الأحد - 20 جمادى الآخر 1446 هـ - 22 ديسمبر 2024 م

العُدول عن القول الراجح في بعض مسائل الحَجِّ ..في ظل انتشار جائحة كورونا وفقه التيسير

A A

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة

مقدمة:

ليس خافيًا على أحد ما أصاب العالَمَ كلَّه من هذه الجائحة عام 1441هـ، والتدابير الوقائية التي اتخذتها الدول الإسلامية وعلى رأسها حكومة المملكة العربية السعودية، ابتداءً من إيقاف صلاة الجمعة والجماعة -عدا الحرمين الشريفين-، وتعليق العمرة وتأشيرات السياحة، إلى غير ذلك من الإجراءات الاحترازية؛ حفظًا للأرواح وأخذًا بالأسباب التي تقي -بإذن الله- من اتساع نطاق الوباء، وأخذًا بالقاعدة الشرعية: درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.

وقد كان حج العام الماضي 1441هـ موسمًا استثنائيًّا، حيث قُلِّص أعداد الحجاج فيه إلى عشرة آلاف حاج من داخل المملكة، جميعهم أدَّوا مناسك الحج في يسر وسهولة وطُمأنينة وراحة، وكان هذا الاقتصار على العدد المحدود لأداء فريضة الحج حفاظًا على صحة ضيوف الرحمن وسلامتهم، ومنعًا من تعطيل هذه الشعيرة التي هي الركن الخامس من أركان الإسلام.

وقد أشارت دراسة علمية([1]) إلى عدم تعطل أو انقطاع شعيرة الحج أبدًا على مدى التاريخ الإسلامي، وأن غاية ما حصل: إما توقف جزئي من بعض البلدان، وإما أوبئة وعوارض صحية أو أمنية حصلت لبعض الحجاج منعتهم من أداء الفريضة، بينما قام بالحج غيرهم، وأن انقطاع الحج بالكُلية إنما يكون في آخر الزمان بعد خروج يأجوج ومأجوج، وقد ورد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى لا يُحَجَّ البيت»([2]).

قال ابن القيم رحمه الله: “وجعل الله بيته الحرام قيامًا للناس، فهو عمود العالم الذي عليه بناؤه، فلو ترك الناس كلهم الحج سنة لخرّت السماء على الأرض، هكذا قال ترجمان القرآن ابن عباس؛ فالبيت الحرام قيام العالم، فلا يزال قيامًا ما دام هذا البيت محجوجًا”([3]).

وفي ظل استمرار جائحة كورونا إلى حج هذا العام 1442هـ، فقد أعلنت وزارة الحج زيادة عدد الحجاج هذا العام إلى ستين ألف حاج من حجاج الداخل، بزيادة خمسة أضعاف عن السنة الماضية، مما يحوجُ الفقيه إلى النظر في مسائل قد تطرأ على الحجاج في ظل هذه النازلة.

وفي هذه الورقة العلمية سنتحدث عن مسألة العدول عن القول الراجح إلى القول المرجوح، ومدى أهمية هذا الفقه في هذه النازلة، وقد ألف الفقهاء في العدول عن ظاهر المذهب والعدول عن القول الراجح في الفتيا والقضاء، مبينين أسس هذا الفقه وقواعده، ومن المبادرات الحكيمة ما قامت به الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي بتنسيق محاضرة في المسجد الحرام عن بُعد لمعالي عضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور عبد السلام بن عبد الله السليمان بعنوان: “العدول عن القول الراجح إلى المرجوح في بعض مسائل الحج”، ضمن البرامج التوجيهية والإرشادية التي تقدمها الرئاسة في حج عام 1441هـ، وهي محاضرة مفيدة مختصرة في أقل من ثلاثين دقيقة، فيها ملامح وإشارات لأهم الأحكام الفقهية المتعلقة بهذه النازلة، واستفيد من توجيهاتها ومحتواها.

وقد قمتُ في هذه الورقة العلمية بترتيب المسائل المتعلقة بهذا الفقه على ترتيب أداء النُّسك، نسأل الله الكريم أن يوفقنا ويسددنا.

الأصل الفتوى على القول الراجح:

المقصود بالقول الراجح في الاصطلاح: القول الراجح من الأقوال الفقهية في المذاهب المعتبرة. والمقصود به أيضًا: الراجح من الأقوال والروايات والأوجه في المذهب الواحد. ولذا فإن تعريف الرّاجح في الاصطلاح الذي يشمل المقصودين السابقين هو: كل قول يظهر بمزيد مزيّة لدى الفقيه -مفتيًا كان أو قاضيًا- سواء كان مجتهدًا أو دون رتبة الاجتهاد، بناء على الموازنة بين الأصول الشرعية والمذهبية ومدلولاتها وآثارها([4]).

وقد نص الفقهاء والأصوليون على وجوب العمل بالقول الراجح، قال ابن الحاجب: “ويجب تقديم الراجح”([5])، وقال الآمدي: “وأما أنَّ العمل بالدليل الراجح واجب فيدل عليه ما نُقل وعلم من إجماع الصحابة والسلف في الوقائع المختلفة على وجوب تقديم الراجح من الظَّنَّيْن… ومن فتَّش عن أحوالهم ونظر في وقائع اجتهاداتهم علم علمًا لا يشوبه ريب أنهم كانوا يوجبون العمل بالراجح من الظَّنين دون أضعفهما… ولأنه إذا كان أحد الدليلين راجحًا فالعقلاء يوجبون بعقولهم العمل بالراجح”([6]).

أما العامي الذي لا قدرة له على فهم الأدلة والموازنة بينها ففرضه سؤال من يثق في علمه ودينه من العلماء، لقوله تعالى: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [النحل: 43]؛ لهذا إذا أخذ العامي بالقول المرجوح الذي قال به بعض أهل العلم المعتبرين عند وجود المقتضي الشرعي فلا إثم على العامي في تقليد من أفتاه به إذا كان محل ثقة عنده في العلم والورع؛ لأنه والحال هذه يكون القول المفتى به راجحًا بالنسبة له، ويجب الأخذ به في حقه، والأصل أن يأخذ المقلد بالراجح من مذهب إمامه.

والأقوال المرجوحة تطلق على ما ضعف دليله من الأقوال، أو ما كان فيه تفرّد وشذوذ عن البقيّة:

وقال الشاطبي: “ما كان معدودًا في الأقوال غلطًا وزللًا قليل جدًّا في الشريعة، وغالب الأمر أنّ أصحابها منفردون بها، قلما يساعدهم عليها مجتهد آخر، فإذا انفرد صاحب قول عن عامّة الأمة فليكن اعتقادك أنّ الحقّ مع السواد الأعظم من المجتهدين”([7]).

فلا يصار إلى الأخذ بالقول المرجوح إلا عند الضرورة، والحاجة المنزلة منزلتها، فيجوز ذلك لدفع مفسدة معتبرة شرعًا.

ومن ضوابط الضرورة الشرعية: أن تكون قائمة لا منتظرة، ويقينية أو غالبة الظن، وملجئة أو محرجة، وأن تؤتى بقدرها([8]).

وممن رجح جواز الأخذ بالرخصة عند الحاجة السبكي، فقال رحمه الله: “يجوز التقليد للجاهل والأخذ بالرخصة من أقوال العلماء بعض الأوقات عند مسيس الحاجة من غير تتبع الرخص، ومن هذا الوجه يصح أن يقال: الاختلاف رحمة، إذ الرخص رحمة”([9]).

وقال الشيخ محمد بن إبراهيم: “المسألة الخلافية إذا وقعت فيها الضرورة… جاز للمفتي أن يأخذ بالقول الآخر من أقوال أهل العلم الذي فيه الرخصة”([10]). وقال أيضًا: “إذا ثبتت الضرورة جاز العمل بالقول المرجوح نظرًا للمصلحة، ولا يتّخذ هذا عامًّا في كل قضية، بل الضرورة تقدّر بقدرها، والحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا”([11]).

وعليه فالعمل بالقول المرجوح رخصة، فهو يعد استثناء من الأصل، فلا يؤخذ به إلا بشروط ذكرها الفقهاء المجيزون للأخذ بالقول المرجوح عند الاقتضاء، تعود في جملتها إلى الشروط الآتية:

1- أن يصدر ممن هو أهل للاجتهاد متمكّن من تقدير الضرورات والحاجات.

2- أن يكون في مسألة يسوغ فيها الاجتهاد.

3- أن يترجّح أحد القولين بمرجّح من المرجّحات.

4- أن لا يكون من الضعيف المدرك([12]).

5- أيضًا أن يكون العدول عن القول المرجوح للضرورة والحاجة التي هي في رتبة الضروريات، لا من باب التحسينات.

6- أن لا يتعارض القول المعدول إليه مع نصّ صريح من الكتاب والسنّة.

7- أن يقصد المفتي مصلحة دينيّة راجحة([13]).

من المسائل المهمّة التي تدخل تحت هذا الأصل في الحجّ:

المسألة الأولى: الحجّ مفردًا أو قارنًا لما في التمتّع من زيادة اختلاط.

من المعلوم أنّ أكثر أهل العلم يرون أنّ التمتع أفضل الأنساك، وهو مَذْهَبُ الحَنابِلَة([14])، وأحَدُ قَوْلَيِ الشَّافعي([15])، وبه قالَتْ طائِفةٌ مِنَ السَّلَفِ([16])؛ وذلك لأنّه النسكُ الذي تمنّاه النبي عليه الصلاة والسلام وأمر به أصحابه حيث قال: «لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِن أَمْرِي ما اسْتَدْبَرْتُ ما سُقْتُ الهَدْيَ، وَلَحَلَلْتُ مع النّاسِ حِينَ حَلُّوا»([17]).

ولكن مع جائحة كورونا والخوف من انتشار هذا الوباء بسبب زيادة الاختلاط يمكن أن يفتى بأفضليّة الإفراد أو القران؛ لأنّ الأعمال فيهما أقلّ من التمتّع من باب تقليل الضرر المبني على كثرة الاختلاط.

فهذه المسألة دليل واضح على أن الراجح قد يصبح مرجوحًا، والمرجوح قد يصبح راجحًا؛ لاعتبارات أخرى خارجة في المسألة في حد ذاتها.

قال ابن تيمية رحمه الله: “من الأمور المباحة -بل والمأمور بها إيجابًا أو استحبابًا- ما يعارضها مفسدة راجحة تجعلها محرمة أو مرجوحة كالصيام للمريض وكالطهارة بالماء لمن يخاف عليه الموت… وعلى هذا الأصل يبنى جواز العدول أحيانًا عن بعض سنة الخلفاء كما يجوز ترك بعض واجبات الشريعة وارتكاب بعض محظوراتها للضرورة؛ وذلك فيما إذا وقع العجز عن بعض سنتهم أو وقعت الضرورة إلى بعض ما نهوا عنه”([18]).

المسألة الثانية: الاشتراط عند الإحرام:

المقصود بالاشتراط عند الإحرام: أن يشترط الإنسان عند عقد الإحرام أنه إن حبسه حابس فمحِلُّه حيث حُبس.

وقد اختلف العلماء في حكم الاشتراط عند عقد الإحرام بالحج على ثلاثة أقوال:

القول الأول: أنّه مشروع مطلقًا، وأنّ الإنسان يستحبّ له عند عقد الإحرام أن يشترط: إن حبسني حابس فمحلّي حيث حبستني.

وممن روي عنه: عمر، وعلي، وابن مسعود، وعمار. وذهب إليه عبيدة السلماني، وعلقمة، والأسود، وشريح، وغيرهم([19]).

وعللوا ذلك بأنّه لا يأمن العوارض التي تحدث له في أثناء إحرامه، وتوجب له أن يتحلّل من عمرته أو حجّه، فإذا كان اشترط على الله سهّل عليه قضية التحلّل.

والنبي عليه الصلاة والسلام لما أخبرته ضباعة بنت الزبير بن عبد المطّلب رضي الله عنها أنها تريد الحجّ وهي شاكية فكانت مريضة، فقال لها النبي عليه الصلاة والسلام: «حُجِّي واشترطي أنَّ محلِّي حيثُ حبَسْتَني»([20])، زاد النَّسائي: «فإنَّ لَكِ على ربِّكِ ما استثنيتِ»([21]).

القول الثاني: من يرى الاشتراط غير مشروع مطلقًا.

وهو قول ابن عمر، وطاوس، وسعيد بن جبير، والزهري، وأبي حنيفة، ومالك([22]).

وذلك أنّ النبي عليه الصلاة والسلام حجّ واعتمر ولم ينقل عنه أنّه اشترط، وفي الصحيحين أنّ كعب بن عجرة رضي الله عنه في عمرة الحديبية أتى إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وفيه مرض والقمل يتناثر على وجهه من رأسه فقال عليه الصلاة والسلام: «ما كنت أرى الوجع بلغ بك ما أرى»، وأمره عليه الصلاة والسلام أن يحلق رأسه وأن يفدي أو يصوم أو يطعم([23]).

القول الثالث: أن الاشتراط إنما يشرع لمن خاف على نفسه عدم إتمام النسك أو غلب على ظنه ذلك لمانع من مرض ونحوه.

قال ابنُ تيميَّة: “يُستحَبُّ للمحرم الاشتراط إن كان خائفًا، وإلَّا فلا؛ جمعًا بين الأخبارِ”([24]). وقال أيضًا: “إن اشترط على ربِّه خوفًا من العارض فقال: وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستَني، كان حَسَنًا. فإنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسَلَّم أمر ابنةَ عَمِّه ضباعة بنتَ الزبير بن عبد المطلب أن تشترِطَ على ربِّها لَمَّا كانت شاكيةً، فخاف أن يَصُدَّها المرضُ عن البيت، ولم يكن يأمُرُ بذلك كلَّ مَن حَجَّ”([25]).

ولكن في ظل جائحة كورونا وسرعة انتشارها، والتي قد يصاب فيها الإنسان -لا قدر الله- في أي لحظة، ولا يستطيع إكمال النسك، فإن القول بالاشتراط عند عقد الإحرام متوجه لجميع الحجاج، والله أعلم.

وهذا الحال يشبه ما قاله النبي عليه الصلاة والسلام لما أخبرته بُضاعة بنت الزبير رضي الله عنها أنها تريد الحجّ وهي شاكية، قال لها النبي عليه الصلة والسلام: «حُجِّي واشترطي أنَّ محلِّي حيثُ حبَسْتَني».

المسألة الثالثة: من لم يشترط وأصيب بمرض كورونا في الحجّ هل يعدّ محصرًا؟

من قدّر الله عليه الإصابة بمرض كورونا في الحجّ؛ فإن قرّرت الجهات الطبيّة إمكانيّة استمراره في الحجّ فيكمل حجّه مع الحجر من الجهات المختصّة، وأيضًا ما يتعلّق بتنقّله للمشاعر حسب الاستطاعة.

ومن تقرّر عليه عدم إمكانيّة الاستمرار في الحجّ، فإنّه في هذه الحالة إذا كان قد اشترط يتحلّل من إحرامه وليس عليه شيء، لا فدية ولا هدي ولا حلق، وأمّا إذا لم يشترط فإنّ حكمه في ذلك حكم المحصر، يذبح الهدي في المكان الذي هو فيه، ويحلق أو يقصّر من شعره ويحلّ إحرامه بعد ذلك، وهذا مثل ما فعل النبيّ عليه الصلاة والسلام في عام الحديبية لما حصره أهل مكّة ومنعوه من أداء عمرته فإنّه نحر هديه وحلق رأسه وتحلّل عليه لصلاة والسلام، فإن كان لا يستطيع هديًا صام عشر أيام وتحلّل من إحرامه([26]).

المسألة الرابعة: استعمال المعقمات والمطهرات المشتملة على نسبة من الكحول:

اختار المجمع الفقهي الإسلامي في دورته السادسة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة في المدة من 21-26/10/1422هـ الذي يوافقه من: 5-10/1/2002م أنه (يجوز استعمال الأدوية المشتملة على الكحول بنسب مستهلكة تقتضيها الصناعة الدوائية التي لا بديل عنها، بشرط أن يصفها طبيب عدل، كما يجوز استعمال الكحول مطهرًا خارجيًّا للجروح، وقاتلًا للجراثيم، وفي الكريمات والدهون الخارجية)؛ ولذلك فالصواب أنه يرخص في استعمال معقمات اليد المشتملة على الكحول عندما تدعو الحاجة لاستعمالها لعدم الدليل البيّن على منعه.

قال ابن تيمية رحمه الله: “التداوي بأكل شحم الخنزير لا يجوز، وأما التداوي بالتلطخ به ثم يغسله بعد ذلك فهذا مبني على جواز مباشرة النجاسة في غير الصلاة، وفيه نزاع مشهور، والصحيح أنه يجوز للحاجة، وما أبيح للحاجة جاز التداوي به”([27]).

ومما يندرج في هذه المسألة من الصور على القول بجواز استعمال المعقّمات والمطهّرات المشتملة على نسب معيّنة من الكحول للحاجة: استعمال الحاج هذه المعقِّمات والمطهرات في حجّ هذا العام للوقاية من فايروس كورونا.

المسألة الخامسة: لبس الكِمامات للمحرم:

يحرم على المحرم لبس المخيط وتغطية الرأس، واختلفوا في تغطية الوجه، وللعلماء في ذلك قولان([28]):

القول الأوّل: لا يجوز للمحرم أن يغطي وجهه، وإذا غطاه وجبت عليه الفدية.

وهو مذهب الحنيفة([29])، وقولٌ للمالكيّة([30])، ورواية عن الإمام أحمد([31]).

واستدلوا على ذلك بما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أنّ رجلًا وقصته ناقته مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم فمات، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلّم: «اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثويبه، ولا تمسوه طيبًا، ولا تخمروا رأسه ولا وجهه؛ فإنّه يبعث يوم القيامة ملبّيًا»([32]).

القول الثاني: أنّ المحرم يجوز له أن يغطي وجهه، ولا فدية فيه.

وهو مذهب الشافعيّة([33])، والصحيح من مذهب الحنابلة([34]).

واستدلوا على ذلك بما روي عن ابن عمر أنّ النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «إحرام المرأة في وجهها، وإحرام الرّجل في رأسه»([35])، فدلّ ذلك على وجوب كشف المرأة وجهها، وكشف الرّجل رأسه([36]).

ومسألتنا هي تغطية الفم والأنف للمُحرم، فهل في حال الضرورة والحاجة كما في حجّ هذا العام قد يقال بجواز ارتداء هذه الأمور للوقاية من فايروس كورونا مع الالتزام بالفدية كما هو القول الأول في المسألة، وعليه فهو داخل في العدول عن القول الراجح. وقد حصل في قصّة كعب بن عجرة رضي الله عنه حينما اشتكى من القمل في رأسه أن أمره الرسول صلى الله عليه وسلّم بحلق شعره مع الفدية، مع ضرورة استصحاب خلاف العلماء في هذه المسألة، وهل يعدّ تغطية الفمّ والأنف من محظورات الإحرام أم لا؟ وهل يدخل أيضًا هذا الأمر في تغطية الرأس أم لا؟

فمن يرى من الفقهاء أنها تدخل في حكم تغطية الرأس يفتي بجواز ارتداء الكمامة للمحرم للحاجة مع الفدية. ومن يرى أنّها لا تدخل في تغطية الرأس يفتي بالجواز من غير فدية.

وبعض أهل العلم يجنحون دائمًا إلى الاحتياط والخروج من الخلاف.

المسألة السادسة: الاكتفاء بالحجّ المجزئ بأداء الأركان والواجبات دون بعض السنن التي قد تقع فيها بعض الحرج:

من ذلك: منع تقبيل الحجر ومسح الرّكن والوقوف بالملتزم، فإنّ الأصل استحباب هذه الأمور؛ ولكن نظرًا لضرورة الالتزام بقواعد التباعد الاجتماعي ومنع انتقال مرض كورونا المستجد بين الحجاج فيما يظهر من انتقاله من خلال اللمس يكتفى بالقدر الواجب وهو الطواف بالبيت الحرام.

ومثل ذلك كثير من السّنن والمستحبّات مثل: الوقوف والازدحام حول الصخرات عند جبل عرفة للدعاء، وكذلك الوقوف في المشعر الحرام للدعاء بعد صلاة الفجر يوم النّحر، وكذلك الازدحام في الجمرات للدعاء، وغير ذلك من السنن والمستحبات التي يرجح تركها في حجّ هذا العام للوقاية من فيروس كورونا، وكلّ هذه الأمور تدخل تحت قاعدة: رفع الضرر، وقد قال الله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}، وقال تعالى: {فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، وقال تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}([37]).

المسألة السابعة: رمي الجمرات ليلًا أيام التشريق:

اختار كثير من المفتين المعاصرين جواز الرمي أيام التشريق ليلًا دفعًا للمشقّة وتيسيرًا على الحجاج من شدَّة الزحام، علمًا أن جمهور الفقهاء يرون انتهاء الرمي في جميع الأيام بغروب الشمس؛ لما روى مسلم في صحيحه أن جابرًا رضي الله عنه قال: رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر ضحًى، ورمى بعد ذلك بعد الزوال([38]).

وذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى جواز الرمي ليلًا إلّا في آخر يوم من أيام التشريق فينتهي الرمي بغروب شمسه([39]).

وأفتى بعض الفقهاء المعاصرين أنّه إذا خاف على نفسه من الهلاك أو الضرر أو المشقة الشديدة فإنه يرمي ليلًا ولا حرج عليه، كما أنه لو رمى ليلًا بدون أن يخاف هذا فلا حرج عليه، ولكن الأفضل أن يراعي الاحتياط في هذه المسألة ولا يرمي ليلًا إلا عند الحاجة إليه([40]).

علما أنّ التزاحم الشديد والمخاطر التي يتعرض لها الحجاج في رمي الجمار يعود أغلبها لعدم العمل بالرخص الشرعية المعتبرة الواردة في هذا النسك، وإلزام الناس بقول من أقوال أهل العلم، وقد يكون هذا القول غير مناسب للظروف والمستجدات التي يشهدها موسم الحج كل عام([41]).

ولا ريب أن توسعة وقت الرمي يحقق معنى التيسير ورفع الحرج، خاصة مع الإجراءات الاحترازية المتبعة في التباعد في حج هذا العام، وعليه فإنّ الفتوى بالمرجوح المعتبر في مثل هذا المقام وترك القول الرّاجح ما دام أنه يحقق مصلحة ويدفع مفسدة من الحلول التي لجأ إليها الكثير من الفقهاء في هذا العصر.

ومما يمكن أن يتوسع فيه كذلك: جواز التوكيل في رمي الجمرات، فمن المعلوم أن في التوكيل تخفيفًا من الزحام الذي يؤدّي إلى الاختلاط عند الرمي، والفقهاء إذ ينصون على أن التوكيل لا يصح إلا لحاجة كالضعفاء والمرضى والعجزة، إلا أننا وفي ظل انتشار هذه الجائحة قد نرى أن التوسع فيه يحقق مقصود الحفاظ على النفس، والله أعلم.

المسألة الثامنة: المبيت بمنى:

من لم يتمكّن من المبيت بمنى من الحجّاج سواء الأطباء أو بعض رجال الأمن بسبب العمل فلا شيء عليه لقوله تعالى: {فَاتُّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}؛ ولأنّ النبي عليه الصلاة والسلام رخّص للسقاة والرعاة في ترك المبيت بمنى من أجل السقي([42]) والرعي([43]).

وفي حال خشي من انتشار الوباء في منى -وذلك لأن فترة المبيت بمنى تعد أطول أعمال المناسك المجتمعة في مكان واحد-، فإن القول بالحد الأدنى للمبيت وهو معظم الليل -أي: الزيادة على مدة منتصف الليل ولو قليلًا- يعد قولًا وجيهًا، وهو مذهَبُ المالكيَّة([44])، والشَّافعيَّة في الأصَحِّ([45])؛ وذلك لأنَّ مسمَّى المبيتِ لا يحصُلُ إلَّا بمعظَمِ اللَّيلِ.

المسألة التاسعة: جمع طواف الإفاضة مع طواف الوداع:

لو أنّ إنسانًا أخّر طواف الإفاضة فلما عزم على السفر طاف عند سفره بعدما رمى الجمار وانتهى من أعمال الحجّ، فإنّ طواف الإفاضة يجزئ عن طواف الوداع، وإن طافهما طواف الإفاضة وطواف الوداع فهذا لا شكّ أنّه خير، وإذا طاف الإفاضة في وقته ثمّ بعد أن أراد أن يغادر إلى بلده طاف طواف الوداع فلا شكّ أن هذا هو الأفضل، ولكن متى اكتفى بواحد ونوى طواف الحجّ أجزأه ذلك.

وفي هذا العام قد يقال: إدخال طواف الوداع في طواف الإفاضة بعد نهاية المناسك هو الأنسب لما في ذلك من تقليل الاختلاط الذي يتسبّب في الإصابة بالعدوى كما بيّنا في المسائل السابقة.

والله تعالى أعلم، والحمد لله رب العالمين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) ينظر: مسيرة الحج إلى بيت الله الحرام عبر التاريخ الإسلامي، إعداد: معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج.

([2]) أخرجه أبو يعلى (991)، وصححه ابن حبان (6750)، والحاكم (8397).

([3]) مفتاح دار السعادة (2/ 4). وانظر: منهاج السنة (4/ 351)، تفسير القرآن العظيم (1/ 413)، تيسير الكريم الرحمن (ص: 245)، الإصلاح الاجتماعي، د. طلال أبو النور (ص: 101).

([4]) انظر: العدول عن القول الراجح في الفتيا والقضاء، للمطوع (ص: 37).

([5]) انظر: منتهى الوصول (ص: 222).

([6]) الإحكام في أصول الأحكام (4/ 239).

([7]) الموافقات (4/ 189).

([8]) انظر: نظرية الضرورة الشرعية، لوهبة الزحيلي (ص: ٦٦-٧٢).

([9]) الإبهاج في شرح المنهاج (٣/ ١٩).

([10]) فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ (2/ 20).

([11]) فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ (11/ 272).

([12]) الضعيف المدرك: هو ما كان ضعيفًا في نفسه؛ لمخالفته المدارك الأصولية كالإجماع أو القواعد أو النص أو القياس الجلي. انظر: الإحكام في تمييز الفتاوى عن الإحكام، للقرافي (ص: 35)، المدخل الفقهي العام، للزرقا (ص: 1016).

([13]) انظر: مجموعة رسائل ابن عابدين (1/ 10)، حاشية الدسوقي (4/ 130)، الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام (ص: 49)، العمل بالقول المرجوح حكمه وضوابطه، د. عبد الرحمن العنزي، مجلة الدراسات الإسلامية والبحوث الأكاديمية، العدد (99).

([14]) انظر: المغني (3/ 260)، الفروع (5/ 331).

([15]) انظر: الحاوي الكبير (4/ 44)، المجموع (7/ 150).

([16]) منهم: ابن عباس -وأوجبه لمن لم يَسُقِ الهديَ- وسعد بن أبي وقاص وابن عمر وابن الزبير وعائشة وغيرهم. انظر: المحلى (7/ 101)، المغني (3/ 260)، مجلة البحوث الإسلامية (59/ 259).

([17]) أخرجه البخاري (٧٢٢٩)، ومسلم (١٢١١).

([18]) مجموع الفتاوى (35/ 29).

([19]) انظر: المغني (5/ 93)، المحلى (7/ 99-113).

([20]) أخرجه ابن حبان (٣٧٧٣(.

([21]) سنن النسائي (2765)، وقال ابن الملقن في البدر المنير (٦‏/ ٤١٤): “إسناده صحيح”.

([22]) انظر: التجريد للقدوري (4/ 2158)، المختصر الفقهي لابن عرفة (2/ 250)،  المغني (5/ 93).

([23]) أخرجه البخاري (١٨١٦)، ومسلم (١٢٠١).

([24]) الفتاوى الكبرى (5/ 382).

([25]) مجموع الفتاوى (26/ 105).

([26]) انظر: محاضرة “العدول عن القول الراجح إلى المرجوح في بعض مسائل الحج”، د. عبد السلام السليمان.

([27]) مجموع الفتاوى (24/ 270).

([28]) انظر لمناقشة الأدلة في المسألة: النوازل في الحج، لعلي بن ناصر الشلعان (ص: 233-243).

([29]) الأصل (2/ 402)، المبسوط (4/ 128)، الهداية مع فتح القدير (2/ 346)، إعلاء السنن (10/ 26).

([30]) انظر: المدوّنة (1/ 296)، المعونة (1/ 525)، الذخيرة (3/ 307).

([31]) انظر: رؤوس المسائل (2/ 528)، المغني (5/ 153)، الإنصاف (3/ 463).

([32]) أخرجه مسلم (1206).

([33]) انظر: الأم (2/ 149)، الحاوي (4/ 101)، الإيضاح للنووي (ص: 148)، منسك ابن جماعة (2/ 571).

([34]) انظر: مسائل الإمام أحمد لأبي داود (ص: 155)، المغني (5/ 153)، الإنصاف (3/ 463)، كشف القناع (2/ 425).

([35]) أخرجه الدارقطني (2/ 294). ورواه البيهقي موقوفًا على ابن عمر (5/ 47)، والطبراني في الكبير (12/ 37).

([36]) ينظر: القرى (ص: 191)، المغني (5/ 153).

([37]) انظر: محاضرة “العدول عن القول الراجح إلى المرجوح في بعض مسائل الحج”، د. عبد السلام السليمان.

([38]) رواه البخاري معلقًا في كتاب الحج، باب رمي الجمار، ومسلم (1299).

([39]) الكاساني (2/ 137).

([40]) فتاوى أركان الإسلام، لابن عثيمين (ص: 558).

([41]) ينظر: أحكام الرمي والرخص الشرعية في رمي الجمار دراسة فقهية مقارنة، عطية السيد، الملتقى العلمي الخامس لأبحاث الحج، معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج.

([42]) أخرجه البخاري (1745)، ومسلم (1315).

([43]) أخرجه أحمد (23775، 23776)، وأبو داود (1975)، والترمذي (955)، والنسائي (5/ 273)، وابن ماجه (3037)، وقال الترمذي “حديث حسن صحيح”.

([44]) انظر: الشرح الكبير للدردير (2/ 49)، الفواكه الدواني (2/ 815).

([45]) انظر: مغني المحتاج (1/ 505)، المجموع (8/ 247).

التعليقات مغلقة.

جديد سلف

هل مُجرد الإقرار بالربوبية يُنجِي صاحبه من النار؟

مقدمة: كثيرٌ ممن يحبّون العاجلة ويذرون الآخرة يكتفون بالإقرار بالربوبية إقرارًا نظريًّا؛ تفاديًا منهم لسؤال البدهيات العقلية، وتجنُّبا للصّدام مع الضروريات الفطرية، لكنهم لا يستنتجون من ذلك استحقاق الخالق للعبودية، وإذا رجعوا إلى الشرع لم يقبَلوا منه التفصيلَ؛ حتى لا ينتقض غزلهم مِن بعدِ قوة، وقد كان هذا حالَ كثير من الأمم قبل الإسلام، وحين […]

هل كان شيخ الإسلام أبو عثمان الصابوني أشعريًّا؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: مِن مسالك أهل الباطل في الترويج لباطلهم نِسبةُ أهل الفضل والعلم ومن لهم لسان صدق في الآخرين إلى مذاهبهم وطرقهم. وقديمًا ادَّعى اليهود والنصارى والمشركون انتساب خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام إلى دينهم وملَّتهم، فقال تعالى ردًّا عليهم في ذلك: ﴿‌مَا ‌كَانَ ‌إِبۡرَٰهِيمُ يَهُودِيّا وَلَا نَصۡرَانِيّا وَلَٰكِن كَانَ […]

هل علاقة الوهابية بالصوفية المُتسنِّنة علاقة تصادم؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: تعتبر الصوفيةُ أحدَ المظاهر الفكرية في تاريخ التراث والفكر الإسلامي، وقد بدأت بالزهد والعبادة وغير ذلك من المعاني الطيِّبة التي يشتمل عليها الإسلام، ثم أصبحت فيما بعد عِلمًا مُستقلًّا يصنّف فيه المصنفات وتكتب فيه الكتب، وارتبطت بجهود عدد من العلماء الذين أسهموا في نشر مبادئها السلوكية وتعدَّدت مذاهبهم […]

مناقشة دعوى بِدعية تقسيم التوحيد

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة    مقدّمة: إن معرفة التوحيد الذي جاء به الأنبياء من أهم المهمّات التي يجب على المسلم معرفتها، ولقد جاءت آيات الكتاب العزيز بتوحيد الله سبحانه في ربوبيته وأنه الخالق الرازق المدبر، قال تعالى: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 54]، كما أمر الله تبارك وتعالى عباده […]

اتفاق علماء المسلمين على عدم شرط الربوبية في مفهوم العبادة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدّمة: كنّا قد ردَدنا في (مركز سلف) على أطروحة أحد المخالفين الذي راح يتحدّى فيها السلفيين في تحديد ضابط مستقيم للعبادة، وقد رد ردًّا مختصرًا وزعم أنا نوافقه على رأيه في اشتراط اعتقاد الربوبية؛ لما ذكرناه من تلازم الظاهر والباطن، وتلازم الألوهية والربوبية، وقد زعم أيضًا أن بعض العلماء […]

هل اختار السلفيون آراءً تخالف الإجماع؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: كثير من المزاعم المعاصرة حول السلفية لا تنبني على علمٍ منهجيٍّ صحيح، وإنما تُبنى على اجتزاءٍ للحقيقة دونما عرضٍ للحقيقة بصورة كاملة، ومن تلك المزاعم: الزعمُ بأنَّ السلفية المعاصرة لهم اختيارات فقهية تخالف الإجماع وتوافق الظاهرية أو آراء ابن تيمية، ثم افترض المخالف أنهم خالفوا الإجماع لأجل ذلك. […]

الألوهية والمقاصد ..إفراد العبادة لله مقصد مقاصد العقيدة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: مما يكاد يغيب عن أذهان بعض المسلمين اليوم أن العبودية التي هي أهمّ مقاصد الدين ليست مجرد شعائر وقتيّة يؤدّيها الإنسان؛ فكثير من المسلمين لسان حالهم يقول: أنا أعبدُ الله سبحانه وتعالى وقتَ العبادة ووقتَ الشعائر التعبُّدية كالصلاة والصيام وغيرها، أعبد الله بها في حينها كما أمر الله […]

تحقيق القول في زواج النبي ﷺ بأُمِّ المؤمنين زينب ومعنى (وتخفي في نفسك ما الله مبديه)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة لهج المستشرقون والمنصّرون بالطعن في مقام النبي صلى الله عليه وسلم بسبب قصة زواج النبي صلى الله عليه وسلم بأم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها، حتى قال الشيخ رشيد رضا رحمه الله: (دُعاة النصرانية يذكرون هذه الفرية في كل كتابٍ يلفِّقونه في الطعن على الإسلام، والنيل من […]

جُهود الشيخ صالح بن أحمد الْمُصَوَّعي في نشر الدعوة السلفية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الشيخ صالح بن أحمد الْمُصَوَّعي من العلماء البارزين في القرن الرابع عشر الهجري، وقد برزت جهوده في خدمة الإسلام والمسلمين. وقد تأثر رحمه الله بالمنهج السلفي، وبذل جهودًا كبيرة في نشر هذا المنهج وتوعية الناس بأهميته، كما عمل على نبذ البدع وتصحيح المفاهيم الخاطئة التي قد تنشأ في […]

صيانة الشريعة لحق الحياة وحقوق القتلى، ودفع إشكال حول حديث قاتل المئة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقدمة: إنّ أهلَ الأهواء حين لا يجدون إشكالًا حقيقيًّا أو تناقضًا -كما قد يُتوهَّم- أقاموا سوق الأَشْكَلة، وافترضوا هم إشكالا هشًّا أو مُتخيَّلًا، ونحن نهتبل فرصة ورود هذا الإشكال لنقرر فيه ولنثبت ونبرز تلك الصفحة البيضاء لصون الدماء ورعاية حقّ الحياة وحقوق القتلى، سدًّا لأبواب الغواية والإضلال المشرَعَة، وإن […]

برهان الأخلاق ودلالته على وجود الله

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: إنَّ قضيةَ الاستدلال على وجود الله تعالى، وأنه الربّ الذي لا ربّ سواه، وأنه المعبود الذي استحقَّ جميع أنواع العبادة قضية ضرورية في حياة البشر؛ ولذا فطر الله سبحانه وتعالى الخلق كلَّهم على معرفتها، وجعل معرفته سبحانه وتعالى أمرًا ضروريًّا فطريًّا شديدَ العمق في وجدان الإنسان وفي عقله. […]

التوظيف العلماني للقرائن.. المنهجية العلمية في مواجهة العبث الفكري الهدّام

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة     مقدمة: حاول أصحاب الفكر الحداثي ومراكزُهم توظيفَ بعض القضايا الأصولية في الترويج لقضاياهم العلمانية الهادفة لتقويض الشريعة، وترويج الفكر التاريخي في تفسير النصّ، ونسبية الحقيقة، وفتح النص على كلّ المعاني، وتحميل النص الشرعي شططَهم الفكري وزيفَهم المروَّج له، ومن ذلك محاولتُهم اجترار القواعد الأصولية التي يظنون فيها […]

بين عُذوبة الأعمال القلبية وعَذاب القسوة والمادية.. إطلالة على أهمية أعمال القلوب

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدمة: تعاظمت وطغت المادية اليوم على حياة المسلمين حتى إن قلب الإنسان لا يكاد يحس بطعم الحياة وطعم العبادة إلا وتأتيه القسوة من كل مكان، فكثيرا ما تصطفُّ الجوارح بين يدي الله للصلاة ولا يحضر القلب في ذلك الصف إلا قليلا. والقلب وإن كان بحاجة ماسة إلى تعاهُدٍ […]

الإسهامات العلمية لعلماء نجد في علم الحديث.. واقع يتجاوز الشائعات

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: لا يخلو زمن من الأزمان من الاهتمام بالعلوم وطلبها وتعليمها، فتنشط الحركة التعليمية وتزدهر، وربما نشط علم معين على بقية العلوم نتيجة لاحتياج الناس إليه، أو خوفًا من اندثاره. وقد اهتم علماء منطقة نجد في حقبهم التاريخية المختلفة بعلوم الشريعة، يتعلمونها ويعلِّمونها ويرحلون لطلبها وينسخون كتبها، فكان أول […]

عرض وتعريف بكتاب: المسائل العقدية التي خالف فيها بعضُ الحنابلة اعتقاد السّلف.. أسبابُها، ومظاهرُها، والموقف منها

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة تمهيد: من رحمة الله عز وجل بهذه الأمة أن جعلها أمةً معصومة؛ لا تجتمع على ضلالة، فهي معصومة بكلِّيّتها من الانحراف والوقوع في الزّلل والخطأ، أمّا أفراد العلماء فلم يضمن لهم العِصمة، وهذا من حكمته سبحانه ومن رحمته بالأُمّة وبالعالـِم كذلك، وزلّة العالـِم لا تنقص من قدره، فإنه ما […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017