الاثنين - 20 جمادى الأول 1445 هـ - 04 ديسمبر 2023 م

عثمان بن عفان رضي الله عنه والرد على الشبهات الواردة حول جمعه للمصحف

A A

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة

 

تمهيد في فضل عثمان رضي الله عنه وكيد الأعداء:

لا يشكُّ مَن لَه أدنى علمٍ بالفقهِ والحديث والسِّيَر أن عثمانَّ بن عفان رضي الله عنه علَم مِن أعلام الأمَّة، وشخصيَّة مؤثِّرةٌ في جميع جوانب الحياةِ لدى المسلمين، وهو محلُّ تأسٍّ مِنَ النّاس، وذلك راجِع لمكانَته من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقد أَغلق بابَه على ابنَتَي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أحدَ العَشَرة المبشَّرين بالجنة، وأحد فقهاء الصحابة، وأحد الخلفاء الأربعة الراشدين الذين أمر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بالاقتداءِ بهم واتِّباعهم فقال: «عليكُم بِسنَّتي وسُنَّة الخلفاءِ المهديِّين الراشدين، تمسَّكوا بها وعضُّوا عليها بالنواجِذ، وإيَّاكم ومحدثاتِ الأمور؛ فإنَّ كلَّ مُحدثةٍ بِدعة، وكلّ بدعةٍ ضلالة»([1]).

فهذه الوصيَّة النبويَّةُ شاملةٌ بالقطعِ لعثمانَ رضي الله عنه، وكونُه خليفةً يجعل الأعناقَ تشرئبُّ لمعرفةِ أحوالِه، وتتطلَّع إلى أقواله؛ لأنه محلُّ قدوةٍ رضي الله عنه.

وقد توجَّه أصحابُ الأحقاد بسهامِهم المسمومة إلى هذا الخليفةِ الراشِد، وحاوَلوا الطعنَ عليه فلم يألوا جهدًا في ذلك، وركَّزوا عدساتهم عليه لأنَّ الكذب عليه وتصديقَ الناس لذلِك له ما بعدَه في الدَّسِّ في الدين، والطَّعن على الوحي، والكذب على صاحبِ الرسالة، ومحاولة الأخذ عليه في تزكيته لعثمان رضي الله عنه.

وقد توزَّعت الشّبهاتُ حول عثمانَ رضي الله عنه على جميعِ أبواب الدين، بما في ذلك القرآن الكريم، وتتبُّع هذه الشّبهاتِ يحتاج كتابًا ضخمًا، لكن حسبُنا من القلادةِ ما أحاطَ بالعُنق، ونحن بعونِ الله في هذه الورقة العلميَّة نقتَصِر في بحثِنا على بعضِ ما أثير من الشبهات حول جمعِه للقرآنِ الكريم.

وأما الشبهاتُ حولَ عثمانَ رضي الله عنه في ولايته فقد رُدَّ عليها بالتفصيل، وما كان منها له تعلُّق بالموضوع نبيِّنُه بإذن الله تعالى.

تصوير الشبهة:

ترتكِز الشُّبهةُ المتعلِّقة بجَمع عثمانَ للمصحف على اعتراض ابن مسعود على جمع المصحف، ففي الحالةِ العادية يعدُّ جَمع المصحفِ منقبةً عظيمة لعثمانَ رضي الله عنه، وقد جمع الله شملَ الأمَّةِ بصنيعِه هذا بعد أن كانت تقتتِل، وبذكر الحالة التي كان عليها الناسُ قبل جمع المصحَف يتبيَّن عِظَم جهدِ عثمان رضي الله عنه الذي قام به، فقد كان القرآنُ في عهد النبيِّ صلى الله عليه وسلم ينزل منجَّمًا، فيدرك الرجلُ الآية فيحفَظُها ولا يدري مِن أيِّ سورة هي، فيأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تجعَل الآية في محلِّها من سورة كذا وكذا، إلى أن استقرَّ الأمر على ما تعارَف عليه القراءُ بالعرضة الأخيرة، والتي شهدَها أهلُ المدينة وحدَهم الذين توفِّي رسول الله صلى الله عليه وسلم بين ظهرانَيهم، وبقي ناسٌ منَ المؤمنين يحفَظون بعضًا من القرآنِ هو مما نُسخ لفظُه وحكمُه أحيانًا، وقد سجَّلت عائشة رضي الله عنها هذه الملاحظة فقالت: “كان فيما أُنزل من القرآن: عشر رضعات معلومات يحرِّمن، ثمّ نسخن بخمس معلوماتٍ، فتوفِّي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهنَّ فيما يُقرَأ من القرآن”([2]).

ثم عَقب هذه الحالةَ المربِكة حروبُ الردَّة والتي كادت أن تُفنِيَ حملةَ القرآن، فعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: أرسل إليَّ أبو بكر مقتَلَ أهلِ اليمامة، فإذا عمر بن الخطاب عنده، قال أبو بكر رضي الله تعالى عنه: إنَّ عمَرَ أتاني فقال: إنَّ القتلَ قدِ استحرَّ يومَ اليمامة بقراءِ القرآن، وإني أخشَى أن يستحرَّ القتل بالقراء بالمواطن فيذهب كثيرٌ من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن، قلت لعمر: كيف تفعَل شيئًا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! قال عمر: هذا والله خير، فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك، ورأيت في ذلك الذي رأى عمر، قال زيد: قال أبو بكر: إنَّك رجل شابٌّ عاقِل، لا نتَّهمك، وقد كنتَ تكتُبُ الوحيَ لِرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتبَّع القرآنَ فاجمعه، فوالله لو كلَّفوني نقلَ جبلٍ منَ الجبال ما كان أثقلَ عليَّ مما أمرني به مِن جمع القرآن، قلتُ: كيف تفعَلون شيئًا لم يفعله رسول الله؟! قال: هو والله خير، فلم يزل أبو بكر يراجعُني حتى شرح الله صدري للَّذي شرح له صدرَ أبي بكر وعمر رضى الله تعالى عنهما، فتتبَّعتُ القرآن أجمعُه منَ العُسُب واللِّخاف وصدور الرجال، حتى وجدتُ آخرَ سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاريِّ، لم أجدها مع أحد غيره: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّم} [التوبة: 128] حتى خاتمة براءة، فكانت الصحُف عند أبي بكر حتى توفَّاه الله، ثم عند عمر حياتَه، ثم عند حفصةَ بنتِ عمر رضي الله تعالى عنه([3]).

وفي اختيارِ أبي بكر لزيدِ بن ثابتٍ ما يخدم قضيةَ الدفاع عن عثمان رضي الله عنهما، وكانت هذه المحاولة من السيِّدين لها أثرها بعد ذلك في الصورة النهائية لجمع المصحف، لكن هذه المحاولة كانت تهدف إلى جمع القرآن فقَط حتى لا يضيع منه شيء، وتوفِّي الشيخان والقرآنُ محفوظٌ على النحو الذي هو عَليه، إلا أنَّ من كان من الصحابة خارجَ المدينة ولم يشهد العرضةَ الأخيرة ظلَ متمسكًا بحرفِه الذي يقرأ عليه وبما أخَذ، وترك ما لم يتجدَّد له به علم منَ القرآن، وقد تسبَّب هذا في اختلافٍ كثير بين الناسِ مما كاد يودي بالأمَّة، فتفطَّن حذيفةُ رضي الله عنه لذلك، واقترح على عثمان جمعَ المصحف جمعًا يقطع به الخلافَ بين الناسِ، وتلتئم عليه الأمَّة، ففي صحيح البخاري أنَّ حذيفةَ بنَ اليمان قدِم على عثمان، وكان يغازي أهلَ الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفةَ اختلافُهم في القراءةِ، فقال حذيفة لعثمان: يا أميرَ المؤمنين، أدرك هذه الأمَّة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى، فأرسل عثمان إلى حفصةَ أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردّها إليك، فأرسلت بها حفصةُ إلى عثمانَ، فأمر زيدَ بنَ ثابت وعبدَ الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرّهط من القرشيِّين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيءٍ من القرآن فاكتبوه بلسان قريش؛ فإنما نزل بلسانهم، ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحفَ في المصاحف ردّ عثمانُ الصحف إلى حفصة، فأرسل إلى كل أفقٍ بمصحفٍ مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفَة أو مصحف أن يحرق([4]).

وقدِ اعترَض المعترضون على عثمانَ بأن مصحفَه غير مجمَع عليه؛ لأنَّ ابن مسعود اعترض على مصحفه، وبقي في نفسه منه شيء، وكان اعتراض ابن مسعود على القيمة العلميَّة لزيد بن ثابت الذي اختِير لكتابة المصحف، فكان يقول معرِّضًا به: “يا معشر المسلمين، أُعزَل عن نَسخ كتابة المصحَف ويتولَّاها رجلٌ والله لقد أسلمتُ وإنه لفي صُلب رجلٍ كافرٍ!”، يريد زيدَ بن ثابت؛ ولذلك قال عبد الله بن مسعود: “يا أهل العراق، اكتُموا المصاحفَ التي عندكم، وغلّوها؛ فإن الله يقول: {وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 161] فالقَوُا الله بالمصاحف”([5]).

قالوا: فدلَّ هذا على أن مصحفَ عثمانَ لم يكن محلَّ إجماعٍ ولا تواتر، وأنَّ مَن اختارهم عثمان لم يكونوا أكفاء، وقد ترك من هو خير منهم.

الجواب عن الشبهة:

وهذه الشبهةُ يُجاب عنها من عدَّة وجوه، منها:

أولًا: أنَّ اختيار زيدِ بن ثابتٍ لكتابة المصحف لم ينفرِد بهِ عثمانُ، بل فعلَه أبو بكرٍ وعمر قبلَه، وعِلَّة هذا الاختيارِ ليست لكونِ زيدٍ أفضلَ منِ ابن مسعود، بل لأنَّه أحفظُ منه، والمرويُّ عن ابن مسعودٍ يستقيم لو كانت علَّة تقديم زيدٍ تفضيلَه عليه، قال أبو بكر الأنباريُّ: “ولم يكن الاختيارُ لزيد من جهة أبي بكر وعمر وعثمان على عبد الله بن مسعود في جمع القرآن -وعبد الله أفضل من زيد، وأقدمُ في الإسلام، وأكثر سوابق، وأعظم فضائلَ- إلا لأنَّ زيدًا كان أحفظَ للقرآن من عبد الله؛ إذ وعاه كلَّه ورسول الله صلى الله عليه وسلم حيٌّ، والذي حفِظ منه عبد الله في حياةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم نيِّف وسبعون سورَةً، ثم تعلَّم الباقي بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، فالذي ختَم القرآنَ وحفظه ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم حيٌّ أولى بجَمع المصاحفِ وأحقُّ بالإيثار والاختيار”([6]).

ثانيًا: كلامُ ابنِ مسعود رضي الله عنه الذي مرَّ لم يكن محلَّ تسليمٍ منَ الصحابة؛ ففي الترمذي عن الزهري قال: “فبلغني أنَّ ذلك كرهه من مقالةِ ابنِ مسعود رجال من أفاضل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم”([7]).

ثالثًا: زيد بن ثابت شهِد العرضةَ الأخيرة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي التي استقرَّ عليها القرآنُ لفظًا وحكمًا، ولم ينفرِد بهذه الكتابة، فقد روى ابن أبي داود عن محمد بن سيرين، عن كثير بن أفلح قال: لما أراد عثمانُ أن يكتبَ المصاحف جمع له اثنَي عشر رجلا من قريشٍ والأنصار، فيهم أبيُّ بن كعب وزيد بن ثابت، قال: فبعثوا إلى الربعة التي في بيت عمر، فجيء بها، قال: وكان عثمان يتعاهدهم، فكانوا إذا تدارؤوا في شيء أخَّروه، قال محمد: فقلت لكثير -وكان فيهم فيمن يكتب-: هل تدرون لم كانوا يؤخِّرونه؟ قال: لا، قال محمد: فظننتُ ظنًّا إنما كانوا يؤخِّرونها لينظروا أحدَثَهم عهدًا بالعرضة الآخرة، فيكتبونها على قوله([8]).

وفي رواية مصعب بن سعد: فقال عثمان: مَن أكتَبُ الناسِ؟ قالوا: كاتبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن ثابت، قال: فأيّ الناس أعربُ -وفي رواية: أفصح-؟ قالوا: سعيد بن العاص، قال عثمان: فليملِ سعيدٌ وليكتب زيد. ومن طريق سعيد بن عبد العزيز أن عربيةَ القرآن أقيمت على لسان سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أميَّة؛ لأنَّه كان أشبهَهم لهجةً برسول الله صلى الله عليه وسلم([9]).

رابعًا: لقد تميَّز مصحفُ عثمان بعدَّة مزايا تدفَع هذه الشبهةَ الغويَّة عنه، وهذه المزايا هي:

1- الاقتصار على ما ثبت بالتواتر دون ما كانت روايته آحادًا.

2- إهمال ما نسخت تلاوته ولم يستقرَّ في العرضة الأخيرة.

3- ترتيب السور والآيات على الوجه المعروف الآن، بخلاف صحف أبي بكر رضي الله عنه فقد كانت مرتبة الآيات دون السور.

4- كتابتها بطريقة كانت تجمع وجوه القراءات المختلفة والأحرف التي نزل عليها القرآن على ما تقرَّر من عدم إعجامها وشكلها، ومن توزيع وجوه القراءات على المصاحف إذا لم يحتملها الرسم الواحد.

5- تجريدها من كل ما ليس قرآنا كالذي كان يكتبه بعض الصحابة في مصاحفهم الخاصة؛ شرحًا لمعنى، أو بيانًا لناسخ ومنسوخ، أو نحو ذلك.

وقد استجاب الصحابة لعثمان، فحرقوا مصاحفهم، واجتمعوا جميعًا على المصاحف العثمانية([10]).

خامسًا: قد ثبت أنَّ هذا التَّحفُّظَ كان من عبد الله بن مسعود في بداية الأمر، ثم رجَع إلى قول الصحابةِ كما نقل ذلك ابن كثير والذهبي([11])، وهو الذي بوَّب له ابن أبي داود([12]).

سادسًا: مصحفُ عثمان رضي الله عنه قد أجمع عليه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وافقوا على ما فيه؛ وذلك للمزايا التي تميَّز بها، فلا ينتقض إجماعهم بقول ابن مسعود ولا بغيره، كما أن تواترَهم لا ينقض بالواحد، ولم يقل بذلك أحد من أهل العلم، وقد رد عليٌّ رضي الله عنه على من حاول انتقادَ عثمان في فعله فقال: “لو لم يَصنَعه عثمان لصنعتُه”([13])، وقد روي عن مصعب بن سعد أنه قال: أدركتُ الناسَ متوافِرين حين حرق عثمان المصاحفَ، فأعجبهم ذلك، وقال: لم ينكر ذلك منهم أحد([14]).

فهذا حاصلُ الأمر في قضيَّة ابن مسعود رضي الله عنه في حقِّ عثمان وتحفُّظه على جمع المصحف، ويتبيَّن أنَّ التحفُّظ من الناحية الموضوعيَّة ليس مسلَّمًا، وأن محلَّ اعتراض ابن مسعود كان على زيد بن ثابت وهو أَمرٌ لِعثمانَ فيهِ عُذرُه؛ لأن زيد بن ثابت مقدَّم في حفظ القرآن على ابن مسعود؛ لأنه شهد العرضةَ الأخيرة وابن مسعود لم يشهدها، وكذلك يحفظ القرآن كلَّه وابن مسعود لم يحفظ منه إلا سبعين سورة، هذا مع أن زيد بن ثابت لم يُترك الجمعُ ولا الكتابةُ عليه وحده، بل شاركه في ذلك جمع من الصحابة، وكانت ثمةَ ضوابط في اللغة وفي الرسم تحكم كتابةَ المصحف، ولم تكن قضيةً انتقائية أو زبونية اختير لها زيد بن ثابت لعلاقة بينه وبين عثمان إن وجدت، وإجماع الصحابة على فعل عثمان دليل على تسليمه وقبوله، ويشهد له أمر آخر وهو: أنَّ معارضي عثمان لم يكن من معاذيرهم في الخروج عليه تحريف المصحف ومصادرة المصاحف الأخرى، وبما أن مصادرة المصاحف لها عدة دلالات فلا بأس من مناقشتها أيضا.

تفنيد شبهة حرق المصاحف:

كان لعثمان اجتهادُه في حرق المصاحف التي تخالف المصحف الإمام، فقد جمعها وأمر بحرقها، وهذا الاجتهاد له عدة مسوِّغات، لكن أعداء الإسلام جعلوا من هذا الحرق قرينة على أن عثمان نقص في القرآن وزاد، ولم يقبل ما عند غيره.

وقبلَ الرَّدِّ على هذه الشبهة لا بدَّ أن نذكرَ دوافع عثمانَ في حرقِ المصاحف، ثم نناقش هل زيدَ في القرآن أم نُقِص منه.

دوافع حرق المصاحف:

أولا: كانت مصاحف الصَّحابةِ التي أُحرِقت بعضُها يحوي كلماتٍ تفسيريةً ليست من القرآن، يكتبها الصحابي فوقَ الآية أو بعدها أو تحتها ليضبط بها المعنى.

ثانيًا: في بعض هذه المصاحف قراءات غير صحيحة، وآيات نسخت تلاوتها، وأصحابها لم يعلموا بذلك.

ثالثًا: لم تكن هذه المصاحف كتبت بطريقة مستوعبة لأوجه القراءة التي يقرأ بها القرآن، فكانت كتابةُ بعضها لا تحتَمل إلا قراءةً واحدةً، وهو الأمر الذي لم يعُد مقبولًا مع وجود المصحف الإمام.

رابعًا: اختلاف الإملاء والخطِّ مما يجعَل بعضَ الناس لا يستطيع قراءةَ ما كتب، فوحَّد عثمان رضي الله عنه الكتابةَ على خطِّ سعيد بن العاص.

خامسًا: بعض هذه المصاحف ليس مكتملًا، فقد كتبه بعضُ الصحابةِ والقرآن ما زال يتنزَّل ولم يتابع الجديد من الوحي.

أمَّا الشبهة فهي في نفسها لا تستقيم؛ لأن ثمة فرقًا بين حرق المصحف وبين حرق القرآن، فالحرق وقع على المصاحِف التي فيها اختلال، أما القرآن فهو محفوظ في السطور والصدور أن تضلَّ إحداهما فتذكِّر إحداهما الأخرى، والحرق لا يضرُّه ولا يُفنيه، وقد تمَّت عمليَّة الحرق على مرأى من أكابر الصحابة رضي الله عنهم، ولم تكن حادثة فردية قام بها عثمان رضي الله عنه، فهذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه يدافع عن عثمان فيما فعل فيقول: “يا أيها الناس، لا تغلوا في عثمان، ولا تقولوا له إلا خيرًا -أو: قولوا له خيرا- في المصاحف وإحراق المصاحف، فوالله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلا عن ملأ منا جميعًا، فقال: ما تقولون في هذه القراءة؟ فقد بلغني أن بعضهم يقول: إن قراءتي خير من قراءتك، وهذا يكاد أن يكون كفرا، قلنا: فما ترى؟ قال: نرى أن نجمع الناس على مصحف واحد، فلا تكون فرقة، ولا يكون اختلاف، قلنا: فنِعمَ ما رأيتَ، قال: فقيل: أي الناس أفصح؟ وأي الناس أقرأ؟ قالوا: أفصح الناس سعيد بن العاص، وأقرؤهم زيد بن ثابت، فقال: ليكتب أحدهما ويمل الآخر، ففعلا وجمع الناس على مصحف”([15]).

ومن ناحية أخرى فإن القرآنَ كان مجموعًا قبل عثمان رضي الله عنه على عهد أبي بكر وعمر، وكانت إضافة عثمان هي الاعتماد على النسخ التي قبله، والتي جمعها أكابر الصحابة واتفقوا عليها، فوحَّدها وجعلها في مصحفٍ واحدٍ، وكتبَها بطريقةٍ تمكن من قراءتها على الأحرف التي نزل بها القرآن، يقول ابن جزي رحمه لله واصفًا مراحلَ جمع القرآن: “وكان القرآن على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم متفرقًا في الصحف، وفي صدور الرجال، فلما توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قعد علي بن أبي طالب رضي الله عنه في بيته، فجمعه على ترتيب نزوله، ولو وجد مصحفه لكان فيه علم كبير، ولكنه لم يوجد. فلمَّا قتل جماعة من الصحابة يوم اليمامة في قتال مسيلِمة الكذاب أشار عمر بن الخطاب على أبي بكر الصديق رضي الله عنهما بجمع القرآن؛ مخافة أن يذهب بموت القراء، فجمعه في صحف غيرَ مرتَّب السُّور، وبقيت تلك الصحف عند أبي بكر، ثم عند عمر بعدَه، ثم عند ابنته حفصة أمِّ المؤمنين. وانتشرت في خلال ذلك صحفٌ كتِبَت في الآفاق عن الصحابة، وكان بينها اختلاف، فأشار حذيفة بن اليمان على عثمان بن عفان رضي الله عنهما فجمع الناس على مصحف واحد خيفَةً من اختلافهم، فانتدب لذلك عثمان، وأمر زيد بن ثابت فجمعه وجعل معه ثلاثة من قريش: عبد الله بن الزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وسعيد بن العاص بن أمية، وقال لهم: إذا اختلفتم في شيء فاجعلوه بلغة قريش. وجعلوا المصحف الذي كان عند حفصة إمامًا في هذا الجمع الأخير، وكان عثمان رضي الله عنه يتعهَّدهم ويشاركهم في ذلك، فلمَّا كمل المصحف نسخ عثمان رضي الله عنه منه نسخًا، ووجَّهها إلى الأمصار، وأمر بما سواها أن تخرق أو تحرق، يروى بالحاء والخاء المنقوطة”([16]).

والفرق بين جمع عثمان وأبي بكر وعمر أن جمع أبي بكر وعمر كان غرضُه أن لا يضيع من القرآنِ شيءٌ وقد نجحَا في ذلك، وكان غرضُ جمعِ عثمان أن لا تضِلَّ الأمَّةُ في قراءة القرآنِ، فاعتمَدَ على ما عندَ أبي بكرٍ لعِلمه بأنه محفوظٌ اتَّفقت عليه الصدور والسطور، وكتبه بطريقةٍ يمكن أن يُقرأَ بها قراءةً صحيحة.

وقد كان للرَّسم العثمانيِّ عدَّةُ مزايا، أهمُّها أنه يستوعِب عدةَ قراءاتٍ في الحرف الواحدِ، وأرسلَ عثمان رضي الله عنه مع كلِّ مُصحفٍ قارئًا يقرؤُه للناس؛ ليتَّفق اللفظ والخطُّ في الرواية، يقول أبو محمد مكِّي بن أبي طالب: “وكان المصحَف إذ كتَبوه لم ينقطوه، ولم يضبطوا إعرابَه، فيمكن لأهلِ كلِّ مصر أن يقرؤوا الخطَّ على قراءَتهم التي كانوا عليها مما لا يخالف صورة الخط، فقرأ قوم مصحفَهم: {مِنْ كُلِّ حَدَبٍ} [الأنبياء: 96] بالحاء والباء على ما كانوا عليه، وقرأ الآخرون: {مِنْ كُلِّ جَدَثٍ} بالجيم والثاء على ما كانوا عليه، وقرأ قوم: {يَقُصُّ الحَقَّ} [الأنعام: 57] بالصاد على ما كانوا عليه، وقرأ قوم: {يَقْضِ الْحَقَّ} بالضاد على ما كانوا عليه، وكذلك ما أشبه هذا لم يخرج أحد في قراءته عن صورة خط المصحف. فهذا سبب جمع المصحف، وسبب الاختلاف الواقع في خطِّ المصحف”([17]).

وقد تم هذا الجمعُ وفقَ الضوابط التالية:

  • أ‌- أن تُنسخ المصاحف من نسخة أبي بكر، وهذا مصرَّح به في رواية البخاري التي مرَّت معنا.
  • ب‌- أن تضمّ لجنة المصاحف من يضمن وجودهم صحَّة القراءة روايةً ودرايةً، بأن يكون منهم من عرف بالفصاحة التامَّة وسلامة الكتابة رسمًا وخطًّا.
  • ت‌- أن تضم لجنة المصحف قرشِيِّين يتكلَّمون بلغة قريش لضَبْط ما اختلفوا فيه، قال الزهري: “فاختَلَفوا يومئذٍ في التابوت والتابوه، فقال القرشيون: التابوت، وقال زيدٌ: التابوه، فرُفعَ اختلافهم إلى عثمان فقال: اكتبوه التابوت؛ فإنه نزل بلسان قريش”([18]).
  • ث‌- تجريد المصاحف كلِّها منَ النَّقط والشكل من أولها إلى آخرها؛ بحيث يحتمل المصحف ما صحَّت قراءته وثبتت تلاوته.

وقد كان الصحابةُ يطلقونَ المصحفَ على مصحفِ عثمان وما نُسخ منه، قال عكرمة: كان ابن عباس يجعَل في رجلي الكَبل ويعلِّمني القرآن والسنة، وكان يقول: لقد فسَّرت ما بين اللوحين -لعله يريد ما بين دفَّتي المصحف-، وكلُّ شيء أحدِّثكم في القرآن فهو عن ابن عباس([19]).

وقد آلت الخلافةُ إلى عليٍّ رضي الله عنه بعد أبي بكر وعمر وعثمان، فماذا منَعَه أن يجهر وقتئذٍ بالحق في القرآن، وأن يصحِّح للناس ما أخطأ فيه أسلافُه على هذا الزعم والبهتان؟! وقد كان عليٌّ من سادات القوم، ومن حفظة القرآن، ومن أشجعِ خلق الله في نصرة الدين والإسلام.

ولقد صار الأمر بعده إلى ابنه الحسن رضي الله عنه، فماذا منَعَه هو الآخر من انتهاز هذه الفرصة كي يظهر حقيقة كتاب الله للأمة([20]).

فيتبيَّن مما سبق فضلُ عثمانَ على الأمَّة فيما فعل، وأنَّ الله جمَع به كلمةً كادت أن تتفرَّق في القرآن، وقد تمَّ ذلك على مرأى ومسمع من الصحابة وفق منهجيَّة منضبطَة لم يضع منها شيء من القرآن، وجعل الناس يقرؤونه كما أنزل، وبالأوجه التي أقرأ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستقرَّ عليها القرآن في العرضة الأخيرة.

فعثمانُ هو ذو النورَين، وهو خليفةُ المسلمين، وكاتب الوحي، وجامع المصحف، وأحد قادة الأمَّة، ممن ينتهي إليهم القول في المسائل، ولا مطعن عليه فيما فعل، وهو به متعبِّد لله سبحانه وتعالى. فإذا تبيَّن بطلانُ هذه الشبهةِ وردُّ هذه الدعوى فما بعدَها أهون، والأمرُ فيه أسهلُ، فدين الله محفوظ، وما كان في حفظِه حفظٌ للدين فهو محفوظٌ كذلك، ومِنه مَقامُ عثمانَ رضي الله عنه في الأمَّة واجتهادُه في جمع المصحف رضي الله عنه وأرضاه.

ــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) أخرجه أبو داود (4607)، والترمذي (2676)، وابن ماجه (42)، قال الترمذي: “هذا حديث حسن صحيح”، وصححه الحاكم، والحافظ أبو نعيم الأصفهاني، والدغولي، وقال شيخ الإسلام أبو إسماعيل الهروي: “هو أجود حديث في أهل الشام وأحسنه”. ينظر: تحفة الطالب بمعرفة أحاديث مختصر ابن الحاجب لابن كثير (ص: 135).

([2]) أخرجه مسلم (1452).

([3]) أخرجه البخاري (4701).

([4]) صحيح البخاري (4987).

([5]) أخرجه الترمذي (3104) وقال: “هذا حديث حسَن صحيح”، وصححه ابن العربي في أحكام القرآن (2/ 608).

([6]) ينظر: تفسير القرطبي (1/ 53).

([7]) سنن الترمذي (3104).

([8]) المصاحف (ص: 104).

([9]) ينظر: المصاحف لابن أبي داود (ص: 101)، وفتح الباري (9/ 19).

([10]) ينظر: مناهل العرفان في علوم القرآن (1/ 261).

([11]) ينظر: البداية والنهاية (11/ 238)، وسير أعلام النبلاء (1/ 488).

([12]) المصاحف (ص: 82).

([13]) ينظر: المصاحف (ص: 67).

([14]) ينظر: المرجع السابق (ص: 68).

([15]) المصاحف (ص: 96).

([16]) التسهيل لعلوم التنزيل (1/ 52)

([17]) الإبانة عن معاني القراءات (ص: 69).

([18]) أخرجه الترمذي (3029).

([19]) ينظر: مناهل العرفان (2/ 20).

([20]) ينظر: مناهل العرفان (1/ 272).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

جديد سلف

التَّقليدُ في العقائد عند الأشاعِرَة (3) هل كفَّر الأشاعرة عوامَّ المسلمين؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة تمهيد: من أكبر المسائل الخلافية بين أهل السنة والأشاعرة: مسألة التقليد في العقائد، وقد قال مجمل الأشاعرة بمنع التقليد في العقائد مطلقًا، وأوجبوا النظر الكلاميَّ -كما مرَّ بيانه في الجزأين الأولين-، ولهذا القول آثار عديدة، من أهمها مسألة إيمان المقلّد: هل يصح إيمانه أو لا يصح؟ وإذا لم يصحّحوا […]

عرض وتَعرِيف بكِتَاب (نقدُ القراءةِ العلمانيَّة للسِّيرة النبويَّة – الدِّراساتُ العربيَّة المعاصرةِ أنموذجًا)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   المعلومات الفنية للكتاب: عنوان الكتاب: نقدُ القراءةِ العلمانيَّة للسِّيرة النبويَّة – الدِّراساتُ العربيَّة المعاصرةِ أنموذجًا. اسم المؤلف: د. منير بن حامد بن فراج البقمي. دار الطباعة: مركز التأصيل للدراسات والأبحاث، جدة. رقم الطبعة وتاريخها: الطَّبعة الأولَى، عام 1444هـ-2022م. حجم الكتاب: يقع في مجلد، وعدد صفحاته (544) صفحة. مشكلة […]

هل رُوح الشريعة أولى منَ النصوص؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة يتداول العلمانيون في خطابهم مفاهيم متعدّدة مثل: المقاصد، والمصالح، والمغزى، والجوهر، والروح، والضمير الحديث، والضمير الإسلامي، والوجدان الحديث، والمنهج، والرحمة([1]). وقد جعلوا تلك الألفاظ وسيلة للاحتيال على الأوامر والنواهي الربانية، حتى ليخيَّل للمرء أن الأحكام الشرعية أحكام متذبذبة وأوصاف إضافية نسبيّة منوطة بما يراه المكلَّف ملائمًا لطبعه أو منافرًا، […]

متى يكون الموقفُ من العلماء غلوًّا؟

العلماء ورثة الأنبياء وأمناء الشريعة وحملة الكتاب، ولا يشكّ في فضلهم إلا من جهل ما يحملون، أو ظنّ سوءًا بمن أنعم عليهم به، ولا شكّ أن الفهم عن الله وتعقّل مراده والوقوف عند حدوده قدر المستطاع من أعظم نعَم الله على عبده، ولهذا مدَح الله المجتهدَ في طلب الحقّ؛ أصاب الحق أو الأجر، قال سبحانه: […]

دعاء نوح عليه السلام على قومه بالهلاك .. شبهة وجواب

مقدمة: أرسل الله تعالى نوحًا عليه السلام إلى قومه ليدعوَهم إلى عبادة الله وحده، فلما بلَّغ رسالة ربه ونصحهم رفضوا دعوتَه ونصيحتَه، وزعموا أنه عليه السلام لا يستحقّ أن يكون رسولًا إليهم؛ لأنه بشرٌ مثلهم، ولو شاء الله إرسال رسول إليهم لأنزل ملكًا من الملائكة، وادَّعوا أن الذي دعا نوحا إلى هذا هو رغبته في […]

التَّقليدُ في العقائد عند الأشاعِرَة (2) – مناقشة أصول الأشاعرة في مسألة التقليد في العقائد –

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مرَّ بنا في الجزء الأول من هذه الورقة قولُ الأشاعرة في التقليد في العقائد، وأنهم يمنعونه، ويستدلّون على قولهم بأصول عديدة، من أهمها ثلاثة أصول، وهي: الأصل الأول: وجوب النظر. الأصل الثاني: ذم الشارع للتقليد. الأصل الثالث: طلب اليقين في العقائد. أما الأصل الأول فهو الأصل الأبرز لديهم، وعليه […]

هل كان في تأسيس الإمام الشافعي لعِلم أُصول الفقه جنايةٌ على العقل المُسلم؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة قد كثُرت شبهات الحداثيّين حول الإمام محمد بن إدريس الشافعي، ووقفوا منه موقفًا عدائيًّا شديدًا، وكتبوا في ذلك أبحاثًا ومؤلّفاتٍ تجاوزوا فيها الحدّ. ومن أبرز تلك الشبهات التي أثاروها: أنَّ الإمام رحمه الله بتأليفه كتاب الرسالة، وتدوينه لعلم أُصول الفقه قام -بزعم الحداثيين- بضرب العقل الإسلامي فيما يتعلَّق بالفقه […]

عرض وتعريف بكتاب: الأثر الكلامي في علم أصول الفقه -قراءة في نقد أبي المظفر السمعاني-

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المعلومات الفنية للكتاب:  عنوان الكتاب: (الأثر الكلامي في علم أصول الفقه -قراءة في نقد أبي المظفر السمعاني-).  اسـم المؤلف: الدكتور: السعيد صبحي العيسوي.  الطبعة: الأولى.  سنة الطبع: 1443هـ.  عدد الصفحات: (543) صفحة، في مجلد واحد.  الناشر: تكوين للدراسات والأبحاث.  أصل الكتاب: رسالة علمية تقدّم بها المؤلف لنيل درجة العالمية […]

برامج التنمية البشرية وأثرها في نشر الإلحاد في بلاد المسلمين -البرمجة اللغوية العصبية-

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة تعريف البرمجة اللغوية العصبية: البرمجة العصبية (NLP) هي اختصار لثلاث كلمات: NEURO – LINGUISTIC – PROGRAMMING يتكوّن مصطلح البرمجة اللغوية العصبية من ثلاث ألفاظ مركبة: لفظ “البرمجة”: ويشير إلى أن الناس يتصرفون وفق برامج وأنظمة شخصية تتحكم في طرق تعاملهم مع شؤون الحياة المختلفة. و“اللغوية”: وفيها إشارة إلى أساليب […]

التَّقليدُ في العقائد عند الأشاعِرَة (1) – أصول الأشاعرة في مسألة التقليد في العقائد –

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: التقليدُ في العقائد من المسائل المهمة التي دار -ولا يزال يدور- حولها جدلٌ كبير داخلَ الفكر الإسلامي، وحتَّى داخلَ الفكر السُّنّي أحيانًا وإن كان النزاع في الأصل هو بين أهل السنة والجماعة وبين المتكلّمين عمومًا والأشاعرة بالخصوص، وأهمِّية المسألة تكمن في الآثار المترتبة عليها، مثل قبول إيمان المقلّد، […]

تحقيق القول في مراتب الاستغاثة ودرجاتها وشبهة تلقي الفقهاء لها بالقبول

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة لا شكَّ أنَّ وجوبَ إفرادِ الله تعالى وحدَه بالدعاء دون غيره من المعلوم بالضرورة من دين الإسلام، فالله عز وجل شرع لعباده دعاءَه وحده لا شريك له، وهو سبحانه يستجيب لهم في كلّ زمان ومكان، على اختلاف حاجاتهم وتنوّع لغاتهم، كما قال سبحانه: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ […]

دفع شبهات الطاعنين في أبي هريرة رضي الله عنه الجزء (3) “موقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه من إكثار أبي هريرة من الرواية”

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة إن موقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه في التشديد من الإكثار من الرواية خشية الوقوع في الزلل والخطأ من المواقف الثابتة عنه التي دلت عليها الروايات الصحيحة. قال ابن قتيبة: (وكان عمر أيضًا شديدًا على من أكثر الرواية، أو أتى بخبرٍ في الحُكمِ لا شاهدَ لَهُ عليه، وكان […]

مصادر التلقي عند الصوفية “عرض ونقد”

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: مِن أهمِّ الأصول التي تقوم عليها عقيدة أهل السنة والجماعة مصادر التلقي والاستدلال؛ إذ إنَّ مصادر التلقّي عند كلّ طائفة هي العامل الرئيس في تكوين الفكر لديها؛ لذا يعتمد أهل السنة في تلقي مسائل الاعتقاد على الكتاب والسنة؛ وذلك لأن العقيدة توقيفية، فلا تثبت إلا بدليل من الشارع، […]

هل حديثُ: «النساءُ ناقِصاتُ عَقلٍ ودينٍ» يُكرِّس النظرةَ الدُّونيةَ للمرأةِ؟

إن الخطاب الحداثي والعلماني الذي يدعي الدفاعَ عن حقوق المرأة ينطلق من مبدأ المساواة التامّة بين الذكر والأنثى، بل قد وصل إلى درجة من التطرف جعلته يصل إلى ما يسمَّى بالتمركز حول الأنثى (الفيمنيزم)، الذي حقيقته الدعوة إلى الصراع مع الرجل والتمرد عليه، والوقوف له بالندية. وقد أدى ذلك بالحداثيين والعلمانيين إلى نصب العداوة مع […]

دفع شبهات الطاعنين في أبي هريرة رضي الله عنه الجزء (2) أسباب إكثار أبي هريرة رضي الله عنه من الرواية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة إن إكثار أبي هريرة من الرواية إذا نظرتَ فيه نظرًا علميًّا منصفًا بعيدًا عن الأهواء أرشدك ذلك إلى أسباب طبيعية وواقعية لكثرة حديث أبي هريرة رضي الله عنه، لا تدلّ بحال على الطعن فيه، بل هي مما يدلّ على فضله ومنقبته رضي الله عنه؛ إذ الإكثار دليل الحفظ لا […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017