الأربعاء - 27 ذو الحجة 1445 هـ - 03 يوليو 2024 م

توحيد العبادة بين منهج السلف وسبل الخلف. [الجزء الأول]

A A

#مركز_سلف_للبحوث_والدراسات

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ، وبعد ..

فقد خلق الله عز وجل الخلق ليعبدوه وحده لا شريك له، كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات 56] فالعبادة حق خالص لله تعالى، ولأقامة هذا الحق أرسل الله الرسل وأنزل الكتب، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}

فمن أتى بهذا الحق فلم يشرك بالله شيئا كان من الناجين، كما قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل – رضي الله عنه -: “أتدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله؟” قال: “حق الله على العباد: أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا. وحق العباد على الله: أن لا يعذّب من لا يشرك به شيئا”. رواه البخاري ومسلم.

ولعظم هذا الحق وأهميته وحتميته، كثر بيانه وتقريره في القرآن ونفي الشبه عنه، وصار فرضا على كل مصلٍّ أن يكرر في كل ركعة: التزامه به، فيقول: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} وهذا يتناول توحيد الله تعالى في ألوهيته، وتوحيده في ربوبيته، ونقض أي من النوعين يوقع العبد في الشرك – والعياذ بالله – قال شيخ الإسلام ابن تيمية: “وجماع الأمر: أن الشرك نوعان:

شرك في ربوبيته: بأن يجعل لغيره معه تدبيرًا ما، كما قال سبحانه: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ} [سبأ: 22] فبين سبحانه أنهم لا يملكون ذرة استقلالا، ولا يشركونه في شيء من ذلك. ولا يعينونه على ملكه، ومن لم يكن مالكًا ولا شريكًا ولا عونًا، فقد انقطعت علاقته.

وشرك في الألوهية: بأن يدعى غيره دعاء عبادة، أو دعاء مسألة، كما قال تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}”. [اقتضاء الصراط المستقيم 2 / 226].

فهذان نوعان من التوحيد لابد من الإتيان بهما معا:

النوع الأول: توحيد الربوبيّة، وهو إفراد الله عز وجل بالخلق والملك والتّدبير والإحياء والإماتة والنفع والضر.

والنوع الثاني: توحيد الألوهية أو توحيد العبادة، هو إفراد الله – سبحانه وتعالى – بالطّلب والقصد في كل ما يصدر من العبد من أنواع العبادة، كما تدل عليه وتعبّر عنه كلمة التوحيد “لا إله إلاّ الله”، فإنّ هذه الكلمة الطيبة تثبت العبادة بجميع أنواعها لله وحده وتنفيها عمّا سواه، فإنّ الإله معناه: المعبود حبا وتعظيما. والعبادة: اسم جامع لكل ما يحبّه الله ويرضاه من الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة”.

والنّوع الأول لا يكاد ينازع فيه أحد، حتى إنّ المشركين من عبدة الأصنام كانوا يقرّون به، ولكنهم يشركون بالله تعالى في العبادة والقصد والطلب، ولذلك قال سبحانه: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف: 106] قال مجاهد: “إيمانُهم قولهم: الله خالقنا ويرزقنا ويميتنا. فهذا إيمان مع شرك عبادتهم غيرَه”. [تفسير الطبري 16/ 287].

فحالهم كما قال الله تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ} [يونس: 31] وأمثالها في القرآن كثير جدا. قال البغوي في تفسيره: “{فسيقولون الله} هو الذي يفعل هذه الأشياء، {فقل أفلا تتقون}:، أفلا تخافون عقابه في شرككم. وقيل: أفلا تتقون الشرك مع هذا الإقرار”. [تفسير البغوي 4/ 132].

وفي ذلك بيان واضح بأنّ المشركين كانوا يقرّون بهذا النّوع من التّوحيد، وإنّما كانوا يجحدون النوع الثاني منه، وهو توحيد الألوهية، وبذلك كانوا كافرين. ولهذا يستدل القرآن الكريم بما أقروا به من انفراد الله تعالى بخصال الربوبيّة، على ما أنكروه من توحيده في الألوهية، ويطالبهم في ثنايا ذلك بإخلاص العبودية ، ومن ذلك أوّل نداء وأول أمرٍ جاء في المصحف، وهو قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة 21، 22]. قال ابن كثير: “شرع تبارك وتعالى في بيان وحدانية ألوهيته، بأنه تعالى هو المنعم على عبيده، بإخراجهم من العدم إلى الوجود وإسباغه عليهم النعم الظاهرة والباطنة، بأن جعل لهم الأرض فراشا .. والسماء بناء .. وأنزل لهم من السماء ماء .. ومضمونه: أنه الخالق الرازق مالك الدار، وساكنيها، ورازقهم، فبهذا يستحق أن يعبد وحده ولا يشرك به غيره؛ ولهذا قال: {فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون}”. [تفسير ابن كثير 1/ 194].

ومسألة بيان حقيقة التوحيد الذي بعث الله به الرسل وأنزل به الكتب! وما تعلق بها من بيان حقيقة العبادة التي يتحقق الشرك بصرف شيء منها لغير الله، من أمهات المسائل التي أظهرت الفرق بين معادن الناس في الفهم والفقه في الدين، واتباع سبيل المؤمنين السابقين.

وقد انبرى لذلك في القرون المتأخرة: الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – ففصَّل فيه وأظهر وجه الصواب، الذي يدل عليه كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وسار عليه سلف هذه الأمة من أئمة الهدى الراسخين في العلم. فشغب عليه المضلون، الذين تشربوا مذهب الخلف ونشؤوا على بِدَعِهِ الكلامية، وعرَّفوا التوحيد بما لا يتعدى الإقرار بربوبية الله تعالى دون إفراده بالعبادة التي لا يجوز صرفها إلا له وحده،  وأنكروا اشتمال حقيقة التوحيد على توحيد الألوهية المستفادة من النصوص الشرعية، والتي نبها عليها أهل العلم من قديم، كما قال الطحاوي – المتوفي سنة 321هـ – في مقدمة متنه المشهور في العقيدة: “نقول في توحيد الله معتقدين بتوفيق الله: إن الله واحد لا شريك له، ولا شيء مثله، ولا شيء يعجزه، ولا إله غيره”.

فأشار بقوله: “ولا شي مثله” إلى توحيد الأسماء والصفات. وبقوله: “ولا شيء يعجزه” إلى توحيد الربوبية. وبقوله: “ولا إله غيره” إلى توحيد الألوهية.

وقال ابن بطة العُكْبَري – المتوفى سنة: 387هـ – : “أصل الإيمان بالله الذي يجب على الخلق اعتقاده في إثبات الإيمان به ثلاثة أشياء:

أحدها: أن يعتقد العبد ربانيته؛ ليكون بذلك مباينا لمذهب أهل التعطيل الذين لا يثبتون صانعا.

الثاني: أن يعتقد وحدانيته؛ ليكون مباينا بذلك مذاهب أهل الشرك الذين أقروا بالصانع وأشركوا معه في العبادة غيره.

والثالث: أن يعتقده موصوفا بالصفات التي لا يجوز إلا أن يكون موصوفا بها من العلم والقدرة والحكمة وسائر ما وصف به نفسه في كتابه … لأنا نجد الله تعالى قد خاطب عباده بدعائهم إلى اعتقاد كل واحدة في هذه الثلاث والإيمان بها، فأما دعاؤه إياهم إلى الإقرار بربانيته ووحدانيته، فلسنا نذكر هذا هاهنا لطوله وسعة الكلام فيه، ولأن الجهمي يدعي لنفسه الإقرار بهما، وإن كان جحده للصفات قد أبطل دعواه لهما  [الإبانة الكبرى 6 / 172].

وهذا كلام متين واضح في بيان تناول الإيمان لأقسام التوحيد الثلاثة، وأن توحيد العبادة هو الفارق الظاهر بين أهل الإيمان وغيرهم ممن “أقروا بالصانع وأشركوا معه في العبادة” !

ودلالة القرآن على هذا الأصل في غاية الوضوح والظهور والكثرة، كما ألمحنا إليه قريبا، وقد صدر بها العلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي بحثه الماتع في بيان هداية القرآن للتي هي أقوم، عند تفسيره لقول الله تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: 9] فقال: ” هذه الآية الكريمة أجمل الله جل وعلا فيها جميع ما في القرآن من الهدى إلى خير الطرق وأعدلها وأصوبها، فلو تتبعنا تفصيلها على وجه الكمال لأتينا على جميع القرآن العظيم؛ لشمولها لجميع ما فيه من الهدى إلى خيري الدنيا والآخرة. ولكننا إن شاء الله تعالى سنذكر جملا وافرة في جهات مختلفة كثيرة من هدى القرآن للطريق التي هي أقوم، بيانا لبعض ما أشارت إليه الآية الكريمة، تنبيها ببعضه على كله من المسائل العظام، والمسائل التي أنكرها الملحدون من الكفار، وطعنوا بسببها في دين الإسلام، لقصور إدراكهم عن معرفة حكمها البالغة. فمن ذلك توحيد الله جل وعلا، فقد هدى القرآن فيه للطريق التي هي أقوم الطرق وأعدلها، وهي توحيده جل وعلا في ربوبيته، وفي عبادته، وفي أسمائه وصفاته. وقد دل استقراء القرآن العظيم على أن توحيد الله ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

الأول: توحيده في ربوبيته، وهذا النوع من التوحيد جبلت عليه فطر العقلاء، قال تعالى: ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله الآية [الزخرف 87] ، وقال: قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون [يونس 31] ، وإنكار فرعون لهذا النوع من التوحيد في قوله: قال فرعون وما رب العالمين [الشعراء 23] تجاهل عن عارف أنه عبد مربوب؛ بدليل قوله تعالى: قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر الآية [الإسراء 102] ، وقوله: وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا [النمل 14] ، وهذا النوع من التوحيد لا ينفع إلا بإخلاص العبادة لله، كما قال تعالى: وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون [يوسف 106] والآيات الدالة على ذلك كثيرة جدا.

الثاني: توحيده جل وعلا في عبادته، وضابط هذا النوع من التوحيد هو تحقيق معنى «لا إله إلا الله» وهي متركبة من نفي وإثبات، فمعنى النفي منها: خلع جميع أنواع المعبودات غير الله كائنة ما كانت في جميع أنواع العبادات كائنة ما كانت. ومعنى الإثبات منها: إفراد الله جل وعلا وحده بجميع أنواع العبادات بإخلاص، على الوجه الذي شرعه على ألسنة رسله عليهم الصلاة والسلام. وأكثر آيات القرآن في هذا النوع من التوحيد، وهو الذي فيه المعارك بين الرسل وأممهم {أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب [ص 5] …. ويكثر في القرآن العظيم الاستدلال على الكفار باعترافهم بربوبيته جل وعلا على وجوب توحيد في عبادته؛ ولذلك يخاطبهم في توحيد الربوبية باستفهام التقرير، فإذا أقروا بربوبيته احتج بها عليهم على أنه هو المستحق لأن يعبد وحده، ووبخهم منكرا عليهم شركهم به غيره، مع اعترافهم بأنه هو الرب وحده؛ لأن من اعترف بأنه هو الرب وحده لزمه الاعتراف بأنه هو المستحق لأن يعبد وحده … “. [أضواء البيان 3/ 17: 21].

ثم ذكر طائفة حسنة من آيات القرآن في بيان هذا المعنى وتحريره و تقريره، بما يفي ويكفي في الدلالة على أن الشرك في الألوهية يهلك صاحبه وإن أقر بتوحيد الربوبية، كما يدل عليه استقراء أدلة الشرع.

وهذا الفهم لقضية التوحيد قد توارد عليه علماء الأمة من قديم، وإن شغب عليه المبطلون ونسبوه للمتأخرين، دفاعا عن بدعتهم، ونصرة لباطلهم، وتمسكا بما ورثوه من الانحراف العقدي والخلل الفكري.

قال الشيخ بكر أبو زيد: “هذا التقسيم الاستقرائي لدى متقدمي علماء السلف أشار إليه ابن مندة وابن جرير الطبري وغيرهما، وقرره شيخا الإسلام ابن تيمية وابن القيم، وقرره الزبيدي في تاج العروس وشيخنا الشنقيطي في أضواء البيان، في آخرين رحم الله الجميع، وهو استقراء تامٌّ لنصوص الشرع، وهو مطرد لدى أهل كلِّ فنٍّ، كما في استقراء النحاة كلام العرب إلى اسم وفعل وحرف، والعرب لم تفه بهذا، ولم يعتب على النحاة في ذلك عاتب، وهكذا من أنواع الاستقراء”. [التحذير من مختصرات الصابوني في التفسير ص: 30].

وهذا التقرير على وضوحه قد أنكره جمع من أهل البدع، وخالفوه، وذهبوا في تعريف التوحيد إلى ما يفرغه من مضمونه، وفي تعريف العبادة إلى يسوغ صرفها لغير الله تعالى، فأصلوا بذلك للشرك وروجوا له، من حيث يعلمون ومن حيث لا يعلمون.

وهذا ما سنتناوله في الجزء الثاني من المقال. 

إعداد اللجنة العلمية بمركز سلف للبحوث والدراسات [تحت التأسيس]

 

 

ردان على “توحيد العبادة بين منهج السلف وسبل الخلف. [الجزء الأول]”

  1. يقول عمار:

    السلام عليكم
    هناك سقط أو تداخل في الكلام في المقطع :
    وقد انبرى لذلك في القرون المتأخرة….

  2. يقول admin:

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

    تم التعديل .. شكر الله لكم ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

جديد سلف

هل يُمكِن الاستغناءُ عن النُّبوات ببدائلَ أُخرى كالعقل والضمير؟

هذه شبهة من الشبهات المثارة على النبوّات، وهي مَبنيَّة على سوء فَهمٍ لطبيعة النُّبوة، ولوظيفتها الأساسية، وكشف هذه الشُّبهة يحتاج إلى تَجْلية أوجه الاحتياج إلى النُّبوة والوحي. وحاصل هذه الشبهة: أنَّ البَشَر ليسوا في حاجة إلى النُّبوة في إصلاح حالهم وعَلاقتهم مع الله، ويُمكِن تحقيقُ أعلى مراتب الصلاح والاستقامة من غير أنْ يَنزِل إليهم وحيٌ […]

هل يرى ابن تيمية أن مصر وموطن بني إسرائيل جنوب غرب الجزيرة العربية؟!

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة (تَنتقِل مصر من أفريقيا إلى غرب جزيرة العرب وسط أوديتها وجبالها، فهي إما قرية “المصرمة” في مرتفعات عسير بين أبها وخميس مشيط، أو قرية “مصر” في وادي بيشة في عسير، أو “آل مصري” في منطقة الطائف). هذا ما تقوله كثيرٌ من الكتابات المعاصرة التي ترى أنها تسلُك منهجًا حديثًا […]

هل يُمكن أن يغفرَ الله تعالى لأبي لهب؟

من المعلوم أن أهل السنة لا يشهَدون لمعيَّن بجنة ولا نار إلا مَن شهد له الوحي بذلك؛ لأن هذا من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله تعالى، ولكننا نقطع بأن من مات على التوحيد والإيمان فهو من أهل الجنة، ومن مات على الكفر والشرك فهو مخلَّد في النار لا يخرج منها أبدًا، وأدلة ذلك مشهورة […]

مآخذ الفقهاء في استحباب صيام يوم عرفة إذا وافق يوم السبت

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. فقد ثبت فضل صيام يوم عرفة في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (‌صِيَامُ ‌يَوْمِ ‌عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ)([1]). وهذا لغير الحاج. أما إذا وافق يومُ عرفة يومَ السبت: فاستحبابُ صيامه ثابتٌ أيضًا، وتقرير […]

لماذا يُمنَع من دُعاء الأولياء في قُبورهم ولو بغير اعتقاد الربوبية فيهم؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة هناك شبهة مشهورة تثار في الدفاع عن اعتقاد القبورية المستغيثين بغير الله تعالى وتبرير ما هم عليه، مضمونها: أنه ليس ثمة مانعٌ من دعاء الأولياء في قبورهم بغير قصد العبادة، وحقيقة ما يريدونه هو: أن الممنوع في مسألة الاستغاثة بالأنبياء والأولياء في قبورهم إنما يكون محصورًا بالإتيان بأقصى غاية […]

الحج بدون تصريح ..رؤية شرعية

لا يشكّ مسلم في مكانة الحج في نفوس المسلمين، وفي قداسة الأرض التي اختارها الله مكانا لمهبط الوحي، وأداء هذا الركن، وإعلان هذه الشعيرة، وما من قوم بقيت عندهم بقية من شريعة إلا وكان فيها تعظيم هذه الشعيرة، وتقديس ذياك المكان، فلم تزل دعوة أبينا إبراهيم تلحق بكل مولود، وتفتح كل باب: {رَّبَّنَآ إِنِّيٓ أَسۡكَنتُ […]

المعاهدة بين المسلمين وخصومهم وبعض آثارها

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة باب السياسة الشرعية باب واسع، كثير المغاليق، قليل المفاتيح، لا يدخل منه إلا من فقُهت نفسه وشرفت وتسامت عن الانفعال وضيق الأفق، قوامه لين في غير ضعف، وشدة في غير عنف، والإنسان قد لا يخير فيه بين الخير والشر المحض، بل بين خير فيه دخن وشر فيه خير، والخير […]

إمعانُ النظر في مَزاعم مَن أنكَر انشقاقَ القَمر

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الحمد لله رب العالمين، وأصلى وأسلم على المبعوث رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فإن آية انشقاق القمر من الآيات التي أيد الله بها نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم، فكانت من أعلام نبوّته، ودلائل صدقه، وقد دلّ عليها القرآن الكريم، والسنة النبوية دلالة قاطعة، وأجمعت عليها […]

هل يَعبُد المسلمون الكعبةَ والحجَرَ الأسودَ؟

الحمد لله الذي أكمل لنا الدين، وهدنا صراطه المستقيم. وبعد، تثار شبهة في المدارس التنصيريّة المعادية للإسلام، ويحاول المعلِّمون فيها إقناعَ أبناء المسلمين من طلابهم بها، وقد تلتبس بسبب إثارتها حقيقةُ الإسلام لدى من دخل فيه حديثًا([1]). يقول أصحاب هذه الشبهة: إن المسلمين باتجاههم للكعبة في الصلاة وطوافهم بها يعبُدُون الحجارة، وكذلك فإنهم يقبِّلون الحجرَ […]

التحقيق في نسبةِ ورقةٍ ملحقةٍ بمسألة الكنائس لابن تيمية متضمِّنة للتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وبآله

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: إنَّ تحقيقَ المخطوطات من أهمّ مقاصد البحث العلميّ في العصر الحاضر، كما أنه من أدقِّ أبوابه وأخطرها؛ لما فيه من مسؤولية تجاه الحقيقة العلمية التي تحملها المخطوطة ذاتها، ومن حيث صحّة نسبتها إلى العالم الذي عُزيت إليه من جهة أخرى، ولذلك كانت مَهمة المحقّق متجهةً في الأساس إلى […]

دعوى مخالفة علم الأركيولوجيا للدين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: عِلم الأركيولوجيا أو علم الآثار هو: العلم الذي يبحث عن بقايا النشاط الإنساني القديم، ويُعنى بدراستها، أو هو: دراسة تاريخ البشرية من خلال دراسة البقايا المادية والثقافية والفنية للإنسان القديم، والتي تكوِّن بمجموعها صورةً كاملةً من الحياة اليومية التي عاشها ذلك الإنسان في زمانٍ ومكانٍ معيَّنين([1]). ولقد أمرنا […]

جوابٌ على سؤال تَحَدٍّ في إثبات معاني الصفات

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة أثار المشرف العام على المدرسة الحنبلية العراقية -كما وصف بذلك نفسه- بعضَ التساؤلات في بيانٍ له تضمَّن مطالبته لشيوخ العلم وطلبته السلفيين ببيان معنى صفات الله تبارك وتعالى وفقَ شروطٍ معيَّنة قد وضعها، وهي كما يلي: 1- أن يكون معنى الصفة في اللغة العربية وفقَ اعتقاد السلفيين. 2- أن […]

معنى الاشتقاق في أسماء الله تعالى وصفاته

مما يشتبِه على بعض المشتغلين بالعلم الخلطُ بين قول بعض العلماء: إن أسماء الله تعالى مشتقّة، وقولهم: إن الأسماء لا تشتقّ من الصفات والأفعال. وهذا من باب الخلط بين الاشتقاق اللغوي الذي بحثه بتوسُّع علماء اللغة، وأفردوه في مصنفات كثيرة قديمًا وحديثًا([1]) والاشتقاق العقدي في باب الأسماء والصفات الذي تناوله العلماء ضمن مباحث الاعتقاد. ومن […]

محنة الإمام شهاب الدين ابن مري البعلبكي في مسألة الاستغاثة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فإن فصول نزاع شيخ الإسلام ابن تيمية مع خصومه طويلة، امتدت إلى سنوات كثيرة، وتنوَّعَت مجالاتها ما بين مسائل اعتقادية وفقهية وسلوكية، وتعددت أساليب خصومه في مواجهته، وسعى خصومه في حياته – سيما في آخرها […]

العناية ودلالتها على وحدانيّة الخالق

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: إنَّ وجودَ الله تبارك وتعالى أعظمُ وجود، وربوبيّته أظهر مدلول، ودلائل ربوبيته متنوِّعة كثيرة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (إن دلائل الربوبية وآياتها أعظم وأكثر من كلّ دليل على كل مدلول) ([1]). فلقد دلَّت الآيات على تفرد الله تعالى بالربوبية على خلقه أجمعين، وقد جعل الله لخلقه أمورًا […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017