الخميس - 19 جمادى الأول 1446 هـ - 21 نوفمبر 2024 م

الاتباع.. مقصد الحجّ الأسنى

A A

تمهيد:

يظلُّ المقصود الأعظم من العبادات تربيةَ الإنسان على الاستسلام لله سبحانه وتعالى، وعبادته وفقَ ما شرع، حتى يمكن له النهوضُ إلى مراتبِ التمكين الذي وعده الله به كخليفة في الأرض، ولا شكَّ أنَّ الحجَّ عبادة عظيمةٌ، بل ركن أساس من أركان الإسلام، وفيه دروسٌ وعبر ومقاصد وحِكَم عظيمة، والجهل بهذه الحكم والغايات والمقاصد يحوِّل الحجَّ إلى مجرَّد طقوسٍ تُؤدَّى دون استشعارِ روح هذا العملِ وما يمكن أن يَفعلَه في نفس المسلم وعقيدته وأخلاقه.

ولَمَّا كان هذا الحجُّ عملًا عظيمًا رتَّب الله عليه أجورًا عظيمَة؛ مِن ذلك ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: «مَن حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ ولَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَومِ ولَدَتْهُ أُمُّهُ»([1])، وقوله عليه الصلاة والسلام: «العُمرةُ إلى العمرة كفارةٌ لما بَينَهما، والحجُّ المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنة»([2])، كان لزامًا علينا أن نؤدِّيه كما أراده الله سبحانه وتعالى منا، ونسعى إلى تحقيق الغايات منه، ولا يخفى على الإنسان أن الإخلاص والمتابعةَ هما شرطُ قبول العمل، وأساس الشهادتين، فلا يمكن قبول عمل من الأعمال ما لم يكن خالصًا لله سبحانه وتعالى، وما لم يكن وفق ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، يقول الله تبارك وتعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5]، ويقول تبارك وتعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21]، وقال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} [الملك: 2]، قال الفضيل بن عياض رحمه الله: “هو أخلصُ العمل وأصوَبُه”، فقيل له: ما أخلصُه وأصوبُه يا أبا عليٍّ؟ فقال: “إنَّ العمل إذا كان خالصًا ولم يكن صوابًا لم يقبل، وإذا كان صوابًا ولم يكن خالصًا لم يُقبل، حتى يكون خالصًا صوابًا، والخالص أن يكون لله، والصَّواب أن يكون على السُّنة”، ثم قرأ قوله: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110]([3])، وقال ابن مسعود رضي الله عنه: “اتَّبعوا ولا تبتدعوا؛ فقد كفيتم، وكلُّ بدعةٍ ضلالة”([4])، وقال حذيفة بن اليمان: “اتبعوا ولا تبتدعوا؛ فقد كفيتم، اتبعوا آثارنا، فقد سبقتم سبقًا بعيدًا، وإن أخطأتم فقد ضللتم ضلًالا بعيدًا”([5]).

والحجُّ من أهمِّ مقاصده وغاياته تحقيق الاتِّباع للمصطفى صلى الله عليه وسلم، بل هو المقصد الأسنى إذ يتجلَّى في كلِّ عملٍ من أعمال الحج منذ أن ينويه الإنسان حتى يتمَّه، فكلُّه قائمٌ على الاتباع وعدَم الابتداع، ومتى ما أردنا أن يحقِّق الحجُّ مقاصده العظيمة فإنه يجب علينا أن نبُثَّ قيمةَ الاتباع في الحجِّ بين الناس، ونغرسه فيهم، وبذلك نحقِّق مقاصدَ الحجّ، ونبتعد عن كثير من البدَع التي تُفعل في الحجِّ بسبب الجهل وعدم تحقيق الاتِّباع.

الجهل بالحكمة وتحقيق الاتباع:

إنَّ مِن أعظم العِبادات التي يتجلَّى فيها مقصد الاتباع: الحج، وهذا يظهر جليًّا في أعمال الحج من بدايتها إلى نهايتها، فالحاجُّ يتقلَّب في مناسكَ متعدِّدةٍ، ويُؤدِّي أعمالًا مختلفة، لا يَعقِل كثيرًا من حِكَمِها، لكنه يفعلها اتِّباعًا للنبي صلى الله عليه وسلم. فلمَ اختار الله مكَّةَ ليجعل فيها بيته دون غيرها من الأمكنة؟! وما السرُّ في المواقيت الزمانية للحج؟! وما السِّرُّ في المواقيت المكانية وهي تختلف قربًا وبعدًا، فليست على مسافة واحدةٍ من الحرم؟! ولم الحجُّ في أيام معدودات في وسط الشهر لا في بدايته أو نهايته بحيث ينتهي به العام؟! في أسئلةٍ كثيرةٍ يجتهِد الناسُ في الإجابة عن بعضها، لكنهم لن يصِلوا إلى إجابةٍ دقيقةٍ شافيةٍ وافيةٍ يمكن أن يقال: إنها الحكمة التي أرادها الله تعالى.

والحاجُّ يخرج من بيته محرمًا، يخلَع جميع ملابسه ليلبس الإزار والرداء، ثم يصل إلى مكة فيضطبِع في الطواف، وبمجرَّد نيَّة الدخول في النسك يمتنِع عن الطِّيب وأخذ شيء من الشعر، ويتجنَّب زوجته التي هي حلال له، وهو في كل ذلك يسلِّم أمره لله ورسولِه، موقنًا أنَّ الشريعة لم تأت إلا بما فيه حِكمٌ عظيمة وصلاح في الدنيا والآخرة، وسواءٌ عرف ذلك أو جهله فإنه يتَّبع النَّبي صلى الله عليه وسلم ويفعل مثلما فعل، وهنا يظهر هذا المقصد الأسنى من مقاصد الحج.

من مظاهر الاتباع في الحج:

الاتباعُ أمرُ النَّبي صلى الله عليه وسلم:

الاتباعُ في الحجِّ ممَّا أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، وأوَّل ما يبتدئ به الإنسان إذا أراد الحجَّ هو معرفة الطريقة التي حجَّ بها النبي صلى الله عليه وسلم، فقد وجَّه إلى الاتباع فقال: «لتأخذوا مناسككم؛ فإنِّي لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه»([6])، فالنبي صلى الله عليه وسلم حرص حرصًا عظيمًا على أمرِ الاتباع في الحجِّ، وأمر الصحابةَ الكرام -وهو أمرٌ لمن بعدهم- بالاتباع له، واقتفاء أثره، وعدم تجاوز شرعه حتى يكون حجّ الناس بعد موته صلى الله عليه وسلم حجًّا نبويًّا وفق ما أراده الله من الناس، ووفق صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم.

أبدأ بما بدأ الله به:

لم يكن الاتباع مجرَّد أمرٍ من النبي صلى الله عليه وسلم، بل طبَّقه عليه الصلاة والسلام، فحين توجَّه إلى السعي بعد أن طاف بالبيت قال: «أبدأُ بما بدأ الله به»([7])؛ تأكيدًا منه على متابعة قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 158]، فبدأ النبي صلى الله عليه وسلم بالصفا كما بدأ الله.

التلبية شاهدةٌ على الاتباع:

“لبيك اللهم لبيك” شعار الحجِّ الأعظم، والذي يردِّده ملايين الحجاج في لحظات سيرهم وانتظارهم وجلوسِهم ومبيتهم، هو الشِّعار الذي لا ينفك عن الحجاج حتى رمي الجمرة، هو شاهدٌ أيضًا على المقصد الأسنى: الاتباع.

فلبَّيك معناه: إجابة بعد إجابة، يقول ابن القيم رحمه الله: “في معنى التلبية ثمانية أقوال أحدها: إجابة لك بعد إجابة، ولهذا المعنى كررت التلبية إيذانًا بتكرير الإجابة”([8])، يكرر الحاج “لبيك اللهم لبيك” أي: أستجيب لك يا رب إجابةً بعد إجابة، ونعبدك وحدك ولا نعبد أحدًا غيرك، ونتبع رسولك صلى الله عليه وسلم ولا نخترع عبادات من عند أنفسنا، نحل ما أحلته الشريعة، ونحرم ما حرمته، ونقف عندها لا نتجاوزها، ونحن مقيمون على ذلك مرَّةً بعد مرة، لا نغادره طرفة عين، فلبَّيك -يا الله- استسلامًا، ولبيك خضوعًا، ولبيك انقيادًا، ولبيك اتباعًا مرَّة بعد مرَّة.

اجتماع النَّاس إليه ليأتمُّوا به:

مِن أبرز مظاهر الاتباع في الحج ما فعله الصَّحابة الكرام، فقد حرصوا حرصًا شديدًا على الحجِّ معه، وما أعظمها من رفقة في أحد أعظم شعائر الدين! وقد خرج الصَّحابة بالألوف ينتظرون أن يحجوا مع النَّبي صلى الله عليه وسلم؛ لتحقيق غاية الاتباع كما يقول جابر وهو يصف هذا المشهد العظيم: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث تسع سنين لم يحج، ثم أذن في النَّاس في العاشرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجّ، فقدم المدينة بشرٌ كثير، كلُّهم يلتمس أن يأتمَّ برسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعمل مثل عمله([9]). وفي رواية أخرى عنه يصف خروج الصَّحابة معه يقول: أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع سنين، لم يحج، ثم أذن في الناس بالحج، فلم يبق أحدٌ يقدر أن يأتي راكبًا أو راجلًا إلا قدم، فتدارك الناس ليخرجوا معه([10]). فكلُّهم كانوا يريدون اتباعه صلى الله عليه وسلم في الحج، فخرج معه الجموع الغفيرة حتى يقول جابر: نظرت إلى مدِّ بصري بين يديه، من راكبٍ وماش، وعن يمينه مثل ذلك، وعن يساره مثل ذلك، ومن خلفه مثل ذلك، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا، وعليه ينزل القرآن، وهو يعرف تأويله، وما عمل به من شيء عملنا به([11]). هكذا حرص الصحابة أشدَّ الحرص على الاتباع في الحج، فالتمُّوا حول النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الطريقة.

حرص الصحابة على الاتباع:

سبق بنا بيان كيف أنَّ الصَّحابة اجتمعوا حول النَّبي صلى الله عليه وسلم، وعزا جابر ذلك إلى اتباعه والتأسي به، وكانت لهم مواقف أخرى عظيمة تبين مقصد الاتباع في الحج وأنه مقصد سَنِيٌّ حرص عليه الصحابة الكرام، ومن ذلك أن عليًّا رضي الله عنه لشدة تأسيه بالنبي صلى الله عليه وسلم أهلَّ بما أهل به رسول الله دون أن يعرف ما هو، فقد سأله صلى الله عليه وسلم فقال: «ماذا قلت حين فرضت الحج؟»، قال: قلت: اللهمَّ إني أهل بما أهل به رسولك([12]). وفي هذا دليلٌ آخر على مدى حرص الصحابة على الاتباع، ومن هنا نعرف سرَّ التسليم المطلق والانقياد الذي يظهر في قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه مخاطبًا الحجر الأسود: “إنِّي أعلمُ أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النَّبي صلى الله عليه وسلم يقبِّلك ما قبلتك”([13])، فهو يعلم أنَّه حجر لا يضر ولا ينفع، لكنه الاتباع المطلق للنبي صلى الله عليه وسلم، يقول ابن حجر رحمه الله: “وفي قول عمر هذا التَّسليم للشارع في أمور الدين، وحسن الاتباع فيما لم يكشف عن معانيها، وهو قاعدةٌ عظيمة في اتباع النَّبي صلى الله عليه وسلم فيما يفعله ولو لم يعلم الحكمة فيه([14]).

بل أمر النبي صلى الله عليه وسلم الصَّحابةَ بالرمل لإظهار قوةِ المسلمين وتخييب ظنِّ المشركين الذين ظنُّوا أن حمى المدينةِ قد أنهكت الصحابة، فرأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن سبب الرمل قد زال، فقد أعزَّ الله الإسلام وأذلَّ المشركين، ورغم ذلك كان يقول: “فما لنا وللرَّمل، إنَّما كنَّا راءينا به المشركين وقد أهلكهم الله”، ثم قال: “شيءٌ صنعه النبي صلى الله عليه وسلم فلا نحبُّ أن نتركه”([15]).

النهي عن الغلو:

ولئن كان الصَّحابة رضوان الله عليهم حريصين على اتباع النبي صلى الله عليه وسلم في الحج، فقد كانوا أيضًا ينهون عن الخروج عن هذا الاتباع بالغلو في دين الله، روى الزبير بن بكار قال: سمعت سفيان بن عيينة يقول: سمعت مالك بن أنس، وأتاه رجل، فقال: يا أبا عبد الله، من أين أحرم؟ قال: من ذي الحليفة من حيث أحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إني أريد أن أحرم من المسجد، فقال: لا تفعل، قال: إني أريد أن أحرم من المسجد من عند القبر، قال: لا تفعل؛ فإني أخشى عليك الفتنة، قال: وأي فتنة في هذا؟ إنما هي أميال أزيدها! قال: وأي فتنة أعظم من أن ترى أنك سبقت إلى فضيلة قصر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! إني سمعت الله يقول: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63]([16]).

وفي طواف النَّبي صلى الله عليه وسلم استلم الحجر الأسود والرُّكن اليماني، فلما جاء معاوية يطوف بالبيت استلم الأركان كلها، فأنكر عليه ابن عباس رضي الله عنهما، فعن ابن عباس أنَّه طاف مع معاوية بالبيت، فجعل معاوية يستلم الأركان كلها، فقال له ابن عباس: لم تستلم هذين الركنين ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمهما؟! فقال معاوية: ليس شيءٌ من البيت مهجورًا، فقال ابن عباس: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]، فقال معاوية: صدقت([17]).

فكان حرص الصحابة على اتباع النبي صلى الله في الحج ينبني عليه أيضًا أن لا يغالي أحدٌ في دين الله ويأتي بما لم يأت به النبي صلى الله عليه وسلم.

سؤالهم النبي صلى الله عليه وسلم عن كل ما يعرض لهم في حجِّهم:

من مظاهر الاتباع في الحجِّ ما فعله الصَّحابة الكرام من كثرة الأسئلة للنبي صلى الله عليه وسلم، فكلما أشكل عليهم أمر سألوا حتى يتَّبعوا فيه النبي صلى الله عليه وسلم، فحين بدأ صلى الله عليه وسلم الحج مرَّ بامرأةٍ فرفعت له صبيًّا وقالت: يا نبي الله، ألهذا حج؟ قال: «نعم، ولك أجر»([18])، وجاءته امرأة أخرى تقول: يا رسول الله، إنَّ فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخًا كبيرًا، لا يثبت على الراحلة، أفأحجُّ عنه؟ قال: «نعم»([19])، وفي حديث جابر الطويل: فخرجنا معه، حتى أتينا ذا الحليفة، فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر، فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف أصنع؟ قال: «اغتسلي، واستثفري بثوب وأحرمي»([20])، وقد وَقَف رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بمنى للناس يسألونه، فجاء رجلٌ فقال: يا رسول الله، لم أشعر، فحلقت قبل أن أنحر، فقال: «اذبح ولا حرج»، ثم جاءه رجلٌ آخر، فقال: يا رسول الله، لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي، فقال: «ارم ولا حرج»، قال: فما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيءٍ قُدِّم ولا أُخِّر، إلا قال: «افعل ولا حرج»([21]).

وأخيرًا: حجَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم وحجَّ معه آلافُ الصَّحابة الكرام، فاتَّبعوه واقتفوا أثَرَه واقتدوا به، وحريٌّ بالمسلم الذي يريد الحج أن لا يخرج في شيءٍ عن هديِ النَّبي صلى الله عليه وسلم، ويبتعد عن البدع والأخطاء التي هي مخالفة لهديه حتَّى يحقق هذا المقصد العظيم من مقاصد الحج، ألا وهو الاتَّباع.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

ــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) أخرجه البخاري (1521)، ومسلم (1350).

([2]) أخرجه مسلم (1349).

([3]) أخرجه الثعلبي في الكشف والبيان (9/ 356)، وأبو نعيم في الحلية (8/ 95).

([4]) أخرجه ابن بطة في الإبانة الكبرى (174، 175).

([5]) أخرجه ابن بطة في الإبانة الكبرى (197).

([6]) أخرجه مسلم (1297).

([7]) أخرجه مسلم (1218).

([8]) حاشية ابن القيم على السنن -مع عون المعبود- (5/ 175).

([9]) أخرجه مسلم (1218).

([10]) أخرجه النسائي في سننه (2761)، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي.

([11]) أخرجه مسلم (1218).

([12]) أخرجه مسلم (1218).

([13]) أخرجه البخاري (1597).

([14]) فتح الباري (3/ 463).

([15]) أخرجه البخاري (1605).

([16]) ينظر: أحكام القرآن، لابن العربي (3/ 432).

([17]) أخرجه أحمد (1877).

([18]) أخرجه مسلم (1336).

([19]) أخرجه البخاري (1513).

([20]) أخرجه مسلم (1218).

([21]) أخرجه مسلم (1306).

التعليقات مغلقة.

جديد سلف

صيانة الشريعة لحق الحياة وحقوق القتلى، ودفع إشكال حول حديث قاتل المئة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقدمة: إنّ أهلَ الأهواء حين لا يجدون إشكالًا حقيقيًّا أو تناقضًا -كما قد يُتوهَّم- أقاموا سوق الأَشْكَلة، وافترضوا هم إشكالا هشًّا أو مُتخيَّلًا، ونحن نهتبل فرصة ورود هذا الإشكال لنقرر فيه ولنثبت ونبرز تلك الصفحة البيضاء لصون الدماء ورعاية حقّ الحياة وحقوق القتلى، سدًّا لأبواب الغواية والإضلال المشرَعَة، وإن […]

برهان الأخلاق ودلالته على وجود الله

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: إنَّ قضيةَ الاستدلال على وجود الله تعالى، وأنه الربّ الذي لا ربّ سواه، وأنه المعبود الذي استحقَّ جميع أنواع العبادة قضية ضرورية في حياة البشر؛ ولذا فطر الله سبحانه وتعالى الخلق كلَّهم على معرفتها، وجعل معرفته سبحانه وتعالى أمرًا ضروريًّا فطريًّا شديدَ العمق في وجدان الإنسان وفي عقله. […]

التوظيف العلماني للقرائن.. المنهجية العلمية في مواجهة العبث الفكري الهدّام

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة     مقدمة: حاول أصحاب الفكر الحداثي ومراكزُهم توظيفَ بعض القضايا الأصولية في الترويج لقضاياهم العلمانية الهادفة لتقويض الشريعة، وترويج الفكر التاريخي في تفسير النصّ، ونسبية الحقيقة، وفتح النص على كلّ المعاني، وتحميل النص الشرعي شططَهم الفكري وزيفَهم المروَّج له، ومن ذلك محاولتُهم اجترار القواعد الأصولية التي يظنون فيها […]

بين عُذوبة الأعمال القلبية وعَذاب القسوة والمادية.. إطلالة على أهمية أعمال القلوب

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدمة: تعاظمت وطغت المادية اليوم على حياة المسلمين حتى إن قلب الإنسان لا يكاد يحس بطعم الحياة وطعم العبادة إلا وتأتيه القسوة من كل مكان، فكثيرا ما تصطفُّ الجوارح بين يدي الله للصلاة ولا يحضر القلب في ذلك الصف إلا قليلا. والقلب وإن كان بحاجة ماسة إلى تعاهُدٍ […]

الإسهامات العلمية لعلماء نجد في علم الحديث.. واقع يتجاوز الشائعات

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: لا يخلو زمن من الأزمان من الاهتمام بالعلوم وطلبها وتعليمها، فتنشط الحركة التعليمية وتزدهر، وربما نشط علم معين على بقية العلوم نتيجة لاحتياج الناس إليه، أو خوفًا من اندثاره. وقد اهتم علماء منطقة نجد في حقبهم التاريخية المختلفة بعلوم الشريعة، يتعلمونها ويعلِّمونها ويرحلون لطلبها وينسخون كتبها، فكان أول […]

عرض وتعريف بكتاب: المسائل العقدية التي خالف فيها بعضُ الحنابلة اعتقاد السّلف.. أسبابُها، ومظاهرُها، والموقف منها

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة تمهيد: من رحمة الله عز وجل بهذه الأمة أن جعلها أمةً معصومة؛ لا تجتمع على ضلالة، فهي معصومة بكلِّيّتها من الانحراف والوقوع في الزّلل والخطأ، أمّا أفراد العلماء فلم يضمن لهم العِصمة، وهذا من حكمته سبحانه ومن رحمته بالأُمّة وبالعالـِم كذلك، وزلّة العالـِم لا تنقص من قدره، فإنه ما […]

قياس الغائب على الشاهد.. هل هي قاعِدةٌ تَيْمِيَّة؟!

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   القياس بمفهومه العام يُقصد به: إعطاء حُكم شيء لشيء آخر لاشتراكهما في عِلته([1])، وهو بهذا المعنى مفهوم أصولي فقهي جرى عليه العمل لدى كافة الأئمة المجتهدين -عدا أهل الظاهر- طريقا لاستنباط الأحكام الشرعية العملية من مصادرها المعتبرة([2])، وقد استعار الأشاعرة معنى هذا الأصل لإثبات الأحكام العقدية المتعلقة بالله […]

فَقْدُ زيدِ بنِ ثابتٍ لآيات من القرآن عند جمع المصحف (إشكال وبيان)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: القرآن الكريم وحي الله تعالى لنبيّه محمد صلى الله عليه وسلم، المعجزة الخالدة، تتأمله العقول والأفهام، وتَتَعرَّفُه المدارك البشرية في كل الأزمان، وحجته قائمة، وتقف عندها القدرة البشرية، فتعجز عن الإتيان بمثلها، وتحمل من أنار الله بصيرته على الإذعان والتسليم والإيمان والاطمئنان. فهو دستور الخالق لإصلاح الخلق، وقانون […]

إرث الجهم والجهميّة .. قراءة في الإعلاء المعاصر للفكر الجهمي ومحاولات توظيفه

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: إذا كان لكلِّ ساقطة لاقطة، ولكل سلعة كاسدة يومًا سوقٌ؛ فإن ريح (الجهم) ساقطة وجدت لها لاقطة، مستفيدة منها ومستمدّة، ورافعة لها ومُعليَة، وفي زماننا الحاضر نجد محاولاتِ بعثٍ لأفكارٍ منبوذة ضالّة تواترت جهود السلف على ذمّها وقدحها، والحط منها ومن معتنقها وناشرها([1]). وقد يتعجَّب البعض أَنَّى لهذا […]

شبهات العقلانيين حول حديث: (إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: لا يزال العقلانيون يحكِّمون كلامَ الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم إلى عقولهم القاصرة، فينكِرون بذلك السنةَ النبوية ويردُّونها، ومن جملة تشغيباتهم في ذلك شبهاتُهم المثارَة حول حديث: «الشيطان يجري في ابن آدم مجرى الدم» الذي يعتبرونه مجردَ مجاز أو رمزية للإشارة إلى سُرعة وقوع الإنسان في الهوى […]

شُبهة في فهم حديث الثقلين.. وهل ترك أهل السنة العترة واتَّبعوا الأئمة الأربعة؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة حديث الثقلين يعتبر من أهمّ سرديات الخطاب الديني عند الشيعة بكافّة طوائفهم، وهو حديث معروف عند أهل العلم، تمسَّك بها طوائف الشيعة وفق عادة تلك الطوائف من الاجتزاء في فهم الإسلام، وعدم قراءة الإسلام قراءة صحيحة وفق منظورٍ شمولي. ولقد ورد الحديث بعدد من الألفاظ، أصحها ما رواه مسلم […]

المهدي بين الحقيقة والخرافة والرد على دعاوى المشككين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدمة: صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا، لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ»([1]). ومن رحمته صلى الله عليه وسلم بالأمه أنه أخبر بأمور كثيرة واقعة بعده، وهي من الغيب الذي أطلعه الله عليه، وهو صلى الله عليه وسلم لا […]

قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لو كان الإيمان منوطًا بالثريا، لتناوله رجال من فارس) شبهة وجواب

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  يقول بعض المنتصرين لإيران: لا إشكالَ عند أحدٍ من أهل العلم أنّ العربَ وغيرَهم من المسلمين في عصرنا قد أعرَضوا وتولَّوا عن الإسلام، وبذلك يكون وقع فعلُ الشرط: {وَإِن تَتَوَلَّوْاْ}، ويبقى جوابه، وهو الوعد الإلهيُّ باستبدال الفرس بهم، كما لا إشكال عند المنصفين أن هذا الوعدَ الإلهيَّ بدأ يتحقَّق([1]). […]

دعوى العلمانيين أن علماء الإسلام يكفرون العباقرة والمفكرين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة عرفت الحضارة الإسلامية ازدهارًا كبيرًا في كافة الأصعدة العلمية والاجتماعية والثقافية والفكرية، ولقد كان للإسلام اللبنة الأولى لهذه الانطلاقة من خلال مبادئه التي تحثّ على العلم والمعرفة والتفكر في الكون، والعمل إلى آخر نفَسٍ للإنسان، حتى أوصى الإنسان أنَّه إذا قامت عليه الساعة وفي يده فسيلة فليغرسها. ولقد كان […]

حديث: «إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ» شبهة ونقاش

من أكثر الإشكالات التي يمكن أن تؤثِّرَ على الشباب وتفكيرهم: الشبهات المتعلِّقة بالغيب والقدر، فهما بابان مهمّان يحرص أعداء الدين على الدخول منهما إلى قلوب المسلمين وعقولهم لزرع الشبهات التي كثيرًا ما تصادف هوى في النفس، فيتبعها فئام من المسلمين. وفي هذا المقال عرضٌ ونقاشٌ لشبهة واردة على حديثٍ من أحاديث النبي صلى الله عليه […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017