذلك في ورقة بعنوان: (الحقيقة المحمدية عرض ونقد) في جزأين، وهي منشورة بموقع مركز سلف:
([18]) فضائح الباطنية (ص: 43).
([19]) مختصر التحفة الاثني عشرية (1/ 22).
([20]) أخرجه الطبراني (11061)، وابن عدي في الكامل (3/ 412).
([21]) ينظر: سؤالات ابن الجنيد (ص: 285)، والعلل لأحمد (ص: 173)، والضعفاء لابن عقيل (3/ 149)، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم (6/ 99)، والموضوعات لابن الجوزي (2/ 112).
([22]) انظر: قراءة في وثائق البهائية لبنت الشاطئ (ص: 195) فصل: العدد البهائي تسعة عشر.
([23]) البابية عرض ونقد (ص: 182).
([24]) ينظر في ذلك: البابية عرض ونقد لإحسان إلهي ظهير، والبهائية لعبد الرحمن الوكيل، وقراءة في وثائق البهائية لبت الشاطئ، ومفتاح باب الأبواب لمهدي خان. وقد لخصت ما سبق من مجموع كلامهم.
([25]) انظر: الكواكب الدرية، محمد حسين أواره (ص: 407).
([26]) انظر: البهائية نقد وتحليل، لإحسان إلهي ظهير (ص: 26-47).
([27]) ينظر: الدين البهائي بحث ودراسة، لدوغلاس مارتن (ص103)، والبهائية تهم وردود، للباحث البهائي سيفي سيفي (ص: 55-66)، فقد تحدث فيه عن شكل هذا البيت وطريقة انتخابه وصلاحياته.
([28]) البهائية تهم وردود لسيفي سيفي (ص: 193).
([30]) البهائية تهم وردود، سيفي سيفي (ص: 196).
([31]) الدرر البهية، أبو الفضائل (ص: 54-56).
([32]) الأعمال الكاملة (9/ 80).
([38]) مكاتيب عبد البهاء (ص: 138).
([39]) مجموعة الأقدس (ص: 325).
([40]) البهائية نقد وتحليل (ص: 87-88).
([41]) من كتاب دروس الديانة نقلا عن: تنوير الألباب لإبطال دعوة البهاء والباب لجلال الدين أحمدي (ص: 27).
([43]) الأقدس، الفقرتان (292، 293).
([44]) بهاء الله والعصر الجديد، لأسلمنت (ص: 19).
([45]) خطابات عبد البهاء (ص: 99).
([46]) نقلا عن بهاء الله والعصر الجديد، لأسلمنت (ص: 121).
([47]) لوح ملكة فيكتوريا (ص: 24)، وبهاء الله والعصر الجديد (ص: 125).
([48]) البهائية نقد وتحليل (ص: 98).
([49]) الإبطال لنظرية الخلط بين الأديان، مقدمة ط الثانية.
([52]) تفسير ابن كثير (1/ 150).
([53]) الإبطال لنظرية الخلط بين الأديان (ص: 17).
([57]) بهاء الله والعصر الجديد لأسلمنت (ص: 53).
([58]) انظر: المعجم الصوفي للدكتورة سعاد الحكيم -ط: دندرة الطبعة الأولى 1981م- (ص: 234).
([61]) انظر: البهائية تهم وردود لسيفي سيفي، والبهائية نقد وتحليل لإلهي ظهير، وشرح الأقدس (ص: 222).
([62]) مائدة آسماني (8/ ٥٢-٥٣).
([63]) مختصر المبادئ البهائية -الطبعة الرابعة- (ص: ٣٥-٣٦).
([64]) الكتاب الأقدس، فقرة (25).
([65]) كما جاء في (فصل الوصية والميراث) من كتاب بهاء الله والعصر الجديد، نقلا عن موقع الدين البهائي.
([66]) قراءة في وثائق البهائية، بنت الشاطئ (ص: 93).
([67]) قراءة في وثائق البهائية (ص: 93).
([68]) بهاء الله والأمر الجديد (ص: 160-161).
([69]) بهاء الله والعصر الجديد (ص: 168).
([70]) قراءة في وثائق البهائية (ص: 93).
([71]) مفتاح باب الأبواب (ص: 181).
([72]) مختصر المبادئ البهائية -الطبعة الرابعة، نيسان ١٩٩٧م- (ص: ٣٥-٣٦).
([74]) تاريخ الأستاذ الإمام (1/ 934).
([75]) المصدر السابق (1/ 930).
([76]) حاضر العالم الإسلامي (4/ 358).
([77]) قراءة في وثائق البهائية (ص: 187).
([78]) لمزيد من النظر في طبيعة عمل البهائيين انظر: حقيقة البابية والبهائية لمحسن عبد الحميد (ص: 181).
([79]) انظر: البهائية تهم وردود (ص: 100).
([80]) نقلا عن ملخص العقيدة البهائية من الموقع الرسمي للبهائية (الدين البهائي).
([81]) بهاء الله والعصر الجديد (ص: 185).
([82]) العقيدة والشريعة في الإسلام (ص: 279).
([84]) البهائية نقد وتحليل (ص: 184).
([85]) انظر لمزيد من الشواهد على ذلك بحث: “البهائية وعلاقتها بالصهيونية وقيام دولة إسرائيل” لخالد عبد الحليم السيوطي، في المؤتمر الدولي السابع للفلسفة الإسلامية: الإسلام والغرب حوار أم صراع القاهرة: جامعة القاهرة – كلية دار العلوم، 2002م (ص: 338 -376).
([87]) تفسير ابن كثير (8/ 381).
([88]) ذكر هذين الوجهين سيفي سيفي في البهائية تهم وردود (ص: 225).
([89]) هذه دعوى غلام أحمد قاديان زعيم الطائفة القاديانية الأحمدية الذي ادعى النبوة.
([91]) مشارق الأنوار على صحاح الآثار (1/ 230).
([93]) انظر مثلا ما جاء في كتاب البيان: “تبارك الله من شمخ مشمخ شميخ ومن بذخ مبذخ بذيخ. تبارك الله من بدأ مبتدئ بدئ. تبارك الله من فخر مفتخر فخير. تبارك الله من ظهر مظهر ظهير”. من كتاب مفتاح باب الأبواب (ص: 282)، ويمكن الرجوع لهذا الموضع من كتاب المفتاح لقراءة مثل هذا اللغو الذي يزري بصاحبه ويجعله مسخرة بين العالمين.
([94]) انظر: البهائية نقد وتحليل (ص: 326-328).
([95]) انظر مثلا: كتاب الإيقان (ص: 74، 105، 110، 114، 115، 121، 206).
([96]) انظر معارك البابية في إيران كتاب: البهائية تهم وردود لسيفي سيفي -منشور على الشبكة-.
([97]) الأقدس، نقلا عن البهائية لإلهي ظهير (ص: 297).
([98]) الاقتدار للبهاء (ص: 328)، نقلا عن البهائية لإلهي ظهير (ص: 297).
([99]) انظر: البهائية نقد وتحليل (ص: 249-308).