عقلَنةُ النَّص (اعتراضُ الصَّحابة على بعض الأحاديث وتوظيف الحداثيِّين)
للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة
تمهيد:
يقالُ: إنَّ جماعةً من المجُوس والمزدكيَّة والثنويَّة وملحدة الفلاسفة جلسوا يومًا يتشاورون، فقالوا: قد تفاقم أمر محمد صلى الله عليه وسلم، وطارت في الأقطار دعوته، واتَّسعت ولايته، واتَّسقت أسبابُه وشوكته، فما السبيلُ إلى النَّصر عليهم؟ قالوا: نقاتلُهم، فصاح بعضهم وقال: لا مطمع في مقاومتهم بقتال!
ولما سُقط في أيديهم نهَض أخبثهم فقال: لا سبيل إلى استنزالهم عمَّا أصرُّوا عليه إلا بمكرٍ واحتيال، ولو شافهناهم بالدعاء إلى مذهبنا لتنمَّروا علينا، وامتنعوا من الإصغاء إلينا، فسبيلنا أن ننتحل عقيدةَ طائفة من فرقهم؛ هم أركُّهم عقولًا، وأسخفهم رأيا، وألينُهم عريكة لقبول المحالات، وأطوعهم للتصديق بالأكاذيب المزخرفات وهم الروافض، ونتحصَّن بالانتساب إليهم والاعتزاء إلى أَهلِ البيت عن شرِّهم، ونتودَّدُ إليهم بما يلائم طبعَهم من ذكر ما تمَّ على سلفهم من الظلم العظيم والذُّلِّ الهائل، ونتباكى لهم على ما حلَّ بآل محمد صلى الله عليه وسلم، ونتوصَّل به إلى تطويلِ اللسان في أئمة سلفهم الذين هم أسوتهم وقدوتهم، حتى إذا قبَّحنا أحوالهم في أعينهم، وما ينقل إليهم شرعهم بنقلهم وروايتهم، اشتدَّ عليهم باب الرجوع إلى الشرع، وسهل علينا استدراجهم إلى الانخلاع عن الدين([1]).
هكذا يروي الغزالي حكايةَ سببِ رواجِ الباطنية، ويبين كيفَ أنَّهم تلبَّسوا بلبوس الدين وتزينوا بحلله حتى يُمرِّروا مشروعَهم، ولا يخفى على أحدٍ أن الأمة الإسلامية متمسكة بدينهَا وأخلاقِها وقيَمِها ومبادئِها، وميسَمُ ذلك أنَّها لا ترضى بأي فكرٍ دخيلٍ يعارض أصولها الدينية من أن ينشأ ويتجذَّر فيها، فلا يمكن لكائنٍ من كان أن يأتي إلى عامَّة المسلمين ليقول لهم: إنَّ صلاتكم هذه مجرد طقوس فلا تصلُّوها، وإن حدود الله مجرد تضييقٍ وشدةٍ فلا تُقيموها، وإن قرآنكم مجرد نصوصٍ تاريخية فلا تقيموا له قدرًا ولا وزنًا! وتلك الحقيقة عرفها الناس مبكرًا حتى إن أهل الكلام كانوا لا يستطيعون تجميل التأويل وإشاعته بين النَّاس إلا بنسبةِ ذلك إلى مُعَظَّم([2])؛ لما تحملُه قلوب المسلمين من تعظيمٍ لذلك الرجل الذي يظنونَهُ ممَّن يقومُ بالإسلام، ولم تغِبْ هذه الحقيقة عن أي أحدٍ على امتداد التاريخ ممن حاول أن يبثَّ أفكارًا جديدة تتنافى مع أصول الإسلام.
وليس الحداثيون بمنأى عن هذا الفعل، بل قد صرَّحوا بأنه لا يمكن لهم أن يقدِّموا أفكارَهم للناس إلا بعد أن يكسوها بثيابٍ إسلامية تجعلها مقبولةً عندهم، وليس لهم بابٌ للدخول إلى عقول المسلمين وتغيير نمط تفكيرهم وإبدال مبادئهم وإحلال مبادئ الحداثة إلا بهذِهِ الثياب الرقيقة التي يُلبسونها أفكارَهم لتروج بين الناس كما يقولُ أحمد أمين: “إِنَّ الأزهر لا يقبل الآراء العلميَّة الحرة، فخير طريقة لبثِّ ما تراه مناسبًا من أقوال المستشرقين أن لا تنسبها إليهم بصراحة، ولكن ادفعها إلى الأزهريِّين على أنها بحثٌ منك، وألبسها ثوبًا رقيقًا لا يزعجهم مَسّها، كما فعلتُ أنا في فجر الإسلام وضُحَاهُ”([3]).
فصارت الأفكار من كلّ حدبٍ وصوب تنتقل على ظُهور المصطلحات الإسلامية والاستنادِ الشرعي، وهذه الأسلمة قد طالت كل شيءٍ حتى أهمّ مصدرين من مصادر التشريع الإسلامي وهما: القرآن الكريم وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أُثيرت حولهما ادعاءاتٌ كثيرة، وحيكت حولهما شبهٌ لا تنتهي، وكل ذلك من أجل إضعاف حضورهما في حياةِ المسلمين.
ومن أكثر الطرق التي مورست على النصوص الشرعية بغيةَ إفراغها من معانيها: عقلنة النصوص، وقد استخدمت منذُ القرون الأولى حين ظَهر أهلُ الكلام المتأوّلون الذينَ يردّون النُّصوص الشرعية لشبهٍ عقليَّة، وظهر أتباعهم الحداثيُّون ممن لا يُؤَوِّلونَ فقط وإنَّما يردُّون النُّصوص بحجة مخالفتها للعقل!
فالقراءةُ الحداثية للنُّصوص تجعلُ العقل هو الحاكم والقاضي، وسلطته هي السلطة الوحيدة التي تُعامل بها النصوص الشرعية، وممارسة الحداثيين للعلوم الألسنية “الهرمينوطيقا” في تفسيرِ النصوص الشرعية ومحاكمتها إلى العقلِ وحدَه عبر هذه العلوم أدَّت في النهاية إلى “فوضى تأويلية” و”لانهائية المعاني” للنُّصوص، وأصبح الحق هلاميًّا، ولكلِّ عقل الحقُّ في تفسيرِهِ حسب عقله، وإن شئتَ فقُل بتعبير أدقّ: حسبَ هواه!
ومن أجلِ ذلك يشنِّعُ حسن حنفي على التيَّار السلفي بأنه يرفع شعار: “قال الله” و”قال رسوله”، أما عنده فـ”لا يعتمد على صدق الخبر سندًا أو متنًا، وكلاهما لا يثبتان إلَّا بالحس والعقل طبقًا لشروط التواتر، فالخبرُ وحدهُ ليس حجةً، ولا يثبت شيئًا، على عكس ما هو سائدٌ في الحركة السلفية المعاصرة على اعتمادها المطلق على: قال الله، و: قال الرَّسُول، واستشهادها بالحُجج النَّقلية وحدها دون إعمال الحسِّ والعقل، وكأن الخبر حجة، وكأنَّ النقل برهان، وأسقطت العقل والواقع من الحساب، في حين إنَّ العقل أساس النقل”([4]).
وانظر كيف يتعالى على النَّص ليقول: “وكأنَّ الخبر حجة”!! فما الحجة إذن عند أناسٍ مسلمين مؤمنين بالله ورسوله إن لم تكن نصوص الكتاب والسنة حجّةً؟! ومن أينَ له أن السلفيين يستشهدونَ بالحُجج النقلية دون إعمال الحسِّ والعقل، وهم الذين أطَّروا للعقل الإسلامي، وضبطوا طريقة تفكيره، ونقحوا حتى العلوم المنطقيَّة اليونانية، وكشفوا أخطاءها، وأضافوا إليها الصَّحيح من الأحكامِ العقلية؟!
ولكن يريد حسن حنفي أن يُشنِّعَ فقط على من يتمسَّك بالنُّصوص الشرعية؛ لأنَّ فيها ما يبطل فكرَهُ وتوجُّهه.
وهذهِ الباطنيَّةُ الجديدة التي جاء بها الحداثيُّون لتفسيرِ النُّصوص حسب العقول والأمزجة والأهواء أدَّت إلى فقدان النصوص مرجعيَّتها؛ ولذلك دأب كثيرٌ منهم على عقلنةِ النَّصِّ الشرعي وردِّ كثير من النُّصوص الصحيحة بحجة مخالفتها للعقل، ومن ذلكَ مثلا مشروع جمال البنَّا في كتابه “تجريد البخاري ومسلم من الأحاديث التي لا تلزم”؛ إذ إنَّه وضع عشرة قواعد من عقله، ثم حاكمَ إليها كلَّ الأحاديث في البخاري ومسلم، وردَّ كثيرًا منها بحُجة أنها تخالف قواعده العقلية، ويدعو إلى تطبيقِ هذه الفكرة على سائر الكُتب الحديثية، ويؤكِّد على أنَّ سبب امتناع المسلمينَ من الإقدام على هذه الخطوة ليس هو معرفتهم لشروط البخاري ومسلم، وطريقة جمعهما للأحاديث، وانتقائهما لها في هذين الكتابين، وإنما لأنَّ “العجز أو الخوف أو هما معًا حالا دون ذلك”([5]). كما جاء يحيى محمد في كتابه “مشكلة الحديث”، وحاكم الكثيرَ من الأحاديث إلى العقل، وردَّها بناءً على ذلك([6]).
وليست المشكلة في النَّقد الحديثي للنُّصوص النبويَّة، ولا في مدارستها لمعرفة الصحيح والضعيف منها، بل هذا ما فعله أئمة الحديث وصيارفتُه ببراعةٍ على مدى قرون، لكنَّ المشكلة في أن يكون معيارُ القبول والرد هو العقل المجرد فحسب.
ومن أجل تخفيف حدَّةِ النقد الموجَّه إلى مثل هذه النظرة الحداثية للنصَّ الشرعي -الحديثي تحديدًا- ما فتئوا يذكرون في كتبهم بأنَّ معارضة النصِّ بالعقل هو ما فعلهُ الصحابة الكرام، وأنَّ الصحابة كانوا يعترضون على أيِّ حديث بعقولهم؛ فما قبلته قبلوه، وما رفضته رفضوه، فادَّعوا بذلكَ أنَّ الصحابة هم طليعةُ الحداثيين بهذا المعنى! فإنَّهم هم أول من عارضوا الأحاديث التي لا تقبلها عقولهم وردوها([7]) . وقد ذكروا لذلك أمثلةً عديدة لن نحرص على استيفائِها في هذه الورقة العلمية المختصرة، ولكن سنتناولُ أهمَّها؛ لنرى مدى دقَّة هذه الأمثلة في إصابةِ ما يرومونَ التَّأثيلَ له، وهل فعلًا كانَ الصَّحابة يُعارضون الأحاديث بعقولهم المحضة فنتأسَّى بهم؟
الحديث الأول:
حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من غسَّل ميتا اغتسل، ومن حمله فليتوضأ»([8]).
فهذا الحديثُ قد عارضتهُ عائشة رضي اللهُ عنها بقولها: (سبحان الله! أَمواتُ المسلمين أَنجاسٌ؟! وهل هو إلَّا رجلٌ أَخذ عودًا فحمله؟!”([9]).
وعلى قولِ عائشة رضي الله عنها استندَ الحداثيونَ في أنَّ الصحابة قد أصَّلوا لمعارضة النَّقل بالعقل كما فعلوه تطبيقًا.
وهذه النَّظرة الحداثية لمثل هذه الأحاديث نظرة استعجالية قاصرة، فإنهم اعتقدوا وأصَّلوا لما يريدون، ثمَّ أتوا يبحثون عمَّا يؤيِّد معتقدهم وفكرتَهُم، فأخذوا يسوقونَ أيَّ نصٍّ ظنّوا أنَّهُ يخدِمهم ولو كانَ النقلُ كلُّهُ خاطئًا كما سترى في الأحاديث القادمة. وهذا النصَّ الذي نقلوهُ ليس فيه أي حجةٍ لما يريدون التقعيد له، وذلك من وجوه:
الوجه الأول: أنَّ هذا الحديث لم يصحَّ مرفوعًا إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وإنَّما هو موقوفٌ على أبي هريرة رضي الله عنه، وبهذا صرَّح كثيرٌ من العلماء، قال ابن أبي حاتم: “قال أبي: هذا خطأ؛ إنما هو: موقوف على أبي هريرة، لا يرفعه الثقات”([10]). وقد تتبَّعَ البيهقي في طُرُقَ الحديث فضعَّفَ مُعظَمَها، يقولُ رحمه الله: “الرواياتُ المرفوعة في هذا الباب عن أبي هريرة غير قوية؛ لجهالةِ بعض رُواتها وضعفِ بعضهم، والصَّحيح عن أبي هريرة من قوله موقوفًا غير مرفوع”([11]). وتوارد على هذا كثير من علماء الحديث وعلله. ومن العلماء من صرَّح بأنَّه لا يصح في هذا البابِ أيُّ حديث، وممن قال ذلك: الإمام علي بن المديني، وأحمد بن حنبل، والذهلي، وابن المنذر، وغيرهم من كبار أئمة الحديث([12])، وبناءً عليه لا يُمكن حملُ قول عائشة رضي الله عنها على مُعارضة النَّصِّ الشرعي بالعقل، فإن كان موقوفًا على أبي هريرة رضي الله عنه فقد خالفته، والخلافُ بينَ الصَّحابة سائغٌ وواقع، فإذا لم تعارض الحديثَ المرفوع صار كلامها خارجًا عن نقطة البحث، فإنَّ نقطة البحث هي مُعارضة نصٍّ نبوي بعقلٍ بشري.
الوجه الثاني: على القول بصحَّة الحديث كما يقوله بعضُ العلماء -منهم: الترمذي في سننه([13])، وابن حجر في التلخيص الحبير([14])، والألباني في إرواء الغليل ([15])– فإنَّ هذا الاعتراض من عائشة رضي الله عنها ليس اعتراضًا عقليًّا متمحّضًا عارضت به نصًّا شرعيًّا ثابتًا، وإنَّما هو توظيفٌ لأدلةٍ أخرى استقرَّت عندها معانيها التي تقولُ بعدمِ نجاسة المؤمن، ومنها حديثُ أبي هريرة نفسه حين لقيَهُ النبي صلى الله عليه وسلم في بعضِ طُرقِ المدينة وهو جُنُب، فانخنسَ منه، فذَهَب فاغتسل ثم جاءَ، فقال: «أين كنتَ يا أبا هُريرة؟» قال: كُنتُ جُنُبًا، فكِرهتُ أن أُجالِسَكَ وأنا على غير طهارة، فقالَ: «سُبحان الله! إنَّ المسلم لا ينجس»([16]). فهذا الاعتراض من عائشة رضي الله عنها منطلقٌ من دلائل شرعية أخرى تنفي النَّجاسة، فلما كان مستقرًّا عندها أن المؤمن لا ينجس في حياته، وليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أن يغتسل من مصافحة رجل أو مقابلته أو لمسه، تعجَّبت من أن يكونَ الميت ينجسُ بموته، وهذا مبنيٌّ على تصوّر أن الاغتسال لا يكون إلا من نجاسةٍ، وهو اجتهادٌ من عائشة رضي الله عنها.
والمقصود: أنَّ عائشة رضي الله عنها لم تستخدم العقلَ المجرَّد في الاعتراض على النَّصِّ الشرعي، وإنما كانَ اعتراضها لما ثبَتَ عندها من نصوصٍ أخرى، ولذلك حملَ بعضُ العلماء حديث أبي هريرة رضيَ الله عنه على أنَّه منسُوخ([17])، وحملهُ آخرون على النَّدب لا الوجوب، وليس هذا موضع التفصيل فيه.
الحديث الثاني:
حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا استيقظَ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتَّى يغسلها ثلاثًا، فإنَّهُ لا يدري أين باتت يده»([18]).
يقولُ محمود أبو رية بعد أن أوردَ هذا الحديث: “لم تأخذ به عائشة وقالت: كيف نصنعُ بالمهراس([19])؟!”([20]). ويروى مثل هذا عن ابن عباس رضي الله عنهما([21]).
فهُنا عارض الصحابيَّان الجليلان هذا النَّصَّ الشرعي بعقليهما، فاتَّكأ على هذا أبو رية ومن ذهب مذهبه في الاحتجاج بأنَّ العقل حَكَمٌ على النَّص كما فعله الصَّحابة، ومن العجيب أن يذكر هذا أبو رية دون الإشارة إلى أيِّ مصدر، رُغم أنه في غير هذا الموضِعِ يشيرُ إلى المصادر! ولكن يزولُ عجبُك حين تعرف أنَّ هذا الاعتراض لا يُحفظ ولا يصحّ عن عائشة وابن عباس رضي الله عنهما، وليس مذكورًا في أي كتابٍ مُعتبر!
وبين قوسي اعتراض يحقُّ لنا أن نتساءَل: أهذا هُو الإنصافُ العلميُّ الموجود لديهم؟! أهذا هو حفظُ جنابِ النبي صلى الله عليه وسلم بتبرئته منَ الأحاديث المنسوبة إليه كما يقول جمال البنا([22])؟! أم أنَّه مجرد ردٍّ للأحاديث التي لا تروقُ لعقولِهم ولا تستقيمُ مع فُهومِهم، فيرُدُّونها ولو بذكر اعتراضٍ سمعوهُ حينًا من الدَّهر، ولم يكلِّفوا أنفسهم عناء البحث عن أصلِهِ وهم يردُّونَ بذلك حديثًا في البخاري ومسلم!
وحسبُك في انتفاءِ ثُبوت هذا الاعتراض عن عائشة رضي الله عنها أن بدر الدين الزركشي لم يذكره في الكتاب الذي وضعهُ لجمع استدراكات عائشة رضي الله عنها على الصحابة، وقد ذكر اعتراضاتِها على أبي هريرة رضي الله عنهُ دونَ أن يشير إلى هذا إطلاقًا([23])، ويصرح بذلك ابن أمير حاج فيقول: “على أن ما روي عن عائشة وابن عباس قال شيخنا الحافظ -يعني الكمال بن الهمام- لا وجودَ له في شيءٍ من كتب الحديث”([24]). فإن كان هذا الاعتراضُ لا وجودَ لهُ في أيٍّ من كُتبِ الحديث سَقَطَ الاعتداد به والاعتمادُ عليه، وخابت مساعيهم في تأصيلِ الاحتجاجِ بالعقل على النَّقل بنصٍّ أثبتَ الحُفَّاظُ والعلماء أنَّه لا أصل له.
الحديث الثالث:
حديثُ أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الوضوءُ ممَّا مسَّت النَّار، ولو من ثورٍ أقط»، فقال لهُ ابن عباس رضي الله عنه: يا أبا هريرة، أنتوضأ من الدهن؟ أنتوضأ من الحميم؟ فقالَ أبو هريرة رضي الله عنه: يا ابن أخي، إذا سمعتَ حديثًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم فلا تضرب له مثلًا([25]).
وهذا اعتراضٌ واضحٌ من ابن عباس رضي الله عنه؛ لكن هل هُو اعتراضٌ عقليٌّ محض كما فهمه الحداثيون وفرحوا به؟
هذا ما يظنُّونه حين يستندونَ إلى هذا الاعتراض فقَط دونَ النَّظر إلى كلِّ الأحاديث في الباب، ولو نظرتَ إليها كلِّها عرفت أنَّ اعتراض ابن عباس رضي الله عنهما ليسَ مبنيًّا على نظرٍ عقلي محض، وإنما على دليلٍ ثابتٍ لديه، فابن عباس رضي الله عنهما يرى أنَّ الحديث منسوخ، وقد روى هو عنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم أنَّه جمَع عليه ثيابه ثم خرج إلى الصَّلاة، فأتي بهدية خبزٍ ولحم، فأكل ثلاث لقم، ثم صلَّى بالناس، وما مسَّ ماء([26]). فلمَّا عرف ابن عباس أن المحكم في الموضوع وآخرُ الأمرين هو: ترك الوضوء ممَّا مسَّت النَّار، ثم رأى أنَّ أبا هريرة رضي الله عنه لا زال يحدِّثُ بذلك الحديث عارضَهُ بضربِ الأمثلةِ العقلية التي تعضد ما ثبتَ عنده من عدم الوضوء ممَّا مست النار، فليس هو إذن اعتراضًا مؤسَّسًا على دليلٍ عقليٍّ محض، وإنما هو بالتتبّع للدَّليل الشرعي.
ومما يؤكد هذا المعنى روايته الأخرى التي يقولُ فيها محمد بن عمرو بن عطاء: كنتُ مع ابن عباس رضي الله عنهما في بيت ميمونة زوج النَّبي صلى الله عليه وسلم في المسجد، فجعلَ يعجب ممَّن يزعم أنَّ الوضوء مما مسَّت النار، ويضربُ فيه الأمثال ويقول: إنا نستحم بالماء المسخن ونتوضَّأ به وندهن بالدهن المطبوخ([27]). وهذا واضحٌ وصريح في أنَّ ابن عباس رضي الله عنهما أرادَ أن يُقرِّر ما تأكَّد لديه بضربِ الأمثال العقليَّة للتأكيد على هذا الحكم الشرعي.
وهناك أمثلةٌ أخرى عديدةٌ يذكرونها في كُتُبِهِم، ويحاولون الاتكاءَ عليها وإلقاء حَوائِم الرَّيب في قلوبِ المسلمين حول الأحاديث الصحيحة عنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم، وينسبون ذلك إلى الصَّحابة وأنهم هم مبدأ هَذا الأمر، ألا وهوَ الاعتراضُ العقليّ المحض على الأحاديثِ الثَّابتة، وهم بذلكَ يريدُون أن يُلبسوا مشروعَهُم لبوسًا إسلاميًّا، وأن يتمسحوا في إنكارهم لأحاديث صحيحة بقفى الصَّحابة الكرام حتى يقولوا: نحنُ نفعل ما فعلوا! وقد تبيَّن كيفَ أنَّ كلَّ التطبيقات التي يوردونها للصَّحابة لا تُسعفهم؛ بل تنقلبُ عليهم، فقد كان النَّص عند الصحابة هو المقدَّم، وفي سبيل فهمه وإدراكه وحفظه يبيّنون الاعتراضاتِ من أحاديث أخرى ثبتَت لديهم، ثم يعضدون ذلك بالنَّظر العقلي.
فإن قيل: لماذا تجعلون النظر العقلي عند الصحابة تبعًا للدليل الشرعي؟ أليس هذا تهكّمًا منكم إذ يمكن أن يكونَ العكس؟
نقول في جواب ذلك: يدلُّ على هذا الروايات الكثيرةُ عن تمسُّك الصحابة بالسنة ورجوعهم إليها، وكم روت كتبُ العلماء من روايات عديدة تُثبت كيف أن كبار الصحابة رجعوا عن آرائِهمُ الشخصية واجتهاداتهم بمجرد بلوغِ النص الشرعي إليهم.
ومن أصدقِ الأحاديث في هذا الباب -ما دام أن أكثر ما يروى في هذا الباب هو عن عائشة- أنَّ معاذة رضي الله عنها قالت: سألت عائشة فقلت: ما بال الحائض تقضي الصوم، ولا تقضي الصلاة؟! فقالت: أحرورية أنت؟ قلت: لست بحرورية ولكني أسأل، قالت: كانَ يُصيبُنا ذلك، فنُؤمر بقضاء الصَّوم، ولا نؤمر بقضَاءِ الصَّلاة([28]).
فانظر كيف أنَّ عائشة رضي الله عنها تغضَبُ على من حاولت إقحام النَّظر العقلي المحض مقابلَ النص الشرعي، فكيفَ يُتصور منها وهي صاحبة هذا الحديث أن تُعارض النصوص بعقلها المحض دون مستند شرعي مسبق؟!
ورجوعُ الصَّحابة إلى النصِّ الشرعي إن تبيَّن لهم وترك اجتهاداتِهم وآرائهم هو الأصل، وعليه فإنَّ من يُطالَبُ بالدليل هو من يقول: إن الصحابة مارسوا عقلنة النصوص وردوها بناءً على عقولهم، والأمثلة في رجوعِهِم إلى النُّصوصِ كثيرة، منها أنَّ عمر بن الخطاب رضيَ اللهُ عنهُ كانَ يقول: الدية للعاقلة، ولا ترِثُ المرأةُ من دِيةِ زوجها، حتى أخبره الضَّحاك بن سفيان الكلابي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إليه: «أن أورث امرأةَ أشيم الضبابي من دية زوجها»، فرجع عمر عن قوله([29]). فهذا أميرُ المؤمنين رجع إلى حديثِ النبي صلى الله عليه وسلم لمجرَّدِ وروده عليه من ثقة، وتَرَك اجتهاده السابق.
ومن ذلك ما رواه أبو الجوزاء قال: سألتُ ابن عباس عن الصَّرف يدًا بيد، فقال: لا بأس بذلك اثنينِ بواحد، أكثر من ذلك وأقل، قَالَ: ثم حجَجتُ مرةً أخرى والشيخ حي، فأتيتُهُ فسألتُه عن الصَّرف، فقال: وزنًا بوزن. قال: فقلتُ: إنَّك قد أفتيتني اثنين بواحد، فلم أزل أُفتي بِهِ منذ أفتيتني! فقال: إن ذلك كانَ عن رأيي، وهذا أبو سعيد الخدري يُحدِّثُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتركت رأيي إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم([30]).
والوقائع في هذا كثيرة، وبناءً عليها يمكننا الجزم بأن الصحابة رضوانُ الله عليهم لم يقدِّمُوا عقولَهُم على النَّصِّ الشرعي، وإنما أعملوها في فهم الأحاديث، ونفي التعارض فيها، وبيان النَّاسخ والمنسوخ.
ولم يُرِدِ الحداثيُّون من هذه الدعوى إثباتَ أنَّ الصحابة قد عقلنوا النُّصوص فقط، وإنما أرادوا شيئًا آخر خلف هذا، وهو أنه ما دام أنَّ الصحابة قد نقدوا المتون، فإنَّه يجب علينا أن نحذو حذوَهم، وقد دأب كثيرون على اتهام المسلمين بأنهم اقتصروا على نقد الأسانيد فقط دونَ النَّظر إلى المتون، كما يدعي ذلك المستشرقون ومن يقتاتون على موائدهِم من الحداثيين المعاصِرين، فيُصوِّرون علم العلل عندَ المسلمين وكأنَّه مُنصبٌّ على الإسناد فقط، ثم لا يعنيهم المتن في شيء، كما يقولُ في ذلك أبو رية: “ولكن العلماء والأدباء لم يولوه ما يستحقّ من العناية والدرس، وتَرَكُوا أمرَهُ لمن وقفوا بعلمهم عندما يتّصل بالسند فحسب، أما المعنى فلا يعنيهم من أمرهِ شيء!”([31]).
وانطلاقًا من هذه الحجة يريدون ردَّ الأحاديث الصحيحة المتفق عليها من باب نقدِ المتن، وعدمِ موافقتِها للعقول والآراء أو الواقع المعاصر، وهذه الدعوى مجرد وهمٍ يتوهَّمونه، ولئن كانت عنايتُهم بالأحاديث والنصوص قليلة، ولا يعرفون دقَّة علم المصطلح وعلم العلل، فإنَّ هذا عيب في القارئ لا في الواقع، لكنَّهم يتتلمذون على أمثالِ جولد تسيهر من المستشرقين، فيكررون أوهامهم، ويجرّون سخائمَ قلوبهم فيقدِّمونَها للناس بتغيير بعض الألفاظ والعبارات، وإن شئتَ فقارِن بين قول جولد تسيهر حينَ قال: “نقد الأحاديث عند المسلمين قد غلَب عليه الجانبُ الشكلي منذ البداية، فالقوالبُ الجاهزة هي التي يحكم بواسطتها على الحديث بالصحة أو بغيرها… فإنَّ المتن يُصحَّح ولو كان معناه غير واقعي، أو احتوى على متناقضاتٍ داخلية أو خارجية”([32]).
ثم اقرأ كلام أحمد أمين إذ يقول: “وقد وضَعَ العلماء للجرح والتعديل قواعد ليس هنا محل ذكرها؛ ولكنَّهم -والحق يقال- عنوا بنقد الإسناد أكثر مما عنوا بنقد المتن، فقلَّ أن تظفر بنقدٍ من ناحية أن ما نُسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم لا يتفق والظروف التي قيلت فيه، أو أن الحوادث التاريخية الثابتة تناقضه”([33]).
وهذا التتَلمذ على كل ما يقوله المستشرقون وقبوله دون تمحيص أو بذل جهد بسيط في البحث يوقعهم في مثل هذه البلايا، وقد مرَّ بنا كيف أن بعضهم قد عارض حديثًا صحيحا في البخاري ومسلم برواية غير ثابتةٍ في كتب الحديث، ولم يخرجه ولم يشر إلى مصدرِه، فليس المهم أن يتثبت، وإنما المهمُّ عنده أن يحشو الكتاب بما يؤيِّد فكرتَه المسبقة، والتي يريدُ الاستدلال عليها بأيِّ دليل.
وممَّا يُردُّ به على هذه الدعوى:
1- أنَّ الصحابة أنفسهم قد عاملوا مُتون الأحاديث بتمحيصها وإن صحَّحوا الأسانيد، فكانوا يستشكلون بعضَ متون الحديث وإن كانوا لا يشكُّون في قائله، كما قالت عائشة عن ابن عمر رضي الله عنهم حينما روى حديثًا ظنَّت أنه معارضٌ لما استقرَّ عندها من نصوصٍ أخرى، قالت: “أما إنه لم يكذب، ولكنه نسي أو أخطأ”([34]). فهل هذا إلا قراءة للمتن مع صحة السند؟! وهذه القراءة للمتنِ هي التي جرى عليها من بعدهم من أئمة الحديث، فساروا على منهجهم من عدمِ الاعتراض على النص بمجرد العقل، وإنَّما بنصوصٍ أخرى موضحة لهذا المتن، فليس في منهجِ الصحابة ما يمكن للحداثيين أن يتمسكوا به.
2- أنَّ المحدِّثين حينَ وضعوا شروطًا لصحَّة الحديث قالوا: من شروطه عدمُ الشُّذوذ وعدم العلة، وليس هذا متعلقًا بالسند فقط، وإنَّما بالمتن أيضًا، وبناءً عليه فإن علماء الحديث لا يمكن أن يصحِّحوا حديثًا واحدًا إلا بعد النظر في سندِه ومتنِه.
3- أنَّ علماء الحديث صنَّفوا مصنفاتٍ عديدة كلها تتمحور حولَ متن الحديث، لا حول سنده، مثل كتاب: “اختلاف الحديث” للإمام الشافعي، و”تأويل مختف الحديث” لابن قتيبة، و”مشكل الآثار” للطحاوي، وغير هذا كثير.
4- عني علماء الحديث بالغريب والتصحيف والمدرج رُغم صعوبة ذلك، فانظر كيف كانوا يدركون أنَّ المتن فيه إدراجٌ في بدايته أو وسطه أو آخره، وتأمَّل كيفَ يمكنُ إدراكُ مثل هذا الأمر الدقيق بالاعتناءِ بالمتن، وجمع متونِ الأحاديث بعضها إلى بعض؛ للنظر فيها كلها وفحصها، ثم بيان الزائد على قولِ النبي صلى الله عليه وسلم. وليس المقصد هنا هو بيان مناهج نقدِ المتن عند المحدثين ولا توافره وكثرته، وقد أُفرد في ذلك مصنفات([35])، وإنما بيان أنَّ الصحابة الكرام ومن تبعهم اهتموا بالمتن، وكانَ ردُّهم لبعض الأحاديث أو اعتراضهم عليها ليس لمجرد النظر العقلي، مثل ما يفعلونه هم كما يقول الغزالي: “وأعرضت عن أحاديث أخرى توصف بالصحة؛ لأنها في فهمي لدين الله وسياسة الدعوة لم تنسجم مع السياق العام”([36])، وإنما لنصوصٍ أخرى توجبُ ذلك.
وأخيرًا: لم يكنِ الصحابة الكرام ليُمرِّروا أي حديثٍ دون أن يمحِّصوه ويفحصوه ويعارضُوه بمثله، وسارَ على هذا أهلُ الحديث من بعدِهم، وابتكروا من أجلِ حفظِ الحديث علومًا جديدةً لم يوجد مثلها عند سائرِ الأمم كعلم العلل، فلم يكونوا سببًا في إصابةِ المسلمين بالعقم الفكري كما يقوله أحمد أمين([37])، وإنما محَّصوا ودقَّقوا وبرعوا في علم العلل والمصطلح، وكل ذلك من أجلِ التحقُّق من المتن الحديثي، ودقة إصابةِ الحكم ومعرفة الناسخ والمنسوخ.
وبهذا تيقَّنَّا بأنَّ المستقرَّ عند الصحابة هو التسليم للنصِّ الشرعي، والخضوع له، وتعظيمه، وتقديمه على كل العقول والآراء والاجتهادات، وهذا التسليم نفسُه هو معطى عقليّ بناء على ما ثبت عندهُم من صدقِ النَّبي صلى الله عليه وسلم وكمال ما جاء به، فليس في منهجهم ما يتَّكئ عليه الحداثيون ولا من سارَ سيرَهم وانتهَجَ نهجَهُم([38]).
وخلاصةُ القول: كما قالَ ابن القيم رحمه الله: “ولم يكن أحدٌ من الصحابة يورد عليه معقولًا يعارض النصّ البتة، ولا عرف فيهم أحد -وهم أكمل الأمة عقولًا- عارض نصًّا بعقل”([39]).
والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)
([1]) روى هذه القصة الغزالي في فضائح الباطنية (18-19) في بيان باعث قيام الباطنية.
([2]) انظر كلام ابن القيم في: مختصر الصواعق (168)، في بيان أسباب قبول الناس للتأويل.
([3]) ينظر: السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي، مصطفى السباعي (266).
([4]) من العقيدة إلى الثورة (368).
([5]) انظر مقالا له على: المصري اليوم، على الرابط التالي:
https:/ / www.almasryalyoum.com/ news/ details/ 77510
([6]) انظر: مشكلة الحديث (111) وما بعدها.
([7]) انظر مثلا: فصل نماذج للرأي والرواية من كتاب السنة لمحمد الغزالي (17)، وأضواء على السنة المحمدية لمحمود أبو رية (177-178).
([8]) أخرجه أحمد (9862)، وأبو داود (3161)، والترمذي (993)، وابن ماجه (1463).
([9]) أخرجه البيهقي في الكبرى (1472)، وقد ذكر بدر الدين الزركشي أنها قالت ذلك حين بلغها حديث أبي هريرة، فلم يكن حديثا مستقلًّا انظر: الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة (122).
([12]) انظر: السنن الكبرى للبيهقي (1/ 448-452)، والمجموع للنووي (5/ 185)، والتلخيص الحبير لابن حجر (1/ 370-371).
([15]) يقول: “وبالجملة، هذه خمسة طرق للحديث بعضها صحيح، وبعضها حسن، وبعضها ضعيف منجبر، فلا شك في صحة الحديث عندنا”. إرواء الغليل (1/ 175).
([16]) أخرجه البخاري (283) ومسلم (371).
([17]) يقول ابن حجر: “وقد أجاب أحمد عنه بأنه منسوخ، وكذا جزم بذلك أبو داود”. التلخيص الحبير (1/ 372).
([18]) أخرجه البخاري (162)، و مسلم (278).
([19]) المهراس: صخرة منقورة تسع كثيرًا من الماء، وقد يعمل منها حياض للماء. ينظر: النهاية في غريب الحديث (5/ 259).
([20]) أضواء على السنة المحمدية (177).
([21]) انظر: رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب لأبي نصر عبد الوهاب السبكي (2/ 43)، وموافقة الخُبر الخَبر لابن حجر (1/ 461).
([22]) انظر صفحة الإهداء في كتابه: “تجريد البخاري ومسلم من الأحاديث التي لا تُلزم”.
([23]) انظر: الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة (112-128).
([24]) التقرير والتحبير (2/ 300).
([27]) أخرجه البيهقي في الكبرى (713).
([29]) أخرجه أحمد (15746)، وأبو داود (2927)، وابن ماجه (2642)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود.
([30]) أخرجه أحمد (11479)، وصححه الألباني في إرواء الغليل (5/ 187).
([31]) أضواء على السنة المحمدية (7).
([32]) ينظر: جهود المحدثين في نقد متن الحديث النبوي الشريف (449).
([35]) انظر على سبيل المثال: جهود المحدثين في نقد متن الحديث النبوي الشريف لمحمد طاهر الجوابي، ونقد المتن عند المحدثين لإبراهيم بن محمد السعوي، ومنهج النقد عند المحدثين لمحمد مصطفى الأعظمي.
([37]) يقول عن الفكر الإسلامي بعد موت المعتزلة: “علا منهج المحدثين، وكاد العلم كله يصبح رواية، وكان نتيجة هذا ما نرى من قلة الابتكار وتقديس عبارات المؤلفين وإصابة المسلمين غالبا بالعقم، حتى لا تجد كتابا جديدًا أو رأيا جديدا بمعنى الكلمة”. ظهر الإسلام (2/ 48-49).
([38]) يراجع للاستزادة كتاب: دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث المتعلقة بمسائل الاعتقاد، للدكتور عيسى النعمي (67-79).
([39]) ينظر: مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة (2/ 404).